المنتقى الثمين من أدب الدنيا والدين

إنضم
23 أبريل 2003
المشاركات
805
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الرياض
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، وكفى بالله شهيدا ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليما مزيدا .. أما بعد:
فكتاب أدب الدنيا والدنيا للشيخ أبي الحسن علي بن محمد الماوردي الشافعي (ت 450) من أحسن ما كتب في الآداب.
يقول في مقدمته :
وَقَدْ تَوَخَّيْت بِهَذَا الْكِتَابِ الاشَارَةَ إلَى آدَابِهِمَا [الدنيا والدين] ، وَتَفْصِيلَ مَا أُجْمِلَ مِنْ أَحْوَالِهِمَا ، عَلَى أَعْدَلِ الأمرين مِنْ إيجَازٍ وَبَسْطٍ أَجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ تَحْقِيقِ الْفُقَهَاءِ، وَتَرْقِيقِ الأدباء، فَلاَ يَنْبُو عَنْ فَهْمٍ، وَلاَ يَدِقُّ فِي وَهْمٍ، مُسْتَشْهِدًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ - جَلَّ اسْمُهُ - بِمَا يَقْتَضِيهِ، وَمِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ - بِمَا يُضَاهِيهِ، ثُمَّ مُتْبِعًا ذَلِكَ بِأَمْثَالِ الْحُكَمَاءِ، وَآدَابِ الْبُلَغَاءِ، وَأَقْوَالِ الشُّعَرَاءِ ؛ لِأَنَّ الْقُلُوبَ تَرْتَاحُ إلَى الْفُنُونِ الْمُخْتَلِفَةِ وَتَسْأَمُ مِنْ الْفَنِّ الْوَاحِدِ. اهـ
وجعل كتابه في خمسة أبواب :
الأول: في فضل العقل وذم الهوى .
والثاني : في أدب العلم .
والثالث: في أدب الدين .
والرابع: في أدب الدنيا.
والباب الخامس : في أدب النفس.
وتحت هذه الأبواب فصول ، وتحتها تفريع ، ونقول ..

وهذا الكتاب ينبغي أن يطلع عليه كل طالب علم ، وينعم النظر فيه .
وقد انتقيت منه بعض درره ، وقسمتها أقسام :
الشعر ، الحكم ، الفوائد العامة .
وسأبدأ بنقل الشعر ثم أثني بالحكم ثم الفوائد العامة ،
ولعل ما أنقله يشوق من لم يقرأ الكتاب لقراءته .
والطبعة التي يتم العزو إليها ط:دار ابن كثير تحقيق : ياسين السواس.


ص49 وَأَنْشَدَنِي ابْنُ لَنْكَكَ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ دُرَيْدٍ:
جَهِلْت فَعَادَيْت الْعُلُومَ وَأَهْلَهَا * كَذَاك يُعَادِي الْعِلْمَ مَنْ هُوَ جَاهِلُهْ
وَمَنْ كَانَ يَهْوَى أَنْ يُرَى مُتَصَدِّرًا * وَيَكْرَهُ لاَ أَدْرِي أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهْ

ص50 : لبَعْضِ أَهْلِ هَذَا الْعَصْرِ:
وَفِي الْجَهْلِ قَبْلَ الْمَوْتِ مَوْتٌ لِأَهْلِهِ * فَأَجْسَامُهُمْ قَبْلَ الْقُبُورِ قُبُورُ
وَإِنْ امْرَأً لَمْ يَحْيَ بِالْعِلْمِ مَيِّتٌ * فَلَيْسَ لَهُ حَتَّى النُّشُورِ نُشُورُ

ص42
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ * هَلاَ لِنَفْسِك كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى * كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ
ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا * فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ تُعْذَرُ إنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى * بِالْقَوْلِ مِنْك وَيُقْبَلُ التَّعْلِيمُ
لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ * عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ

ص56:
وَمَنْزِلَةُ السَّفِيهِ مِنْ الْفَقِيهِ * كَمَنْزِلَةِ الْفَقِيهِ مِنْ السَّفِيهِ
فَهَذَا زَاهِدٌ فِي قُرْبِ هَذَا * وَهَذَا فِيهِ أَزْهَدُ مِنْهُ فِيهِ
إذَا غَلَبَ الشَّقَاءُ عَلَى سَفِيهٍ * تَقَطَّعَ فِي مُخَالَفَةِ الْفَقِيهِ

ص60:
قَالَ صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ:
لاَ خَيْرَ فِيمَنْ كَانَ خَيْرُ ثَنَائِهِ * فِي النَّاسِ قَوْلَهُمْ غَنِيٌّ وَاجِدُ

ص61: لِبَعْضِ أَهْلِ الادَبِ:
إذَا لَمْ يَكُنْ مَرُّ السِّنِينَ مُتَرْجِمًا * عَنْ الْفَضْلِ فِي الانْسَانِ سَمَّيْته طِفْلاَ
وَمَا تَنْفَعُ الايَّامُ حِينَ يَعُدُّهَا * وَلَمْ يَسْتَفِدْ فِيهِنَّ عِلْمًاوَلاَ فَضْلاَ ؟
 


ص65: أَبُو تَمَّامٍ:
يَنَالُ الْفَتَى مِنْ عَيْشِهِ وَهُوَ جَاهِلُ * وَيُكْدِي الْفَتَى مِنْ دَهْرِهِ وَهُوَ عَالِمُ
وَلَوْ كَانَتْ الارْزَاقُ تَجْرِي عَلَى الْحِجَا * هَلَكْنَ إذَنْ مِنْ جَهْلِهِنَّ الْبَهَائِمُ

ص68:
نَرُوحُ وَنَغْدُو لِحَاجَاتِنَا * وَحَاجَةُ مَنْ عَاشَ لاَ تَنْقَضِي
تَمُوتُ مَعَ الْمَرْءِ حَاجَاتُهُ * وَتَبْقَى لَهُ حَاجَةٌ مَا بَقِيَ

ص73: زُهَيْرٌ:
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِنْ خَلِيقَةٍ * وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمْ.

ص74:
تَرَقَّ إلَى صَغِيرِ الأمر حَتَّى * يُرَقِّيَك الصَّغِيرُ إلَى الْكَبِيرِ
فَتَعْرِفَ بِالتَّفَكُّرِ فِي صَغِيرٍ * كَبِيرًا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الصَّغِيرِ

ص78:
إذَا لَمْ يُذَاكِرْ ذُو الْعُلُومِ بِعِلْمِهِ * وَلَمْ يَسْتَفِدْ عِلْمًا نَسِي مَا تَعَلَّمَا
فَكَمْ جَامِعٍ لِلْكُتُبِ فِي كُلِّ مَذْهَبٍ * يَزِيدُ مَعَ الأيام فِي جَمْعِهِ عَمَى !


ص80:
مُنِعْتُ شَيْئًا فَأَكْثَرْت الْوَلُوعَ بِهِ * أَحَبُّ شَيْءٍ إلَى الإنْسَانِ مَا مُنِعَا

ص104:
وَمَا سُمِّيَ الإنْسَانُ إلا لِأُنْسِهِ * وَلاَ الْقَلْبُ إلا أَنَّهُ يَتَقَلَّبُ

ص115: لِابْنِ الْعَمِيدِ:
مَنْ شَاءَ عَيْشًا هَنِيئًا يَسْتَفِيدُ بِهِ * فِي دِينِهِ ثُمَّ فِي دُنْيَاهُ إقْبَالا
فَلْيَنْظُرَنَّ إلَى مَنْ فَوْقَهُ أَدَبًا * وَلْيَنْظُرَنَّ إلَى مَنْ دُونَهُ مَالا

ص121: وَأَنْشَدَ أَبُو الْقَاسِمِ الامِدِيُّ:
إذَا كُنْت لاَ تَدْرِي وَلَمْ تَكُ بِاَلَّذِي * يُسَائِلُ مَنْ يَدْرِي فَكَيْفَ إذًا تَدْرِي
جَهِلْت وَلَمْ تَعْلَمْ بِأَنَّك جَاهِلٌ * فَمَنْ لِي بِأَنْ تَدْرِي بِأَنَّك لاَ تَدْرِي
إذَا جئت في كُلِّ الأمور بغمة * فَكُنْ هَكَذَا أَرْضًا يَطَأْكَ الَّذِي يَدْرِي
وَمِنْ أَعْجَبِ الأشياء أَنَّك لاَ تَدْرِي * وَأَنَّك لاَ تَدْرِي بِأَنَّك لاَ تَدْرِي

ص125:
عَوِّدْ لِسَانَك قِلَّةَ اللَّفْظِ * وَاحْفَظْ كَلاَمَك أَيَّمَا حِفْظِ
إيَّاكَ أَنْ تَعِظَ الرِّجَالَ وَقَدْ * أَصْبَحْتَ مُحْتَاجًا إلَى الْوَعْظِ

ص132:
وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الأدب لِعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَاضِي رحمه الله تعالى:
يَقُولُونَ لِي فِيك انْقِبَاضٌ وَإِنَّمَا * رَأَوْا رَجُلاً عَنْ مَوْقِفِ الذُّلِّ أَحْجَمَا
أَرَى النَّاسَ مَنْ دَانَاهُمْ هَانَ عِنْدَهُمْ * وَمَنْ أَكْرَمَتْهُ عِزَّةُ النَّفْسِ أُكْرِمَا
وَلَمْ أَقْضِ حَقَّ الْعِلْمِ إنْ كَانَ كُلَّمَا * بَدَا طَمَعٌ صَيَّرْتُهُ لِي سُلَّمَا
وَمَا كُلُّ بَرْقٍ لاَحَ لِي يَسْتَفِزُّنِي * وَلاَ كُلُّ مَنْ لاَقَيْت أَرْضَاهُ مُنْعِمَا
إذَا قِيلَ هَذَا مَنْهَلٌ قُلْت قَدْ أَرَى * وَلَكِنَّ نَفْسَ الْحُرِّ تَحْتَمِلُ الظَّمَا
أُنَهْنِهها عَنْ بَعْضِ مَا لاَ يَشِينُهَا * مَخَافَةَ أَقْوَالِ الْعِدَا فِيمَ أَوْ لِمَا
وَلَمْ أَبْتَذِلْ فِي خِدْمَةِ الْعِلْمِ مُهْجَتِي * لِأَخْدُمَ مَنْ لاَقَيْت لَكِنْ لِأُخْدَمَا
أَأَشْقَى بِهِ غَرْسًا وَأَجْنِيهِ ذِلَّةً * إذًا فَاتِّبَاعُ الْجَهْلِ قَدْ كَانَ أَحْزَمَا
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوهُ صَانَهُمْ * وَلَوْ عَظَّمُوهُ فِي النُّفُوسِ لَعُظِّمَا
وَلَكِنْ أَهَانُوهُ فَهَانَ وَدَنَّسُوا * مُحَيَّاهُ بِالأطْمَاعِ حَتَّى تَجَهَّمَا​
 
ص168: وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ:
أَبُنَيَّ إنَّ مِنْ الرِّجَالِ بَهِيمَةً * فِي صُورَةِ الرَّجُلِ السَّمِيعِ الْمُبْصِرِ
فَطِنٌ بِكُلِّ مُصِيبَةٍ فِي مَالِهِ * وَإِذَا يُصَابُ بِدِينِهِ لَمْ يَشْعُرْ

ص193:
تَرْجُو النَّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ مَسَالِكَهَا * إنَّ السَّفِينَةَ لاَ تَجْرِي عَلَى الْيَبَسِ

ص196:
وَأَنْشَدَ بَعْضُ أَهْلِ الادَبِ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه:
وَلَوْ أَنَّا إذَا مُتْنَا تُرِكْنَا * لَكَانَ الْمَوْتُ رَاحَةَ كُلِّ حَيِّ
وَلَكِنَّا إذَا مُتْنَا بُعِثْنَا * وَنُسْأَلُ كلنا عَنْ كُلِّ شَيِّ

ص218: الْمُتَنَبِّي:

لاَ يَسْلَمُ الشَّرَفُ الرَّفِيعُ مِنْ الاذَى * حَتَّى يُرَاقَ عَلَى جَوَانِبِهِ الدَّمُ
وَالظُّلْمُ مِنْ شِيَمِ النُّفُوسِ فَإِنْ تَجِدْ * ذَا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لاَ يَظْلِمُ !

ص224: أبو العتاهية:

أَمَا وَاَللَّهِ إنَّ الظُّلْمَ شُؤْمٌ * وَمَا زَالَ الْمُسِيءُ هُوَ الظَّلُومُ
إلَى دَيَّانِ يَوْمِ الدِّينِ نَمْضِي * وَعِنْدَ اللَّهِ تَجْتَمِعُ الْخُصُومُ
سَتَعْلَمُ فِي الْمَعَادِ إنْ الْتَقَيْنَا * غَدًا عِنْدَ الْمَلِيكِ مَنْ الظَّلُومُ

ص232: أَبُو تَمَّامٍ الطَّائِيُّ :

وَالْحَادِثَاتُ وَإِنْ أَصَابَك بُؤْسُهَا * فَهُوَ الَّذِي أَنْبَاكَ كَيْفَ نَعِيمُهَا

ص266:
لَمَوَدَّةٌ مِمَّنْ يُحِبُّك مُخْلِصًا * خَيْرٌ مِنْ الرَّحِمِ الْقَرِيبِ الْكَاشِحِ

ص269:
لاَ تَحْمَدَنَّ امْرَأً حَتَّى تُجَرِّبَهُ * وَلاَ تَذُمَّنَّهُ مِنْ غَيْرِ تَجْرِيبِ
فَحَمْدُك الْمَرْءَ مَا لَمْ تُبْلِهِ خَطَأٌ * وَذَمُّهُ بَعْدَ حَمْدٍ شَرُّ تَكْذِيبِ

ص271:
مُجَالَسَةُ السَّفِيهِ سَفَاهُ رَأْيٍ * وَمِنْ عَقْلٍ مُجَالَسَةُ الْحَكِيمِ
فَإِنَّك وَالْقَرِينُ مَعًا سَوَاءٌ * كَمَا قُدَّ الأدِيمُ مِنْ الأدِيمِ

ص275: ابْنُ الرُّومِيِّ:

عَدُوُّك مِنْ صِدِّيقِك مُسْتَفَادُ * فَلاَ تَسْتَكْثِرَنَّ مِنْ الصِّحَابِ
فَإِنَّ الدَّاءَ أَكْثَرَ مَا تَرَاهُ * يَكُونُ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ الشَّرَابِ

ص278: الْمُتَنَبِّي:

إنَّا لَفِي زَمَنٍ تَرْكُ الْقَبِيحِ بِهِ * مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ إحْسَانٌ وَإِجْمَالُ

ص280: النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:

وَلَستَ بِمُستَبقٍ أَخاً لا تَلُمَّهُ * عَلى شَعَثٍ أَيُّ الرِجالِ المُهَذَّبُ​
 
[align=center]ص281: وَقَالَ ابْنُ الرُّومِيِّ:

هُمْ النَّاسُ وَالدُّنْيَا وَلاَ بُدَّ مِنْ قَذًى * يُلِمُّ بِعَيْنٍ أَوْ يُكَدِّرُ مَشْرَبَا
وَمِنْ قِلَّةِ الإنْصَافِ أَنَّك تَبْتَغِي الْـ * مُهَذَّبَ فِي الدُّنْيَا وَلَسْت الْمُهَذَّبَا

ص286: وَقَالَ أَبُو الاسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ:

وَكُنْ مَعْدِنًا لِلْخَيْرِ وَاصْفَحْ عَنْ الأذَى * فَإِنَّك رَاءٍ مَا عَلِمْت وَسَامِعُ
وَأَحْبِبْ إذَا أَحْبَبْت حُبًّا مُقَارِبًا * فَإِنَّك لاَ تَدْرِي مَتَى أَنْتَ نَازِعُ
وَأَبْغِضْ إذَا أَبْغَضْت غَيْرَ مُبَايِنٍ * فَإِنَّك لاَ تَدْرِي مَتَى أَنْتَ رَاجِعُ

ص287:وَقَالَ لَبِيدٌ:
تَوَقَّفْ عَنْ زِيَارَةِ كُلِّ يَوْمٍ * إذَا أَكْثَرْت مَلَّكَ مَنْ تَزُورُ

ص287: مَنْصُورٌ النَّمَرِيُّ:

أَقْلِلْ عِتَابَ مَنْ اسْتَرَبْت بِوُدِّهِ * لَيْسَتْ تُنَالُ مَوَدَّةٌ بِعِتَابِ

ص288: بَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ:

إذَا كُنْت فِي كُلِّ الامُورِ مُعَاتِبًا * صَدِيقَك لَمْ تَلْقَ الَّذِي لاَ تُعَاتِبُهْ
وَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَشْرَبْ مِرَارًا عَلَى الْقَذَى * ظَمِئْتَ وَأَيُّ النَّاسِ تَصْفُو مَشَارِبُهْ
فَعِشْ وَاحِدًا أَوْ صِلْ أَخَاك فَإِنَّهُ * مُقَارِفُ ذَنْبٍ مَرَّةً وَمُجَانِبُهْ

ص293: للأفْوَهِ وَاسْمُهُ صَلاَءَةُ بْنُ عَمْرٍو:
بَلَوْتُ النَّاسَ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ * فَلَمْ أَرَ غَيْرَ خَتَّالٍ وَقَالِي
وَذُقْتُ مَرَارَةَ الأشْيَاءِ جَمْعًا * فَمَا طَعْمٌ أَمَرُّ مِنْ السُّؤَالِ
وَلَمْ أَرَ فِي الْخُطُوبِ أَشَدَّ هَوْلا * وَأَصْعَبَ مِنْ مُعَادَاةِ الرِّجَالِ

ص293: للشَّافِعِيِّ:

لَمَّا عَفَوْتُ وَلَمْ أَحْقِدْ عَلَى أَحَدٍ * أَرَحْتُ نَفْسِي مِنْ هَمِّ الْعَدَاوَاتِ
إنِّي أُحَيِّي عَدُوِّي عِنْدَ رُؤْيَتِهِ * لِأَدْفَعَ الشَّرَّ عَنِّي بِالتَّحِيَّاتِ
وَأُظْهِرُ الْبِشْرَ لِلْإِنْسَانِ أَبْغَضُهُ * كَأَنَّمَا قَدْ حَشَى قَلْبِي مَحَبَّاتِ
النَّاسُ دَاءٌ دَوَاءُ النَّاسِ قُرْبُهُمْ * وَفِي اعْتِزَالِهِمْ قَطْعُ الْمَوَدَّاتِ

ص298:
جَمَعْت أَمْرَيْنِ ضَاعَ الْحَزْمُ بَيْنَهُمَا * تِيهَ الْمُلُوكِ وَأَخْلاَقَ الْمَمَالِيكِ
أَرَدْت شُكْرًا بِلاَ بِرٍّ وَلاَ صِلَةٍ * لَقَدْ سَلَكْت طَرِيقًا غَيْرَ مَسْلُوكِ
ظَنَنْت عِرْضَك لَمْ يُقْرَعْ بِقَارِعَةٍ * وَمَا أَرَاك عَلَى حَالٍ بِمَتْرُوكِ
لَئِنْ سَبَقْتَ إلَى مَالٍ حَظِيتَ بِهِ * فَمَا سَبَقْتَ إلَى شَيْءٍ سِوَى النُّوكِ[/align]
 
[align=center]ص308: الْكُمَيْتُ:
إذَا لَمْ تَكُنْ إلا الأسِنَّةُ مَرْكَبًا * فَلاَ رَأْيَ لِلْمُضْطَرِّ إلا رُكُوبُهَا

ص 310:
لاَ تَطْلُبَنَّ مَعِيشَةً بِتَذَلُّلٍ * فَلَيَأْتِيَنَّكَ رِزْقُك الْمَقْدُورُ
وَاعْلَمْ بِأَنَّك آخِذٌ كُلَّ الَّذِي * لَك فِي الْكِتَابِ مُقَدَّرٌ مَسْطُورُ

ص312: أَبو بَكْرِ بْنَ دُرَيْدٍ
لاَ تَدْخُلَنَّك ضَجْرَةٌ مِنْ سَائِلٍ * فَلِخَيْرِ دَهْرِك أَنْ تُرَى مَسْئُولاَ
لاَ تَجْبَهَنْ بِالرَّدِّ وَجْهَ مُؤَمِّلٍ * فَبَقَاءُ عِزِّك أَنْ تُرَى مَأْمُولاَ
تَلْقَى الْكَرِيمَ فَتَسْتَدِلُّ بِبِشْرِهِ * وَتَرَى الْعُبُوسَ عَلَى اللَّئِيمِ دَلِيلاَ
وَاعْلَمْ بِأَنَّك عَنْ قَلِيلٍ صَائِرٌ * خَبَرًا فَكُنْ خَبَرًا يَرُوقُ جَمِيلاَ

ص317: أَبُو النَّصْرِ الْعُتْبِيِّ
اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَسْت ذَا بُخْلٍ * وَلَسْتُ مُلْتَمِسًا فِي الْبُخْلِ لِي عِلَلاَ
لَكِنَّ طَاقَةَ مِثْلِي غَيْرُ خَافِيَةٍ * وَالنَّمْلُ يُعْذَرُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي حَمَلاَ

ص324: وَأَنْشَدَ الرِّيَاشِيُّ:
يَدُ الْمَعْرُوفِ غُنْمٌ حَيْثُ كَانَتْ * تَحَمَّلَهَا كَفُورٌ أَمْ شَكُورُ
فَفِي شُكْرِ الشَّكُورِ لَهَا جَزَاءٌ * وَعِنْدَ اللَّهِ مَا كَفَرَ الْكَفُورُ

ص326: سَهْلُ بْنُ هَارُونَ:
خِلٌّ إذَا جِئْتَهُ يَوْمًا لِتَسْأَلَهُ * أَعْطَاك مَا مَلَكَتْ كَفَّاهُ وَاعْتَذَرَا
يُخْفِي صنائِعَهُ وَاَللَّهُ يُظْهِرُهَا * إنَّ الْجَمِيلَ إذَا أَخْفَيْتَهُ ظَهَرَا

ص327:
أَفْسَدْتَ بِالْمَنِّ مَا أَسْدَيْتَ مِنْ حُسْنٍ * لَيْسَ الْكَرِيمُ إذَا أَسْدَى بِمَنَّانِ

ص 374:ابْنُ عَوْفٍ
: عَجِبْتُ مِنْ مُعْجَبٍ بِصُورَتِهِ * وَكَانَ بِالأمْسِ نُطْفَةً مَذِرَهْ
وَفِي غَدٍ بَعْدَ حُسْنِ صُورَتِهِ * يَصِيرُ فِي اللَّحْدِ جِيفَةً قَذِرَهْ
وَهُوَ عَلَى تِيهِهِ وَنَخْوَتِهِ * مَا بَيْنَ ثَوْبَيْهِ يَحْمِلُ الْعَذِرَهْ

ص376
يَا مُظْهِرَ الْكِبْرِ إعْجَابًا بِصُورَتِهِ * اُنْظُرْ خَلاَكَ فَإِنَّ النَّتْنَ تَثْرِيبُ
لَوْ فَكَّرَ النَّاسُ فِيمَا فِي بُطُونِهِمْ * مَا اسْتَشْعَرَ الْكِبْرَ شُبَّانٌ وَلاَ شِيبُ
هَلْ فِي ابْنِ آدَمَ مِثْلُ الرَّأْسِ مَكْرُمَةً * وَهُوَ بِخَمْسٍ مِنْ الأقْذَارِ مَضْرُوبُ
أَنْفٌ يَسِيلُ وَأُذْنٌ رِيحُهَا سَهِكٌ * وَالْعَيْنُ مُرْفَضَّةٌ وَالثَّغْرُ مَلْعُوبُ
يَا ابْنَ التُّرَابِ وَمَأْكُولَ التُّرَابِ غَدًا * أَقْصِرْ فَإِنَّك مَأْكُولٌ وَمَشْرُوبُ[/align]
 
[align=center]ص380:
إذَا الْمَرْءُ لَمْ يَمْدَحْهُ حُسْنُ فِعَالِهِ * فَمَادِحُهُ يَهْذِي وَإِنْ كَانَ مُفْصِحَا

ص388
هُمُومُك بِالْعَيْشِ مَقْرُونَةٌ * فَمَا تَقْطَعُ الْعَيْشَ إلا بِهِمْ
إذَا تَمَّ أَمْرٌ بَدَا نَقْصُهُ * تَرَقَّبْ زَوَالا إذَا قِيلَ تَمْ
إذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا * فَإِنَّ الْمَعَاصِيَ تُزِيلُ النِّعَمْ
وَحَامِ عَلَيْهَا بِشُكْرِ الإلَهِ * فَإِنَّ الإلَهَ سَرِيعُ النِّقَمْ
حَلاَوَةُ دُنْيَاك مَسْمُومَةٌ * فَمَا تَأْكُلُ الشَّهْدَ إلا بِسُمْ
فَكَمْ قَدَرٌ دَبَّ فِي مُهْلَةٍ * فَلَمْ يَعْلَمْ النَّاسُ حَتَّى هَجَمْ

ص390: سَلَمُ بْنُ عَمْرٍو الشَّاعِرِ:

لاَ تَسْأَلْ الْمَرْءَ عَنْ خَلاَئِقِهِ * فِي وَجْهِهِ شَاهِدٌ مِنْ الْخَبَرِ

ص391:
إذَا لَمْ تَخْشَ عَاقِبَةَ اللَّيَالِي * وَلَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا تَشَاءُ
فَلاَ وَاَللَّهِ مَا فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ * وَلاَ الدُّنْيَا إذَا ذَهَبَ الْحَيَاءُ
يَعِيشُ الْمَرْءُ مَا اسْتَحْيَا بِخَيْرٍ * وَيَبْقَى الْعُودُ مَا بَقِيَ اللِّحَاءُ

ص394:
إذَا رُزِقَ الْفَتَى وَجْهًا وَقَاحًا * تَقَلَّبَ فِي الامُورِ كَمَا يَشَاءُ

ص397:
أُحِبُّ مَكَارِمَ الاخْلاَقِ جَهْدِي * وَأَكْرَهُ أَنْ أَعِيبَ وَأَنْ أُعَابَا
وَأَصْفَحُ عَنْ سِبَابِ النَّاسِ حِلْمًا * وَشَرُّ النَّاسِ مَنْ يَهْوَى السِّبَابَا
وَمَنْ هَابَ الرِّجَالَ تَهَيَّبُوهُ * وَمَنْ حَقَرَ الرِّجَالَ فَلَنْ يُهَابَا

ص401:
أَوَكُلَّمَا طَنَّ الذُّبَابُ طَرَدْتُهُ * إنَّ الذُّبَابَ إذًا عَلَيَّ كَرِيمُ

ص401: عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ:
إذَا نَطَقَ السَّفِيهُ فَلاَ تُجِبْهُ * فَخَيْرٌ مِنْ إجَابَتِهِ السُّكُوتُ
سَكَتُّ عَنْ السَّفِيهِ فَظَنَّ أَنِّي * عَيِيتُ عَنْ الْجَوَابِ وَمَا عَيِيتُ

ص402: وَقَالَ لَقِيطُ بْنُ زُرَارَةَ:
وَقُلْ لِبَنِي سَعْدٍ فَمَا لِي وَمَا لَكُمْ * تُرِقُّونَ مِنِّي مَا اسْتَطَعْتُمْ وَأُعْتِقُ
أَغَرَّكُمْ أَنِّي بِأَحْسَنِ شِيمَةٍ * بَصِيرٌ وَأَنِّي بِالْفَوَاحِشِ أَخْرَقُ
وَإِنْ تَكُ قَدْ فَاحَشْتَنِي فَقَهَرْتَنِي * هَنِيئًا مَرِيئًا أَنْتَ بِالْفُحْشِ أَحْذَقُ.

ص403:
قُلْ مَا بَدَا لَك مِنْ زُورٍ وَمِنْ كَذِبِ * حِلْمِي أَصَمُّ وَأُذْنِي غَيْرُ صَمَّاءِ

ص404:
وَلَلْكَفُّ عَنْ شَتْمِ اللَّئِيمِ تَكَرُّمًا * أَضَرُّ لَهُ مِنْ شَتْمِهِ حِينَ يَشْتُمُ

ص405:
وَلاَ خَيْرَ فِي حِلْمٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ * بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا
وَلاَ خَيْرَ فِي جَهْلٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ * حَلِيمٌ إذَا مَا أَوْرَدَ الأمْرَ أَصْدَرَا

ص406: وَأَنْشَدَ ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ:
إذَا أَمِنَ الْجُهَّالُ جَهْلَك مَرَّةً * فَعِرْضُك لِلْجُهَّالِ غُنْمٌ مِنْ الْغُنْمِ
فَعُمَّ عَلَيْهِ الْحِلْمَ وَالْجَهْلَ وَالْقَهُ * بِمَنْزِلَةٍ بَيْنَ الْعَدَاوَةِ وَالسِّلْمِ
إذَا أَنْتَ جَاريْت السَّفِيهَ كَمَا جَرى * فَأَنْتَ سَفِيهٌ مِثْلُهُ غَيْرُ ذِي حِلْمِ
وَلاَ تُغْضِبَنْ عِرْضَ السَّفِيهِ وَدَارِهِ * بِحِلْمٍ فَإِنْ أَعْيَا عَلَيْك فَبِالصُّرْمِ
فَيَرْجُوك تَارَاتٍ وَيَخْشَاك تَارَةً * وَتأْخُذُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ بِالْحَزْمِ
فَإِنْ لَمْ تَجِدْ بُدًّا مِنْ الْجَهْلِ فَاسْتَعِنْ * عَلَيْهِ بِجُهَّالٍ فَذَاكَ مِنْ الْعَزْمِ

ص428: أَبُو تَمَّامٍ الطَّائِيُّ:
وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ نَشْرَ فَضِيلَةٍ طُوِيَتْ * أَتَاحَ لَهَا لِسَانَ حَسُودِ
لَوْلاَ اشْتِعَالُ النَّارِ فِيمَا جَاوَرَتْ * مَا كَانَ يُعْرَفُ طِيبُ عَرْفِ الْعُودِ
لَوْلاَ التَّخَوُّفُ لِلْعَوَاقِبِ لَمْ يَزَلْ * لِلْحَاسِدِ النُّعْمَى عَلَى الْمَحْسُودِ

ص439:
وَزِنْ الْكَلاَمَ إذَا نَطَقْتَ فَإِنَّمَا * يُبْدِي عُيُوبَ ذَوِي الْعُيُوبِ الْمَنْطِقُ
[/align]
 
[align=center]ص 446: ابْنُ الرُّومِيِّ:
إذَا مَا وَصَفْتَ امْرَأً لِامْرِئٍ * فَلاَ تَغْلُ فِي وَصْفِهِ وَاقْصِدْ
فَإِنَّك إنْ تَغْلُ تَغْلُ الظُّنُو * نُ فِيهِ إلَى الأمَدِ الأبْعَدِ
فَيَضْأَلُ مِنْ حَيْثُ عَظَّمْتَهُ * لِفَضْلِ الْمَغِيبِ عَلَى الْمَشْهَدِ

ص455:شَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ:
وَلَئِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ فَاصْبِرْ لَهَا * عَظُمَتْ مُصِيبَةُ مُبْتَلٍ لاَ يَصْبِرُ

ص475: أَبُو الاسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ:
وَمَا كُلُّ ذِي لب بِمُؤْتِيك نُصْحَهُ * وَلاَ كُلُّ مُؤْتٍ نُصْحَهُ بِلَبِيبِ
وَلَكِنْ إذَا مَا اسْتَجْمَعَا عِنْدَ صَاحِبٍ * فَحُقَّ لَهُ مِنْ طَاعَةٍ بِنَصِيبِ

ص483: وَقَالَ بَيْهَسٌ الْكِلاَبِيُّ:
مِنْ النَّاسِ مَنْ إنْ يَسْتَشِرْكَ فَتَجْتَهِدْ * لَهُ الرَّأْيَ يَسْتَغْشِشْك مَا لم تُتابعُهْ
فَلاَ تَمْنَحَنَّ الرَّأْيَ مَنْ لَيْسَ أَهْلَهُ * فَلاَ أَنْتَ مَحْمُودٌ وَلاَ الرَّأْيُ نَافِعُهْ

ص484:
إذَا الْمَرْءُ أَفْشَى سِرَّهُ بِلِسَانِهِ * وَلاَمَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ فَهُوَ أَحْمَقُ
إذَا ضَاقَ صَدْرُ الْمَرْءِ عَنْ سِرِّ نَفْسِهِ * فَصَدْرُ الَّذِي يُسْتَوْدَعُ السِّرَّ أَضْيَقُ

ص490: أَبُو نُوَاسٍ:
خَلِّ جَنْبَيْك لِرَامٍ * وَامْضِ عَنْهُ بِسَلاَمِ
مُتْ بِدَاءِ الصَّمْتِ خَيْرٌ * لَك مِنْ دَاءِ الْكَلاَمِ
إنَّمَا السَّالِمُ مَنْ أَلـْ*ـجَمَ فَاهُ بِلِجَامِ
رُبَّمَا اسْتُفْتَحَ بِالْمَزْ * حِ مَغَالِيقَ الْحِمَامِ
وَالْمَنَايَا آكِلاَتٌ * شَارِبَاتٌ لِلْأَنَامِ

ص491: أَبِو الْفَتْحِ الْبُسْتِيِّ:
أَفْدِ طَبْعَك الْمَكْدُودَ بِالْجِدِّ رَاحَةً * يُجَمُّ وَعَلِّلْهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَزْحِ
وَلَكِنْ إذَا أَعْطَيْتَهُ الْمَزْحَ فَلْيَكُنْ * بِمِقْدَارِ مَا تُعْطِي الطَّعَامَ مِنْ الْمِلْحِ

ص503: الْمُتَنَبِّي:
لَوْلاَ الْمَشَقَّةُ سَادَ النَّاسُ كُلُّهُمْ * الْجُودُ يُفْقِرُ وَالإقْدَامُ قَتَّالُ

ص503: الْمُتَنَبِّي:
وَإِذَا كَانَتْ النُّفُوسُ كِبَارًا * تَعِبَتْ فِي مُرَادِهَا الأجْسَامُ

ص509:
وَكُنْتَ مَتَى أَرْسَلْتَ طَرْفَك رَائِدًا * لِقَلْبِك يَوْمًا أَتْعَبَتْكَ الْمَنَاظِرُ
رَأَيْتَ الَّذِي لاَ كُلَّهُ أَنْتَ قَادِرٌ * عَلَيْهِ وَلاَ عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابِرُ

ص522: ثَعْلَبٌ:
مَنْ عَفَّ خَفَّ عَلَى الصَّدِيقِ لِقَاؤُهُ * وَأَخُو الْحَوَائِجِ وَجْهُهُ مَمْلُولُ
وَأَخُوك مَنْ وَفَّرْتَ مَا فِي كِيسِهِ * فَإِذَا عَبَثْتَ بِهِ فَأَنْتَ ثَقِيلُ

ص532: أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
وَشَرُّ الأخِلاَءِ مَنْ لَمْ يَزَلْ * يُعَاتِبُ طَوْرًا وَطَوْرًا يَذُمْ
يُرِيك النَّصِيحَةَ عِنْدَ اللِّقَاءِ * وَيَبْرِيك فِي السِّرِّ بَرْيَ الْقَلَمْ

ص533: أَبُو فرَاسٍ:
لَمْ أُؤَاخِذْكَ إذْ جَنَيْتَ لِأَنِّي * وَاثِقٌ مِنْك بِالاخَاءِ الصَّحِيحِ
فَجَمِيلُ الْعَدُوِّ غَيْرُ جَمِيلٍ * وَقَبِيحُ الصَّدِيقِ غَيْرُ قَبِيحِ

ص550: أَبو الْفَتْحِ الْبُسْتِيِّ:
يَا خَادِمَ الْجِسْمِ كَمْ تَشْقَى بِخِدْمَتِهِ * لِتَطْلُبَ الرِّبْحَ مِمَّا فِيهِ خُسْرَانُ
أَقْبِلْ عَلَى النَّفْسِ وَاسْتَكْمِلْ فَضَائِلَهَا * فَأَنْتَ بِالنَّفْسِ لاَ بِالْجِسْمِ إنْسَانُ

ص556:
إنَّ الْعُيُونَ رَمَتْك إذْا فَاجَأَتْهَا * وَعَلَيْك مِنْ شَهْرِ الثِّيَابِ لِبَاسُ
أَمَّا الطَّعَامُ فَكُلْ لِنَفْسِك مَا تَشَا * وَاجْعَلْ لِبَاسَك مَا اشْتَهَاهُ النَّاسُ

ص561: طَاهِر بْن الْحُسَيْنِ:
إذَا أَعْجَبَتْك خِصَالُ امْرِئٍ * فَكُنْهُ يَكُنْ مِنْك مَا يُعْجِبُكْ
فَلَيْسَ عَلَى الْمَجْدِ وَالْمَكْرُمَاتِ * إذَا جِئْتَهَا حَاجِبٌ يَحْجُبُكْ

ص563
إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ فِي وَاحِدٍ * وَخَالَفَهُمْ فِي الرِّضَا وَاحِدُ
فَقَدْ دَلَّ إجْمَاعُهُمْ دُونَهُ * عَلَى عَقْلِهِ أَنَّهُ فَاسِدُ

إلى هنا انتهى المراد نقله من الشعر من هذا الكتاب ، ويليه بإذن الله الأمثال والحكم .[/align]
 
[align=center]ص49:
عَلِيٌّ رضي الله تعالى عنه:
قِيمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا يُحْسِنُ.

ص88:
وَالْعَرَبُ تَقُولُ فِي أَمْثَالِهَا:
حَرْفٌ فِي قَلْبِك، خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ فِي كُتُبِك.

ص203:
فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ:
مَا أَكْثَرُ مَنْ يَعْرِفُ الْحَقَّ وَلاَ يُطِيعُهُ.

ص225:
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ:
بِالْعَدْلِ وَالإنْصَافِ تَكُونُ مُدَّةُ الائْتِلاَفِ.

ص227:
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ:
الْمُلْكُ يَبْقَى عَلَى الْكُفْرِ وَلاَ يَبْقَى عَلَى الظُّلْمِ.

ص245:
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ:
ابْنُك رَيْحَانُك سَبْعًا، وَخَادِمُك سَبْعًا وَوَزِيرُك سَبْعًا، ثُمَّ هُوَ صِدِّيقٌ أَوْ عَدُوٌّ.

ص249:
مَنْ وَدَكَّ لِشَيْءٍ تَوَلَّى مَعَ انْقِضَائِهِ.

ص267:
قَالَتْ الْحُكَمَاءُ:
اعْرِفْ الرَّجُلَ مِنْ فِعْلِهِ لاَ مِنْ كَلاَمِهِ، وَاعْرِفْ مَحَبَّتَهُ مِنْ عَيْنِهِ لاَ مِنْ لِسَانِهِ.

ص273:
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ:
لَيْسَ بِلَبِيبٍ مَنْ لَمْ يُعَاشِرْ بِالْمَعْرُوفِ مَنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ مُعَاشَرَتِهِ بُدًّا.

ص273:
وَقَالَ الْمَأْمُونُ:
الإخْوَانُ ثَلاَثُ طَبَقَاتٍ: طَبَقَةٌ كَالْغِذَاءِ لاَ يُسْتَغْنَى عَنْهُ ، وَطَبَقَةٌ كَالدَّوَاءِ يُحْتَاجُ إلَيْهِ أَحْيَانًا، وَطَبَقَةٌ كَالدَّاءِ لاَ يُحْتَاجُ إلَيْهِ أَبَدًا.

ص280:
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ:
طَلَبُ الإنْصَافِ مِنْ قِلَّةِ الإنْصَافِ.[/align]
 
[align=center]ص281:
قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ:
لاَ يُفْسِدَنَّكَ الظَّنُّ عَلَى صَدِيقٍ قَدْ أَصْلَحَك الْيَقِينُ لَهُ.

ص287:
وَقَدْ قِيلَ: عِلَّةُ الْمُعَادَاةِ قِلَّةُ الْمُبَالاةِ.

ص289
َوَصَّى بَعْضُ الأدَبَاءِ أَخًا لَهُ فَقَالَ:
كُنْ لِلْوُدِّ حَافِظًا وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مُحَافِظًا، وَلِلْخَلِّ وَاصِلا وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مُوَاصِلا.

ص291:
وَقَالَ شَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ الادِيبُ:
الْعَاقِلُ هُوَ الْفَطِنُ الْمُتَغَافِلُ.

ص297:
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ:
الْجُودُ حَارِسُ الأعْرَاضِ.

ص299:
الْحَزْمَ سُوءُ الظَّنِّ .
قِيلَ تَأْوِيلُهُ: قِلَّةُ الاسْتِرْسَالِ إلَيْهِمْ لاَ اعْتِقَادُ السُّوءِ فِيهِمْ.

ص304:
قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ:
الإحْسَانُ رِقٌّ، وَالْمُكَافَأَةُ عِتْقٌ.

ص308:
مَنْعُ الْجَمِيعِ إرْضَاء لِلْجَمِيعِ.

ص311:
قَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: الْمَخْذُولُ مَنْ كَانَتْ لَهُ إلَى اللِّئَامِ حَاجَةٌ.

ص318:
وَالْعَرَبُ تَقُولُ فِي أَمْثَالِهَا:
الْمَطْلُ أَحَدُ الْمَنْعَيْنِ، وَالْيَأْسُ أَحَدُ النَّجَحَيْنِ.

ص323:
وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ:
مَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ أَحِبَّاؤُهُ.

ص347:
وَمَنْ لَمْ يَتَنَاهَ طَلَبُهُ اسْتَدَامَ كَدُّهُ وَتَعَبُهُ.

ص354:
وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ:
كَثْرَةُ مَالِ الْمَيِّتِ تُعَزِّي وَرَثَتَهُ عَنْهُ.

ص379:
وَقَالَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ:
قَابِلُ الْمَدْحِ كَمَادِحِ نَفْسِهِ .

ص380:
قَلَّ مَدْحٌ كَانَ جَمِيعُهُ صِدْقًا.

ص381:
وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ:
مَنْ أَظْهَرَ عَيْبَ نَفْسِهِ فَقَدْ زَكَّاهَا.

ص404:
وَقَدْ قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ:
مَنْ ظَهَرَ غَضَبُهُ قَلَّ كَيْدُهُ.

ص404:
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ:
إذَا سَكَتَّ عَنْ الْجَاهِلِ فَقَدْ أَوْسَعْتَهُ جَوَابًا وَأَوْجَعْتَهُ عِقَابًا.[/align]



.
 
[align=center]ص405:
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ:
الْعَفْوُ يُفْسِدُ مِنْ اللَّئِيمِ بِقَدْرِ إصْلاَحِهِ مِنْ الْكَرِيمِ.

ص416:
قَالَ الْجَاحِظُ:
لَمْ يَكْذِبْ أَحَدٌ قَطُّ إلا لِصِغَرِ قَدْرِ نَفْسِهِ عِنْدَهُ.

ص420:
وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: الْغِيبَةُ رَعْيُ اللِّئَامِ.

ص420:
قال الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: الْغِيبَةُ فَاكِهَةُ النِّسَاءِ.

ص437:
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ:
عَقْلُ الْمَرْءِ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ.

ص441:
وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ:
إذَا تَمَّ الْعَقْلُ نَقَصَ الْكَلاَمُ.

ص469:
قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ:
مَنْ ضَاقَ قَلْبُهُ اتَّسَعَ لِسَانُهُ.

ص474:
وَقَالَ سَيْفُ بْنُ ذِي يَزَنَ:
مَنْ أُعْجِبَ بِرَأْيِهِ لَمْ يُشَاوِرْ، وَمَنْ اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ كَانَ مِنْ الصَّوَابِ بَعِيدًا.

ص478:
وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ:
الْخَطَأُ مَعَ الاسْتِرْشَادِ أَحْمَدُ مِنْ الصَّوَابِ مَعَ الاسْتِبْدَادِ.

ص479:
قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: مَنْ أَكْثَرَ الْمَشُورَةَ لَمْ يَعْدَمْ عِنْدَ الصَّوَابِ مَادِحًا، وَعِنْدَ الْخَطَأِ عَاذِرًا، وَإِنْ كَانَ الْخَطَأُ مِنْ الْجَمَاعَةِ بَعِيدًا.

ص489:
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ:
مَنْ كَثُرَ مِزَاحُهُ زَالَتْ هَيْبَتُهُ، وَمَنْ ذكَثرَ خِلاَفَهُ طَابَتْ غَيْبَتُهُ.

ص490:
وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ:
مَنْ قَلَّ عَقْلُهُ كَثُرَ هَزْلُهُ.

ص517:
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ:
مَنْ حَسُنَ ظَنُّهُ بِمَنْ لاَ يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى فَهُوَ مَخْدُوعٌ.

ص533:
قِيلَ:
التَّثَبُّتُ نِصْفُ الْعَفْوِ.

ص540:
قِيلَ:
مَنْ غَلَبَتْهُ الْحِدَةُ فَلاَ تَغْتَرَّ بِمَوَدَّتِهِ.

ص558:
وَقَدْ قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ:
الْبَسْ مِنْ الثِّيَابِ مَا يَخْدمُك وَلاَ يَسْتَخْدِمُك.

انتهى المراد نقله من الأمثال والحكم من هذا الكتاب ، ويليه بإذن الله الفوائد العامة . [/align]
 
ص41:
فَأَمَّا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ مَعَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ، وَاتِّفَاقِهِمَا فِي الدَّلاَلَةِ وَالْمَدْلُولِ، فَهُوَ أَنَّ الْهَوَى مُخْتَصٌّ بِالآرَاءِ وَالاعْتِقَادَاتِ، وَالشَّهْوَةَ مُخْتَصَّةٌ بِنَيْلِ المستلذَّات ، فَصَارَتْ الشَّهْوَةُ مِنْ نَتَائِجِ الْهَوَى وَهِيَ أَخَصُّ، وَالْهَوَى أَصْلٌ هُوَ أَعَمُّ.

ص43:
حَكَى أَبُو فَرْوَةَ أَنَّ طَارِقًا صَاحِبَ شُرْطَةِ خَالِدٍ الْقَسْرِيِّ مَرَّ بِابْنِ شُبْرُمَةَ وَطَارِقٌ فِي مَوْكِبِهِ فَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ:
أَرَاهَا وَإِنْ كَانَتْ تَخُبُّ كَأَنَّهَا * سَحَابَةُ صَيْفٍ عَنْ قَرِيبٍ تَقَشَّعُ
اللَّهُمَّ لِي دِينِي وَلَهُمْ دُنْيَاهُمْ.
فَاسْتُعْمِلَ ابْنُ شُبْرُمَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْقَضَاءِ ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ: أَتَذْكُرُ قَوْلَك يَوْمَ كَذَا إذْ مَرَّ بِك طَارِقٌ فِي مَوْكِبِهِ ؟
فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إنَّهُمْ يَجِدُونَ مِثْلَ أَبِيك وَلاَ يَجِدُ أَبُوك مِثْلَهُمْ ؛ إنَّ أَبَاك أَكَلَ مِنْ حَلوائهِمْ، فَحُطَّ فِي أَهْوَائِهِمْ.

ص56:
وَلَعَمْرِي إنَّ صِيَانَةَ النَّفْسِ أَصْلُ الْفَضَائِلِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَهْمَلَ صِيَانَةَ نَفْسِهِ ثِقَةً بِمَا مَنَحَهُ الْعِلْمُ مِنْ فَضِيلَتِهِ، وَتَوَكُّلاً عَلَى مَا يَلْزَمُ النَّاسَ مِنْ صِيَانَتِهِ، سَلَبوْهُ فَضِيلَةَ عِلْمِهِ وَوَسَمُوهُ بِقَبِيحِ تَبَذُّلِهِ، فَلَمْ يَفِ مَا أَعْطَاهُ الْعِلْمُ بِمَا سَلَبَهُ التَّبَذُّلُ؛ لِأَنَّ الْقَبِيحَ أَتمُّ مِنْ الْجَمِيلِ وَالرَّذِيلَةُ أَشْهَرُ مِنْ الْفَضِيلَةِ ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لِمَا فِي طَبَائِعِهِمْ مِنْ الْبِغْضَةِ وَالْحَسَدِ وَنِزَاعِ الْمُنَافَسَةِ تَنْصَرِفُ عُيُونُهُمْ عَنْ الْمَحَاسِنِ إلَى الْمَسَاوِئِ ، فَلاَ يُنْصِفُونَ مُحْسِنًا وَلاَ يُحَابُونَ مُسِيئًا لاَ سِيَّمَا مَنْ كَانَ بِالْعِلْمِ مَوْسُومًا وَإِلَيْهِ مَنْسُوبًا، فَإِنَّ زَلَّتَهُ لاَ تُقَالُ وَهَفْوَتَهُ لاَ تُعْذَرُ إمَّا لِقُبْحِ أَثَرِهَا وَاغْتِرَارِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ بِهَا..
وَإِمَّا لِأَنَّ الْجُهَّالَ بِذَمِّهِ أَغْرَى، وَعَلَى تَنَقُّصِهِ أَحْرَى؛ لِيَسْلُبُوهُ فَضِيلَةَ التَّقَدُّمِ وَيَمْنَعُوهُ مُبَايِنَةَ التَّخْصِيصِ عِنَادًا لِمَا جَهِلُوهُ وَمَقْتًا لِمَا بَايَنُوهُ؛ لِأَنَّ الْجَاهِلَ يَرَى الْعِلْمَ تَكَلُّفًا وَلَوْمًا، كَمَا أَنَّ الْعَالِمَ يَرَى الْجَهْلَ تَخَلُّفًا وَذَمًّا.

ص57:
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ لِابْنِهِ: عَلَيْك بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْعِلْمِ فَخُذْ مِنْهُ، فَإِنَّ الْمَرْءَ عَدُوُّ مَا جَهِلَ، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ عَدُوَّ شَيْءٍ مِنْ الْعِلْمِ، وَأَنْشَدَ:
تَفَنَّنْ وَخُذْ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ فَإِنَّمَا * يَفُوقُ امْرُؤٌ فِي كُلِّ فَنٍّ لَهُ عِلْمُ
فَأَنْتَ عَدُوٌّ لِلَّذِي أَنْتَ جَاهِلٌ * بِهِ وَلِعِلْمٍ أَنْتَ تُتْقِنُهُ سِلْمُ
 
ص58:
الْمَالُ ظِلٌّ زَائِلٌ وَعَارِيَّةٌ مُسْتَرْجَعَةٌ وَلَيْسَ فِي كَثْرَتِهِ فَضِيلَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ فِيهِ فَضِيلَةٌ لَخَصَّ اللَّهُ بِهِ مَنْ اصْطَفَاهُ لِرِسَالَتِهِ، وَاجْتَبَاهُ لِنُبُوَّتِهِ.
وَقَدْ كَانَ أَكْثَرُ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ مَا خَصَّهُمْ اللَّهُ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ وَفَضَّلَهُمْ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ، فُقَرَاءَ لاَ يَجِدُونَ بُلْغَةً وَلاَ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ ، حَتَّى صَارُوا فِي الْفَقْرِ مَثَلاً، فَقَالَ الْبُحْتُرِيُّ:
[align=center]فَقْرٌ كَفَقْرِ الأنْبِيَاءِ وَغُرْبَةٌ * وَصَبَابَةٌ لَيْسَ الْبَلاَءُ بِوَاحِدِ[/align]
وَلِعَدَمِ الْفَضِيلَةِ فِي الْمَالِ مَنَحَهُ اللَّهُ الْكَافِرَ وَحَرَمَهُ الْمُؤْمِنَ. قَالَ الشَّاعِرُ:
[align=center]كَمْ كَافِرٍ بِاَللَّهِ أَمْوَالُهُ * تَزْدَادُ أَضْعَافًا عَلَى كُفْرِهِ
وَمُؤْمِنٍ لَيْسَ لَهُ دِرْهَمٌ * يَزْدَادُ إيمَانًا عَلَى فَقْرِهِ
يَا لاَئِمَ الدَّهْرِ وَأَفْعَالِهِ * مُشْتَغِلاً يَزْرِي عَلَى دَهْرِهِ
الدَّهْرُ مَأْمُورٌ لَهُ آمِرٌ * يَنْصَرِفُ الدَّهْرُ عَلَى أَمْرِهِ[/align]
وَقَدْ بَيَّنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَضْلَ مَا بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْمَالِ فَقَالَ: الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنْ الْمَالِ. الْعِلْمُ يَحْرُسُك، وَأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالِ. الْعِلْمُ حَاكِمٌ وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ. مَاتَ خَزَّانُ الامْوَالِ وَبَقِيَ خَزَّانُ الْعِلْمِ أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَأَشْخَاصُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ.
وَسُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: أَيُّمَا أَفْضَلُ الْمَالُ أَمْ الْعِلْمُ ؟ فَقَالَ: الْجَوَابُ عَنْ هَذَا: أَيُّمَا أَفْضَلُ الْمَالُ أَمْ الْعَقْلُ.
وَقَالَ صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ:
[align=center]لاَ خَيْرَ فِيمَنْ كَانَ خَيْرُ ثَنَائِهِ * فِي النَّاسِ قَوْلَهُمْ غَنِيٌّ وَاجِدُ[/align]

ص60:
وَرُبَّمَا امْتَنَعَ الإنْسَانُ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ لِكِبَرِ سِنِّهِ وَاسْتِحْيَائِهِ مِنْ تَقْصِيرِهِ فِي صِغَرِهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ فِي كِبْرِهِ، فَرَضِيَ بِالْجَهْلِ أَنْ يَكُونَ مَوْسُومًا بِهِ وَآثَرَهُ عَلَى الْعِلْمِ أَنْ يَصِيرَ مُبْتَدِئًا بِهِ. وَهَذَا مِنْ خِدَعِ الْجَهْلِ وَغُرُورِ الْكَسَلِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ إذَا كَانَ فَضِيلَةً = فَرَغْبَةُ ذَوِي الأسْنَانِ فِيهِ أَوْلَى. وَالابْتِدَاءُ بِالْفَضِيلَةِ فَضِيلَةٌ. وَلاأنْ يَكُونَ شَيْخًا مُتَعَلِّمًا أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ شَيْخًا جَاهِلاً.
حُكِيَ أَنَّ بَعْضَ الْحُكَمَاءِ رَأَى شَيْخًا كَبِيرًا يُحِبُّ النَّظَرَ فِي الْعِلْمِ وَيَسْتَحِي فَقَالَ لَهُ: يَا هَذَا أَتَسْتَحِي أَنْ تَكُونَ فِي آخِرِ عُمُرِك أَفْضَلَ مِمَّا كُنْتَ فِي أَوَّلِهِ ؟
وَذُكِرَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ الْمَهْدِيِّ دَخَلَ عَلَى الْمَأْمُونِ وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْفِقْهِ فَقَالَ: يَا عَمِّ مَا عِنْدَك فِيمَا يَقُولُ هَؤُلاَءِ: فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ شَغَلُونَا فِي الصِّغَرِ وَاشْتَغَلْنَا فِي الْكِبَرِ. فَقَالَ: لِمَ لاَ تتَعَلَّمُهُ الْيَوْمَ ؟ قَالَ: أَوْ يَحْسُنُ بِمِثْلِي طَلَبُ الْعِلْمِ ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَاَللَّهِ لاَنْ تَمُوتَ طَالِبًا لِلْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَعِيشَ قَانِعًا بِالْجَهْلِ.
قَالَ: وَإِلَى مَتَى يَحْسُنُ بِي طَلَبُ الْعِلْمِ ؟ قَالَ: مَا حَسُنَتْ بِك الْحَيَاةُ ، وَلِأَنَّ الصَّغِيرَ أَعَذْرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَهْلِ عُذْرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَطُلْ بِهِ مُدَّةُ التَّفْرِيطِ وَلاَ اسْتَمَرَّتْ عَلَيْهِ أَيَّامُ الإهْمَالِ.
وَقَدْ قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: جَهْلُ الصَّغِيرِ مَعْذُورٌ، وَعِلْمُهُ مَحْقُورٌ، فَأَمَّا الْكَبِيرُ فَالْجَهْلُ بِهِ أَقْبَحُ، وَنَقْصُهُ عَلَيْهِ أَفْضَحُ؛ لِأَنَّ عُلُوَّ السِّنِّ إذَا لَمْ يُكْسِبْهُ فَضْلاً وَلَمْ يُفِدْهُ عِلْمًا وَكَانَتْ أَيَّامُهُ فِي الْجَهْلِ مَاضِيَةً، وَمِنْ الْفَضْلِ خَالِيَةً، = كَانَ الصَّغِيرُ أَفْضَلَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الرَّجَاءَ لَهُ أَكْثَرُ، وَالأمَلَ فِيهِ أَظْهَرُ، وَحَسْبُك نَقْصًا فِي رَجُلٍ يَكُونُ الصَّغِيرُ الْمُسَاوِي لَهُ فِي الْجَهْلِ أَفْضَلَ مِنْهُ.

ص62:
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ صَاحَبَ الْعُلَمَاءِ وُقِّرَ، وَمَنْ جَالَسَ السُّفَهَاءَ حُقِّر.
وَرُبَّمَا مَنَعَهُ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ مَا يَظُنُّهُ مِنْ صُعُوبَتِهِ، وَبُعْدِ غَايَتِهِ، وَيَخْشَى مِنْ قِلَّةِ ذِهْنِهِ وَبُعْدِ فِطْنَتِهِ. وَهَذَا الظَّنُّ
اعْتِذَارُ ذَوِي النَّقْصِ وَخِيفَةُ أَهْلِ الْعَجْزِ؛ لِأَنَّ الإخْبَارَ قَبْلَ الاخْتِبَارِ جَهْلٌ .
 


ص64:
قَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: أَخْبَثُ النَّاسِ الْمُسَاوِي بَيْنَ الْمَحَاسِنِ وَالْمَسَاوِئِ ؛ وَعِلَّةُ هَذَا أَنَّهُمْ رُبَّمَا رَأَوْا عَاقِلاً غَيْرَ مَحْظُوظٍ، وَعَالِمًا غَيْرَ مَرْزُوقٍ، فَظَنُّوا أَنَّ الْعِلْمَ وَالْعَقْلَ هُمَا السَّبَبُ فِي قِلَّةِ حَظِّهِ وَرِزْقِهِ. وَقَدْ انْصَرَفَتْ عُيُونُهُمْ عَنْ حِرْمَانِ أَكْثَرِ النَّوْكَى وَإِدْبَارِ أَكْثَرِ الْجُهَّالِ؛ لِأَنَّ فِي الْعُقَلاَءِ وَالْعُلَمَاءِ قِلَّةً وَعَلَيْهِمْ مِنْ فَضْلِهِمْ سِمَةٌ.
وَلِذَلِكَ قِيلَ: الْعُلَمَاءُ غُرَبَاءُ لِكَثْرَةِ الْجُهَّالِ...
وَالْجُهَّالُ وَالْحَمْقَى لَمَّا كَثُرُوا وَلَمْ يَتَخَصَّصُوا انْصَرَفَتْ عَنْهُمْ النُّفُوسُ فَلَمْ يُلْحَظْ الْمَحْرُومُ مِنْهُمْ بِطَرَفِ شَامِتٍ، وَلاَ قَصَدَ الْمَحدُودُ مِنْهُمْ بِإِشَارَةِ عَائِبٍ.

ص69:
وَقَالَ الأوْزَاعِيُّ: إذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ شَرًّا أَعْطَاهُمْ الْجَدَلَ، وَمَنَعَهُمْ الْعَمَلَ.

ص69:
بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: لاَ يَمْنَعَنَّكَ حَذَرُ الْمِرَاءِ مِنْ حُسْنِ الْمُنَاظَرَةِ، فَإِنَّ الْمُمَارِيَ هُوَ الَّذِي لاَ يُرِيدُ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْهُ أَحَدٌ وَلاَ يَرْجُو أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْ أَحَدٍ.

ص70:
قَالَتْ الْحُكَمَاءُ: أَصْلُ الْعِلْمِ الرَّغْبَةُ وَثَمَرَتُهُ السَّعَادَةُ، وَأَصْلُ الزُّهْدِ الرَّهْبَةُ وَثَمَرَتُهُ الْعِبَادَةُ فَإِذَا اقْتَرَنَ الزُّهْدُ وَالْعِلْمُ فَقَدْ تَمَّتْ السَّعَادَةُ وَعَمَّتْ الْفَضِيلَةُ، وَإِنْ افْتَرَقَا فَيَا وَيْحَ مُفْتَرَقَيْنِ مَا أَضَرَّ افْتِرَاقَهُمَا، وَأَقْبَحَ انْفِرَادَهُمَا.
.. قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: مَنْ لَمْ يُؤْتَ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَقْمَعُهُ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ لاَ يَنْفَعُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْفَقِيهُ بِغَيْرِ وَرَعٍ كَالسِّرَاجِ يُضِيءُ الْبَيْتَ وَيُحْرِقُ نَفْسَهُ.

ص71:
وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْعُلُومِ أَوَائِلَ تُؤَدِّي إلَى أَوَاخِرِهَا، وَمَدَاخِلَ تُفْضِي إلَى حَقَائِقِهَا. فَلْيَبْتَدِئْ طَالِبُ الْعِلْمِ بِأَوَائِلِهَا لِيَنْتَهِيَ إلَى أَوَاخِرِهَا، وَبِمَدَاخِلِهَا لِتُفْضِيَ إلَى حَقَائِقِهَا. وَلاَ يَطْلُبُ الآخر قَبْلَ الأول، وَلاَ الْحَقِيقَةَ قَبْلَ الْمَدْخَلِ. فَلاَ يُدْرِكُ الآخر وَلاَ يَعْرِفُ الْحَقِيقَةَ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى غَيْرِ أُسٍّ لاَ يُبْنَى، وَالثَّمَرُ مِنْ غَيْرِ غَرْسٍ لاَ يُجْنَى. وَلِذَلِكَ أَسْبَابٌ فَاسِدَةٌ وَدَوَاعٍ وَاهِيَةٌ.
فَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ فِي النَّفْسِ أَغْرَاضٌ تَخْتَصُّ بِنَوْعٍ مِنْ الْعِلْمِ فَيَدْعُو الْغَرَضُ إلَى قَصْدِ ذَلِكَ النَّوْعِ وَيَعْدِلُ عَنْ مُقَدِّمَاتِهِ..
وَمِنْهَا: أَنْ يُحِبَّ الاشْتِهَارَ بِالْعِلْمِ إمَّا لِتَكَسُّبٍ أَوْ لِتَجَمُّلٍ فَيَقْصِدُ مِنْ الْعِلْمِ مَا اُشْتُهِرَ مِنْ مَسَائِلِ الْجَدَلِ وَطَرِيقِ النَّظَرِ. وَيَتَعَاطَى عِلْمَ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ دُونَ مَا اُتُّفِقَ عَلَيْهِ؛ لِيُنَاظِرَ عَلَى الْخِلاَفِ وَهُوَ لاَ يَعْرِفُ الْوِفَاقَ، وَيُجَادِلَ الْخُصُومَ وَهُوَ لاَ يَعْرِفُ مَذْهَبًا مَخْصُوصًا..
وَمِنْها: أَنْ يَغْفُلَ عَنْ التَّعَلُّمِ فِي الصِّغَرِ، ثُمَّ يَشْتَغِلَ بِهِ فِي الْكِبَرِ فَيَسْتَحِي أَنْ يَبْتَدِئَ بِمَا يَبْتَدِئُ الصَّغِيرُ، وَيَسْتَنْكِفُ أَنْ يُسَاوِيَهُ الْحَدَثُ الْغَرِيرُ، فَيَبْدَأُ بِأَوَاخِرِ الْعُلُومِ، وَأَطْرَافِهَا، وَيَهْتَمُّ بِحَوَاشِيهَا، وَأَكْنَافِهَا؛ لِيَتَقَدَّمَ عَلَى الصَّغِيرِ الْمُبْتَدِي، وَيُسَاوِيَ الْكَبِيرَ الْمُنْتَهِي. وَهَذَا مِمَّنْ رَضِيَ بِخِدَاعِ نَفْسِهِ، وَقَنَعَ بِمُدَاهَنَةِ حِسِّهِ؛ لِأَنَّ مَعْقُولَهُ إنْ أَحَسَّ وَمَعْقُولَ كُلِّ ذِي حِسٍّ يَشْهَدُ بِفَسَادِ هَذَا التَّصَوُّرِ، وَيَنْطِقُ بِاخْتِلاَلِ هَذَا التَّخَيُّلِ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ لاَ يَقُومُ فِي وَهْمٍ. وَجَهْلُ مَا يَبْتَدِئُ بِهِ الْمُتَعَلِّمُ أَقْبَحُ مِنْ جَهْلِ مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ الْعَالِمُ..
وَمِنْهَا: كَثْرَةُ اشْتِغَالِهِ وَتَرَادُفُ حَالاتِهِ حَتَّى أَنَّهَا تَسْتَوْعِبُ زَمَانَهُ وَتَسْتَنْفِدُ أَيَّامَهُ. فَإِذَا كَانَ ذَا رِئَاسَةٍ أَلْهَتْهُ، وَإِنْ كَانَ ذَا مَعِيشَةٍ قَطَعَتْهُ. وَلِذَلِكَ قِيلَ: تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تَسُودُوا.

ص77:
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَنْ أَكْثَرَ الْمُذَاكَرَةَ بِالْعِلْمِ لَمْ يَنْسَ مَا عَلِمَ وَاسْتَفَادَ مَا لَمْ يَعْلَمْ.
 
بارك الله فيك وفي اختيارك أيها الصالح عبدالرحمن بن صالح
وفي الحقيقة الكتاب بحاجة لتخريج وتحقيق ، فليس هناك (حسب علمي) تحقيق منهجي الى الان على هذا الكتاب
والله تعالى اعلم
 
جزاك الله خيرا ، صحيح أحاديث الكتاب لم تخدم.
ص82:
اللُّغْزُ : هُوَ تَحَرِّي أَهْلِ الْفَرَاغِ وَشُغْلُ ذَوِي الْبَطَالَةِ؛ لِيَتَنَافَسُوا فِي تَبَايُنِ قَرَائِحِهِمْ، وَيَتَفَاخَرُوا فِي سُرْعَةِ
خَوَاطِرِهِمْ، فَيَسْتَكِدُّوا خَوَاطِرَ قَدْ مُنِحُوا صِحَّتَهَا فِيمَا لاَ يُجْدِي نَفْعًا وَلاَ يُفِيدُ عِلْمًا، كَأَهْلِ الصِّرَاعِ الَّذِينَ قَدْ
صَرَفُوا مَا مُنِحُوهُ مِنْ صِحَّةِ أَجْسَامِهِمْ إلَى صِرَاعٍ كَدُودٍ يَصْرَعُ عُقُولَهُمْ وَيَهِدُّ أَجْسَامَهُمْ وَلاَ يُكْسِبُهُمْ حَمْدًا
وَلاَ يُجْدِي عَلَيْهِمْ نَفْعًا.
اُنْظُرْ إلَى قَوْلِ الشَّاعِر:
رَجُلٌ مَاتَ وَخَلَّفَ رَجُلا * ابْنَ أُمِّ ابْنَ أَبِي أُخْتِ أَبِيهِ
مَعَهُ أُمُّ بَنِي أَوْلاَدِهِ * وَأَبَا أُخْتِ بَنِي عَمِّ أَخِيهِ
أَخْبَرَنِي عَنْ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ وَقَدْ رَوَّعَك صُعُوبَةُ مَا تَضَمَّنَهُمَا مِنْ السُّؤَالِ. إذَا اسْتَكْدَيْتَ الْفِكْرَ فِي اسْتِخْرَاجِهِ
فَعَلِمْت أَنَّهُ أَرَادَ مَيْتًا خَلَّفَ أَبًا وَزَوْجَةً وَعَمًّا، مَا الَّذِي أَفَادَك مِنْ الْعِلْمِ وَنَفَى عَنْك مِنْ الْجَهْلِ ؟ أَلَسْت بَعْدَ
عِلْمِهِ تَجْهَلُ مَا كُنْت جَاهِلاً مِنْ قَبْلِهِ ؟ وَلَوْ أَنَّ السَّائِلَ قَلَبَ لَك السُّؤَالَ فَأَخَّرَ مَا قُدِّمَ وَقَدَّمَ مَا أُخِّرَ لَكُنْت فِي
الْجَهْلِ بِهِ قَبْلَ اسْتِدْرَاجِهِ كَمَا كُنْت فِي الْجَهْلِ الأول وَقَدْ كَدَدْت نَفْسَك، وَأَتْعَبْت خَاطِرَك ثُمَّ لاَ تَعْدَمُ أَنْ يَرِدَ
عَلَيْك مِثْلُ هَذَا مِمَّا تَجْهَلُهُ فَتَكُونُ فِيهِ كَمَا كُنْت قَبْلَهُ. فَاصْرِفْ نَفْسَك – َوَلَّى اللَّهُ رُشْدَك - عَنْ عُلُومِ النَّوْكَى
وَتَكَلُّفِ الْبَطَّالِينَ.

ص87:
وَرُبَّمَا اسْتَثْقَلَ الْمُتَعَلِّمُ الدَّرْسَ وَالْحِفْظَ وَاتَّكَلَ بَعْدَ فَهْمِ الْمَعَانِي عَلَى الرُّجُوعِ إلَى الْكُتُبِ وَالْمُطَالَعَةِ فِيهَا عِنْدَ
الْحَاجَةِ فَلاَ يَكُونُ إلا كَمَنْ أَطْلَقَ مَا صَادَهُ ثِقَةً بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ الامْتِنَاعِ مِنْهُ فَلاَ تُعْقِبُهُ الثِّقَةُ إلا خَجَلاً
وَالتَّفْرِيطُ إلا نَدَمًا.

ص105:
اعْلَمْ أَنَّ لِلْمُتَعَلِّمِ تَمَلُّقًا وَتَذَلُّلاً فَإِنْ اسْتَعْمَلَهُمَا غَنِمَ، وَإِنْ تَرَكَهُمَا حُرِمَ؛ لِأَنَّ التَّمَلُّقَ لِلْعَالِمِ يُظْهِرُ مَكْنُونَ عَمَلِهِ،
وَالتَّذَلُّلَ لَهُ سَبَبٌ لِإِدَامَةِ صَبْرِهِ. وَبِإِظْهَارِ مَكْنُونِهِ تَكُونُ الْفَائِدَةُ وَبِاسْتِدَامَةِ صَبْرِهِ يَكُونُ الإكْثَارُ.

ص108:
رَجَّحَ كَثِيرُ مِنْ الْحُكَمَاءِ حَقَّ الْعَالِمِ عَلَى حَقِّ الْوَالِدِ ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ:
يَا فَاخِرًا لِلسَّفَاهِ بِالسَّلَفِ * وَتَارِكًا لِلْعَلاَءِ وَالشَّرَفِ
آبَاءُ أَجْسَادِنَا هُمْ سَبَبٌ * لأنْ جُعِلْنَا عَرَائِضَ التَّلَفِ
مَنْ عَلَّمَ النَّاسَ كَانَ خَيْرَ أَبٍ * ذَاكَ أَبُو الرُّوحِ لاَ أَبُو النُّطَفِ

ص115:
وَقَلَّمَا تَجِدُ بِالْعِلْمِ مُعْجَبًا وَبِمَا أَدْرَكَ مُفْتَخِرًا، إلا مَنْ كَانَ فِيهِ مُقِلاً وَمُقَصِّرًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجْهَلُ قَدْرَهُ، وَيَحْسَبُ أَنَّهُ
نَالَ بِالدُّخُولِ فِيهِ أَكْثَرَهُ. فَأَمَّا مَنْ كَانَ فِيهِ مُتَوَجِّهًا وَمِنْهُ مُسْتَكْثِرًا فَهُوَ يَعْلَمُ مِنْ بُعْدِ غَايَتِهِ، وَالْعَجْزِ عَنْ
إدْرَاكِ نِهَايَتِهِ، مَا يَصُدُّهُ عَنْ الْعُجْبِ بِهِ.
وَقَدْ قَالَ الشَّعْبِيُّ: الْعِلْمُ ثَلاَثَةُ أَشْبَارٍ فَمَنْ نَالَ مِنْهُ شِبْرًا شَمَخَ بِأَنْفِهِ وَظَنَّ أَنَّهُ نَالَهُ. وَمَنْ نَالَ الشِّبْرَ الثَّانِيَ
صَغَرَتْ إلَيْهِ نَفْسُهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَنَلْهُ، وَأَمَّا الشِّبْرُ الثَّالِثُ فَهَيْهَاتَ لاَ يَنَالُهُ أَحَدٌ أَبَدًا.
وَمِمَّا أُنْذِرُك بِهِ مِنْ حَالِي أَنَّنِي صَنَّفْت فِي الْبُيُوعِ كِتَابًا جَمَعْت فِيهِ مَا اسْتَطَعْت مِنْ كُتُبِ النَّاسِ، وَأَجْهَدْت فِيهِ
نَفْسِي وَكَدَدْت فِيهِ خَاطِرِي، حَتَّى إذَا تَهَذَّبَ وَاسْتَكْمَلَ وَكِدْت أَعْجَبُ بِهِ وَتَصَوَّرْت أَنَّنِي أَشَدُّ النَّاسِ
اضْطِلاَعًا بِعِلْمِهِ، حَضَرَنِي، وَأَنَا فِي مَجْلِسِي أَعْرَابِيَّانِ فَسَألانِي عَنْ بَيْعٍ عَقَدَاهُ فِي الْبَادِيَةِ عَلَى شُرُوطٍ تَضَمَّنَتْ
أَرْبَعَ مَسَائِلِ لَمْ أَعْرِفْ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جَوَابًا، فَأَطْرَقْت مُفَكِّرًا، وَبِحَالِي وَحَالِهِمَا مُعْتَبَرًا فَقَالا: مَا عِنْدَك فِيمَا
سَأَلْنَاك جَوَابٌ، وَأَنْتَ زَعِيمُ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ ؟ فَقُلْت: لاَ.
فَقَالا: وَاهًا لَك، وَانْصَرَفَا. ثُمَّ أَتَيَا مَنْ يَتَقَدَّمُهُ فِي الْعِلْمِ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِي فَسَألاهُ فَأَجَابَهُمَا مُسْرِعًا بِمَا أَقْنَعَهُمَا
وَانْصَرَفَا عَنْهُ رَاضِيَيْنِ بِجَوَابِهِ حَامِدَيْنِ لِعِلْمِهِ، فَبَقِيت مُرْتَبِكًا، وَبِحَالِهِمَا وَحَالِي مُعْتَبِرًا وَإِنِّي لَعَلَى مَا كُنْت
عَلَيْهِ مِنْ الْمَسَائِلِ إلَى وَقْتِي، فَكَانَ ذَلِكَ زَاجِرَ نَصِيحَةٍ وَنَذِيرَ عِظَةٍ تَذَلَّلَ بِهَا قِيَادُ النَّفْسِ، وَانْخَفَضَ لَهَا جَنَاحُ
الْعُجْبِ، تَوْفِيقًا مُنِحْتَهُ وَرُشْدًا أُوتِيتَهُ.

ص117:
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مِنْ الْعِلْمِ أَنْ لاَ تَتَكَلَّمَ فِيمَا لاَ تَعْلَمُ بِكَلاَمِ مَنْ يَعْلَمُ فَحَسْبُك جَهْلاً مِنْ عَقْلِك أَنْ تَنْطِقَ
بِمَا لاَ تَفْهَمُ.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم- أما بعد :
فجزاك الله خيراً يا شيخ على هذه الفوائد فقد استفدُ منها كثيراً ولا سيما من المكتبات الإلكترونية التي أشرتَ إليها في هذا الطرح أو هذه الفائدة وهي كما سميتَها "المنتقى الثمين من أدب الدنيا والدين" . نفع الله بعلمكم
 
وفقك الله ، ونفعك بما علمت .
--------------------
ص125:
حُكِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْعِلْمُ أَفْضَلُ مِنْ الْعَمَلِ لِمَنْ جَهِلَ، وَالْعَمَلُ أَفْضَلُ مِنْ الْعِلْمِ لِمَنْ عَلِمَ.

ص126:
قَالَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ: إنِّي لأفْرَحُ بِإِفَادَتِي الْمُتَعَلِّمَ أَكْثَرَ مِنْ فَرَحِي بِاسْتِفَادَتِي مِنْ الْمُعَلِّمِ.

ص127:
قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ: اجْعَلْ تَعْلِيمَك دِرَاسَةً لِعِلْمِك.

ص129:
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْعَالِمِ فِرَاسَةٌ يَتَوَسَّمُ بِهَا الْمُتَعَلِّمَ لِيَعْرِفَ مَبْلَغَ طَاقَتِهِ، وَقَدْرَ اسْتِحْقَاقِهِ لِيُعْطِيَهُ مَا يَتَحَمَّلُهُ بِذَكَائِهِ، أَوْ يَضْعُفُ عَنْهُ بِبَلاَدَتِهِ فَإِنَّهُ أَرْوَحُ لِلْعَالِمِ، وَأَنْجَحُ لِلْمُتَعَلِّمِ .. وَإِذْ كَانَ الْعَالِمُ فِي تَوَسُّمِ الْمُتَعَلِّمِينَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَكَانَ بِقَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ خَبِيرًا، لَمْ يَضِعْ لَهُ عَنَاءٌ وَلَمْ يَخِبْ عَلَى يَدَيْهِ صَاحِبٌ. وَإِنْ لَمْ يَتَوَسَّمُهُمْ وَخَفِيَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالُهُمْ وَمَبْلَغُ اسْتِحْقَاقِهِمْ كَانُوا وَإِيَّاهُ فِي عَنَاءٍ مُكِدٍّ وَتَعَبٍ غَيْرِ مُجِدٍّ؛ لِأَنَّهُ لاَ يَعْدَمُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ ذَكِيٌّ مُحْتَاجٌ إلَى الزِّيَادَةِ، وَبَلِيدٌ يَكْتَفِي بِالْقَلِيلِ فَيَضْجَرُ الذَّكِيُّ مِنْهُ وَيَعْجِزُ الْبَلِيدُ عَنْهُ وَمَنْ يُرَدِّدُ أَصْحَابَهُ بَيْنَ عَجْزٍ وَضَجَرٍ مَلُّوهُ وَمَلَّهُمْ.

ص170:
وَحَكَى الأصْمَعِيُّ رحمه الله: أَنَّ أَعْرَابِيًّا صَلَّى فَأَطَالَ وَإِلَى جَانِبِهِ قَوْمٌ فَقَالُوا: مَا أَحْسَنَ صَلاَتَك، فَقَالَ: وَأَنَا مَعَ ذَلِكَ صَائِمٌ !
صَلَّى فَأَعْجَبَنِي وَصَامَ فَرَابَنِي * نَحِّ الْقَلُوصَ عَنْ الْمُصَلِّي الصَّائِمِ
فَانْظُرْ إلَى هَذَا الرِّيَاءِ، مَعَ قُبْحِهِ، مَا أَدَلَّهُ عَلَى سُخْفِ عَقْلِ صَاحِبِهِ.

ص171:
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: أَفْضَلُ الزُّهْدِ إخْفَاءُ الزُّهْدِ.

ص183:
وَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: مَنْ جَرَّعَتْهُ الدُّنْيَا حَلاَوَتَهَا بِمَيْلِهِ إلَيْهَا، جَرَّعَتْهُ الآخِرَةُ مَرَارَتَهَا لِتَجَافِيهِ عَنْهَا.

ص187:
عُوتِبَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ فِي كَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فَقَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلاً أَرَادَ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ دَارٍ إلَى دَارٍ أَكَانَ يُبْقِي فِي الأولى شَيْئًا؟!

ص189:
وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ: إنَّمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُلُوكِ يَوْمٌ وَاحِدٌ. أَمَّا أَمْسِ فَقَدْ مَضَى فَلاَ يَجِدُونَ لَذَّتَهُ. وَإِنَّا وَهُمْ مِنْ غَدٍ عَلَى وَجَلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمُ فَمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ.

ص196:
وَمَرَّ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - بِقَوْمٍ فَقِيلَ: هَؤُلاَءِ زُهَّادٌ. فَقَالَ: مَا قَدْرُ الدُّنْيَا حَتَّى يُحْمَدَ مَنْ زَهِدَ فِيهَا !

ص220:
فَأَمَّا إقَامَةُ إمَامَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ، وَبَلَدٍ وَاحِدٍ فَلاَ يَجُوزُ إجْمَاعًا. فَأَمَّا فِي بُلْدَانَ شَتَّى وَأَمْصَارٍ مُتَبَاعِدَةٍ
فَقَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ شَاذَّةٌ إلَى جَوَازِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الإمام مَنْدُوبٌ لِلْمَصَالِحِ. وَإِذَا كَانَ اثْنَيْنِ فِي بَلَدَيْنِ أَوْ نَاحِيَتَيْنِ
كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَقْوَمَ بِمَا فِي يَدَيْهِ، وَأَضْبَطَ لِمَا يَلِيهِ. وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ بَعْثَةُ نَبِيَّيْنِ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ
إلَى إبْطَالِ النُّبُوَّةِ، كَانَتْ الإمامة أَوْلَى وَلاَ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى إبْطَالِ الإمامة. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ إقَامَةَ إمَامَيْنِ
فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ لاَ يَجُوزُ شَرْعًا لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "إذَا بُويِعَ أَمِيرَانِ فَاقْتُلُوا
أَحَدَهُمَا"..

ص221:
يَلْزَمُ سُلْطَانَ الأمة مِنْ أُمُورِهَا سَبْعَةُ أَشْيَاءَ:
أَحَدُهَا: حِفْظُ الدِّينِ مِنْ تَبْدِيلٍ فِيهِ، وَالْحَثُّ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ مِنْ غَيْرِ إهْمَالٍ لَهُ.
وَالثَّانِي: حِرَاسَةُ الْبَيْضَةِ وَالذَّبُّ عَنْ الأمة مِنْ عَدُوٍّ فِي الدِّينِ أَوْ بَاغِي نَفْسٍ أَوْ مَالٍ.
وَالثَّالِثُ: عِمَارَةُ الْبُلْدَانِ بِاعْتِمَادِ مَصَالِحِهَا، وَتَهْذِيبِ سُبُلِهَا وَمَسَالِكِهَا.
وَالرَّابِعُ: تَقْدِيرُ مَا يَتَوَلاَهُ مِنْ الأموال بِسُنَنِ الدِّينِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ فِي أَخْذِهَا وَإِعْطَائِهَا.
وَالْخَامِسُ: مُعَانَاةُ الْمَظَالِمِ والأحكام بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ أَهْلِهَا وَاعْتِمَادِ النَّصَفَةِ فِي فَصْلِهَا.
وَالسَّادِسُ: إقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا مِنْ غَيْرِ تَجَاوُزٍ فِيهَا، وَلاَ تَقْصِيرٍ عَنْهَا.
وَالسَّابِعُ: اخْتِيَارُ خُلَفَائِهِ فِي الأمور أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْكِفَايَةِ فِيهَا، والأمانة عَلَيْهَا.
فَإِذَا فَعَلَ مَنْ أَفْضَى إلَيْهِ سُلْطَانُ الأمة مَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذِهِ الأشياء السَّبْعَةِ كَانَ مُؤَدِّيًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِمْ،
مُسْتَوْجِبًا لِطَاعَتِهِمْ وَمُنَاصَحَتِهِمْ، مُسْتَحِقًّا لِصِدْقِ مَيْلِهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ. وَإِنْ قَصَّرَ عَنْهَا، وَلَمْ يَقُمْ بِحَقِّهَا
وَوَاجِبِهَا، كَانَ بِهَا مُؤَاخَذًا ثُمَّ هُوَ مِنْ الرَّعِيَّةِ عَلَى اسْتِبْطَانِ مَعْصِيَةٍ وَمَقْتٍ يَتَرَبَّصُونَ الْفُرَصَ لِإِظْهَارِهِمَا
وَيَتَوَقَّعُونَ الدَّوَائِرَ لِإِعْلاَنِهِمَا. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ
مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا}.
 
ص223:
وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَحَبَّ عَبْدًا
حَبَّبَهُ إلَى خَلْقِهِ، فَاعْرِفْ مَنْزِلَتَك مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِمَنْزِلَتِك مِنْ النَّاسِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا لَك عِنْدَ اللَّهِ مِثْلُ مَا لِلَّهِ
عِنْدَك.

ص225:
وَلَيْسَ شَيْءٌ أَسْرَعُ فِي خَرَابِ الأرض وَلاَ أَفْسَدُ لِضَمَائِرِ الْخَلْقِ مِنْ الْجَوْرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَقِفُ عَلَى حَدٍّ وَلاَ يَنْتَهِي إلَى غَايَةٍ، وَلِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ قِسْطٌ مِنْ الْفَسَادِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ..

ص232:
وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إلَى أَبِي مُوسَى الأشعري: لاَ تَسْتَقْضِيَنَّ إلا ذَا حَسَبٍ أوَمَالٍ، فَإِنَّ ذَا الْحَسَبِ يَخَافُ الْعَوَاقِبَ ، وَذَا الْمَالِ لاَ يَرْغَبُ فِي مَالِ غَيْرِهِ.

ص299:
الْحِرْصُ : شِدَّةُ الْكَدْحِ وَالإسْرَافِ فِي الطَّلَبِ. وَأَمَّا الشَّرَهُ فَهُوَ اسْتِقْلاَلُ الْكِفَايَةِ، وَالاسْتِكْثَارُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْحِرْصِ وَالشَّرَهِ.

ص300:
وَأَمَّا السَّرَفُ وَالتَّبْذِيرُ فَإِنَّ مَنْ زَادَ عَلَى حَدِّ السَّخَاءِ فَهُوَ مُسْرِفٌ وَمُبَذِّرٌ ..
وَاعْلَمْ أَنَّ السَّرَفَ وَالتَّبْذِيرَ قَدْ يَفْتَرِقُ مَعْنَاهُمَا. فَالسَّرَفُ: هُوَ الْجَهْلُ بِمَقَادِيرِ الْحُقُوقِ ، وَالتَّبْذِيرُ: هُوَ الْجَهْلُ بِمَوَاقِعِ الْحُقُوقِ. وَكِلاَهُمَا مَذْمُومٌ، وَذَمُّ التَّبْذِيرِ أَعْظَمُ؛ لِأَنَّ الْمُسْرِفَ يُخْطِئُ فِي الزِّيَادَةِ، وَالْمُبَذِّرُ يُخْطِئُ فِي الْجَهْلِ.

ص319:
وَحُكِيَ أَنَّ رَجُلًا شَكَا كَثْرَةَ عِيَالِهِ إلَى بَعْضِ الزُّهَّادِ ، فَقَالَ: اُنْظُرْ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَيْسَ رِزْقُهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَحَوِّلْهُ إلَى مَنْزِلِي.

ص320:
حَكَى أَبُو بَكْرَةَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَاهُ فَقَالَ:
يَا عُمَرُ الْخَيْرِ جُزِيتَ الْجَنَّهْ * اُكْسُ بُنَيَّاتِي وَأُمَّهُنَّهْ
وَكُنْ لَنَا مِنْ الزَّمَانِ جُنَّهْ * أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّهْ
فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ يَكُونُ مَاذَا ؟
فَقَالَ:
إذًا أَبَا حَفْصٍ لاَذْهَبَنَّهْ فَقَالَ: فَإِذَا ذَهَبْتَ يَكُونُ مَاذَا ؟ فَقَالَ:
يَكُونُ عَنْ حَالِي لَتُسْأَلَنَّهْ * يَوْمَ تَكُونُ الاعْطَيَاتُ هَنَّهْ
وَمَوْقِفُ الْمَسْؤولِ بَيْنَهُنَّهْ * إمَّا إلَى نَارٍ وَإِمَّا جَنَّهْ
فَبَكَى عُمَرُ رضي الله عنه حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتَهُ ثُمَّ قَالَ: يَا غُلاَمُ أَعْطِهِ قَمِيصِي هَذَا لِذَلِكَ الْيَوْمِ لاَ لِشِعْرِهِ أَمَا وَاَللَّهِ لاَ أَمْلِكُ غَيْرَهُ.

ص384:
لِمَحَاسِنِ الأخْلاَقِ حُدُودٌ مُقَدَّرَةٌ وَمَوَاضِعُ مُسْتَحَقَّةٌ فَإِنْ تَجَاوَزَ بِهَا الْحَدَّ صَارَتْ مَلَقًا ، وَإِنْ عَدْلَ بِهَا عَنْ مَوَاضِعِهَا صَارَتْ نِفَاقًا. وَالْمَلَقُ ذُلٌّ، وَالنِّفَاقُ لُؤْمٌ، وَلَيْسَ لِمَنْ وُسِمَ بِهِمَا وُدٌّ مَبْرُورٌ وَلاَ أَثَرٌ مَشْكُورٌ.

ص 394:
وَرُوِيَ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ أَتَى الْجُمُعَةَ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ انْصَرَفُوا فَتَنْكَبَّ الطَّرِيقَ عَنْ النَّاسِ، وَقَالَ: لاَ خَيْرَ فِيمَنْ لاَ يَسْتَحِي مِنْ النَّاسِ.

ص402:
وَقَدْ حُكِيَ عَنْ الأحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا عَادَانِي أَحَدٌ قَطُّ إلا أَخَذْت فِي أَمْرِهِ بِإِحْدَى ثَلاَثِ خِصَالٍ:
إنْ كَانَ أَعْلَى مِنِّي عَرَفْت لَهُ قَدْرَهُ ، وَإِنْ كَانَ دُونِي رَفَعْت قَدْرِي عَنْهُ ، وَإِنْ كَانَ نَظِيرِي تَفَضَّلْت عَلَيْهِ. فَأَخَذَهُ الْخَلِيلُ، فَنَظَمَهُ شِعْرًا فَقَالَ:
سَأُلْزِمُ نَفْسِي الصَّفْحَ عَنْ كُلِّ مُذْنِبٍ * وَإِنْ كَثُرَتْ مِنْهُ إلَيَّ الْجَرَائِمُ
فَمَا النَّاسُ إلا وَاحِدٌ مِنْ ثَلاَثَةٍ * شَرِيفٌ وَمَشْرُوفٌ وَمِثْلٌ مُقَاوِمُ
فَأَمَّا الَّذِي فَوْقِي فَأَعْرِفُ قَدْرَهُ * وَأَتْبَعُ فِيهِ الْحَقَّ وَالْحَقُّ لاَزِمُ
وَأَمَّا الَّذِي دُونِي فَأَحْلُمُ دَائِبًا * أَصُونُ بِهِ عِرْضِي وَإِنْ لاَمَ لاَئِمُ
وَأَمَّا الَّذِي مِثْلِي فَإِنْ زَلَّ أَوْ هَفَا * تَفَضَّلْت إنَّ الْفَضْلَ بِالْفَخْرِ حَاكِمُ.

ص405:
وَأَنْشَدَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
وَلاَ خَيْرَ فِي حِلْمٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ * بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا
وَلاَ خَيْرَ فِي جَهْلٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ * حَلِيمٌ إذَا مَا أَوْرَدَ الأمْرَ أَصْدَرَا
فَلَمْ يُنْكِرْ صلى الله عليه وسلم قَوْلَهُ عَلَيْهِ. وَمَنْ فَقَدَ الْغَضَبَ فِي الأشْيَاءِ الْمُغْضِبَةِ حَتَّى اسْتَوَتْ حَالَتَاهُ قَبْلَ الإغْضَابِ وَبَعْدَهُ، فَقَدْ عَدِمَ مِنْ فَضَائِلِ النَّفْسِ: الشَّجَاعَةَ، وَالأنَفَةَ، وَالْحَمِيَّةَ، وَالْغَيْرَةَ، وَالدِّفَاعَ، وَالأخْذَ بِالثَّأْرِ؛ لِأَنَّهَا خِصَالٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْغَضَبِ. فَإِذَا عَدِمَهَا الإنْسَانُ هَانَ بِهَا وَلَمْ يَكُنْ لِبَاقِي فَضَائِلِهِ فِي النُّفُوسِ مَوْضِعٌ، وَلاَ لِوُفُورِ حِلْمِهِ فِي الْقُلُوبِ مَوْقِعٌ.

ص408:
وَسَبَبُ الْغَضَبِ هُجُومُ مَا تَكْرَهُهُ النَّفْسُ مِمَّنْ دُونَهَا، وَسَبَبُ الْحُزْنِ هُجُومُ مَا تَكْرَهُهُ النَّفْسُ مِمَّنْ فَوْقَهَا.
وَالْغَضَبُ يَتَحَرَّكُ مِنْ دَاخِلِ الْجَسَدِ إلَى خَارِجِهِ، وَالْحُزْنُ يَتَحَرَّك مِنْ خَارِجِ الْجَسَدِ إلَى دَاخِلِهِ.
فَلِذَلِكَ قَتَلَ الْحُزْنُ وَلَمْ يَقْتُلْ الْغَضَبُ لِبُرُوزِ الْغَضَبِ وَكُمُونِ الْحُزْنِ. وَصَارَ الْحَادِثُ عَنْ الْغَضَبِ السَّطْوَةَ
وَالانْتِقَامَ لِبُرُوزِهِ، وَالْحَادِثُ عَنْ الْحُزْنِ الْمَرَضَ وَالأسْقَامَ لِكُمُونِهِ. وَلِذَلِكَ أَفْضَى الْحُزْنُ إلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يُفِضْ
إلَيْهِ الْغَضَبُ. فَهَذَا فَرْقٌ مَا بَيْنَ الْحُزْنِ وَالْغَضَبِ.

ص425:
لَيْسَ فِي خِصَالِ الشَّرِّ أَعْدَلُ مِنْ الْحَسَدِ، يَقْتُلُ الْحَاسِدَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْمَحْسُودِ.

ص426:
وَرُبَّمَا غَلِطَ قَوْمٌ فَظَنُّوا أَنَّ الْمُنَافَسَةَ فِي الْخَيْرِ هِيَ الْحَسَدُ، وَلَيْسَ الأمْرُ عَلَى مَا ظَنُّوا؛ لِأَنَّ الْمُنَافَسَةَ طَلَبُ التَّشَبُّهِ بِالأفَاضِلِ مِنْ غَيْرِ إدْخَالِ ضَرَرٍ عَلَيْهِمْ. وَالْحَسَدُ مَصْرُوفٌ إلَى الضَّرَرِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَعْدَمَ الأفَاضِلُ فَضْلَهُمْ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِيرَ الْفَضْلُ لَهُ، فَهَذَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُنَافَسَةِ وَالْحَسَدِ. فَالْمُنَافَسَةُ إذًا فَضِيلَةٌ؛ لِأَنَّهَا دَاعِيَةٌ إلَى اكْتِسَابِ الْفَضَائِلِ وَالاقْتِدَاءِ بِأَخْيَارِ الأفَاضِلِ.

ص442:
وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: عَلَى عَقْلِ الرَّجُلِ بِقَوْلِهِ، وَعَلَى أَصْلِهِ بِفِعْلِهِ.

ص445:
وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: لاَ يَكُونُ الْبَلِيغُ بَلِيغًا حَتَّى يَكُونَ مَعْنَى كَلاَمُهُ أَسْبَقَ إلَى فَهْمِك مِنْ لَفْظِهِ إلَى سَمْعِك.

وَأَمَّا مُعَاطَاةُ الإعْرَابِ وَتَجَنُّبُ اللَّحَنِ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ صِفَاتِ الصَّوَابِ وَالْبَلاَغَةُ أَعْلَى مِنْهُ رُتْبَةً ، وَأَشْرَفُ مَنْزِلَةً.
وَلَيْسَ لِمَنْ لَحَنَ فِي كَلاَمِهِ مُدْخَلٌ فِي الأدَبَاءِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ فِي عِدَادِ الْبُلَغَاءُ.

ص445:
[من آداب الكلام] أَنْ لاَ يَتَجَاوَزَ فِي مَدْحٍ وَلاَ يُسْرِفَ فِي ذَمٍّ وَإِنْ كَانَتْ النَّزَاهَةُ عَنْ الذَّمِّ كَرَمًا وَالتَّجَاوُزُ فِي الْمَدْحِ مَلَقًا يَصْدُرُ عَنْ مَهَانَةٍ. وَالسَّرَفُ فِي الذَّمِّ انْتِقَامٌ يَصْدُرُ عَنْ شَرٍّ، وَكِلاَهُمَا شَيْنٌ وَإِنْ سَلِمَ مِنْ الْكَذِبِ.
.. السَّلاَمَةَ مِنْ الْكَذِبِ فِي الْمَدْحِ وَالذَّمِّ مُتَعَذِّرَةٌ لاَ سِيَّمَا إذَا مَدَحَ تَقَرُّبًا وَذَمَّ تَحَنُّقًا.

ص516:
وَسُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ الْمُرُوءَةِ فَقَالَ: أَنْ لاَ تَعْمَلَ فِي السِّرِّ عَمَلًا تَسْتَحِي مِنْهُ فِي الْعَلاَنِيَةِ.

ص518:
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: شَرُّ الْمَالِ مَا لَزِمَك إثْمُ مَكْسَبِهِ وَحُرِمْتَ أَجْرَ إنْفَاقِهِ.

ص526:
لاَ عُذْرَ لِمَنْ مُنِحَ جَاهًا أَنْ يَبْخَلَ بِهِ فَيَكُونَ أَسْوَأَ حَالا مِنْ الْبَخِيلِ بِمَالِهِ الَّذِي قَدْ يُعِدُّهُ لِنَوَائِبِهِ، وَيَسْتَبْقِيهِ لِلَذَّتِهِ، وَيَكْنِزُهُ لِذُرِّيَّتِهِ. وَبِضِدِّ ذَلِكَ مَنْ بَخِلَ بِجَاهِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَضَاعَهُ بِالشُّحِّ وَبَدَّدَهُ بِالْبُخْلِ وَحَرَمَ نَفْسَهُ غَنِيمَةَ مُكْنَتِهِ، وَفُرْصَةَ قُدْرَتِهِ، فَلَمْ يُعْقِبْهُ إلا نَدَمًا عَلَى فَائِتٍ وَأَسَفًا عَلَى ضَائِعٍ وَمَقْتًا يَسْتَحْكِمُ فِي النُّفُوسِ وَذَمًّا قَدْ يَنْتَشِرُ فِي النَّاسِ...وَبَذْلُ الْجَاهِ قَدْ يَكُونُ مِنْ كَرَمِ النَّفْسِ وَشُكْرِ النِّعْمَةِ وَضِدُّهُ مِنْ ضِدِّهِ وَلَيْسَ بَذْلُ الْجَاهِ لِالْتِمَاسِ الْجَزَاءِ بَذْلًا مَشْكُورًا، وَإِنَّمَا هُوَ بَائِعُ جَاهِهِ وَمُعَاوِضُ عَلَى نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَآلائِهِ فَكَانَ بِالذَّمِّ أَحَقَّ.

ص533:
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: لاَ تَقْطَعْ أَخَاك إلا بَعْدَ عَجْزِ الْحِيلَةِ عَنْ اسْتِصْلاَحِهِ.

انتهى المراد نقله من هذا الكتاب النفيس
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وسلم تسليما كثيرا .
 
عودة
أعلى