
الفصل الرابع : الترجمة والمترجمون .
تحدث المؤلف في هذا الفصل عن عربية كلمة (ترجمة) ، وهي تفسير الكلام بلسان آخر . وقد اكتسبت الكلمة معنى آخر أكثر تحديداً بسبب تقدم الحضارة ، وكثرة الاختلاط مع الشعوب المجاورة للعرب ، فصار معناها ينصرف إلى نقل الكلام من لغة إلى أخرى ، وهي في الأصل تأتي بمعنى التفسير والبيان ، ومنه ترجمان القرآن لعبدالله بن عباس

وأشار المؤلف إلى معرفة العرب المبكرة للتراجم ، فقد كانوا يفدون على أكاسرة الفرس وقياصرة الروم ، وكان في بلاطاتهم مترجمون من الفارسية إلى العربية ، ومن العربية إلى الفارسية ومن اللاتينية إلى العربية ، ومن العربية إلى اللاتينية ، وكان من العرب من يجيد الفارسية ، ومنهم من يجيد اللاتينية والسريانية (الآرامية) والعبرية .
وإذا اتبعدنا في الزمان نجد أن أقدم المترجمات إلى اللغة العربية هي النقوش البابلية ، وألواح الحثيين ، ونقوش تل العمارنة ، وألواح مدينة نينوى، وحجر رشيد . وقد توقف المؤلف عند كل واحدة من هذه النقوش والآثار وبين تاريخها .
الترجمة عند العرب قبل الإسم :
لقد كان العرب الجاهليون على صلة وثيقة بحضارة العالم القديم ، فضلا عن حضارتهم العريقة ، وقد كانت الصلات قائمةً بين العرب وغيرهم من فرس وروم وهنود ، وكان من مظاهر ذلك إمارة المناذرة في العراق والغساسنة في الشام ، اللتان أتاحتا لثقافة الفرس والروم أ، تدخل الجزيرة وتمتزج بثقافة العرب ، وكذلك أتيحت للعرب مواسم وأسواق كثيرة للاختلاط بغيرهم ، فقد كان العرب وغيرهم يرتادون هذه الأسواق والمواسم في أنحاء متفرقة من الجزيرة العربية . كما كان العرب يسافرون إلى بلاد الروم لأسباب مختلفة كالتجارة وغيرها .
الترجمة في زمن النبي

كان الرسول




الترجمة في العصر الأموي :
ازدهرت الترجمة في عهد بني أمية نظرا لعناية خلفاء بني أمية بالعلم والترجمة ، ويبرز اسم خالد بن يزيد بن معاوية المتوفى سنة 85هـ على أنه رائد الترجمة والمعني بكتب الطب والكيمياء والهيئة ، والساعي إلى ترجمتها للعربية ، والأخبار تصوره رجلا فذاً ، بحث في العلوم العقلية ، وهو رجل متميز في الأسرة الأموية ، وقد استرعى انتباه الدارسين من القدامى والمحدثين . وله ينسب الفضل في كثير من التراجم الأولى لكتب الطب وغيرها . وقد أفاض المؤلف في النقول التي تشيد بمكانته في هذا الجانب .
الترجمة في العصر العباسي في القرن الثاني الهجري :
زادت العناية بالترجمة ونقل الكتب المتميزة من اللغات غير العربية إلى العربية في زمن بني العباس ، وتميز زمن أبي جعفر المنصور بتطور حركة الترجمة وازدهارها . وترجمت في زمن المنصور كتب على قدر من الأهمية منها :
- كتاب كليلة ودمنة ، حيث ترجمه من الفارسية عبدالله بن المقفع .
- كتاب السند هند ، وهو في علم النجوم .
- كتب أرسطو في المنطق ، حيث ترجمها كلها عبدالله بن المقفع .
- كتاب المجسطي لبطليموس ، وكتاب إقليدس في الهندسة .
- كتاب ألأثماطيقي .
وقد لمعت أسماء مجموعة من المترجمين كابن المقفع ، وأبي يحيى البطريق ، وابنه يحيى البطريق وغيرهم .
واستمرت الترجمة تزدهر في زمن خلفاء بني العباس كهارون الرشيد والمأمون ، ويعتبر عصر المأمون من أزهى عصور العباسيين في الترجمة ، وقد توقف المؤلف مع أبرز الكتب التي ترجمت في هذه العصور العباسية المتعاقبة ، وأبرز المترجمين . ويظهر من قراءة هذا الفصل أثر حركة الترجمة على ازدهار العلم ، وغزارة المؤلفات التي دارت حول هذه الكتب المترجمة ، شرحاً لها أو رداً عليها أو استدراكا عليها . وقد أحدثت بعض الكتب المرتجمة بلبلة في عقائد المسلمين وخصوصاً كتب الفلسفة والنجوم ونحوها .
(*) الحلقات السابقة :
1- التعليق على كتاب (الكتاب في الحضارة الإسلامية) تأليف د. يحيى الجبوري - الحلقة الأولى
2- التعليق على كتاب (الكتاب في الحضارة الإسلامية) تأليف د. يحيى الجبوري - الحلقة الثانية
3- التعليق على كتاب (الكتاب في الحضارة الإسلامية) تأليف د. يحيى الجبوري - الحلقة الثالثة
4- التعليق على كتاب (الكتاب في الحضارة الإسلامية) تأليف د. يحيى الجبوري - الحلقة الرابعة .
تعليق