
ثلاثية في الرد على الطائفة الشيطانية (المسمَّوْن بالقرآنيين)
فلقد سمعت كثيرا عن طائفة سمت نفسها القرآنيين ، يقولون نكتفي بالقرآن فقط ، وينكرون السنة كلها أو ما يخالف عقلهم القاصر فقط ، وبالتالي ردوا السنة الصحيحة كلها أو أكثرها ، وفي بداية ذكر هؤلاء أذكر من سنة الحبيب

قال الشيخ الإمام أبو سليمان الخطابي

وقوله يوشك شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فإنه يحذر بذلك مخالفة السنن التي سنها رسول الله

وأما قوله لا تحل لقطة معاهد إلاّ أن يستغني عنها صاحبها فمعناه إلاّ أن يتركها صاحبها لمن أخذها استغناء عنها وهذا كقوله سبحانه


وقوله فله أن يعقبهم بمثل قراه معناه له أن يأخذ من مالهم قدر قراه عوضاً وعقبى مما حرموه من القرى. وهذا في المضطر الذي لا يجد طعاماً ويخاف على نفسه التلف، وقد ثبت ذلك في كتاب الزكاة أو في غيره من هذا الكتاب.
وفى الحديث دليل على أنه لا حاجة بالحديث أن يعرض على الكتاب وأنه مهما ثبت عن رسول الله

، ومن هؤلاء – منكرو السنة - للأسف ابنٌ لفضيلة العلامة – شيخ شيوخنا – عبد اللطيف مشتهري

أولا : الجهل ، هؤلاء القوم من أجهل الناس بالعلوم الشرعية والعربية ، وينكرون أصول العلوم الشرعية ؛ حتى إن بعضهم ليلحن في قراءة الآية ، ويعرض عن تفسيرها الصحيح لهوى في نفسه ، عندما ناقش فضيلة الدكتور مبروك عطية حفظه الله ذلك العدنان في إنكار الثاني وجود نص في القرآن في عدم خلود عصاة الموحدين في النار ، وقال الدكتور مبروك الآية القرآنية في أهل الجنة : ((لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ)) (48 الحجر) ، ومفهوم المخالفة أن بعض من يدخلون النار يخرجون منها ، أعرض الرفاعي عن العلم ، ذكر له الدكتور مبروك قول الله تعالى : ((لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا)) (123 النساء) ووضح له أن من وقع في ذنب يعاقب على قدر هذا الذنب فقط ، وأن الشرك أعظم الذنوب ، ولهذا يستوجب الخلود في النار ، أعرض الرفاعي عن كلام الله معه وضوح تفسيره مع قوة الحجة ووضوح الدليل ، والذي يثير العجب ويستدعي الدهشة كيف يسمح لهؤلاء مع جهالة عقولهم واضمحلال ثقافتهم الشرعية أن يجالسوا علماء أفاضل من الأزهر الشريف أو غيره ، أرى أن هذا يثبت للعالمين أنه لا تكافؤ في الحوار ، وأن هذا يرفع من شأن هؤلاء الذين أفضل شيء في التعامل معهم أن يتركوا هملا ولا يرفع لهم صوت لئلا يغتر بهم الجهلاء من العوام ؛ ليستبيحوا بقولهم كثيرا من المحرمات لعدم ورود تحريمها صراحة في القرآن الكريم فضلا عن الاستهانة بكثير من الفرائض التي ذكرت في السنة فقط ، والله المستعان .
ثانيًا : الكبر ، هؤلاء القوم ليسوا متخصصين ولم يشموا رائحة العلم ؛ وبالتالي لا يقدِّرون العلماء المتخصصين قديما وحديثا ، والجاهلون لأهل العلم أعداء ، وشتان بينهما ، أيستوي الثرى والثريا ؟!
وعندما يؤلف واحد منهم كتابا يضع فيه هذه الخرافات ، يظن أنه قد فعل المستحيل وأن له فتوحات ربانية (أو كما نقول في العامية : أتى بالذيب من ذيله) ، وفي واقع الأمر ما هي إلا أفكار شيطانية يضل بها الشيطان أولياءه ، ثم ينفخ الشيطان فيهم فيجعلهم يتكبرون عن قبول الحق ويحتقرون العلماء ، وهذا وربي هو الكبر كما قال الحبيب

ثالثًا : التعالم أي ادعاء العلم دون بلوغ أسبابه ، وقد دوّن شيخ شيوخنا العلامة بكر أبو زيد

ولقد كلمني أخي في هذا الأمر منذ فترة وأعطاني كتب هذا الجاهل المدعو بعدنان الرفاعي ، وعزمت على الرد على كتبه كتابا كتابا ، ولكن لكثرة المشاغل تأخرت في هذا الأمر ، ولعله خير ، ويشاء الله تعالى – ودون ترتيب مني - أن أشاهد بعض التسجيلات المرئية للقائه ببعض علماء الأزهر ، فتبين لي الجهل الفادح الذي استحوذ على هذا الرجل ، والرد على هؤلاء باستفاضة نوع من تضييع الوقت ؛ لأنهم لا يعرفون أبجديات العلم ، كما قال الإمام الشافعي رحمه الله : لو ناقشت ألف عالم لغلبتهم ، ولو ناقشني جاهل واحد لغلبني ، أقول
يكفينا في الرد على هؤلاء ثلاث كلمات :
الكلمة الأولى : القرآن والسنة وحيان محفوظان ، القرآن كلام الله ، المنزل على قلب محمد


فَكُلُّ مَا وَافَقَ وَجْهَ نَحْوِ ... وَكَانَ ِللرَّسْمِ احْتِمَالاً يَحْوِي
وَصَحَّ إسْناداً هُوَ الْقُرآنُ ... فَهَذِهِ الثَّلاثَةُ الأَرْكَانُ
وحَيثُماَ يَخْتَلُّ رُكْنٌ أَثْبِتِ ... شُذُوذَهُ لَوْ أنَّهُ فِي السَّبعَةِ
ومن خلال هذا التعريف ندرك كيف نقل القرآن ، وإذا نظرنا إلى الحديث الصحيح ، وهو وحي أيضًا (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) النجم . وشروط صحة الحديث هي (اتصال الإسناد ، عدم الشذوذ ، عدم العلة ، عدالة الرواة ، ضبط الرواة) كما قال البيقوني

أوَّلُها الصَّحِيحُ وَهْوَ مَا اتَّصل ... إسْنَادُهُ وَلَمْ يَشُذَّ أَوْ يُعَلْ
يَرْوِيهِ عَدْلٌ ضَابِطٌ عَنْ مِثْلِه ... مُعْتَمَدٌ فِي ضَبْطِهِ وَنَقْلِه

السؤال الأول : كيف حفظ الله تعالى القرآن الكريم ؟
روى الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري



السؤال الثاني : كيف حفظت السنة ؟
حفظت السنة في عصر الحبيب


اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ مِنْهَا عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَانْفَرَدَ الْبُخَارِيُّ بِثَلَاثَةٍ وَتِسْعِينَ، وَمُسْلِمٌ بِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَثَمَانِينَ.
وَرَوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِمِائَةِ رَجُلٍ، وَهُوَ أَحْفَظُ الصَّحَابَةِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَبُو هُرَيْرَةَ أَحْفَظُ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ فِي دَهْرِهِ، أَسْنَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ ".
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ فِي جِنَازَتِهِ وَيَقُولُ: كَانَ يَحْفَظُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ.
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا أَنْسَاهُ، قَالَ: ابْسُطْ رِدَاءَكَ فَبَسَطْتُهُ. فَغَرَفَ بِيَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: ضُمَّهُ، فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدُ» .
وَفِي " الْمُسْتَدْرَكِ «عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَآخَرُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالَ: ادْعُوا فَدَعَوْتُ أَنَا وَصَاحِبِي وَأَمَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ دَعَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِثْلَ مَا سَأَلَكَ صَاحِبَايَ وَأَسْأَلُكَ عِلْمًا لَا يُنْسَى "؛ فَأَمَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَا: وَنَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ: سَبَقَكُمَا الْغُلَامُ الدَّوْسِيُّ» .
(ثُمَّ) عَبْدُ اللَّهِ (ابْنُ عُمَرَ) رَوَى أَلْفَيْ حَدِيثٍ وَسِتَّمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ حَدِيثًا.
(وَابْنُ عَبَّاسٍ) رَوَى أَلْفًا وَسِتَّمِائَةٍ وَسِتِّينَ حَدِيثًا.
(وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) رَوَى أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ حَدِيثًا.
(وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ) رَوَى أَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَسِتًّا وَثَمَانِينَ حَدِيثًا.
(وَعَائِشَةُ) أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ رَوَتْ أَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَعَشَرَةً.
وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ يَزِيدُ حَدِيثُهُ عَلَى أَلْفٍ غَيْرِ هَؤُلَاءِ إِلَّا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ؛ فَإِنَّهُ رَوَى أَلْفًا وَمِائَةً وَسَبْعِينَ حَدِيثًا. في تدريب الراوي (2/675 : 677) .
اشتهر عند المحدثين أن أبا بكر الصديق





إذن متى بدأ جمع الحديث ؟ يستدل منكرو السنة بما ثبت في صحيح مسلم أن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ ، وَحَدِّثُوا عَنِّي، وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ - قَالَ هَمَّامٌ: أَحْسِبُهُ قَالَ - مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " رواه مسلم (4/2298) (3004) قال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي




نقول بدأ تدوين الحديث كما سبق في عهد رسول الله




أَوَّلُ جامِعِ الحديثِ والأَثَرْ ... اِبْنُ شِهابٍ آمِرًا لَهُ عُمَرْ
قال العلامة الأثيوبي

(آمراً له) حال من ابن شهاب، وفي نسخة آمم بالرفع مبتدأ خبره عمر
والجملة في محل نصب حال من ابن شهاب، أو مستأنفة، أي الآمر لابن شهاب بجمع الأحاديث (عمر) بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم أحد
الخلفاء الراشدين، المتوفى في رجب سنة إحدى ومائة، وله أربعون سنة.
سوى ستة أشهر -

والمراد بالتدوين المذكور هو التدوين الرسمي بحيث يكون مجموعاً
مرتباً، وإلا فقد كان يكتب في الرِّقاع والعظام من لدن رسول اللَّه -

وكتب عمر بن عبد العزيز أيضا إلى بعض أمراء الأمصار كما في الصحيح تعليقًا : (وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ: انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاكْتُبْهُ، فَإِنِّي خِفْتُ دُرُوسَ العِلْمِ وَذَهَابَ العُلَمَاءِ، وَلاَ تَقْبَلْ إِلَّا حَدِيثَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم: «وَلْتُفْشُوا العِلْمَ، وَلْتَجْلِسُوا حَتَّى يُعَلَّمَ مَنْ لاَ يَعْلَمُ، فَإِنَّ العِلْمَ لاَ يَهْلِكُ حَتَّى يَكُونَ سِرًّا» حَدَّثَنَا العَلاَءُ بْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ: بِذَلِكَ، يَعْنِي حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، إِلَى قَوْلِهِ: ذَهَابَ العُلَمَاءِ) . صحيح البخارى (1/31) .
قال الحافظ ابن حجر : (قَوْلُهُ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حزم هُوَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيٌّ نُسِبَ إِلَى جَدِّ أَبِيهِ وَلِجَدِّهِ عَمْرٌو صُحْبَةٌ وَلِأَبِيهِ مُحَمَّدٌ رُؤْيَةٌ وَأَبُو بَكْرٍ تَابِعِيٌّ فَقِيهٌ اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى إِمْرَةِ الْمَدِينَةِ وَقَضَائِهَا وَلِهَذَا كَتَبَ إِلَيْهِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ اسْمٌ سِوَى أَبِي بَكْرٍ وَقِيلَ كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ وَاسْمُهُ أَبُو بَكْرٍ وَقِيلَ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ قَوْلُهُ انْظُرْ مَا كَانَ أَيِ اجْمَعِ الَّذِي تَجِدُ وَوَقَعَ هُنَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ عِنْدَكَ أَيْ فِي بَلَدِكِ قَوْلُهُ فَاكْتُبْهُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ ابْتِدَاءُ تَدْوِينِ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ وَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَعْتَمِدُونَ عَلَى الْحِفْظِ فَلَمَّا خَافَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَانَ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الْأُولَى مِنْ ذَهَابِ الْعِلْمِ بِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ رَأَى أَنَّ فِي تَدْوِينِهِ ضَبْطًا لَهُ وَإِبْقَاءً وَقَدْ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِلَفْظِ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الْآفَاقِ انْظُرُوا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاجْمَعُوهُ قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِسُكُونِهَا وَكَسْرِهَا مَعًا فِي وَلْيُفْشُوا وَلْيَجْلِسُوا قَوْلُهُ حَتَّى يُعَلَّمَ هُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ يُعْلَمُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ قَوْلُهُ يَهْلِكُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اللَّامِ . (1/ 194 ، 195) .
وروى أبو نعيم الأصبهاني عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الْآفَاقِ: «انْظُرُوا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاجْمَعُوهُ وَاحْفَظُوهُ؛ فَإِنِّي أَخَافُ دُرُوسَ الْعِلْمِ، وَذَهَابَ الْعُلَمَاءِ» . (تاريخ أصبهان 1/366) .
وهذا الإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري

حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، وَحَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ» حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: " لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الْإِسْنَادِ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ، قَالُوا: سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ، فَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ السُّنَّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ، وَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فَلَا يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ " حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى وَهُوَ ابْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: لَقِيتُ طَاوُسًا فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ كَيْتَ وَكَيْتَ، قَالَ: «إِنْ كَانَ صَاحِبُكَ مَلِيًّا، فَخُذْ عَنْهُ»
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيَّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ: قُلْتُ لِطَاوُسٍ: إِنَّ فُلَانًا حَدَّثَنِي بِكَذَا وَكَذَا، قَالَ: «إِنْ كَانَ صَاحِبُكَ مَلِيًّا، فَخُذْ عَنْهُ»
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " أَدْرَكْتُ بِالْمَدِينَةِ مِائَةً، كُلُّهُمْ مَأْمُونٌ، مَا يُؤْخَذُ عَنْهُمُ الْحَدِيثُ، يُقَالُ: لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ " حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ - وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: «لَا يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الثِّقَاتُ»
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُهْزَاذَ مِنْ أَهْلِ مَرْوَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: «الْإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ، وَلَوْلَا الْإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ» وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي رِزْمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ، يَقُولُ: «بَيْنَنَا وَبَيْنَ [ص:16] الْقَوْمِ الْقَوَائِمُ» يَعْنِي الْإِسْنَادَ وقَالَ مُحَمَّدٌ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عِيسَى الطَّالْقَانِيَّ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ: الْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ «إِنَّ مِنَ الْبِرِّ بَعْدَ الْبِرِّ أَنْ تُصَلِّيَ لِأَبَوَيْكَ مَعَ صَلَاتِكَ، وَتَصُومَ لَهُمَا مَعَ صَوْمِكَ» . قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، عَمَّنْ هَذَا؟ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: هَذَا مِنْ حَدِيثِ شِهَابِ بْنِ خِرَاشٍ فَقَالَ: ثِقَةٌ، عَمَّنْ قَالَ؟ قُلْتُ: عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: ثِقَةٌ، عَمَّنْ قَالَ؟ " قُلْتُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، إِنَّ بَيْنَ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَفَاوِزَ تَنْقَطِعُ فِيهَا أَعْنَاقُ الْمَطِيِّ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي الصَّدَقَةِ اخْتِلَافٌ . مقدمة صحيح مسلم (1/14 : 16) .
ومن هنا يتضح للقارئ الكريم تدليس منكري السنة على العوام ، وادعاؤهم أن التاريخ اعتراه التشويه ، وهي كلمة حق أريد بها باطل ، لأن تشويه التاريخ كان من خلال الطوائف الكاذبة لأغراض وضيعة كالمال أو رفع سلطان طائفة على أخرى ...إلخ أو أغراض رفيعة كلَفْت الأنظار للسور القرآنية أو رفعة شأن بعض الصحابة ...إلخ ، ولم يؤثر ذلك في حفظ السنة الصحيحة بل والمكذوبة لسبب ، وهو أن علماء الجرح والتعديل وقفوا بالمرصاد للكذابين والضعفاء ، ولم يقبلوا حديثا من أحد إلا بشروط ، وحفظهم غيابا – نظرا لتفرغهم لهذا الشأن – كان أوسع وأكثر وأشد من حفظ السطور ، وعانوا من أجل حفظهم الحديث الأمرين ، سواء من الأمراء المخالفين لهم أم من غيرهم من الكاذبين ، ومن أجل هذا وضعوا شروطا لقبول الحديث ، سبق ذكرها ، (اتصال الإسناد ، عدم الشذوذ ، عدم العلة ، عدالة الرواة ، ضبط الرواة) .
إن هذا لعلم اختصت به هذه الأمة ، علم الجرح والتعديل ، وأصله من القرآن الكريم :
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)) (6 الحجرات)
وكان الصحابة يتثبتون من الحديث عن رسول الله

ما هو الذِّكْرِ ؟
للأسف لم ينتبه منكرو السنة إلى المعنى اللغوي لكلمة ذكر ، فالذكر لغة هو عكس النسيان ، ذَكَرْتُ الشَّيْءَ، خِلَافُ نَسِيتُهُ. ثُمَّ حُمِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ. (وتقول) : ذكرت الشيء بلساني وقلبي ذكراً، وَيَقُولُونَ: اجْعَلْهُ مِنْكَ عَلَى ذُكْرٍ، بِضَمِّ الذَّالِ، أَيْ لَا تَنْسَهُ. وَالذِّكْرُ:الْعَلَاءُ وَالشَّرَفُ. وَهُوَ قِيَاسُ الْأَصْلِ. وَيُقَالُ رَجُلٌ ذَكِرٌ وَذِكِّيرٌ، أَيْ جَيِّدُ الذِّكْرِ شَهْمٌ. (بتصرف من مجمل اللغة لابن فارس 1/360 ، ومقاييس اللغة 2/359) .
وأما من حيث الاصطلاح القرآني - والقرآن له روائعه وخصائصه - قال العلامة أبو الفداء إسماعيل حقي الإستانبولي :
في تفسير قوله تعالى (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) يشير الى القسم بالقرآن الذي هو مخصوص بالذكر وذلك لان القرآن قانون معالجات القلوب المريضة وأعظم مرض القلب نسيان الله تعالى كما قال (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) وأعظم علاج مرض النسيان بالذكر كما قال (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) ولان العلاج بالضد وبقوله (بَلِ الَّذِينَ) إلخ يشير الى انحراف مزاج قلوب الكفار بمرض نسيان الله من اللين والسلامة الى الغلظة والقساوة ومن التواضع الى التكبر ومن الوفاق الى الخلاف ومن الوصلة الى الفرقة ومن المحبة الى العداوة ومن مطالعة الآيات إلى الإعراض عن البحث في الأدلة والسَّيْر للشواهد" . روح البيان (8/3) .
ثم إن تأملت في آيات القرآن الكريم ، لوجدتها بروعتها وتألقها ، بمحكمها ومتشابهها تأخذ بالعقول وتنبهها ؛ ولهذا كان أشد الناس ذكرا وذاكرة هم حفاظ القرآن ، وفي الأثر (مَنْ جَمَعَ القُرْآنَ مَتَّعَهُ اللهُ بِعَقْلِهِ حَتَّى يَمُوتَ) وإن كان ضعيفًا أو موضوعًا (السلسلة الضعيفة (1/440) (271) ) إلا إن الواقع يصدقه ، ولا نعرف أحدا من حفاظ القرآن فقد ذاكرته قبل موته ، بل عرفنا من شيوخنا - حفظهم الله - من جاوز الثمانين وما زال يصحح كابن العشرين ، ومنهم من مات وهو يقرئ الناس القرآن ويصحح لهم ، نسأل الله أن يمتعنا بعقولنا حتى نلقاه .
ومن هنا نقول إن كلمة (الذِّكْرَ) في القرآن الكريم لها أكثر من معنى ، وذلك حسب سياقها الذي وردت فيه ، فمثلا
1- الذِّكْر بمعنى الرسول في قول الله تعالى (( فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)) (10 ، 11 الطلاق)
قال العلامة أبو الفداء إسماعيل حقي الإستانبولي
"ذِكْراً هو النبي



2- الشرف ، كما في قول الله تعالى :((وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ)) (44 الزخرف) ، قوله تعالى: وَإِنَّهُ يعني القرآن لَذِكْرٌ لَكَ أي شَرَفٌ لَكَ بما أعطاكَ اللهُ وَلِقَوْمِكَ في قومه ثلاثة أقوال: أحدها: العرب قاطبة. والثاني: قريش. والثالث: جميع من آمن به .
وقد روى الضحاك عن ابن عباس أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان إِذا سئل: لِمَنْ هذا الأمرُ من بعدك؟
لم يُخْبِر بشيء، حتى نزلت هذه الآية، فكان بعد ذلك إذا سئل قال: «لقريش» وهذا يدلّ على أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فَهِم من هذا أنه يَلِي على المسلمين بحُكْم النًّبوَّة وشَرَفِ القرآن، وأن قومه يَخْلُفونه من بعده في الوِلاية لشرف القرآن الذي أُنزلَ على رجُلٍ منهم. ومذهب مجاهد أن القوم ها هنا: العرب، والقرآن شَرَفٌ لهم إِذْ أُنزلَ بلُغتهم.
قال ابن قتيبة: إنما وُضع الذِّكر موضعَ الشَّرَف لأن الشَّريف يُذْكَر. (زاد المسير لابن الجوزي (4/79) ) .
3- القرآن والسنة من منطق آية الأحزاب .
قال الله تعالى :((وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا)) (34 الأحزاب) . وَاذْكُرْنَ فيه قولان: أحدهما: أنه تذكير لهنَّ بالنِّعَم. والثاني: أنه أمرٌ لهنَّ بحفظ ذلك. فمعنى «واذكُرْنَ» : واحفَظْن ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ يعني القرآن. وفي الحكمة قولان: أحدهما: أنها السُّنَّة ، كما قال قتادة (زاد المسير 3/464) ، وهو تفسير صحيح صريح ، والثاني: الأمر والنّهي ، وبه قال قتادة أيضا ، وهو متضمن للسنة لأن القرآن آمر باتباع الرسول

4- الوحي ، قال الله

عن قتادة، في قوله: (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا) قال: لو أن هذه الأمة لم يؤمنوا لضرب عنهم الذكر صفحا، قال: الذكر ما أنزل عليهم مما أمرهم الله به . تفسير الطبري (21/ 568) .
وكذا في قول الله تعالى عن ثمود أنهم قالوا ((أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا))(25القمر)
قال الإمام الطبري

، وقد بين الله تعالى في كتابه أن المقصود بالاتباع الوحي عموما فقال سبحانه
(( اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)) (3 الأعراف)
وهذا ما يدفعنا لأن نقول بكل قوة ويقين إن الذكر المقصود في آية الحجر((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) (9 الحجر) لهو الوحي ، أي القرآن والسنة ، وذلك لوضوح المعنى من سياق الآيات وسباقها ولحاقها ، فسياق الآيات يتحدث عن سنة الله الغالبة من إرسال الرسل والأنبياء لإقامة الحجة على العباد ، وماذا كان جواب المنذرين وما عاقبة التكذيب ، وأما سِباق الآية فإنه يتحدث عن طعن المشركين في أنبياء الله واتهامهم بالجنون((وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ)) (6 الحجر)، ولن تجد لسنة الله تبديلا ،((مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ))(43 فصلت) وما طعن المشركون في الأنبياء إلا لأنهم صارحوهم بأنهم قد اختصهم الله بالوحي ، ولأن المشركين يريدون أن يتحول الغيب إلى شهادة ، وهذا من فرط جهلهم ، ((لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ)) (8 الحجر) ، وأما لحاق الآية فإنه يتحدث عن إرسال الله للأنبياء في الأمم السابقة من بداية الخليقة (( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ)) (10الحجر) . وشِيَعِ جمع شيعة، وهي الفرقة التابعة لرأس ما: مذهب أو رجل أو نحوه وهي مأخوذة من قولهم: شيعت النار: إذا استدمت وقدها بحطب أو غيره، فكأن الشيعة تصل أمر رأسها وتظهره وتمده بمعونة. كما قال ابن عطية في تفسيره(3/352) ثم قال سبحانه((وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13) (نَسْلُكُهُ) أي ندخله والضمير فيه يعود على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الشِّرك، قاله ابن عباس، والحسن، وابن زيد. والثاني: أنه الاستهزاء، قاله قتادة. والثالث: التكذيب، قاله ابن جريج، والفرّاء. (زاد المسير لابن الجوزي 2/525) ، وقال ابن عطية ويحتمل أن يكون الضمير في نَسْلُكُهُ عائدا على الذكر المحفوظ . (تفسير ابن عطية (3/353)) ، وهو
ما نقول به ونؤكده ، أي إن بعض الكافرين بالوحي يحفظون منه حتى يستشهدوا به ، ويضربوا بعضه ببعض ، ويصدوا عنه ويكذبوا به ، ويرزقون من خلال ذلك كما قال الله سبحانه((وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)) (82 الواقعة) ،
ومن السنة ما يؤكد هذا المعنى ، فقال رسول الله

ما هو المحفوظ بقوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (9) ، في هاء «له» قولان: أحدهما: أنها ترجع إِلى الذِّكْر، قاله الأكثرون. قال قتادة: أنزله الله ثم حفظه، فلا يستطيع إِبليس أن يزيد فيه باطلا، ولا ينقص منه حقاً. والثاني: أنها ترجع إِلى النبي



وأما القول الثاني فإن الله تعالى يحفظ نبيه






وكما حفظ الله حبيبه






تعليق