
لماذا قال عيسى
:" و إن تغفر لهم" مع أن الكلام عن كفرة؟

قال الله تعالى على لسان عيسى

وقفت عند هذه الآية فتساءلت لماذا قال:" إن تغفر لهم" مع أن السياق يدل على الأمر يتعلق بمن أشرك بالله تعالى و اتخذ عيسى


- قد يقال: أن الكلام خرج مخرج العموم، فقوله:" إن تعذبهم فإنهم عبادك..."الآية، الضمير يعود على عموم الناس، لكن يرد على هذا أن اعتبار السياق مهم في فهم كلام الله تعالى، و السياق كما سبق يدل على أن الكلام بخصوص من اتخذ عيسى و أمه إلهين من دونه سبحانه.
-كما يمكن القول كجواب: أن عيسى

كما أن تعليق شيء على شرط لا يقتضي الوقوع.
- و قد اطلعت على بعض أقوال أهل التفسير فوجدت ما يلي:
يقول الألوسي



و هذا الكلام فيه نظر لأن الكافرلم يستوجب أسباب المغفرة، فكفره مانع كبير لها، و هذا لا تختلف فيه الشرائع إطلاقا.، و الآية الثانية و السبعون من سورة المائدة من الأدلة على ذلك.
- و قال إمام المفسرين ابن جرير

ثم حكى عن السدي أنه قال:" "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم" ، فتخرجهم من النصرانية، وتهديهم إلى الإسلام ="فإنك أنت العزيز الحكيم""اهـ.
و قد تعقبه الإمام الألوسي بقوله أنه مخالف لما يقتضيه السباق و السياق.
- و من أهل العلم من قال باختلاف العائد عليه الضمير، فقال أن الضمير-أي الهاء و الميم- في :"تعذبهم" يعود على من مات منهم كافرا، و الضمير في:" تغفر لهم" يعود على من مات تائبا.
-و قد ذكر الفخر الرازي في تفسيره، كجواب على هذا التساءل أربعة وجوه:
الأول : أنه تعالى لما قال لعيسى



لكن هذا الوجه بين الضعف، و قد تعقبه الشيخ راشد رضا في مناره بقوله:" وَهَذَا وَجْهٌ أَمْلَاهُ عَلَيْهِ مَا اعْتَادَ مِنَ الْجَدَلِ فِي الْأَلْفَاظِ وَهُوَ غَافِلٌ عَنْ حَالِ مَنْ حَكَى الله عَنْهُمْ ذَلِكَ الْقَوْلَ..."
الثاني : أنه يجوز على مذهبنا-أي مذهب الأشاعرة- من الله تعالى أن يدخل الكفار الجنة وأن يدخل الزهاد والعباد النار ، لأن الملك ملكه ولا اعتراض لأحد عليه.
و هذا مذهب من مذاهبهم، فهم ينفون الحكمة و يقولون أن الله تعالى يفعل لمجرد المشيئة-تعالى الله علوا كبيرا عن ذلك-، و هو ما يسميه بعضهم بنفي الغرض عن الله، و لذلك لم يثبتوا الحكمة ضمن الصفات السبع.
ثم ذكر وجهين آخرين قريبين من بعض الأقوال التي سبق ذكرها.
و الذي يظهر و الله أعلم أن قول عيسى

و مع هذا، فإن القول بأن الكلام و إن كان يوم القيامة- و هو الصحيح- يتعلق بمن من الله عليه بالتوبة و الهداية في الدنيا، فهذا لا شك أن مغفرته سبحانه شاملة له.
و الله أعلم و أحكم.
تعليق