هل خوفاً من العين أمر يعقوبُ بنيه بألا يدخلوا من باب واحد! وحديثٌ في أصولِ منهجِ التفسير

إنضم
3 سبتمبر 2008
المشاركات
389
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:

جمهور أهل التفسير يرون أن سبب أمر يعقوب عليه السلام بنيه بأن يدخلوا من أبواب متفرقة هو خوفه عليهم من العين، إلا أن أحد المعاصرين، يشكل عليه عدم أمره لهم بذلك في المرة الأولي فخالف رأي الجمهور ؟
فما رأيكم ؟
 
الاخت ام عبد الله هل لا اخبرتينا ماذا قال هذا المعاصر ومن يكون؟
ونحن كل يوم نسمع المضحكات المبكيات من الخائضين في دين الله ...
 
إني لا أدري ما قصد الأخ بدين الله ؟
فإن كان يقصد به مجموع التفاسير القديمة وأنها هي دين الله لا يتجاوزها إلى مزيد تدبر للكتاب المنزل إلا الخائضون في دين الله فهو تصور غايته أن يكون صوابا يحتمل الخطأ .
وإن كان يقصد به القرآن والحديث النبوي فقد تضمن القرآن الأمر وتكليف جميع الناس في كل عصر ومصر بتدبره والتفكر فيه ، وأمر الرسول به في حجة الوداع أن يبلغ عنه ولو آية وأن رب مبلغ أوعى من سامع وأن رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه .
ثم إن لي تفكرا من طالب علم قاصر خلاصته :
أن يعقوب قد يكون شك في سلوك العزيز الذي أحسن إلى بنيه ورده إليهم بضاعتهم وحرصه على أن يأتوه بأخيهم ، ثلاث ملاحظات لا تفوت على الموصوف في القرآن بأنه من أولي الأبصار كما في قوله تعالى " وإبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار " فكيف تخفى على من أثبت له ربه بصيرة مثل يعقوب تلك الملاحظات الثلاث لا سيما وأنه يعلم علم اليقين أن يوسف لم يمت بل سيتم ربه عليه نعمته ويتمها على آل يعقوب معه وأن له شأنا كبيرا سيبلغه لا محالة كما هي دلالة تأويله رؤيا يوسف من قبل ودلالة قوله "فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون "
هذه قرائن أستأنس بها على أنه رجح عند يعقوب أن يوسف في مصر وأن له تأثيرا على عزيزها وهكذا أمر بنيه أن يدخلوا من أبواب متفرقة ولعله يشم في أحدهم رائحة يوسف ولعلها الحاجة في نفس يعقوب التي أخفاها عن بنيه وأظهر لهم الخوف عليهم وهذا من تفكري ولا علاقة له بالرواية والله أعلم بالصواب.
 
أشكر الأخوة الفضلاء على الاهتمام والمشاركة الفعالة ، وقد استمعت للشيخ الفاضل صالح المغامسي يطرح الموضوع فأشكل علي الأمر فقلت أطرحه على الأخوة الكرام هنا، وكل يؤخذ من قوله ويرد وللأمانة

قال الشيخ المغامسي ما يلي:
" ما ذهب إليه الجمهور مرجوح وغير صحيح لسببين:
الأول : ليست المرة الاولى التي يبعث بها بأبنائه ..... ولو كان خشي عليهم من العين لخشي عليهم من المرة الأولى.
الثاني: ما هو شائع الخوف من العين وليس هذا من العلم الخاص الذي يمتاز به الانبياء ... لكن في العادة أن هناك حراس على الأبواب لا يرتابون إذا دخل الاخوان في اول الامر ؛ لكن اذا عادوا في السنة القادمة وهم اكثر ربما يرتاب فيهم الحراس ، وقد علم ان العزيز وضع عينه عليهم واهتم بهم ولم يكن يعلم بانه يوسف " باختصار .
 
(قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66) وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67) وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (68))

لقد كان يعقوب عليه السلام في موقف صعب ، فهو أمام أبناء قد أحرقوا قلبه بما فعلوا بيوسف عليه السلام ، ثم هاهو أمام مطالبتهم بأن يرسل معهم أخا يوسف عليه السلام ، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ، ولكن القرائن تدل على أن الأمر مختلف هذه المرة والحاجة ماسة لأن يرسله معهم ، فوافق بعد أخذ المواثيق ، ولكن نفسه بقيت قلقة من جانب آخر لماذا هذا الإصرار على جلب الأخ ؟ لا بد أن في الأمر ما وراءه ، وهذا يجعل أي أحد يتشكك في الأمر ، فكيف بنبي من الأنبياء مثل يعقوب عليه السلام.
إذا يعقوب يشعر أن هناك أمرا يحاك لكنه لا يدري ما هو ، ومع الثقة هذه المرة في الأبناء إذا الخطر سيكون من الخارج وأنه يتهدد جميع الأبناء ، ولهذا جاءت الوصية بالدخول من أبواب متفرقة فربما أبطل هذا العمل المكيدة التي كانت تحاك لهم ، وإن كان يعقوب عليه السلام يعلم أن الحيل لا تنفع أمام أقدار الله ولكنه الأخذ بالأسباب.
ولو كانت خشية العين ـ وهو رأي قوي والعين حق ـ لما جاء في الآية التالية : "وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ" ، ويفهم منه أن مكيدة الله ليوسف عليه السلام في أخذ أخيه نافذة وسيلحقهم بسببها أذى إلى حين ، وهو الألم الذي لحقهم بسبب اتهامهم بالسرقة ، وتفرقهم حيث امتنع الأكبر من العودة معهم ، ولا شك أنهم كانوا يحملون هم أبيهم كيف يواجهونه بالخبر ....
هذا والله أعلم.
 
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : (وفي الجملة من عَدَل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك، بل مبتدعا، وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤه. فالمقصود بيان طرق العلم وأدلته، وطرق الصواب. ونحن نعلم أن القرآن قرأة الصحابة والتابعون وتابعوهم، وأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه، كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعا. ومعلوم أن كل من خالف قولهم له شبهة يذكرها إما عقلية وإما سمعية، كما هو مبسوط في موضعه).
ولا يرتاب من يعرف منهج التفسير أن اتفاق السلف على أنه خشي عليه العين = حقٌ ، ومن نازع في ذلك فقد خالفهم ، وردُّ قولهم يلزم منه أنهم لم يفهموا كلام الله على وجهه ، وأنهم ضلوا عن الحق في هذه الجملة ، فاهتدينا نحن له، وهذا لا يجوز مطلقًا.
والطبري لم يحك عن السلف غير هذا القول ، وهو أنه خشي عليهم العين، وتابعهم على هذا القول من جاء بعدهم إلا ما حُكي عن بعض المتأخرين .
قال المارودي في النكت والعيون :(وفيما خاف عليهم أن يدخلوا من باب واحد قولان:
أحدهما: أنه خاف عليهم العين لأنهم كانوا ذوي صور وجمال , قاله ابن عباس ومجاهد.
الثاني: أنه خاف عليهم الملك أن يرى عددهم وقوتهم فيبطش بهم حسداً أو حذراً , قاله بعض المتأخرين) .
وأما الزعم بأنه لماذا لم يخش عليهم في المرة الأولى، فجوابه ـ ما دام الأمر يخضع للاحتمالات العقلية ـ : أنه لم يدر بخلده ذلك الأمر أول مرة، ثم لما حدثوه بما شاهدوا ، وأرادوا العودة تنبه لذلك، فنبههم أن لا يدخلوا من باب واحد.
 
ولا يرتاب من يعرف منهج التفسير أن اتفاق السلف على أنه خشي عليه العين = حقٌ ، ومن نازع في ذلك فقد خالفهم ، وردُّ قولهم يلزم منه أنهم لم يفهموا كلام الله على وجهه ، وأنهم ضلوا عن الحق في هذه الجملة ، فاهتدينا نحن له، وهذا لا يجوز مطلقًا.
.

هل ما قاله السلف بناء على دليل من الكتاب أو من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
ثم هل المسألة من المسائل التي لا مجال للاجتهاد فيها حتى نقول إنهم لم يتكلموا فيها إلا عن علم علموه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
إذا كان الجواب على السؤالين بالنفي
فأقول ليس في هذا مخالفة للسلف ولا يلزم أنهم خالفوا الحق ولا يلزم أنهم لم يفهموا كلام الله على وجهه ، بل هم فهموا كما فهمنا أن يعقوب قال لبنيه : "لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة"
بقي الأمر في معرفة الحكمة من وراء هذا القول محل اجتهاد لا يترتب عليه حكم شرعي لا عملي ولا إعتقادي.
 
- إذا قال السلف قولاً في معنى الآية ولم يُنقَل عنهم سواه = فالأخذ به واجب .
هذا أولاً؛ فإذا أردتَ الأخذ به مع الزيادة عليه بقولٍ رأيته , فانظر:
- إذا كان القولُ الآخرُ لا يجتمعُ مع قولِ السلف وإنما يضادّه أو يخالفُه = فالقولُ به باطل .
ومن قال بخلاف ذلك فقد خالفَ الأئمة وعلماء الأمة من أهل التأويل , ولو نقلتُ أقوالهم وتطبيقاتهم في هذا لما استطعت إحصائها , وفي تفسير ابن جرير أجلى بيانٍ عن هذا الأصل , ومما قرره في ذلك :
1- القول المخالف والخارج عن أقوال الصحابة والتابعين في التفسير قولٌ خطأٌ فاسدٌ ؛ لإجماعهم على تركه . وقد قرر هذا ابن تيمية في مواضع من كتبه .
2- لا يجوز القول بخلاف قول السلف .
3- لو كان صوابا لقاله السلف .
4- وهذا وجه من التأويل لولا أن تأويل السلف جاء بخلافه .
5- ولا يُعارَضُ بالقولِ الشاذّ ما استفاض به القولُ من الصحابة والتابعين .
ولازلت أبحث في كلامِ المفسرين والأئمة المعتبرين عن ما يخالِف هذا الأصل .. ولم أجده .
 
هذه المسألة تمثل منهجًا، وليست المسألة مخالفة في مسألة معينة أو في أمر فرعي.
وأرجو أن يكون في منهج الطبري ما يقنعكم بوجود النظر فيما قررتم، وإليكم تعليقي من خلال كلامه :
أولاً : قولكم : (هل ما قاله السلف بناء على دليل من الكتاب أو من كلام رسول الله؟ ) لو طبقته على بعض ما جاء في التفسير هل سيكون منهجك نفسه هنا؟!
طبقه على قوله تعالى : ( فهي كالحجارة) فأنت تراها مطلقة في الآية ، والسلف قيدوها بحجارة الكبريت، ولم ينقل عنهم غير هذا، فهل سيصح عندك أن تقول بقاعدتك هذه؟!
ثم من قال لك إن الأدلة في فهم كلام الله منحصرة بالكتاب والسنة فقط؟!
وانظر إلى أقوال إمام المفسرين التي سأسوقها إليك لترى الفرق بين قولك وأقواله:

1 ـ (فَلَيْسَ فِيمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فِي ذَلِكَ مَعْنَى يَجُوزُ لِذِي فَهْمٍ مُدَافَعَتُهُ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ قَوْلًا لَا يَدْفَعُهُ عَقْلٌ وَلَا خَبَرٌ يَلْزَمُ تَصْدِيقُهُ مِنْ حُجَّةٍ بِخِلَافِهِ، وَهُوَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُمْكِنَةِ. وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إِلَى خِطَابِهِمَا عَلَى مَا أَخْبَرَنَا اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ وَصَلَ إِلَى ذَلِكَ بِنَحْوِ الَّذِي قَالَهُ الْمُتَأَوِّلُونَ؛ بَلْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَذَلِكَ لِتَتَابُعِ أَقْوَالِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى تَصْحِيحِ ذَلِكَ).


2 ـ (فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُتْرَكَ الْمَفْهُومُ مِنْ ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْمَعْقُولُ بِهِ ظَاهِرٌ فِي الْخِطَابِ وَالتَّنْزِيلِ إِلَى بَاطِنٍ لَا دَلَالَةَ عَلَيْهِ مِنْ ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ وَلَا خَبَرَ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْقُولٌ وَلَا فِيهِ مِنَ الْحُجَّةِ إِجْمَاعٌ مُسْتَفِيضٌ).


3 ـ (وَغَيْرُ جَائِزٍ إِحَالَةُ ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ إِلَى بَاطِنٍ مِنَ التَّأْوِيلِ لَا دَلَالَةَ عَلَيْهِ مِنْ نَصِّ كِتَابٍ، وَلَا خَبَرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا إِجْمَاعٍ مِنَ الْأُمَّةِ، وَلَا دَلَالَةَ مِنْ بَعْضِ هَذِهِ الْوُجُوهِ).


4 ـ (فَإِذْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّنْزِيلِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ عُنِيَ بِهِ أَحَدُ الْفِرَقِ الثَّلَاثَةِ دُونَ الْآخَرَيْنِ، وَلَا فِي خَبَرٍ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا فِي فِطْرَةِ عَقْلٍ، وَكَانَ ظَاهِرُ الْآيَةِ مُحْتَمِلًا مَا وَصَفْتُ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُقْتَضِيًا بِأَنَّ كُلَّ مَنِ اقْتَسَمَ كِتَابًا للَّهِ بِتَكْذِيبِ بَعْضٍ وَتَصْدِيقِ بَعْضٍ، وَاقْتَسَمَ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ مِمَّنْ حَلَّ بِهِ عَاجِلُ نِقْمَةِ اللَّهِ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَدَاخِلٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لِأَشْكَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ كَانُوا عِبْرَةً وَلِلْمُتَّعِظِينَ بِهِمْ مِنْهُمْ عِظَةً).


5 ـ (وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ , مَا قَالَ مُجَاهِدٌ مِنْ أَنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ} [النساء: 123] مُشْرِكِي قُرَيْشٍ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَجْرِ لِأَمَانِيِّهِمْ ذِكْرٌ فِيمَا مَضَى مِنَ الْآيِ قَبْلَ قَوْلِهِ: {لَيْسَ بَأَمَانِيِّكُمْ} [النساء: 123] وَإِنَّمَا جَرَى ذِكْرُ أَمَانِيِّ نَصِيبِ الشَّيْطَانِ الْمَفْرُوضِ , وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلِآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ} [النساء: 119] وَقَوْلُهُ: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ} [النساء: 120] فَإِلْحَاقُ مَعْنَى قَوْلِهِ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ} [النساء: 123] بِمَا قَدْ جَرَى ذِكْرُهُ قَبْلُ أَحَقُّ وَأَوْلَى مِنِ ادِّعَاءِ تَأْوِيلٍ فِيهِ , لَا دَلَالَةَ عَلَيْهِ مِنْ ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ , وَلَا أَثَرَ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَا إِجْمَاعٍ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ).


فهذه الأدلة عند الطبري ( الكتاب والسنة والإجماع والعقل )، وهي ليست منحصرة بدليلين كما هي عندكم.

ثانيًا : وأما قولكم : (فأقول ليس في هذا مخالفة للسلف) فالجواب عنه من تطبيقات الطبري التي تدل على عدم جواز الخروج عن قول السلف ، وهي كثيرة:

1 ـ (وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَتَأَوَّلُ قَوْلَهُ {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: 13] : أَيْ حَظُّهُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: طَارَ سَهْمُ فُلَانٍ بِكَذَا: إِذَا خَرَجَ سَهْمُهُ عَلَى نَصِيبٍ مِنَ الْأَنْصِبَاءِ، وَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا لَهُ وَجْهٌ، فَإِنَّ تَأْوِيلَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنْتُ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُتَجَاوَزَ فِي تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ مَا قَالُوهُ إِلَى غَيْرِهِ، عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ، إِنْ كَانَ عَنَى بِقَوْلِهِ حَظَّهُ مِنَ الْعَمَلِ وَالشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ، فَلَمْ يَبْعُدْ مَعْنَى قَوْلِهِ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ).


2 ـ (وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَمَّنْ ذَكَرْنَا تَوْجِيهٌ مِنْهُمْ لِلْكَلَامِ إِلَى غَيْرِ وَجْهِهِ الْمَعْرُوفِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ تَوْجِيهُ مَعَانِي كَلَامِ اللَّهِ إِلَى غَيْرِ الْأَغْلَبِ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهِهِ عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ، فَفِي ذَلِكَ مَعَ خِلَافِهِمْ تَأْوِيلَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ شَاهِدٌ عَدْلٌ عَلَى خَطَأِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِيهِ)


3 ـ (وَقَوْلُهُ: {لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً} [الغاشية: 11] يَقُولُ: لَا تَسْمَعُ هَذِهِ الْوُجُوهُ، الْمَعْنَى لِأَهْلِهَا، فِيهَا فِي الْجَنَّةِ الْعَالِيَةِ لَاغِيَةً. يَعْنِي بِاللَّاغِيَةِ: كَلِمَةَ لَغْوٍ. وَاللَّغْوُ: الْبَاطِلُ، فَقِيلَ لِلْكَلِمَةِ الَّتِي هِيَ لَغْوٌ لَاغِيَةٌ، كَمَا قِيلَ لِصَاحِبِ الدِّرْعِ: دَارِعٌ، وَلِصَاحِبِ الْفَرَسِ: فَارِسٌ، وَلِقَائِلِ الشِّعْرِ شَاعِرٌ؛ وَكَمَا قَالَ الْحُطَيْئَةُ:


أَغْرَرْتَنِي وَزَعَمْتَ أَنَّ ... كَ لَابِنٌ بِالصَّيْفِ تَامِرْ


يَعْنِي: صَاحِبَ لَبَنٍ، وَصَاحِبَ تَمْرٍ. وَزَعَمَ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: لَا تَسْمَعُ فِيهَا حَالِفَةً عَلَى الْكَذِبِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لَاغِيَةً؛ وَلِهَذَا الَّذِي قَالَهُ مَذْهَبٌ وَوَجْهٌ، لَوْلَا أَنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى خِلَافِهِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ خِلَافُهُمْ فِيمَا كَانُوا عَلَيْهِ مُجْمِعِينَ)

4 ـ (وَأَمَّا قَوْلُهُ: {تُوَلُّوا} [البقرة: 115] فَإِنَّ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِهِ أَنْ يَكُونَ تُوَلُّونَ نَحْوَهُ وَإِلَيْهِ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: وَلَّيْتُ وَجْهِي نَحْوَهُ وَوَلَّيْتُهُ إِلَيْهِ، بِمَعْنَى: قَابَلْتُهُ وَوَاجَهْتُهُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَأْوِيلَهُ وَشُذُوذٌ مِنْ تَأَوَّلِهِ بِمَعْنَى: تُوَلُّونَ عَنْهُ فَتَسْتَدْبِرُونَهُ، فَالَّذِي تَتَوَجَّهُونَ إِلَيْهِ وَجْهُ اللَّهِ، بِمَعْنَى قِبْلَةِ اللَّهِ).
5 ـ (وَقَالَ آخَرُونَ {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [البقرة: 121] يَقْرَءُونَهُ حَقَّ قِرَاءَتِهِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ أَنَّهُ بِمَعْنَى: يَتَّبِعُونَهُ حَقَّ اتِّبَاعِهِ، مِنْ قَوْلِ [ص:493] الْقَائِلِ: مَا زِلْتُ أَتْلُو أَثَرَهُ، إِذَا اتُّبِعَ أَثَرُهُ؛ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَأْوِيلُهُ).
6 ـ (وَوَاضِحٌ فَسَادُ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ فِي كَلَامِهِ: النَّاسُ كُلُّهُمْ لَكَ حَامِدُونَ إِلَّا الظَّالِمَ الْمُعْتَدِيَ عَلَيْكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْتَدُّ بِعَدَاوَتِهِ وَلَا بِتَرْكِهِ الْحَمْدَ لِمَوْضِعِ الْعَدَاوَةِ. وَكَذَلِكَ الظَّالِمُ لَا حَجَّةَ لَهُ، وَقَدْ سُمِّيَ ظَالِمًا؛ لِإِجْمَاعِ جَمِيعِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى تَخْطِئَةِ مَا ادَّعَى مِنَ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ. وَكَفَى شَاهِدًا عَلَى خَطَأِ مَقَالَتِهِ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى تَخْطِئَتِهَا).

7 ـ (وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {وَهُمْ أُلُوفٌ} [البقرة: 243] بِالصَّوَابِ، قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى بِالْأُلُوفِ. كَثْرَةَ الْعَدَدِ، دُونَ قَوْلِ مَنْ قَالَ: عَنَى بِهِ الِائْتِلَافَ، بِمَعْنَى ائْتِلَافِ قُلُوبِهِمْ، وَأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ مِنْ غَيْرِ افْتِرَاقٍ كَانَ مِنْهُمْ، وَلَا تَبَاغُضٍ، وَلَكِنْ فِرَارًا، إِمَّا مِنَ الْجِهَادِ، وَإِمَّا مِنَ الطَّاعُونِ. لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَأْوِيلُ الْآيَةِ، وَلَا يُعَارَضُ بِالْقَوْلِ الشَّاذِّ مَا اسْتَفَاضَ بِهِ الْقَوْلُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي مَبْلَغِ عَدَدِ الْقَوْمِ الَّذِينَ وَصَفَ اللَّهُ خُرُوجَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ بِالصَّوَابِ، قَوْلُ مَنْ حَدَّ عَدَدَهُمْ بِزِيَادَةٍ عَنْ عَشْرَةِ آلَافٍ دُونَ مَنْ حَدُّهُ بِأَرْبَعَةِ)

ثالثًا: وأما قولكم : (ثم هل المسألة من المسائل التي لا مجال للاجتهاد ) ، فإن الجواب عنه يتبين بفهم هذا المنهج الذي ذكرته لك عند الطبري، لأن معرفة ما يمكن فيه الاجتهاد وما لا يمكن تؤخذ من نصوص العلماء وتطبيقاتهم، وقد ذكرت لك أمثلة ظاهرها جواز الاجتهاد، لكن الطبري منع ذلك فيها.
تتميم:
وهذه نصوص في مسائل الإجماع تفيد في مثل هذا المقام:
1 ـ قال شيخ الإسلام في الفتاوى : (ولهذا تجد المعتزلة والمرجئة والرافضة وغيرهم من أهل البدع يفسرون القرآن برأيهم ومعقولهم وما تأولوه من اللغة ولهذا تجدهم لا يعتمدون على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وأئمة المسلمين فلا يعتمدون لا على السنة ولا على إجماع السلف وآثارهم وإنما يعتمدون على العقل واللغة وتجدهم لا يعتمدون على كتب التفسير المأثورة والحديث وآثار السلف وإنما يعتمدون على كتب الأدب وكتب الكلام التى وضعتها رؤوسهم وهذه طريقة الملاحدة أيضا إنما يأخذون ما في كتب الفلسفة وكتب الأدب واللغة؛ وأما كتب القرآن والحديث والآثار فلا يلتقون اليها. هؤلاء يعرضون عن نصوص الأنبياء إذ هى عندهم لا تفيد العلم وأولئك يتأولون القرآن برأيهم وفهمهم بلا آثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقد ذكرنا كلام أحمد وغيره في انكار هذا وجعله طريقة أهل البدع). 7 / 119
2 ـ وقال : ( والأمة إذا اختلفت في مسألة على قولين، لم يكن لمن بعدهم إحداثُ قول يناقضُ القولين، ويتضمنُ إجماعَ السلف على الخطأ والعدول عن الصواب ) جامع المسائل لابن تيمية 3 / 413 ، تحقيق: عزير شمس
3 ـ وقال في درء تعارض العقل والنقل : ( فإن القول المحكي عن المسلمين لا بد أن يكون موجوداً في كتاب الله أو سنة رسوله، أو هو مما انعقد عليه إجماع المسلمين، ولو لم يكن إلا إجماع الصحابة وحدهم فلو كان فيه نزاع بين المسلمين لما جاز أن يحكى عنهم كلهم.
فكيف وهذا القول ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله، ولا قاله أحد من سلف الأمة وأئمتها). 8 / 292 .
 
ومن تطبيقات ابن جرير التي تدل على عدم جواز الخروج عن قول السلف:
في قوله تعالى : {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} قال: "وأما من قال:عنى بذلك ما ذبحه المسلم فنسي ذكر اسم الله ، فقول بعيد من الصواب لشذوذه وخروجه عما عليه الحجة مجمعة من تحليله، وكفى بذلك شاهدا على فساده". [تفسير الطبري 9/ 529]
وبين أنه لا يرده عن بيان فساد كل قول مخالف للسلف إلا خشية إطالة الكتاب، فقال :"ولولا أنا كرهنا إطالة الكتاب بما ليس من جنسه لأنبأنا عن فساد قول كل قائل قال في ذلك قولا لقول أهل الحق فيه مخالفا".[تفسير الطبري 1/ 457]
بل كان يَرُدُّ قولاً في معنى الآية ولو أعجبه لعدم ووروده عن السلف، ومثال على ذلك قوله:" وهذا قول ووجه من التأويل لو كان به قائل من أهل القدوة الذين يرتضى للقرآن تأويلهم".[تفسير الطبري 1/ 450]
 
السلام عليكم
دعونا نعود للموضوع
إن كانت العين هى ماخافه يعقوب على بنيه فلما لم يحصنهم بأدعية وماشابه ؟؛ وهل فيما فعل مبرر وقدوة لمن يترك ابنه قذراً أو ذا ثياب مهلهلة خوفا عليه من العين ؟
 
جزاكم الله خيرا على هذا التأصيل
هل يصح الإحتجاج بفعل سيدنا يعقوب عليه السلام ؟؟؟ وهل يصح قول النبى صلى الله عليه وسلم " دسنوا نونيته "؟؟
 

هذه المسألة تمثل منهجًا، وليست المسألة مخالفة في مسألة معينة أو في أمر فرعي.

وأرجو أن يكون في منهج الطبري ما يقنعكم بوجود النظر فيما قررتم، وإليكم تعليقي من خلال كلامه :
أولاً : قولكم : (هل ما قاله السلف بناء على دليل من الكتاب أو من كلام رسول الله؟ ) لو طبقته على بعض ما جاء في التفسير هل سيكون منهجك نفسه هنا؟!
طبقه على قوله تعالى : ( فهي كالحجارة) فأنت تراها مطلقة في الآية ، والسلف قيدوها بحجارة الكبريت، ولم ينقل عنهم غير هذا، فهل سيصح عندك أن تقول بقاعدتك هذه؟!
ثم من قال لك إن الأدلة في فهم كلام الله منحصرة بالكتاب والسنة فقط؟!


أولا : أراك جعلت منهج الطبري حكما على فهم كتاب الله ، فهل تسلم للطبري بكل ما أورده في تفسيره؟
ثانياً: أين قيد السلف الحجارة بحجارة الكبريت ؟
ثالثا: أنا لم أقل إن فهم القرآن منحصر في الكتاب والسنة ، بل هناك لغة العرب أيضا ، أما العقل فليس من الأدلة وإنما هو سيلة للفهم ، ولهذا إذا قال الصحابي قولا فإن قوله بعد ثبوته لا يخرج عن ثلاثة أحوال:
أن يكون استند إلى اللسان العربي الذي نزل به القرآن
أو يكون استند إلى كتاب الله
أو يكون استند إلى بيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم
فإذا لم نجد شيئا من هذا نظرنا في قول الصحابي:
فإن كان من الأمور الغيبية التي لا مجال للاجتهاد فيها فالظن بالصحابي أن لا يقول على الله إلا بعلم.
وإن كان من الأمور التي يجوز فيها الاجتهاد كمسألتنا فالصحابي كغيره وهذا بن مسعود رضي الله عنه يقول وفي مسألة من مسائل الأحكام التي ليست كمسألتنا يقول برأيه ويقر أنه يحتمل الخطأ والصواب:
"عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ قَالَا : أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا فَتُوُفِّيَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ سَلُوا هَلْ تَجِدُونَ فِيهَا أَثَرًا قَالُوا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا نَجِدُ فِيهَا يَعْنِي أَثَرًا قَالَ أَقُولُ بِرَأْيِي فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ لَهَا كَمَهْرِ نِسَائِهَا لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ..." رواه النسائي
وعند أحمد قال:
"أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي فَإِنْ يَكُ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنْ الشَّيْطَانِ وَإِنْ يَكُ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ لَهَا صَدَقَةُ إِحْدَى نِسَائِهَا وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ"
 
عن الدليل العقلي

عن الدليل العقلي


أما العقل فليس من الأدلة وإنما هو سيلة للفهم​
ما رأيك بالسياق ؟
أليس دليلاً ؟!
ثم ما رأيك بقياس المعنى على المعنى (نظير المعنى) ؟
أليس دليلاً ؟!
أليست أدلة عقلية ؟!
انظر أيَّ تفسير -ودع الطبريَّ وابنَ تيمية إن شئت- فهل تراه يردها ولا يستدل بها ؟
 
ما رأيك بالسياق ؟
أليس دليلاً ؟!
ثم ما رأيك بقياس المعنى على المعنى (نظير المعنى) ؟
أليس دليلاً ؟!
أليست أدلة عقلية ؟!
انظر أيَّ تفسير -ودع الطبريَّ وابنَ تيمية إن شئت- فهل تراه يردها ولا يستدل بها ؟
ربما اختلفنا في هذه المسألة بحسب فهم كل واحد منا لمعنى الدليل
السياق والمعنى هما من النص ، والعقل هو الأداة التي تفهم من خلاله السياق وتقيس به النظير على النظير.
 

ربما اختلفنا في هذه المسألة بحسب فهم كل واحد منا لمعنى الدليل
السياق والمعنى هما من النص ، والعقل هو الأداة التي تفهم من خلاله السياق وتقيس به النظير على النظير.
إذاً القياس -مثلا- ليس دليلاً عقلياً , وهذا خلاف ما أجمع عليه العقلاء والعلماء .
ومادام العقل في رأيك : (هو الأداة التي تفهم من خلاله السياق وتقيس به..) فكذلك اللغة ؛ هي الأداة التي تفهم بها الكتاب والسنة , فهل تخرجها من الأدلة لأنها كذلك ؟!

ثالثا: أنا لم أقل إن فهم القرآن منحصر في الكتاب والسنة ، بل هناك لغة العرب أيضا ، أما العقل فليس من الأدلة وإنما هو سيلة للفهم​
 
إذاً القياس -مثلا- ليس دليلاً عقلياً , وهذا خلاف ما أجمع عليه العقلاء والعلماء .
ومادام العقل في رأيك : (هو الأداة التي تفهم من خلاله السياق وتقيس به..) فكذلك اللغة ؛ هي الأداة التي تفهم بها الكتاب والسنة , فهل تخرجها من الأدلة لأنها كذلك ؟! وقد فرقتَ بينهما فيما سبق :
النص قد يوضحه نص آخر من كتاب أو سنة فإذا لم يوجد فليس أمامنا إلا اللغة
وهذا هو الفرق بينها وبين العقل
أما القياس فهو كاشف في الحقيقة وليس دليلا
 
بل هو من الأدلة المتفق عليها، كما هو معلوم من أبجديات أصول الفقه.
وجزاكم الله خيراً.
صحيح هو في اصول الفقه من الأدلة ، لكن ليس من الأدلة المتفق عليها.
ولكن أنا أتكلم عن حقيقته فالقياس عملية عقلية للوصول إلى حكم من خلال إعماله في الدليل الذي هو النص
 
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : (وفي الجملة من عَدَل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك، بل مبتدعا، وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤه. فالمقصود بيان طرق العلم وأدلته، وطرق الصواب. ونحن نعلم أن القرآن قرأة الصحابة والتابعون وتابعوهم، وأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه، كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعا. ومعلوم أن كل من خالف قولهم له شبهة يذكرها إما عقلية وإما سمعية، كما هو مبسوط في موضعه).
ولا يرتاب من يعرف منهج التفسير أن اتفاق السلف على أنه خشي عليه العين = حقٌ ، ومن نازع في ذلك فقد خالفهم ، وردُّ قولهم يلزم منه أنهم لم يفهموا كلام الله على وجهه ، وأنهم ضلوا عن الحق في هذه الجملة ، فاهتدينا نحن له، وهذا لا يجوز مطلقًا.
والطبري لم يحك عن السلف غير هذا القول ، وهو أنه خشي عليهم العين، وتابعهم على هذا القول من جاء بعدهم إلا ما حُكي عن بعض المتأخرين .
قال المارودي في النكت والعيون :(وفيما خاف عليهم أن يدخلوا من باب واحد قولان:
أحدهما: أنه خاف عليهم العين لأنهم كانوا ذوي صور وجمال , قاله ابن عباس ومجاهد.
الثاني: أنه خاف عليهم الملك أن يرى عددهم وقوتهم فيبطش بهم حسداً أو حذراً , قاله بعض المتأخرين) .
وأما الزعم بأنه لماذا لم يخش عليهم في المرة الأولى، فجوابه ـ ما دام الأمر يخضع للاحتمالات العقلية ـ : أنه لم يدر بخلده ذلك الأمر أول مرة، ثم لما حدثوه بما شاهدوا ، وأرادوا العودة تنبه لذلك، فنبههم أن لا يدخلوا من باب واحد.

كل ما ورد في مشاركة الشيخ مساعد سواء ما نقله من شيخ الإسلام أو ما قاله بنفسه صواب إلا أن فيه شيئاً واحدا فيه نظر. ذلكم قوله إن السلف قد اتفقوا وحجته على القول بذلك أن ابن جرير لم يورد إلا قولا واحدا. وهذا ليس بحجة إلا إذا اتفقنا أن ابن جرير لم يخرم من أقوال السلف شيئاً.وهذا لم يقل به أحد.
فبقي أن المسألة ما زالت مفتوحة للاجتهاد وقد أعجبني اجتهاد الأخوة الفضلاء ولاسيما الأخ الحسن محمد ماديك والأخ أبي سعد الغامدي فقد جاءا بما لا يمنع منه سياق بل يحتمله، وذلك بسبب ما ياتي:
ما نعلمه قطعا هو أنه قد نهى بنيه أن يدخلوا من باب واحد خشية عليهم وهذه الخشية سميت في القرآن "حاجة في نفس يعقوب " وأنه قضاها بالتصريح لهم بالطلب أن لا يدخلوا من باب واحد. أما لماذا فهو مسألة ظنية ولا شك أن الخوف على الأبناء له أسباب أكثر من أن تُحصَر وأن الخوف عليهم من العين سبب، أو أن يُكرهوا ويُرتاب في شأنهم لكثرتهم أو أنه يأمل أن يتفرقوا لتضعف إمكانية أن يتعرضوا لأذى موحد يأتي عليهم أو أنه أراد تفريقهم حتى لا يكيدوا كيدا آخر لا قبل له به لأنهم سبق وأن أجمعوا على كيد ليوسف، أو أن احتمال أن يحظى أحدهم بيوسف تزداد إذا دخلوا من أبواب متفرقة. فلا يبدو لي وجود مانع من تعدد الاجتهادات في ذكر الأسباب المحتملة لتلك الحاجة التي هي النهي أن يدخلوا من باب واحد، أو إن النهي أن يدخلوا من باب واحد سببه الحاجة وهي الخشية عليهم من أمور منها العين.

وتقبل الله طاعاتكم​
 

هذه المسألة تمثل منهجًا، وليست المسألة مخالفة في مسألة معينة أو في أمر فرعي.

وأرجو أن يكون في منهج الطبري ما يقنعكم بوجود النظر فيما قررتم، وإليكم تعليقي من خلال كلامه :
أولاً : قولكم : (هل ما قاله السلف بناء على دليل من الكتاب أو من كلام رسول الله؟ ) لو طبقته على بعض ما جاء في التفسير هل سيكون منهجك نفسه هنا؟!
طبقه على قوله تعالى : ( فهي كالحجارة) فأنت تراها مطلقة في الآية ، والسلف قيدوها بحجارة الكبريت، ولم ينقل عنهم غير هذا، فهل سيصح عندك أن تقول بقاعدتك هذه؟!


شيخنا الفاضل الدكتور مساعد يقصد " وقودها الناس والحجارة " في قوله تعالى:
(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) البقرة (24)
قال الطبري رحمه الله تعالى:
"فإن قال قائل: وكيف خُصَّت الحجارة فقرنت بالناس، حتى جعلت لنار جهنم حَطبًا؟

قيل: إنها حجارةُ الكبريت، وهي أشد الحجارة -فيما بلغنا- حرًّا إذا أحميت.
503- كما حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو معاوية، عن مسعر، عن عبد الملك بن مَيسرة الزرَّاد، عن عبد الرحمن بن سَابط، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن مسعود، في قوله:"وقُودها الناس والحجارة"، قال: هي حجارة من كبريت، خَلقها الله يومَ خلق السموات والأرض في السماء الدنيا، يُعدّها للكافرين.
504- حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أنبأنا عبد الرزّاق، قال: أنبأنا ابن عُيينة، عن مِسعر، عن عبد الملك الزرَّاد، عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود في قوله:"وقودها الناسُ والحجارة"، قال: حجارة الكبريت، جعلها الله كما شاء .
- حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السُّدّيّ في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مُرَّة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:"اتقوا النار التي وَقودُها الناس والحجارة"، أما الحجارة، فهي حجارةٌ في النار من كَبريت أسْوَد، يُعذبون به مع النار .
506- حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جُريج في قوله:"وقودها الناس والحجارة"، قال: حجارة من كبريت أسودَ في النار، قال: وقال لي عمرو بن دينار: حجارةٌ أصلب من هذه وأعظم .
507- حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن مسعر، عن عبد الملك بن مَيسرة، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن مسعود، قال: حجارةٌ من الكبريت خَلقها الله عنده كيفَ شاء وكما شاء . "

ونحن إذا تأملنا هذا المثال الذي أورده شيخنا الفاضل نجد أن الرواية عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه خصصت هذه الحجارة بحجارة الكبريت دون بقية أنواع الحجارة.
وإذا تأملنا المسألة وجدنا الحديث عن أمر غيبي لا طريق لمعرفته إلا عن طريق الوحي ، والصحابي رضي الله عنه إذا ثبت الخبر عنه فهو:
إما قد أخبر عن علم علمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أو أنه أخذه عن بني إسرائيل وهو احتمال كبير.
وهذه المسألة لا مجال للاجتهاد فيها من خلال فهم النص وسياق الآيات بخلاف مسألتنا وهي قول يعقوب عليه السلام:
"وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة"

 
للنّقاش:
لكلّ نصّ قرآنيّ كريم ضمانة فهمه؛ سابقة، ولاحقة، ومتخلّلة:
السّابقة: أليس مفتاح فهم الآية الكريمة -يا مشايخنا الأفاضل- هو قول يعقوب على نبيّنا وعليه أفضل الصّلاة وأتمّ التّسليم: (( إلا أن يحاط بكم))؟ فمعرفة معنى الإحاطة يجلّي لنا معنى نهي أبنائه وأمرهم: (( لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرّقة)).
المتخلّلة: وكذا يفهم المعنى من لفظ ((متفرّقة)) فالباب الواحد يقابله أبواب متعدّدة؛ فما الحكمة من عدول النّصّ الكريم عن المتعدّدة إلى المتفرّقة؟
اللاحقة: ((وما أغني عنكم من الله من شيء)) ما معنى الإغناءِ الّتي هي مشتقّة من الغَناء؟ (( ولمّا دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها)) وما الحاجة الّتي في نفس يعقوب يا تُرى؟ أليست هي ما جعلته كظيماً (( وابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيم))، وما برح يفتأ يذكر يوسف حتّى كاد يكون حرضاً أو من الهالكين؟!، ثمّ بدرجة أقلّ أو مساوية: الخوف على أولاده جميعاً من الأخطار الّتي قد تحدق بهم أيّاً كانت هذه الأخطار ممّا ذكره الأساتذة الأكارم سابقاً ممّا لا حاجة لإعادته؟
 
السبب الحامل للقول بأن الحاجة في نفس يعقوب هي خوف العين هو قرينة {وما أغني عنكم من الله من شيء} ولولاها لأصفق الناس على القول إن الحاجة هي أن دخولهم من أبواب متفرقة أدعى أن يجدوا يوسف وهذا المعنى أليق بقرينة {وإنه لذو علم لما علّمناه }لأنه بهذا العلم علم أنهم قد سولت لهم أنفسهم أمرا...وأنه كان متيقنا من حياة يوسف ونبوته عليهم السلام

والله أعلم

وتقبل الله طاعاتكم​
 
صحيح هو في اصول الفقه من الأدلة .. ولكن أنا أتكلم عن حقيقته فالقياس عملية عقلية للوصول إلى حكم من خلال إعماله في الدليل الذي هو النص
ما عدا ممّا بدا
صار القياس الآن: دليلاً + عملية عقلية
والنتيجة = دليلاً عقلياً .

ثم يا أخي المخالفة في المثال لا تستلزم المخالفة في المنهج
فذهابك إلى معنى في الآية لا يستلزم أن تتبعه بنقض الأصول , وتجاوز أهل العلم فيما حققوه واجتمعت عليه كلمتهم .
 
ما عدا ممّا بدا
صار القياس الآن: دليلاً + عملية عقلية
والنتيجة = دليلاً عقلياً .
القياس في أصول الفقه دليل ، هذا ما يقرره أصول الفقه ، ولكني لا أسلم بأنه دليل.
القياس عملية عقليه في الدليل تتوصل من خلالها إلى حكم دل عليه النص
إذا هو أداة وليس دليلا
مع دعائي لك بيوم حافل بالخير والعمل الصالح
 
ثم يا أخي المخالفة في المثال لا تستلزم المخالفة في المنهج
فذهابك إلى معنى في الآية لا يستلزم أن تتبعه بنقض الأصول , وتجاوز أهل العلم فيما حققوه واجتمعت عليه كلمتهم .

أنا لم أخالف في المنهج
لكني أخالف في عملية تطبيق المنهج
فأنا قلت ليس في كلامي مخالفة لكلام السلف وقد بينه أيضا الإخوة الأفاضل في ردودهم.
 
اود ان اسال : وهل الخوف من العين اذا صدر من الانبياء منقبة ام منقصة ؟؟
 
للفائدة :
وجدت أن إبراهيم النخعي ووهب بن منبه خالفا القول السابق فلم يريا أن السبب هو الخوف على الأبناء من العين.
 

أنا لم أخالف في المنهج
لكني أخالف في عملية تطبيق المنهج
التلاعب بالألفاظ من أعظم ما يزهدنا في الحوار ويحرمنا الفائدة , وتأمل معي أيها الفاضل :
- العقل عندك ليس دليلاً .. وليس هو كذلك عند أحد من العلماء .
- السياق عندك من النص .. وليس هو كذلك عند أحد من العلماء .
- القياس (الذي هو اعتبار الشبيه بالشبيه وحمل النظير على المثيل) ليس عندك دليلاً .. وليس هو كذلك عند أحد من العلماء .
- القياس عندك ليس دليلاً عقليا .. وهو عند العلماء قاطبة من أظهر وأشهر الأدلة العقلية التي جاء بها القرآن والسنة .
- القياس عندك ليس دليلاً متفقاً عليه .. وكل من له أدنى اطلاع يعلم أنه من الأدلة المتفق عليها عند الأئمة الأربعة ؛ هذا معنى الأدلة المتفق عليها في كتب الأصول .

إذا لم يكن هذا خلافاً في منهج الفهم وأصول الاستدلال .. فماذا يكون ؟!
 
ما شاء الله لا قوة إلا بالله
أي ضوءٍ تعلل به محفل البارحة
وأي قبس .. وأي هدى !!

وما أراه إلاّ من بركات من قدح زناده ..
اللهم زدنا من هذه النفحات
واجمع قلوبنا دوماً على ما تحب وترضى
 
أيها الأحبة ..
يهمنا هنا إقرار جميع المتحاورين بأن العقل والقياس معتبران في فهم النص وبناء الأحكام، وإن لم يقر البعض بتسميته دليلا.

وجميل أن نعود إلى الحوار، وهذه هي المحاور التى جرى الحديث حولها:
- تخطئة المغامسي لقول جمهور المفسرين [ أرجو من الأخت الكريمة وضع نص كلامه مسجلا إن أمكن ]
- حكم تخطئة أقوال المفسرين السابقة قاطبةً.
- أقوال أخرى ذكرها المفسرون في الآية.
- حكم إضافة (إحداث) قول جديد لم يذكره السابقون، وحدود هذه الإضافة؟
 
اود ان اسال : وهل الخوف من العين اذا صدر من الانبياء منقبة ام منقصة ؟؟
لا يوصف بأنه منقبة أو منقصة , بل هو من طبيعة الإنسان , كخوفه مما يضره , لكن المذموم المبالغة في ذلك , فيخرج به عن حد الاعتدال .
 
أرى أن يُغلق الحوار أو يُحكّم أحد المشرفين بين الشيخ نايف وأبي سعد، فمتى خرج أحدهما عن نقطة الحوار المبحوثة، أو تحكّم بالأدلة بحسب ما يشتهي = تدخّل المشرف، وبيّن ذلك، وإلا بقينا كما يقال: "مكانك راوح".
وأرجو أن يكون النقاش بين الإخوة مبنيا على أساس من كلام أهل العلم، أما أن يستدل كل شخص بما يشتهي ويظهر له، دون اعتبار بإجماعات أهل العلم، فهذا ضرب من الغلط والشطط الذي ننزه عنه الإخوة الكرام.
وجزاكم الله خيرا.
 
التلاعب بالألفاظ من أعظم ما يزهدنا في الحوار ويحرمنا الفائدة , وتأمل معي أيها الفاضل :
- العقل عندك ليس دليلاً .. وليس هو كذلك عند أحد من العلماء .
- السياق عندك من النص .. وليس هو كذلك عند أحد من العلماء .
- القياس (الذي هو اعتبار الشبيه بالشبيه وحمل النظير على المثيل) ليس عندك دليلاً .. وليس هو كذلك عند أحد من العلماء .
- القياس عندك ليس دليلاً عقليا .. وهو عند العلماء قاطبة من أظهر وأشهر الأدلة العقلية التي جاء بها القرآن والسنة .
- القياس عندك ليس دليلاً متفقاً عليه .. وكل من له أدنى اطلاع يعلم أنه من الأدلة المتفق عليها عند الأئمة الأربعة ؛ هذا معنى الأدلة المتفق عليها في كتب الأصول .

إذا لم يكن هذا خلافاً في منهج الفهم وأصول الاستدلال .. فماذا يكون ؟!

الأخ الفاضل نايف بارك الله فيك
أنا لا أتلاعب بالألفاظ ، وإنما أريد أن أشغل ذهني بطريقة مختلفة أتعلم من خلالها جديدا وأستكشف جديدا،وإلا فكل ما ذكرته أنت أعرفه وهو موجود في الكتب.
فأنا أريد منك وأنت تبحث عن الفائدة أن تمحص كلامي وتنظر فيه من خلال قواعد اللغة وطبيعة الأشياء حتى تفهم مقصودي.
تستغرب قولي العقل ليس دليلا وتتعجب منه !
وأنا أقول لك: ما هو العقل ؟
العقل ملكة وقوة يتوصل بها الإنسان إلى مطلوب من خلال إعمالها في أدلة خارجية.
والقياس عملية عقلية في الدليل يتوصل من خلالها إلى حكم
وانظر إلى كلام الآمدي رحمه الله تعالى ـ وهو يرى أن القياس من الأدلة المتفق عليها ـ لكن انظر إلى ما يقول:
"وأما القياس والاستدلال فحاصله يرجع إلى التمسك بمعقول النص أو الإجماع، فالنص والإجماع أصل، والقياس والاستدلال فرع تابع لهما."

أما قضية كون القياس من الأدلة المتفق عليها فهو عند البحث والتدقيق لا تجده كذلك.
وتأمل كلام بن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين على أصول أحمد رحمه الله ، يقول:
[ الْخَامِسُ الْقِيَاسُ لِلضَّرُورَةِ ] فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الْمَسْأَلَةِ نَصٌّ وَلَا قَوْلُ الصَّحَابَةِ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَا أَثَرٌ مُرْسَلٌ أَوْ ضَعِيفٌ عَدَلَ إلَى الْأَصْلِ الْخَامِسِ - وَهُوَ الْقِيَاسُ - فَاسْتَعْمَلَهُ لِلضَّرُورَةِ ، وَقَدْ قَالَ فِي كِتَابِ الْخَلَّالِ ، سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ الْقِيَاسِ ، فَقَالَ : إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ.
فهذا أحمد والشافعي رحمهما الله تعالى لا يرون القياس إلا عند الضرورة ، ولو كان القياس دليلا كغيره من الأدلة ما جاز الإعراض عنه إلا عند الضرورة.
والسبب فيما ذهب إليه هو أن القياس في الحقيقة ليس دليلا وإنما هو إعمال للعقل في الدليل ، فهو طريقة من طرق الاستدلال وفهم النص.
خلاصة القول:
أنا وما نقل عن الشيخ المغامسي وما تفضل به الدكتور نعيمان والدكتور عبد الرحمن الصالح والأخ الفاضل الحسن محمد ماديك أعملنا عقولنا في النص ، وظهرنا باجتهادات لا تعارض الكتاب ولا السنة ، ولا حتى رأي السلف رحمهم الله تعالى ، فإن كان صوابا فالحمد لله وإن كان خطأ فنستغفر الله ونتوب إليه.
 
أرى أن يُغلق الحوار أو يُحكّم أحد المشرفين بين الشيخ نايف وأبي سعد، فمتى خرج أحدهما عن نقطة الحوار المبحوثة، أو تحكّم بالأدلة بحسب ما يشتهي = تدخّل المشرف، وبيّن ذلك، وإلا بقينا كما يقال: "مكانك راوح".
وأرجو أن يكون النقاش بين الإخوة مبنيا على أساس من كلام أهل العلم، أما أن يستدل كل شخص بما يشتهي ويظهر له، دون اعتبار بإجماعات أهل العلم، فهذا ضرب من الغلط والشطط الذي ننزه عنه الإخوة الكرام.
وجزاكم الله خيرا.
أخي الفاضل عبد الحكيم
حفظك الله وجعلك من الحكماء والمفلحين
لماذا ضقت بالحوار ؟
هل تعلم أن مثل هذا الحوار نافع جدا في التعلم وفي تقرير المسائل وتثبيتها والحفاظ على العلم من التفلت والذهاب !
إذا كنت أنت لم تستفد جديدا فربما استفاد غيرك.
حفظك الله وبارك فيك.
 
حديثي معك أخي الكريم ليس في المثال , ولكنك بعد أن وضعتَ الطبري جانباً , وبنيت أصولاً وهدمت أصولاً , قلتَ : لم أخالف في المنهج .
والحقيقة أن أواخر مشاركاتك كلها كلام في أصول التلقي ومنهج الاستدلال بلا تحقيق .
وما أجمل أن نُشَغّل عقولنا -كما تقول- في فهم كلام العلماء , قبل أن نشَغّل عقولنا في مخالفتهم .

- أمّا العقل فأنت تقيمه دليلاً ولا بد من حيث لا تشعر , سواء في قبول المعنى أو ردّه , وسواءً سميته دليلاً أو أبيت .
- وأمّا القياس فذهبتَ إلى قياس (كتب الأصول) وتركت القياس الذي جاء به القرآن ولم يعارضه عاقل فضلاً عن عالِم ؛ وهو التسوية بين المتماثلين , والتفريق بين المتخالفَين , وانظر كلام العلماء والمفسرين عند قوله تعالى {الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان} , وعلى الأخص ابن تيمية وابن القيم وابن سعدي .
- وأما بيانك لدليل القياس عند الأصوليين فعجبٌ أيضاً :
أما قضية كون القياس من الأدلة المتفق عليها فهو عند البحث والتدقيق لا تجده كذلك.
هل لك في هذا من سلف ؟

فهذا أحمد والشافعي رحمهما الله تعالى لا يرون القياس إلا عند الضرورة ، ولو كان القياس دليلا كغيره من الأدلة ما جاز الإعراض عنه إلا عند الضرورة.
لو فهمتَ كلام أحمد والشافعي وابن القيم لعلمت معنى قولهم (عند الضرورة) ؛ فإن من شروط القياس عدم النص من الكتاب أو السنة ؛ إذ لا قياس مع النصّ , وتلك هي الضرورة : عدم الدليل النصّيّ واضطرارُنا إلى القياس على المنصوص .
وهذا ما أجمع عليه العلماء والأصوليون وأتباع الإمام أحمد والشافعي وخواصّهم منهم = حين (شَغّلوا) عقولَهم .

والسبب فيما ذهب إليه هو أن القياس في الحقيقة ليس دليلا وإنما هو إعمال للعقل في الدليل ، فهو طريقة من طرق الاستدلال وفهم النص.
سبحان الله كيف تنسب هذا إلى الإمام أحمد أو الشافعي , ولم يفهمه أخصّ الناس بهم , وأتبعهُم لهم على مرّ العصور !

وربما رغب بعض الإخوة في التمثيل والتفصيل , وإنما أعرضتُ عنهما في أكثر ذلك لاستغناءه عن المثال , ولأني لم أُرد أن أدخل في حوارٍ أصلاً , وإنما أردت التنبيه إلى الأصول فلا تُمَسّ , وما كنت أظن أني سأحتاج إلى شرح ذلك .
 
المشكلة أنّا إلى الآن لم نعرف أصول أخينا الحبيب أبي سعد في الاستدلال حتى نحاكمه إليها، ولذلك كلما أُلزِمَ بدليل فرَّ بطريقة أو بأخرى، وليست هذه بطريقة عند أهل الجدل والمناظرة.
 
حديثي معك أخي الكريم ليس في المثال , ولكنك بعد أن وضعتَ الطبري جانباً , وبنيت أصولاً وهدمت أصولاً , قلتَ : لم أخالف في المنهج .
والحقيقة أن أواخر مشاركاتك كلها كلام في أصول التلقي ومنهج الاستدلال بلا تحقيق .
وما أجمل أن نُشَغّل عقولنا -كما تقول- في فهم كلام العلماء , قبل أن نشَغّل عقولنا في مخالفتهم .

- أمّا العقل فأنت تقيمه دليلاً ولا بد من حيث لا تشعر , سواء في قبول المعنى أو ردّه , وسواءً سميته دليلاً أو أبيت .
- وأمّا القياس فذهبتَ إلى قياس (كتب الأصول) وتركت القياس الذي جاء به القرآن ولم يعارضه عاقل فضلاً عن عالِم ؛ وهو التسوية بين المتماثلين , والتفريق بين المتخالفَين , وانظر كلام العلماء والمفسرين عند قوله تعالى {الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان} , وعلى الأخص ابن تيمية وابن القيم وابن سعدي .
.
هذا تصورك أخي الفاضل
وأنا لا أوافقك عليه أبدا
لم أهدم أصولا ولم أبن أخرى ، ولم أخالف في المنهج الصحيح للتلقي ، ولكن ربما اختلفت نظرتنا إلى الأمور ، وهذا ليس بغريب ، فأنت في مقتبل العمر والبحث وربما تغيرت نظرتك يوما ما...
ولهذا أنا أسالك هل دليل التحقيق هو فهم كلام العلماء وعدم مخالفتهم ؟
إذا كل من خالف من سبقه فهو بعيد عن الفهم والتحقيق ؟
أم أن الحكم الصحيح هو ما ستقرره أنت ؟

أما بخصوص العقل فمهما قلت فهو الأداة التي تفهم الأدلة وليس منها وتأمل آيات القرآن ، وستظهر لك الحقيقة التي أعجب أنك لم تقف عليها بعد. "المصطلحات لا تغير الحقائق".
والقياس كما ذكرت لك سابقا هو عملية عقلية في الدليل للتوصل من خلالها إلى حكم ، وهذا هو ما طلب الله منا عمله أو فهمه من خلال آيات القرآن ، وهو الشيء الذي أفهمه وفهمه علماء الأصول ـ وإن كنت لا أتفق معهم في التسمية ـ ثم تقول إني تركته !
وإليك كلام بن القيم رحمه الله تعالى في المسالة حتى يتبين لك أنك تفكر بطريقة مختلفة، يقول رحمه الله:

"[ إشَارَاتُ الْقُرْآنِ إلَى الْقِيَاسِ ] وَقَدْ أَرْشَدَ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ إلَيْهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ ، فَقَاسَ النَّشْأَةَ الثَّانِيَةَ عَلَى النَّشْأَةِ الْأُولَى فِي الْإِمْكَانِ ، وَجَعَلَ النَّشْأَةَ الْأُولَى أَصْلًا وَالثَّانِيَةَ فَرْعًا عَلَيْهَا ؛ وَقَاسَ حَيَاةَ الْأَمْوَاتِ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى حَيَاةِ الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِهَا بِالنَّبَاتِ ، وَقَاسَ الْخَلْقَ الْجَدِيدَ الَّذِي أَنْكَرَهُ أَعْدَاؤُهُ عَلَى خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَجَعَلَهُ مِنْ قِيَاسِ الْأُولَى كَمَا جَعَلَ قِيَاسَ النَّشْأَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى مِنْ قِيَاسِ الْأُولَى ؛ وَقَاسَ الْحَيَاةَ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى الْيَقَظَةِ بَعْدَ النَّوْمِ ، وَضَرَبَ الْأَمْثَالَ ، وَصَرَّفَهَا فِي الْأَنْوَاعِ الْمُخْتَلِفَةِ ، وَكُلُّهَا أَقْيِسَةٌ عَقْلِيَّةٌ يُنَبِّهُ بِهَا عِبَادَهُ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ حُكْمُ مِثْلِهِ ، فَإِنَّ الْأَمْثَالَ كُلَّهَا قِيَاسَاتٌ يُعْلَمُ مِنْهَا حُكْمُ الْمُمَثَّلِ مِنْ الْمُمَثَّلِ بِهِ ، وَقَدْ اشْتَمَلَ الْقُرْآنُ عَلَى بِضْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ مَثَلًا تَتَضَمَّنُ تَشْبِيهَ الشَّيْءِ بِنَظِيرِهِ وَالتَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ .
وَقَالَ تَعَالَى : { وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إلَّا الْعَالِمُونَ } فَالْقِيَاسُ فِي ضَرْبِ الْأَمْثَالِ مِنْ خَاصَّةِ الْعَقْلِ ، وَقَدْ رَكَّزَ اللَّهُ فِطَرَ النَّاسِ وَعُقُولَهُمْ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَإِنْكَارِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا ، وَالْفَرْقِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَإِنْكَارِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا .
قَالُوا : وَمَدَارُ الِاسْتِدْلَالِ جَمِيعُهُ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَالْفَرْقِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَيْنِ ؛ فَإِنَّهُ إمَّا اسْتِدْلَالٌ بِمُعَيَّنٍ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ بِمُعَيَّنٍ عَلَى عَامٍّ ، أَوْ بِعَامٍّ عَلَى مُعَيَّنٍ ، أَوْ بِعَامٍّ عَلَى عَامٍّ ؛ فَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ هِيَ مَجَامِعُ ضُرُوبِ الِاسْتِدْلَالِ فَالِاسْتِدْلَالُ بِالْمُعَيَّنِ عَلَى الْمُعَيَّنِ هُوَ الِاسْتِدْلَال بِالْمَلْزُومِ عَلَى لَازِمِهِ ، فَكُلُّ مَلْزُومٍ دَلِيلٌ عَلَى لَازِمِهِ ، فَإِنْ كَانَ التَّلَازُمُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا دَلِيلًا عَلَى الْآخَرِ وَمَدْلُولًا لَهُ ، وَهَذَا النَّوْعُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ : أَحَدُهَا : الِاسْتِدْلَال بِالْمُؤَثِّرِ عَلَى الْأَثَرِ .
وَالثَّانِي : الِاسْتِدْلَال بِالْأَثَرِ عَلَى الْمُؤَثِّرِ .
وَالثَّالِثُ : الِاسْتِدْلَال بِأَحَدِ الْأَثَرَيْنِ عَلَى الْآخَرِ .
فَالْأَوَّلُ كَالِاسْتِدْلَالِ بِالنَّارِ عَلَى الْحَرِيقِ ، وَالثَّانِي كَالِاسْتِدْلَالِ بِالْحَرِيقِ عَلَى النَّارِ ، وَالثَّالِثُ كَالِاسْتِدْلَالِ بِالْحَرِيقِ عَلَى الدُّخَانِ ، وَمَدَارُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى التَّلَازُمِ ، فَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ هُوَ الِاسْتِدْلَال بِثُبُوتِ أَحَدِ الْأَثَرَيْنِ عَلَى الْآخَرِ ، وَقِيَاسُ الْفَرْقِ هُوَ الِاسْتِدْلَال بِانْتِفَاءِ أَحَدِ الْأَثَرَيْنِ عَلَى انْتِفَاءِ الْآخَرِ ، أَوْ بِانْتِفَاءِ اللَّازِمِ عَلَى انْتِفَاءِ مَلْزُومِهِ ، فَلَوْ جَازَ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ لَانْسَدَّتْ طُرُقُ الِاسْتِدْلَالِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُهُ ."

وهذه الأمثلة التي ذكرها بن القيم رحمه الله كلها تقول:
إن العقل أداة تعمل في الدليل ، والقياس عملية من عمليات هذه الأداة ، وليس دليلا كما اصطلح عليه.
أرجو أن تكون اتضحت لك وجهة نظري.
 
لو فهمتَ كلام أحمد والشافعي وابن القيم لعلمت معنى قولهم (عند الضرورة) ؛ فإن من شروط القياس عدم النص من الكتاب أو السنة ؛ إذ لا قياس مع النصّ , وتلك هي الضرورة : عدم الدليل النصّيّ واضطرارُنا إلى القياس على المنصوص .
وهذا ما أجمع عليه العلماء والأصوليون وأتباع الإمام أحمد والشافعي وخواصّهم منهم = حين (شَغّلوا) عقولَهم .
.
تقول : لو فهمت..
وأنا والله فاهم أن القياس له أركان وشروط ...ومن شروطه أن لا تلجأ إليه وعندك ما يغنيك عنه.
ولكنه مع هذا يبقى عملية عقلية والدليل أن المسألة قد يكون فيها حكم يتوصل إليها من خلال المنطوق والمفهوم... والقياس في وقت واحد ، وكلها عمل العقل.
فهل شَغّلتُ عقلي عندك أم تحتاج المسالة إلى وقت !!!
تقبل الله مني ومنكم حان وقت أذان المغرب ..
 
قال الشيخ خالد السبت حفظه الله في تعليقه على المصباح المنير : ((
قال المفسر -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ * وَلَمّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنّهُ لَذُو عِلْمٍ لّمَا عَلّمْنَاهُ وَلََكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [سورة يوسف(67-68)].
يقول تعالى إخباراً عن يعقوب -عليه السلام-، إنه أمر بنيه لما جهزهم مع أخيهم بنيامين إلى مصر أن لا يدخلوا كلهم من باب واحد، وليدخلوا من أبواب متفرقة، فإنه كما قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- ومحمد بن كعب ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي وغير واحد: إنه خشي عليهم العين؛ وذلك أنهم كانوا ذوي جمال وهيئة حسنة، ومنظر وبهاء، فخشي عليهم أن يصيبهم الناس بعيونهم، فإن العين حق تستنزل الفارس عن فرسه.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقوله -تبارك وتعالى- عن قِيل يعقوب -عليه الصلاة والسلام-: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ} الآية، ما ذكره الحافظ ابن كثير -رحمه الله- خشية العين هو الذي عليه عامة المفسرين من السلف والخلف، وبعضهم يقول: إنه قال لهم ذلك؛ لأنه خاف عليهم من الملِك إذا رآهم وقد دخلوا مجتمعين مع ما لهم من الهيئة والكمال والصورة والحسن أن يوصل إليهم أذى، أو أن يتخوفهم على ملكه أو نحو ذلك، لكن الله -تبارك وتعالى- لم يبيّن العلة التي من أجلها قال يعقوب -عليه الصلاة والسلام- ما قال، والمقصود أنه قال ذلك خوفاً عليهم من أمر تخوفه، والأكثر أنه خشية العين، ولا شك أن في الاجتماع قوة، لكن أحياناً يكون على خلاف ذلك، فالأصل أن الاجتماع قوة لكن مقتضيات الأحوال في بعض الأحيان قد تجعل القوة في التفرق وليس في الاجتماع، فقد يكون اجتماعهم إذا دخلوا مجتمعين سبباً لحصول الأذى لهم، والتفرق المقصود به التفرق بالأبدان وليس التفرق بالقلوب، فاجتماع الناس المقاتِلة في الحروب في مكان واحد يكون سبباً لإبادتهم، وإذا تفرقوا كان ذلك أدعى لبقائهم ونكايتهم بالعدو، وليس المقصود التفرق بالقلوب، {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [سورة الأنفال(46)]، وهذا لا إشكال فيه.
وقوله {مّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ} أي: إن هذا الاحتراز لا يرد قدر الله وقضاءه، فإن الله إذا أراد شيئاً لا يخالَف ولا يمانَع.
فغاية ما هنالك أن هذا من باب بذل السبب، والإنسان مطالب ببذل السبب، ويتخذ ما يمكن أن يحصل به الخلاص، فإذا جاء القدر خلي بين العبد وبين ما قدّره الله -عز وجل- عليه وقضاه، فلابد من وقوعه به، فهذا يعقوب -عليه الصلاة والسلام- يتخذ الأسباب، وليس ذلك من باب أنه من الحذر الزائد، أو سوء الظن بالناس، أو الوسوسة أو نحو هذا، فإن هذه الأمور تقع، ووقوعها كثير، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أكثر من يموت من أمته بسبب العين، لكن الإنسان قد لا يشعر بهذا، فقد تظهر هذه العين بصورة مرض معروف عند الأطباء، يموت الإنسان منه عادة، وقد يصاب به بسبب العين وهكذا.
{إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ * وَلَمّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا} قالوا: هي دفع إصابة العين لهم.
يحتمل أن تكون الحاجة هي دفع إصابة العين، {إِلاّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا}، فيكون الاستثناء متصلاً، "ما كان"، ويحتمل أن يكون منقطعاً بمعنى "لكن"، أي ولكن لحاجة في نفس يعقوب قضاها، ويحتمل أن تكون هذه الحاجة هي أنه أظهر لهم شفقته عليهم، ومحبته لسلامتهم، فقال لهم ما قال، ثم بيّن أن هذا لا يرد عنهم من قضاء الله -عز وجل- شيئاً، لا ينجي حذر من قدر، ولما سئل ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- عن الهدهد وما قيل من إنه يرى الماء وهو في الهواء، يراه تحت الأرض، فقالوا: فكيف يضع له الصبي الفخ ويصطاده؟ فقال: إذا جاء القدر عمي البصر، ويحتمل أن يكون الضمير في قوله: {قَضَاهَا} يرجع إلى الدخول {إِلاّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا}أي: دخولهم متفرقين، وذلك أنه اطمأن أنهم لن يؤتوا من هذه الناحية التي تخوفها، فلو وقع لهم شيء وقد دخلوا مجتمعين لربما يقول: هذه عين أصابتهم، لكن طالما أنه حصل مقصوده من تفرقهم وما أوصاهم به، فزال ما كان يتخوفه عليهم واستراح من أن يؤتوا من هذه الناحية، لكن يمكن أن يؤتوا من أمر آخر كما حصل مما قصه الله -عز وجل- بعد ذلك مما وقع لأخيهم، فاطمأنت نفسه بهذا الدخول الموصوف بهذه الصفة أنهم لم يؤتوا من قِبل دخولهم، وهذا الذي اختاره ابن جرير -رحمه الله-.
{وَإِنّهُ لَذُو عِلْمٍ لّمَا عَلّمْنَاهُ} قال قتادة والثوري: لذو عملٍ بعلمه، وقال ابن جرير: لذو علمٍ لتعليمنا إياه {وَلََكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}.
قوله: {لَذُو عِلْمٍ لّمَا عَلّمْنَاهُ} يحتمل ما ذكر من أنه {لَذُو عِلْمٍ} أي: عمل بعلمه، وإن كان هذا خلاف الظاهر، لكن هذا من باب أن العلم الحقيقي الذي ينفع هو الذي يعمل به صاحبه، ويمكن أن يكون من قبيل التفسير باللازم، وليس من التفسير بالمطابق، يقول: "وقال ابن جرير: لذو علم لتعليمنا إياه"، هذا هو الظاهر المتبادر، وبعض أهل العلم يقول: {وَإِنّهُ لَذُو عِلْمٍ} أي: بأن الحذر لا ينجي من القدر، قال لهم هذا وهو يعلم أن الحذر لا ينجي من القدر، وبعضهم يقول: {لَذُو عِلْمٍ لّمَا عَلّمْنَاهُ} أي: بأن الحذر وبذل الأسباب مطلوب، ولكن هذا أبعد هذه المعاني.
وقوله: {وَلََكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}، أي: لا يعلمون ما يعلمه يعقوب -عليه الصلاة والسلام-، كما يقول ابن جرير -رحمه الله-.))
http://www.khaledalsabt.com/ref/media/1122
 
أولا جزاكم الله خيرا على تعديل العنوان.
ثانيا: إن كلام الشيخ الفاضل خالد السبت دفعني للتفكير في بعض الامور منها ، أن يعقوب عليه السلام ربما خاف عليهم من أن يحاط بهم فأمرهم بما أمر ، وقد تذكرت أن استثناء الأنبياء ليس بالهين ، فهذا ما فهمته مما حدث في سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد أحيط بهم فعلا عند العزيز، وقد لفت انتباهي الأثر الذي ورد عن ابن عباس رضي الله عنه في المسأله حيث أشار إلي أنه خشي عليهم من العين، والعين مشترك لفظي . والله أعلم.
 
من هو الطبري عندك يا أبا سعد؟

من هو الطبري عندك يا أبا سعد؟

الشيخ ( أبو سعد الغامدي) لا نعرف عنك إلا هذه الكنية والانتساب ، وما كان من لقب سابق لك فيما مضى (؟).
ولا نعرفك إلا من خلال مشاركاتك ، وكثير منها نافع، إلا أنك إذا ناقشت ففيك خصلة ظاهرة ( وهي طول نفسك في النقاش) ، وأمر آخر ( ثقتك المفرطة برأيك ).
وهذه ليست مما ينفع دائمًا.
وإنا أستغرب قولك في الأخ نايف الزهراني ( وهذا ليس بغريب ، فأنت في مقتبل العمر والبحث وربما تغيرت نظرتك يوما ما...) ، فالأخ نايف يكتب باسمه الصريح، وله أبحاث تشهد له بالمعرفة في التفسير وأصوله ، ورسالته في مرحلة الماجستير تشهد بعلمه، ، وهو أقعد منك في هذا العلم ، لكن أنت ـ حفظك الله ـ وددنا لو تعرفنا عليك أكثر ، فمن أنت؟
وكم عمرك ؟ مادام العمر ـ عندك ـ له أثر في التقويم العلمي للأشخاص، كما قومت علم الأخ نايف بحسب عمره.
ولا تقل لي : عليك بكلامي ودع من أنا.
فهذا له مقام، وذاك له مقام، فأنت مكثر من المشاركة ـ بارك الله فيك ـ وقلمك سيالٌ ، وملتقى أهل التفسير متنفسُك، فلم هذا التخفي وراء الكنية واللقب فقط؟!
أم ترى أنَّ التصريح سينقص من قدرك؟!
وإن كنت لا أرى ذلك، فمشاركاتك مشاركات طالب علم مشارك في الفنون، غير محققٍ في واحد منها، وهذا ما تدلُّ عليه مناقشاتك في منهجية التفسير، وتظن أنك قد وصلت فيه إلى يقين ، والأمر ليس كذلك.
ولو كنت أحتاج إلى معرفة أمر في الأرصاد الجوية، فإني سأذهب إلى متخصص يجيبني على سؤالي ، وما أظنني سأطول معه في النقاش حتى يملَّ مني، فالأصل المتعارف عليه عند العلماء التسليم لأهل الاختصاص، وإلا فلماذا نسلِّم للطبيب الاستشاري إذا شخَّص لنا الداء، ونأخذ تشخيصه على العين والرأس، بل نبحث عن الأفضل في ذلك التخصص حتى نُشفى من الداء، أفتراك ستفعل معه ما تفعل هنا من طول النفس في النقاش ، والسؤال عن تشخيصه كيف ، ولماذا ، ولو كان ...إلخ
أنا لا أطلب منك أن تلغي عقلك، لكن كثرة جدلك تدلُّ على ذلك.
وأنا أعلم أن الذهنيات والعقليات يقع فيها الجدل كثيرًا، لكن التسليم لأهل الاختصاص بعلمه أمر مهم.
وانظر ـ بارك الله فيك ـ علم علل الحديث ، وما يصل إليه الخبيرون الممارسون بطول التجربة من ضعف حديث ظاهره الصحة، فهل ياترى سيقع عليه اعتراضٌ أيضًا فيما لأننا لم ندرك ما أدركوه من العلل؟!
ومن واقع تخصصي أقول لك: بأنك تخالف في المنهج والأصول، ولم يتبين لك وجه مخالفتك لحرصك على الجدل، وهذا يمنعك من معرفة الحقِّ .
وانظر ـ مثلا ـ قولك لي : ( أولا : أراك جعلت منهج الطبري حكما على فهم كتاب الله ، فهل تسلم للطبري بكل ما أورده في تفسيره؟)
بالله عليك هل هذا جوابٌ لما أوردته لك من تقريرات علمية عند الطبري؟!
فإن كنت تعترض على تقريرات الطبري ، فأعطنا أصولك التي لم يتضح لي منها إلا جواز مخالفة السلف ، وأنه يجوز لك الاجتهاد.
لقد نقلت في أول تعليق لي قول شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمته في أصول التفسير، وقد قرر طرق التفسير، ثم ختم بحرمة التفسير بالرأي المجرد، فإن كان عندك اعتراض على هذه الأصول التي ذكرها ، فأخبرنا، وإلا فكوني أسلِّم للطبري بكل ما يقول ليس من الرد العلمي، وهل أنا إلا متتلمذ على تفسيره، وقد نفعني الله به أيما نفع ، واستفدت منه منهجية التفسير التي لم أعرفها ـ بحقٍّ ـ قبل أن أقرأ تفسيره.
وإني أنصح نفسي ، وأنصحك ، وأنصح الإخوة الذين يناقشون : أن يأتوا العلم من بابه، وأن يعرفوا أن لكل علم منهجًا وأصولاً، وأن من لم يتفقه فيها فإنه يزلُّ، فكما لا أجيز لنفسي أن أدخل في كل علم وأنا لا أتقن أصوله ونهجه، فإني أنصحكم بذلك.
وإن من أمثلة ما تراه في الساحة العلمية أنموذجا لعالم له بصر وخبرة في علم الحديث، وقد وصل فيه إلى رتبة التصحيح والتضعيف، وقد سلَّم له عامة العلماء بذلك ، لكنه لما تكلم في فقه هذه الأحاديث حكموا بضعفه في ذلك؛ لأنه لم يأخذ بأصول الفقه على وجهها المعتبر، فوقع عنده من الخطأ ما دلَّ على ضعفه في التفقه.
وهو وإن لم يمنعه نظرهم في ضعف فقه عن المضي في ذلك، إلا أن أهل صنعة الفقه لا يعتمدون على فقهه، ويرون من ضعف طالب العلم الاعتماد عليه.
وأسأل الله أن يوفقني وإياك للحق ، أن يجعل صدورنا متسعة لقبوله، وأن لا يحرمنا المحبة فيه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
 
الشيخ ( أبو سعد الغامدي) لا نعرف عنك إلا هذه الكنية والانتساب ، وما كان من لقب سابق لك فيما مضى (؟).

ولا نعرفك إلا من خلال مشاركاتك ، وكثير منها نافع، إلا أنك إذا ناقشت ففيك خصلة ظاهرة ( وهي طول نفسك في النقاش) ، وأمر آخر ( ثقتك المفرطة برأيك ).
وهذه ليست مما ينفع دائمًا.
وإنا أستغرب قولك في الأخ نايف الزهراني ( وهذا ليس بغريب ، فأنت في مقتبل العمر والبحث وربما تغيرت نظرتك يوما ما...) ، فالأخ نايف يكتب باسمه الصريح، وله أبحاث تشهد له بالمعرفة في التفسير وأصوله ، ورسالته في مرحلة الماجستير تشهد بعلمه، ، وهو أقعد منك في هذا العلم ، لكن أنت ـ حفظك الله ـ وددنا لو تعرفنا عليك أكثر ، فمن أنت؟
وكم عمرك ؟ مادام العمر ـ عندك ـ له أثر في التقويم العلمي للأشخاص، كما قومت علم الأخ نايف بحسب عمره.
ولا تقل لي : عليك بكلامي ودع من أنا.
فهذا له مقام، وذاك له مقام، فأنت مكثر من المشاركة ـ بارك الله فيك ـ وقلمك سيالٌ ، وملتقى أهل التفسير متنفسُك، فلم هذا التخفي وراء الكنية واللقب فقط؟!
أم ترى أنَّ التصريح سينقص من قدرك؟!
وإن كنت لا أرى ذلك، فمشاركاتك مشاركات طالب علم مشارك في الفنون، غير محققٍ في واحد منها، وهذا ما تدلُّ عليه مناقشاتك في منهجية التفسير، وتظن أنك قد وصلت فيه إلى يقين ، والأمر ليس كذلك.
ولو كنت أحتاج إلى معرفة أمر في الأرصاد الجوية، فإني سأذهب إلى متخصص يجيبني على سؤالي ، وما أظنني سأطول معه في النقاش حتى يملَّ مني، فالأصل المتعارف عليه عند العلماء التسليم لأهل الاختصاص، وإلا فلماذا نسلِّم للطبيب الاستشاري إذا شخَّص لنا الداء، ونأخذ تشخيصه على العين والرأس، بل نبحث عن الأفضل في ذلك التخصص حتى نُشفى من الداء، أفتراك ستفعل معه ما تفعل هنا من طول النفس في النقاش ، والسؤال عن تشخيصه كيف ، ولماذا ، ولو كان ...إلخ
أنا لا أطلب منك أن تلغي عقلك، لكن كثرة جدلك تدلُّ على ذلك.
وأنا أعلم أن الذهنيات والعقليات يقع فيها الجدل كثيرًا، لكن التسليم لأهل الاختصاص بعلمه أمر مهم.
وانظر ـ بارك الله فيك ـ علم علل الحديث ، وما يصل إليه الخبيرون الممارسون بطول التجربة من ضعف حديث ظاهره الصحة، فهل ياترى سيقع عليه اعتراضٌ أيضًا فيما لأننا لم ندرك ما أدركوه من العلل؟!
ومن واقع تخصصي أقول لك: بأنك تخالف في المنهج والأصول، ولم يتبين لك وجه مخالفتك لحرصك على الجدل، وهذا يمنعك من معرفة الحقِّ .
وانظر ـ مثلا ـ قولك لي : ( أولا : أراك جعلت منهج الطبري حكما على فهم كتاب الله ، فهل تسلم للطبري بكل ما أورده في تفسيره؟)
بالله عليك هل هذا جوابٌ لما أوردته لك من تقريرات علمية عند الطبري؟!
فإن كنت تعترض على تقريرات الطبري ، فأعطنا أصولك التي لم يتضح لي منها إلا جواز مخالفة السلف ، وأنه يجوز لك الاجتهاد.
لقد نقلت في أول تعليق لي قول شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمته في أصول التفسير، وقد قرر طرق التفسير، ثم ختم بحرمة التفسير بالرأي المجرد، فإن كان عندك اعتراض على هذه الأصول التي ذكرها ، فأخبرنا، وإلا فكوني أسلِّم للطبري بكل ما يقول ليس من الرد العلمي، وهل أنا إلا متتلمذ على تفسيره، وقد نفعني الله به أيما نفع ، واستفدت منه منهجية التفسير التي لم أعرفها ـ بحقٍّ ـ قبل أن أقرأ تفسيره.
وإني أنصح نفسي ، وأنصحك ، وأنصح الإخوة الذين يناقشون : أن يأتوا العلم من بابه، وأن يعرفوا أن لكل علم منهجًا وأصولاً، وأن من لم يتفقه فيها فإنه يزلُّ، فكما لا أجيز لنفسي أن أدخل في كل علم وأنا لا أتقن أصوله ونهجه، فإني أنصحكم بذلك.
وإن من أمثلة ما تراه في الساحة العلمية أنموذجا لعالم له بصر وخبرة في علم الحديث، وقد وصل فيه إلى رتبة التصحيح والتضعيف، وقد سلَّم له عامة العلماء بذلك ، لكنه لما تكلم في فقه هذه الأحاديث حكموا بضعفه في ذلك؛ لأنه لم يأخذ بأصول الفقه على وجهها المعتبر، فوقع عنده من الخطأ ما دلَّ على ضعفه في التفقه.
وهو وإن لم يمنعه نظرهم في ضعف فقه عن المضي في ذلك، إلا أن أهل صنعة الفقه لا يعتمدون على فقهه، ويرون من ضعف طالب العلم الاعتماد عليه.
وأسأل الله أن يوفقني وإياك للحق ، أن يجعل صدورنا متسعة لقبوله، وأن لا يحرمنا المحبة فيه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أيها الفاضل الكريم
سلام الله عليك ورحمته وبركاته
كلما ذكرتَ أعلاه على عيني ورأسي بحلوه ومره
ولكن أريد أن توقفني على موضع قلتُ فيه أنه يجوز مخالفة ما أجمع عليه السلف ؟
وأن توقفني على موضع قلت فيه برأيي المجرد ؟
 
الذي يظهر والله أعلم أن هذه المسألة ليس فيها اجماع فقد نقل عن ابراهيم النخعي رحمه الله
أن السبب في أمر يعقوب عليه السلام بنيه أن يدخلوا من أبواب متفرقة رغبة منه أن يلقى يوسف
أخاه في خلوة أخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر وأبو الشيخ كما ذكر ذلك الشوكاني في تفسيره
(3/52) دار ابن كثير ودار الكلم الطيب ثم انه لو لم ينقل عن ابراهيم النخعي شيء فالأمر فيه
سعة ولاأظن أنه ينطبق عليه كلام امام المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله لأن النقاش ليس
حول معنى الآية حتى يقال انه خرق الاجماع وأتى ببدع من القول وانما في بيان وجه الحكمة
من النهي عن الدخول من باب واحد وان كانت نفسي تميل الى ماذهب اليه جمهور المفسرين من
السلف والخلف هذا ماتبين لي فان كان هناك خطأ فأتمنى من مشايخنا الفضلاء افادتي.
 
إن كلام الشيخ الفاضل خالد السبت دفعني للتفكير في بعض الامور منها ، أن يعقوب عليه السلام ربما خاف عليهم من أن يحاط بهم فأمرهم بما أمر ، وقد تذكرت أن استثناء الأنبياء ليس بالهين ، فهذا ما فهمته مما حدث في سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد أحيط بهم فعلا عند العزيز . . . . والله أعلم.

الأخت الفاضلة أم عبد الله ، تفكيرك فى محله تماماً بارك الله فيكِ
وفى المداخلة القادمة إن شاء الله سوف تجدين دعماً لوجهة نظرك هذه ومزيد بيان لها
ولكنى كنت أظن أن التفسير الذى استمعتى إليه والذى هو محور هذا الموضوع لم يكن لفضيلة الشيخ خالد السبت كما ذكرتى الآن ، وإنما كان لفضيلة الشيخ صالح المغامسى حسبما ذكرتى ذلك فى المداخلة السادسة ، حيث جاء فيها قولك :
وقد استمعت للشيخ الفاضل صالح المغامسي يطرح الموضوع فأشكل علي الأمر فقلت أطرحه على الأخوة الكرام هنا، وكل يؤخذ من قوله ويرد
فأرجو منكِ تصويب الأمر ورفع الإلتباس ، وجزاكِ الله خيراً
 
إذا سمح لى الأخوة الأفاضل بالتطفل على موائدهم العامرة فأقول :
لقد بدأت منذ سنة 1987 م ( = 1407 هـ تقريبا ) أى منذ حوالى ربع قرن فى تفسير سورة يوسف عليه السلام ، وحتى الآن لم أنشر منه شيئا
وأجدها فرصة الآن لأعرض منه ما أرجو أن يسهم فى حل المسألة المطروحة ، وهى المسألة التى عرضت لها فى فصل مستقل بعنوان " ما الحاجة التى كانت فى نفس يعقوب عليه السلام ؟ "
وسأحاول إختصار هذا الفصل بأكمله فى تلك العجالة ، فأقول وبالله التوفيق :
يمكن معرفة تلك الحاجة بيسر إذا أنعمنا النظر فى السباق وفى السياق اللذين يحيطان بالآية محل البحث
ففى السباق ( أى ما يسبق الآية ) نجد تحذير يعقوب عليه السلام لبنيه القائل :" لتأتننى به إلا أن يحاط بكم "
وهو نص الميثاق الذى أخذه على بنيه ، وهنا نجده قد استثنى من الميثاق أمراً واحداً ، هو أن يحاط بهم
وقد استثناه لأنه توقع حدوثه بموجب العلم الذى علّمه إياه ربنا عز وجل ، ولأنه توقع هذا الخطر بالذات فقد احتاط له بأن أمر بتفرقهم فى الدخول
لأنهم متى تفرقوا فمن المحال أن يُحاط بهم ، فالعلاقة بين التفرق ودرء الإحاطة عنهم تُعد فى غاية القوة وفى غاية التناسب !!
، المهم فى الأمر هنا أنه أن هذا التوقع منه عليه السلام قد صدر عن علم محكم ، فما هو ذلك العلم ؟
هذا يقودنا إلى النظر فى السياق ، فماذا نجد ؟
نجد الله عز وجل يُعقّب على مسلك عبده يعقوب بقوله سبحانه : " وإنه لذو علم لما علمناه ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون "
فهنا نجد تأكيداً ربانياً على أن يعقوب عليه السلام لم يفعل ما فعل إلا عن علم آتاه الله إياه ، وبذلك يلتقى السباق مع السياق فى تعليل مسلك يعقوب ، ويبرز فى هذا التعليل ارتكازه على الناحية العلمية ، وتلك مسألة دقيقة وهامة جداً يجب الإنتباه إليها
لأننا إذا أنعمنا النظر فى سورة يوسف لوجدنا أن الجانب العلمى يهيمن على أجوائها كلها ، ويصبغها بصبغته من مبدئها إلى منتهاها
، وقد كان علم تأويل الأحاديث من جملة الميراث الذى انتقل من أبى الأنبياء إبراهيم صلى الله عليه وسلم إلى ذريته :إسحق ويعقوب ويوسف عليهم السلام أجمعين
وهذا العلم لم يكن قاصراً على تأويل الأحلام أو تعبير الرؤيا فحسب كما يظن أكثر الناس ، وإنما هذا العلم كان يضم كذلك علوما أخرى تسير فى نفس إتجاه تأويل الأحلام ، أى تستشرف الأحداث الآتية وتتنبأ بوقوعها قبل أن تحدث ، وتوجد أدلة قوية تؤكد ذلك ،ولكن تفصيل هذا الأمر يضيق به المقام هنا ( ومبدئيا يمكن ملاحظة علاقة لفظ ( الأحاديث ) بالحوادث أو الأحداث ، كما أن لفظ (تأويل) يفيد معرفة المآل أو عواقب الأمور )
المهم الآن أن ننتبه إلى أن وصية يعقوب عليه السلام لبنيه كانت صادرة عن علم لدنى ، وذلك بنص القرآن ذاته
وبموجب هذا العلم أدرك أن أولاده سوف يصيبهم مكروه فى رحلتهم الثانية إلى مصر ، وأنهم سوف يتعرضون لخطر ما ، وقد حدد هو هذا الخطر بقوله " إلا أن يُحاط بكم "
وما يدرينا أن هذا هو ما كان سيحدث بالفعل لو أن بنيه لم يمتثلوا لأمره بالدخول من أبواب متفرقة وعصوا أمره فدخلوا من باب واحد
أليس من الممكن أن يكون هذا هو ما كان ينتظرهم بالفعل ، وعلى يد أخيهم يوسف وفتيانه الذين كانوا يأتمرون بأمره ، فيوسف عليه السلام كان يريد أن يستخلص أخاه من بين إخوته، وكان يعرف خط سير إخوته جيداً وأى الطرق يسلكون ومن أى الأبواب يدخلون ، وعليه فقد كان من اليسير أن يتعرض فتيان يوسف عليه السلام ( وهم ملثمون ) لإخوته ويقطعون عليهم الطريق ويختطفون منهم أخاه ، وهذا تصور تقريبى لتفصيل عبارة ( يحاط بكم )
أقول ربما كان هذا هو ما كان يخطط له يوسف عليه السلام ، ولكن الله لم يرض عن تلك الخطة فكاد ليوسف
كاد له بأن أحبط خطته بدخول إخوته متفرقين كما أوصاهم أبوهم ، فأسقط فى يد يوسف متحيراً وأدرك أن فوق كل ذى علم عليم
وبذلك يكون التعقيب القرآنى : " كذلك كدنا ليوسف ... " الآية ، يغطى الموقف كله منذ دخول إخوته فى المرة الثانية ( متفرقين )وحتى أخذه لأخيه بحيلة الصواع ، وبيان هذا الأمر يحتاج إلى تفصيل واسع ، لكن هذا ما تيسر لى كتابته من الذاكرة دون الرجوع إلى تفسيرى المخطوط
ويبقى الله عز وجل أعلى وأعلم
وختاماً لا يفوتنى أن أحيى الأخوة الأفاضل أبا سعد الغامدى ونعيمان ود.عبد الرحمن صالح والحسن ماديك على إجتهاداتهم القيمة ،
وإننى من الذين يُشجعون الإجتهاد والتدبر فى كتاب الله ، بل وأراه غاية من غايات إنزال الكتاب المبارك ، وذلك على هدى قوله تعالى :
" كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب "
وأعتقد أن الله عز وجل يخاطب بتلك الآية الكريمة الناس جميعاً فى كل عصرٍ ومصرٍ ، فتدبر القرآن ليس وقفاً على أناس بعينهم ، أو على عصر بذاته
والله هو الهادى لما أُختلف فيه من الحق بإذنه
 
السلام عليكم
وأجدها فرصة الآن لأعرض منه ما أرجو أن يسهم فى حل المسألة المطروحة ، وهى المسألة التى عرضت لها فى فصل مستقل بعنوان " ما الحاجة التى كانت فى نفس يعقوب عليه السلام ؟ "
وسأحاول إختصار هذا الفصل بأكمله فى تلك العجالة ، فأقول وبالله التوفيق :
يمكن معرفة تلك الحاجة بيسر إذا أنعمنا النظر فى السباق وفى السياق اللذين يحيطان بالآية محل البحث
ففى السباق ( أى ما يسبق الآية ) نجد تحذير يعقوب عليه السلام لبنيه القائل :" لتأتننى به إلا أن يحاط بكم "
وهو نص الميثاق الذى أخذه على بنيه ، وهنا نجده قد استثنى من الميثاق أمراً واحداً ، هو أن يحاط بهم
وقد استثناه لأنه توقع حدوثه بموجب العلم الذى علّمه إياه ربنا عز وجل ، ولأنه توقع هذا الخطر بالذات فقد احتاط له بأن أمر بتفرقهم فى الدخول
لأنهم متى تفرقوا فمن المحال أن يُحاط بهم ، فالعلاقة بين التفرق ودرء الإحاطة عنهم تُعد فى غاية القوة وفى غاية التناسب !!
بارك الله فيك
رأى قوى ودليل ممتاز ... أرى أنه يحسم النقاش
فجزاك الله خيرا
ولكن ماجاء فى المداخلة بعد ذلك يحتاج لحوار حوله
مثلا ..مسألة العلم اللدنى إن قلنا بها فى حق يعقوب فهى كذلك فى حق يوسف .. أى سيكون عنده علما لدنيا سيعلم بموجبه أنهم سيدخلون من ابواب متفرقة ويفسد خطة أبيه !!
ولذلك هو علم سياسى ادارى عادى ... وليس وحيا وليس لدنيا ؛
والله أعلم
 
السلام عليكم

بارك الله فيك
رأى قوى ودليل ممتاز ... أرى أنه يحسم النقاش
فجزاك الله خيرا
ولكن ماجاء فى المداخلة بعد ذلك يحتاج لحوار حوله
مثلا ..مسألة العلم اللدنى إن قلنا بها فى حق يعقوب فهى كذلك فى حق يوسف .. أى سيكون عنده علما لدنيا سيعلم بموجبه أنهم سيدخلون من ابواب متفرقة ويفسد خطة أبيه !!
ولذلك هو علم سياسى ادارى عادى ... وليس وحيا وليس لدنيا ؛ والله أعلم

وفيكم بارك الله أخى الأستاذ مصطفى
وحمداً لله أن رأيى حاز قبولكم
وأتفق معك فى أن كلامى يحتاج لبعض الإيضاحات ، ولكن بإمكانك أن تلتمس لى العذر حيث قلتُ : إنى سأحاول أن أختصر فصلاً بأكمله من تفسيرى فى هذه العجالة
وقد يكون هذا هو ما يطلقون عليه : الإيجاز المُخِل ، فمعذرةً أخى
وربما كان لى عودة لمزيد من التوضيح إن شاء المولى عز وجل
 
عودة
أعلى