قال أيلال تحت عنوان ( الرسول يسحر فيهذي ) :
ورد في صحيح البخاري تحت رقم 5433 حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَت:" سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ عِنْدِي دَعَا اللَّهَ وَدَعَاهُ ثُمَّ قَالَ أَشَعَرْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ قُلْتُ وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ جَاءَنِي رَجُلَانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ الْيَهُودِيُّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ قَالَ فِيمَا ذَا قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ قَالَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ قَالَ فَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى الْبِئْرِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا نَخْلٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَأَخْرَجْتَهُ قَالَ لَا أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِيَ اللَّهُ وَشَفَانِي وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا وَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ".
وقد عقب ابن حجر العسقلاني في فتح الباري تعليقا على هذا الحديث بقوله:" ثم ذكر المصنف في الباب سبعة وعشرين حديثا الأول حديث عائشة قالت : " سحر النبي


وهاته إساءة بالغة لنبينا عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم. و بالإضافة الى هذه الإساءة فهذا الحديث يخالف جملة وتفصيلا عصمة الرسول وحفظ الله له ، كما يخالف قوله تعالى : نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا ( الاسراء:47) فالله ينفي عن نبيه أنه سحر ، ويقول عمن يقول بأن الرسول مسحور بأنه ظالم ، بل وصلت بهؤلاء وقاحتهم أن اعتقدوا أن رسول الله كان يخيل إليه أنه يقوم بالعمل وهو لم يقم به ، فهو كان يتوهم –حاشاه- أنه يجامع نساءه رغم أنه لم يقم بذلك ، وذلك من الهذيان ، وهي إساءة من الإساءات التي لم يتورع من ألف هذا الكتاب عن تدوينها فيه ، لكن مادام هذا الحديث في صحيح البخاري فلا يمكن تكذيبه ، وأن من يعتقد بما في القرآن وينفي عن الرسول بأنه سحر ، وينكر هذا الحديث المسيء لنبينا فهو كافر بفتوى شيوخ الوهابية ، كما أوردنا نقلا عنهم في هذا الكتاب."[1]
أولا : تخريج الحديث
الحديث لم يتفرد به البخاري [2]حتى يزعم أيلال أنه من تأليفات كاتب الصحيح ! فقد أخرجه جمع من الأئمة قبل البخاري و بعده منهم :
الحميدي في مسنده رقم 261 و ابن ابي شيبة في مصنفه رقم 23519 واسحق بن راهويه في مسنده رقم 737 ، و احمد في المسند رقم 24237-24300-24347-24348-24650 ، و مسلم في صحيحه رقم 2189 ، و النسائي في السنن الكبرى 7569 ، وابن ابي يعلى في مسنده رقم 4882 ، و ابن حبان في صحيحه رقم 6583-6584 ، و الطحاوي في شرح مشكل الأثار رقم 5934 ،و البيهقي في السنن الكبرى رقم 16494 ، و السنن الصغرى رقم 3130
ثانيا : هذا الحديث طعن فيه المعتزلة و قالوا : أن ما روي أن النبي

فالتقف هذه الدعوى دعاة العقلانية في العصر الحاضر كأبي رية و احمد صبحي منصور و زكريا أوزون و غيرهم فعلت أصواتهم طعنا في السنة و تشابهت أقوالهم ، غير أن تلميذهم أيلال فاقهم جرأة في الطعن و التكذيب و سفالة في التعبير !
ثالثا : أين قال العلماء أن النبي

ألم تقل إنك تسلّم بصحة القرآن؟ فإننا نجد في الذكر الحكيم ذكر السحر و أثره و ضرره و كفر فاعله ، و أنه يفرق بين المرء و زوجه ، و أنه لا يضر إلا بإذن الله و قضائه و قدره ككل شر و ضر في هذا الوجود . فإذا أنكر أيلال إخراج البخاري و غيره لهذا الحديث لأنه ينكر السحر و حقيقته ، فمشكلته مع القرآن لا مع البخاري !
و إن كان ينكر أن يكون له تأثير على النبي

و قد جاء في القرآن الكريم أن الأنبياء و الرسل بشر ..












رابع : إدعاؤه تكفير الوهابية لمنكر حديث السحر !
ما دخل الوهابية بما قرره العلماء من تصحيح الحديث أو تضعيفه أو شرحه قبل أن يولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب بقرون ؟ ثم من أفتى بكفر من نفى عن النبي


خامسا : جواب العلماء على هذا الإعتراض .
أن ما تعرض له النبي -



قال الإمام المازري [6] : أهل السنة وجمهور العلماء من الأمة مجمعون على إثبات السحر وأن له حقيقة كحقائق غيره من الأشياء الثابتة خلافا لمن أنكره ونفى حقيقته وأضاف ما يتفق منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها، وقد ذكره الله سبحانه في كتابه العزيز وذكر أنه مما يتعلم، وذكر ما يشير إلى أنه مما يكفر به وأنه يفرق به بين المرء وزوجه وهذا كله مما لا يمكن أن يكون فيما لا حقيقة له وكيف يتعلم ما لا حقيقة له.
وهذا الحديث أيضا فيه إثباته وأنه أشياء دفنت وأخرجت وهذا كله يبطل ما قالوه. والذي يعرف بالعقل من هذا أن إحالة كونه من الحقائق محال وغير مستنكر في العقل أن يكون الباري سبحانه يخرق العادات عند النطق بكلام ملفق أو تركيب أجسام أو المزج بين قوى على ترتيب مالا يعرفه إلا الساحر ومن شاهد بعض الأجسام منها قتالة كالسموم ومنها مسقمة كالأدوية الحادة، ومنها مصحة كالأدوية المضادة للمرض لم يبعد في عقله أن ينفرد الساحر بعلم قوى قتالة أو كلام مهلك أو مؤد إلى التفرقة.
وقد أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث من طريق ثابتة ، وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل وزعموا أن تجويز هذا يعدم الثقة بما شرعوه من الشرائع ولعله يتخيل إليه جبريل -


أما القاضي عياض فقد بوب في الشفا باب ( فيما يخصهم في الأمور الدنيوية و ما يطرأ عليهم من العوارض البشرية ) [7] ، قال

قد قدمنا أنه






فصل فإن قلت فقد جاءت الأخبار الصحيحة أنه








قال ابن بطال : قال المهلب: وأيضًا فإن ذلك السحر لم يضره (


و بهذا قال جمهور العلماء من المحدثين و المفسرين و المؤرخين و للزيادة يراجع : الخطابي [9]،و وابن القيم [10]، والعيني [11]، والسندي[12]، وابن حجر الهيتمي[13]و الحجوي [14] و قد فصلت في الموضوع في كتاب ( مسالك المالكية في الجواب عما أشكل من أحاديث الصحيحين ) .
- عبد الحميد بن محمد بن المير
[1] ص 154-153
[2] صحيح البخاري رقم 3175-3268-5763-5765-5766-6063-6064-6391
[3] احكام القرآن ص 58-59
[4] لسان العرب لابن منظور ج 15 ص 360
[5] سورة طه الآيات 65-68
[6] المعلم بفوائد مسلم 3/158-159 الدار التونسية للنشر ط 2 -1991
[7] الشفا بتعريف حقوق المصطفى 2/178-179-180-181-182-183 ط دار الفكر1988
[8] شرح صحيح البخاري لابن بطال 5/358-359-360 مكتبة الرشد ط 2 .
[9] اعلام الحديث 2/1501
[10] بدائع الفوائد 2/192
[11] عمدة القاري 15/98
[12] حاشية السندي على سنن النسائي 7/113
[13] الزواجر عن اقتراف الكبائر، للهيتمي (2/ 163 ـ 164).
[14] الدفاع عن الصحيحين