تعجيل البيان عن مسألة في كم يقرأ القرآن ؟

إنضم
28 يوليو 2010
المشاركات
79
مستوى التفاعل
1
النقاط
8
الإقامة
مراكش - المغرب
تعجيل البيان عن مسألة في كم يقرأ القرآن ؟​

أحببت أن أطرح هذه المسألة بين يدي المشايخ الفضلاء ، في هذا البحث المتواضع ، المحتاج إلى تقييدات المشايخ الكرام .حتى يتم إشباع البحث بمداخلاتكم جزاكم الله خيرا ، وما هذا البحث إلا قطرة تتوالى بإذن الله عقبها سيول علمكم .
أقول وبالله التوفيق :
هذه المسألة طرحها الصحابي الجليل؛ عبد الله بن عمرو العابد على النبي e وجوابه e معلوم؛ فإنه حد له حدودا، جعل ينازله فيها حتى أوقفه على سبع، وحذره أن يقرأه في أقل من ثلاث؛ لعلة انعدام التدبر والفقه، وتدبر القرآن مأمور به عند التلاوة.
وقد خاض في هذه المسألة فريقان من الناس: فريق وقفوا عند هذا النص ورأوا فيه أن حد المجتهد في تلاوة القرآن، المتبع لسنة العدنان، المبتعد عن أسباب الحرمان، من فقه وتدبر القرآن؛ هو مراوحة الختم بين الأربعين يوما، إلى السبعة أيام، فإن جاوز ذلك وقف عند الثلاثة أيام، ولم يروا جواز اجتيازها في الختم، في حين وسعوا قليلا في اجتياز الأربعين لذوي الأعذار والانشغال مع الكراهة منهم لذلك.
والسبب في تجويزهم هنا ومنعهم هناك، أن الاجتهاد في ختم القرآن من المستحبات والسنن المؤكدات، فالإخلال به مذموم، ولا يصل إلى حد التحريم. أما عدم مراعاة حصول التدبر في قراءة القرآن والإخلال بقواعد ترتيله، ابتغاء حصول الختمة في الليلة والليلتين والثلاث فهذا أمر محرم.
وفريق آخر لم يروا بأسا في مجاوزة حد الثلاث نزولا، ورأوا ذلك من الاجتهاد في الطاعات-وأي اجتهاد بربك يفوق من دلنا بهديه على كيفية الإتيان بالطاعات_حين قال للثلاثة نفر الذين ظنوا أن الزيادة فوق طاعته r من الطاعات: "من رغب عن سنتي فليس مني."[1] ؛ فالهدي الهدي تبلغوا
ومن أعجب أمرهم؛ أنهم ظنوا أن المعترض عليهم في ما ينقلونه عن بعض السلف، من مجاوزة حد الثلاث، يُكَذّب ذلك، ويعده من قبيل الخرافة، ويغفل عن حصول البركة من الله لأولئك في الأوقات، وهذه مغالطة من المغالطات، أقول جوابا عنها: قل لي بربك، أي الناس أولى بمباركة الله تعالى له في الأوقات؛ صحابة رسول الله r ، أمن جاء بعدهم. وأنت ترى أن الصحابي الجليل؛ عبد الله بن عمرو بن العاص كان يقول لما شاخ: ليتني قبلت رخصة رسول الله r وإنما قال ذلك بعد ما كبر وعجز عن المحافظة على ما التزمه، وفي رواية " لأن أكون قبلت الثلاثة أيام التي قال رسول الله r أحب إلي من أهلي ومالي"[2] . فلم يكن الله تعالى ليدع هذا العابدَ الجليل؛ صاحبَ رسول الله r بلا مباركة في الوقت والقوة، تعينه على الإتيان بختمة في الثلاثة أيام؛ على ما التزم به رضي الله عنه مع قيام العذر به من شيخوخة في طاعة الله تعالى، واحتياجه رضي الله عنه أشد الاحتياج إلى هذه المباركة، ثم يباركَ لمن هو دونه في الفضل من كل النواحي.
فاحذر كل الحذر من مثل هذه المغالطات؛ التي توقعك في تفضيل المفضول، وبخس الفاضل؛ وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل .
ثم ليتهم سلكوا في توجيه ما ثبت من ذلك عن بعض السلف مسلك بعض أهل العلم؛ كالذهبي في ترجمة وكيع رحم الله الجميع:و قد نقل عنه أنه كان يختم القرآن في كل ليلة قال الذهبي: قلت: هذه عبادة يخضع لها، ولكنها من مثل إمام من الأئمة الأثرية مفضولة، فقد صح نهيه عليه السلام عن صوم الدهر، وصح أنه نهى أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث[3]وإنما قال ذلك بعد ما كبر وعجز عن المحافظة على ما التزمه، وفي رواية " لان أكون قبلت الثلاثة أيام التي قال رسول الله e أحب إلي من أهلي ومالي والدين يسر، ومتابعة السنة أولى، فرضي الله عن وكيع، وأين مثل وكيع ؟ ![4]
وللذهبي أيضاكلام اشتق من اسمه رحمه الله فهو ذهبي وكلامه ذهب قال : وصح أن رسول الله r نازله إلى ثلاث ليال، ونهاه أن يقرأه في أقل من ثلاث[5].وهذا كان في الذي نزل من القرآن، ثم بعد هذا القول نزل ما بقي من القرآن. فأقل مراتب النهي أن تكره تلاوة القرآن كله في أقل من ثلاث، فما فقه ولا تدبر من تلا في أقل من ذلك.
ولو تلا ورتل في أسبوع، ولازم ذلك، لكان عملا فاضلا، فالدين يسر، فوالله إن ترتيل سبع القرآن في تهجد قيام الليل مع المحافظة على النوافل الراتبة، والضحى، وتحية المسجد، مع الأذكار المأثورة الثابتة، والقول عند النوم واليقظة، ودبر المكتوبة والسحر، مع النظر في العلم النافع والاشتغال به مخلصا لله، مع الأمر بالمعروف، وإرشاد الجاهل وتفهيمه، وزجر الفاسق، ونحو ذلك، مع أداء الفرائض في جماعة بخشوع وطمأنينة وانكسار وإيمان، مع أداء الواجب، واجتناب الكبائر، وكثرة الدعاء والاستغفار، والصدقة وصلة الرحم، والتواضع، والاخلاص في جميع ذلك، لشغل عظيم جسيم، ولمقام أصحاب اليمين وأولياء الله المتقين، فإن سائر ذلك مطلوب.
فمتى تشاغل العابد بختمة في كل يوم، فقد خالف الحنيفية السمحة، ولم ينهض بأكثر ما ذكرناه ولا تدبر ما يتلوه.
هذا السيد العابد الصاحب كان يقول لما شاخ: ليتني قبلت رخصة رسول الله [6]e
وكذلك قال له عليه السلام في الصوم، وما زال يناقصه. حتى قال له: " صم يوما وأفطر يوما، صوم أخي داود عليه السلام ".[7] وثبت أنه قال: " أفضل الصيام صيام داود " [8]
ونهى عليه السلام عن صيام الدهر[9] وأمر عليه السلام بنوم قسط من الليل، وقال: " لكني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، وآكل اللحم، فمن رغب عن سنتي فليس مني"[10]
وكل من لم يزم نفسه في تعبده وأوراده بالسنة النبوية، يندم ويترهب ويسوء مزاجه، ويفوته خير كثير من متابعة سنة نبيه الرؤوف الرحيم بالمؤمنين، الحريص على نفعهم، وما زال e معلما للأمة أفضل الأعمال، وآمرا بهجر التبتل والرهبانية التي لم يبعث بها، فنهى عن سرد الصوم، ونهى عن الوصال، وعن قيام أكثر الليل إلا في العشر الأخير، ونهى عن العزبة للمستطيع، ونهى عن ترك اللحم إلى غير ذلك من الأوامر والنواهي.
فالعابد بلا معرفة لكثير من ذلك معذور مأجور، والعابد العالم بالآثار المحمدية، المتجاوز لها مفضول مغرور، وأحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل.
ألهمنا الله وإياكم حسن المتابعة، وجنبنا الهوى والمخالفة.اهـ كلام الذهبي من السير
أوسلك هؤلاء أيضا مسلك ذهبي العصر الشيخ الألباني رحمه الله تعالى حينما قال: ولا يشكل على هذا ما ثبت عن بعض السلف مما هو خلاف هذه السنة الصحيحة ، فإن الظاهر أنها لم تبلغهم.
والله ولي التوفيق
وفي انتظار إشباع المشايخ الموضوع بحثا وتوجيها.


[1]أخرجه: أحمد (3/241) والبخاري (9/129/5063) ومسلم (2/1020/1401) والنسائي (6/368-369/3217) من حديث أنس رضي الله عنه.


[2]سيأتي تخريجه إن شاء الله.

[3]أخرجه البخاري 4 / 195 من حديث مغيرة، عن مجاهد، عن عبدالله بن عمرو، وفيه: فقال رسول الله e: " اقرأ القرآن في كل شهر " فقال: إني أطيق أكثر من ذلك، فما زال حتى قال: " في ثلاث ".وفيه أيضا 9 / 84 في فضائل القرآن: باب في كم يقرأ القرآن، ومسلم (1159) (182): أن رسول الله e قال لعبد الله بن عمرو: " اقرأه في سبع، ولا تزد على ذلك ".)

[4]سير أعلام النبلاء 3/143

[5]أخرجه أبو داود (1394) في الصلاة: باب تخريب القرآن، والترمذي (2950) في القراءات: باب في كم يختم القرآن، وابن ماجه (1347) عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن النبي e قال: " لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث " قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

[6]جزء من حديث أخرجه البخاري: 4 / 189، 191 في الصوم: باب حق الجسم في الصوم، و 9 / 83 في فضال القرآن: باب في كم يقرأ القران، .

[7]الحديث السابق

[8]أخرجه البخاري: 3 / 13، 14 في قيام الليل: باب من نام عند السحر، ومسلم (1159) (189) في الصيام: باب النهي عن صوم الدهر، من حديث عبدالله بن عمرو.

[9]أخرجه البخاري: 4 / 195 في الصوم: باب صوم داود، ومسلم (1159) (187) في الصيام: باب النهي عن صيام الدهر بلفظ " لا صام من صام الأبد.

[10]سبق تخريجه
 
التعديل الأخير:
أعلم علم اليقين ، أني لم أكتب في المسألة إلا النزر اليسير ، ولا زالت تحتاج إلى قدر كبير من التحرير ، فلا تبخلوا علينا بالإفادة في هذه المسألة التي مناطها :" تحقيق الاتباع "
 
أعلم علم اليقين ، أني لم أكتب في المسألة إلا النزر اليسير ، ولا زالت تحتاج إلى قدر كبير من التحرير ، فلا تبخلوا علينا بالإفادة في هذه المسألة التي مناطها :" تحقيق الاتباع "
لقد أجدت وأفدت وجزاك الله خيرا
وخير الهدي هدي محمد صل1
 
وجزاكم أخي الحبيب أبا سعد ، نعم صدقت " خير الهدي هدي محمد صلوات ربي وسلامه عليه" ، وإني أحببت أن أنبه على المسألة بهذه الكلمات اليسيرات ، نظرا لما نسمعه ونراه بين الفينة والأخرى من فتاوى مخالفة في هذا الباب ، فأردت أن يشبع البحث بكلمات المشايخ الفضلاء في هذا الملتقى المبارك، وحبذا لو يفرد في بحث مستقل .فما نظر المشايخ الكرام؟؟
 
من الجيد أن يقال في الجمع ؛
الاقتصار علي السنة في الأيام العادية والأماكن العادية هو الأفضل والسنة ، والزيادة في الأماكن الفاضلة والأزمان الفاضلة ، وقد ذكر بنحوه ابن رجب رحمه الله في اللطائف لماذكر ما تواتر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وبعض السلف رضي الله عنهم أنهم ختموا القرآن في ليلة في ركعة أوتر بها ..
 
عودة
أعلى