
الجنة دار الطيبين:
"الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ":
(2/3):
لعلمهم بعظم حسن الخلق وأنه من أقرب ما يوصل إلى الجنة من الطرق، فقد طابت أخلاقهم وزكت أقوالهم، فلا يقولون فحشا ولا هجرا، ولا يصدر منهم طعنا ولا لعنا، ممتثلين أمر ربهم:" وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا"-البقرة:83-، "أي: كلموهم طيبًا، ولينُوا لهم جانبًا، ويدخل في ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمعروف، كما قال الحسن البصري في قوله:




علموا أن الفحش والطعن والبذي من القول ليس من سمات أهل الإيمان كما صح عن خير الأنام عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام:"ليس المؤمن بالطعان و لا اللعان و لا الفاحش و لا البذي"، فلا يتلفظون إلا بالطيب من الكلام، فكما طابت منهم الأفعال طابت منهم الأقوال، وكيف لا تطيب وقد علموا أن كل كلمة طيبة تعد في ميزان الشرع صدقة من الصدقات يتقربون بها إلى رب الأرض والسموات ويحصلون بها الأجر والمثوبات، كما قال الرحمة المهداة عليه من ربه أفضل الصلوات:" والكلمة الطيبة صدقة"([3]).
يقول العلامة ابن عثيمين


أيقنوا بقول المصطفى

والتخلي عن الرذائل ومساوئ الصفات من الكذب والخيانة والظلم والنميمة والغيبة والبخل وغيرها.
وكما أحسنوا في عبادة الخالق أحسنوا في معاملة الخلق، راجين وعد الله للمحسنين،"


فهؤلاء الذين أحسنوا، لهم "الحسنى" وهي الجنة الكاملة في حسنها و "زيادة" وهي النظر إلى وجه الله الكريم، وسماع كلامه، والفوز برضاه والبهجة بقربه، فبهذا حصل لهم أعلى ما يتمناه المتمنون، ويسأله السائلون."([6]).
يتبع إن شاء الله تعالى.
([1] ) أخرجه مسلم في صحيحه.
([2] ) تفسير ابن كثير:1/317.
([3] ) جزء من حديث أبي هريرة المتفق عليه:" كل سلامي من الناس عليه صدقة : كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين الاثنين صدقة ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة والكلمة الطيبة صدقة وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة ويميط الأذى عن الطريق صدقة ".
([4] ) شرح رياض الصاحين:290.
([5] ) رواه الإمام أحمد وغيره من حديث أبي ثعلبة الخشني

([6] ) تيسير الرحمن:362.