بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله
البداية :
من متشابه الحرفين :
قوله تعالى في سورة هود :" وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ " [هود : 36]
مع قوله تعالى :" وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" [يوسف : 69]
و حتى يتم توجيه المتشابه في السورتين وعلاقته بمقصديهما لابد من معرفة دلالات هذه الأفعال:
( يفعلون ) و( يعملون ) :
وكانت خلاصة هذه الدلالات :
الفعل :
-عام يشمل كل حركة
-يفيد سرعة الحدوث فلا يحتاج لزمن كثير لأسباب منها القدرة والقوة ومنها الجهل ومنها البداهة
-ويكون من العاقل وغير العاقل
-بقصد وبغير قصد
- بعلم وبغير علم
- و قد يحتاج فيه جهد وقد لا يحتاج : إما لبساطته ،وإما لقوة فاعله .
العمل :
- أخص من الفعل
- يدل على اتصال الحدث مع امتداد زمن
-ويكون من العاقل وقليل ما ينسب لغير العاقل
-ولا يكون إلا عن قصد
-مرتبط بالعلم بل قيل إنه مقلوبه
-ويحتاج معه إلى بذل جهد
مقصود الخاطرة :
لماذا جاء في سورة هود بقوله تعالى : " فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ "
وفي سورة يوسف :" فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" ؟
البيان :
في آية سورة هود السياق في مخاطبة سيدنا نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وقد سبق هذه الآية الإطالة في ذكر تعنت قوم نوح وكثرة جدالهم وأذيتهم لنبيهم وهو في ذلك لا يكف عن نصحهم ودعوتهم .
ولم يأت مثل هذا البسط في غيرها من السور حتى وصلوا إلى أن : " قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ "
فاستعجلوا العذاب تكذيباً وكفراً حتى يصمتوا نبيهم
، فلما كان هذا قال الحق
:
" وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ "
فقد خُتم على القلوب فلن يدخلها أي خير ولن تخرج منها شرورها ...فماذا تتوقع من أناس هذا حالهم !
لقد كانت أذيتهم لنبيهم على مستوى الفعل :
- ففيها العموم : فهي عامة تشمل كل حركاتهم ،التي كانت في غاية الدناءة والرذالة وهم الذين يقولون :" وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ " وما علموا أنهم هم المرذولون في كتاب الله
- سرعة الحدوث : فهم أحق بصفة العجلة وعدم التثبت " بَادِيَ الرَّأْيِ " فكانت أذيتهم لنبيهم مثل الجبلة والطبع فيهم لا تحتاج إلى تفكير ولا تدبير .
- مطلقة تشملهم كلهم حتى كان المولود منهم ينشأ على ذلك فلا يكون إلا فاجراً كفاراً .
- ولأنه جاءه –
- الأمر ببناء السفينة فإن الحق
ينبهه إلى أن الأذية ستصبح على أشدها في الأيام المقبلة " وَيَصْنَعُ الفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ " والسخرية فعل السفهاء ولا تكون أبدا عن علم بل السفه قرين الجهل
وليس هذا الحال مع سورة يوسف
فإن أذية إخوة يوسف كانت على مستوى العمل فهم أبناء نبي كريم وإن كان كلا الحالين مما يجلب البؤس والحزن .
علاقة هذا بمقصود السورتين :
القصص القرآني عموما يعنى بتربية حاملي المنهج والعناية بهم وحمايتهم من مشاعر الإحباط والأسى واليأس وتثبيتهم على الحق وهذا ما تفعله السورتان -وهما متتاليتان- فالخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام ولحاملي الرسالة من بعده أنه لابد لكم من مجابهة مع هذين الصنفين فسواء كانت الأذية على مستوى الفعل من أرذال الناس أو غيرهم فالواجب عدم الحزن والأسى فقد تكفل الله
بنصر دينه .
في محاضرة للدكتور عبدالرحمن السميط –عافاه الله وشافاه- ذكر أن أحد الفضلاء قال له: أنه لن تتمكن من نشر دعوتك حتى يبصق في وجهك وتطرد من على الباب و...نسيت الثالثة ... يقول : فقد حصلت لي الثلاثة حتى فتح الله عليّ بعدها .
أسأل الله العلي العظيم الكريم أن يعافيه ويشافيه ويمضي له عمله ويتقبله منه خالصاً طيباً ... اللهم آمين
يتبع بإذن الله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله
البداية :
من متشابه الحرفين :
قوله تعالى في سورة هود :" وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ " [هود : 36]
مع قوله تعالى :" وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" [يوسف : 69]
و حتى يتم توجيه المتشابه في السورتين وعلاقته بمقصديهما لابد من معرفة دلالات هذه الأفعال:
( يفعلون ) و( يعملون ) :
وكانت خلاصة هذه الدلالات :
الفعل :
-عام يشمل كل حركة
-يفيد سرعة الحدوث فلا يحتاج لزمن كثير لأسباب منها القدرة والقوة ومنها الجهل ومنها البداهة
-ويكون من العاقل وغير العاقل
-بقصد وبغير قصد
- بعلم وبغير علم
- و قد يحتاج فيه جهد وقد لا يحتاج : إما لبساطته ،وإما لقوة فاعله .
العمل :
- أخص من الفعل
- يدل على اتصال الحدث مع امتداد زمن
-ويكون من العاقل وقليل ما ينسب لغير العاقل
-ولا يكون إلا عن قصد
-مرتبط بالعلم بل قيل إنه مقلوبه
-ويحتاج معه إلى بذل جهد
مقصود الخاطرة :
لماذا جاء في سورة هود بقوله تعالى : " فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ "
وفي سورة يوسف :" فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" ؟
البيان :
في آية سورة هود السياق في مخاطبة سيدنا نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وقد سبق هذه الآية الإطالة في ذكر تعنت قوم نوح وكثرة جدالهم وأذيتهم لنبيهم وهو في ذلك لا يكف عن نصحهم ودعوتهم .
ولم يأت مثل هذا البسط في غيرها من السور حتى وصلوا إلى أن : " قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ "
فاستعجلوا العذاب تكذيباً وكفراً حتى يصمتوا نبيهم


" وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ "
فقد خُتم على القلوب فلن يدخلها أي خير ولن تخرج منها شرورها ...فماذا تتوقع من أناس هذا حالهم !
لقد كانت أذيتهم لنبيهم على مستوى الفعل :
- ففيها العموم : فهي عامة تشمل كل حركاتهم ،التي كانت في غاية الدناءة والرذالة وهم الذين يقولون :" وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ " وما علموا أنهم هم المرذولون في كتاب الله
- سرعة الحدوث : فهم أحق بصفة العجلة وعدم التثبت " بَادِيَ الرَّأْيِ " فكانت أذيتهم لنبيهم مثل الجبلة والطبع فيهم لا تحتاج إلى تفكير ولا تدبير .
- مطلقة تشملهم كلهم حتى كان المولود منهم ينشأ على ذلك فلا يكون إلا فاجراً كفاراً .
- ولأنه جاءه –


وليس هذا الحال مع سورة يوسف

علاقة هذا بمقصود السورتين :
القصص القرآني عموما يعنى بتربية حاملي المنهج والعناية بهم وحمايتهم من مشاعر الإحباط والأسى واليأس وتثبيتهم على الحق وهذا ما تفعله السورتان -وهما متتاليتان- فالخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام ولحاملي الرسالة من بعده أنه لابد لكم من مجابهة مع هذين الصنفين فسواء كانت الأذية على مستوى الفعل من أرذال الناس أو غيرهم فالواجب عدم الحزن والأسى فقد تكفل الله

في محاضرة للدكتور عبدالرحمن السميط –عافاه الله وشافاه- ذكر أن أحد الفضلاء قال له: أنه لن تتمكن من نشر دعوتك حتى يبصق في وجهك وتطرد من على الباب و...نسيت الثالثة ... يقول : فقد حصلت لي الثلاثة حتى فتح الله عليّ بعدها .
أسأل الله العلي العظيم الكريم أن يعافيه ويشافيه ويمضي له عمله ويتقبله منه خالصاً طيباً ... اللهم آمين
يتبع بإذن الله
تعليق