ليس في هذا الحديث دلالة على ختم النبي للقرآن في أقل من ثلاثة أيام، وهذه من أحواله المختلفة حيث كان يصلي أحياناً بمثل هذه السور وقد يصلي بآية واحدة، وليس أمراً دائماً من فعله ، ولا شكَّ أن توجيهه القولي هو المقدم حال التعارض، وإن كان لا يوجد تعارض هنا، فللمسلم أن يقرأ في ليلة بمثل ما قرأ النبي خاصة إن كان في قيام الليل الذي يزداد فيه التأمل والتدبر...
فإذا كان النبي r قرأ البقرةَ والنساءَ والَ عمران في ركعةٍ وهي خمسة أجزاء وزيادة فكيف بباقي الركعات الأخرى وقد عُلِم من هديه r أنه يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة فكم سيكون مجموع الأجــزاء إذن ؟ حتى لو قلنا إنه صلى r قرأ بعد الأولى في كل ركعة جزئين فقط فسيكون مجموع الأجزاء 19 جزءاً بإسقاط (ركعتي الشفع )
فما رأي الأفــاضل ؟
هذه الحسبة تحتاج إلى إعادة نظر
لا شك أن الرسول كان يقرأ تلاوة مرتلة وكان يقف عند آيات التي يذكر فيها الوعد والوعيد ويدعو ، وقراءة ستة أجزاء على هذا النحو ربما استغرق ثلاث ساعات ، فإذا أضفنا أن الرسول كان يطيل الركوع والسجود كما هو في الحديث:
"فَقَرَأَهَا يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ ثُمَّ رَكَعَ فَجَعَلَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ ثُمَّ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ"
فربما استغرق هذا الفعل خمس أو ست ساعات في ركعة واحدة ، والرسول لم يرو عنه أنه قام الليل كله كما جاء عن أم المؤمنين عائشة عند النسائي:
"وَلَا أَعْلَمُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ وَلَا قَامَ لَيْلَةً كَامِلَةً حَتَّى الصَّبَاحَ وَلَا صَامَ شَهْرًا كَامِلًا غَيْرَ رَمَضَانَ"
ربما كانت هذه حالة خاصة ، كما قام بآية واحدة يرددها حتى أصبح " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم"
ثم هذه المسألة التي ظاهرها النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث تحتاج إلى تأمل ، فقوله :
" ولا يفقهه من يقرؤه في أقل من ثلاث" فهي دلالة قوية على أن التدبر والفهم لما يقرأ هو الأهم وهو المطلوب
وما نراه من خلل في أخلاق المسلمين إنما هو بسبب إغفال هذه القضية ، فأصبح الكثير منا يقرأ القرآن لا يجاوز الحناجر ولا يلامس القلوب ولا يحرك المشاعر ومن ثم فإنه لن يغير ولن يعدل في السلوك
أسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا
الدليل على أنَّ النبي صلّى الله عليه وسلَّم قرأ القرآن في أقلَّ من ثلاثة أيَّام !
في الصحيح عن حذيفة
((قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِىِّ -- ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ فَقُلْتُ يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ. ثُمَّ مَضَى فَقُلْتُ يُصَلِّى بِهَا فِى رَكْعَةٍ فَمَضَى فَقُلْتُ يَرْكَعُ بِهَا. ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا)) فإذا كان النبي صل1 قرأ البقرةَ والنساءَ والَ عمران في ركعةٍ وهي خمسة أجزاء وزيادة فكيف بباقي الركعات الأخرى وقد عُلِم من هديه صل1 أنه يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة فكم سيكون مجموع الأجــزاء إذن ؟ حتى لو قلنا إنه صلى صل1 قرأ بعد الأولى في كل ركعة جزئين فقط فسيكون مجموع الأجزاء 19 جزءاً بإسقاط (ركعتي الشفع ) على القول فيها هذا في ليلة فإذا ضممتَ مع هذه الليلةِ النهارَ المتقدمَ فبالتأكيد أنه عليه الصـلاة والسلام كان يقرأ في النهار . وكذا إذا ضممتَ مع تلك الليلةِ ليلةَ اليومِ القادمِ فكم سيكون المجموع ؟! وهذا في إحدى الليالي ( وجاء عند النسائي أنه في رمضان ) لكن أعلَّها النسائي فكيف في ليالي العشر في رمضان فإنه كان يُحييها كلها كما قال عائشة في الصحيح
اترك تعليق: