سلسلة انهيار شرفات الاستشراق (12) /وسُوْسَةُ طرابيشي للجابري

طارق منينة

New member
إنضم
19 يوليو 2010
المشاركات
6,330
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
يبدو أن محمد عابد الجابري استجاب أخيرا لوسوسة ناقده وهو "جورج طرابيشي" الناقد العلماني-الذي هو مثله في الصنعة!-الذي أبكاه نقده -كما أخبرني من أثق به- وكان طرابيشي قد كرّس (نحوا من خمسة عشر عاماً) ،من عمره العلماني، في كشف التناقضات داخل مشروع الجابري، وقد برر طرابيشي طول مدة النقد بقوله إن تفكيك الألغام، لا سيما إذا كانت معرفية يقتضي مجهودا وأناة وصبرا (انظر مقدمة كتابه "العقل المستقيل في الإسلام")؛ فهو بالنسبة لطرابيشي قد وقع في مأزقين: المأزق الأول انه "تبنى لحسابه خطيئة عصرالنهضة بإعلانه عن عدم أُزوف ساعة الثورة اللاهوتية، وبالتالي عن ضرورة إرجائها إلى أَجَل غير مسمى" المأزق الثاني "بتغييبه بالتالي للواقعة القرآنية ... قد استبعد من حقل الوعي اللاهوتي الضرورة النهضوية لإعادة بناء المعقولية القرآنية، والحاجة التنويرية إلى تحرير "الرسالة" من عبء التاريخ" (إشكاليات العقل العربي ص69-70( ويبدو لي أن هذه الكلمات هي المحرّض الذي دفع الجابري لكتابة كتابه "المدخل إلى القرآن" وأقسامه الثلاثة وبذلك يكون الجابري قد استعجل افتتاح "المرحلة المؤجلة" من النقد اللاهوتي تحت ضغط ووسوسة ناقده "جورج"!، وهذا يذكرني باستجابة الوليد ابن المغيرة السريعة لتحريض "أبو جهل"
ذكرتُ فيما مضى اتهام الجابري لصحابة رسول الله، بل اتهامه لرسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، بأنهم تأثروا بمعهود اليونان الأسطوري عن "القلم"! أما هنا –في مثالنا التالي- فنجد الجابري يتقدم خطوة أشد تهورا تُخفي حقائق التاريخ والوحي معا كما تُظهر لنا حقيقة "الجهل المطبق" الذي اخبرنا عنه ناقده والذي سنظهره هنا في مسائل ما بعد "التحريض الطرابيشي" لنقدالقرآن، ومنها دعوى مُطَابَقَة المفهوم القرآني للموروث العلمي اليوناني الخاطئ.
ففي تعليقه على قول الله تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ) وهي الآية (17)، التي وردت بعد العرض التفصيلي الدقيق لمراحل نمو الجنين في الرحم (12-14) وهي من سورة "المؤمنون"،قال الجابري: "ومفهوم السموات السبع يطابق معهود العرب في ذلك الوقت الذي يرجع إلى الموروث "العلمي" القديم الذي كان يتمثل في النظام الفلكي الذي شيده بطليموس (عالمي وناني عاش في الإسكندرية في القرن الثاني للميلاد) وقوامه كواكب سبعة سيارة والأرض في مركزها وهذه السبعة السيارة هي: زحل، والمشتري، والمريخ، والشمس، والزهرة،وعطارد، والقمر، وقد بقيت نظرياته مهيمنة على علم الفلك إلى القرن السادس عشر" (القسم الثاني من(فهم القرآن العظيم، التفسير الواضح حسب ترتيب النزول للجابري ص259). ويبدو أن الأحكام الضالة التي تصدر بحق القرآن تتلبس كل يوم صورا جديدة، وقد رأينا فيما مضى اتهام "طيب تيزيني" بأن مصدر "وسطية القرآن" هي فلسفة أرسطو اليوناني عن "الأوساط"!، بل زعم طيب تيزيني ايضا ان الرسول أخذ من الزرادشتية والتلمود!(مع أن التلمود لم يكن مترجما يومئذ !، ولم يكن موجودا بالصورة التي عليها اليوم، وهو 20 مجلدا استمرت كتاباتها الى مابعد الرسول بقرون، بل ربما يزيدون فيه كل يوم شروحا جديدة تُضم اليه!!) وزعم الدكتور العلماني المشهور هشام جعيط ان الرسول هاجر ،مرات على مدد تطول وتقصر!!-لسوريا للتعلم في مدرسة لاهوتية تسلح بلغات منها اليونانية لغرض الترجمة قبل ذهابه اليها!!!(وقد قدمنا من هذا الأمر بعضه وسيأتي منه المزيد وبالتوثيق) وهنا الجابري يضيف المزيد، فمصدر مفهوم السموات السبع في القرآن هو نظرية بطليموس اليوناني!!! الذي تقول نظريته بثبات الأرض في مركز الكون وهو رأي الكنيسة في الحقيقة وليس الإسلام. يقول موريس بوكاي"هذا المفهوم الذي التقى الناس عليه مع ذلك حتى عصر محمد، لم يظهر في القرآن في موضع منه مطلقا" (انظر التوراة والإنجيل والقرآن والعلم ص194). يقصد بوكاي: " النظام المحوري المعروف الذي ظل مقيما منذ بطليموس" (ص194) ويجب ان لاننسى :" بان الفيثاغوريين كانوا يدافعون عن نظرية ثبوت الشمس في الفضاء حيث كانوا يجعلون منها ايضا مركز الكون ولايتصورون تنظيما سماويا الا حولها" (انظر بوكاي ص 198)، فجاء الإسلام ونقض الأخطاء العلمية القديمة ووضع نظاما حقيقيا للكون يتماشى مع الحقيقة الأولية ويحقق علم الله في كونه وخلقه. يعرفنا به على النواميس التي يسير بها ملكوته العظيم لننقب عنها طالما هي ، منه وإلينا، لعمران الأرض باعتبار الإنسان خليفة في الأرض جاء اليها بسبق علم الله بأنه رغم خطيئة آدم الا انه قد عينه خليفة من قبل نزوله اليها "إني جاعل في الأرض خليفة" بل ومن قبل الخطيئة التي لم يكن له ذنب فيها ، وهو مالم تفهمه الكنائس المنحرفة فراكمت معارفها الخاطئة في سلسلة باطل مستمر ومايزال!!، فجلعت من هدف نزول الانسان على الأرض "قتل الرب" للتحرر من الخطيئة و"العودة" إلى السماء كأرواح نجحت في قتل الرب على الأرض ليعطيها حياة في السماء بعد ان تحقق عدل الله على الارض بعملية الفداء المزعومة ، وكل ذلك لا لعمران الأرض والتعرف على سنن الكون ولكن للتخلص من صغيرة بإرتكاب أكبر الكبائر وتقديس أعظم جريمة عنف يتصورها التاريخ البشري قاطبة!، ويقولون مع ذلك " الله محبة" فلو عرفوا لما ادعوا صلبه! ،تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا
فما أعظم حقائق القرآن التي بينت للانسان انه جاء إلى الأرض بنموذج للتوبة "توبة آدم" ونموذج "للخطيئة" خطيئة آدم ، ليعلم انه إن أخطأ بذنب فنموذج التوبة موجود ولينطلق تائبا مباركا من الرب لعمران الأرض. قد يسقط مرة ويقوم مرات لكنه محب لله عاملا بتعاليمه قائما على مهمة الخلافة "قيم" مستخدما لسنن الكون عاملا على سبر اغوار المادة الثقيلة، "السموات" و"الأرض" واللطيفة ،الخفيفة " النطقة، العلقة،الذرة، العقل..إلخ. وان لم يقدر على ذلك فيكفي انه يفهم حقيقة وجوده وغاية نزوله وطبيعة مهمته وفرادة انسانيته وتعلقه برب واحد لاشريك له.
ان المتأمل في آيات القرآن يرى ان لهذا الكون العظيم سعة تزداد بقيومية الله وأمره وإبداعه ، وأن بطليموس ضيق ماوسعه الله وثبت ماأجراه الله من أفلاك تسبح ، وجعل ماهو مطلق في مداره مركز للنظام الكوني الذي قزمه ايضا!، ومن المعلوم ان النظام الفلكي المتكامل في القرآن نقد نظرية السبع كواكب سيارات ويكفي قوله تعالى عن الكون والأفلاك والأنظمة الكونية السابحة في مطلق السماء أو السموات أو العلو الذي أبدعه الله " والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون"(سورة الذاريات:47) وقد أطلق الله لفظ النجوم ايضا في قوله تعالى "وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون"( سورة النحل:12) فكيف تنغلق منظومة الأفلاك على سبعة كواكب او نجوم او حتي مجرات؟! وهي عظيمة ومتسعة بامر الله في ملكوت واسع جدا ومتسع ابدا الا في حدود يحدها ويعلمها الله وهو ماطلب القرآن النظر والتفكر فيه والاستفادة منه " أولم ينظروا في ملكوت السماوات وماخلق الله من شيء"(الأعراف: 185) ومن المعلوم أن علماء الفلك من تلاميذ "محمد رسول الله" نقدوا نظرية بطليموس وبينوا الأخطاء التي سطرها في كتابه "الماجسطي" ، ولا يخفى على المطّلع على مصادرهم أن نظرة القرآن الشاملة لأفلاك الكون هي التي منحتهم التصور الكلي لنقد نظرية بطليموس وأمثالها من النظريات اليونانية الخاطئة، كما فعل العالم المسلم الموسوعي "البيروني (362-440هجرية، الذي احتجّ في كتابه "الجماهر في معرفة الجواهر" بالآية التي خاطبت أهل مكة-أولا- عن مستقبل بشري له صلة بآفاق كونية" سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ"(فصلت :53)، كما احتج بالآية " الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ" (الملك:3 وهي مكية) ،والآية "وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ"(الحجر :19 وهي مكية!). ولايخفى على القارئ الواعي ان البيروني لم يحتج بهذه الآيات القرآنية، في كتبه وبحوثه عن الكون والارض، بطريق الغفلة والصدفة! وبلاوعي! وانه لم يقصد بها أية إشارة ولا انها هي التي دفعته هو وغيره من علماء الأمة إلى انطلاقة فعالة في الكشف عن سنن الكون وقوانين المادة. يقول المستشرق الألماني إدوارد سخاو، في مقدمة تحقيقه لكتاب البيروني "تحقيق ما للهند..." أن البيروني أكبر عقلية ظهرت في التاريخ و "إن البيروني يعتبر من وجهة نظر تاريخ العلوم أكبر ظاهرة علمية في الحضارةالإسلامية".
أما عن السموات السبع المذكورة في الآية فليس عند الجابري دليل من القرآن على أنها الكواكب البطليموسية السبعة المعبودة! وهي الكواكب المؤلهة في حضارته، والتي سجد لها أعظم فلاسفة عصره!!!، والقارئ للآيات الكونية في القرآن يعلم كم هي ضيقة وقاصرة فكرة مركزية الارض وثباتها وعلاقة ذلك بكواكب سبعة ، والآيات المتعلقة بالسماوات السبع لابد من ربطها ببقية الآيات الكونية ، وقد أشار بوكاي إلي أن علماء العصر يتفهمون اشارة القرآن عن السموات السبع ويحاولون النفاذ الى الآفاق البعيدة ما أمكنهم (انظر التوراة والإنجيل والقرآن والعلم ص172). وقال ايضا:" فالسموات اذن كثيرة ، وكذلك الأرضون ،وليست هذه واحدة من المدهشات لقارئ القرآن المعاصر أن يجد في نص من نصوص هذا العصر الإخبار بأن اراضي كثيرة مثل أرضنا يمكن أن تكون في الكون وهو مالم يستطع الناس حتى زماننا أن يصلوا إلى حقيقته، فالآية12 من السورة 65 تخبر (الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهم لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما"(المرجع نفسه ص 172-173) ويضيف "إن هذا المفهوم الجديد للفلك لم يكن موجودا في عصرالرسول وانه كان سيتضح مع تقلب القرون" (ص194) ويقول " ان هذه الحقيقة يجب أن تسجل لصالح الوحي القرآني"(المرجع نفسه ص 182) ،هذا فضلا عن ماأورده القرآن من حقائق عن سباحة الكواكب ودورانها " كل في فلك يسبحون" فضلا عن أنها مسخرة للإنسان هي وسنن الكون قاطبة. فاضاف الوحي القرآني مبادئ علمية جديدة ونفى عن الكواكب والأفلاك ألوهية زائفة وتقديس مُعيق ، ووضع نظاما جديد للنظر والكشف والتنقيب، وألغى التصور القديم السائد عن الصراع أو التأليه وأرجعه إلى ماكان عليه في الحقيقة وهو نظام الوفاق والخلق الواحد المتعدد في صور ابداعه. وهي نقلة حضارية ومنهجية لم تعهدها البشرية من قبل وهو ماجعل الجماعة المؤمنة تنسجم مع حركة الكون بلاعداوة ولا "غزو" –كما هو المصطلح الغربي-بل وبالفاظ جديدة على الفلاسفة والعلماء صارت العلاقة بعد فك ارتباطاتها مع الوثنيات والأسرار والكهنة والسحر ، علاقة "تسخير" لاتقديس، وتوغل ووفاق وانسجام وتكامل وكشف وتنقيب، وتجانس والتحام ، وتفاهم بين الإنسان والعالم، وذلك بعد تحرير المفاهيم من تلبيسات ووثنيات وتحرير الانسان من خرافات ومعوقات"(يمكنك الإطلاع على ذلك من خلال افضل ماكتب في العصر الحديث عن ذلك وهو كتاب" مدخل إلى الحضارة الإسلامية" للدكتور العلامة عماد الدين خليل)
وقد وضع القرآن ملامح وقواعد ومبادئ هذا التصور الجديد للكون بل وضع هذه الحقائق الدقيقة في صور من التعابير اللغوية البالغة الوصف، الدقيقة التصوير التحديد والتمييز، التي أسلم بمجرد سماعها علماء في الطب والفلك والتاريخ والكيمياء والفيزياء والطبيعة والانسان لم يجدوا ادق واقوم منها في الوصف والإسم والدقة العلمية، وفي ذلك يقول موريس بوكاي كمثال على تعبيرات معينة عن الأوصاف بالغة الدقة عن حركات الشمس والقمر الموجودة في القرآن :"ويظهر إذن أن في القرآن تلوينا في التعبير يشير إلي حركات خاصة بالشمس والقمر تثبتها معطيات العلم الحديث. ولايمكننا أن نفهم أن رجلا في القرن السابع الميلادي، مهما كان واسع العلم في عصره، وهو ما لم يكن عليه حال محمد صلى الله عليهوسلم، بإمكانه أن يتصورها"(ص197).
 
الأخ طارق شكر الله لك هذه المنافحات عن القرآن العظيم ضد عقول أمرضتها الفلسفة التاريخانية، ولو أن هذه العقول كانت صادقة في تبني المناهج العلمية لطبقت هذا المنهج التاريخاني على النظريات الفلسفية الغربية البشرية المتجاوزة التي تستنسخها في عمى كامل عن سياقها التاريخي، أليس من الحق الحقيق أن يطبق المنهج التاريخاني على النظريات الغربية المتجاوزة؟ من هنا نفهم أن اقتباسها أو استنساخها بالأحرى لا علاقة له بالأهداف العلمية
 
من وثقتَ به ليس بثقة على ما يبدو

من وثقتَ به ليس بثقة على ما يبدو

كيف أبكاه نقد متعمل جاء بدافع الحسد والعداء الشخصي.
أخبرني الأستاذ الجابري رحمه الله عن سبب نقد طرابيشي له ، وإن شئت أرسلت لك بصوته ، وفيه تصح مقولة البديع في مقامته "ولا ينبئكم عني أصدق مني": قال إنه حين ظهر كتاباه تكوين العقل العربي وبنية العقل العربي أثنى عليهما طرابيشي وأشاد بهما. قال وحضر ذات مساء ندوة حضرتها فتحدث عن موضوع لي فيه رأي مغاير فناقشته بحرية ورحابة صدر وبينت له أن الرأي الصواب هو كذا وكذ لكذا وكذا سبباً ، قال فوجد عليّ في نفسه، قال وقال لي أحد الإخوة المصريين : "دنت مسحت به الأرض"، فقلت إنما حاورته بعلمية. فلبث مليا ثم ظهر بمشروعه نقد نقد العقل العربي.
وأنا شخصيّا-عبدالرحمن- أعترف أني لم أقرأ نقد طرابيشي بل تصفحته واقفا ذات يوم فلم أعبأ به، ولم تقع عيني في وقفتي تلك على ما أعده نافعا أو علميا وإن كان لا بُدّ أن يكون قد مر بما يمكن أن يقال فيه "نافع" أو "علمي". فحتى ابن حجر حين أورد المسائل التي انتقدها الحافظ أبو الحسن الدارقطني على الإمام البخاري قال في بعضها الصواب مع الدارقطني والدفاع عنها تعسسف!
هذا ما لا شك فيه
ولكني أشك في قول ثقتك أن نقد طرابيشي قد أبكى الأستاذ الجابري أو حتى أثر فيه.
ودمتم بودّ
 
ولو أن هذه العقول كانت صادقة في تبني المناهج العلمية لطبقت هذا المنهج التاريخاني على النظريات الفلسفية الغربية البشرية المتجاوزة التي تستنسخها في عمى كامل عن سياقها التاريخي
جزاكم الله خيرا الدكتورة فاطمة، وهي كلمة غالية، هي خلاصة الأمر كله.
ولو نظرنا الى آخر ماقاله أو قالته أواخرهم،او خرج به علينا، من جديد العلمانية الغربية، نقلا وتقليدا، علي حرب مثلا فليس عنده : مسلمات محترمة فالجوهرانية الثابت يدخل فيه عنده كل شيء الا نظرته هو!
ومحمد اركون على الرغم من انه لايقبل اي حقيقة او يعتبرها كلها حقائق تقبل الهدم والتفكيك فتصير عند غير اهلها نسبية كما عنده ايضا، الا ان عند اركون (مسلمات-حقائق) لها السيادة العليا عنده(انها مسلمات مذاهبه المستعمله ومنها مسلمات مدرسة الحوليات الفرنسية)، واحيانا يقول اركون القول ونقيضه في هذه المسألة!(اركون يرفض توجيه النقد لادواته، وشيطانه او ظله وهو هاشم صالح، يدافع عنها وكأنها مسلمات لاتنقد)
كيف أبكاه نقد متعمل جاء بدافع الحسد والعداء الشخصي.
وهل قلنا يادكتور عبد الرحمن ان ردودهم على بعض جاءت من طريق الرحمة المهداة!
يمكنك تتبع رد طرابيشي على صاحب وليمة لاعشاب البحر وصاحب وليمة لاعشاب البحر-حيدر حيدر- على طرابيشي وهي موضوعة في كتاب مهم في مناقشة قضايا مهمة . كلاهما يكيل الشتائم للآخر.
وهناك ردود علمانية-علمانية كثيرة
لايهمني يادكتور وانا رجل أمي، ان يكون رد ما بأي دافع كان، فهذا يمكن الأخذ به، نعم، ولكن بعد المناقشة الموضوعية، او حتى قبلها، لاحرج، على ان ننظر فيما قاله الرجل في مشروعه الخاص الذي كلفه خمسة عشر عاما لتقييم مشروع الجابري!
وللعلم فاني أجهز رد على طرابيشي هذا.. فهو علماني. ولابد أن يأخذ حظه من نقدي!، ان شاء الله طبعا..
اما قول الجابري لحضرتكم
قال فوجد عليّ في نفسه، قال وقال لي أحد الإخوة المصريين : "دنت مسحت به الأرض"، فقلت إنما حاورته بعلمية. فلبث مليا ثم ظهر بمشروعه نقد نقد العقل العربي.
ان طرابيشي حمل من يومها شرا ، وتأبط شرا!(هل هذا تفسير موضوعي لبيان مصدرية ظهور نقد ما، استغرق 15 سنة،قد يكون!،فانا قلت عن الجابري نفسه ان طرابيشي وسوس له فإستعجل نقده الأخير! ) حتى خرج -طرابيشي، هذه المرة!-على العالم بمشروعه الذي كلفه 15 سنة، لينفض عنه الهم..(الداخلي) العلماني. فلايهمني هذا بقدر مايهمني ماضبطه من الجابري من تزوير
تزوير يااستاذ لكلام اكابر علماء امة الاسلام،تزوير اقام عليه نتائج غاية في البطلان!
تزوير، ايضا، لمفاهيم أكابر فلاسفة العلمانية!
فضلا عن مااشرنا اليه من تلاعب بالحقائق واسقاطات فاشلة.. واستعجال غير موقف لنقد القرآن.. وحتى لو تأنى قرن أو قرنين(ففكرة الانتظار هذه هي من احتياط الجابري نفسه الا انه استعجل عملية نقده اللاهوتي الخاصة).. وأحياه الله حتى وصل لعمر طويل جدا، وحمل معه ادواته المفهومية القديمة والجديدة..فإن حكم القضاء الرباني قد صدر منذ الأزل
يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ
والسبب مذكور في صورة الصافات.. السبب انهم ينطلقون من تخرصات تجاه اعظم حقائق الوجود... ويمكنك تصور رجل ضخم -طوله ستون ذراعا!-يقف امام بناء عظيم جدا وليكن كوكب المشتري او حتى بناية ارضية صغيرة او كبيرة!، ثم قعد ينفخ فيه ليزيحه من مكانه!، او رجل عنده نوويات واراد ان يخرب بها السموات!
ومعلوم ان هذه الآية المتقدمة وردت بين آيات عرضت فضائح الأحبار والرهبان، فضائح دينية ونفسية واجتماعية واقتصادية.. فضائح من كل نوع..
والسؤال الآن: كيف يُخلخل أمثال هؤلاء(وهم مرضى كما ترى، وضعفاء ضعف ذاتي!!!!) حقائق لاتزول ابدا..؟
وأنا شخصيّا-عبدالرحمن- أعترف أني لم أقرأ نقد طرابيشي بل تصفحته واقفا ذات يوم فلم أعبأ به، ولم تقع عيني في وقفتي تلك على ما أعده نافعا أو علميا وإن كان لا بُدّ أن يكون قد مر بما يمكن أن يقال فيه "نافع" أو "علمي". فحتى ابن حجر حين أورد المسائل التي انتقدها الحافظ أبو الحسن الدارقطني على الإمام البخاري قال في بعضها الصواب مع الدارقطني والدفاع عنها تعسسف!
هذا ما لا شك فيه

شكر الله لك على هذا التوضيح يادكتور، وهذا ماقصدته!
فلاينبغي الاكتفاء بالقيل والقال فمشروع طرابيشي يستحق التأمل..
ففتنة الجابري عن العقل العربي احبطها الله، ايضا، بإشغال رجل علماني ، تنقل بين المذاهب العلمانية،وهو جورج طرابيشي، بنظريات صاحب النقد هذا، وبيان مافيها من عنصرية واقليمية وفئوية وعلمانية مستترة ومتحيزة، وتلاعبات من كل نوع، تلاعبات في الجانب الاسلامي، وتلاعبات في الجانب العلماني..ولاغرو فتحطيم صنم ما قد يكون بأقرب معاوله!
 
تعليق على قضية نقد الجابري

تعليق على قضية نقد الجابري

الأخ طارق بارك الله فيكم ورزقكم التوفيق للسداد بحسن نيتكم

كما تعلمون لسنا ضدّ أي نقد علميّ لأيٍّ كان بشروطه ولوازمه، ولكن ...
ما نخشاه من اعتراضنا على بعض ما تقومون به هو أن يؤدي إلى مصادرة جهود الناس وحرمان الأمة من خير كثير لدى بعضهم كالأستاذ الجابري رحمه الله بسبب اقتحامه موضوعاً لم يُعدّ له عدته اللازمة وهو الدراسات القرآنية.
وفي مثل هذه الموضوعات الفكرية الكبرى أعنى الكتابة على مستوى نقد العقل العربي كله، لا عقل طارق منينه وحده أو عقل جمال عبدالناصر وحده، أو عقل محمد عبده وحده بل العقل العربي المفكر كله منذ أيام الشافعي إلى اليوم، هذا موضوع كبير لا يجرؤ على اقتحامه إلا مبرّز كبير في الكليات وسبق أن أشرتُ في هذا الملتقى المبارك إلى أن هذا النوع من الأساتذة كالجابري والعروي وأركون يمتازون بتبريزهم في مجال الكليات وإن كانوا يُبدون ضعفا واضحا وخللا فاضحا في الجزئيات. وبيّنتُ ما عنيت بالكليات والجزئيات، أما الجزئيات فهي العلوم الآلية التي يضبط بها المرء أو المرأة وحدات نقل المعنى الصغرى كالكلمة والجملة. أما وحدات نقل المعنى الكبرى كزمان النص ومكانه وتاريخه والحضارة والإشكالية الفكرية التي ظهر إبانها فهذه لا تحذقها بمجرد تلمذتك على شيوخ مبرزين في الجزئيات، بل تحتاج أن تقرأ المنطق والرياضيات وخلاصة تاريخ العلم وأنماط البارادايم أي نمط التفكير في حقبة تاريخية ما وأكبر القطائع والقفزات في تاريخ الفكر الفلسفي المحايث لتطور الفكر العلمي الفيزيائي.
ولما كانت قيمة كل عمل لا تظهر إلا بالمقارنة
فإن قيمة عمل الجابري في نقد العقل العربي ولا سيما في كتبه الأربعة:
-نحن والتراث قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي
-الخطاب العربي المعاصر
- تكوين العقل العربي
-بنية العقل العربي
هذه الفتوح الفكرية التي جاء بها الأستاذ الكبير لا نستطيع الحكم عليها إلا بمقارنتها بنظائرها ممن حاموا حول نفس الموضوعات وأخضعوها للتحليل.
لا يوجد عربي بدوي يعترف أننا متخلفون حضاريا عن العالم لماذا؟ لأن البداوة نمط حياة تحتوي الإنسان وتعطيه إشباعا خاصا لنوع الحياة التي يعيش دون أن يبالي بأسس الحضارة المدنية المعاصرة وأسسها العلمية.
ولكن كيف نثبت لأنفسنا أولا وللناس من إخواننا في الملة ثانيا وللناس من غيرنا ثالثاً أننا متقدمون أو متخلفون حضاريا (مدنيا أو ثقافيا أو كليهما)؟ لا يوجد غير المقارنة.
كل منهج أو مقاربة لأي قضية لا تتخذ المقارنة الشمولية فلن تعطي نتائج ذات قيمة بل ستكون خطابا أشبه بالشعر لأنها مغرقة في الذاتية.
والمقارنة كما تعلمون تحتاج أمورا أهمها:
- معرفة الأشياء (والأفكار والنظم) التي تجري بينها المقارنة
- الوصف الدقيق لتلكم الأشياء (والأفكار والنظم) لأن الوصف اللغوي يحتاج دقة وتفصيلا يُجلي ملامح الصورة، وإذا كان الشيء فكرة مجردة احتيج إلى أمثلة حسية تمنع ذهن القارئ من التشتت وتنقل إليه الصورة واضحة ليستطيع أن يفهم المقارنة، وإلا أضللناه من حيث نسعى إلى هدايته.
- سعة الاطلاع على الأمور المشابهة لأن اختيار الشيء لمقارنته بغيره تقوم على معرفة به وبنظائره وتتضمن حكما ضمنيا بترشيحه لأمثلية الصلوح للمقارنة.

من كل ذلك فإن الأمة ستخسر كثيرا إذا صادرت جهود الفاتحين العظام كالجابري رحمه الله في نقد "العقل العربي" ، وقد كان الجابري واضحا كل الوضوح مع قارئه ومع نفسه ومع التاريخ حين انطلق من العصر الحاضر بتفكيك الخطاب العربي المعاصر.
لم نكن نعلم قبل الجابري أن جمال عبدالناصر كان يشتغل بعقل بدأ تأسيسُه مع الشافعي حتى جاء الجابري وأثبت لنا أن الماركسي العربي حين قلد الماركسي الأممي في التجربة السوفيتية أو الصينية فقد بحث عن سلف يتكئ عليه لأن العقل العربي يبحث عن مثال سبق ، وأن آلية القياس السطحي متغلغلة فيه مهما كان اتجاهه وتوجهه.
نعم لم يكن الجابري أبا بجدة فكرة "أن العربي قياسي analogical لا تحليلي analytical " فقد قرر ذلك المستشرقون من زمان، وأشهر من أتذكره الآن جوزيف شاخت في مقدمته لتراث الإسلام Legacy of Islam حيث قال إن العقل العربي في مجمله قياسي لا تحليلي نعرف ذلك من الطريقة الإفتائية للشريعة الإسلامية ومن فنون الزخرفة العربية ومن طريقة ترتيب المعجم العربي، اهـ. ولكن الجابري قد حلل وقسم وخبر وسبر وأقنع قارئه بأن أكبر عيوب الفكر العربي هي قياسيته السطحية وأننا لكي نلحق بركب بني الإنسان في صناعة الحياة فعلينا إصلاح آلتنا التفكيرية وهي تقوية ققدراتنا التحليلية عن طريق الرياضيات والمنطق العلمي النظري والتجريبي.

والاستجابة الإيجابية لمشروع الجابري هي أن نقوم بتحليله وتبين ما فيه من إيجابيات وتوصيات في الموضوع ذاته فنستفيد منها في تطوير نظامنا التعليمي الذي كان الإشكالية الأكبر للجابري منذ عصر شبابه، فإن أوائل كتبه المنشورة كان "أضواء على نظم التعليم بالمغرب" . وأما أن نبدد نفيس الوقت بافتراض أن الجابري كان منسحقا أمام الاستشراق وأنه يحمل أيديولوجيا تسعى إلى تقويض الدين فهذا أولا ظلم وتجنٍّ على الحقيقة ، فهو الذي علمنا أن الحقيقة العلمية لا تدعي أنها الحقيقة الوحيدة الممكنة فثمة معارف أخرى لكنها لا تعرف عنها شيئا فليس من هدفها ولا من مشاغلها إبطال أو تفنيد إمكانية وجود معارف أخرى غير علمية.

لذلك فإن وجهة نظري المتواضعة التي لا يستطيع تبديدها لا طرابيشي ولا غيره أن مشروع الجابري في نقد العقل العربي عمل تاريخي وأعني بالتاريخي أنه غير ممكن التجاوز. غير ممكن التجاوز لا تعني غير ممكن التصحيح والترميم وإعادة الصياغة ولكنها تعني عدم إمكانية تجاهله أو القفز عليه، ببساطة لأنه قد أتى البيوت من أبوابها ومسك برأس الخيط وهو البعد الأفقي الواقعي قبل أن يمضي عمقا إلى البعد العمودي فيكتشف أن الشافعي هو المؤسس الأكبر للعقل العربي.
كان تحليله الأفقي للفعل العقلي الذي فعله الإنسان العربي سواء كان شيوعيا أو إسلاميا محافظا أو ليبراليا ، سياسيا أو أستاذا جامعيا أو رجل دين في العصر الحديث هو بحثه عن سلف يتكئ عليه، وهذا معنى قوله "قراءات كلها سلفية" حين جعل الماركسي سلفي التفكير ولكنه استعاض عن "السلف العربي" بـ"ـسلف سوفيتي أو صيني" أو غير ذلك.
أدعوك إلى قراءة تحليله لأسباب دخول جمال عبدالناصر حرب 1967 وكيف تحول تفكيره 180 درجة أي من
الوحدة قبل تحرير فلسطين
إلى
تحرير فلسطين قبل الوحدة​
فدخل الحرب
وكيف حاول الجابري أن يكتشف ترشح العقل العربي للانقلاب 180 درجة في اتخاذ القرار.
هنا تكمن عبقرية الجابري وتفرده عن غيره ممن نحا نحوه أو سبقه إلى معالجة الموضوع كزكي نجيب محمود وغيره.

فلكي نحكم على وضع نظمنا المعاصر بنظم غيرنا لا بد لنا أن نقارن الحال مع حال العالم المتقدم.
إذا كنت تظن أن دولتك تطبق الشريعة وأننا مسلمون وأننا خير من غيرنا فلماذا تتمنى أن تحاكَم في دولة ذات أطر قانونية وخطوات فنية وشرائع دستورية تشعرك بالأمان وتعطيك الحق لمقاضاة الملك إذا احتجتَ إلى ذلك كبريطانيا والسويد وغيرها، على حين أن شرطيا يمكنه حجزك دون محاكمة في بلادك. ولماذا تحتاج "واسطة" يعرفك ليبرئك إذا كانت نظمك "خيرا" من غيرها؟
لا علاقة لأفضلية الإسلام على غيره من الأديان بمشروع الأستاذ الجابري ألبتة. أفضلية الإسلام على غيره يعرفها حتى أعداؤه فهذا المستشرق العملاق مونتغمري واط يصف الإسلام بأنه "دين المستقبل" وبأنه "دين الإنسان". ولكن مشروع الأستاذ الجابري هو نقد طريقتك أخي طارق في التفكير وطريقتي في التفكير بوصفنا منتمين إلى تراث يوفر لنا أطرا تفكيرية معينة ويوجهنا دون أن نشعر للتفكير بطريقة معينة. هذه الطريقة المعينة في التفكير التي صنعها لقارئيه تراث مكتوب بالعربية هي "العقل العربي" ومحاولة الجابري أن يقارنه بغيره من التراثات وطرائق التفكير هي "نقد العقل العربي" وهو عمل علمي ضروري لا غنى عنه لأنه عمل علمي ضروري لا غنى عنه.

قد يكون الجابري نقل نقولا خاطئة ولكن وفقا لمنطق البحث العلمي لا يعد ذلك نقضا للفكرة ولا للاستدلال إذا كان من الممكن أن نجد نقولا مشابهة تؤدي نفس الغرض. فإن استنبطنا من خطأ ما في النقل أو توهم في العزو أو إساءة في فهم جزئية ما داخل كلٍّ معين ، إن استنبطنا ذلك نكون انخدعنا بـ"ـذكائنا" القاصر لماذا؟ لأن الخطأ في فكرة جزئية ليس بالضرورة خطأ في فكرة كلية.

فكليات فكر الجابري التي استنبطها من التحليل الأفقي أي للعقل العربي المعاصر هي التي أعطت مشروعه مشروعيته.
يبقى محاولته أن يجد أدلة لهذه الكليات من التراث العربي العلمي واكتشافها في صنيع الشافعي ومن وليه، وهذه إن كانت تكتسب حساسيتها من الأهمية الدينية للشافعي وغيره فنحن حين ننتقد الفعل العقلي نصبح فلاسفة شئنا أم أبينا لأن الفعل العقلي هو موضوع الفلسفة الرئيس، وقد يخطئ الجابري في أدلته ولكن علينا إذا اقتنعنا بمشروعية المذهب ووجود الفكرة الكلية أن ننوب عنه في حشد أدلة له لا ضده.
وأعني بحشد أدلة له لا ضده أنّ المهم ليس إدحاض الفكرة ودغدغة عواطفنا الدينية والانتمائية بل المهم هو بناء التعليم العربي على أسس عالمية "فالنجاح إما عالمي أو زائف" ، وبناء التعليم العربي ليخرج مخرجات عالمية يقتضي صنع عقل عربي قادر على هذا الإنتاج.
والعقل العربي الموروث غير قادر على ذلك بدليل واقع البحث العلمي في جامعاتنا، وبدليل طرائقنا في العيش ونظمنا الممتلئة بالخلل في كل جانب. وعليه يكون مشروع نقد العقل العربي للجابري خطوة أولى ضرورية للمشتغلين بالتنظير للتعليم وبناء المناهج في بلادنا. وبالتأكيد أنها لم تكتب لجميع الناس ممن يريدون أن يدرّسوا العلوم الجزئية، فحسبهم إتقان صنعتهم وأن لا يكونوا الأضعف إذا ما قورنوا بنظرائهم.

فلا يجوز أن نصنف الجابري بأنه علماني، أو معادٍ للإسلام ، لأنه مصلح في مجال نقد العقل وعلينا أن نستفيد منه فقط في مجال تبريزه، وأما ما سوى ذلك فشأنه هو وليس شأننا نحن.
والله من وراء القصد
 
بارك الله فيك اخي الدكتور عبد الرحمن الصالح ووفقنا الله لكل خير لهذه الامة المرهقة اليوم من تخرصات العلمانيين التي حكمت واشقت لا في الفكر فقط او زرع الافكار(في رواية او فيلم او كتاب فكري او برامج تلفزيونية إلخ) ولكن تحكمت وحكمت في الواقع والتعليم والسياسة والقانون.
كما تعلمون لسنا ضدّ أي نقد علميّ لأيٍّ كان بشروطه ولوازمه، ولكن ...
ما نخشاه من اعتراضنا على بعض ما تقومون به هو أن يؤدي إلى مصادرة جهود الناس وحرمان الأمة من خير كثير لدى بعضهم كالأستاذ الجابري رحمه الله بسبب اقتحامه موضوعاً لم يُعدّ له عدته اللازمة وهو الدراسات القرآنية.
وفي مثل هذه الموضوعات الفكرية الكبرى أعنى الكتابة على مستوى نقد العقل العربي كله، لا عقل طارق منينه وحده أو عقل جمال عبدالناصر وحده، أو عقل محمد عبده وحده بل العقل العربي المفكر كله منذ أيام الشافعي إلى اليوم، هذا موضوع كبير لا يجرؤ على اقتحامه إلا مبرّز كبير في الكليات وسبق أن أشرتُ في هذا الملتقى المبارك إلى أن هذا النوع من الأساتذة كالجابري والعروي وأركون يمتازون بتبريزهم في مجال الكليات وإن كانوا يُبدون ضعفا واضحا وخللا فاضحا في الجزئيات
ان شغل العلمانيين الشاغل انما هو كما تعلمون تفسير كيف يعمل العقل العربي- الاسلامي(ومصدر تكوينه!).
وهم يصرحون ان الذي دعاهم الى نقد هذا العقل، هو مجموعة الهزائم التي المت بالأمة، خصوصا بعد هزيمة 67.
فالدكتور المهرطق صادق جلال العظم كتب بعد هزيمة 67 ليخبرنا ان الاسلام هو سبب الهزيمة(في كتبه نقد الفكر الديني على سبيل المثال لا الحصر)، وان تكوين العقل الاسلامي وجذوره القرآنية-الاسلامية هو سبب الهزيمة فهو عقل غير علمي.وان مصدر الهزائم المتعددة في الامة هو مصدر فكره الديني-الاساس، اي القرآن!
ادى هذا التفكير وهذه النتيجة، في النهاية، بالدكتور العظم الى ان كتب اخير عن "ذهنية" هذا العقل، فسماها" ذهنية التحريم"!
وكتب كتابيه" ذهنية التحريم" و" مابعد ذهنية التحريم" لاهانة هذه ال" ذهنية" ولايخفى عليك ان العظم في الكتابين اهان النبي واهان امهات المؤمنين باعتبار ان اهانة هذا العقل البدائي-يتصوره هكذا!- ومرمغته في بيت حريم وفضحه على الملأ بالتهكم والسخرية وبمنهج التهكم الغربي هو من اولى اولويات الفكر العلماني الذي استعان العظم بمنهجية تهكمه المشهورة-التي تهكمت على الكنيسة في القرن السادس عشر ومابعده- وذلك لصنع منهج تحقيري لاصول هذا العقل ولو في صورة عمل ادبي متفجر ومتعدد الابعاد بحسب تعبير العظم وهو رواية سلمان رشدي المشهورة التي دافع عنها العظم بكتابيه المشار اليهما هنا.
والعظم يسمي تهكمه هذا بالجراحة القاسية للعقل الاسلامي.
اخذ العظم جائزة غربية كبرى على اهانته لمصدر العقل العربي الاسلامي.
الجابري مدح العظم والعظم مدح الجابري، فهما داخل الدائرة العلمية!
نصر ابو زيد، ايضأ، ارجع مصدر العقلية الايديولوجية الاسلامية بعد القرآن والنص!، والفكر الديني، الى الامام الشافعي ايضا!، وان الشافعي انحاز للقرشية!، وتوجهها الايديولوجي!،وانه اي الشافعي لم يكن اول واحد حول العقل العربي الى عقل تابع(انظر كتاب الامام الشافعي ص21)
ومعروف هو منهج نصر او زيد في نقد العقل-النص- الخطاب!، وله كتاب بعنوان النص، السلطة، الحقيقة، والعنوان موحي فهو يعني (النص لا العقل حاكم ، والسلطة الدينية المستمدة من النص الذي بلوره الخيال الخلاق وظروف انتاج الوحي وتطوره عن الكهانة وغير ذلك بحسب ماذكر نصر في كتابه مفهوم النص ، هي الحاكمة المتحكمة والخطاب الديني الممتد من لحظة انبثاق النص الى لحظتنا الراهنة متحكم في الراهن ومصدره يمتد الى النصوص الدينية ومنها القرآن!
من هنا يحاول نصر ابو زيد اعلان الحرب على النص بأنه مانع من التقدم العقلي والتفكير في زمن التكفير
اعلان الحرب على العقل الديني الذي صنعه النص، هكذا هي اطروحة نقد الخطاب الديني عند نصر ابو زيد
محمد اركون ايضا تجد ان مادعاه الى نقد العقل الاسلامي واغلب كتبه تحمل على هذا العقل مع تصور هذا العقل وكأنه عقل مسيحي!،مادعاه الى نقده انما هو كما ذكر الهزائم التي حلت بالامة في الجزائر وغيرها من ايام الاستعمار الفرنسي
ماذا فعل اركون لنقد هذا العقل!؟
قال القرآن يعكس افكار المجتمعات القديمة، وبنيته اسطوريه خيالية تدهش الخيال لكنها غير علمية ويجب التحرر منها والتحرر الفكري قبل التحرر السياسي!، او بعده مباشرة لكن التحرر لابد منه، ومع ذلك يتناقض اركون فيقول ارجوكم افسحوا مجالا للدين، ثم يتناقض ويقول لكن ليس في الاكاديميات وانما في الكاتدرائيات والمساجد!
الجابري قال في المدخل الى القرآن ان منهجه في هذا الكتاب الاخير-كتبه في2006م- وملاحقه الثلاثة لايختلف عن منهجه في نقد العقل العربي
ثم في المدخل وملاحقه نجد الجابري يرجع تكوين العقل الاسلامي والعربي الى شظايا قديمة تجمعت في النص القرآني الكامل(اركون يسميه المدونة المغلقة) فهي مكونة الكون والتكوين القرآني!، وهي مع الافكار الهرمسية -والعقل الاسطوري عموما كما عرض ذلك في مواضع من كتبه الناقدة للعقل العربي- مكونة لطريقة تفكير العقل العربي!
يذكر الجابري-كما يذكر اركون ايضا- ان مادعاه لكتابة مدخل الى القرآن هو احداث سبتمبر المعروفة بينما كتبه السابقة كانت استجابة لظروف نكبة 67 (انظر المدخل ص 15)
الامر الواضح انه ونصر ابو زيد لايردان طبيعة هذا العقل الى تأسيس شافعي وانما الى ماقبل الشافعي..الى الكون والتكوين القرآني!
ومن هنا الهجوم العنيف او اللطيف على القرآن(نصر والجابري يهجمان بلطف وحيلة!، واركون والعظم يهجمان بعنف ورزيلة)
هذه هي كلية كلياتهم لا جزئية جزئياتهم
 
وسبق أن أشرتُ في هذا الملتقى المبارك-يقول الدكتور عبد الرحمن الصالح- إلى أن هذا النوع من الأساتذة كالجابري والعروي وأركون يمتازون بتبريزهم في مجال الكليات
لقد قدمت بالامس نوع من التوضيح عن مشاغل العقل العلماني ومقصده في دراسة العقل العربي او الاسلامي
لماذا ازيد على ماقدمته وانا ارى انه على الأقل الآن، كاف ي!.
مايهمني الآن هو ان اذكر(صورة من صور) الصراع الايديولوجي العلماني المختلف المشارب والمذاهب حول نقد العقل الاسلامي، مع تسميته مرة بالعقل العربي-تحاشيا- او العقل الإسلامي-تحديا-
يمكنك رصد هذا الصراع في تعليق هاشم صالح في هامش كتاب اركون (الفكر الأصولي واستحالة التأصيل) على كلام اركون في متن الكتاب ،شارحا موقف اركون من عمليات السطو التي سبقت عملياته هو
قبل ان اعرض نصي اركون وصالح احب ان اقول انني بايرادي هذين النصين مازالت حتى الآن اراوح في مجال عملياتي الكشفية التي بدأتها في كتابي اقطاب العلمانية الأول، عن تلاعبات العلمانيين او نقدهم المباشر وغير المباشر، فالأول يتحدى والآخر يتستر، إن تترسي في هذه الناحية امر مهم بالنسبة للقاريء العادي ،فالإطلاع على الأفكار العلمانية والمناقشات التي تدور حولها، فيها غالبا من الصعوبة على القاريء العادي، مافيها، واخيرا كنت اتكلم مع اختي اميمة في موضوع معين ، يخص الفكر العلماني،فقالت لي : انت لو اتكلمت بطريقتك دي في الإعلام لن يفهمك احد، وعليك ان تسهل وصول المعلومة بدون عوائق معقدة، تمنع وصول المعلومة التي تريدها، ومع اني اعلم انها مشاركة جيدة ، من بعيد، في كل النقاشات التي تدور في عالم السياسة وغيرها وانها متابعة جيدة للاحداث الا انها لم تدري انني سهلت هذه الامور في الاقطاب!، ولذلك فإلى أن اقوم بعمل نقدي عميق وواسع على ان اشرح للقاريء العادي ان هناك تلاعبات وتقسيم ادوار ولو بشكل غير شعوري، بين العلمانيين ، وان كان الدكتور العظم قال ان هناك وعي بهذا!
ولذلك فعرضي لنص اركون التالي يصب في نفس عملياتي الكشفية البسيطة التي تفيد القاريء العادي، هذا اقوله للمتابع، وان كان الملتقى هنا يحبذ العمق في الطرح، لكن مااورده لايخلو من هذا، مع مهمتي الاصلية التي عاهدت الله على ان اقول بها ،حتى الآن، اما الآتي فان شاء الله يدخل المرحلة الثانية -من النقد-على ان لاتشتكي منها اختي،واظنها ستعترض، لكن على الأقل ليس في المرحلة الحالية!
يقول اركون(أولا)
:" نلاحظ أنه حتى اليوم، فإن الكثيرين من المثقفين العرب ذوي الشهرة والصيت يرفضون أن يتخذوا المسائل الدينية الأكثر حساسية
كمادة للدراسة العلمية. وأقصد بها المسائل التي أدرسها هنا. والسبب هو أن بعضهم متأثر بالرفض العلمانوي لعلم اللاهوت المعتبر وكأنه شيء بال عفى عليه الزمن. وبالتالي فليست له صلاحية علمية ولايستحق الإهتمام في نظرهم. وأما بعضهم الآخر فيمارسون رفضا تكتيكيا لطرح هذه القضايا الحساسة، وذلك لكي لايورطوا أنفسهم أو ينقصوا شعبيتهم في أوساط الحركيين الشباب من مؤيدي القضية الأصولية(أو الإسلاموية""(الفكر الأصولي واستحالة التأصيل ص168)
اما تعليق الدكتور هاشم صالح على هذا الكلام في الهامش فيقول فيه:"إنه لشيء يدعو للدهشة والإستغراب أن يتنطح(!) أصحاب المشاريع(كمشروع نقد العقل العربي،(يقصد الجابري!!) أو غيره) لتجديد التراث والخروج من المأزق، دون أن يقولوا كلمة واحدة عن الشيء الأساسي!، أقصد عن نقد العقل الديني، أو تفكيك التراث الإسلامي من الداخل، أو تعرية الانغلاقات التراثية المزمنة... وبالتالي فهي مشاريع للتهدئة أو للتلهية ولاتؤدي إلى أي تحرير في العمق. وحده نقل العقل الإسلامي بالمعنى الجذري للكلمة سوف يؤدي إلى ذلك"
يقصد ان مشروع اركون لنقد العقل الاسلامي بإرجاعه إلى مصادر اسطورية غير علمية موجةدة في النصوص التي سماها مغلقة كالقرآن والسنة والسيرة ونصوص العلماء والفرق والمذاهب.
ويلاحظ ان اركون يعرف ان هناك تستر وتلاعبات لاتأتي بنتائج حاسمة في التحليل، وكلامه هنا يشبه كلام الدكتور فؤاد ذكريا، الذي اوردته في الفصل الأول من الاقطاب الاول.
ان المعركة حول كيفية خلخلة الحقائق الإسلامية الكبرى والمباديء الإسلامية الكبرى والثوابت الإسلامية الكبرى، ليست خفية بقدر ماهي ظاهرة، ولكن في الكتابات العلمانية المعقدة العرض والتركيب، وعملية الكشف تحتاج ابراز هذا أولا، لان هناك من ينكر هذا كله ،بإرجاع الأمر إلى انه اعمال فكر لتصحيح مسار الأمة وان الاستفادة منه ضرورية لوضع الأمة في مصاف الأمم المتقدمة... مع انها عمليات تخريبية كبرى.
ويأتينا الدكتور عبد الرحمن الصالح ليقول:"الأساتذة كالجابري والعروي وأركون يمتازون بتبريزهم في مجال الكليات"
نعم كليات مخيالاتهم المستعارة-عن طريق اسكنر بصري وسمعي وقلبي وعقلي- في محاولة لتحطيم ثوابت الاسلام وحقائق القرآن
 
جزاكم الله خيرا دكتورة خديجة إيكر، وصحيح ان الكلمة الطيبة مهمة وهي عامل من عوامل التقدم -وقد حث النبي عليها-وزيادة الطاقة عند الانسان او الازدياد منها، هذا ان كانت في محلها، أسأل الله أن اكون على حق وأن يغفر لي الاخطاء والخطايا.
بمناسبة الطرح الفضائحي للعلمانية وهو الطرح الذي يمكن تسميته بالطرح السطحي(او طرح القشرة الخارجية!، مع لمعة كاشفة لأمور لازمة) فهو كما قمت به انا في الاقطاب مفيد للجماهير وانت تعلمي والاخوة جميعا ان قراءة كتاب فلسفي لايُحتمل!، ولذلك فإظهار الفكرة العلمانية المتسللة في شكلها البسيط افضل احيانا من بلوغ الغاية في التعقيد
وكمثال فاني يمكنني مثلا طرح قضية العامل الديني كما يسمونه ويدخلون فيه الاسلام والقرآن ، على الصورة المعقدة التي وردت في كتب الفلاسفة الغربيون والذين نقل عنهم اركون، صحيح ان اركون قام بمحاولة لفك التعقيد حتى يقدم طبخة متنوعة للمثقف العربي الا ان المعقد لم يزل عنه كثير تعقيده!، ولذلك فاني ببساطة هنا، وللتجربة، سأعرض قضية معقدة من اعقد ماعرضها اركون وحام حولها-بأسلحته المعرفية في مئات من صفحات كتبه!- وشعر بالانهيار تارة، والإخفاق احيانا، واحيانا بالزهو والتعاظم حتى على علماء الانسانيات والاستشراق في الغرب.
ماهي هذه المسألة التي تسمى ادخال العامل الديني في التاريخ؟
باختصار وبساطة كما قالت لي اختي!
لقد احتقر الفكر الغربي المنتصر في القرن التاسع عشر الدين وطرده من المجتمع وحرض عليه بقسوة عنيفة، هذا طبعا تبعا للنتائج التي جاءت بها نظريات كنظريات اوغست كونت وغيره(دوركهايم مثالا) عن ان مرحلة الدين قد انتهت!
لكن في القرن العشرين وخصوصا في نصفه الاخير او عقوده الاخيرة عاني الغرب جدا من ازمات لاطاقة له بها، وآخرها الازمة البنكية او الاقتصادية!
وعاد الدين الذي طُرد!
وظهرت نظريات تقول اسمحوا له بالحضور لكن بدون مراسيم وتراسيم وعليه ان يدخل من باب الاساطير والاسطرة والمؤسطرات !!
وحضر الدين في اشكال شتى
وتواجد الاسلام وضغط، كعامل جديد.. انتم تعلمون طاقته!
هنا جاء اركون وتبني نظرية او نظرة ارجاع الدين لكن كيف يكون ذلك واركون ذلك يحقره؟
اركون نفسه يقول انا لااحقره لكن اتيح له المجال!(ثم السؤال الأكبر: ماحدود هذا المجال!؟)
وكذب الرجل أو تناقض، شعر بذلك ام لم يشعر؟
ذلك انه فعل بالضبط، مثل سيد امام بتاع امارة الظواهري في افغانستان(كان اميرهم ثم لعنهم في الطبعة الثانية من الكتاب المذكور هنا) والذي كفر في كتابه الجامع لطلب العلم(يتجاوز الالف صفحة)-وقد قرأته كلمة كلمة-كفر الشرطة والجيش والجماعات الاسلامية كلها وهذا طبعا في كل البلاد العربية والاسلامية وقدم الاسباب لكنه-وهذا ليس نقاشنا الآن- نقد المكفراتية وقال لهم كيف تكفرون المجتمعات، ونسي او تناسى انه هو من كفر المجتمعات فالجيش والشرطة على متداد العالم الاسلامي هو غالب الاجيال!، والجماعات الاسلامية التي دخلت مايسمى باللعبة الديمقراطية هي غالبية في الامة كلها،إذن مالفرق؟الا قليل فرق!
اركون مثله فقد حمل حملة عنيفة على فلسفة وفلاسفة حذف العامل الديني، اي الذين حذفوا الدين وطردوه من المجتمع!، مع العلم انهم لم يلعبوا لعبة ذهنية!، وإنما خربوا مجتمعات وعقود بل وقرون!،ومع ذلك فالذي قال بترك مساحة له لانه خيال البشرية الملتحم بالواقع!، والقائل هو محمد اركون من الجانب الفكري العلماني العربي ومعه قلة عربية، هذا القائل دخل من الباب الخلفي غير متنكر!،قال للدين: انت!، نعم انت ايها الواقف هناك!، ممنوع من التعليم في الاكاديميات وممنوع من الاقتراب من الحكومات والمحكمات-اقصد القضاء- ممنوعة شريعتك من العمل والوجود في الحياة الواقعية والادارات التي تحكم حياة الناس وتسيرها!،وممنوع من ان تدافع عن نفسك في مواقع استراتيجية، وممنوع وممنوع... وفقط يمكنك ان تقوم بدورك في الكنائس والمساجد..ولاتتخطاها!!
وأعلم ايضا اننا سنحررك من عقائدك بتعليم الامة والامم انك دوغمائي انغلاقي حرفت وكتمت ودمرت وغيرت وصنفت وانت غارق قي الحقد على الطبقات والوثنيات والحضارات..سوف لايبقى منك الا قرآنا لاهو المصحف ولا هو المكتوب، انه قرآن لم يُكتشف بعد لانه الشفهي الذي لانعرف عنه شيء حتى الآن(فماذا يبقى اذن!!)
ملحوظة: ويأتي بعض من اهلنا ويقول اركون عالم مسلم يفتح باب الاجتهاد، وله باع في الكليات.. بل هو بارع فيها.. وان يريد مصلحة الاسلام والمسلمين.
ملحوظة اخرى لمن قرأ كتابي اقطاب العلمانية1، وهو كتاب بسيط، ففيه جمعت اركون مع من قطعوا مع الدين!، والسبب ماتقدم، لاأجد فرقا كبيرا فهو اولا يُدخل الدين والقرآن في الاسطورة، ويحقر كل مانتج عنه ويحذف نتائجه الايجابية كلها من التاريخ .. ثم يقول يجب عودة العامل الديني.. ثم يصفه بانه خيال في خيال!!
فلماذا اميز اركون عن العلمانيين ولااجد الا فرقا طفيفا قد لايفهمه القاريء العاديء-والفرق ناتج عن تطورات في ظروف المجتمع الغربي(والشرح يطول خصوصا عن تطورات المذاهب الحديثة جدا واسباب ظهورها، واركون متأثر حتى الثمالة بها!!!) وإن فهمه فشرح فكرة اركون مع بقية احجيته تظهر ان كلامه فيه-اي في عودة العامل الديني- لايعني شيئا كثيرا كما ان له مواضع كثيرة تناقض فكرته عنه اي عن هذا العامل الديني!
وتوضيحا قلت ان عمق النقد لم يأتي بعد!،مني اقصد، ذلك ان الموقف المستعجل يحتاج ان يتعرف الجمهور المسلم على حيل العلمانيين وكيف يتسللون ومامقصدهم؟
هنا اضع القلم.. واذهب لحالي..إلى حين.ان شاء الله
 
قلت سابقا التالي
مايهمني الآن هو ان اذكر(صورة من صور) الصراع الايديولوجي العلماني المختلف المشارب والمذاهب حول نقد العقل الاسلامي، مع تسميته مرة بالعقل العربي-تحاشيا- او العقل الإسلامي-تحديا-

وادعمه الآن بالنص التالي من كلام محمد اركون
يقول اركون عن مشروعه الذي أعلنه عام 1984:" حين نشرت لأول مرة كتابي بعنوان نقد العقل الإسلامي. استعملت هذا العنوان بدون تردد للطبعة الفرنسية، لأن اللغة الفرنسية مؤيدة للنقد الفلسفي والتاريخي والعلمي، ولها أرضية خصبة من الجهاز المفهومي الداعي إلى المزيد من الدقة والتعمق في النقد. أما اللغة العربية فلا تتحمل(!) اقتران النقد بالعقل الإسلامي، ولذلك فضل الجابري أن يقول العقل العربي، وأُجبرت على اختيار عنوان آخر للطبعة العربية حيث ادرجت فصولا من كتاب نقد العقل الإسلامي، وقلت تاريخية الفكر العربي الإسلامي(الطبعة الأولى، بيروت 1986) ... ويصعب على قبول مااورده عابد الجابري لتبرير اختياره لمفهوم العقل العربي، ومن المعروف أنه لم يتحرر في شروحه وتأويلاته من تلبيساته الذهنوية والقوموية والعنصرية"انتهى كلام اركون(من كتابه: اين هو الفكر الإسلامي المعاصر، مقدمة الكتاب)
طبعا اركون نشر من يومذاك كتبا كثيرة بالعربية ولم يستعمل فقط مصطلح نقد العقل الاسلامي وانما نقد كل شيء وبصراحة تامة!، وهو من قال" ترتكز عملية النقد على علاقة العقل بالمعطى المنزل، وعلى رضاه ان يبقى في الدرجة الثانية"(مقدمة كتابه اين هو الفكر الإسلامي المعاصر)
اما الجابري فراوح النقد من خلال القدماء اي من خلال قول كل شيء عن الفكر الاسلامي والعلماء والفرق مع قول كلمات بين مئات السطور في الكتاب الواحد يشير الى حقيقة مايريده من وراء ذلك،إلى أن استعجل لحظة مااسماه بالنقد اللاهوتي الخاص بالقرآن، وهنا ايضا لم يقل كل شيء-اقصد في مشروعه النقدي،الأخير، للقرآن- لكنه قال مايكفي للتعرف على ماظل يطويه حقودا،ويخفيه عقودا ، على العوام، لا على النقاد الاسلاميين.
 
في الحوار الذي دار بين هاشم صالح ومحمد اركون والموضوع في نهاية كتاب(قضايا في نقد العقل الديني كيف نفهم الإسلام اليوم)..نجد اركون يشير الى الطريقة الجابرية والطريقة الأركونية للدخول على الإسلام ونقده، مع اختلاف إعلانات عملية الدخول ، ناقدا أو متسللا، واضحا أو غائما!:
" هاشم: مالفرق بين مشروعك لنقد العقل الإسلامي ، ومشروع محمد عابد الجابري لنقد العقل العربي؟ أركون:... مفهوم العقل الإسلامي أكثر محسوسية من مفهوم العقل العربي، فالعقل الإسلامي موجود في النصوص والعقول، وبإمكاننا أن نقبض عليه بشكل واضح وملموس، ونحن نصطدم به كل يوم. وبالتالي فإن دراسته دراسة نقدية تاريخية -لاتجريدية تأملية-أمر ممكن... والواقع أن الجابري تحاشى استخدام مفهوم" نقد العقل الإسلامي" واستبداله ب" نقد العقل العربي" لكي يريح نفسه ويتجنب المشاكل والمسؤوليات. هذه حيلة واضحة لاتخفى على أحد. المشكلة المطروحة علينا اليوم وغدا هي مشكلة نقد العقل الإسلامي لأن العقل العربي نفسه هو عقل ديني، أو قل لم يتجاوز بعد المرحلة الدينية(!) من الوجود. فكيف يُمكنك أن تنقد العقل العربي دون أن تنقد العقل الديني؟!...هذا لايعني بالطبع أن الجابري لم يفعل شيئا. فمحاولته مفيدة بدون شك، وهي من أهم المحاولات الموجودة في الساحة العربية. ولكنها لاتكفي ولاتشفي الغليل. ينبغي تجاوزها إلى ماهو أعمق منها وأبعد... ينبغي أن يصل النقد إلى جذور الأشياء لا أن يكتفي بدغدغتها أو مسها مسا خفيفا"( ص331)
وطبعا فهذا النص كتبه اركون في تسعينات القرن الماضي أي قبل أن يكتب الجابري المدخل إلى القرآن واجزاءه التفسيريه ، كمحاولة للإقتراب من الجذور ، بل الإقتراب القريب جدا والمخادع جدا والحذر جدا، على استحياء كالعادة، ولكن هذه المرة متسلحا بنصوص كثيرة من كتب التفسير مع تقديمه المتناقض مع عملية التسلح بها (التقديم في المدخل والتفسير الثلاثي الأجزاء)وكأنه تفسير سلفي، بأن علماء التفسير جاهلون مغرضون ايديولوجيون!
 
في الحوار الذي دار بين هاشم صالح ومحمد اركون والموضوع في نهاية كتاب(قضايا في نقد العقل الديني كيف نفهم الإسلام اليوم)..نجد اركون يشير الى الطريقة الجابرية والطريقة الأركونية للدخول على الإسلام ونقده، مع اختلاف إعلانات عملية الدخول ، ناقدا أو متسللا، واضحا أو غائما!:
" هاشم: مالفرق بين مشروعك لنقد العقل الإسلامي ، ومشروع محمد عابد الجابري لنقد العقل العربي؟ أركون:... مفهوم العقل الإسلامي أكثر محسوسية من مفهوم العقل العربي، فالعقل الإسلامي موجود في النصوص والعقول، وبإمكاننا أن نقبض عليه بشكل واضح وملموس، ونحن نصطدم به كل يوم. وبالتالي فإن دراسته دراسة نقدية تاريخية -لاتجريدية تأملية-أمر ممكن... والواقع أن الجابري تحاشى استخدام مفهوم" نقد العقل الإسلامي" واستبداله ب" نقد العقل العربي" لكي يريح نفسه ويتجنب المشاكل والمسؤوليات. هذه حيلة واضحة لاتخفى على أحد. المشكلة المطروحة علينا اليوم وغدا هي مشكلة نقد العقل الإسلامي لأن العقل العربي نفسه هو عقل ديني، أو قل لم يتجاوز بعد المرحلة الدينية(!) من الوجود. فكيف يُمكنك أن تنقد العقل العربي دون أن تنقد العقل الديني؟!...هذا لايعني بالطبع أن الجابري لم يفعل شيئا. فمحاولته مفيدة بدون شك، وهي من أهم المحاولات الموجودة في الساحة العربية. ولكنها لاتكفي ولاتشفي الغليل. ينبغي تجاوزها إلى ماهو أعمق منها وأبعد... ينبغي أن يصل النقد إلى جذور الأشياء لا أن يكتفي بدغدغتها أو مسها مسا خفيفا"( ص331)
وطبعا فهذا النص كتبه اركون في تسعينات القرن الماضي أي قبل أن يكتب الجابري المدخل إلى القرآن واجزاءه التفسيريه ، كمحاولة للإقتراب من الجذور ، بل الإقتراب القريب جدا والمخادع جدا والحذر جدا، على استحياء كالعادة، ولكن هذه المرة متسلحا بنصوص كثيرة من كتب التفسير مع تقديمه المتناقض مع عملية التسلح بها (التقديم في المدخل والتفسير الثلاثي الأجزاء)وكأنه تفسير سلفي، بأن علماء التفسير جاهلون مغرضون ايديولوجيون!


الأخ طارق منينة بارك الله بغيرتك الدينية وتقبل الله طاعاتك
أنت تورد نصاً لزيد يبين رأيه فيما فعل عمرو. وتقدم رأي زيد على أنه الكاشف عن بواطن عمرو.!
وهذا وكما تعلم ليس من الإنصاف إذ عليك أن تورد ردود الجابري على كلمة أركون هذه وقد رد عليه
في أكثر من موقع، وخلاصة رده أنه لا توجد لديه أي تقيه بل إنه ينتقد العقل العربي المكوّن وهو العقل
الذي كتبت به الثقافة العربية الإسلامية باللغة العربية وتحت سلطان العرب فهو عقل عربي بهذا المعنى.
وحتى لو قال نقد العقل الإسلامي على معنى الإسلام بوصفه حضارة وتاريخا ليشمل العقل المكون في
الثقافة الإسلامية العربية وغير العربية لما كان مبعدا للنجعة. لأن كل ما هو بشري قابل للنقد العلمي أي
بيان العيوب والمزايا على السواء.
والجابري رجل مؤدب يجيب بأدب دائما فحين سئل عن رأيه بمشروع أركون وهو يعلم أنه ليس بمشروع
ممكن التحقق ولكنه أجاب بإجابة غاية في الأدب : الفرق بين مشروعينا أن مشروعه ينطلق من نظرة أوسع
وموضوع أكبر أما مشروعي فهو يدرس قضية محددة هي "العقل العربي" ومعوقاته في ضوء المفاهيم العلمية
الحديثة.

ولعلك لم تطلع على دفاعه عن رأيه واختياره لا أنك أغفلتها متعمداً، فالظن بالمسلم الإنصاف مع الخصوم
وحسبنا قول ابن قتيبة الدِّينَوَري: "ونحن نعوذ بالله أن يطلع ذو النهى منا على ظلم لخصم أو إيثارٍ لهوى"

ودمت بودّ
 
الأخ طارق منينة بارك الله بغيرتك الدينية وتقبل الله طاعاتك
أنت تورد نصاً لزيد يبين رأيه فيما فعل عمرو. وتقدم رأي زيد على أنه الكاشف عن بواطن عمرو.!
وهذا وكما تعلم ليس من الإنصاف إذ عليك أن تورد ردود الجابري على كلمة أركون هذه وقد رد عليه
في أكثر من موقع،
دعني استاذنا ارد على جزئية مما اوردته انت
فأنا لم آتي أولا بأي كلام لعلماء المسلمين في الرد على الجابري، بل اتيت هنا وفي ملتقى أهل الحديث بكلام فطاحل العلمانية في الجابري، بل ان الجابري ذاته وضع تقييم منهم لفكره ونقد لمشروعه في كتابه التراث والحداثة(وهي وقائع الندوة التي نشرتها مجلة الوحدة عن" نقد العقل العربي في مشروع الجابري" وتجدها من ص 265 من كتابه التراث والحداثة) بل هو نفسه قال لهم ولنا ان نقد العقل اللاهوتي يحتاج لتأجيل وقد يستغرق الأمر قرن أو قرنين،(هكذا كانت الرهبة في نفس الجابري زمنا طويلا) وهذا يعني في شعور الجابري او لاشعوره انه ايقن انه من المستحيل الآن قول كل شيء!(فكلامه عن نفسه غالبا ياسيدي سيكون ترضيات كما فعل نصر ابو زيد والقمني وغيرهما)، الا انه شعر ربما لكثرة نقاده من العلمانيين وآخرهم طرابيشي انه لابد ان يفصح عن المرحلة المؤجلة وقد دخلها وهو في غاية الرهبة وفكر وقدر انه يجب ان يستعين بالتفسير مع رفضه للمفسرين، مع انهم يتهموننا ، أي اركون والعروي والجابري وغيرهم- بأن المفسرين هؤلاء دشنوا دوغمائية مغلقة وانهم حرفوا التاريخ وزوروا الوقائع..إلخ.
ثم اني في سلسلة انهيار الاستشراق هذه عرضت ماقاله الجابري نفسه في القرآن وصلته-التي لفقها العلمانيون له- بالأساطير اليونانية وغيرها، والجابري اشار الى المؤثرات(المزعومة، طبعا) على القرآن في مدخل إلى القرآن فيمكنك مراجعته.
وقد قرأت المدخل وملاحقه التفسيرية سطر سطر وكلمة كلمة وزنقة زنقة(وزنقات الجابري قليلة نظرا لتستره كما اشرت لك) حتى تيقنت ان الجابري لعب لعبتة الأخيرة، او باصطلاحات اركون وغيره، صنع تلاعبات!
اما الرجوع لكلام الجابري نفسه فقد ذكرت في اكثر من موضع كلامه عن النقد اللاهوتي والمرحلة المؤجلة وغير ذلك.
والجابري على حق في ان مشروع اركون اكمل من مشروعه(أكمل أو اوسع من ناحية الأدوات والدائرة التي خاضها) بل ان اركون استخدم كل شيء وقع تحت يده لخلخلة الحقائق القرآنية وكأنه يحارب حربا لاهوادة فيها(بل هو عبر عن ذلك كما عبر هاشم صالح مترجم كتبه في اكثر من موضع ) اما الجابري فنظرا لانه اقتصر على بعض المناهج وبعضها تطور وتعدل، فإنه كان محدود الدائرة المعرقية(القديمة لو صح التعبير) بخلاف اركون فإنه راح يجند كل معارف الغرب الحديثة والحديثة جدا والمتنوعة جدا والمختلفة المجالات والتخصصات والتطورات والتعديلات مع تخرصات الاستشراق-التي استخدمها الجابري ايضا في كتابه مدخل إلى القرآن!- جند ذلك كله في سبيل تمرير ظرف مابعد الحداثة إلى قرآن الرحمن وكأنه يستعمل ازمات الغرب النفسية والفكرية والمادية والاجتماعية والأخلاقية والسياسية ويرميها كلها في وجه الحق نافخا بأقصى طاقته المحدودة ظنا انه يمكن ببعض أفواه يائسة بائسة ، تحرق نفسها في الحقيقة!، القضاء على حقائق هذا الدين العظيم الذي هو قيم على الأفكار والفلسفات والأديان والمعارف كلها.
 
عودة
أعلى