لا يقبل العلم إلا ممن عرف بطلبه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام ، على نبينا محمد، وآله ، ومن تبعه إلى يوم الدين ، أما بعد:
فهذه نقول جميلة في مسألة جليلة .. لها جوانب لا تخفى على اللبيب أردت نفعك بها عند الحاجة إليها في
الرد على متعالم ، أو جاهل جريء .. أو علماني خبيث .. ونحوهم .. ممن بدؤوا يتكلمون في الدين
، ويخوضون في التأويل ، ويفسرون التنزيل كما يشاءون ..
قال العلامة ابن رجب

وقد صح عن النبي

فأمر الله ورسوله بالرد على من خالف أمر الله ورسوله ، والرد على من خالف أمر الله ورسوله لا يتلقى إلا عمن عرف ما جاء به الرسول وخبره خبرة تامة . قال بعض الأئمة : لا يؤخذ العلم إلا عمن عرف بالطلب .
وأمر الرسول

وأمر باطن تقوم به القلوب ، كالإيمان بالله ومعرفته ومحبته وخشيته وإجلاله وتعظيمه والرضا بقضائه والصبر على بلائه .
فهذا كله لا يؤخذ إلا ممن عرف الكتاب والسنة ، ومن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا نقتدي به في علمنا ، فمن تكلم على شيء من هذا مع جهله بما جاء على الرسول فهو داخل فيمن يفتري على الله
الكذب ، وفيمن يقول الله على ما لا يعلم ، فإن كان مع ذلك لا يقبل الحق ممن ينكر عليه باطله لمعرفته ما جاء به الرسول

علمه ، فقد جمع هذا بين افتراء الكذب على الله ، والتكذيب بالحق لما جاء به


منقاد لهواه وجهله ، ضال مضل ، وإنما يرث حال الرسول من علم حاله ، ثم اتبعه ، فإن من لا علم له بحاله فمن اين يكون وارثه ؟
ومثل هذا لم يكن ظهر في زمن السلف الصالح حتى يجاهدوا فيه حق الجهاد وإنما ظهر في زمن قل فيه العلم وكثر فيه الجهل ، ومع هذا فلا بد أن يقيم الله من يبين للأمة ضلاله ، وله نصيب من الذل والصغار بحسب مخالفته لأمر الرسول

يا لله العجب ، لو ادعى معرفة صناعة من صنائع الدنيا - ولم يعرفه الناس بها ، ولا شاهدوا عنده آلاتها - لكذبوه في دعواه ولم يأمنوه على أموالهم ، ولم يمكنوه أن يعمل فيها ما يدعيه من تلك الصناعة ، فكيف بمن يدعي معرفة أمر الرسول وما شوهد قط يكتب علم الرسول ولا يجالس أهله ولا يدارسه ؟
فلله العجب كيف يقبل أهل العقل دعواه ، ويحكمونه في أديانهم ، يفسدها بدعواه الكاذبة ؟
إن كنت تنوح يا حمام البان * للبين ، فأين شاهد الأحزان ؟
أجفانك للدموع أم أجفانـي * لا يقبل مدع بلا برهـان
وقبله قال العلامة ابن حزم الظاهري

لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون ويفسدون ويقدرون أنهم يصلحون.
وقبلهم قال الإمام الشافعي

فالواجب على العالِـمِين أن لا يقولوا إلا من حيث علموا .
وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به وأقرب من السلامة له إن شاء الله .. اهـ.
وقبلهم قال الإمام محمد بن سيرين: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم. رواه مسلم في مقدمة صحيحه 1/14 .
فهذه أربعة نصوص قد تحتاجها ، لتصفع بها وجه كثير ممن يتكلمون فيما لا يحسنون ، ويهذون بما لا يعرفون ...
خصوصا من بعض كتاب الجلالة [الصحف: هكذا سماها العلامة بكر أبو زيد] المتعالمين المتجرئين على دين رب العالمين .
انتهى المقصود ..
والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
تعليق