صدر حديثاً: ترتيب الأداء , وبيان الجمع في الإقراء للقرطبي.

إنضم
20 يناير 2006
المشاركات
1,245
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
المدينة المنورة
[align=justify]الحمد لله , وبعد:

فهذه رسالةٌ صغيرةٌ تحملُ هذا العنوان , ومؤلفها أبو الحسن علي بن سليمان الأنصاري القرطبي (730هـ) أحد كبار مقرئي فاس , وقد حقق رسالته هذه الدكتور/ عبد الله بن عبد الرحمن الشثري في بحث ترقيةٍ , وخرجَ في 118 ورقة, وتحتوي النَّصَّ المُحققَ 68 ورقة , وهذا الكتابُ يتناولُ مسألتين من مسائل الإقراء هما:

مراتبُ الأداء عند المجودين والقراء , وما يتصلُ بذلك من المنهاهي الأدائية عند القراء كالترعيد والترقيص وغيره.
مسألة جمع القراءات والمحاذيرُ المتعلقة بها.
[/align]
 
جزاكم الله خيرا، وليتكم تذكرون مكان الطبع.
وحتى ييسر الله الحصول عليه أستأذنكم في نقل هذا الفصل المطول في التعريف به، أنقله من كتاب: "قراءة الإمام نافع عند المغاربة" حيث يقول العلامة الدكتور: عبد الهادي حميتو في الجزء الثالث ص: 31 ما نصه:
[align=center]"ترتيب الأداء وبيان الجمع بين الروايات في الإقراء:[/align]
هو من أشهر كتبه، أشار إليه ابن الجزري في ترجمته بقوله: "وألف كتابا في كيفية جمع القراءات"( )، وذكر في "منجد المقرئين" قوله: "وقد بلغني أن شخصا من المغاربة ألف كتابا في كيفية جمع القراءات"( ).
وأسنده الشيخ أبو عبد الله بن غازي في جملة مروياته من كتبه من طريق أبي زكريا السراج( ).
ونقل عنه أبو زيد بن القاضي وصاحبه مسعود جموع في شرحيهما على "الدرر اللوامع" في مواضع من باب المد فقال ابن القاضي: "قال أبو الحسن علي بن سليمان القرطبي في "كتاب ترتيب( ) الأداء": فمنهم من ذهب إلى الترتيل، وهو التحقيق، فيمطط الحروف، ويشبع الحركات وحروف المد واللين على الإطلاق، ويبالغ في الشد والهمز وأشباه ذلك من غير إفراط ولا إسراف في شيء من ذلك، فخيار الأمور أوساطها، فيكون مده الطبيعي من نسبة حركاته، إذ المدة ناشئة عن الحركة ومتولدة عنها، فبحسب إشباع الحركة تكون المدة، فمن أشبعها كثيرا كانت مدته طويلة، ومن أشبعها قليلا كانت مدته قصيرة، ومن توسط كانت مدته وسطا. ومنهم من ذهب فيها إلى الحذر فلا يمطط الحروف ولا يشبع الحركات، بل يخطفها خطفة من غير إخلال بشيء من صفاتها ومخارجها، ومنهم من توسط، ولكل وجه من النظر، ودليل من الشرع، ولكن الأولى في التعليم تقديم الترتيل، وفي ثاني حال يكون الحدر بعد الرياضة وإحكام النطق بالحروف من مخارجها وعلى صفاتها المعلومة لها، فحصل من ذلك أن الألف الطبيعي يختلف بحسب طباع القراء من حيث الترتيل والحدر والتوسيط وإن كان واحدا، من حيث إنه طبيعي لا زيادة فيه لمجاورة أسباب توجبها، وكذلك الياء الساكنة المكسور ما قبلها، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، إذ هما في اللفظ مدتان كالألف "انتهى"( ).
وقال ابن القاضي أيضا في جواب له حول مراتب المد في الأداء: "قال أبو الحسن بن سليمان في كتابه المسمى ب"ترتيب الأداء":"وما ذكر من اختلافهم في الأخذ بالترتيل والحدر والتوسط إنما ذلك على وجه الاختيار والأخذ بالأفضل، لا على اللزوم، فيجوز لكل فريق منهم الأخذ بما اختاره الفريق الآخر"( ).
وقد اعتمده الشيخ العلامة أبو العلاء إدريس بن محمد الحسني المنجرة في كتابه "نزهة الناظر والسامع في إتقان الأرداف والأداء الجامع"( ) ولخص أهم مسائله، وإن كان لم يذكر ذلك في مقدمته، وإنما ذكره في في أواخر الكتاب في حديثه عن فائدة جمع القراءات فقال: "وأما ثمرته فهو الاختصار وعدم التكرار لغير موجب وأما لموجب فلا بد منه، لاختلاف الروايات… كما نص عليه أبو الحسن الأنصاري في كتابه "ترتيب الأداء"( ).
[align=center]تقديم وتلخيص لأهم مباحث "كتاب ترتيب الأداء وبيان الجمع في الإقراء" لأبي الحسن بن سليمان القرطبي.[/align]
يبتدئ الكتاب بقوله :
"الحمد لله الذي هدانا لتلاوة كتابه العزيز، وحبانا بحمل خطابه الفضل الجزيل الوجيز…
وبعد فهذا الكتاب قصدت فيه إلى ترتيب الأداء، وبيان الجمع بين الروايات، لما رأيته لمنتحلي الإقراء في زماننا وما قبله من ارتكابهم ما نهى عنه السلف ومن تبعهم من عالمي الخلف في الجمع بين الروايات، من تقطيع حروف القرآن، والإخلال بنظمه ومعنى الإعجاز فيه، وتخليط الروايات بدخول بعضها في بعض، لأنهم بكررون الكلمة الواحدة من القرآن، لاختلاف الروايات فيها في نفس واحد، ولا يفصلون بينها بوقف ولا سكت، ولا يعتبرون تعلقها بما قبلها ولا بما بعدها، فيفرقون بين العامل والمعمول، والتابع والمتبوع، والصلة والموصول…وأشباه ذلك، فيقرؤون قوله تعالى: "وهو على كل شيء، شيء، "شيء قدير"، فينطقون ب"هو" محرك الهاء ثم مسكن الهاء، و ب"شيء" الأول بالمد لورش، وبشيء الثاني بالقصر لقالون ومن وافقه، وبشيء الثالث بالسكت لحمزة، وكل ذلك في نفس واحد من غير سكت ولا فصل شيء منه عن شيء، وكذلك ما أشبهه من الحروف".
"وحملهم على ذلك طلب الاختصار وعدم التكرار لما لا خلاف فيه بين القراء، فوقعوا فيما لا يجوز ولا يقول به أحد من علماء القراء من سلف الأمة، إذ لا فرق بين تلاوة القرآن برواية واحدة أو بروايات، فكما يتحرز في التلاوة برواية واحدة من الوقوع في شيء من المحذورات التي ذكرنا، كذلك يتحرز في التلاوة في الجمع بين الروايات، وذلك النوع من الاختصار الذي سلكوا، فيه الإخلال بنظم كل القرآن ومعنى الإعجاز فيه، وتخليط الروايات بدخول بعضها على بعض في نفس واحد…"
ثم قال مصححا لفظ التلاوة في الجمع والإرداف: "وإنما الذي يجوز في تلاوة تلك الآية لمن يقرأ بالجمع الكبير أن يقرأ بها كلها لورش بالترتيل على طبع قراءته وتحريك "هو" ومد "شيء"، ثم يقرؤه لقالون ومن وافقه بالحدر على طبع قراءته، وإسكان "هو" وقصر "شيء"، ثم يقرؤه لحمزة بالترتيل على طبع قراءته أيضا، وتحريك "هو" والسكت على "شيء"".
وإذا قرأت على هذه الصورة فلاتكرار في هذه القراءات، لأن كل واحدة منها ممتازة على غيرها بما اختصت به مما ذكرنا، ولا مـحذور فيها أيضا مما ذكرنا ـ وبالله التوفيق ـ وسميته "ترتيب الأداء، وبيان الجمع في الإقراء" "وبالله أستعين على ماقصدت"".
وقد قسم أبو الحسن كتابه إلى بابين :
الأول : باب ترتيب الأداء وما يتعلق به من أحكام التلاوة.
والثاني : بيان الجمع بين القراءات وما يحذر فيه من الإخلال باللفظ والمعنى وتخليط الروايات.
وقد تناول في الأول الأحكام المتعلقة بالأداء المطلوب فبين أن القراء قد أجمعوا على التزام التجويد في التلاوة وحصروا مخارج الحروف وصفاتها، وبينوها بيانا شافيا، إلا أنهم اختلفوا في صفات التلاوة من حيث الترتيل والحدر والتوسط… ثم ذكر قراءة كل فريق من القارئين بالأنماط الثلاثة، وأن لكل وجها من النظر ودليلا من الشرع ـ كما تقدم ـ مع ترجيحه الأخذ بالترتيل في التعليم، ثم يأتي بعده الحدر في المرتبة. ثم انتقل إلى ذكر طبقات المد عند أئمة القراءة من السبعة، فقسمها إلى خمس:
 الأولى طبقة الترتيل والتحقيق، وهي لحمزة ونافع في رواية ورش عنه.
 والثانية طبقة من مال إلى التحقيق والترتيل وهي لعاصم وحده.
 والثالثة طبقة من لم يمل إلى أحد الطرفين، وهي لابن عامر والكسائي.
 والرابعة طبقة من مال إلى الحدر، وهي لأبي عمرو في رواية الدوري عن اليزيدي عنه، ولقالون في رواية أبي نشيط عنه.
 والخامسة طبقة أهل الحدر والهذ، وهي لابن كثير، ولأبي عمرو في رواية السوسي عن اليزيدي عنه، ولقالون في رواية الحلواني".
ثم أخذ في الحديث عن تفاوت مراتب المد في الإشباع والتطويل على قدر قراءات القراء وتمهلهم وحدرهم "فليس مد من يتمهل ويرتل كمد من يسرع ويحدر، ونبه على أن اختلاف القراء المعروف إنما هو في المد من حيث هو طبيعي ومزيدي، إذ لو كان اختلافهم في الزيادة خاصة دون الطبيعي لذكر الإشباع وسببه، وهذا بين لمن تأمله وأنصف".
ثم ساق نصا طويلا في شرح مختلف أنواع القراءة ذكره أبو جعفر بن الباذش في كتاب "الإقناع" فقال: "حدثني أبو الحسن بن كرز بقرأتي عليه قال: حدثنا أبو القاسم بن عبد الوهاب قال: قال لي شيخنا الأهوازي: "اعلم أن القرآن يتلى( ) على عشرة أضرب: بالتحقيق وباشتقاق التحقيق، وبالتجويد، وبالتمطيط، وبالحدر، وبالترعيد، وبالترقيص، وبالتطريب، وبالتلحين، وبالتحزين".
"قال ـ الأهوازي ـ وسمعت جماعة من شيوخنا يقولون: لا يجوز للمقرئ أن يقرئ منها( ) بخمسة أضرب: بالترعيد والترقيص والتطريب والتلحين والتحزين، وأجازوا الإقراء بالخمسة الباقية، إذ ليس للخمسة أثر ولا فيه نقل عن أحد( ) من السلف""( ).
ثم بعد شرح المراد بالترعيد والترقيص وباقي الأضرب الممنوعة في القراءة انتقل إلى شرح الأضرب الجائزة فقال: "وأما الحدر فإنه القراءة السهلة السمحة الرتلة العذبة الألفاظ اللطيفة ( )المعنى، التي لا يخرج فيها القارئ( ) عن طباع العرب.. قال : "والحدر عن نافع، إلا ورشا، وابن كثير وأبي عمرو".
"وأما التجويد فهو أن يضيف إلى ماذكرت في الحدر مراعاة تجويد الإعراب وإشباع الحركات وتبيين السواكن وهو على نحو قراءة ابن عامر والكسائي".
"وأما التمطيط فهو أن يضيف إلى ما ذكرت زيادة المد في حروف المد واللين، مع جري النفس في المد، ولا تدرك حقيقة التمطيط إلا مشافهة، وهو على نحو ما قرأت به عن ورش عن نافع من طريق المصريين عنه".
ثم قال في استيفاء باقي الأقسام:
"وأما اشتقاق التحقيق فهو أن يزيد على ما ذكرت من التجويد روم السكوت على كل ساكن ولا يسكت، فيقع للمستمع أنه يقرأ بالتحقيق".
"وأما التحقيق فهو حلية القراءة وزينة التلاوة( ) ومحل البيان، ورائد الامتحان، وهو إعطاء الحروف حقوقها وتنزيلها مراتبها، ورد الحرف من حروف المعجم إلى مخرجه وأصله، وإلحاقه بنظيره وشكله، وإشباع لفظه، ولطف النطق به، ومتى ما غير ذلك زال الحرف عن مخرجه وحيزه"( ).
ثم انتقل أبو الحسن بن سليمان إلى القسم الثاني من كتابه إي: إلى "باب بيان الجمع بين القراءات وما يحذر فيه من الإخلال باللفظ والمعنى وتخليط الروايات، فقال:
"اعلم أن ثمرة الجمع بين القراءات إنما هي الاختصار وعدم التكرار لغير موجب، وأما التكرار لموجب فلا بد منه لاختلاف الروايات....( ).
ثم انتقل إلى التمثيل فقال: "فمن الاختصار في الجمع بين الروايات كثرة المواقف الجائزة، لأنه يسقط بها كثير من التكرار، فإن كان في ذلك مد مشبع أو متوسط قرأه لورش بالترتيل، وكذلك لحمزة…وقرأه لقالون بالحدر من أجل المد أيضا، وكذلك لسائر القراء غير ورش وحمزة، لأنهم مشتركون في جواز الحدر لكل واحد منهم …قال: "ويفصل بين الروايات بالوقف على الأولى دون الثانية، ولا يفرق بين العامل والمعمول والتابع والمتبوع والصلة والموصول والمضاف والمضاف إليه والمعطوف والمعطوف عليه".
ثم انتقل إلى التطبيق على ذلك فقال: "فإذا قرأت لنافع جمعا بين روايتي ورش وقالون عنه أو لغيره من السبعة جمعا أيضا بين روايتين مثلا آية الاعتبار من سورة البقرة، وهي قوله تعالى: "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار… إلى قوله تعالى "لقوم يعقلون"، فتقرؤها كلها إلى آخرها لورش بالترتيل من أجل المد كما ذكر قبل، ولا تقف على شيء من أصناف المخلوقات المذكورة فيها دون ما بعدها، فتفرق بين المعطوف والمعطوف عليه مع اشتراكهما في الإعراب والحكم، وهو الاعتبار بوجودها على ما هي عليه من صفة الإحكام والإتقان وغير ذلك .. وتقرؤها ثانية لقالون بالحدر، من أجل المد كما تقدم".
"وإن كنت قارئا هذه الآية بالجمع الكبير بين القراء السبعة، فتدخل مع قالون في هذه الكرة ابن كثير وأبا عمرو وابن عامر وعاصما، لاشتراكهم في جواز الحدر لهم كما تقدم، إلا أنك تقرأ لأبي عمرو وحده صدر الآية إلى قوله "والنهار" فتميله له، وتقف كمن انقطع نفسه، ثم ترجع من أول الآية إلى قوله "والنهار" فتفتحه لغيره، وتشرك معهم أبا عمرو في باقي الآية إلى آخرها، فتردفه عليهم، ثم تقرؤها كرة ثانية لحمزة بالترتيل من أجل المد كما تقدم، تضيف إلى ذلك السكوت على لام المعرفة من "الأرض" في المواضع الثلاثة، وفتح "فأحيا" وترك الغنة لخلف في قوله "لقوم يعقلون"، ثم تكرر قوله "لآيات لقوم يعقلون" بإبقاء الغنة لخلاد، فتردفه على خلف، لاشتراكه معه في أول الآية إلى قوله "لقوم" ثم تقرؤها كرة رابعة للكسائي بالحدر كما تقدم، إلا أنك تقرأ صدرها للدوري بإمالة "النهار"، وتقف كما فعلت معه في قراءه أبي عمرو بن العلاء، ثم ترجع فتقرأ ذلك لأبي الحارث بفتح "النهار"، وتشرك بينهما في باقي الآية بإمالة "فأحيا"، ولا تغفل عن اعتقاد تشريك من ذكر تشريكه مع غيره في كرة منها فتكون قارئا بعض القراءات السبع لا كلها، مع إيهام ذلك البعض، لاختلافه باختلاف المواضع ولا تعد تكرارا إعادة ما لا خلاف فيه بين القراء مما وقع في أثناء الآية وإن كان لفظا مركبا مفيدا، كقوله "والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس"، لأن له فائدة عظيمة.
ثم انتقل إلى أمثلة أخرى من القرآن طبق عليها قواعد الإرداف والجمع على نفس النمط السابق، فذكر آية الطهارة في سورة المائدة، وآية التحريم في سورة النساء "حرمت عليكم أمهاتكم…الآية، ثم آية اللعان في سورة النور "والذين يرمون أزواجهم إلى آخر أربع آيات، ثم آية الحجاب في السورة المذكورة وهي قوله تعالى "ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن …إلى قوله "عورات النساء"، فقال: "تقرؤها لورش بالترتيل ثم تكررها لقالون من طريق أبي نشيط بالحدر كما تقدم… وتحدث عن إرداف باقي السبعة عليه كما تقدم، ثم مثل أيضا من السورة نفسها بمثال ثالث وهو آية الاستئذان: "يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم… الآية. ثم ساق ما فيها من قراءات على النسق نفسه، ثم انتقل إلى المثال الأخير وهو آية الجمع بين الاستفهامين في سورة العنكبوت: "ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين... إلى قوله "في ناديكم المنكر"، ثم فصل كيفية قراءته لكل قارئ على روايته ومذهبه في الإخبار والاستفهام وتحقيق الهمزة الثانية في "أئنكم"أو تسهيلها وإدخال ألف قبلها أو عدم إدخاله..إلخ ثم قال في ختامها مقررا لقاعدة الجمع العامة:
"وعلى هذا المنهاج في الآي المذكورة تقيس سائر آي القرآن، وتتحفظ من تخليط الروايات والوقوع فيما نبهت عليه في ذلك من المحذورات، والله الموفق للصواب بمنه وكرمه، وصلى الله على سيدنا محمد وآله عودا وبدءا، والحمد لله رب العالمين".
وهذه نهاية كتابه، وقد اعتمدت في عرضه على مخطوطة منه بالخزانة العامة بالرباط تحت رقم 2988د( )، ثم وقفت على نسخة منه بخزانة تطوان، وهو مسجل بها تحت رقم 881( ).
ولا تخفى أهمية الكتاب في توجيه مسار القراءة في المغرب فيما يخص الطريقة التي غلبت على المدرسة المغربية منذ أول المائة الخامسة تقريبا، وهي الأخذ بأسلوب الجمع في الأداء، وذلك بعد أن يكون القارئ قد تأهل لذلك بالقراءة بالإفراد، وتعرف على أصول كل قارئ ومذاهبه، ووقف على اختلاف القراءات والروايات والطرق، إذ لم يكن يسمح بالجمع- كما قدمنا- إلا لمن أفرد القراءة على إمام معتبر ومهر فيها، ثم أراد أن يجمع بين أكثر من قراءة أو أكثر من رواية اختصارا للوقت واستكثارا من الشيوخ وتوثيقا لما قرأ به.
وقد اعتبره بعض من كتبوا في الموضوع أقدم من ألف من المغاربة في جمع القراءات( ). والحق أنه مسبوق إلى ذلك، فقد ألف قبله في الموضوع أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن محمد بن مسعود القيسي البسطي الأندلسي سكن مدينة فاس، وقد ترجمنا له في مشيخة الإقراء بها( )، وقد ذكر ابن عبد الملك المراكشي أنه "كان متقدما في تجويد القرآن وإتقان حروفه، أقرأه بفاس وغيرها.. قال: "وله في القراءات مصنف مفيد سماه "الاستدلال على رفع الإشكال، في جمع القراءات، وتبيين المعاني المبهمات"( ).
ولما كان المؤلف قد عاش في أول المائة السادسة إذ قرأ عليه الخطيب أبو محمد القاسم ين محمد بن الطويل المتوفى في حدود 560هـ( )، فإنه يكون قد تقدم إلى التأليف على أبي الحسن بنحو القرنين من الزمان.
وقد ذكرنا أيضا تعرض أبي الحسن علي بن عمر القيجاطي لموضوع "الجمع بين القراءات وشروطه" في قصيدته "التكملة المفيدة"، ثم في شرحه الذي وضعه عليها، وهو معاصر لأبي الحسن بن سليمان مشارك له في بعض شيوخه كأبي جعفر بن الزبير وغيره، وقد توفي مثله في سنة 730 هـ بغرناطة، ومذهبه "الجمع بالحرف" لا بالوقف على عكس أبي الحسن".
جزى الله الشخ عبد الهادي خير الجزاء.
 
عودة
أعلى