عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
28/05/1438 - 24/02/2017, 02:08 pm
0
قوله تعالى
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا
: النبأ: 10
*قولهلِبَاسًا
:* أي سِترًا.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، والنحاس في معاني القرآن.
زاد ابن قتيبة: لكم.
قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: سكونا يسكنون فيه.
قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: أي تسكنون فيه وهو مشتمل عليكم.
قال الجصاص في أحكام القرآن: وقد سمى الله تعالى الليل لباسا؛ لأنه يستر كل شيء يشتمل عليه بظلامه.
قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: وجعلنا الليل لكم غشاء يتغشاكم سواده، وتغطيكم ظلمته، كما يغطي الثوب لابسه لتسكنوا فيه عن التصرف لما كنتم تتصرفون له نهارا.
....................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
28/05/1438 - 24/02/2017, 09:48 pm
0
قوله تعالى
وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا
: النبأ: 13.
*قوله (وَجَعَلْنَا):* الشمس.
*قوله (سِرَاجًا):* مضيئا.
قاله الطبري في تفسيره، والراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن، والسمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ، وغيرهم.
زاد السمين الحلبي: قوي الضوء.
قال الألوسي في روح المعاني: مشرقا متلألئا.
*قوله (وَهَّاجًا):* أي وَقَّادًا.
قاله الزجاج في معاني وإعراب القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن.
قال ابن جزي الغرناطي: والوهّاج الوقاد الشديد الإضاءة.
قال السمين الحلبي في العمدة: الوهج: حصول الضوء وقوته.
قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: الوَهَجُ: حصولُ الضّوءِ والحرِّ من النّار، والوَهَجَانُ؛ كذلك وقوله:وَجَعَلْناسِراجاًوَهَّاجا ً
أي: مضيئا، وقد وَهَجَتِ النارُ تَوْهَجُ، ووَهَجَ يَهِجُ ويَوْهَجُ، وتَوَهَّجَ الجوهر: تلألأ.
وقال أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط: حَارًّا مُضْطَرِمَ الِاتِّقَاد.
قال ابن قتيبة في غريب القرآن، وابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل، وغيرهما: يعني الشمس.
وبه قال ابن كثير، والطبري.
قال ابن كثير في تفسيره: يعني الشمس المنيرة على جميع العالم التي يتوهج ضوؤها لأهل الأرض كلهم.
قلت (عبدالرحيم): فيه إشارة إلى قوله تعالى (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ): لأن الليل والنهار سببهما الشمس وجودا وعدما.
قال أبو حيان في البحر المحيط: وأتىبضياء، وهو نورالشمس...
قال الزمخشري في الكشاف: ذكر الضياء وهو ضوء الشمس: لأن المنافع التي تتعلق به متكاثرة...
.....................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
29/05/1438 - 25/02/2017, 08:01 pm
0
*(معاني وغريب القرآن).*
الكاتب/ عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
...............
قوله تعالى
وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ
: سورة النبأ: 14.
*قوله (مِنَ الْمُعْصِرَات):* يعني من السحاب. والواحد المعصر بلغة قريش.
ذكره عبدالله بن حسنون السامري في اللغات.
فقوله (الْمُعْصِرَات): السحاب.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب، والسمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ، وابن الهائم في التبيان في غريب القرآن، والشوكاني في فتح القدير، وغيرهم.
وبه قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن، ومكي بم حموش القيسي في الهداية إلى بلوغ النهاية، والراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن، ونجما لدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن، والبقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور.
إلا أنهم قالوا: أي السحائب.
زاد ابن الهائم: التي قد حان لها أن تمطر.
قال نجم الدين النيسابوري: السّحائب التي دنت أن تمطر، كالمعصرة التي دنت من الحيض.
زاد الراغب: التي تَعْتَصِرُ بالمطر.
وزاد الزجاج: لأنها تعصر الماء.
وزاد البقاعي: التي أثقلت بالماء فشارفت أن يعصرها الرياح فتمطر كما حصد الزرع - إذا حان له أن يحصد.
قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: والمعصرات هي السحاب وهو مأخوذ من العصر لأن السحاب ينعصر فينزل منه الماء أو من العصرة بمعنى الإغاثة. ومنه: وفيه يعصرون.
قال السمين الحلبي في عمدة الحفاظ: هي السحاب لأنها تعتصر المطر، أي تعض به.
قال نافع بن الأزرق: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً.
قال: المعصرات: السحاب يعصر بعضها بعضا فيخرج الماء من بين السحابتين.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت نابغة بني ذبيان وهو يقول:
تجرّ بها الأرواح من بين شمأل ... وبين صبا بالمعصرات الدوامس».
قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين: والمعصرات: سحابات تمطر.
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والمعصرات : بضم الميم وكسر الصاد السحابات التي تحمل ماء المطر واحدتها مُعصرةِ اسم فاعل من : أعْصَرَتْ السحابةُ ، إذا آن لها أن تَعْصِر ، أي تُنزل إنزالاً شبيهاً بالعَصْر .
وقيلالمعصرات
: الرياح.
قال الطبري في تفسيره: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر أنه أنزل من المعصرات - وهي التي قد تحلبت بالماء من السحاب ماء.
قال ابن كثير في تفسيره: والأظهر أن المراد بالمعصرات : السحاب ، كما قال [ الله ] تعالى : (الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله) [ الروم : 48 ] أي: من بينه.
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
01/06/1438 - 27/02/2017, 07:11 pm
0
*الوسيط في تفسير معاني وغريب القرآن*
قوله تعالى
( قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167) قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168) ) الشعراء
*قوله ( مِنَ الْقَالِينَ )*: من المبغضين.
قاله الكفوي، وغلام ثعلب، وأبو حيان الأندلسي، وابن قتيبة، والنحاس، وابن الجوزي.
قال ابن قتيبة: يقال: قليت الرجل، أي أبغضته.
قال الزجاج: والقالي: التارك للشيء الكاره له غاية الكراهة.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ): ما قلى: ما أبغضك؛ بعدما أحبك، وما تركك اصطفاك،
وخرَّجَ الشيخانِ _ واللفظ لمسلم _ من طريق الأسود بن قيس، أنه سمع جندبا، يقول:" أبطأ جبريل على رسول الله، فقال المشركون: قَدْ وُدِّعَ مُحَمَّدٌ، فأنزل الله
: ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ).
قال البخاري: وقال ابن عباس: «ما تركك وما أبغضك».
قال الزجاج: أي لم يقطع الوحي عنك ولا أبغضك.
قال الصُحاري: ما تركك، وما أبغضك.
قال ابن بطال الركبي: أصل الوداع والتوديع: ترك الشىء.
..........
المصدر:
تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب لأبي حيان الأندلسي، ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن لغلام ثعلب، التبيان في تفسير غريب القرآن لابن الهائم، غريب القرآن لابن قتيبة، معاني القرآن للزجاج، معاني القرآن للنحاس، تذكرة الأريب في تفسير الغريب لابن الجوزي، الابانة في اللغة العربية للصُحاري، النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب لابن بطال، الكليات للكفوي، صحيح البخاري، ومسلم.
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
*للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
02/06/1438 - 28/02/2017, 10:49 am
0
*(معاني وغريب القرآن).*
الكاتب والمشرف العام/ عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
........................
قوله تعالى
وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا
: النبأ (16).
*قولهوَ
:* لنخرج به؛ أي بمطر السحاب، السابق ذكره في قوله ( وأنزلنا من العصرات ماء ثجاجا ).
*قولهجَنَّاتٍ
:* تقديرة: وثمر جنات.
والجنات: البساتين. واحدها: بستان. ومنه قوله ( فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ): مِنْ جَنَّتِكَ: من بستانك.
وقوله ( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ): أصحاب البستان.
قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: والجنة البستان، وإنما سمي البستان جنة، وكل نبت متكاثف يستر بعضه بعضا فهو جنة، وهو مشتق من جننت الشيء إذا سترته.
قال الطبري في تفسيره: والمعنى: وثمر جنات، فترك ذكر الثمر استغناء بدلالة الكلام عليه من ذكره.
*قولهأَلْفَافًا
:* أي ملتفة بعضها على بعض مجتمعة، لكثرة شجرها؛ الكثيرة الأغصان.
وفيه تذكير بنعمة الله أن جعلها كذلك، ولو شاء لجعلها شذر مذر؛ أي متفرقة.
قال الجرجاني في درج الدرر، وابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل، وابن فورك في تفسيره، وابن قتيبة في غريب القرآن، والبغوي في تفسيره، والسمعاني في تفسيره، والسمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وابن الجوزي في تذكرة الأريب، وأبو حيان الأندلسي في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، والجلال المحلي في الجلالين، والبقاعي في نظم الدرر، وغيرهم: أي مُلْتَفَّةً.
وبه قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن؛ إلا أنه قال: وبساتين ملتفة.
زاد البغوي: بالشجر.
وزاد أبو بكر السجستاني: الشّجر. وَاحِدهَا لف ولفيف. وَيجوز أَن تكون الْوَاحِدَة لفاء، وَجَمعهَا لف، وَجمع الْجمع ألفاف.
زاد الجلال: جمع لفيف كشريف وأشراف.
وزاد البقاعي: الأشجار مجتمعة بعضها إلى بعض من شدة الري.
قال نجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن: مجتمعة بعضها إلى بعض، جنّة لفّاء، وجمعها «لفّ» ، ثم «ألفاف».
قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: شجرها ملتفا بعضها في بعض، فأعلم الله تعالى قدرته، أنه قادر على البعث.
قال الطبري في تفسيره: يعني: ملتفة مجتمعة.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً ): قال الواحدي في الوجيز: مجتمعين مختلطين.
قال السمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ:أي منضمًا بعضكم إلى بعض، من لففت الشيء إذا ضممته وجمعته متراكبًا بعضه على بعضٍ لفًا.
ومنه ( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ): قال الواحدي في الوجيز: التفت ساقاه لشدة النزع وقيل: تتابعت عليه الشدائد.
قال الجمل في مخطوطته ( معجم وتفسير لغوي ) أي انضمت إحداهما إلى الأخرى ملتوية حولها. وهذا كناية عن شدة الكرب. وقيل: التفت ساقة عند نزول الموت به، فماتت رجلاه وقد كان جوالا عليهما.
انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وسيأتي مزيد بحث عند تعرضنا لتأويل سورة القيامة ( إن شاء الله ).
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
03/06/1438 - 01/03/2017, 11:51 am
0
*(تفسير غريب ومعاني القرآن).*
قوله تعالى
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا
النبأ: (17).
*قولهإن يوم الفصل
:* يوم القضاء، والحُكم بين الخلائق؛ فيأخذ فيه من بعضهم لبعض، ويفصل فيه في كل أمر تنازع فيه الخلق.
قال القرطبي في تفسيره: وسمييومالفصللأنالله تعالى يفصل فيه بين خلقه.
قال أبو حيان في البحر المحيط: هويومالقيامة يفصل فيه بين الحق والباطل.
قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره:إنيوميفصل الله فيه بين خلقه، فيأخذ فيه من بعضهم لبعض، كانميقاتالماأنفذ الله لهؤلاء المكذبين بالبعث، ولضربائهم من الخلق.
قالابن الجوزي زاد المسير: أي يومالقضاء بين الخلائق.
قال ابن أبي زمنين في تفسيره:إنيومالفصل
القضاء.
قلت( عبدالرحيم ): في الآية إشارة إلى ما جاء في سورة هود ( ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ . وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ ): قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: يعني وما نؤخر يوم القيامة إلا لأجل موقوت.
قال الطبري: وما نؤخّر يوم القيامة عنكم أن نجيئكم به إلا لأن يُقْضَى، فقضى له أجلا فعدّه وأحصَاه، فلا يأتي إلا لأجله ذلك، لا يتقدم مجيئه قبل ذلك ولا يتأخر.
قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: إلى حين معلوم.
وكذا فيها إشارة إلى قولهالحاقَّةُ. مَا الحاقَّةُ. وَما أَدراكَ مَا الحاقَّةُ
: فكما أن من أسماء القيامة
يوم الفصل
لأنه يفصل فيه بين الخلائق، فكذا من أسماءه " الحاقة " لأن فيها حواق ما اختلف فيه في الدنيا؛ فهي تحق الحق، وتبطل الباطل، وتحق الجنة لأهلها، وتحق النار لأهلها.
قال ابن قتيبة في غريب القرآن:الحاقَّةُ
: القيامة؛ لأنها حَقّتْ. فهي حاقة وحقة.
قال الفراء: "إنماقيل لها حاقة: لأن فيهاحواقالأمور، والثواب. و "الحقة": حقيقة الأمر. يقال: لماعرفت الحقة مني هربت. وهي مثلالحاقة".
انتهى.
*قولهكان ميقاتا
:* وقتا، وموعدا محددا، معلوما لدينا، كائنا لا محالة؛ لا يتقدم ولا يتأخر، وهو يوم القيامة.
قال الزركشي في البرهان في علوم القرآن: أي موعدا لجزائكم لو اعتبرتم بما ذكر لكم لعلمتم منه وقوعه وكونه.
قال أبو حيان في البحر المحيط: (كان ميقاتا): أي في تقدير الله وحكمه تؤقت به الدنيا وتنتهي عنده أو حدا للخلائق ينتهون إليه.
قال السمعاني في تفسيره: أي ميعادا للخلائق، وهو يومالقيامة.
قال القرطبي في تفسيره، والجلال المحلي في الجلالين، والإيجي الشافعي في جامع البيان: " ميقاتا ": وقتا.
زاد القرطبي: ومجمعا وميعادا للأولين والآخرين، لما وعد الله من الجزاء والثواب.
وزاد الجلال: للثواب والعقاب.
وزاد الإيجي: محدودًا تنتهي الدنيا عنده، أو تنتهي الخلائق إليه.
قال ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: مفعالا، من الوقت.
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والمعنى : أن ليس تأخر وقوعه دَالاَّ على انتفاء حصوله. والمعنى : ليس تكذيبكم به مما يحملنا على تغيير إبانة المحدد له ولكن الله مستدرجكم مدة.وفي هذا إنذار لهم بأنه لا يُدرَى لعله يحصل قريباً قال تعالى:لا تأتيكم إلا بغتة
[ الأعراف : 187 ] وقال:
قل عسى أن يَكون قريباً
[ الإسراء : 51 ].
انتهى.
قال الراغب الأصفهاني في المفردات: والمِيقَاتُ: الوقتُ المضروبُ للشيء، والوعد الذي جعل له وَقْتٌ.
قلت (عبدالرحيم) ومنه قوله تعالىإِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ
: أي: إن يوم فصل الله بين خلقهوقتلجميع الخلق يجتمعون فيه للفصل بينهم.
قاله مكي بن حموش القيسي في الهداية إلى بلوغ النهاية.
قالالنسفي في مدارك التنزيل، وأبو السعود في تفسيره: وقتموعدهم كلهم.
إلا أن أبا السعود قال: أجمعين.
قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: أيوقتجمع الخلائق للحكم بينهم الذي ضرب لهم في الأزل وأنزلت به الكتب على ألسنة الرسل.
وقال مقاتل بن سليمان في تفسيره، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن الجوزي في زاد المسير، وغيرهم: يعني ميعادهم أجمعين.
ومنهوَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ
: لِمِيقَاتِنَا ": أي للميقات الذي وقتناه له.
قاله النحاس في معاني القرآن.
قال الألوسي في روح المعاني: أي لوقتنا الذي وقتناه أي لتمام الأربعين.
ومنهإِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً
:أي: فرضا مفروضا في أوقات معلومة.
قاله غلام ثعلب في ياقوتة الصراط.
قال الجصاص في أحكام القرآن: أي فرضا في أوقات معلومة لها.
قال ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: أي محدود الأوقات.
قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: أي موقتا وقته الله عليهم.
ومنهوَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ
: من الوقت.
قاله النحاس في معاني القرآن.
قال الفراء في معاني القرآن: جمعت لوقتها يوم القيامة.
قال ابن قتيبة في غريب القرآن: جمعت لوقت، وهو: يوم القيامة.
قال الأصبهاني في إعراب القرآن: قال مجاهد:
أقتتبالاجتماع لوقتها يوم القيامة، كما قال تعالى: (يوم يجمع اللهالرسل)، وقيل:أقتت: أجلت لوقت ثوابها، وقيل:أقتت: جعل لها وقت يفصل فيها القضاء بين الأمة.
ومنهإِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ
:أي: هو موقت بوقت محدد ، لا يتقدم ولا يتأخر ، ولا يزيد ولا ينقص.
قاله ابن كثير في تفسيره.
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والميقات: هنا لمعنى الوقت والأجل.
قال الألوسي في روح المعاني: والميقاتماوقتبه الشيء أي حد، ومنه مواقيت الإحرام وهي الحدود التي لا يتجاوزها من يريد دخول مكة إلا محرما.
انتهى.
*(فائدة):*
قال الراغب في المفردات: وقد يقال المِيقَاتُ للمكان الذي يجعل وَقْتاً للشيء، كمِيقَاتِ الحجّ.
*(فائدة):*
من أهل العلم من احتج بهذه الآية على أن المراد بقوله تعالى في مطلع السورة ﴿عَمَّ يَتَساءَلونَ . عَنِ النَّبَإِ العَظيمِ﴾ قالوا " النبأ العظيم ": هو البعث.
قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: والذي يدل عليه قوله: (إن يوم الفصل كان ميقاتا) يدل على أنهم كانوا يتساءلون عن البعث.
انتهى كلامه.
وقد سبق بيانه - بحمد الله -.
....................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
05/06/1438 - 03/03/2017, 01:41 pm
0
قوله تعالى
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا
النبأ: (18).
*قولهيَوْمَ
:* تقديره: اذكر. ويصح أن يكون الخطاب للجمع، بدليل السياق ( فتأتون )، ولم يقل: فيأتون. فيكون المعنى: اذكروا، أو اتقوا يومَ.
وخصه جماعة من أهل العلم؛ قال الألوسي في روح المعاني: و (يوم) منصوب بفعل مضمر خوطب به نبينا؛ أياذكريوم.
*قولهيُنْفَخُ
:* والفاعل ملك من ملائكة الله
؛ وهو إسرافيل -
-.
وفي الحديث مرفوعا: " كيف أنعم وقد التقمصاحبالقرنالقرنوحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر
أن ينفخ، فينفخ..." (1)
*قولهفِي الصُّورِ
:* الصور: القرن (البوق)، الذي ينفخ فيه الملك، وهو الناقور الذي ورد ذكره في المدثر ( فإذا نقر في الناقور) أي نفخ في الصور.
ونظيرتها قوله تعالى ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ): يخرجون من قبورهم بسرعة، والجدث القبر، والجمع أجداث.
وقوله (وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ): قال ابن كثير في تفسيره: والصحيح أن المراد بالصور: "القرن" الذيينفخفيه إسرافيل،.
قالالنسفي في مدارك التنزيل:فىالصور
:فيالقرن. وهو اخيار الطبري في تفسيره.
قال البخاري في صحيحه: وقال ابن عباس:الناقور
: «الصور».
انتهى كلامه.
قلت (عبدالرحيم): والله أعلم بكنهه. فنؤمن به من غير كيف إلا بما صح من وصفه؛ وهذا شأن الغيبيات؛ لا خوض فيها إلا بنص. ولا ريب أن شأنه عظيم؛ يسمع الخلائق، ويصعقهم إلا من شاء الله،
ففي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمرو؛ وفيه: ثم ينفخ في الصور، فلا يسمعه أحد إلا أصغى (2) لِيتًا ورفع لِيتًا ، قال: وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله، قال: فيصعق، ويصعق الناس...): " يلوط حوضه ": يعني يطينه، ويصلحه.
ومعنى " ليتا": الليت بكسر اللام: صفحة العنق، يعني جانب العنق، وصفحة كل شيء جانبه.
قال البخاري في كتاب التفسير من صحيحه: باب نفخالصور: قال مجاهد: «الصوركهيئة البوق».
وهذه إشارة عابرة في ذكر " الصور" ولعل الله يمكني أن أبسط الحديث عنه؛ في موطن آخر.
انتهى.
*قولهفَتَأْتُونَ
:* أيها الناس فرادى كما خلقكم؛ حفاة عراة غرلا (غير مختونين)، لم ينقص من أجسادكم شيئا بعدما بليت، وغابت في الأرض.
وأتى بالفاء للدلالة على سرعة الإتيان، والقيام من القبور،
ففيه إشارة إلى قوله (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ) مُهْطِعِينَ: أي مسرعين إلى داعي الله؛ وذلك يوم القيامة.
فيكون المعنى (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُون) أي فتستجيبوا مسرعين.
*قولهأَفْوَاجًا
:* جمع، والمفرد: فوج. والمعنى: زمرا، وجماعات.
ولا إشكال بين وصف الله لهم بكونهم جماعات، وبين ما جاء ذكره في قوله تعالى ( وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا): فهم يأتون جماعات؛ لكن لا يغني فرد عن غيره شيئا، فلا ينفعهم جمعهم كما كان ينفع في الدنيا، أو يقال: يميتهم فرادى، ويبعثهم الله من قبورهم فرادى يوم القيامة، ثم يحشرون جماعات.
قال الطبري في تفسيره: يقول:فيجيئون زمرا زمرا، وجماعة جماعة.
قال البغوي في تفسيره: زمرا زمرا؛ من كل مكان للحساب.
قال البخاري في كتاب التفسير من صحيحه: بابيوم ينفخ فيالصورفتأتون أفواجا
: زمرا.
انتهى كلامه.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: جماعات؛ فى تفرقة.
وقال السمرقندي في بحر العلوم: أَفْواجاً يعني: جماعة جماعة.
قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط: أي: جماعات، واحدها: فوج.
وقالابن أبي زمنين في تفسيره: أمة أمة.
قال النسفي في مدارك التنزيل: أي جماعات مختلفة أو أمما؛ كل أمة مع رسولها.
قلت ( عبدالرحيم ): قوله (أفواجا): أي جماعات. ومنه قوله تعالى ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ): أي من كل أمة(فوجا) جماعة فهم (يوزعون) يساقون إلى النار.
قال الطبري في تفسيره، والسمرقندي في بحر العلوم، والواحدي في الوجيز:(فوجا): يعني جماعة.
زاد الطبري: منهم، وزمرة.
ومنه (هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ): فَوْجٌ: جماعة.
قاله السمرقندي في البحر، والبغوي في تفسيره، والواحدي في الوجيز، وغيرهم.
قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: الفوججماعةمن الناس، والمقتحم الداخل في زحام وشدة، وهذامن كلام خزنة النار خاطبوا به رؤساء الكفار الذين دخلوا النار أولا، ثم دخل بعدهم أتباعهم وهو الفوجالمشار إليه.
ومنه ( تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ): فَوْجٌ: أي جماعة من الكفار.
قاله القرطبي في تفسيره، وابن جزي الغرناطي في التسهيل، وغيرهم.
قال ابن الجوزي في زاد المسير، والواحدي في الوسيط، والجلال المحلي في الجلالين: جماعةمنهم.
وهو قول الطبري، والبغوي في تفسيره.
قالالبقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: أيجماعةهم في غاية الإسراع موجفين مضطربي الأجواف من شدة السوق.
قال الخطيب الشربيني في السراج المنير: والمراد هنا بالفوججماعةمنالكفار.
ومنه ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ . وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ): أَفْوَاجًا: جماعات؛ وقد وقع ذلك، وأقر عين نبيه نصر، وانتشاره؛ ففي هذه الآيات نعي أجل رسول الله؛ فقبيل وفاته دخل الناس جماعات في دين الله؛ فالحمد الله الذي أعز دينه وأهله. وجزى الله نبينا عنا خيرا - صلوات الله وسلامه عليه -.
قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: (أفواجا): جماعات، وذلك أنه أسلم بعد فتح مكة بشر كثير.
قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ومعنى: (أفواجا) جماعاتكثيرة.
وبه قال النسفي.
زاد الزجاج: أي بعد أن كانوا
يدخلونواحدا واحدا. واثنين اثنين، صارت القبيلة تدخل بأسرهافيالإسلام.
قال القرطبي في تفسيره: (أفواجا)أيجماعات: فوجا بعد فوج. وذلك لما فتحت مكة قالت العرب: أما إذا ظفر محمد بأهل الحرم، وقد كاناللهأجارهم من أصحاب الفيل، فليس لكم به يدان. فكانوا يسلمونأفواجا: أمة أمة. قال الضحاك: والأمة: أربعون رجلا.
لطيفة:
قلت (عبدالرحيم): فكما أن الخلائق يأتون جماعات لفصل القضاء، فكذلك يدخلون مسترقهم جماعات؛ فأهل النار يدخلونها أمة أمة، جماعة جماعة؛ (جماعات)، كما قال تعالى ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى ): زمرا: أي جماعات.
وقال تعالى ( قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا )، فهم يدخلون النار ، ويتساقطون فيها جماعات. - أعاذنا الله منها -.
وكذا أهل النعيم يدخلون الجنة جماعات ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ): زُمَرًا: أي جماعات. وشتان (3) بين الفريقين.
انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
....................
(1): رواه الترمذي (3243) وغيره من حديث أبي سعيد الخدري، وصححه الألباني في الصحيحة (1079).
(2): والإصغاء: الإمالة، وصغت النجوم: مالت للغروب.
قاله الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين.
(3): شتَّانَما بينهما : أَي بعُد وعظُم الفرقُ بينهما.
كذا في المعجم الوسيط.
..................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
06/06/1438 - 04/03/2017, 04:07 pm
0
قوله تعالى
﴿وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَت أَبوابًا﴾ [النبأ: 19].
*قولهوفُتِحَتِ
:* بتشديد التَّاء، وتخفيفها.
أفاده السمرقندي في بحر العلوم، والبغوي في تفسيره، والزمخشري في الكشاف، والجلال المحلي في الجلالين، وغيرهم جمع.
ومعنىفُتِحَتِ
: شُقِّقت (تشققت)، وانفرجت، وانفطرت؛ والمعنى واحد.
وذكرها اللهبصيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع، حتى وكأنه حدث بالفعل؛ لأن ما أخبر الله به حق كائن لا محالة، ( ومن أصدق من الله قيلا)،
ونظير ذلك في القرآن كثير؛ كما في قوله ( وألقت ما فيها وتخلت ): أي أخرجت الأرض ما فيها من الموتى، والكنوز، وتخلت منهم ليحشروا إلى ربهم؛ أي خلت مما كان في بطنها، وجوفها؛ ولم يأت بعد. وقوله (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ): ولم يأت بعد. وقوله (وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ)، وقد سبق ذكره مفصلا - بحمد الله- .
قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: أي تشققت.
قال الواحدي في الوجيز: شُقِّقت.
قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: يعني وفرجت السماء، يعني وفتقت السماء فتقطعت فكانت أبوابا.
قال القشيري في لطائف الإشارات: أي: تشقّقت وانفطرت.
قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: وشققت السماء فصدّعت، فكانت طُرقا، وكانت من قبل شدادا لا فطور فيها ولا صدوع.
قال الزمخشري في الكشاف: وقرئ: وفتحت، بالتشديد والتخفيف. والمعنى: كثرة أبوابها المفتحة لنزول الملائكة، كأنها ليست إلا أبوابا مفتحة، كقوله وفجرنا الأرض عيونا كأن كلها عيون تتفجر. وقيل: الأبواب الطرق والمسالك، أى. تكشط فينفتح مكانها وتصير طرقا لا يسدها شيء فكانت سرابا كقوله فكانت هباء منبثا يعنى أنها تصير شيئا كلا شيء، لتفرق أجزائها وانبثات جواهرها.
قلت (عبدالرحيم) : وفيه مسألتان:
الأولى: قوله (وَفُتِحَتِ السَّماءُ): تقديره: واذكروا، واتقوا يوم تتشقق السماء؛ عطف على ما سبق في قوله (يَومَ يُنفَخُ فِي الصّورِ فَتَأتونَ أَفواجًا).
فيكون المعنى: واذكروا يوم ينفخ في الصور، ويوم تتشقق السماء.
الثانية: فإن قلت ما فائدة أن تشقق السماء، وقد أعيت من نظر إليها في الدنيا، ليرقب فيها خللا؛ فكانت لا فطور فيها ولاصدوع؟.
قلت: وذلك لأمور؛ منها: لنزول الملائكة؛ كما قال تعالى ( وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا ): أي عن الغمام لتنزل الملائكة؛ يقال: رميت عن القوس: أي رميت بالقوس.
ومنها: تتشقق لهول القيامة؛ كما قال (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ )، وقوله حاكيا عما يكون يوم القيامة (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ . وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ . وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ . وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ): فلا منافاة بين كونها تنشق لنزول الملائكة، وبين انشقاقها لهول المطلع.
قال ابن كثير في تفسيره: وفتحت السماء فكانت أبوابا أي طرقا ومسالك لنزول الملائكة.
قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى: (وفتحت السماء فكانت أبوابا) أي لنزول الملائكة، كما قال تعالى: ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا.
قال الواحدي في الوسيط: وفتحت السماء لنزول الملائكة، فكانت أبوابا أي: ذات أبواب.
قال البغوي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، والخطيب الشربيني في السراج المنير، وغيرهم: أي شقت لنزول الملائكة.
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وفتح السماء: انشقاقها بنزول الملائكة من بعض السماوات التي هي مقرهم نزولا يحضرون به لتنفيذ أمر الجزاء كما قال تعالى: ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا الملك يومئذ الحق للرحمن [الفرقان: 25، 26] .
قال الألوسي في روح المعاني: وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج أنه قال ذلك قوله تعالى: وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً [النبأ: ١٩] ولا منافاة بينهما وكذا لا منافاة بين كون الانشقاق لنزول الملائكة وكونه لهول يوم القيامة لأن الأمر قد يكون له علل شتى مثل هذه العلل.
قلت: ( عبدالرحيم ): قوله تعالى (وَفُتِحَتِ السَّماءُ ): أي تشققت السماء، وقد جاء وصف تفتحها، وتفطرها باكثر من لفظ وإن كان المعنى واحد للتفخيم والتعظيم؛ كما جاء في أسماء القيامة، فهي الحاقة، والواقعة، والراجفة، والآزفة، والطامة، والصاخة،
فأخبر الله عن تشقشق السماء في غير ما لفظ؛ كما في قوله (إذا السماء انفطرت): انشقَّتْ، وتصدعت. يقال انفطر ناب البعير إذا شق اللحم وخرج، ويقال انفطرت الزجاجة إي: تصدعت.
ومنه قوله تعالى (وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ): أي: ذات الشق بالنبات.
قاله غلام ثعلب في ياقوتة الصراط.
فقوله تعالى (إذا السماء انفطرت): انفطرت: انشقت.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وأبو حيان في تحفة الأريب، وغيره جمع.
وقوله (إذا السماء انشقت): يقول تعالى ذكره: إذا السماء تصدّعت وتقطَّعت فكانت أبوابًا.
قاله الطبري في تفسيره.
وقوله (وإذا السماء فرجت): معناه شقت.
قاله الزجاج في معاني وإعراب القرآن.
وقال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: أي انشقت.
وقالابن قتيبة في غريب القرآن: أي فتحت.
قال الفراء في معاني القرآن: وقوله عزَّ وجلَّ: وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً.
مثل: «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ» «وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ» معناه واحد، والله أعلم. بذلك جاء التفسير.
انتهى كلامه.
*قولهالسَّماءُ
:* يعني أبوابها.
والمعنى وفتحت أبواب السماء.
قال الواحدي في البسيط: والآية من باب حذف المضاف؛ لأن التقدير: وكانت ذات أبواب.
قال ابن ابي زمنين في تفسيره:وانشقت السماء فهي يومئذ واهية
كقوله:
وفتحت السماء فكانت أبوابا
يعني: تشققها، والواهية: الضعيفة ليست في الشدة كما كانت.
*قولهفَكانَت
:* فصارت؛ يعني السماء.
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وكانت
بمعنى : صارت. ومعنى الصيرورة من معاني( كَان )وأخواتها الأربع وهي : ظَلَّ ، وبَاتَ ، وأَمسى وأَصبح ، وقرينة ذلك أنه مفرّع على
فتحت
.
وقال الإيجي الشافعي في جامع البيان: فصارت.
*قولهأَبوابًا
:* أي كثرت أبوابها المفتح لنزول الملائكة نزولا غير معتاد حتى صارت كأنها ليست إلا أبوابا مفتحة.
قاله أبو السعود في تفسيره.
قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: أي كثيرة جدا لكثرة الشقوق الكبيرة بحيث صارت كأنها لا حقيقة لها إلا الأبواب.
قال الجلال المحلي في الجلالين: ذات أبواب.
قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم النزيل: فصارت من كثرة الشقوق كأن الكل أبواب أو فصارت ذات أبواب.
قال أبو حيان في البحر المحيط: أي كثرت أبوابها لنزول الملائكة، كأنها ليست إلا أبوابا مفتحة، كقوله: وفجرنا الأرض عيونا ، كأن كلها عيون تنفجر.
قال البغوي في تفسيره: أي ذات أبواب. وقيل: تنحل، وتتناثر حتى تصير فيها أبواب وطرق.
انتهى، والحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات.
.....................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
08/06/1438 - 06/03/2017, 11:01 am
0
قوله تعالى
وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا
النبأ: (20).
*قولهوَسُيِّرَتِ
:* حركت عن أماكنها. والتسيير: التحريك، ونقل الشيء عن مكانه.
والفاعل هو الله - جل ذكره -؛ فالذي أثبتها في الدنيا، وجعلها رواسي وقارا للأرض؛ هو وحده الذي يسيرها، يحركها، ولقوله ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ): بَارِزَةً: أي ظاهرة؛ ليس عليها شيء.
و نظيرتها قوله ( وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ): صارت سرابا.
قاله الزجاج في معاني وإعراب القرآن.
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: التسيير: جعل الشيء سائرا، أي ماشيا. وأطلق هنا على النقل من المكان أي نقلت الجبال وقلعت من مقارها بسرعة...
قال ابن كثير في تفسيره: أي زالت عن أماكنها ونسفت، فتركت الأرض قاعا صفصفا.
قال البغوي في تفسيره: على وجه الأرض فصارت هباء منبثا.
قال الطبري: سيرها الله فكانت سرابا، وهباء منبثا
وقوله (وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا): قال ابن قتيبة في غريب القرآن: عن وجه الأرض.
*قولهالْجِبَالُ
:* عن أماكنها، عن وجه الأرض؛ يعني قلعت، واجتثت (استؤصلت) من الأرض.
فقولهوسيرت الجبال
: يعني عن أماكنها. قاله الواحدي في البسيط، وابن الجوزي في زاد المسير، وغيرهم.
وبه قال السمرقندي في بحر العلوم.
إلا أن السمرقندي قال: يعني: قلعت من أماكنها.
قال الجلال المحلي في الجلالين: ذُهِبَ بها عن
أماكنها.
قال البغوي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل: عن وجه الأرض.
قال شهاب الدين الشافعيّ ثم الحنفي في غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني: في الهواء تمرُّ مرَّ السحاب.
قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: في الهواء كالهباء.
قال أبو السعود في تفسيره: أي في الجو على هيآتها بعد قلعها من مقارها كما يعرب عنه قوله تعالى (وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب) أي تراها رأي العين ساكنة في أماكنها والحال أنها تمر مر السحاب الذي يسيره الرياح سيرا حثيثا.
*قولهفَكَانَتْ
:* فصارت.
أفاده السمرقندي في بحر العلوم، وأبو السعود في تفسيره، والألوسي في روح المعاني، وغيرهم.
قلت (عبدالرحيم): قوله تعالىفَكَانَتْ
: فصارت بذلك التسيير.
ومنه قوله تعالى ( فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ): (فَكَانَتْ) : قال الواحدي في البسيط: معناه:فصارت، وإذا كان بمعنى صار حسن دخول (كان) عليه، مثل قولك: كان زيد كان مريضا، بمعنى كان صار مريضا، فالأول للمضي ، أي: كان ذلك فيما مضى، والثاني للمصير إليه.
قال النسفي في مدارك التنزيل: فصارتكلون الورد الأحمر.
قالمقاتل بن سليمان في تفسيره:فكانت
يعنيفصارتمن الخوفوردةكالدهان شبه لونها في التغير والتلون بدهان الورد الصافي.
*قولهسَرَابًا
:* يعني في ذهابها، وعدمها كالسراب؛ وذلك يوم القيامة.
قال الجمل في مخطوطته: أيفصارتبعد تسييرها لا حقيقة لها.
قلت (عبدالرحيم): والمعنى: تصير الجبال التي كانت شيئا عظيما في الدنيا، ويضرب بها الأمثال، كما في قوله (ولن تبلغ الجبال طولا)، وقوله عن السفن (في البحر كالأعلام) : في البحر كالجبال، والعلم: الجبل؛ هي الآن (يوم القيامة) ليست بشيء.
وقد كانت من قبل مثبتة، راسية؛ كما في قوله (وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ): قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: (نصبت): مرساة مثبتة لا تزول.
انتهى كلامه.
والسراب ما يظهر من الشمس في الفلوات مما يشبه الماء وليس بماء، والسراب يعبر به عن العدم؛ الذي لا شيء؛ لأن الظمئان يخيل إليه السراب أنه ماء، فإذا جاءه لم يجده شيئا؛ فكذلك تصبح الجبال في هذا اليوم مثل السراب؛ لا شيء.
وليس معناه أن الجبال تشبه الماء وقتئذ، وقد نبه على هذا ابن عطية، وغيره؛ حيث قال في المحرر الوجيز: وقوله تعالى: (فَكانَتْ سَراباً) عبارة عن تلاشيها وفنائها بعد كونها هباء منبثا، ولم يرد أن الجبال تعود تشبه الماء على بعد من الناظر إليها.
قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل:وسيرت الجبال
أي حملت فكانت سرابا عبارة عن تلاشيها وفنائها والسراب في اللغة: ما يظهر على البعد أنه ماء، وليس ذلك المراد هنا وإنما هو تشبيه في أنه لا شيء.
انتهى كلامه.
ونظير ذلك أن الكفار يجدون أعمالهم في الآخرة عدما؛ قال تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا) كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ: أي كماء بقاع، والباء بمعنى في؛ والقيعة والقاع واحد؛ كما قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن الهائم في التبيان. انتهى.
قال الواحدي في البسيط:فكانت سرابا
: أي هباء منبثا لعين الناظر، كالسراب بعد شدتها وصلابتها.
قال الراغب الأصفهاني في المفردات: السّراب فيما لا حقيقة له.
قال القرطبي: أي لا شيء كما أن السراب كذلك: يظنه الرائي ماء وليس بماء.
قال السمرقندي في البحر:فكانت سرابا
يعني: فصارت كالسراب، تسير في الهواء كالسراب في الدنيا.
قال ابن الجوزي في زاد المسير: فكانت سرابا أي: كالسراب، لأنها تصير هباء منثورا فيراها الناظر كالسراب بعد شدتها وصلابتها.
قال السمعاني في تفسيره: أي: هباء منبثا، وقيل: هو يصير كالسراب ترى أنه شيء وليس بشيء.
قال البغوي: أي هباء منبثا لعين الناظر كالسراب.
قال الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن: نسفت بعد ثبوتها.
قال ابن أبي زمنين في تفسيره:وسيرت الجبال فكانت سرابا
مثل هذا السراب تراه، ليس بشيء.
قلت ( عبدالرحيم ): فإن قلت: كيف تسير وقد قال تعالى ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا)؟.
قلت: للجبال أحوال؛ حال في الدنيا، وأحوال في الآخرة:
أما عن الدنيا:
فقد جعلها الله أوتادا، ورواسي ليثبت بها الأرض، إلى غير ذلك مما هو معلوم من منافعها؛ كما قال تعالى (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا): أَوْتَادًا: تثبتبهاالأرضكماتثبتالخيام بالأوتاد والاسفهام للتقرير.
قاله الجلال المحلي في الجلالين.
وقال تعالى (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ): رَوَاسِيَ: جبالا ثوابت.
قاله ابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب.
وقوله (أن تميد): قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز: أن لا تميل بكم.
وقال ابن الجوزي في تذكرة الأريب (تميد): تتحرك.
وقال أبو حيان في تحفته: تحرك وتميل.
وقال تعالى (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ).
والآيات كثيرة. فهذا حالها في الدنيا.
وأما عن الآخرة: فهي على هذا النحو:
- أول أحوالها: الدك: وهو أن تكسر، وتسوى بالأرض كما في قوله (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً): وَحُمِلَتِ: أي رفعت.
قاله الجلال المحلي في الجلالين.
وقوله (فدكتا): استوت بالأرض.
قال الراغب الأصفهاني في المفردات: وأرض دكاء: مسواة.
وقال الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن: (فدكتا): دقتا، وكسرتا.
- ثم تصبح كثيبا أهيل؛ وذلك قوله (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا): أي رملا سائلا.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن.
قال ابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب: (كثيبا) رملا والمهيل: الذي يتحرك أسفله فينهال أعلاه.
- ثم تصبح كالعهن: أي الصوف المنتشر.
كما في قوله (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ): فالمنفوش: المنتشر. قال الراغب الأصفهاني في المفردات: النفش: نشر الصوف.
وقال أيضا: ونفش الغنم انتشارها. انتهى
- ثم تصير كالهباء المنبث؛ المنتشر في الهواء. كما في قوله (فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا): والهباء: الغبار الذي تراه شعاع الشمس.
والمنبث: المتفرق.
قال الراغب في المفردات: أصل البث: التفريق وإثارة الشيء، كبث الريح التراب. انتهى
- ثم تنسف نسفا، ينسفها الجبار - جل وعز -.
كما قال (وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ): نُسِفَتْ: تطايرت، وتناثرت. قاله الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن.
وقال (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا): يَنْسِفُهَا: يطيرها، فيستأصلها.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن.
قال الطبري: يذريها ربي تذرية، ويطيرها بقلعها، واستئصالها من أصولها...
- ثم ترفع عن الأرض؛ فتراها تسير سير السحاب؛أي تتحرك تحرك السحاب؛ كما في قوله ( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ): قال ابن كثير في تفسيره: أي تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه ، وهي تمر مر السحاب: أي تزول عن أماكنها.
انتهى
- ثم تصبح بعد ذلك كله كالسراب؛ أي كالعدم لا شيء، لا حقيقة لها.
وهذا معنى قوله ( وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا) وراجع إن شئت التفسير الكبير للرازي، وفتح القدير للشوكاني - رحمهما الله -.
قال الطبري في تفسيره: وقوله ( وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا) يقول: ونُسفت الجبال فاجتثت من أصولها، فصيرت هباء منبثا، لعين الناظر، كالسراب الذي يظنّ من يراه من بُعد ماء، وهو في الحقيقة هباء.
قال أبو السعود في تفسيره: أي فصارت بعد تسييرها مثل السراب كقوله تعالى وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا أي غبارا منتشرا وهي وان اندكت وانصدعت عند النفخة الأولى لكن تسييرها وتسوية الأرض إنما يكونان بعد النفخة الثانية كما نطق به قوله تعالى ويسألونك عن الجبال فقل ينفسها ربى نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا يومئذ يتبعون الداعي وقوله تعالى يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا الله الواحد القهار فإن اتباع الداعي الذي هو إسرافيلوبروز الخلق لله تعالى لا يكون إلا بعد النفخة الثانية.
انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
..............
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
10/06/1438 - 08/03/2017, 04:14 pm
0
قوله تعالى
﴿لِلطّاغينَ مَآبًا﴾ [النبأ: 22].
*قوله (لِلطّاغينَ):* للكافرين.
والطغيان: تجاوز الحد.
فالمشركون قد تجاوزوا الحد بكفرهم بالله. لأن حد المخلوق أن يعبد من خلقه، ولا يشرك به شيئا؛ فإذا أشرك معه غيره فقد تجاوز ما حد الله له.
فقوله (لِلطّاغين): للكافرين.
قاله الواحدي في الوجيز، والبغوي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، وغيرهم.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: «الطاغون» : الكافرون.
وقال ابن أبي زمنين في تفسيره: للمشركين.
قال القرطبي في تفسيره: والمراد بالطاغين من طغى في دينه بالكفر، أو في دنياه بالظلم.
قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى): ما تجاوز بصره ما أمره الله أن ينظر؛ فقد نظر إلى ما أمر به، ولم يجاوزه. وهذا في معراج النبي.
قال ابن قتيبة في غريب القرآن:وماطغى
:مازاد ولا جاوز.
ومنه (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى): كلا: يعني حقا. أي إنه يطغى؛ يتجاوز الحد.
قالالطبري في تفسيره: أي يتجاوز حده.
وقال في موطن آخر من تفسيره: يقول: إن الإنسان ليتجاوز حده، ويستكبر على ربه، فيكفر به، لأن رأى نفسه استغنت.
ومنه (فَأَمَّا مَنْ طَغَى وآثر الحياة الدنيا): قال ابن عطية في المحرر: طغىمعناه:تجاوزالحدود التي ينبغي للإنسان أن يقف عندها بأن كفر وآثر الحياة الدنيا على الآخرة لتكذيبه بالآخرة.
ومنه (هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ): لِلطَّاغِينَ: المتجاوزين للحد في الكفر والمعاصي.
قاله السعدي في تفسيره.
ومنه (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى): أشد طغيانا أي أشد تجاوزا للحد من غيرهم؛ لأنهم كفروا بعد أن دعاهم ألف سنة إلا خمسين، وهم وأول قوم كفروا برسول، وهو نوح، وليس لهم سلف في ذلك.
ومنه (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى): تجاوز الحد في ادعاء أنه إله.
قال ابن زمنين في تفسيره: (إِنَّهُ طَغَى): كفر.
ومنه (قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى): أي يتجاوز الحد فيما لا ينبغي له أن يفعله فينا.
قال الخطيب الشربيني في السراج المنير: أي: يتجاوز الحد في الإساءة علينا.
ومنه (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ): لما تجاوز الماء الحد فأغرق؛ حملنا آباءكم في السفينة.
قال الراغب الأصفهاني في تفسيره: أيتجاوزالحد الذي كان عليه من قبل.
أي:تجاوزحده حتى علا على كل شيء في زمن نوح.
ومنه (كذبت ثمود بطغواها): قال الطبري: يقول: كذبت ثمود بطغيانها، يعني: بعذابها الذي وعدهموه صالح، فكان ذلك العذاب طاغياطغىعليهم، كما قال جل ثناؤه: (فأماثمود فأهلكوا بالطاغية).
انتهى
*قوله (مَآبًا):* مرجعا.
قال السمرقندي في بحر العلوم، والبغوي في تفسيره: مرجعا، يرجعون إليها.
قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: إن جهنم للذين طغوا في الدنيا، فتجاوزوا حدود الله استكبارا على ربهم كانت منزلا ومرجعا يرجعون إليه، ومصيرا يصيرون إليه يسكنونه.
قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: ومعنى (مآبا) إليها يرجعون.
وقال السمعاني في تفسيره: أي: منقلبا، يقال: آب إلى مكان كذا أي: رجع وانقلب.
قال ابن عطية في المحرر، والقرطبي في تفسيره: و «المآب» : المرجع.
زاد القرطبي: أي مرجعا يرجعون إليها، يقال: آب يئوب أوبة: إذا رجع.
قال ابن كثير في تفسيره: أي مرجعا ومنقلبا ومصيرا ونزلا.
قلت (عبدالرحيم) ومنه قوله تعالى (ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا): مَآَبًا: قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أي مرجعا إلى الله بالعمل الصالح؛ كأنه إذا عمل خيرا رده إلى الله، وإذا عمل شرا باعده منه.
ومنه (وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ): أَوِّبِي: رجعيبالتسبيح.
قاله نجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن.
ومنه (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا): لِلْأَوَّابِينَ: الرجاعينإلى طاعته.
قاله الجلال السيوطي في الجلالين.
قال أبو السعود في تفسيره: أيالرجاعينإليه تعالى عما فرط منهم مما لا يكاد يخلو عنه البشر.
ومنه (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ): أواب: كثير الرجوع إلى ربه.
ومنه (وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ): يقول:كلذلكلهمطيعرجاعإلى طاعته وأمره. ويعني بالكل:كلالطير.
قاله الطبري في تفسيره.
ومنه (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ): رجاعإلى الطاعة عن المعاصي.
قاله البغوي في تفسيره.
....................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
13/06/1438 - 11/03/2017, 11:03 am
0
قوله تعالى
﴿جَزاءً وِفاقًا (26) إِنَّهُم كانوا لا يَرجونَ حِسابًا (27)﴾: [النبأ].
*قوله (جَزاءً):* ثوابا.
*قوله (وِفاقًا):* مطابقا، وموافقا لأعمالهم؛ وافق الجزاء العمل.
والمعنى إن ما حل بهم من أشكال العذاب جزاء وفاقا؛ يعني ثوابا موافقا لأعمالهم الخبيثة.
قال السمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ: (وِفاقًا): الوفاق: المطابقة وعدم المنافرة. ومنه: وافقت الرجل: إذا لم تخالفه. والاتفاق افتعال منه، وهو موافقة فعل الإنسان القدر.
قال الراغب الأصفهاني في المفردات: الوِفْقُ: المطابقة بين الشيئين.
قال الماوردي في النكت والعيون: وهو جمع وفق، قال أهل التأويل: وافق سوءُ الجزاءسوءَ العمل.
قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: أي جُوزُوا وِفْق أعمالهم.
قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: (وفاقا): أي جزاء موافقا لسوء أعمالهم.
قال الفراء في معاني القرآن (وِفاقًا): وفقا لأعمالهم.
قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أيوفاقالأعمالهم.
قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: أي ثوابا وفقا، هذا وفق هذا أي مثله.
قال السمرقندي في بحر العلوم: أي موافقا لشركهم.
قال التستري في تفسيره: وافق عذاب النار الشرك لأنهما عظيمان، فلا عذاب أعظم من الشرك.
قال أبو حيان في البحر المحيط: وفاقا: وصف الجزاءبالمصدر لوافق، أو على حذف مضاف، أي ذا وفاق. وقال الفراء: هو جمع وفق.
*قوله (إِنَّهُم):* يعني الكافرين الذين عذبوا بأصناف العذاب؛ الذي سلف ذكره.
قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: هذا العقاب الذي عُوقِب به هؤلاء الكفار في الآخرة فعلَه بهم ربهمجزاء، يعني: ثوابا لهم على أفعالهم وأقوالهم الرديئة التي كانوا يعملونها في الدنيا، وهو مصدر من قول القائل: وافق هذا العقاب هذا العلموِفاقا.
*قوله (كانوا):* في الدنيا.
*قوله (لا يَرجونَ):* لا يخافون.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن أبي زمنين في تفسيره، وغيرهم، كما سيأتي.
قلت (عبدالرحيم): والرجاء ها هنا بمعنى الخوف. ومنه قوله تعالى ومنه (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا): (يَرْجُوا): يخاف. بلغة هذيل.
قاله ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن.
ومنه (إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ):لَا يَرْجُون: لا يخافون.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن.
ومنه (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا):لاتخافون.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، ومكي في تفسير المشكل من غريب القرآن.
زاد أبو عبيدة: لله وقارا.
وزاد ابن قتيبة، ومكي: لله عظمة.
انتهى، وقد سبق ذكره مفصلا بحمد الله.
*قوله (حِسابًا):* محاسبة.
والمعنى كانوا لا يخافون بعثا وما فيه من حساب، ونظيرتها قوله تعالى (بل كانوا لا يرجون نشورا): أي لا يخافون بعثا.
قال الواحدي في الوجيزإنهم كانوا لا يرجون حساباً
لا يخافون أن يحاسبهم الله.
قال السمرقندي في البحر: البعث بعد الموت.
قال البغوي في تفسيره: لا يخافون أن يحاسبوا، والمعنى: أنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث.
قال ابن أبي زمنين في تفسيره: لَا يقرون بالْبَعث.
قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: يعني أنهم كانوا لا يخافون من العذاب أن يحاسبوا بأعمالهم الخبيثة إذا عملوها.
قال الطبري: يقول تعالى ذكره: إن هؤلاء الكفار كانوا في الدنيا لا يخافون محاسبة الله إياهم في الآخرة على نعمه عليهم، وإحسانه إليهم، وسوء شكرهم له على ذلك.
نكتة:
قوله تعالى (إنهم كانوا لا يرجون حسابا): قال الألوسي في روح المعاني: تعليللاستحقاق العذاب المذكور أيكانوالايخافونأن يحاسبوا بأعمالهم".
قلت (عبدالرحيم): وكأن الله يقول: ما نكلنا بهم من أنواع العذاب الذي تنوعت أوصافه، وأشكاله إلا بجريرتهم؛ من الطغيان، وعدم خوفهم حساب يوم البعث.
ففيه إشارة إلى نفي الظلم عن الله لتمام عدله؛
ونظيرتها قوله تعالى (إِنَّ المُجرِمينَ في عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدونَ. لا يُفَتَّرُ عَنهُم وَهُم فيهِ مُبلِسونَ. وَما ظَلَمناهُم وَلكِن كانوا هُمُ الظّالِمينَ): والشاهد قوله ( وَما ظَلَمناهُم وَلكِن كانوا هُمُ الظّالِمين)،
ومثله في التنزيل كثير؛ بعد أن يذكر الله كيفية عذابهم - العظيم الشديد الكبير -، يذكر سبب العذاب؛ من كفر وإجرام.
إذ قد يلقي الشيطان في قلب العبد شيئا (لما كل هذا العذاب العظيم).
وفيه: أنه ينبغي للعبد إذا فعل ما يستعظم فعله في النفوس، وكانت الحاجة تقتضيه فليذكر الحامل له عليه.
وتدبر هذه الآيات ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقّومِ . طَعامُ الأَثيمِ . كَالمُهلِ يَغلي فِي البُطونِ . كَغَليِ الحَميمِ . خُذوهُ فَاعتِلوهُ إِلى سَواءِ الجَحيمِ . ثُمَّ صُبّوا فَوقَ رَأسِهِ مِن عَذابِ الحَميمِ . ذُق إِنَّكَ أَنتَ العَزيزُ الكَريمُ . إِنَّ هذا ما كُنتُم بِهِ تَمتَرونَ﴾
والشاهد بعد أن ذكر أصنافا من العذاب ذكر سببه (إِنَّ هذا ما كُنتُم بِهِ تَمتَرون): أي إن هذا العذاب بسبب كفركم، وإجرامكم؛ الباعث عليه الامتراء؛ يعني الشك؛ ولو أنهم أيقنوا أن ثم بعث لما كفروا، وطغوا، وبغوا.
........................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
13/06/1438 - 11/03/2017, 11:08 am
0
قوله تعالى
﴿جَزاءً وِفاقًا (26) إِنَّهُم كانوا لا يَرجونَ حِسابًا (27)﴾: [النبأ].
*قوله (جَزاءً):* ثوابا.
*قوله (وِفاقًا):* مطابقا، وموافقا لأعمالهم؛ وافق الجزاء العمل.
والمعنى إن ما حل بهم من أشكال العذاب جزاء وفاقا؛ يعني ثوابا موافقا لأعمالهم الخبيثة.
قال السمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ: (وِفاقًا): الوفاق: المطابقة وعدم المنافرة. ومنه: وافقت الرجل: إذا لم تخالفه. والاتفاق افتعال منه، وهو موافقة فعل الإنسان القدر.
قال الراغب الأصفهاني في المفردات: الوِفْقُ: المطابقة بين الشيئين.
قال الماوردي في النكت والعيون: وهو جمع وفق، قال أهل التأويل: وافق سوءُ الجزاءسوءَ العمل.
قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: أي جُوزُوا وِفْق أعمالهم.
قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: (وفاقا): أي جزاء موافقا لسوء أعمالهم.
قال الفراء في معاني القرآن (وِفاقًا): وفقا لأعمالهم.
قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أيوفاقالأعمالهم.
قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: أي ثوابا وفقا، هذا وفق هذا أي مثله.
قال السمرقندي في بحر العلوم: أي موافقا لشركهم.
قال التستري في تفسيره: وافق عذاب النار الشرك لأنهما عظيمان، فلا عذاب أعظم من الشرك.
قال أبو حيان في البحر المحيط: وفاقا: وصف الجزاءبالمصدر لوافق، أو على حذف مضاف، أي ذا وفاق. وقال الفراء: هو جمع وفق.
*قوله (إِنَّهُم):* يعني الكافرين الذين عذبوا بأصناف العذاب؛ الذي سلف ذكره.
قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: هذا العقاب الذي عُوقِب به هؤلاء الكفار في الآخرة فعلَه بهم ربهمجزاء، يعني: ثوابا لهم على أفعالهم وأقوالهم الرديئة التي كانوا يعملونها في الدنيا، وهو مصدر من قول القائل: وافق هذا العقاب هذا العلموِفاقا.
*قوله (كانوا):* في الدنيا.
*قوله (لا يَرجونَ):* لا يخافون.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن أبي زمنين في تفسيره، وغيرهم، كما سيأتي.
قلت (عبدالرحيم): والرجاء ها هنا بمعنى الخوف. ومنه قوله تعالى ومنه (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا): (يَرْجُوا): يخاف. بلغة هذيل.
قاله ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن.
ومنه (إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ):لَا يَرْجُون: لا يخافون.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن.
ومنه (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا):لاتخافون.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، ومكي في تفسير المشكل من غريب القرآن.
زاد أبو عبيدة: لله وقارا.
وزاد ابن قتيبة، ومكي: لله عظمة.
انتهى، وقد سبق ذكره مفصلا بحمد الله.
*قوله (حِسابًا):* محاسبة.
والمعنى كانوا لا يخافون بعثا وما فيه من حساب، ونظيرتها قوله تعالى (بل كانوا لا يرجون نشورا): أي لا يخافون بعثا.
قال الواحدي في الوجيزإنهم كانوا لا يرجون حساباً
لا يخافون أن يحاسبهم الله.
قال السمرقندي في البحر: البعث بعد الموت.
قال البغوي في تفسيره: لا يخافون أن يحاسبوا، والمعنى: أنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث.
قال ابن أبي زمنين في تفسيره: لَا يقرون بالْبَعث.
قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: يعني أنهم كانوا لا يخافون من العذاب أن يحاسبوا بأعمالهم الخبيثة إذا عملوها.
قال الطبري: يقول تعالى ذكره: إن هؤلاء الكفار كانوا في الدنيا لا يخافون محاسبة الله إياهم في الآخرة على نعمه عليهم، وإحسانه إليهم، وسوء شكرهم له على ذلك.
نكتة:
قوله تعالى (إنهم كانوا لا يرجون حسابا): قال الألوسي في روح المعاني: تعليللاستحقاق العذاب المذكور أيكانوالايخافونأن يحاسبوا بأعمالهم".
قلت (عبدالرحيم): وكأن الله يقول: ما نكلنا بهم من أنواع العذاب الذي تنوعت أوصافه، وأشكاله إلا بجريرتهم؛ من الطغيان، وعدم خوفهم حساب يوم البعث.
ففيه إشارة إلى نفي الظلم عن الله لتمام عدله؛
ونظيرتها قوله تعالى (إِنَّ المُجرِمينَ في عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدونَ. لا يُفَتَّرُ عَنهُم وَهُم فيهِ مُبلِسونَ. وَما ظَلَمناهُم وَلكِن كانوا هُمُ الظّالِمينَ): والشاهد قوله ( وَما ظَلَمناهُم وَلكِن كانوا هُمُ الظّالِمين)،
ومثله في التنزيل كثير؛ بعد أن يذكر الله كيفية عذابهم - العظيم الشديد الكبير -، يذكر سبب العذاب؛ من كفر وإجرام.
إذ قد يلقي الشيطان في قلب العبد شيئا (لما كل هذا العذاب العظيم).
وفيه: أنه ينبغي للعبد إذا فعل ما يستعظم فعله في النفوس، وكانت الحاجة تقتضيه فليذكر الحامل له عليه.
وتدبر هذه الآيات ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقّومِ . طَعامُ الأَثيمِ . كَالمُهلِ يَغلي فِي البُطونِ . كَغَليِ الحَميمِ . خُذوهُ فَاعتِلوهُ إِلى سَواءِ الجَحيمِ . ثُمَّ صُبّوا فَوقَ رَأسِهِ مِن عَذابِ الحَميمِ . ذُق إِنَّكَ أَنتَ العَزيزُ الكَريمُ . إِنَّ هذا ما كُنتُم بِهِ تَمتَرونَ﴾
والشاهد بعد أن ذكر أصنافا من العذاب ذكر سببه (إِنَّ هذا ما كُنتُم بِهِ تَمتَرون): أي إن هذا العذاب بسبب كفركم، وإجرامكم؛ الباعث عليه الامتراء؛ يعني الشك؛ ولو أنهم أيقنوا أن ثم بعث لما كفروا، وطغوا، وبغوا.
........................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبد المجيد فراح
16/06/1438 - 14/03/2017, 09:35 am
0
أحسن الله إليكم هل من مصادر ومراجع في منهج الثعالبي في تفسيره المسمى بالجواهر الحسان والذهب الإبريز في غريب القرآن ، وأقصد منهجه في غريب القرآن.
تاريخ التسجيل:
ذو الحجة 1435
التخصص: لغة و دراسات قرآ
ماستر
الجزائر
104
15
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
17/06/1438 - 15/03/2017, 03:44 pm
0
قوله تعالى
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا
: النبأ (31).
*قولهإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ
:* الذين جعلوا بينهم وبين عذاب الله وقاية؛ بامتثال الأمر، واجتناب النهي.
وأصل التقوى: من الوقاية؛ كمن يتخذ القُمص، والثياب ليتقي بها البرد، ومنه قوله (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرََّ): سَرَابِيلَ: مفردها سربال؛ يعني القمص، والثياب.
والمعنى: وجعل لكم قمصا تقيكم الحر والبرد. فاكتفى بالحر دون البرد لدلالة السياق عليه.
وكمن ينتعل؛ ليتقي الأذى.
ومنه ما حكاه الله عن أهل النار؛ (أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ): لما غلت أيدهم اتقوا النار بوجوههم؛ بخلاف الحال في الدنيا؛ فإن الإنسان يتقي النار بيده ليحفظ وجهه.
أما أهل النار، فقد غلت أيديهم إلى أعناقهم لِ(تلفح وجوههم النار). انتهى.
*قولهمَفَازًا
:* نجاةً من النار، وظفرا بالجنة.
فإذا زحزح العبد عن النار ونجى منها، ودخل الجنة فقد فاز وظفر.
وأصل المَفَازَةُ: الصحراء، أو الأرض القفر؛ أي الخالية من العشب والماء والناس. يقال قطع مفازة: يعني قطع مكانا محلا للهلاك. (1).
فسميت الصحراء، والأرض القفر مفازة: تفاؤلا للفوز منها؛ أي النجاة. فإذا تجاوزها فقد فاز؛ أي ظفر بالنجاة من هلاكها.
ومنه قوله تعالىلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ
: قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أي بمنجاة ومنه يقال: فاز فلان أي نجى. انتهى.
تنبيه:
أعظم ما يفوز به أهل الجنة؛ النظر إلى وجه الله الكريم، فهي زيادة على فوزهم بالجنة (للذين احسنوا الحسنى وزيادة).
ولقد آثرت التنبيه على هذا لأن من أهل البدع من ينكرها، ويُعَرِّضُ بأن الفوز المطلق هو مجرد النجاة من النار، ودخول الجنة؛ هاجرا ما تواترت به السنة الصحيحة في إثبات رؤية المؤمنين ربهم في الجنة.
وهذه عقيدة أهل السنة -- وقد ذكرتها بالأدلة فيما سلف بحمد الله.
انتهى.
قال الكفوي في الكليات: وأصل المفازة: الصحراء، وإنما هي مهلكة ولكن تفاءلوا لها بالفوز وأصلها مفوزة أخذت من الفوز فاستثقلوا الواو فحولوها ألفا.
قال ابن سيده في المحكم والمحيط الاعظم: الفوز: النجاء والظفر بالأمنية والخير: فاز به فوزا ومفازا ومفازة.
قال البَندنيجي في التقفية في اللغة: والمفاز: الظفر بما تحب.
قال النسفي في مدارك التنزيل:إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً
مفعل من الفوز يصلح مصدراً أي نجاة من كل مكروه وظفراً بكل محبوب ويصلح للمكان وهو الجنة ثم أبدل مه بدل البعض من الكل.
قال الطبري: القول في تأويل قوله تعالى:إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا
: يقول: إن للمتقين مَنجَى من النار إلى الجنة، ومخلصا منها لهم إليها، وظفرا بما طلبوا. انتهى.
قال السمرقندي : يعني: نجاة من النار إلى الجنة.
قال ابن أبي زمنين: نجاة مما أعد للكافرين.
قال الواحدي في الوجيز: فوزاً بالجنَّة ونجاةً من النَّار.
قال السمعاني، والبغوي في تفسيره، والراغب الأصفهاني في المفردات: أي فوزا.
زاد البغوي: ونجاة من النار.
وزاد الراغب في المفردات: أي: مكان فوز.
قال الزمخشري في الكشاف: كأنه قال: جازى المتقين بمفاز.
قال أبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: من الفوز وهو الظفر.
قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: أي ظفرا بما يريدون. ويقال: فاز بالأمر، إذا ظفر به.
قال ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: أي بمنجاة، مفعلة من الفوز، يقال: فاز فلان: نجا والفوز: الظّفر.
قال ابن قتيبة في غريب القرآن، وغيره: موضع الفوز.
وتعقب؛ قال ابن سيده في المحكم والمحيط الأعظم: انما أراد موجبات مفاز، ولا يجوز أن يكون المفاز هنا اسم الموضع.
وقال السمن الحلبي في عمدة: يجوز أن يكون مصدرًا وأن يكون مكانًا أي موضع فوزٍ.
قال الكفوي في الكليات، والسيوطي في الاتقان: متنزها.
قال مقاتل بن سليمان: ثم ذكر المؤمنين فقال: إن للمتقين مفازا يعني النجاة من ذلك العذاب الذي سماه للطاغين.
قال أبو السعود: شروع في بيان محاسن أحوال المؤمنين إثر بيان سوء أحوال الكفرة أي إن للذين يتقون الكفر وسائر قبائح أعمال الكفرة فوزا وظفرا بمباغيهم أو موضع فوز وقيل نجاة مما فيه أولئك أو موضع نجاة.
قال القاسمي: ولما ذكر وعيد الكفار، تأثره بوعد الأبرار، بقوله سبحانه إن للمتقين مفازا أي فوزا بالنعيم. ونجاة من النار، التي هي مآب الطاغين.
لطيفة:
المفاز: الفوز والظفر بالمرغوب، والنجاة من المرهوب.
وقد جمع الله بين هذين الوصفين بقوله ( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ).
فليس الشأن أن يدخل العبد الجنة فحسب؛ إنما الشأن أن ينجو من النار قبل دخولها؛ لأن منهم من سيدخلها بسابقة عذاب.
لذا كان من تمام المنة على بني إسرائيل لما نجاهم أهلك عدوهم؛ لتتم النعمة، فقد يلاحقهم في وقت آخر، فلا يحصل الأمن.
روى البخاري في صحيحه ( 3397 ) من حديث ابن عباس؛ وفيه: لما قدم المدينة، وجدهم يصومون يوما، يعني عاشوراء، فقالوا: هذا يوم عظيم، وهو يوم نجى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون.
والشاهد قوله (نجى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون).
انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
.................
(1): ومن ذلك ما أثر من مناقب خالد قطع المفازة من حد العراق إلى أول الشام في خمس ليال في عسكر معه. كما في سير أعلام النبلاء.
................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
18/06/1438 - 16/03/2017, 07:42 am
0
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
تاريخ التسجيل:
ذو الحجة 1435
التخصص: لغة و دراسات قرآ
ماستر
الجزائر
104
15
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
18/06/1438 - 16/03/2017, 09:38 pm
0
قوله تعالى
حَدائِقَ وَأَعنابًا (32) وَكَواعِبَ أَترابًا (33)
:[النبأ].
*قولهحَدَائِقَ
:* مفردها: حديقة؛ وهي البستان ذات الشجر المثمر؛ فإن وجد الشجر خلا الثمر، ولم تسور بالحيطان لا تسمى حديقة.
وسميت بذلك: لأنها حدقت بالحيطان.
قال نافع ابن الأزرق في مسائله لابن عباس --: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: حَدائِقَ وَأَعْناباً.
قال: الحدائق: البساتين.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
بلاد سقاها الله أمّا سهولها ... فقضب ودر مغدق وحدائق.
قال الفراء في معاني القرآن: يقال: حديقة لكل بستان عليه حائط. فما لم يكن عليه حائط لم يقل له: حديقة.
قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين: والحديقة: أرض ذات شجر مثمر.
قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: حدائق يعني البساتين قد حدقت حواليها الحيطان.
قال الزمخشري في الكشاف: والحدائق: البساتين فيها أنواع الشجر المثمر.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: البساتين التي عليها حلق وجداران وحظائر.
قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: لهم حدائق في الجنة، والحدائق ما أحيط بالجدار، وفيه من النخيل والثمار.
وقال ابن أبي زمنين في تفسيره:حدائق
جنات.
قال الطبري في تفسيره: وقوله: (حدائق) والحدائق: ترجمة وبيان عن المفاز، وجاز أن يترجم عنه، لأن المفاز مصدر من قول القائل: فاز فلان بهذا الشيء، إذا طلبه فظفر به، فكأنه قيل: إن للمتقين ظفرا بما طلبوا من حدائق وأعناب.
والحدائق: جمع حديقة، وهي البساتين من النخل والأعناب والأشجار المحوط عليها الحيطان المحدقة بها، لإحداق الحيطان بها تسمى الحديقة حديقة، فإن لم تكن الحيطان بها محدقة، لم يقل لها حديقة، وإحداقها بها: اشتمالها عليها.
قال القرطبي في تفسيره:حدائق
، جمع حديقة، وهي البستان المحوط عليه، يقال أحدق به: أي أحاط.
قال ابن كثير في تفسيره: وهي البساتين من النخيل وغيرها.
قال الزبيدي في تاج العروس: الحديقة: البستان عليه الحائط، وخص بعضهم من النخل والشجر الملتف، وهو قول ابن دريد والزجاج، وخص بعضهم الشجر بالمثمر، وقال بعضهم: بل هي الجنة من نخل وعنب.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالىوَحَدَائِقَ غُلْبًا
: حدائق نخل.
قال أبو بكر السجستاني: بساتين نخل غلاظ الأعناق.
قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: حدائق واحدتها حديقة، وهي البساتين، والشجر الملتف.
وذكر عبدالله بن حسنون السامري في اللغات؛ في قوله تعالىوَحَدَائِقَ غُلْبًا
حدائق يعني بساتين، والغلب المتلفة بلغة قريش وقيس عيلان.
ومنهفَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا
: «فأنبتنا به حدائق»: أي جنانا من جنان الدنيا واحدتها حديقة.
قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن.
انتهى.
*قولهوَأَعْنَابًا
:* تقديره وشجر أعناب.
قال الطبري في تفسيرهحَدائِقَ وَأَعنابًا
: يعني: وكروم أعناب، واستغنى بذكر الأعناب عن ذكر الكروم. (1).
قال السمرقندي في البحر: يعني: كروما.
قال مجير الدين العليمي في اللباب في علوم الكتاب: والتنكير في قوله تعالى:وأعنابا
يدل على تعظيم تلك الأعناب.
قال ابن أبي زمنين في تفسيره: (حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا): أي فيها أعناب.
قال القرطبي في تفسيره: والأعناب: جمع عنب، أي كروم أعناب، فحذف.
قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: (حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا): بساتين فيها أنواع الأشجار المثمرة، سيما العنب، بدل اشتمال، أو بعضٍ من مفازًا.
قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: أي بساتين فيها أنواع الأشجار ذوات الثمار والرياحين لتجمع مع لذة المطعم لذة البصر والشم، قد أحدقت بها الجدران وحوطت بها.
انتهى.
*قولهوَكَوَاعِبَ
:* تقديره: وحوراً كواعب. مفردها: كاعب.
والكاعب: التي نتأ ثديها، أي بدأ في الظهور. وهو بيان، وتأكيد على صغر سنهن، وشبابهن. وليس وصفا لحجم الثدي كما يتوهم البعض.
وثم شبهة حول قوله (كواعب) لا يسع المقام لذكرها؛ وهي داحضة. لأن القرآن لم يتعرض لتحديد الحجم، أو كونه متدليا أم لا؛ سوى أنه أخبر عن صغرهن بمجرد خروج الثدي.
سيما ومن أهل العلم من قال( كواعب): عذارى. كما وصفهن بقوله ( فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا).
قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: وكواعب يعني النساء الكاعبة يعنيعذارى.
وحكاه الماوردي في النكت والعيون عن الضحاك، وغيره.
قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: وكواعبجمع كاعب وهي الجارية التي خرج ثديها.
وقال الزجاج في معانيه: (وكواعبأترابا) أي أسنانهن واحدة، وهن في غاية الشباب.
وقال ابن أبي زمنين في تفسيره:وكواعبأترابا
على سن واحدة بنات ثلاث وثلاثين سنة.
قال الزمخشري في أساس اللغة: وتكعبثديها:نتأكالكعب. وكعبت كبتها: جعلت لها حروفا كالكعوب. والجارية بكعبتها: بعذرتها.
قال ابن الجوزي في أخبار النساء: والمرأة طفلةٌ ما دامت صغيرةً؛ ثمّ وليدةٌ إذا تحرّكت؛ ثمّ كاعبٌ إذا كعب ثديها؛ ثمّ ناهدٌ إذا زاد؛ ثمّ معصرٌ إذا أدركت؛ ثمّ خودٌ إذا توسّطت الشّباب.
قال أبو موسى الأصبهاني المديني في المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث: أي نساء كعب ثديهن؛ يعنى نتأ.
قال ابن قتيبة في غريب القرآن: نساء قد كعبت ثديهن.
قال الراغب الأصفهاني في المفردات: وامرأة كاعب: تكعب ثدياها، وقد كعبت كعابة، والجمع كواعب، قال:وكواعب أترابا
، وقد يقال: كعب الثدي كعبا، وكعب تكعيبا.
وقال الطبري: نواهد.
قال السمعاني في تفسيره: الكواعب: هي النواهد، يقال: جارية كاعب أي خرج ثديها مثل الكعب وهي ناهد.
قال القرطبي: كواعب: جمع كاعب وهي الناهد، يقال: كعبت الجارية تكعب كعوبا، وكعبت تكعب تكعيبا، ونهدت تنهد نهودا.
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والكواعب : جمع كاعِب ، وهي الجارية التي بلغت سن خمس عشرة سنة ونحوها . ووصفت بكاعب لأنها تكَعَّب ثديُها ، أي صار كالكعب ، أي استدار ونتأ ، يقال : كَعَبَتْ من باب قَعَد ، ويقال : كَعَّبت بتشديد العين ، ولما كان كاعب وصفاً خاصاً بالمرأة لم تلحقه هاء التأنيث وجمع على فواعل .
انتهى
*قولهأَتْرَابًا
:* مفردها تِرْب بكسر التاء وسكون الراء.
ومعنى " أَتْرَابًا ": في سن واحدة، وفي حالة واحدة؛ من الصفاء والإخاء؛ كي لا يقع منهن ما يقع من نساء الدنيا.
حتى قيل لو كان منهن ولادة لكانت ولادتهن في آن واحد.
قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: أي على سن واحد من مس جلد واحد التراب قبل الأخرى، بل لو كن مولودات لكانت ولادتهن في آن واحد.
قال القرطبي: والأتراب: الأقران في السن.
قال الزجاج في معانيه: أي أسنانهن وَاحِدة، وهن في غاية الشباب والحُسْنِ.
قال الطبري في تفسيره، وابن عطية في المحرر: في سن واحدة.
إلا أن ابن عطية قال: " على سن واحدة ".
وهو قال ابن قتيبة في غريب القرآن.
قال السمرقندي في البحر: مستويات في الميلاد والسن.
قال ابن أبي زمنين في تفسيره: على سن واحدة بنات ثلاث وثلاثين سنة.
قال الواحدي في الوسيط، والبغوي في تفسيره: مستويات في السن.
قال البغوي في تفسيره: مستويات في السن.
قال ابن كثير في تفسيره:كواعب
نواهد، يعنون أن ثديهن نواهد لم يتدلين لأنهن أبكار عرب أتراب، أي: في سن واحدة.
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والأتراب : جمع تِرب بكسر فسكون : هو المساوي غيره في السِنّ ، وأكثر ما يطلق على الإناث . قيل : هو مشتق من التراب فقيل لأنه حينَ يولد يقع على التراب مِثل الآخر ، أو لأن التِرْب ينشأ مع لِدَته في سنّ الصِّبا يلعب بالتراب .
وقيل : مشتق من الترائب تشبيهاً في التساوي بالترائب وهي ضلوع الصدر فإنها متساوية.
لطيفة:
*قولهحَدائِقَ وَأَعنابًا
:* ثم أمران:
الأول: الأعناب من جملة الحدائق؛ فخصت لما سيأتي ذكره.
الثاني: المراد بالأعناب شجرها؛ وإذا وجدت الشجرة وجدت الثمرة؛ وهذا من صفات الحديقة كما سلف.
وإنما نبه على وجود الشجر والثمرة لتكمل اللذة؛ فأهل الجنة يطعمون العنب من أصل شجرها؛ مع كونها سهلة المأخذ (قطوفها دانية): قريبة سهلة.
وليس كالحال في الدنيا؛ وأين الثرى من الثريا.
كما أنهم يطعمونه من غير جني؛ إن شاءوا.
وخص العنب مع كونه من جملة الحدائق لكونه مشتهىً للنفوس، ولحسن منظره؛ فهو بهيج يبهج الناظر. فجمع بين حسن المنظر ولذة الطعم.
وقد جاء ذكر العنب في آيات كثيرة؛ من ذلك قوله (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا)،
(أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ)،
(وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ)،
(وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ)،
(يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ)،
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا)
(وَعِنَبًا وَقَضْبًا)،
(فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ)،
(وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ).
انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
...............
(1): كروم: مفردها: كرم؛ بفتح الكاف بعدها سكون. ويطلق على شجر العنب ذاته، ويطلق على الثمرة نفسها، ويطلق على الخمر من العنب. وقد جاء النهي عن تسمية العنب كرما؛ كما عند مسلم (2247) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَقُولُوا كَرْمٌ فَإِنَّ الْكَرْمَ، قَلْبُ الْمُؤْمِنِ».
وفي لفظ لمسلم ( 2247 ) من حديث أبي هريرة مرفوعا ««لَا تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ، فَإِنَّ الْكَرْمَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ».
قال النووي في شرحه لمسلم: قال العلماء سبب كراهة ذلك أن لفظة الكرم كانت العرب تطلقها على شجر العنب وعلى العنب وعلى الخمر المتخذة من العنب سموها كرما لكونها متخذة منه ولأنها تحمل على الكرم والسخاء فكره الشرع اطلاق هذه اللفظة على العنب وشجره لأنهم إذا سمعوا اللفظة ربما تذكروا بها الخمر وهيجت نفوسهم إليها فوقعوا فيها أو قاربوا ذلك وقال إنما يستحق هذا الاسم الرجل المسلم أو قلب المؤمن لأن الكرم مشتق من الكرم بفتح الراء وقد قال الله تعالى إن أكرمكم عند الله أتقاكم فسمي قلب المؤمن كرما لما فيه من الإيمان والهدى والنور والتقوى والصفات المستحقة لهذا الاسم وكذلك الرجل المسلم قال أهل اللغة يقال رجل كرم بإسكان الراء وامرأة كرم ورجلان كرم ورجال كرم وامرأتان كرم ونسوة كرم كله بفتح الراء واسكانها بمعنى كريم وكريمان وكرام وكريمات وصف بالمصدر كضيف وعدل والله أعلم.
انتهى
................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك ( واتساب ) - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
21/06/1438 - 19/03/2017, 12:35 am
0
قوله تعالى
وَكَأْسًا دِهَاقًا
النبأ: 34
*قوله ( وَكَأْسًا ):* من خمر.
وقد جاء وصفها في قوله(يُطافُ عَلَيهِم بِكَأسٍ مِن مَعينٍ . بَيضاءَ لَذَّةٍ لِلشّارِبينَ . لا فيها غَولٌ وَلا هُم عَنها يُنزَفونَ): معين: عيون من خمر تجري على وجه الأرض. بيضاء: أشد بياضا من اللبن. غول: لا تغتال عقولهم فتذهب بها. ينزفون: يسكرون، وأنزف الشارب: يعني: ذهب عقله من السكر.
ونعتها في قوله (لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ): لا يصدعون: لا يصابون بصداع الرأس؛ كما كان الحال في الدنيا من شرب المسكر. (1).
وكل كأس في القرآن فهو خمر.
حكاه الزمخشري في الكشاف، والفخر الرازي في التفسير الكبير، والنسفي في مدارك التنزيل عن الأخفش.ورواه الطبري عن الضحاك بن مزاحم.
وإذا خلا الإناء، والقدح من الشراب فلا يسمى كأسا.
قال العسكري في معرفة أسماء الأشياء: فأما قدح الشرابفهو قدح ما دام فارغا. فإذا كان فيهشرابفهوكأس، والجمع كؤوس.
قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: الكأس كل إناء فيه شراب فهو كأس، فإذا لم يكن فيه شراب. فليس بكأس.
قال ابن منظور في لسان العرب: والكأس: الزجاجة ما دام فيهاشراب.
قال السمرقندي في بحر العلوم: كل إناء فيه شراب فهو كأس، فإذا لم يكن فيه شراب فليس بكأس، كما يقال للمائدة إذا كان عليها طعام مائدة، وإذا لم يكن فيها طعام خوان.
قال القرطبي في تفسيره: والكأسعند أهل اللغة اسم شامل لكل إناء مع شرابه، فإن كان فارغا فليس بكأس. قال الضحاك والسدي:كلكأسفي القرآنفهيالخمر، والعرب تقول للإناء إذا كان فيهخمركأس، فإذا لم يكن فيهخمرقالوا إناء وقدح.
قال ابن فارس في مجمل اللغة: الكأس: الإناء بما فيه منشراب.
قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: والمراد بالكأس الخمر.
انتهى.
*قوله ( دِهَاقًا ):* يعني: ملأى؛ بلغة هذيل.
ذكره عبدالله بن حسنون السامري في اللغات في القرآن، وابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن.
وقال الكفوي في الكليات: ملآن.
قال ابن السكيت في كتاب الألفاظ: ويقال: أدهقت الكأس، إذا ملأتها.
قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: وأدهقت الماء، أي أفرغته إفراغا شديدا.
قال الألوسي في روح المعاني: يقال: دهق فلان الحوض وأدهقه أي: ملأه.
قال ابن فارس في مجمل اللغة: (دهق)الدال والهاء والقاف يدل على امتلاء في مجيء وذهاب واضطراب. يقال أدهقت الكأس: ملأتها.
قال نافع بن الأزرق في مسائله لابن عباس: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله: وكأسادهاقا.
قال: الكأس: الخمر. والدهاق: الملآن.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
أتانا عامر يرجو قرانا...فأترعنا له كأسادهاقا.
انتهى
فقوله ( دِهَاقًا ): أي ملأى.
قاله ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل، وأبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب، ومكي في الهداية إلى بلوغ النهاية، والسمين الحلبي في الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، وابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن.
وقال الجرجاني في درج الدرر في تفسير الآي والسور، والبقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، وابن أبي زمنين في تفسيره، والواحدي في الوجيز: ممتلئة.
وقال التستري في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل: أي مملوءة.
زاد التستري: متتابعة.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: «الدهاق» : المترعة(1) فيما قال الجمهور.
قال مكي: ملأى من الخمر مترعة.
قال الزجاج في معانيه: ومعنى دهاقا مليء، وجاء في التفسير أيضا أنها صافية.
قال الرازي في التفسير الكبير: التقدير. وخمرا ذات دهاق، أي عصرت وصفيت بالدهاق.
المعنى الإجمالي للآية:
يقول: وكأسا ملأى متتابعة على شاربيها بكثرة وامتلاء، وأصله من الدهق: وهو متابعة الضغط على الإنسان بشدة وعنف، وكذلك الكأس الدهاق: متابعتها على شاربيها بكثرة وامتلاء.
قاله أبو جعفر الطبري في تفسيره.
..............
(1):قال الطبري في تفسيره: فنزه الله خمر الآخرة عن الآفات التي في خمر الدنيا ، من صداع الرأس ووجع البطن - وهو الغول - وذهابها بالعقل جملة.
(2): قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: [ترع] حوضٌ تَرَعٌ بالتحريك، وكوزٌ ترع، أي ممتلئ.
وقد ترع الإناء بالكسر، يَتْرَعٌ تَرَعاً، أي امتلأ. وأَتْرَعْتُهُ أنا، وجَفْنَةٌ مُتْرَعَةٌ.
قال ابن فارس في مجمل اللغة: وأترعتُ الإناء: ملأته، وجفنة مترعة.
قال ابن سيده في المحكم والمحيط الأعظم: وأدهَق الكأس: ملأها.
وفي المعجم الوسيط: (الدهاق) يُقَال كأس دهاق مترعة ممتلئة ومتتابعة على شاربيها وصافية وَمَاء دهاق كثير.
...........................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
23/06/1438 - 21/03/2017, 12:59 pm
0
قوله تعالى
﴿جَزاءً مِن رَبِّكَ عَطاءً حِسابًا﴾
[النبأ: 36].
*قولهجَزاءً
:* مفعول مطلق.
قاله الدعاس في إعراب القرآن.
قال ابن أبي زمنين في تفسيره: منصوب بمعنى: جزاهم جزاءا.
قال النسفي في مدارك التنزيل: مصدر أي جزاهم جزاء.
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والجزاء: إعطاء شيء عوضاً على عمل . ويجوز أن يجعل الجزاء على أصل معناه المصدري وينتصب على المفعول المطلق الآتي بدلاً من فعللٍ مقدر . والتقدير : جزيْنا المتقين.
قلت (عبدالرحيم): قولهجَزاءً
: يعني ثوابا على تقواهم؛ فما زال الحديث عن المتقين.
والجزاء: الثواب؛ والعكس. وهو في التنزيل كثير؛ وإن كان أحدهما أخص من الآخر.
فمما جاء في الثواب ومعناه الجزاء؛ قوله تعالى (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ): ثُوِّبَ: جوزي.
قاله السمرقندي في بحر العلوم، وابن أبي زمنين في تفسيره، والثعلبي في الكشف والبيان، ومكي في الهداية إلى بلوغ النهاية، والسمعاني في تفسيره، والبغوي في تفسيره، وابن عطية في المحرر الوجيز، والقرطبي، وأبو حيان في البحر المحيط، والسمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ، وابن كثير في تفسيره، وابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل، وغيرهم.
زاد السمين الحلبي: وهو تهكم أيضا.
قالأبو بكر الأنباري في الزاهر في كلمات الناس: معناه: هل جزي الكفار في فعلهم وعملهم ما فعلوا. قال الشاعر :
(ألا أبلغ أبا حنش رسولا...فمالك لا تجيء إلى الثواب)معناه: إلىالجزاء.
قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: أيهلجوزوابسخريتهم بالمؤمنين في الدنيا.
قال ابن أبي زمنين في تفسيره: قوله:هلثوبالكفار
هلجوزيالكفار؟
ما كانوا يفعلون
أي: قدجوزواشر الجزاء.
قال ابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب: هلجوزواوأثيبوا على استهزائهم بالمؤمنين.
ومنهوَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُالثَّوابِ
: أي حسنالجزاءوهو الجنة.
قاله السمرقندي في البحر.
ومنهمُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَالثَّوَابُوَحَسُنَت ْ مُرْتَفَقًا
: نِعْمَالثَّوَاب: أي نعم الجزاء.
قاله البغوي في تفسيره.
وفي كتاب البسيط للواحدي:الثوابُفي الأصلمعناه: ما رجع إليك من عائدة، وحقيقته:الجزاءالعائد على صاحبه مُكَافأةً لما فعل، ومنه: التَثْويب في الأذان، إنما هو ترجيع الصَوْت، ولا يقال لصوتٍ مرةً واحدةً: تثويب، ويقال: ثوّب الداعي: إذا كرر دعاه كما قال:
إذا الداعي المُثَوّبُ قال: يالا.
والثوب مشتقّ من هذا، لأنه ثاب لباسًا بعد أن كان قُطنا أو غزلا.
ومما جاء في الجزاء، ومعناه الثواب؛
قوله تعالىثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى
: ثميثاب بسعيه ذلك الثواب الأوفى.
قاله الطبري في تفسيره.
قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: يعطىثوابه كاملا.
ومنهوَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا
:
جزآء
أي: ثوابا على إيمانه.
قاله مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية.
قال الطبري في تفسيره: جزاء يعنيثواباعلى إيمانه، وطاعته ربه.
قال الإيجي الشافعي في جامع البيان أي:فلهالمثوبةالحسنى.
وفي تفسير القرطبي: فلهالثوابجزاء الحسنى.
قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: فيسمى الجزاءثوابا تصورا أنه هو هو، ألا ترى كيف جعل الله تعالىالجزاءنفس العمل في قوله (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) ولم يقل جزاءه، والثوابيقال في الخير والشر، لكن الأكثر المتعارف في الخير، وعلى هذا قوله: (ثوابا من عند الله والله عنده حسنالثواب).
ومنهوَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا
: وأثابهم اللهبماصبروافي الدنيا على طاعته، والعملبمايرضيه عنهم جنة وحريرا.
قاله الطبري في تفسيره.
قال السمرقندي في البحر: أعطاهم الثواببماصبروافي الدنيا جنة وحريرا يعني: لباسهم فيها حرير.
ومنهإِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا
: أيالثوابالمضاعف بما عملوا.
قاله القاسمي في محاسن التأويل.
انتهى.
*قولهمِن
:*ابتدائية ، أي صادراً من لدن الله ، وذلك تنويه بكرم هذا الجزاء وعظم شأنه.
قاله الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير.
*قولهرَبِّكَ
:* قال الطبري: يعني بقوله جل ثناؤه: (جزاء من ربكعطاء) أعطى الله هؤلاء المتقين ما وصف في هذه الآيات ثوابا من ربك بأعمالهم، على طاعتهم إياه في الدنيا.
*قولهعَطاءً
:*بدلمن «جزاء» وهو اسم مصدر.
قاله السمين الحلبي في الدر المصون.
قال الطبري في تفسيره: تفضلا من الله عليهم بذلك الجزاء، وذلك أنه جزاهم بالواحد عشرا في بعض وفي بعض بالواحد سبع مئة، فهذه الزيادة وإن كانت جزاء، فعطاءمن الله.
قال السمعاني في تفسيره: وقوله:جزاء من ربكعطاء
أي: جوزوا جزاء، وأعطواعطاء.
قال الطاهر بن عاشور: ووصفُ الجزاء بعطاء وهو اسم لم يُعطَى ، أي يتفضل به بدون عوض للإِشارة إلى أن ما جوزوا به أوفرُ مما عملوه ، فكان ما ذكر للمتقين من المفاز وما فيه جزاء شكراً لهم وعطاءً كرماً من الله تعالى وكرامة لهذه الأمة إذ جعل ثوابها أضعافاً.
*قولهحِسابًا
:* كافيا.
قالهأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وأبو هلال العسكري في الوجوه والنظائر، والزجاج في معاني وإعراب القرآن، ومكي في الهداية إلى بلوغ النهاية، وابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن، والألوسي في روح المعاني، والسمعاني في تفسيره، والبغوي في تفسيره، والزمخشري في الكشاف، ونجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن، والنسفي في مدارك التنزيل، وابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل، وأبو حيان الأندلسي في البحر المحيط في التفسير، والسمين الحلبي في الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، وابن كثير في تفسيره، وسراج الدين النعماني في اللباب في علوم الكتاب، وأبو السعود في تفسيره. وحكاه الواحدي في البسيط عن أبي عبيدة معمر بن المثنى.
إلا أن النسفي قال: صفة يعني كافيا أو على حسب أعمالهم.
زاد ابن كثير: وافرا شاملا كثيرا؛ تقول العرب: "أعطاني فأحسبني" أي: كفاني. ومنه "حسبي الله"، أي: الله كافي.
زاد البغوي: وافيا.
وزاد ابنجزي: من أحسب الشيء إذا كفاه.
وزاد السجستاني: ويقال: أعطاني ما أحسبني أي ما كفاني. وقال: أصل هذا أن يعطيه حتى يقول حسبي.
وزاد الزجاج: وإنما سمي الحساب في المعاملاتحسابالأنه يعلم ما فيه كفاية
ليس فيها زيادة على المقدار ولا نقصان.
زاد الألوسي: على أنه مصدر أقيم مقام الوصف أو بولغ فيه أو هو على تقدير مضاف وهو مأخوذ من قولهم أحسبه الشيء إذا كفاه حتى قال: حسبي، وقيل على حسب أعمالهم أي مقسطا على قدرها.
قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: والحسيب عند أهل اللغة الكافي. يقال حسبه إذا كفاه، ومنهعطآءحسابا
أي: كافيا: ومنه
حسبك الله
أي: يكفيك الله.
قال الثعلبي في الكشف والبيان، والواحدي في الوجيز: أي كثيرا كافيا.
وزاد الثعلبي: وافيا.
وقال ابن قتيبة في غريب القرآن،والسمرقندي في بحر العلوم، والجلال المحلي في الجلالين: أي كثيرا.
زاد الجلال المحلي: من قولهم أعطاني فأحسبني أي أكثر علي حتى قلت حسبي.
وزاد ابن قتيبة: يقال: أعطيت فلاناعطاءحسابا؛ وأحسبت فلانا، أي أكثرت له. قال الشاعر:
ونقفي وليد الحي إن كان جائعا...ونحسبه إن كان ليس بجائع.
ونرى أصل هذا: أن يعطيه حتى يقول: حسبي.
وقال الطبري: وقوله: (حسابا) يقول: محاسبة لهم بأعمالهم لله في الدنيا.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: جمهور المفسرين واللغويين معناه: محسبا، كافيا في قولهم أحسبني هذا الأمر أي كفاني، ومنه حسبي الله.
قال الطاهر بن عاشور: وهذا الحساب مجمل هنا يبينه قوله تعالى :من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها
، وقوله :
مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل اللَّه كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة
.
وليس هذا الحساب للاحتراز عن تجاوز الحد المعيَّن ، فذلك استعمال آخر كما في قوله تعالى :إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب
ولكل آية مقامها الذي يجري عليه استعمال كلماتها فَلا تعارض بين الآيتين .
ويجوز أن يكونحساباً
اسم مصدر أحْسَبَه ، إذا أعطاه ما كفاه ، فهو بمعنى إحساباً ، فإن الكفاية يطلق عليها حَسْب بسكون السين فإنه إذا أعطاه ما كفاه قال : حسبي .
انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
..........................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
27/06/1438 - 25/03/2017, 10:59 am
0
قوله تعالى
﴿يَومَ يَقومُ الرّوحُ وَالمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمونَ إِلّا مَن أَذِنَ لَهُ الرَّحمنُ وَقالَ صَوابًا﴾ [النبأ: 38].
*قولهيَومَ
:* أي: في ذلك اليوم.
قاله الواحدي في الوسيط، والبغوي في تفسيره.
قال البيضاوي في أسرار التنزيل، والجلال المحلي في الجلالين: ظرف للايملكون.
*قولهيَقومُ الرّوحُ
:* يعني جبريل
؛ فقد سماه الله روحا في غير ما آية.
*قولهوَالمَلائِكَةُ
:* أيضا؛ يقوم الجميع.
قاله السعدي في تفسيره.
*قولهصَفًّا
:* يعني: صفوفا.
ونظيرتها قوله تعالى (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا): يعني صفوفا صفوفا.
قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: وإذا جاء ربك يا محمد وأملاكه صفوفا صفا بعد صفّ.
قالابن كثير في تفسيره: فيجيء الرب تعالى لفصل القضاء كما يشاء ، والملائكة يجيئون بين يديه صفوفا صفوفا.
انتهى كلامه.
فمعنى قوله تعالىوَالمَلائِكَةُ صَفًّا
: صفوفا.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، السمرقندي في بحر العلوم، والواحدي في الوجيز، وابن أبي زمنين في تفسيره، والقرطبي في تفسيره.
إلا أن القرطبي قال: مصدر أي يقومونصفوفا. والمصدر ينبئ عن الواحد والجمع، كالعدل والصوم.
زاد السمرقندي: يعني:كصفوف الملائكة، وأهل الدنيا في الصلاة.
قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: وإذا جاء ربك يا محمد وأملاكهصفوفاصفابعد صف.
قالسراج الدين النعماني في اللباب في علوم الكتاب:صفا
مصدر؛ أي: يقومون صفوفا، والمصدر يغني عن الواحد والجمع كالعدل، والصوم، ويقال ليوم العيد: يوم الصف.
قال الجلال المحلي في الجلالين، والخطيب الشربيني في السراج:والملائكةصفا
حال أي مصطفين.
قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ): الكلام للملائكة تصف نفسها؛ لا كما يتوهمه البعض.
وفي الحديث المرفوع: «ألاتصفونكما تصف الملائكة عند ربها؟» فقلنا يا رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: «يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف» (1).
قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل ملائكته:(وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ)لله لعبادته.
قال السمعاني في تفسيره: قوله تعالى:وإنا لنحنالصافون
أي:المصطفونفي السماء للعبادة
قال ابن كثير في تفسيره: أي نقفصفوفافي الطاعة.
ومنه (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى): صَفًّا:صفوفا.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، والفخر الرازي في التفسير الكبير، وابن الهائم في التبيان في غريب القرآن.
زاد الرازي: كقوله: يخرجكم طفلا. أي أطفالا.
قال الطبري في تفسيره: والصف هاهنا مصدر، ولذلك وحد، ومعناه: ثم ائتواصفوفا.
قالابن الجوزي في زاد المسير: أي: مصطفين مجتمعين، ليكون أنظم لأموركم، وأشد لهيبتكم.
ومنه ( وَالصَّافَّاتِ صَفًّا): يعني الملائكة
صفوفافي السماء يسبحون الله جل ثناؤه كصفوف الناس في الأرض للصلاة.
قاله أبو بكر السجستاني في غريب القرآن.
قال الطبري في تفسيره: والصافات: الملائكةصفوفافي السماء.
قال الزبيدي في تاج العروس: (الصافات صفا): هي: الملائكةالمصطفونفي السماء يسبحون ومنه قوله تعالى: وإنا لنحنالصافونوذلك أن لهم مراتب يقومون عليها صفوفا، كما
يصطف المصلون.
ومنه (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ): صَفًّا: مصطفينصفوفاكالصلاة، لأنهم إذا اصطفوا مثلا صفين كان أثبت لهم وأمنع من عدوهم.
قالهالماوردي في النكت والعيون.
ومنه ( وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا): صَفًّا: صفوفا.
قاله يحيى بن سلام في تفسيره، وابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل.
زاد ابن جزي: فهو إفراد تنزل منزلة الجمع.
قال حقي الخلوتي في روح البيان: مفرد منزل منزلة الجمع كقوله تعالى ثم يخرجكم طفلا اى أطفالا والمعنىصفوفايقف بعضهم وراء بعض غير متفرقين ولا مختلطين شبهت حالهم بحال الجند المعروضين على السلطان ليحكم فيهم بما أراد لا ليعرفهم.
ومنه ( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ):بمعنى مصطفة، واحدها: صافة، وقد صفت بين أيديها.
قال الطبري في تفسيره.
قال الزبيدي في تاج العروس:صوافأي:
مصفوفة للنحر،! تصفف ثم تنحر، منصوبة على الحال، أي: قد صفت قوائمها.
قال القرطبي في تفسيره: من صف يصف . وواحد صواف صافة.
قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: أي مصطفة، وصففت كذا: جعلته علىصف.
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وصوافّ : جمع صافّة . يقال : صف إذا كان مع غيره صفّا بأن اتّصل به . ولعلّهم كانوا يصفُّونها في المنحر يوم النّحر بمِنى ، لأنه كان بمِنى موضع أُعدّ للنحر وهو المنحَر .
قال محمود بن عبدالرحيم الصافي في الجدول في إعراب القرآن: صَوَافَّ: جمع صافة، اسم فاعل منصفالثلاثي، وزنه فاعل، أدغمت عينه ولامه لأنهما من ذات الحرف، ووزنصواففواعل.
انتهى.
*قولهلا يَتَكَلَّمونَ
:* يعني الخلق.
قاله الواحدي في الوسيط، وابن الجوزي في زاد المسير، والجلال المحلي في الجلالين، وبه قال غير واحد.
زاد ابن الجوزي، والواحدي: كلهم.
قلت (عبدالرحيم): قولهلا يَتَكَلَّمونَ
: يعني الخلق كلهم؛ فيدخل فيهم الملائكة؛ وهذا أجود من تخصيصه بالملائكة وحدهم.
ومن أهل العلم من خصه بالملائكة.
فيكون المعنى على هذا القول من باب قولهم " إياك أعنيواسمعيياجاره".
والمعنى إذا كان الملائكة مع شرفهم، وعلو منزلتهم لا يتكلمون؛ فمن دونهم أجدر ألا يتكلموا؛ اللهم إلا الرسل؛ ففي الصحيحين مرفوعا ( ولايتكلم يومئذ إلاالرسل). (2).
ونحوه قوله تعالى ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ): يريد قاتلها. يعني سئل قاتلها بأي ذنب قتلها.
وفيها تفسير قيم؛ يأتي لاحقا (إن شاء الله).
قال البيضاوي في أنوار التنزيل: (يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمنوقالصوابا)تقرير وتوكيد لقولهلا يملكون
(3)، فإن هؤلاء الذين هم أفضل الخلائق وأقربهم من الله إذا لم يقدروا أن يتكلموا بما يكونصواباكالشفاعة لمن ارتضى إلا بإذنه، فكيف يملكه غيرهم
انتهى.
*قولهإِلّا مَن أَذِنَ لَهُ الرَّحمنُ
:*في الكلام؛ الذي من جملته الشفاعة. وهذا أحسن من تخصيصه بالشفاعة.
ونظيرتها قوله تعالى (يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ).
قال ابن الجوزي في زاد المسير، والقرطبي في تفسيره: في الكلام.
قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: أي تمنعهم الهيبة من الكلام إلامن بعد أن يأذن الله لهم.
قال صديق حسن خان في فتح البيان في مقاصد القرآن: أي الخلائق ثم خوفا وإجلالالعظمة اللهمن هول ذلك اليوم ولايشفعون لأحد.
قال السمرقندي في البحر: يعني: لا يتكلمون بالشفاعة.
قال ابن أبي زمنين في تفسيره: لا يشفعون.
قال السمعاني في تفسيره: وقوله:لا يتكلمون
أي: لا يشفعون، أي: الملائكة وقيل: لا يتكلمون مطلقا. قوله:
إلا من أذن له الرحمن
أي: بالشفاعة والكلام.
انتهى.
*قولهوَ
:* كان ذلك الشخص ممن.
قاله صديق حسن خان في فتح البيان.
*قولهقالَ
:* قولا.
قاله الجلال المحلي في الجلالين.
*قولهصَوابًا
:* أي حقا، وسدادا من القول؛ الذي من جملته التوحيد. وهذا أجود من تخصيصه بشيء دون آخر.
قال الشوكاني في فتح القدير: وأصل الصواب السداد من القول والفعل.
قال البغوي في تفسيره، وابن كثير في تفسيره، والسمعاني في تفسيره، وغيرهم: حقا.
إلا أن البغوي قال: في الدنيا، أي حقا.
زاد ابن كثير: ومن الحق :" لا إله إلا الله ".
قال السمرقندي في البحر: لا إله إلا الله يعني: من كان معه من التوحيد، وهو من أهل الشفاعة.
قال ابن أبي زمنين في تفسيره:وقال صوابا
في الدنيا لا إله إلا الله.
قال ابن الجوزي في زاد المسير: (وقال صوابا): قال في الدنيا صوابا، وهو الشهادة بالتوحيد عند أكثر المفسرين. وقال مجاهد: قال حقا في الدنيا.
قال القرطبي: (وقال صوابا): يعني قول: لا إله إلا أنت.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقال ابن عباس: الضمير فييتكلمونعائد على الناس خاصة و «الصواب» المشار إليهلاإله إلاالله، قال عكرمة أي قالها في الدنيا.
قال الواحدي في البسيط: والصواب هو السداد من الفعل والقول، يقال: فعل صوابا، وقال صوابا، وهو اسم من أصاب يصيب إصابة، كالجواب من أجاب يجيب إجابة.
قال الطبري في تفسيره: والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن خلقه أنهم لا يتكلمون يوم يقوم الروح والملائكة صفا، إلا من أذن له منهم في الكلام الرحمن، وقال صوابا، فالواجب أن يقال كما أخبر إذ لم يخبرنا في كتابه، ولا على لسان رسوله، أنه عَنَى بذلك نوعا من أنواع الصواب، والظاهر محتمل جميعه.
فائدة، وتنبيه:
قولهيَقومُ الرّوحُ وَالمَلائِكَةُ
:* الرّوحُ: جبريل
.
وقد خص من بين الملائكة تشريفا، وتعظيما لشأنه.
ونظيرتها قوله تعالى (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)،
وقوله (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ).
فالروح في هذه الآيات جبريل -- كما في قوله ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ).
وقوله (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا): أي تمثل لها جبريل رجلا تام الخلقة.
وقوله (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ): رُوحِنَا: جبريل.
وقوله (ُوَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ): بِرُوحِ الْقُدُس: جبريل.
وقوله (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ).
وقد ورد في شأنه عدة نصوص؛ فهو كريم، قوي مطاع؛ تطيعه ملائكة السماء.
قال تعالى (إِنَّهُ لَقَولُ رَسولٍ كَريمٍ . ذي قُوَّةٍ عِندَ ذِي العَرشِ مَكينٍ . مُطاعٍ ثَمَّ أَمينٍ): مُطاعٍ ثَمَّ أَمين: تطيعه الملائكة هناك (في السماوات)، أمين: على وحي الله.
قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: (مطاعثم) يعني جبريل،مطاعفي السماء تطيعه الملائكة (أمين) يقول:أمينعند الله على وحيه ورسالته وغير ذلك مما ائتمنه عليه.
ونظيرتها (عَلَّمَهُ شَديدُ القُوى. ذو مِرَّةٍ فَاستَوى. وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعلى): أي علَّم محمدا -- جبريلُ؛ شديد القوى، وهو ذو مرة أي ذو قوة.
وهو ولي للمؤمنين؛ (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ).
ومن عاداه فقد عادى الله (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ).
وهذه جملة من النصوص التي وردت في شأنه؛ فهو ذو شأن عظيم؛ والنصوص من السنة كثيرة أيضا.
فمعنى قوله تعالىيَقومُ الرّوحُ وَالمَلائِكَةُ
: الرّوحُ: جبريل
.
قال السعدي في تفسيره: وهو جبريل، الذي هو أشرف الملائكة.
قال القصاب في النكت: هذا قول ابن عباس.
قال النحاس في معاني القرآن: وقال الشعبي والضحاك: الروح:جبرائيل صلّى الله عليه وسلّم.
تنبيه:
قلت (عبدالرحيم): وإنما آثرت القول بأن المعني بقوله تعالى (يَقومُ الرّوحُ وَالمَلائِكَة) هو جبريل -- لنسق القرآن كما سلف؛ يذكر الله ملائكته ثم يخص جبريل
؛ كما فسره العلماء.
فمن عجب يفسر بعضهم الروح في هذه الآية خاصة تفسيرا غير تفسير هم المعهود؛ فمنهم من قالالروح
: خلق أعظم من الملائكة وأشرف منهم وأقرب من رب العالمين، وقيل: هو ملك ما خلق الله
بعد العرش خلقا أعظم منه، وقيل: يعني أرواح بني آدم، وقيل: القرآن، وقيل: خلق من خلق الله في صورة بني آدم، وقيل: الروحخلق من خلق الله يضعفون على الملائكة أضعافا، لهم أيد وأرجل. وقيل: الروح: خلقٌ كالناس، وليسوا بالناس، وقيل: هم بنو آدم. ويقال:الروحلا يعلمه إلا الله، كما قال قلالروحمن أمر ربي.
وقيل غير ذلك؛ وكل ذلك لا دليل عليه (فيما أعلم).
قال الطبري -- بعد أن ذكر جملة من الاقوال، باسناده إلى قائليها:
والصواب من القول أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن خلقه لا يملكون منه خطابا،يوميقومالروح، والروحخلق من خلقه، وجائز أن يكون بعض هذه الأشياء التي ذكرت، والله أعلم أي ذلك هو، ولا خبر بشيء من ذلك أنه المعني به دون غيره يجب التسليم له، ولاحجة تدل عليه، وغير ضائر الجهل به.
انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
......................
(1): رواه مسلم(٤٣٠)؛ من حديث جابر بن سمرة.
(2): رواه البخاري ( ٨٠٦)، ومسلم(١٨٢)من حديث أبي هريرة.
(3): يعني قوله تعالىرَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا
: والشاهد: لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا.
...............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب قرآن - حديث. عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
01/07/1438 - 28/03/2017, 07:15 am
0
قوله تعالى
﴿ذلِكَ اليَومُ الحَقُّ فَمَن شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآبًا﴾ [النبأ: 39].
*قولهذلِكَ
:* أي المشارإليه لبعد مكانته وعظم رتبته وعلو منزلته.
قاله البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور.
*قولهاليَومُ
:* المذكور في قوله (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا).
قال أبو السعود في تفسيره:اليَومُ
العظيم الذي يقوم فيه روح والملائكة مصطفين غير قادرين هم وغيرهم على التكلم من الهيبة والجلال.
*قولهالحَقُّ
:* نعت لليوم أي ذو الحق.
قاله النحاس في إعراب القرآن.
قال الجلال المحلي في الجلالين:الحَقُّ
الثابت وقوعه وهو يوم القيامة.
قال الطبري في تفسيره: إنه حق كائن لا شك فيه.
قال النسفي في مدارك التنزيل: الثابت وقوعه.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: أيالحق كونه ووجوده.
قال البغوي في تفسيره، والقرطبي في تفسيره، وابن الجوزي في زاد المسير: أي الكائن الواقع.
زاد البغوي: يعني يوم القيامة.
زاد ابن الجوزي: بلا شك.
قالأبو السعود في تفسيره: أي الثابت المتحقق لا محالة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه.
قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: لأن العرب قالوا إن القيامة باطل.
قال الماوردي في النكت والعيون: يعني يوم القيامة؛ وفي تسميته الحقوجهان: أحدهما: لأن مجئيه حق وقد كانوا على شك. الثاني: أن الله تعالىيحكم فيه بالحق بالثواب والعقاب.
*قولهفَمَن شاءَ
:* فيه دليل على أن للعبد مشيئة، واختيار؛ مع كونها تابعة ومملوكة لله - جل وعز - إذ لا يقع في ملكه إلا ما أذن فيه؛ على ما يقتضيه علمه وحكمته؛ كما في قوله (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا).
وقد سبق بيان عقيدة أهل السنة في هذه الآيات (بحمد الله).
قال البقاعي في نظم الدر: فإن الله جعل لهم قوة واختيارا، ولكن لا يقدر أحد منهم على مشيئة شيء إلا بمشيئة الله.
*قولهاتَّخَذَ
:* بقوة، وإقبال، وغاية جهده لذلك اليوم.
وفيه حث للنفوس على التزود لهذا اليوم العظيم؛ وخير الزاد التقوى؛ كما في قوله (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ): أي افعلوا ما تتقون به عذابي يا أصحاب العقول؛ من فعل الأمر، وترك النهي.
ونظيرتها قوله تعالى ( إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا): سبيلا: أي طريقا إلى ربه بطاعته.
قال البقاعي في نظم الدرر:اتخذ
أي بغاية جهده.
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والاتخاذ : مبالغة في الأخذ ، أي أخَذَ أخْذاً يشبه المطاوعة في التمكن ، فالتاء فيه ليست للمطاوعة الحقيقية بل هي مجاز وصَارت بمنزلة الأصلية .
*قولهإِلى رَبِّهِ
:* يقول:فمن شاءمن عبادهاتخذبالتصديق بهذااليومالحق، والاستعداد له، والعمل بما فيه النجاة له من أهواله.
قاله الطبري في تفسيره.
*قولهمَآبًا
:* مرجعا، ومنقلبا؛ يعني اتخذ أعمالا صالحة يرجع بها إلى الله؛ وأصل المآب المرجع، والمنقلب.
فقولهمَآبًا
: يعني مرجعا.
قاله الطبري في تفسيره، والزجاج في معاني وإعراب القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن أبي زمنين في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، والقرطبي في تفسيره، وابن كثير في تفسيره، والجلال المحلي في الجلالين.
زاد ابن أبي زمنين، والنسفي: بعمل صالح.
إلا أن النسفي قال: بالعمل الصالح.
وزاد ابن كثير: وطريقا يهتديإليه ومنهجا يمر به عليه.
وزاد الجلال المحلي: أي رجعإلى الله بطاعته ليسلم من العذاب فيه.
وزاد ابن قتيبة: إلى الله بالعمل الصالح: كأنه إذا عمل خيرا ردهإلى الله، وإذا عمل شرا باعده منه.
وبه قال القرطبي في تفسيره؛ وزاد: وينظرإلىهذا المعنى قوله: والخير كله بيديك، والشر ليسإليك. (1).
وزاد الطبري: وهو مفعل من قولهم: آب فلان من سفره، كما قال عبيد:
وكل ذي غيبة يئوب...وغائب الموت لا يئوب.
قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية:فمنشاءفي الدنيااتخذبالعمل الصالح والإيمانإلىربهفيذلكاليومم رجعا ومنجى وسبيلا (وطريقاإلىرحمته. وفي الكلام معنى التهدد والوعيد، أي: من لم يفعلذلكفسيرى ما يحل به) غدا.
قال الواحدي في الوسيط، الثعلبي في الكشف والبيان، والبغوي في تفسيره، وابن الجوزي في زاد المسير: مرجعا.
زاد الواحدي: بالطاعة، أي:فمنشاءرجعإلىالله بطاعته.
وزاد ابن الجوزي: إليه بطاعته.
وزاد البغوي في تفسيره: وسبيلاإلىطاعته.أي فمنشاءرجعإلىالله بطاعته.
قال السمعاني في تفسيره: أي منقلبا حسنا بالطاعة والعبادة.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: و «المآب»: المرجع وموضع الأوبة.
قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى ( إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ): إِيَابَهُمْ: يعني رجوعهم بعد مماتهم.
قالابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، والألوسي في روح المعاني، وغيرهم:إيابهم
رجوعهم.
زاد الألوسي: بالموت والبعث لا إلى أحد سوانا لا استقلالا ولا اشتراكا.
ومنه (قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ): مَآَبِ: أي مرجعي.
قاله البغوي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، وابن كثير في تفسيره.
زاد النسفي: للجزاء لا إلى غيره.
وزاد ابن كثير: ومصيري.
ومنه (وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ): أَوِّبِي: رجعيبالتسبيح.
قاله نجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن.
ومنه (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا): لِلْأَوَّابِينَ: الرجاعينإلى طاعته.
قاله الجلال السيوطي في الجلالين.
قال أبو السعود في تفسيره: أيالرجاعينإليه تعالى عما فرط منهم مما لا يكاد يخلو عنه البشر.
ومنه (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ): أواب: أي كثير الرجوع إلى الله تعالى.
قاله النسفي في مدارك التنزيل.
ومنه (وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ): يقول:كلذلكلهمطيعرجاعإلى طاعته وأمره. ويعني بالكل:كلالطير.
قاله الطبري في تفسيره.
ومنه (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ): رجاعإلى الطاعة عن المعاصي.
قاله البغوي في تفسيره.
وأيضا " المآب ": المنقلب. ومنه (الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآَبٍ): قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: أي منقلب.
قالالطبري في تفسيره، والسمعاني في تفسيره: قوله: (وحسنمآب) ، فإنه يقول:وحسن منقلب.
ونظيرتها قوله تعالى (وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا): مُنْقَلَبًا: مرجعا.
قاله السمرقندي في بحر العلوم، والبغوي في تفسيره، والفخر الرازي في التفسير الكبير، والنسفي في المدارك، والجلال المحلي في الجلالين.
زاد الرازي، والنسفي: وعاقبة.
وقال الطبري في تفسيره: مرجعاومردا.
انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
....................
(1): شطر من حديث رواه مسلم (٧٧١) من حديث علي بن أبي طالب.
.....................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب قرآن - حديث. عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
01/07/1438 - 28/03/2017, 07:16 am
0
قوله تعالى
إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا
: النبأ: (40).
*قولهإِنَّا
:* يعني نفسه - تعالى ذكره -؛ ولفظ الجمع، والافراد لربنا للتعظيم.
ونظيرتها قوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ): قال صديق حسن خان في فتح البيان: والنون في إنا للتعظيم.
قال الشنقيطي في أضواء البيان: والضمير المتصل في إنا، ونا في إنا أنزلناه مستعمل للجمع وللتعظيم، ومثلها نحن، وقد اجتمعا في قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر)، والمراد بهما هنا التعظيم قطعا لاستحالة التعدد أو إرادة معنى الجمع.
وقوله ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ): قال ابن الجوزي في زاد المسير: من عادة الملوك إذا فعلوا شيئا، قال أحدهم: نحن فعلنا، يريد نفسه وأتباعه، ثم صار هذا عادة للملك في خطابه، وإن انفرد بفعل الشيء، فخوطبت العرب بما تعقل من كلامها.
انتهى كلامه.
ونحوهحَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ
: أي ردوني إلى الدنيا خاطب الله بلفظ الجمع للتعظيم كخطاب الملوك.
قاله النسفي في مدارك التنزيل.
قال في أضواء البيان: الضمائر بالنسبة إلى الله تعالى بصيغ الجمع للتعظيم وبصيغ الإفراد.
انتهى.
*قولهأَنْذَرْنَاكُمْ
:* على ألسنة رسولنا، وما أوحينا إليهم؛ لتنقطع الحجة، وتظهر المحجة؛ قال جل ذكره (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ).
وأصل الإنذار: التخويف؛ إعلام معه تخويف.
قال ابن فارس في مقاييس اللغة: وتناذروا: خوف بعضهم بعضا. ومنه النذر، وهو أنه يخاف إذا أخلف.
قال الجرجاني في درج الدرر في تفسير الآي والسور: الإنذار: إعلام فيه تخويف، ويتعدى إلى مفعولين.
قال العسكري في الفروق اللغوية: الإنذار تخويف مع إعلام موضع المخافة من قولك نذرت بالشيء إذا علمته فاستعددت له فإذا خوف الإنسان غير وأعلمه حال ما يخوفه به فقد أنذره وإن لم يعلمه ذلك لم يقل
أنذره.
قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: الانذار: الابلاغ، ولا يكون إلا في التخويف. والاسم النذر، ومنه قوله تعالى (فكيف كان عذابي ونذر): أي إنذاري.
فقوله تعالى ( أَنْذَرْنَاكُمْ) :يعني: خوفناكم.
قاله السمرقندي في بحر العلوم، وقاله في البحر المديد في التفسير، وأبو بكر الجزائري في تفسيره.
زاد السمرقندي: بعذاب قريب، وهو يوم القيامة.
وزاد الجزائري: عذابا قريبا جدا يبتدئ بالموت ولا ينتهي أبدا.
قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ): أَنْذَرْتُكُمْ: أي خوفتكم.
قاله البغوي في تفسيره، والسمرقندي في بحر العلوم، والثعلبي في الكشف والبيان، والواحدي في الوجيز، والقرطبي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، والشوكاني في فتح القدير، وغيرهم.
زاد القرطبي: هلاكا مثل هلاك عاد وثمود.
ومنه (فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا . عُذْرًا أَوْ نُذْرًا): فَالْمُلْقِيَاتِ: الملائكة. ذِكْرًا: الوحي.
عُذْرًا أَوْ نُذْرًا: أي عذرا ونذرا؛ لأن (أو) بمعنى " و ".
والمعنى: الملائكة تلقي الوحي إلى الأنبياء إعذارا وتخويفا.
قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: (نذرا) فمن الإنذار وهو التخويف.
قال الجمل في مخطوطته: أي إنذارا أي للأعذار أو الإنذار وهو التخويف.
ومنهلتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون
: قال القصاب في النكت: الإنذار: التخويف، و (اللام) في
لتنذر
لام كي.
ومنه (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ): الإنذار: التخويف من عقاب الله بالزجر عن المعاصي.
قاله الزمخشري في الكشاف.
ومنه (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ): قال السمعاني في تفسيره: الإنذار: هو الإعلام مع التخويف.
ومنه (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ): قال ابن الجوزي في زاد المسير فأما «الإنذار» ، فمعناه: التخويف.
ومنه (فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى): فَأَنْذَرْتُكُمْ: يعني خوفتكم.
قاله سراج الدين النعماني في اللباب، والجلال المحلي في الجلالين، وبه قال السمرقندي في البحر، والنسفي في المدارك، والواحدي في الوجيز.
زاد النعماني: وحذرتكم نارا تلظى.
انتهى.
*قولهعَذَابًا
:* لا يعذِب مثلَه أحدٌ.
*قولهقَرِيبًا
:* في الآخرة؛ فليس إلا أن تقوم القيامة؛ وهي قريبة الوقوع.
قال النسفي في مدارك التنزيل: في الآخرة لأن ما هو آتٍ قريب.
قال ابن كثير في تفسيره: يعني يوم القيامة لتأكد وقوعه صار قريبا لأن كل ما هو آت آت.
قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: يعني عذاب الآخرة ووصفه بالقرب لأن كل آت قريب، أو لأن الدنيا على آخرها.
قلت ( عبدالرحيم ): ولا منافاة بين قوله (قريبا) وبين وقوع العذاب في القبر على من يستحقه، قبل القيامة العظمى؛ فغاية ما هنالك أنه خوفهم ذلك العذاب؛ وإلا فقد قال تعالى عن فرعون و آله ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم القيامة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب)؛ ولأن من مات فقد قامت قيامته. انتهى
وقد كثرت النصوص من الوحيين؛ في التأكيد على قرب وقوع القيامة؛ من ذلك قوله تعالى (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا): و " عسى" هنا للتحقيق. بمعنى: هو قريب.
معناه:هوقريب،لأنعسىمنالله اجب، ولذلك قال النبي صلىاللهعليه وسلم: "بعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى"،لأناللهتعالى كان قد أعلمه أنهقريبمجيب.
وقوله (إِنَّهُم يَرَونَهُ بَعيدًا . وَنَراهُ قَريبًا): قال التستري في تفسيره: يعني أنهم يرون المقضي عليهم من الموت والبعث والحساب بعيدا لبعد آمالهم، ونراه قريبا، فإن كل كائن قريب، والبعيد ما لا يكون.
ومنه (يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا): أي: أنها قريب.
قاله يحيى بن سلام في تفسيره.
قال الطبري في تفسيره: يقول: وما أشعرك يا محمد لعل قيام الساعة يكون منك قريبا. قد قرب وقت قيامها، ودنا حين مجيئها.
وقال السمرقندي في البحر: يعني: سريعا.
وقال (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ): قال السمعاني في تفسيره: قوله:اقترب
: افتعل، من القرب.
قال يحيى بن سلام في تفسيره، وابن أبي زمنين في تفسيره:اقترب للناس حسابهم
أي: إن ذلك قريب.
إلا أن ابن زمنين قال: أي: أن ذلك قريب.
قال ابن قتيبة في الغريب، والسمرقندي في بحر العلوم:اقترب للناس حسابهم
أي قربت القيامة.
وقال (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ): أي انشق القمر، وقربت الساعة؛ وهذا من المقدم والمؤخر.
قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أي قربت.
قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط: قال ثعلب: هذا مقدم ومؤخر، لأن القمر قد انشق، وكانت إحدى آيات النبوة، قال: وقال ابن مسعود وحذيفة: ولقد رأيناه، وقد صار نصفه على جبل، ونصفه على جبل آخر.
وقال (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا): قال ابن قتيبة في غريب القرآن: يعني يوم القيامة.
وفي الصحيحين من حديث أنس، عن النبيقال: «بعثت أنا والساعة كهاتين».
قال عياض اليحصبي السبتي في إكمال المُعْلِم بفوائد مسلم: يحتمل أنه تمثيل لمقاربتهما، وأنه ليس بينهما أصبع أخرى، وأن كل واحدة متصلةٌ بصاحبتها، كما أنه لا شيء بين محمد -- والساعة، وقد تكون لتقريب ما بينهما من المدة تقدَّر بقدر السبابة من الوسطى.
انتهى.
*قولهيَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ
:* أي يعرض عليه جميع أعماله خيرها وشرها.
قاله ابن كثير في تفسيره.
قلت ( عبدالرحيم): قوله تعالىيَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ): إنما خصت اليد بالذكر لأن غالب ما يقترف العبد بها من خير وشر بها؛ وإلا فجميع جوارح العبد مسئول عنها يوم القيامة؛ وينظر ما قدمت جميع جوارحه؛ من يد ولسان، ورجل إلى غير ذلك؛ بل تنبئه أعضاءه بأعماله؛
قال تعالى (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ)،
وقال (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
وفي صحيح مسلم (2657 )، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ».
وعند مسلم ( 2969)، من حديث أنس بن مالك مرفوعا؛ وفيه «فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، فَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، قَالَ: فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ، قَالَ: ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ، قَالَ فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ».
*(استطراد):*
والأركان: الجوارح. التي يجترح بها العبد؛ أي يكسب الأجر او الإثم؛ ومنه قوله تعالى (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتَ) اجْتَرَحُوا: اكتسبوا الآثام بجوارحهم.
و قال (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ): أي يعلم ما كسبتم بجوارحكم؛ أسماعكم، وأبصاركم، وأيديكم، وأرجلكم، وكل ما يكسب به العبد؛ مما له أو عليه.
قال الثعلبي في الكشف والبيان:وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ
وأصله من [جارحة] اليد. ثم قيل لكل عليك جارح أي عضو من أعضائه عمل.
قال مكي في الهداية: وأصل الاجتراح: عمل الرجل بجارحة من جوارحه: يده أو رجليه، فكثر ذلك حتى قيل لكل مكتسب (شيئا بأي أعضاء جسمه كان: " (مجترح) "، ولكل مكتسب) عملا: " جارح ".
انتهى كلامه.
قلت (عبدالرحيم): فالكلام في قولهمَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ
:خرجت مخرج الغالب،
ونظير ذلك في التنزيل كثير؛ من ذلك قوله تعالى (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا): فإن لم ترد الفتاة تحصنا، وعفة لا يحل أيضا إكراههن على الزنا؛ لأن الزنا كله حرام.
قال ابن كثير: وقوله:إن أردن تحصنا
هذا خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له.
وقولهوَإِن كُنتُمْ على سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً فَرِهَانٌ
: قال ابن عرفة في تفسيره: مفهوم الآية ملغى بنصّ السّنة لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رهن درعه في الحضر. وأيضا فهو مفهوم خرج مخرج الغالب لأن السفر مظنة لعدم وجدان الكاتب أو هو شيء من الأدلة غالبا بخلاف الحضر.
ومنه ( لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة ): خرجت مخرج الغالب؛ لأن أغلب من يأكل الربا يأكله أضعافا مضاعفة؛ فمن أكل النذر اليسير من الربا فقد أكل الربا، وارتكب كبيرة موبقة من الكبائر؛ ويدخل في النهي.
ومنه (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا): خرج مخرج الغالب؛ لأن من مات وامراته حاملا فوضعت للتو؛ لا يلزمها التربص (الانتظار عن التزويج). لقوله (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ): فعدة الحامل بالوضع.
ومنهإِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا
: فالمؤمنات والكتابيات في هذا الحكم سواء؛ اتفاقا.
قال ابن كثير: وقوله تعالى: المؤمنات خرج مخرج الغالب إذ لا فرق في الحكم بين المؤمنة والكتابية في ذلك بالاتفاق.
ومنه قوله تعالى في ذكر المحرمات من النساء (وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ): فإن كانت الربيبة في حجر غيره يندرج عليها الحكم؛ بلا منازع؛ لأن غالب الربيبة تكون مع أمها في بيت الزوج؛ فالآية خرجت مخرج الغالب.
قال ابن كثير: الأئمة على أن الربيبة حرام سواء كانت في حجر الرجل أو لم تكن في حجره، قالوا: وهذا الخطاب خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له.
قال الشنقيطي في الأضواء: وقد تقرر في الأصول، أن من الموانع لاعتبار مفهوم المخالفة خروج المنطوق مخرج الغالب، ولذا لم يعتبر الجمهور مفهوم المخالفة في قوله:اللاتي في حجوركم
؛ لجريانه على الغالب.
ومنه (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ): من إملاق: أي من فقر. لأن غالبهم كانوا يقتلونهم من إملاق؛ والقتل كله لأي سبب حرام ولا شك؛ إلا بحق الإسلام.
قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: وإنما نهى عن قتل الأولاد لأجل الفاقة، لأن العرب كانوا يفعلون ذلك، فخرج مخرج الغالب فلا يفهم منه إباحة قتلهم بغير ذلك الوجه.
ومنه (لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا): قال السمين الحلبي في الدر المصون: ولا مفهومَ لقوله «كرهاً» يعني فيجوز أن يرثوهن إذا لم يَكْرَهْن ذلك لخروجه مَخْرج الغالبِ.
ومنه ( إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا): قال الشنقيطي في أضواء البيان: لأنه خرج مخرج الغالب حال نزول هذه الآية، فإن في مبدأ الإسلام بعد الهجرة كان غالب أسفارهم مخوفة.
ومن ذلك ما في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمرو مرفوعا ( الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ): لأنها بهما يكون غالب الأذى؛ فلو آذاه برجله (مثلا) يشمله الحديث ولا ريب. وهو في السنة كثير جدا.
ومن أوضحها ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعا ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد... ): فلو سافر بدون شد الرحل فهو داخل في النهي؛ سيما مع سهولة الوصول في زماننا هذا.
انتهى.
*قولهوَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا
: *قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: ويقول الكافر يومئذ تمنيا لما يلقى من عذاب الله الذي أعدّه لأصحابه الكافرين به، يا ليتني كنت ترابًا كالبهائم التي جُعِلت ترابًا.
قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: أي ليتني لم أبعث، كما قال: (يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ).
قال السمرقندي في البحر: يعني: لو كنت بهما منها فأكون ترابا، أستوي بالأرض. وذلك، إن الله تعالى يقول للسباع والبهائم، كوني ترابا فعند ذلك، يتمنى الكافر ليتني كنت ترابا.
قلت (عبدالرحيم)؛ ونظيرتها قوله تعالى (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ): قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أي يكونون ترابا، فيستوون معها حتى يصيروا وهي شيئا واحدا.
قال بيان الحق الغزنوي في باهر البرهان في معاني مشكلات القرآن: أي يودون لو جعلوا والأرض سواء، كقوله: (يا ليتني كنت ترابا).
قال الفراء في معاني القرآن: معناه: لو يسوون بالتراب. وإنما تمنوا ذلك لأن الوحوش وسائر الدواب يوم القيامة يقال لها: كوني ترابا.
قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: لو يدخلون فيها حتى تعلوهم.
...................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب قرآن - حديث. عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
02/07/1438 - 29/03/2017, 02:23 pm
0
*(معاني وغريب القرآن).*
قوله تعالى
أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ
:البقرة 175.
*قولهفَمَا أَصْبَرَهُمْ
:* أي ما أجرأهم.
يقال " ما أصبرك على الله ": أي ما أجرأك عليه.
وهو من ( الجُرأة )، وليس من الصبر الذي نقيضه الجزع.
ولأن من معاني الصبر: الجرأة.
قال ابن فارس في تهذيب اللغة:قال أبو العباس (المبرد):والصبر:الجرأة، ومنه قول الله جل وعز:فما أصبرهم على النار
، أي: ما أجرأهم على عمل أهل النار.
قال القاضي عياض في مشارق الأنوارعلى صحاح الآثار: قال ابن الأنباري: الصبرالحبس والصبرالإكراه والصبرالجرأة.
قال الفراء في معاني القرآن، وحكاه غير واحد: قال الكسائي: سألني قاضياليمن وهو بمكة، فقال:اختصم إلي رجلان من العرب، فحلف أحدهما على حق صاحبه، فقال له: ما أصبرك على اللَّه! وفي هذه أن يراد بها: ما أصبرك على عذاب اللَّه.
انتهى كلامه.
فقوله تعالىفَمَا أَصْبَرَهُمْ
: أي فما أجرأهم.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن أبي زمنين في تفسيره، والسمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ.
زاد السمرقندي: على العمل الذي يقرب إلى النار.
وبنحوه ابن أبي زمنين.
وزاد السمين الحلبي:على تعاطي أسباب دخول النار من المعاصي.
وسُئل أبو بكر بن عياش:" فما أصبرهم على النار "قال، هذا استفهام, ولو كانت من الصبر قال:" فما أصبرُهم "، رفعًا. قال: يقال للرجل:" ما أصبرك ", ما الذي فعل بك هذا؟.
رواه الطبري في تفسيره.
وقيل: ما أبقاهم في النار، كما تقول: ما أصبر فلانا على الحبس. أي: ما أبقاه فيه.
حكاه ابن الجوزي في زاد المسير.
قال الماوردي في النكت والعيون:فماأصبرهمعلى النار
فيه أربعة أقاويل: أحدها: معناهماأجرأهمعلى النار، وهذا قول أبي صالح. والثاني: فماأصبرهمعلى عمل يؤدي بهم إلى النار. والثالث: معناه فماأبقاهم على النار، من قولهم:ماأصبر فلانا على الحبس، أيماأبقاه فيه. والرابع: بمعنى أي شيء صبرهم على النار؟
قال الطبري في تفسيره: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: (ما أجرأهم على النار)، بمعنى: ما أجرأهم على عَذاب النار وأعملهم بأعمال أهلها. وذلك أنه مسموع من العرب:" ما أصبرَ فلانًا على الله "، بمعنى: ما أجرأ فلانًا على الله!.
انتهى كلامه.
قلت (عبدالرحيم) وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود؛ مرفوعا «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».
قال ابن الجوزي في كشف المشكل في الصحيحين: وقوله: " على يمين صبر " في معناها قولان: أحدهما: أن يصبر نفسه: أي يحبسها على اليمين الكاذبة غير مبال بها. والثاني: أن يكون معنى الصبر الجرأة، من قوله تعالى:فما أصبرهم على النار
[البقرة: 175] أي يجترئ بتلك اليمين على هتك دينه.
..........................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
02/07/1438 - 29/03/2017, 08:16 pm
0
*خدمة (معاني وغريب القرآن - للاشتراك 00966509006424).*
قوله تعالى
وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ
: الأعراف: 154.
*قولهسَكَتَ
:* أي سكن.
قاله الكفوي في الكليات، وغلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن.
قال الطبري في تفسيره: ولما كفّ عنه وسكن.
قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: وَسَكَتَالغضبُ مثلسكَن.
قالالصُحاري في الإبانة في اللغة العربية: وسكنبمعنىسكت،سكنت الريحُ وسكنالمطر وسكنالغضب، وسَكَتَعَنْمُوسَىالْغَضَبُ
أي سكن.
قال الفراء في معاني القرآن: والغضب لا يسكتإنما يسكتصاحبه.
*قولهيَرْهَبُونَ
:* يخافون.
قال الألوسي في روح المعاني: أييخافونأشد الخوف.
قال الطبري: للذينيخافونالله ويخشون عقابَه على معاصيه.
.....................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
03/07/1438 - 30/03/2017, 11:13 am
0
قوله تعالى
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ
: الملك: 27.
*قولهفَلَمَّا رَأَوْهُ
:* أي فلما رأى المشركون العذاب معاينة.
*قولهزُلْفَةً
:* قريبا.
قاله الطبري في تفسيره، وابن قتيبة في غريب القرآن، والزجاج في معاني وإعراب القرآن، وغلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن، والبغوي في تفسيره، وغيرهم جمع.
زاد ابنقتيبة: منهم. يقول: لما رأوا ما وعدهم اللهقريبامنهم.
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والزُلفة بضم الزاي: اسم مصدر زَلف إذا قرب وهو من باب تعب . وهذا إخبار بالمصدر للمبالغة ، أي رأوه شديد القرب منهم ، أي أخذ ينالهم.
قلت (عبدالرحيم) : ومنه قوله تعالى (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى): قال النسفي في مدارك التنزيل: مصدرأي تقريبا.
قال سراج الدين النعماني في اللباب في علوم الكتاب: قوله:زلفى
مصدرمؤكد على غير المصدرولكنه ملاق لعامله في المعنى، والتقدير (والمعنى) ليزلفونا وليقربوناقربى وجوز أبو البقاء أن يكون حالا مؤكدة.
*قولهسِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا
:* سِيئَتْ: تبين فيها السوء.
قاله الزجاج في معاني القرآن.
قالالطبري في تفسيره: ساء الله بذلك وجوه الكافرين.
قال السمعاني في تفسيره: أي: تبين السوء والكآبة في وجهوهم.
*قولهوَقِيلَ
:* لهؤلاء الكفار.
*قولههَذَا
:* العذاب.
*قولهالَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ
:* تَدَّعُونَ: أي تدعون أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم لا تخرجون.
قاله الزجاج في معانيه.
وقال الطبري في تفسيره: يقول: وقال الله لهم: هذا العذاب الذي كنتم به تذكرون ربكم أن يعجله لكم.
قلت (عبدالرحيم) : يشير -- إلى ما جاء في استعجال أهل الكفر عذاب الله؛ كما في قوله تعالى (وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ):
قال ابنكثير في تفسيره: هذا إنكار من الله على المشركين في دعائهم على أنفسهم بتعجيل العذاب ، فإن القط هو الكتاب وقيل : هو الحظ والنصيب.
قال نافع بن الأزرق في مسائله لعبدالله بن عباس - رضي عنهما - قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله: عجل لناقطنا .
قال: القط: الجزاء، وهو الحساب أيضا.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الأعشى وهو يقول:
ولا الملك النعمان يوم لقيته...بنعمته يعطي القطوط ويطلق.
وقوله (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ): لما أنذرهم بالعذاب قالوا لفرط الإنكار : عجل لنا هذا العذاب.
قاله القرطبي في تفسيره.
وقوله ( وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ): استفتحوا على أنفسهم ، واستعجلوا العذاب.
قال ابن كثير في تفسيره.
....................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب قرآن - حديث. عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
تاريخ التسجيل:
ذو القعدة 1437
التخصص: .
.
المملكة العربية
632
26
النتائج 151 إلى 175 من 412
الملتقيات
-
- الملتقى العلمي للتفسير وعلوم القرآن
- ملتقى الكتب والبحوث والمخطوطات
- الملتقى العلمي المفتوح
- ملتقى الانتصار للقرآن الكريم
- الملتقى التقني
- ملتقى القراءات والتجويد ورسم المصحف وضبطه
- ملتقى الرسائل الجامعية في الدراسات القرآنية
- ملتقى البرامج الإعلامية القرآنية
- ملتقى المؤتمرات والندوات واللقاءات القرآنية
- ملتقى أكاديمية تفسير

ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
- أكواد الملتقى متاحة
- الابتسامات متاحة
- كود [IMG]متاحة
- [VIDEO] الكود هو متاحة
- كود HTML معطلة
- Trackbacks are متاحة
- Pingbacks are متاحة
- Refbacks are متاحة
36480 مشترك
78617متابع
1289 مشترك
1605141معجب