دعوة الوالدين مستجابة على العموم ، سواء أكانت للولد أو عليه ؛ لما فيها من الإخلاص ، والعادة جارية بدعاء الوالدين لأبنائهما ، لشدة شفقتهما عليهم وخاصة في صغرهم ، وإذا رأى الوالدان من الولد بره فإن ذلك يدعوهما لكثرة الدعاء له .
وأما الدعاء منهما عليه فلا يصدر في الغالب إلا عند تكامل عجزهما عنه ، وإياسهما من بره ، مع وجود أذيته ، فتصدق ضرورتهما ؛ فيسرع الحق لأجابتهما .
وقد وردت الأدلة بذلك فمنها : ما راه البخاري في ( الأدب المفرد ) عن أبي هريرة -


وفي حديث أنس مرفوعًا بنحوه وفيه : " دعوة الوالد لولده " . وروى عبد الرزاق وعنه أحمد عن عقبة بن عامر مرفوعًا : " ثلاث تستجاب دعوتهم : الوالد ، والمسافر ، والمظلوم " ، ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني وابن خزيمة والخطيب البغدادي .
وفي قصة جريج التي أخرجها أحمد والشيخان لعبرة ؛ فقد أتته أمه وهو يتعبد في صومعته ، فنادته ثلاثًا ، في كل مرة يقول : ( ربِّ ؛ أمي ، وصلاتي ) ، ويقبل على صلاته ، فدعت عليه فقالت : ( اللهم إن هذا جريجًا ، وهو ابني ، وإني كلمته فأبى أن يكلمني ، اللهم لا تمته حتى تريه المومسات ) ؛ قال

قال : الراعي ؛ قالوا : نبني صومعتك من ذهب ؟ قال : لا ، إلا من طين .
فقد آثر جريج الصلاة على إجابة أمه ، فدعت عليه ، فاستجاب الله دعاءها ، فهذا وهو في الصلاة .. فكيف إذا كان في حالة عقوق ؟!
قال ابن حجر -

فاحذروا دعاء الوالدين ، بتجنب عقوقهما ... جعلنا الله وإياكم من البارين ... آمين