بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الرحيم الرحمن، والصلاة والسلام على من شرفه الله بالقرآن،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
يقول ربنا في كتابه العزيز:


افتتحت هذه السورة المليئة بالنعم باسم من أسماء الله الحسنى ...الرحمن...وهو اسم تحبه القلوب بما تضمنه من الدلالة على الرحمة التي يتمناها ويطلبها كل مؤمن بالله واليوم الآخر فالافتتاح بهذا الاسم الكريم " فيه تشويق جميع السامعين إلى الخبر الذي يخبر به عنه إذ كان المشركون لا يألفون هذا الاسم قال تعالى:


ومن الجوانب التي اهتم بها العلماء في خدمة الكتاب العزيز بلاغته ونظمه، وكانت عنايتهم بهذا الجانب كبيرة ، فمن ذلك أنهم أن أولوا بعض الآيات والسور مزيد عناية واهتمام عن طريق إفرادها بالتأليف أو بسط العبارة عليها ضمن بعض مؤلفاتهم([1]) ، وكان من أولئك العلماء العلامة :جلال الدين السيوطي المتوفى:911ه حيث ألف كتابه: "فتح الجليل للعبد الذليل"، وجعله منحصرا في استخراج النكات البلاغية من قوله تعالى:


مع الإشارة إلى بعض المسائل العلمية المرتبطة بالآية نفسها، وقد اخترت هذا الكتاب لأقوم بشرحه في هذا الملتقى شرحا مطنباً أميل فيه- بإذن الله- إلى التفصيل والتدقيق سعياً بي وبالقراء الكرام إلى تصور واسع إلى كيفية استجلاء الأسرار البلاغية للآيات القرآنية، مع الاهتمام قدر الإمكان بربط هذا الكتاب بالمسائل البلاغية المذكورة في متنِ (مائة المعاني والبيان) لابن الشحنة، وشرحِه الذي كتبته على صفحات هذا الملتقى من قبل، وسأشير بإذن الله إلى مائة المعاني أثناء الشرح بــــ: (النظم) بينما أشير إلى شرحها بـ: (الشرح) اختصاراً، رب يسر وأعن.
http://vb.tafsir.net/tafsir20258/
وبين يدي شرح الكتاب لا بد من وقفتين:
أولاً: طبعات الكتاب:
للكتاب –في حدود اطلاعي- ثلاث طبعات اطلعت على اثنتين منها:
الطبعة الأولى: طبعة دار البشير بالأردن ، بتحقيق: عبدالقادر أحمد عبد القادر، الطبعة الأولى:1412ه-1992م، وتقع هذه الطبعة في: تسع وخمسين صفحة بالفهارس.
الطبعة الثانية: طبعة مؤسسة الريان بلبنان، بعناية :د-محمد رفعت زنجير، الطبعة الأولى: 1423ه-2002م، وتقع هذه الطبعة في: ثمان وستين صفحة بالفهارس.
وقد أشار المعتني بهذه الطبعة إلى طبعة ثالثة فقال: "وهذه الرسالة طبعها الأستاذ: أحمد حافظ هداية، بمطبعة الهداية بطنطا منذ زمن"، ولم أطلع على هذه الطبعة المشار إليها، لكن يبدو أن طبعة الدكتور زنجير تغني عنها إذ جعلها أصلاً لطبعته لعدم عثوره على نسخة خطية.
وبمقارنة سريعة بين الطبعتين نجد أن:
1/ طبعة دار البشير اعتمدت على نسختين خطيتين خلافا للطبعة الأخرى .
2/ اعتنى محقق دار البشير بالفهارس الفنية ومن أهمها فهرس المصطلحات البلاغية وهو فهرس مهم يسهل على الباحثين مراجعة ما يحتاجونه من الكتاب، لكننا في المقابل نجد هذا المحقق قد اختصر جدا وأخل في كتابته لفهرس المحتوى عكس الدكتور زنجير المعتني بطبعة مؤسسة الريان الذي اعتنى بهذا الفهرس التفصيلي للمحتوى دون وضع أي فهارس فنية.
3/ يبدو أن الدكتور زنجير صاحب طبعة الريان أكثر عناية ودقة في تعريفه للمصطلحات والدلالة على مظانها، ولعل هذا يظهر ويكون أكثر دقة في الحكم من خلال الشرح، والله أعلم.
ثانياً: فكرة الكتاب:
تقوم فكرة الكتاب على استخراج أكبر عدد من الفنون البديعية -ويقصد بها ما يشمل علوم البلاغة الثلاثة- من آية قرآنية واحدة، مع الإشارة في آخر الكتاب إلى مسائل علمية مستنبطة من الآية نفسها لكنها تتعلق بفنون أخرى، وهي: المعاني -أحد علوم البلاغة الثلاثة-، وأصول الدين، وأصول الفقه، والفقه، والنحو، والسلوك.
هذا، والله أعلم، وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.





(1) انظر وصف هذه الجهود في بحث قيد النشر بعنوان: الأنموذج التطبيقي في التراث البلاغي-عرض ودراسة-" أعده الدكتور:مبارك بن شتيوي الحبيشي، والبحث يتكلم عما هو أعم من دراسة آية واحدة، بل هو شامل لدراسة الحديث والشعر أيضاً.
تعليق