من تفسير اللباب :أنَّه تعالى سمَّاه: «ثَانِيَ اثْنَيْنِ» فجعله ثاني محمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - في أكثر المناصب الدينية، فإنَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لمَّا أرسل إلى الخلقِ وعرض الإسلام على أبي بكر فآمن؛ وذهب وعرض الإسلام على طلحة، والزبير، وعثمان، وجماعة من كبار الصحابة فآمن الكلُّ على يده، ثم إنه جاء بهم إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعد أيام قلائل، فكان هو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - «ثَانِي اثْنَيْن» في الدَّعوة إلى الله تعالى، وكلَّما وقف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في غزوة، كان أبو بكر يقف في خدمته، فكان «ثَانِيَ اثنين» في المواقف كلِّها، وكلما صلَّى رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقف خلفه، وكلَّما جلسَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، كان «ثَانِيَ اثنين» في مجلسه، ولمَّا مرض رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، قام مقامه في الإمامة، فكان «ثَانِيَ اثْنَيْنِ» ولمَّا مات دفن بجنبه، فكان «ثاني اثنين» هناك.
ومن تفسير البحر المحيط:يصح أن يكون الضمير في (عليه) راجعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وإلى صاحبه الصديق معًا ، وأفرد لتلازمهما ، فيكون لكل منهما ما يخصُّه من السَّكينة التى تتلاءم مع منزله من القرب
ويؤيده أنَّ في مصحف " حَفْصَة " : " فأنزل الله سكينته عليهما وأيدهما "(24)
انتهى
قال تعالىفَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ
هنا معية الله لموسى وحده كانت كافية لنجاة موسى وصحبه فلم تشملهم المعية فى قوله تعالىإِنَّ مَعِيَ رَبِّي وماذا فعلوا بعد النجاة؟
إن معية الله لرسوله تكفى لنجاة أمة
وبالقطع هى كافية لنجاة صاحبه دون منقبة له ولكنه شمل بالمعية فى قوله تعالىإِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ولم تذكر معية الله الخاصة إلا لخواصه قال تعالىقَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىوهذا مقام نبوة ولذلك أكد الله على معيته لهما بشكل مباشر أما فى قوله تعالىإِنَّ اللَّهَ مَعَنَاأكد رسول الله على معية الله له وصحبه بلاغا منه عن الله وهذه بشرى خاصة لأبى بكر رضى الله عنه ومنقبة له ونزلت عليه السكينة بعد ذلك وتحقق وعد الله ورسوله وماذا فعل بعد النجاة؟
فقد كان بحق ثانى اثنين فى رفع لواء الدعوة إلى الله.
تعليق