الإعجاز العلمي في القرآن.. تصويب الاتجاه للكاتب غازي التوبة

الأخ الكريم إبراهيم،

1. إذا كان النص القرآني بهذه البساطة التي تزعمها، فلا شك عندها أن جناية المفسرين والفقهاء على الإسلام عظيمة.
2. تلومني على الثناء على الغزالي وأنت تعلم أنني نوّهت في الكلام نفسه إلى أننا لا نقبل كل ما يقول. بل لا يوجد عالم عبر التاريخ القديم والمعاصر نأخذ كلامه بغير ميزان، بل نأخذ ونرد وفق قوة الدليل، لأننا نعلم أنهم بشر محكومون بنقصهم وقصورهم البشري.
3. وأراك حكمتَ بأنني متصوّف لمجرد ثنائي على الغزالي. وقد رُبينا أن نثني على كل العلماء المخلصين على الرغم من أخطائهم ما لم يكن العالم منحرفاً (كشيخ الأزهر مثلاً). ونحن في داخلنا لا نرتاح إلى أولئك العلماء الذين يذمّون غيرهم ويربون تلامذتهم على ذم المخالفين. وعلى الرغم من ذلك نكتم سوأتهم ولا نشهّر بهم احتراماً للعلم الذي يحملونه ولعاطفتهم الصادقة تجاه الإسلام. وأغلب المتصوفة هم من وقع فيما وقعتَ فيه من تقديس البشر ورفعهم فوق ما رفعهم الله ورسوله.
4. نحن نقول إن الإنسان يأخذ من النص الكريم بقدر فهمه ووعيه، ولكن لا نقبل للمرأة التي تحمل الحطب (كما تصف) أن تعمل إلا أن تسأل أهل العلم.
5. حتى لو أقررنا جدلاً بأن علم الصحابة فوق علمنا فإننا نتميّز بأننا أخذنا عنهم ثم عن الأجيال المتعاقبة على مدى 1400 سنة. أم تقصد أن علمهم بقي سراً فلم يصلنا؟!.
6. أما الإجماع السكوتي فلا علاقة له بما هو مطروح، لأنه لابد أن تكون المسألة مطروحة ويبلغهم فيها قول فيكون إجماعهم ساكتين سكوت المقرّين لما طرح من فهم وهم يعلمون. ثم إنّ هذه المسألة يطول الخوض فيها وليست محل اختلافنا.
7. لم تعد تعنيني الآن مسألة الإعجاز العلمي، لأن القضية المطروحة الآن خطيرة، والمدرسة التي تتبناها أنتَ تقف حجر عثرة أمام وعي المسلمين وفهمهم لدينهم، وهي تجعل من ديننا دين عوام لا علاقة لهم بالعلم والمعرفة. وهي مدرسة تلتقي مع الشيعة في تقديس البشر.
8. لماذا قفزتَ عن الحديث المتواتر الذي ينص على:" رب مبلغ أوعى من سامع" ومعلوم أن السامع هم الصحابة والمبلغ هم الأجيال التي تأتي بعدهم. فهل نأخذ بالحديث المتواتر أم بفلسفات بعض أهل العلم العجيبة.
 
7. لم تعد تعنيني الآن مسألة الإعجاز العلمي، لأن القضية المطروحة الآن خطيرة، والمدرسة التي تتبناها أنتَ تقف حجر عثرة أمام وعي المسلمين وفهمهم لدينهم، وهي تجعل من ديننا دين عوام لا علاقة لهم بالعلم والمعرفة. وهي مدرسة تلتقي مع الشيعة في تقديس البشر.

الأخ والشيخ الفاضل أبا عمرو حياك الله وبارك فيك
نعم بهذه الكلمات الصادقة وضعت يدك على الجرح النازف منذ حين..
إن القضية ليست قضية شخصية بين اثنين أو ثلاثة كما يظنها بعضهم .. وليست مسألة أرض ولا شمس إنها قضية خطيرة بالفعل وأكبر مما قد نظن!!
قضية أن المناقش في أي قضية تعرض يأبى كل الإباء أن يقبل أي كلام من أحد إلا إذا كان صادراً من فلان أو فلان .. لأناس بأعيانهم .. (لا يتجاوزون أصابع اليد).. ولا يقبلون الزيادة.. ولم يعرفهم هو وحده .. ويعرضهم على عقله.. بل حتى هذه كان فيها مقلداً لغيره..
ولو نقل له حطاب من الحطابين أو حطابة من الحطابات أن ابن تيمية رحمه الله تعالى قال : إن الأرض تدور حول الشمس أو حول المريخ.. لأمّن معه بصوت جهير يفوق كل المؤمّنين.. ولكتبه بماء الذهب..
ولعلنا نعثر بذلك النص يوماً عن شيخ الإسلام أو فتوى من فتاويه العظام التي غير فيها نظرته تبعاً لتغير الأحوال.. فنطفئ بها جمرة من جمر الغضا.. نسأل الله ذلك.
وقد تواجهنا معضلة اخرى من معضلاته التي لا تنقضي .. وهي أننا نحن الذين أوردنا كلام شيخ الإسلام .. وليس هو الذي أورده.. معضلة ولا أبا حسن لها..
وإذا سلمنا من هذه - وهي أبعد من البعيد - جاءنا بثالثة الأثافي .. وهي أننا لم نفهم - ولن نفهم- كلام شيخ الإسلام كما ينبغي.. لأنه هو الذي اختصه الله بعلم شيخ الإسلام .. وحب شيخ الإسلام .. والذب عن شيخ الإسلام.. وروح شيخ الإسلام .. وأسرار شيخ الإسلام. وما أبعده عن فقه الشيخ واجتهاده وتنوره ولباقته وحلمه وأدبه..
ولا يهمّ الكلام الساخر الهازئ والتسفيه والتجهيل والتعالي على طلاب العلم .. الذي يرسله على كل من يخالفه من الفضلاء في أي شيء يعرض في المنتدى .. والذي يحسنه كل الإحسان.. أكثر مما يحسن إيراد شاهد واحد على ما يقوله من السلف أو حتى من الحطابين.. فالصبر على ذلك من شيم السلف الكرام الذين يدعي وصلهم هو وحده بهم من دون الآخرين .. وليلى لا تقر لهم بذاك..
إن العود الطيب لا يزيده الإحراق إلا طيباً..
 
الأخ الكريم : أبا عمرو .
الكلام سيطول ، ولكن أنصحك ، وأنصح نفسي قبلك بما يلي :
1 - أن نحرص على قراءة كتب السلف ، وخاصة في القرون المفضة .
2 - أن نحاول فهم الأحاديث المتواترة كما فهمها السلف .
3 - أن ندرس شيئا من علم الأصول ، وآداب البحث والمناظرة .
4 -أن نلم ولو إلماما بعلوم اللغة .
بعد ذلك نستطيع أن نتحاور حوارا مفيدا.
بارك الله فيك وفي علمك.
 
إخوتي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعتذر إلى الأخ الكريم (حجازي الهوى) ، وكذلك الأخ الكريم (أبي عمرو البيراوي) ، إن كان كلامي السابق يوحي بمعنى سلبي وهو غير مقصود . وأرجو أن يسامحانني .
وأريد أن أوضح وأقول : لم يكن مقصودي (من قولي: "إنهما لا يدركان تلك القضية") هو الإدراك مطلق الإدراك ، بل قصدت أنهما ـ من وجهة نظري على الأقلّ ـ لم يأخذا تلك القضية (قضية أولوية فهم الجيل الإسلامي الأول للقرآن) بنظر الاعتبار تماما . وهي ليست قضية عقيدية في المرتبة الأولى ، حتى يُحتجّ على من يطرح تلك القضية بأن معيارية فهم الصحابة والسلف لم تثبت أو ليست من المعلوم من الدين بالضرورة ، بل هي قضية لا بدّ من التنبه لها لمن كان يريد أن يفهم القرآن كما هو وليس كما يريده هو أو كما يقرَؤُه هو . فذلك الجيل الإسلامي الأول لم يتلقّ الإسلام بالخبر والرواية ، بل شهد الإسلام كتجربة حية ، ولذا فأبناء ذلك الجيل عارفون بمعاني القرآن بصورة تلقائية وضرورية ، ومشكلتنا هي في كيفية وصول شهاداتهم وأقوالهم .
ولا إخالُ أن مسلما يخالفني في معيارية فهم النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو معلم ذلك الجيل ومرشده ، أقصد فهمه للقرآن ، ولا أقول إن كل ما ورد في التراث التفسيري الإسلامي كان حاضرا في ذهن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ولكن فهمه هو ـ بالضرورة ـ المعيار ، ومشكلتنا الوحيدة هي ما وصلنا من أقواله الكريمة في التفسير وكيفية وصول تلك الأقوال والأخبار . وإلا فالمرجع الأول والأخير في فهم القرآن هو فهم النبي (صلى الله عليه وسلم) أو ما سُمِّي بـ (التفسير النبوي) . ويليه فهم الصحابة و بعد ذلك التابعين ، وذلك لأن الصحابي يقول قوله يرويه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أو فهمه من التجربة الحية والتلقي المباشر ومعايشة الظروف وأسباب النزول ، علاوة على الجانب اللغوي الذي لا ينازعهم فيه أحد . والتابعي يفسّر وقد أخذ تفسيره على الأرجح من الصحابي أو فهمه من التجربة التي لا تزال حية حينها وبحكم الاتصال الثقافي والقرب الزماني والمكاني ووحدة اللغة والثقافة .
وأوضح أكثر وأقول : لا أقصد من (فهم القرآن) ما يصحّ أن نعتبره (دَرْسـ) ـا للقرآن ، أنا لا أقصد أن كل ما يدخل في باب التفسير وكل التراث التفسيري الإسلامي قد أُخِذ / أو يجب أن يؤخذ / من الجيل الإسلامي الأول . بل أنا أدافع عن معيارية الفهم اللغوي البسيط والمباشر لذلك الجيل ، وتحديد المعاني الإجمالية للآيات ، وتشخيص أسباب النزول والأمور المقصودة التي لا يمكن البت فيها إلا من خلال الرواية والاطلاع على الحوادث التي جرت وصاحبت نزول الآيات .
أنا أقول هذا لأنني أعرف أن مدرسة التفسير العلمي قامت على عدم الالتفات إلى فهم الجيل الإسلامي الأول للقرآن ، حتى الفهم اللغوي البسيط .
أضرب لذك أمثلة :
1. الجيل الإسلامي الأول بل وكل الأمة ، كانوا يفهمون من عبارة (أدنى الأرض) أنها تعني (أقرب الأرض) بمعنى أقرب مكان من الأرض أو الناحية المقصودة ، وأما كتاب التفسير العلمي أو بعضهم فيقولون إن المقصود من تلك العبارة هو (أخفض مكان في الكرة الأرضية) ، مع أنه لم يفهم أحد كلمة (أدنى) على أنها تعني (أخفض) ولم تأت كلمة (أرض) في القرآن بمعنى (الكرة الأرضية) بل أتت بمعنى الأرض المبسوطة التي نراها دائما أو أحيانا بمعنى ناحية من الأرض أو بلاد معينة وهذا إذا كانت (ال) الداخلة على الكلمة تدل على العهد (المعهودية).
2. الأمة فهمت من (دحاها) أنها تعني (بسطها) ، وأما البعض من كتاب التفسير العلمي فيقولون تعني (جعلها كالبيضة)! وهذا الفهم مهزلة بحدّ ذاتها لا مجال لبسط القول فيها .
3. الأمة فهمت من قوله تعالى (يا معشر الجن والإنس، إن استعطتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا..)، أنه تهديد وتعجيز ، وأما كتاب التفسير العلمي فيرون أنه حثّ على غزو الفضاء وتنبؤ به! الآيات تقول بأن الإنسان لا يمكنه (النفاذ) وأما هم فيقولون إن هذه الآيات قالت بأن الإنسان يمكنه ذلك! أليس هذا مهزلة يجب التنزه منها ؟
4. الأمة فهمت من كلمة (نطفة) أنها تعني الماء القليل وخصوصا المني . وأما مدرسة التفسير العلمي فتقول إن المقصود هو (الحيوان المنوي) !
5. الأمة فهمت من كلمة (علقة) أنها تعني (الدم المتجمد) ، وأما التفسير العلمي فيقول بأن المقصود من (علقة) هو الحيوان المعروف الذي يمتص الدم بحجة أن الجنين في هذه المرحلة تشبه ذلك الحيوان من ناحية الشكل ومن ناحية امتصاص الدم! وبعضهم يقول بأن (علقة) تعني خلايا الجنين المتعلقة بجدار الرحم !
6. الأمة فهمت من كلمة (مضغة) أنها تعني لحمة بقدر ما يُمضَغ ، وأما كتاب التفسير العلمي فيقولون إنها تعني (اللحمة الممضوغة فعلا) بحجة أن الجنين في تلك المرحلة يشبه بشكله اللحم الممضوغ !
7. أكثر الأمة فهمت من قوله (وإنا لموسعون) أنه يعني (لقادرون) مثل قوله (على الموسع قدره) ، والقليلون فهموا الآية على أنها تعني أن الله تعالى إذ خلق السماء خلقها واسعة أو جعلها واسعة وهو يخلقها . ولم يفهم واحد من الأمة أنه يعني أن الله تعالى يوسّع السماء تدريجيا ولا يزال كما يقول سادة التفسير العلمي !
8. النبي (صلى الله عليه وسلم) فسّر قوله تعالى (والشمس تجري لمستقر لها) على أنه يعني (الجريان اليومي والاستقرار الليلي) للشمس ، وهذا التفسير وارد في أحاديث صحيحة متفق على صحتها ، وهكذا فهم الآية أكثر الأمة ، وأما مدرسة التفسير العلمي فتقول بأن الآية إشارة إلى دوران الشمس حول مركز مجرة درب التبانة ! كما أشرنا قبلا .
9. الأمة ، وخصوصا السلف ، فهموا قوله تعالى عن السماء حين الخلق (وهي دخان) على أنه يشير إلى المادة البدئية لخلق السماء وحدها ، وأما مدرسة التفسير العلمي فتفسر ذلك الدخان بأنه المادة البدئية التي خُلِق منها الكون أرضا وسماءً ! وهذا مخالف للآيات نفسها وليس لفهم الأمة والسلف فقط .
10. الأمة فهمت من قوله (كمثل العنكبوت اتخذت بيتا) على أنه يشير إلى الدويبة المعروفة بصرف النظر عن جنسها ، إذ يعلم العربي أن (عنكبوت) كلمة ذات مدلول عام والأنثى من تلك الدويبة هي (عنكبة) . وأما كتاب التفسير العلمي فيتكلفون للقول بأن المقصود هو أنثى العنكبوت .
11 . الأمة فهمت من قوله تعالى (وأسلنا له عين القطر) أنه يعني النحاس المذاب ، ومع ذلك وجدنا من يقول إن ذلك إشارة إلى البترول باعتبار أن (القطر) هو النفط ! والقائل بذلك هو كاتب موصلي توفاه الله الآن اسمه (عبد المجيد شوقي البكري) صاحب (قصة الطوفان) و (البشرية وأبو البشر) .
12. الأمة ، والسلف خصوصا ، فهمت قوله تعالى (أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما) على أن الله تعالى فصل بين السماء والأرض فارتفعت السماء وبقيت الأرض في الأسفل (وتوجد تفسيرات مأثورة أخرى) ، ولكن كتاب التفسير العلمي يفسرون ذانك (الرتق والفتق) بنظرية الانفجار العظيم الذي كان توسعا للمادة الكونية البدئية كما يقول شراح النظرية ولم يكن شقا ولا فصلا بين سماء وأرض كما تفيد الآية الكريمة .
13. (وهذه النقطة زيادة ، للاعتبار): اتفقت الأمة على أن (الخمار) هو (غطاء الرأس للمرأة) و (الجيب) هو فتحات الملابس من العنق ومن الذراعين، وعلى هذا فقوله تعالى (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) إرشاد إلى تغطية العنق بغطاء الرأس ، ولكن وجدنا في عصرنا هذا من يفسر (الخمار) بـ (الملبس) عموما و (الجيب) بموضع الانثناء في الجسد ، وعليه فالآية الكريمة تفيد أن الواجب على المرأة المسلمة أن يغطي مواضع الانثناء في جسده فقط ، وهذا يعني ـ في نظر هذا المفسر العصري!! ـ أن لباس المرأة المسلمة هو فقط الصدرية والمايوه !!! وهذا المفسر العصري هو المهندس السوري (محمد شحرور).. ولكن كيفية تعامله مع النصوص والتفسير تتشابه بشكل عجيب مع مدرسة التفسير العلمي . وأنا لا أقارن بين الأشخاص والضمائر وإنما أقارن بين المناهج .
والقائمة تطول ، ولكن أعتقد أن رسالتي وصلت . ومختصر رسالتي هو أننا يجب أن نلتزم في فهم القرآن بالمعنى الذي أدّاه حينما كان ينزل ، ونفهمه على أساس اللغة العربية الحية في ذلك الوقت ، وأن نلتزم بفهم الجيل الإسلامي الأول . وإلا فلا يعدو فهمُنا للقرآن أن يكون مجرد قراءة شخصية للقرآن وتذوق شخصي للنص . وأكرر فأقول : أنا أقصد مجرد الفهم وتشخيص المعاني المباشرة ولا أقصد الدراسة والاستنباط والدلالات الجانبية وتراث التفسير المتراكم ، فهذا يتطور ويتجدد ، ولكن في الفهم اللغوي وتشخيص المعاني الأساسية فمن الضلال أن نحيد عن فهم الجيل الإسلامي الأول ، وهو ضلال علميّ قبل كل شيء .
 
الأخ الفاضل جمال

مع احترامي الشديد لشخصكم الكريم أقول:
إن المهزلة والسذاجة هو الوصف اللائق تماما بنقاطك التي سطرتها وليتك ما فعلت.

يا أخي الكريم لماذا يكتب أحدنا وهو مغتر بنفسه ومن ثم يصرخ بجهله ليسمعه الناس!؟

يا أخانا الكريم الذين كتبوا في الإعجاز علماء وأعلام في فنون مختلفة جمع بعضهم بين علوم مختلفه تساعدهم على الفهم والحكم ، بعضهم جمع بين العلم الشرعي وعلوم المادة الأخرى ، لم يتكلموا مجازفة ولا عن هوى.

فمهلا أخانا الكريم وأربع على نفسك.
 
[اقتباس من مشاركة حجازي الهوى: إن المهزلة والسذاجة هو الوصف اللائق تماما بنقاطك التي سطرتها وليتك ما فعلت].

أنا بينتُ وجه المهزلة وأنت لم تبين شيئا . أنا اجتهدتُّ ونبّهت على أمور عدة ، وأنت رددت عليّ وصف (المهزلة) فقط ووصفت بها كل كلامي . أنا أطلقتُ كلمة (المهزلة) على تفسيرين سخيفين من التفسيرات التي سادت ـ مع الأسف ـ بين المسلمين هذه الأيام ، وهما : ـ أولا ـ تفسير (دحا) بمعنى (جعل كالبيضة) !! وهذا مضحك جدا ، بل هو تفسير القرآن بالعامية ، ففي بعض اللهجات العامية تطلق (دحية) على البيضة ، وأما (الأدحيّة) و (الأدحوّة) في الفصيحة فهي موضع بيض النعام ـ فقط لأنها تدحوه أي تبسطه وتمهّده . والتفسير السخيف الثاني فهو التفسير الأسخف الذي يزعم أن آية (لا معشر الجن والإنس..) الي هو تهديد إلهي للبشر وتعجيز ، يزعم أنه حثّ على الخروج وتنبؤ به . الآية تقول (فلا تنتصران) وسادة الإعجاز العلمي يقولون إن الآية أشارت إلى أن الإنسان ينتصر في الخروج من الأرض ! أليس هذا مهزلة ما بعدها مهزلة يا عباد الله ؟! هل هذا تفسير أم هو تزوير وخداع للناس ؟َ!
أنا لم أطلق كلمة (المهزلة) جُزافا ، وأما أنت فقد أطلقت الكلمة على كل ما كتبته .

[اقتباس من مشاركة حجازي الهوى: يا أخي الكريم لماذا يكتب أحدنا وهو مغتر بنفسه ومن ثم يصرخ بجهله ليسمعه الناس!؟]

وماذا أستفيد من الاغترار مع أنني لا يعرفني أحد ، فأنا ليس اسمي (جمال) ولستُ سَبَنيّا على الإطلاق !! أنا واحد من الناس . و (جمال السبني) هو مجرد اسم إلكتروني ، لا أدري لماذا خطر لي هذا الاسم حينما تسجلت أول مرة في هذه المنتديات المباركة . أنا أكتب كنكرة .
وهل أنت تعتقد حقا أن كل ما كتبتـُه هو جهل ؟ أنا بينت ما اتفقت عليه الأمة من تفسير الآيات التي خالف سادة الإعجاز العلمي جميعَ الأمة أو جمهورَها في تفسيرها .
أنا ذكرتُ لك بعض التفسيرات التي اتفقت عليها الأمة أو جمهورها ، وأنت تقول إن ذلك من جهلك !! أنا بينتُ تفسير النبي (صلى الله عليه وسلم) لآية من القرآن وأنت تقول أنت تصرخ بجهلك !!
وهل ما أفعله من بعض المشاركات باسم مستعار هو الصراخ ، أم الصراخ هو ما يفعله مروّجو صناعة التفسير العلمي من حجز الفضائيات ليل نهار ؟!

[اقتباس من مشاركة حجازي الهوى: يا أخانا الكريم الذين كتبوا في الإعجاز علماء وأعلام في فنون مختلفة جمع بعضهم بين علوم مختلفه تساعدهم على الفهم والحكم ، بعضهم جمع بين العلم الشرعي وعلوم المادة الأخرى ، لم يتكلموا مجازفة ولا عن هوى.]

سمِّ لي هؤلاء العلماء الأعلام ؟
اسمح لي بأن أسرد لك أسماء بعضهم أو أبرزهم: مصطفى محمود ، عبد الرزاق نوفل ، عبد المجيد الزنداني ، زغلول النجار (وهؤلاء هم المبدعون منهم والبقية يطوّرون ويُحَشّون ويعلّقون ويُروِّجون)..
وهل بين هؤلاء عالم مشهود له بالعلم والبحث في علوم الإسلام ؟ فأما (مصطفى محمود. إخْصائيّ الطب) و (عبد الرزاق نوفل. إخْصائيّ الزراعة) و (زغلول النجار. إخْصائيّ الجيولوجيا) فمن الظلم والحيف اعتبارهم من العلماء بالدين ، وأما (عبد المجيد الزنداني) فلا أعرف له دراسة علمية في مجالنا هذا ، وتخصصه في مجال الصيدلة ، وكل ما له عبارة عن كتب أو كتيبات دعوية لا تعدو أن تكون مواعظ عصرية ، ومقالات وكتيبات في مجال الإعجاز العلمي مع أنه أثبت فيها أنه ليس أهلا للتفسير أبدا ، فمن يقول إن (العلقة) في القرآن هي الدويبة التي تمتص الدم ؛ فإما أنه ليس مفسرا وإنما هاوٍ في التفسير ، أو هو مفسر يفسّر على هواه . ومن يقول إن قوله تعالى (أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج) يشير إلى الأمواج الداخلية التي اكتُشفت حديثا ؛ إنما يثبت بقوله هذا أنه ليس أهلا للنظر في القرآن أبدا (ولا تهمّني الألقاب العلمية ، أنا أقول قولي ولا أبالي)، فالآية صريحة في أن الموج الأسفل هو فوق سطح البحر ، فالآية تقول صراحة إن ذلك الموج الأسفل (يغشى البحر) ، وجميعنا يعلم ما هو الغشيان ، ولكن الزنداني يفسر القرآن كما يحلو له ، فبما أنه وجد في التفاسير أن (لجي) بمعنى (عميق) ، بادر إلى تفسير الآية بأنها تشير إلى الأمواج في أعماق البحر ، مع أن الآية صريحة في أن الموج الأول (الأسفل) يغشى البحر . فهل هذا تفسير أم هو غلط وخطأ لا يغتفر للمبتدئين والناشئين ؟ ولا يهمني أن الزنداني نفع الإسلام بدعوته ودعايته ، يهمني أنه أخطأ في التفسير بل وغلط غلطا فاحشا لا يمكن غض النظر عنه .
سمّ لي مفسرا محترفا له تفسير كامل مشهود له بالتحقيق ، وقع في مزلق التفسير العلمي ..
سمِّ لي عالِما بعلوم الإسلام متمكنا منها محققا ، اشتغل بالتفسير العلمي أو وافق التفسيرات المسماة بالعلمية..
سيدي الحجازي الهوى ! أنت لا تعرف معاناتي مع مدرسة التفسير العلمي وكم عانيت في دراستها وغربلتها وتمحيصها ..
وبصراحة ، ما كنتُ أتوقع منك ردّا كذلك الذي كتبتـَه ، فإما أن تشبع الموضوع شرحا وإيضاحا حتى يقتنع قارؤك، وإما أن تكتفي بتعليق بسيط لا أن تتهم وتلقي الكلام على عواهنه .
 
يا أخي الفاضل جمال

والله أنا لا أحب أن أنتقص أحدا ولا أسخر من أحد ، ولكن أردت أن تعرف أثر هذه الكلمات التي يطلقها البعض على الآخرين حين تمس شخصكم الكريم.

يا أخانا الفاضل ما هكذا تناقش الأقوال والأفكار وأنت في ردك الأخير جمعت بين الحشف وسوء الكيل وخاصة كلامك عن الشيخ الزنداني حفظه الله وأحسن له الختام.

وأما بخصوص شخصك الكريم فإني أنصحك وأحذرك من مداخل الشيطان حتى وأنت لا تكتب باسمك الصريح.

وما دمت تقول:
"سيدي الحجازي الهوى ! أنت لا تعرف معاناتي مع مدرسة التفسير العلمي وكم عانيت في دراستها وغربلتها وتمحيصها .."

فنرجوا أن تبين لنا جهودك العلمية بطريقة علمية لعل الله ينفعك وينفعنا والمسلمين بها فإن رأينا فيها حقا قبلناه وأن رأينا فيها ما يمكن أن نناقشك فيه ناقشناه ودعونا لك بالخير.

أما التنقص والسخرية فلا تعود إلا بالضرر على صاحبها.
دمت في حفظ الله ورعايته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
الأخ الكريم جمال،

1. من يفسر القرآن الكريم والسنة لابد أن يرجع إلى معنى اللفظة في عصر الرسول عليه السلام. هذا صحيح نتفق عليه.
2. فهم القرآن الكريم لا يكون بمجرد فهم معاني المفردات. ولعلنا نتفق هنا أيضاً. وقد لاحظت أنك أكثر مرونة ممن ناقشناهم، وواضح أنك لا تنتمي إلى المدرسة التي ننتقدها.
3. وبما أنك سردت أمثلة كثيرة فاسمح لي أن أناقش مثلاً واحداً، لأن الكتابة في كل مثال تطول. مع ملاحظة أننا نوافقك تماماً في مآخذك على البعض:
4. خلق الإنسان من علق: إذا رجعنا إلى المفردات للراغب الأصفهاني المتوفى 425هـ نجده يقول:"العلق التشبث بالشيء.....العلق: دود يتعلق بالحلق..... العلق الدم الجامد ومنه العلقة التي يكون منها الولد"، وأنت تريد هنا أن تلزمنا بمعنى واحد لكلمة العلق، على الرغم من أن الدم الرطب سمي علقاً لأنه يعلق فإذا جمد لم يعد علقاً.
وعليه فالمعنى الرئيس والأساس: أن الإنسان خلق من شيء يعلق. وأظن أن القدماء اختاروا الدم الرطب لأن علمهم صرفهم إلى هذا المعنى، لأنه لم يصح في ذلك حديث موقوف.
يقول الطاهر بن عاشور:"اسم جمع عَلَقَة وهي قطعةٌ قَدرُ الأنملة من الدم الغليظ الجامد الباقي رطْباً لم يجفّ ، سمي بذلك تشبيهاً لها بدودةٍ صغيرة تسمَّى علقة ، وهي حمراء داكنة تكون في المياه الحلوة ، تمتص الدم من الحيوان إذا علق خرطومها بجلده وقد تدخل إلى فم الدابة وخاصة الخيل والبغال فتعلق بلهاته ولا يُتفطن لها ". وعليه فالأصل هو التعلق، ثم الدود الذي يعلق فيمتص الدم، ثم....ألخ.
 
يا أخي الفاضل جمال

والله أنا لا أحب أن أنتقص أحدا ولا أسخر من أحد ، ولكن أردت أن تعرف أثر هذه الكلمات التي يطلقها البعض على الآخرين حين تمس شخصكم الكريم.

يا أخانا الفاضل ما هكذا تناقش الأقوال والأفكار وأنت في ردك الأخير جمعت بين الحشف وسوء الكيل وخاصة كلامك عن الشيخ الزنداني حفظه الله وأحسن له الختام.

وأما بخصوص شخصك الكريم فإني أنصحك وأحذرك من مداخل الشيطان حتى وأنت لا تكتب باسمك الصريح.

وما دمت تقول:
"سيدي الحجازي الهوى ! أنت لا تعرف معاناتي مع مدرسة التفسير العلمي وكم عانيت في دراستها وغربلتها وتمحيصها .."

فنرجوا أن تبين لنا جهودك العلمية بطريقة علمية لعل الله ينفعك وينفعنا والمسلمين بها فإن رأينا فيها حقا قبلناه وأن رأينا فيها ما يمكن أن نناقشك فيه ناقشناه ودعونا لك بالخير.

أما التنقص والسخرية فلا تعود إلا بالضرر على صاحبها.
دمت في حفظ الله ورعايته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

رجاءً ، لا تكتب سطورا وكلاما موجزا لا يفيدني بشيء كأنك ترسل الفاكس .
اشرح لي ولغيري بالتفصيل لماذا يكون ذكر التفسيرات التي اتفقت عليها الأمة أو جمهورها جهلا وتكون التفسيرات الهزيلة المضحكة لجماعة التفسير العلمي هي العلم كله .
وأنا لا أبالي بما تكتبه عني شخصيا ، لا الاتهام والتنقص ولا الاحترام الشكلي الجاف . بل أنا أعلم مسبقا ما ستقوله وتكتبه . ولكن من المؤسف حقا أن تكتب كلاما كبيرا ويكون استدلالك واهيا بل لا شيء من الاستدلال والشرح .
إذا كان كلامي كله جهلا ، فكيف ؟ أين الشرح والإثبات ؟
 
الأخ الكريم جمال،

1. من يفسر القرآن الكريم والسنة لابد أن يرجع إلى معنى اللفظة في عصر الرسول عليه السلام. هذا صحيح نتفق عليه.
2. فهم القرآن الكريم لا يكون بمجرد فهم معاني المفردات. ولعلنا نتفق هنا أيضاً. وقد لاحظت أنك أكثر مرونة ممن ناقشناهم، وواضح أنك لا تنتمي إلى المدرسة التي ننتقدها.
3. وبما أنك سردت أمثلة كثيرة فاسمح لي أن أناقش مثلاً واحداً، لأن الكتابة في كل مثال تطول. مع ملاحظة أننا نوافقك تماماً في مآخذك على البعض:
4. خلق الإنسان من علق: إذا رجعنا إلى المفردات للراغب الأصفهاني المتوفى 425هـ نجده يقول:"العلق التشبث بالشيء.....العلق: دود يتعلق بالحلق..... العلق الدم الجامد ومنه العلقة التي يكون منها الولد"، وأنت تريد هنا أن تلزمنا بمعنى واحد لكلمة العلق، على الرغم من أن الدم الرطب سمي علقاً لأنه يعلق فإذا جمد لم يعد علقاً.
وعليه فالمعنى الرئيس والأساس: أن الإنسان خلق من شيء يعلق. وأظن أن القدماء اختاروا الدم الرطب لأن علمهم صرفهم إلى هذا المعنى، لأنه لم يصح في ذلك حديث موقوف.
يقول الطاهر بن عاشور:"اسم جمع عَلَقَة وهي قطعةٌ قَدرُ الأنملة من الدم الغليظ الجامد الباقي رطْباً لم يجفّ ، سمي بذلك تشبيهاً لها بدودةٍ صغيرة تسمَّى علقة ، وهي حمراء داكنة تكون في المياه الحلوة ، تمتص الدم من الحيوان إذا علق خرطومها بجلده وقد تدخل إلى فم الدابة وخاصة الخيل والبغال فتعلق بلهاته ولا يُتفطن لها ". وعليه فالأصل هو التعلق، ثم الدود الذي يعلق فيمتص الدم، ثم....ألخ.

مرحبا بالأخ الكريم أبي عمرو البيراوي ونقاطه المضبوطة دائما !
هذا هو الكلام ، الذي تفضلتَ به ، لا أن تعتبر المشاركة كلها جهلا كما فعل الأخ الحجازي الهوى !
إذن، نحن متفقون على المرجعية التي تتمتع بها العربية في زمن نزول القرآن ، أي أنه يجب أن نلتزم بمعاني المفردات كما كانت في عصر النبي (صلى الله عليه وسلم) .
ونحن متفقون على أن فهم النص لا يتمّ بفهم المعنى اللفظي للمفردات فحسب ، بل توجد أمور أخرى بوساطتها يمكن فهم المعنى الإجمالي للنص .
ولكن هذين المبدأين يُسقطان مجموعة كبيرة من التفسيرات العلمية من الحساب ، فبالمبدأ الأول يسقط التفسير المسمى بالعلمي لكلمة (أدنى) في قوله (في أدنى الأرض) بأنها تعني (أخفض) ، فهذه الكلمة لا تعني في العربي الفصيح الأصيل سوى معاني من قبيل (أقرب) و أحيانا (أقلّ) ، وإذا كانت الكلمة (أدنى) أو (أدنا) مخففة من (أدنأ) المهموزة ، فتعني (أكثر دناءة) أو (أوطأ مكانة ومنزلة) ومع ذلك تجب كتابة الكلمة في هذه الحالة بصورة (أدنا) ، وأما تفسير (أدنى) بـ (أخفض) فليس تفسيرا أبدا ، أو هو تفسير للقرآن بالمولّد ، وهذا لا يمكن بحال من الأحوال ، لا يمكن تفسير القرآن بعربية محدثة .
والمبدأ الثاني يسقط التفسيرات العلمية التي تركز على المعنى اللغوي مجردا ولا تلتفت إلى الأمور الأخرى المتصلة بالنص مثل السياق والعرف اللغوي والشواهد التي تدلنا على الخلفية وأسباب ورود الكلام . فمثلا : يمكن للمفسر العلمي أن يؤصل لتفسيره الخاص لقوله تعالى (والشمس تجري لمستقر لها) تأصيلا لغويا بحتا ، ولكنه يهمل ـ مثلا ـ جانب السياق ( السياق الذي يدلّ في ذلك الموضع من سورة يس على أن المقصود هو أمر يحدث في غضون الـ 24 ساعة التي هي ساعات الليل والنهار ) أو يهملُ شاهدا مهما هو تفسير النبي (صلى الله عليه وسلم) للآية وتفسيره هذا لا يمكن إهماله لا دينيا ولا علميا .
ومثال آخر لكيفية عمل هذا المبدأ الثاني هو مثالنا المشترك (تفسير علق وعلقة) ، فصحيح أن المادة كلها تدل على الالتصاق والتعلق ، ولكن العرف اللغوي خصص معنى كلمة (علق أو مفردها : علقة) بأنها قطعة الدم المتجمدة التي تتعلق بالأشياء أو تتعلق بعضها ببعض ، ولكن البعض من كتاب التفسير العلمي يقولون إن (علقة) في القرآن إشارة إلى خلايا الجنين المتعلقة بجدار الرحم ، فهذا تحكـّم وتفسير للكلمة بالهوى لأن المعنى الاشتقاقي لا يمكن تعميمه ليشمل كل ما ينطبق عليه ذلك الوصف ، فلا يمكن إطلاق كلمة (علق) على كل ما يعلق أو يتعلق بالأشياء أو يتعلق بعضه ببعض ، بل الكلمة في العرف اللغوي مخصصة بشيئين : إما هو الدم المتجمد ، وإما هو الدويبة التي تتعلق بالكائن الحي لتمتص دمه . ثم الذوق اللغوي الحصيف يخبرنا أنه لا يمكن تفسير (علق) و (علقة) في القرآن بالمعنى الثاني أي الدويبة ، فلا يُعقَل إن يُقال (خلق الإنسان من علق) بمعنى خلق الإنسان من تلك الدويبة ! ولا أن يُقال (ثم خلقنا النطفة علقة) بمعنى خلقناها وصيّرنا تلك الدويبة المعروفة ! وذلك ليس لغرابة الكلام فحسب بل لأن تلك الدويبة هي كائن خاص ذو مواصفات خاصة فلا يمكن إطلاق اسمها على أشياء بدعوى تشابهها مها ، وأما الدم المتجمد فليس شيئا خاصا بل هناك أنواع من الدم المتجمد ، ابتداء بالدم المتجمد العاديّ إلى الجنين مرحلة العلقة إذ يبدو كقطعة دم متجمدة .. وهكذا .
ولماذا مكث علماؤنا ومفسرونا والأمة كلها يمتنعون عن تفسير (علقة) بإرادة الدويبة المذكورة مع أن اللغة تحتملها ؟ الجواب واضح ، وهو أنه لا يمكن أن يتكلم متكلم بمثل ذلك ، فهم استبعدوا تماما ذلك المعنى من دائرة النص فلم يفكروا فيه أبدا .
وأما قول الطاهر بن عاشور بأن كلمة (علق) أطلقت أولا على الدويبة ثم أطلقت على الدم المتجمد من باب التشبيه والاستعارة ، فلا أظن أن غيره يوافقه ، فالظاهر أن كلا من الدويبة المعروفة وقطعة الدم المتجمدة أطلق عليها ذلك الاسم على أنها تتعلق بالأشياء . وأنقل هنا من معجم مقاييس اللغة :
(علق) العين واللام والقاف أصلٌ كبير صحيح يرجع إلى معنىً واحد، وهو أن يناط الشَّيء بالشيء العالي. ثم يتَّسع الكلام فيه، والمرجع كله إلى الأصل الذي ذكرناه.تقول: عَلّقْتُ الشيءَ أعلِّقه تعليقاً. وقد عَلِق به، إذا لزِمَه. والقياس واحد. والعَلَق: ما تعلَّق به البَكَرة من القامة. ويقال العلَق: آلة البَكْرَة. ويقولون: البئر محتاجة إلى العَلَقِ. وقال أبو عبيدة: العَلق هي البَكرة بكل آلتِها دون الرِّشاء والدَّلو. والعَلَق: الدم الجامد، وقياسُه صحيح، لأنَّه يَعْلَقُ بالشيء؛ والقطعة منه عَلَقة. قال:
* ينْزُو على أهْدامه من العَلَق *
ويقول القائل في الوعيد: "لتفعلنَّ كذا أو لتَشْرَقَنّ بعَلَقة " يعني الدّم، كأنّه يتوعده بالقَتْل. والعَلَق: أن يُلَزَّ بعيرانِ بحبلٍ ويُسْنَى عليهما إذا عظُم الغَرْب. وأعلقتُ بالغَرب بعيرين، إذا قرنتَهُما بطَرَف رِشائه.
قال اللِّحيانيّ: بئر فلانٍ تدوم على عَلَق، أي لا تنْزح، إذا كان عليها دلوانِ وقامة ورشاء. وهذه قامة ليس لها عَلَق، أي ليس لها حبل يعلَّق بها.
قال الخليل: العَلَق أن يَنَشِب الشيء بالشيء. قال جرير:
إذا عَلِقَتْ مخالبُه بقِرْنٍ *** أصابَ القلبَ أو هتك الحجابا
وعَلِق فلانٌ بفلانٍ: خاصمه. والعَلق: الهوى. وفي المثل: "نظرة مِن ذي عَلَق"، أي ذي هَوىً قد عَلِق قلبُه بمن يهواه. وقال الأعشى:
عُلِّقْتُها عرَضاً وعُلِّقتْ رجلاً *** غيري وعُلِّق أخرى غيرَها الرّجُل
ومن الباب العَلاَق، وهو الذي يجتزئ [به] الماشية من الكلأ إلى أوان الربيع. وقال الأعشى:
وفلاةٍ كأنّها ظهرُ تُرسٍ *** ليس إلاّ الرَّجيع فيها عَلاَقُ
يقول: لا تجد الإبل فيها عَلاقاً إلاّ ما تردّده من جِرَّتها في أفواهها*. والظبية تعلُق عُلوقاً، إذا تناولت الشجرةَ بفيها. وفي حديث الشهداء: "إنَّ أرواحهم في أجواف طيرٍ خُضر(66) تَعْلُق في الجنَّة". والعُلْقة: شجر يبقى في الشِّتاء تَعلُق به الإبلُ فتستغني به، مثل العَلاَق. ويقال: ما يأكل فلانٌ إلا عُلْقَة، أي ما يُمْسِك نَفْسَه.
قال ابن الأعرابيّ: العُلقة: الشَّيء القليل ما كان، والجمع عُلَق. ومن الباب: العَلَقة: دويْبة تكون في الماء، والجمع عَلَق، تَعْلَق بحَلْق الشَّارب
.

فهنا ترى أن المادة كلها تدل على التعلق والالتصاق ، فأطلقت على أشياء كثيرة متنوعة من الباب نفسه .

وحينما فسّر (محمد شحرور) كلمة (خمار) بأنها تعني (اللباس) عموما كان المعنى الاشتقاقي يؤيد تفسيره الخاطئ هذا ، ولكن العرف اللغوي خصص كلمة (خمار) بغطاء الرأس خصوصا . وهكذا فالعرف اللغوي أيضا تجب مراعاته أيضا وليس المعنى الاشتقاقي البحت . أقول هذا لأن بعض الناس ممن يشتغلون بالتفسير يأخذون بالمعنى الاشتقاقي ويملؤون الباقي بشيء من عندهم ، أي هم بأنفسهم يقومون بعمل العرف اللغوي من تخصيص وتشخيص .. وهذا بيّن البطلان ، لأنه من التحكم والهوى .
وأنا فرح أيضا بأنك من أهل الإنصاف ومن أهل النظر والتحقيق ، فلا توافق التفسيرات العلمية كلها ، وهكذا كتب الدكاترة العلماء (يوسف القرضاوي) و (محمد الغزالي) و (محمد سعيد البوطي) ، فهؤلاء الأعلام كتبوا عن التفسير العلمي فلم يرفضوه كليا ولم يقبلوا بكل تفسير علمي أو مسمى بـ"علمي" .
وأنا أيضا أعمل هكذا ، فأفحص وأمحّص كل تفسير علمي على حِدة ، وليس عندي قاعدة عامة مطـّردة .
وأنا أدعو إلى فحص وتمحيص التفسيرات العلمية بانحياز وحياد تام ، بالاحتكام إلى اللغة والسياق والعرف اللغوي والذوق اللغوي السليم والثابت من التفسير النبوي وتفاسير السلف .
 
رجاءً ، لا تكتب سطورا وكلاما موجزا لا يفيدني بشيء كأنك ترسل الفاكس .
اشرح لي ولغيري بالتفصيل لماذا يكون ذكر التفسيرات التي اتفقت عليها الأمة أو جمهورها جهلا وتكون التفسيرات الهزيلة المضحكة لجماعة التفسير العلمي هي العلم كله .
وأنا لا أبالي بما تكتبه عني شخصيا ، لا الاتهام والتنقص ولا الاحترام الشكلي الجاف . بل أنا أعلم مسبقا ما ستقوله وتكتبه . ولكن من المؤسف حقا أن تكتب كلاما كبيرا ويكون استدلالك واهيا بل لا شيء من الاستدلال والشرح .
إذا كان كلامي كله جهلا ، فكيف ؟ أين الشرح والإثبات ؟

عجيب أمرك يا جمال لماذا تقول الغير ما لم يقل؟

أين قلت أنا وأي طالب علم معتبر يقول إن ذكر التفسيرات التي اتفقت عليها الأمة أو جمهورها جهلا وتكون التفسيرات الهزيلة المضحكة لجماعة التفسير العلمي هي العلم كله ؟

ثم عجيب أمرك مرة أخرى وأنت تزعم علم الغيب حيث تزعم أنك تعلم مسبقا ما سأقوله وأكتبه.

أما عن كلامي فأنا لم أدخل معك في نقاش علمي حتى أستدل لما أقول ، وإنما أقول إن احترام العلماء وحفظ مكانتهم وعدم تنقصهم هو من أخلاق طلبة العلم الصادقين.

إن بلية العصر هي في النكرات الذين يهرفون بما لا يعرفون سمعوا كلاما فرددوه من غير فهم ولا روية ، شعارهم الحط من قدر الناس وجهودهم.

ومثال ذلك قولك عن الشيخ الزنداني حفظ الله ورعاه:
"
وأما (عبد المجيد الزنداني) فلا أعرف له دراسة علمية في مجالنا هذا ، وتخصصه في مجال الصيدلة ، وكل ما له عبارة عن كتب أو كتيبات دعوية لا تعدو أن تكون مواعظ عصرية ، ومقالات وكتيبات في مجال الإعجاز العلمي مع أنه أثبت فيها أنه ليس أهلا للتفسير أبدا ، فمن يقول إن (العلقة) في القرآن هي الدويبة التي تمتص الدم ؛ فإما أنه ليس مفسرا وإنما هاوٍ في التفسير ، أو هو مفسر يفسّر على هواه . ومن يقول إن قوله تعالى (أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج) يشير إلى الأمواج الداخلية التي اكتُشفت حديثا ؛ إنما يثبت بقوله هذا أنه ليس أهلا للنظر في القرآن أبدا (ولا تهمّني الألقاب العلمية ، أنا أقول قولي ولا أبالي)، فالآية صريحة في أن الموج الأسفل هو فوق سطح البحر ، فالآية تقول صراحة إن ذلك الموج الأسفل (يغشى البحر) ، وجميعنا يعلم ما هو الغشيان ، ولكن الزنداني يفسر القرآن كما يحلو له ، فبما أنه وجد في التفاسير أن (لجي) بمعنى (عميق) ، بادر إلى تفسير الآية بأنها تشير إلى الأمواج في أعماق البحر ، مع أن الآية صريحة في أن الموج الأول (الأسفل) يغشى البحر . فهل هذا تفسير أم هو غلط وخطأ لا يغتفر للمبتدئين والناشئين ؟ ولا يهمني أن الزنداني نفع الإسلام بدعوته ودعايته ، يهمني أنه أخطأ في التفسير بل وغلط غلطا فاحشا لا يمكن غض النظر عنه

والملاحظ عليك هنا ما يلي:
أولاً: أنت لا تعرف الزنداني فهو درس الصيدلة ولم يكملها وقولك إن الشيخ متخصص في الصيدلة دليل واضح أنك لا تعرفه.

ثانياً: قولك عنه :"وكل ما له عبارة عن كتب أو كتيبات دعوية لا تعدو أن تكون مواعظ عصرية ، ومقالات وكتيبات في مجال الإعجاز العلمي مع أنه أثبت فيها أنه ليس أهلا للتفسير أبدا"
دليل آخر على أنك لست اهلاً لتحكم على الشيخ الزنداني ولا غيره ، فمن يتنقص العلماء الذين شهدت لهم العامة والخاصة بالفضل والعلم والدعوة إلى الإسلام والذب عنه فلا قيمة لكلامه وهو مردود عليه.

ثالثاً: لن أرد على جهالاتك فيما أوردته من أمثلة : العلقة والبحر اللجي..." ولكن حتى أبين جهلك باللغة والواقع أقول:
إذا كان الموج الأسفل كما تقول فوق سطح البحر فمن أين أتى الموج الأعلى؟

يا بني أنت لا تعرف اللغة ولا تعرف البحر، وحفظ بعض المفردات مثل : المبتدئين والناشئين، وإطلاقها على الآخرين ، لا تدل على العلم والفقه.

نور الله بصيرتك.
 
السلام عليكم ورحمة وبركاته
أخي الكريم الحجازي الهوى
أردّ على كلامك كله فقرة فقرة ، من أجل أن لا تضيع الحقيقة بين تهم الجهل والجهالة المجانية :

عجيب أمرك يا جمال لماذا تقول الغير ما لم يقل؟ أين قلت أنا وأي طالب علم معتبر يقول إن ذكر التفسيرات التي اتفقت عليها الأمة أو جمهورها جهلا وتكون التفسيرات الهزيلة المضحكة لجماعة التفسير العلمي هي العلم كله ؟
صحيح أنك لا تقول ذلك صراحة ، ولكن ذلك هو الواقع الذي كان . ما فعلتـُه كان مقارنة لما اتفقت عليه الأمة أو جمهورها من تفسير بعض الآيات بالتفسيرات الخاطئة الهزيلة لمدرسة التفسير العلمي للآيات نفسها . وأنت جئتَ ووصفتَ كل كلامي بالجهل ! فكانت نتيجة كلامك أنك "اعتبرتَ ذِكـْرَ التفسيرات التي اتفقت عليها الأمة أو جمهورها جهلا ، والتفسيراتِ الهزيلةَ المضحكةَ لجماعة التفسير العلمي هي العلم كله" . وهذه النتيجة هي الواقع ، فمدرسة التفسير العلمي تقول ذلك عمليا ، فإذا أنت رفضت التفسير الذي اتفقت عليه الأمة أو جمهورها وأتيت بتفسير جديد ؛ فهذا يعني أنك تعتبر التفسير القديم جهلا (الجهل اللغوي) وتفسيرَك العلميّ علما ! هذا هو لسان حال المفسر العلمي وإن لم ينطق لسانه بهذه الجملة .

ثم عجيب أمرك مرة أخرى وأنت تزعم علم الغيب حيث تزعم أنك تعلم مسبقا ما سأقوله وأكتبه.
ليس علما بالغيب ، وإنما أعرف أن الذي اتخذ التفسير العلمي كمسلمة من مسلمات الدين لا أنتظر منه سوى التكلف والمعاندة .

أما عن كلامي فأنا لم أدخل معك في نقاش علمي حتى أستدل لما أقول ، وإنما أقول إن احترام العلماء وحفظ مكانتهم وعدم تنقصهم هو من أخلاق طلبة العلم الصادقين.
نحن في نقاش علمي ، ولا شيء غير النقاش العلمي . نحن في منتدى علمي هو من أكثر المنتديات الإسلامية المتخصصة احتراما . فيجب أن يكون كلامنا كله من قبيل النقاش العلمي ويكون مقرونا بالاستدلال .
وأما عن قولك (إن احترام العلماء وحفظ مكانتهم وعدم تنقصهم هو من أخلاق طلبة العلم الصادقين) ، فهذا لا يماري فيه أحد ، وأنا أحترم العلماء الحقيقيين الذين يتكلمون في اختصاصهم ، وأما الذي يتكلم في موضوع من التفسير مثلا على سبيل الهواية ولا يهمّه سوى فرض فكرته على النص ؛ فأنا أنتقده وأعنـّفه في النقد ، ولو كان حاصلا على أرقى الألقاب العلمية والتشريفية . فأنا لا يهمني الشخص وإنما يهمني ما يقول . والتفسير عندي أهمّ من الأشخاص ، لأن التفسير هو تبيان معاني القرآن ، فإذا أخطأ شخص في ذلك فلا يمكن السكوت عليه بدعوى الاحترام وحفظ المكانة .
وأنا إذ أقول إن الزنداني كذا وكذا ، فهذا على سبيل المقارنة بالعلماء الحقيقيين المتخصصين في علوم الإسلام .

إن بلية العصر هي في النكرات الذين يهرفون بما لا يعرفون سمعوا كلاما فرددوه من غير فهم ولا روية ، شعارهم الحط من قدر الناس وجهودهم.
لا سيدي ! بلية العصر هي في بعض المشاهير الذين شغلوا الناس بما ليس علما ولا دينا ، الذين حوّلوا التفسير والإعجاز إلى تجارة وعمل وبزنس ، مع أن ما يطرحونه من تفسيرات وشروح هي مجموعة من الأغلاط والأخطاء اللغوية والنحوية والبيانية والمرتبطة بالسياق والذوق اللغوي ، بل المنهج كله غلط ، بل الفكرة نفسها غلط ، أقصد الفكرة التي قامت عليها مدرسة التفسير العلمي وهي تفيد أن الأمة لم تفهم القرآن أبدا على وجهه الصحيح إلى أن جاء رُوّاد هذه المدرسة فبيّنوا !! إذن فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والسف الصالح والتابعون الآتون بعدهم كانوا قد أساؤوا فهم القرآن !!! إذن ماذا كان القرآن يفيد من معاني حتى الآن ؟! إذن ماذا بلّغ النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون من الدين وتعليم كتاب الله حتى الآن ؟!
وتأمل في بعض تحقيقاتي وانتقاداتي لتلك التفسيرات ، فستعرف أنني لست مجرد ناقل ومردد من غير فهم وروية ، ما أقوم به من تمحيص علمي للتفسيرات المسماة بالعلمية أتفرّد به في أكثر الأحيان . أنت نفسُك هل رأيت مثل هذا النقد القويّ للتفسير العلمي حتى الآن ؟

أنت لا تعرف الزنداني فهو درس الصيدلة ولم يكملها وقولك إن الشيخ متخصص في الصيدلة دليل واضح أنك لا تعرفه.
المهم أن تعلمه النظامي كان في مجال الصيدلة وإن لم يكمله، وحتى الآن بقيت الصيدلة في قمة اهتماماته العلمية . ألم يزعم أنه وجد علاج الآيدز وأعدّه من بعض الأعشاب ؟
وقد أكون غير عارف بكل اهتماماته وجوانب حياته ، ولكنني عارف بالتفسيرات التي طرحها لبعض الآيات والألفاظ من القرآن . وكلامي يشمل هذه التفسيرات التي طرحها وليس غير ذلك . أنا قلت "لا تهمني الجوانب الأخرى" ، بل يهمني أن الشيخ قد نصب نفسه مفسرا وقام بعملية تفسير لآية من القرآن ، وأنا فحصت تفسيره فرأيته مخطئا تماما ، فخلصت إلى نتيجة مفادها أن صاحب هذا التفسير إما ليس أهلا للتفسير وإما يفسر بالهوى والنزعة الغالبة والرأي الشخصي الذي لا يهمّه ماذا يقول النص في الحقيقة بل كل همه أن يجد في النص ما يريده !
مفسّرو مدرسة التفسير العلمي يعلمون فكرة النص قبل أن يقوموا بدرس النص ! وهذا غريب جدا ! الشيء الطبيعي هو أن السامع ينتظر ليفهم كلام المتكلم ، وأما سادة التفسير العلمي فلا ينتظرون أن يتكلم النص بل يبادرون إلى التكلم والتقرير قبل أن يتكلم النص ويُلزمون النص بترديد ما يقولونه هم !!

قولك عنه :"وكل ما له عبارة عن كتب أو كتيبات دعوية لا تعدو أن تكون مواعظ عصرية ، ومقالات وكتيبات في مجال الإعجاز العلمي مع أنه أثبت فيها أنه ليس أهلا للتفسير أبدا" ؛ دليل آخر على أنك لست اهلاً لتحكم على الشيخ الزنداني ولا غيره ، فمن يتنقص العلماء الذين شهدت لهم العامة والخاصة بالفضل والعلم والدعوة إلى الإسلام والذب عنه فلا قيمة لكلامه وهو مردود عليه.
أنا أحكم على الشخص من خلال ما (كَتَبَـ) ـه ، أنا أنظر في مقالاته وكتيباته وأرى فيها مجموعة من الأغلاط الفاحشة في التفسير واللغة وفهم النص . أنا لا أنتقص من قدره كداعية وكرجل من رجال الإسلام المعاصرين . ولكنني أتعامل معه كمفسر . فمن تكلم في آية فقد نصب نفسه مفسرا وإن لم يكن له تفسير كامل . فإما أن يعتصم بالتفاسير المعتبرة إن لم يكن أهلا للنظر أو يُجري تحقيقا كاملا ثم يتكلم أو ليصمت ، وإلا فيجب أن يكون مستعدا للنقد ، وهو يستحق النقد العنيف أيضا ، لأنه شغل الناس والعالم بتفسيرات بينما هي أغلاط . أنا يغيظني جدا أن يشتهر وينتشر كلام من التفسير أو أي شيء وهو خاطئ لا قيمة له من الناحية العلمية . لا أسكت عليه .
وقيمة الكلام مرتبطة بدرجة التحقيق والاستدلال وليس بأن المتكلم يحترم الشخص المنتقـَد أو ينتقصه . أنت يجب أن تنظر في كلامي وشرحي لوجه الخطأ في التفسير العلمي الذي أنا بصدد نقده . فإذا كنت مصيبا فغض النظر عن التعنيف الذي أقوم به في النقد ، وإن وجدتَـَني مخطئا فرُدّ عليّ بالشرح والإثبات والاستدلال حتى أفهم وأنتفع .

لن أرد على جهالاتك فيما أوردته من أمثلة : العلقة والبحر اللجي..." ولكن حتى أبين جهلك باللغة والواقع أقول: إذا كان الموج الأسفل كما تقول فوق سطح البحر فمن أين أتى الموج الأعلى؟ يا بني أنت لا تعرف اللغة ولا تعرف البحر.
ما أسهل الاتهام بالجهل عندك ! أنت لا تفيدني بشيء ولا تشرح لي شيئا ومع ذلك تصف كلامي بالجهالة ! شيء غريب حقا ! أنا شرحتُ لك تعبير الآية وحققتُ لك الموضوع وأنت تكتفي برميي بالجهالة وباستدلالك الواهي جدا " إذا كان الموج الأسفل كما تقول فوق سطح البحر فمن أين أتى الموج الأعلى؟". ولكنني أصبر وأزيد الأمر توضيحا وتحقيقا :
يقول تعالى (أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب..) . هنا يهمنا الموج الأول في قوله (يغشاه موج) لأنه الموج الأسفل . دقق معي في تعبير الآية (يغشاه موج) ، الضمير في يغشاه يعود على (بحر) ، إذن فالكلام هو أن ذلك الموج يغشى البحر .. وأنت تعرف ما هو الغشيان ، إذن فذلك الموج (وهو الموج الأسفل) هو فوق البحر وليس في أعماق البحر . وأما الزنداني فالظاهر من كلامه أنه توهم أن الضمير يمكن أن يرجع إلى (لجي) وهو بمعنى (عميق) على أحد القولين ، فتوهم أن معنى الكلام هو أن الموج (الأسفل) هو في أعماق البحر ، فلم يلاحظ معنى الفعل (يغشى) ولم يلاحظ أن الضمير في (يغشاه) يعود على (بحر) وليس على (لجي) . كلنا يعلم أن الضمير يعود على الاسم الموصوف وليس على الصفة ، وهذا من بديهيات اللغة .
سيدي ! أنا أحقق هكذا وتأملت طويلا في الموضوع ولا أكتب لأنني أفكر في اللحظة الآنية ، بل أكتب لأنني متأكد مما أكتب ، وأنا تنبّهت لهذا الخطأ منذ سنوات .
وأما عن استدلالك الذي اكتفيتَ به "إذا كان الموج الأسفل كما تقول فوق سطح البحر فمن أين أتى الموج الأعلى؟" ؛ فسامحني إذا قلت إنه واهٍ جدا . وإليك الدليل والإيضاح :
الموج الأسفل (يغشاه موج) هو فوق سطح البحر لأن الآية تقول إنه يغشى البحر ، وأما الموج الأعلى (من فوقه موج) فهو أيضا فوق سطح البحر ولكنه يأتي متأخرا وينشأ بعد أن يقرب الموج السابق من الانتهاء فيركب الموج الأول ، وهذا يسمى (تراكب الأمواج) ، وعندي صور فوتوغرافية لهذه الظاهرة ، وهي ظاهرة جميلة إذ ترى بقية الموج السابق وهو تحت الموج اللاحق ! والآية تصور لنا هذا المشهد ، ولكن الزنداني أفسد علينا متعة هذا التصوير البديع . وإذا حدث أن تركبت الأمواج فهذا يعني أن البحر في هيجان وحينئذ لا يرى الشخص ما أمامه ، لأن درجة الرؤية تقرب من الصفر ، وذلك لأن البحر يهيج ويزبد فتستحيل الرؤية وإذا صاحب ذلك وجود السحاب فذلك هو الظلام المطلق الذي تصوّره لنا الآية الكريمة . وهذه الظاهرة يمكن شرحها علميا ، فأنا لستُ ضدّ الشرح العلمي للظواهر الطبيعية التي ذكرها القرآن لنا ، ولكنني ضدّ الابتداع في التفسير وتفسير القرآن بما لم يفسر به أحد من الأمة ، لأن هذا النوع الفاسد من التفسير يقوم عادة على الأغلاط النحوية واللغوية وعلى فكرة أن سلف الأمة لم يفهموا القرآن أو فهموه خطأ أو كان فهمهم نسبيا ومرحليا وكأن القرآن مجرد وعاء يملؤه الناس على هواهم !!
وطالِعِ التفاسيرَ فسترى أن التفسير الذي أذكره أجمع عليه المفسرون وسترى أن تفسير الزنداني مخالف لإجماع المفسرين .
وأما عن اتهامك لي بأنني "لا أعرف اللغة والبحر" ، فقارن بين كلامي وكلامك فستعرف مدى صدقه . وبصراحة أنا لا أناقشك ، وإنما أناقش الزنداني .

حفظ بعض المفردات مثل : المبتدئين والناشئين، وإطلاقها على الآخرين ، لا تدل على العلم والفقه.
أنا لم أصف أحدا بالمبتدئ والناشئ ، ولكن قلتُ إن هذا التفسير لا يليق حتى بالمبتدئين والناشئين ولا يُغتفَر لهم إن ارتكبوه ، لأنه من الواضح جدا أنه غلط ! ولا يرتكب مثل هذا الغلط إلا مَن ركبت رأسَه نزعة خاصة ولا يرى شيئا إلا من خلال نزعته الخاصة وهوايته ، وحينئذ لا يرى الأشياء بصورتها الحقيقية .

وأرجو منك إذا كتبت لي ردا مرّة أخرى أن تبين وجهة نظرك بالمعلومات والأمثلة والشرح ، حتى أفهم ما تقول ويفهم القراء ، حتى لا يكون كلامك مجرد مقاذفة بتهمة الجهالة ! أثبت لي جهلي وجهالتي بالأدلة فسأكون أول من يوافقك ، ولكن ليس من الجائز ولا من الجميل أن ترميني بالجهالة وأنت لم تفدني بأي علم !
 
الأخ جمال

لو أنك سلكت طريق طلبة العلم في تناول الموضوع لأجبتك.

ولكنك نصبت نفسك حكما تطلق الأحكام دون اعتبار لأحد ، ونصيحتي لك إذا كنت ترغب أن يستفيد غيرك مما تكتب أن تبتعد عن تجريح وتنقص أهل الفضل.

ولو اتبع السلف أسلوبك في النقد لسقط كلامهم غير مأسوف عليهم.

وانظر كيف هجر كثير من الناس مؤلفات بن حزم مع جلالة قدره وغزير علمه بسبب تنقصه لبعض الأئمة الأعلام من سلف هذه الأمة.

هدانا الله وإياك إلى مرضاته.
والسلام عليكم.
 
أخي الكريم : جمال حفظك الله تعالى .
أرجو أن لا تتعب نفسك في مجادلات لا فائدة منها ألبتة.
وقد جربت النقاش مع القائلين بما يسمى بالإعجاز العلمي ، وتوصلت إلى خلاصة أجملها لك فيما يلي :
1 - لن تجد عندهم من الأدلة إلا ما يمكن تلخيصه في نقاط :
أ - شخصنة الحوار ، ومن ثم يحولون النقاش عن الأدلة إلى الكلام الجارح ، وأنت ضعيف ، وأدلتك واهية ، ومستواك العلمي في الحضيض ، ورأسك يدور ، ومتخلف ، وحجر عثرة أمام تقدم المسلمين ...
ب - كلام عام عائم لا يحصر صور مسألة الخلاف في نقاط ، ولا يحاول التوصل إلى نتيجة في كل نقطة ليستفيد الجميع .
ج - السخرية من علوم السلف ، ونعتها بأنها متخلفة وقديمة .
2 - أحسنهم الأخ حجازي الهوى ، فقد يأتيك بأدلة - حينما يكون مزاجه طيبا - وقد يقصد في القول ، أما غيره فإياك وإياهم .
3 - عندما تأتيهم بأدلة من تفسير ابن جرير الطبري يعارضونها لك بقول الزنداني ، والنجار ؛ وهل يعقل مسلم هذا .
4 - عندما تأتيهم بما قال أئمة اللغة كابن دريد والأزهري يعارضونها لك بكتابات طه حسين والعقاد ..
5 - عندما تتنزل معهم إلى أدلتهم وتقبلها جدلا ثم تضيق عليهم الخناق بأدلة أخرى يحاولون اللعب على أعصابك.
هذه هي الخلاصة ، وسوف تتوصل إليها أخي الكريم بعد ما تجرب .
 
الأخ جمال
لو أنك سلكت طريق طلبة العلم في تناول الموضوع لأجبتك.
ولكنك نصبت نفسك حكما تطلق الأحكام دون اعتبار لأحد ، ونصيحتي لك إذا كنت ترغب أن يستفيد غيرك مما تكتب أن تبتعد عن تجريح وتنقص أهل الفضل.
ولو اتبع السلف أسلوبك في النقد لسقط كلامهم غير مأسوف عليهم.
وانظر كيف هجر كثير من الناس مؤلفات بن حزم مع جلالة قدره وغزير علمه بسبب تنقصه لبعض الأئمة الأعلام من سلف هذه الأمة.
هدانا الله وإياك إلى مرضاته.
والسلام عليكم.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم
يبدو أن نقاشنا وصل لطريق مسدود وانتهى .
أنا أعتذر إليك إذا كان في كلامي ما ليس لائقا . أرجو أن تسامحني .
وأنا أعتذر من كل نقد عنيف أو تجريح تجاه أي شخص .
ليس قصدي التجريح ، وإنما هو الحرص على إيصال ما أعتقده حقا .
 
الأخ الكريم جمال،

دعنا من الخوض ولنكمل مناقشة مسألة العلق:
1. نحن نقدم الحقيقة الشرعية على العرفية ونقدم العرفية على اللغوية.
2. العلق في اللغة ما يعلق، وهو لا يتنافى مع العرفية التي ترى أن العلقة دودة معروفة يعرفها العربي لأنه يراها في المياه أينما حل. وسميت علقة لأنها تعلق وتمتص الدم. وكان الناس يستخدمونها لتستخرج من جلودهم الدم الفاسد. من هنا من أين لك أن العلق في العرف هو الدم؟! وإن صح نقل عن الصحابة في ذلك فأرجو أن تحيلني إليه. أما أقوال المفسرين فنعرفها، وهم يفسرون بما تحتمله اللفظة وفق علوم عصورهم.
3. وعليه يكون معنى العلق: خلق الإنسان من شيء يعلق. وإذا كانت العلقة توجد في الماء ولها شكل محدد وتقوم بالعلوق والامتصاص، فإن أي شيء يماثلها في الشكل والسباحة في الماء والعلوق والامتصاص فهو علق. وأصحاب التفسير العلمي لم يخرجوا عن دائرة الحقيقة اللغوية ولا العرفية، وليس هناك من حقيقة شرعية لمعنى العلق.
4. أكثرت أخي من الكلام حول الحديث الشريف الذي يتحدث عن جريان الشمس حول الأرض فما هو هذا الحديث حفظك الله؟.
 
أخي الكريم : جمال حفظك الله تعالى .
أرجو أن لا تتعب نفسك في مجادلات لا فائدة منها ألبتة.
وقد جربت النقاش مع القائلين بما يسمى بالإعجاز العلمي ، وتوصلت إلى خلاصة أجملها لك فيما يلي :
1 - لن تجد عندهم من الأدلة إلا ما يمكن تلخيصه في نقاط :
أ - شخصنة الحوار ، ومن ثم يحولون النقاش عن الأدلة إلى الكلام الجارح ، وأنت ضعيف ، وأدلتك واهية ، ومستواك العلمي في الحضيض ، ورأسك يدور ، ومتخلف ، وحجر عثرة أمام تقدم المسلمين ...
ب - كلام عام عائم لا يحصر صور مسألة الخلاف في نقاط ، ولا يحاول التوصل إلى نتيجة في كل نقطة ليستفيد الجميع .
ج - السخرية من علوم السلف ، ونعتها بأنها متخلفة وقديمة .
2 - أحسنهم الأخ حجازي الهوى ، فقد يأتيك بأدلة - حينما يكون مزاجه طيبا - وقد يقصد في القول ، أما غيره فإياك وإياهم .
3 - عندما تأتيهم بأدلة من تفسير ابن جرير الطبري يعارضونها لك بقول الزنداني ، والنجار ؛ وهل يعقل مسلم هذا .
4 - عندما تأتيهم بما قال أئمة اللغة كابن دريد والأزهري يعارضونها لك بكتابات طه حسين والعقاد ..
5 - عندما تتنزل معهم إلى أدلتهم وتقبلها جدلا ثم تضيق عليهم الخناق بأدلة أخرى يحاولون اللعب على أعصابك.
هذه هي الخلاصة ، وسوف تتوصل إليها أخي الكريم بعد ما تجرب .

أخي الكريم إبراهيم الحسني
مرحبا بك
شكرا لك على إسداء النصح المفيد لي ، جزاك الله عني خيرا .
كل النقاط التي تفضلتَ بذكرها واجهتـُها في مرات سابقة ، ولمستـُها ، ولكن حين عبّرتَ عنها بهذا الشكل الموجز الجميل تذكرتُ كلّ شيء ، فقد حدث لي كل ذلك . حدث لي أنني شرحتُ القواعد النحوية وهم أجابوني بأنني لا أعرف قواعد العربية ! أنا أنتقدهم على أساس اللغة قبل كل شيء وهم يقولون لي "إنك لا تعرف العربية"! حدث لي أنني انتقدتُ تفسيراتهم ومنهجهم وهم اتهموني بأنني تراثيّ أو أنني أضرّ بمسير الدعوة الإسلامية !
وأكثر معاناتي كانت بسبب أسلوبهم الغريب في النقاش : يدّعون أن تفسيرهم هو التفسير العلمي ، ومع ذلك لا يلتزمون في أكثر الأحيان بأبسط قواعد الدراسة العلمية . وأكثر ما يتلاعبون به هو المعنى اللغوي والسياق ، وهذان مهمان جدا في تفسير النصوص . ثم لا يستمعون إلى أي تصحيح وتنبيه .
وأعتقد أن هذا الأسلوب الغريب يعود إلى أن موضوع الإعجاز العلمي وكذلك العددي قد أصبح في وجدان المسلم المعاصر من الأمور الإيمانية التي لا يتخلى عنها ، ومن الأساليب الدعوية الناجحة ، ولذا فقد ينهار المفسر العلمي أمام المناقشة الجادة ولكنه يصرّ على نزعته لأنه يعتقد أن الإعجازات التي يكتشفها في القرآن مهمة جدة في الدعوة ، خصوصا في البلاد الغربية . أنا أتفهم دافعَهم ، ولكن يجب تنبيههم إلى أن الدعوة لا تكون بتغيير التفسير ومعاني القرآن من أجل موافقته للعلم وإدهاش الناس وإذهالهم . حتى لو اقتنع أحد الغربيين بالإسلام على أساس إعجاز علمي مزعوم يمكن أن يرتدّ بعد مدة بعد أن يكتشف أنه مخدوع بتفسير خاطئ جملة وتفصيلا .
يجب أن تكون الدعوة إلى الإسلام بعرض المزايا التي ينفرد بها الإسلام وليس بإخضاعه للعلوم الحديثة بالقسر والتعسف والتحريف .

ولكن مع كل ذلك أعتقد أننا لا زلنا في بداية الطريق في التنبيه على خلل ذلك المنهج وخطأ تلك التفسيرات المسماة بالعلمية ، وأعتقد أننا مقصرون لم نبذل الجهد الكافي . وأنا أدعو إلى تكثيف الجهود وتوحيدها من أجل إعادة التفسير ودرس القرآن إلى سابق عهده وتخليصه من التفسيرات الشخصية والهوايات والنزعات الخاصة .
وأما عن الأخ حجازي الهوى ؛ فأنا لا أعود إلى مناقشته وأعتذر إليه من كلامي الذي لم يخلُ من تقريع وتعنيف . ولكن ما أدهشني هو وصفه لـ (13) نقطة في مشاركة لي بالجهل والجهالة دون أن يبين شيئا ! هذا شيء غريب قبل كل شيء ، يبدو أنه من باب (التلاعب بالأعصاب) الذي تفضلتَ ـ أخي إبراهيم ـ بالإشارة إليه !!
ومن الله التوفيق .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 
والشمس تجري لمستقر لها . قال النبي صلى الله عليه وسلم : مستقرها تحت العرش

والشمس تجري لمستقر لها . قال النبي صلى الله عليه وسلم : مستقرها تحت العرش

أخي العزيز أبا عمرو البيراوي
سنعود إلى موضوع العلق والعلقة ، ولكن أحببت أن أقدم موضوع الحديث الذي يفسر قوله تعالى (والشمس تجري لمستقر لها) :
أكثرت أخي من الكلام حول الحديث الشريف الذي يتحدث عن جريان الشمس حول الأرض فما هو هذا الحديث حفظك الله؟.

هذا الحديث من الأحاديث المشتهرة التي رويت بطرق عدة ، وتختلف عبارته من رواية لأخرى ، لكنه يتلخص في أن النبي (صلى الله عليه وسلم) فسر جريان الشمس المذكور في الآية بأنه جريان الشمس في السماء من الطلوع إلى الغروب ، وفسّر استقرار الشمس بأنه استقرار الشمس من الغروب إلى الطلوع . وأنه (صلى الله عليه وسلم) تلا قوله تعالى (والشمس تجري لمستقر لها) حينما كان مع صحابته الكرام (أو مع أبي ذر خاصة) يراقبون غروب الشمس في المساء .
وهذا لفظ إحدى الروايات : (عن أبي ذر قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد حين وجبت الشمس فقال يا أبا ذر تدري أين تذهب الشمس قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها عز وجل فتستأذن في الرجوع فيؤذن لها وكأنها قد قيل لها ارجعي من حيث جئت فترجع إلى مطلعها فذلك مستقرها ثم قرأ والشمس تجري لمستقر لها ) (ابن حنبل في مسنده ج 5/ ص 152 حديث رقم: 21390) .
ففي هذا الحديث نلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم ، فسّر مستقر الشمس بأنه استقرارها في الليل وأنها تبقى ساجدة حتى موعد الطلوع ، فيؤذَن لها بالطلوع والرجوع ، فتشرق ثانية من مطلعها . ومن الواضح أن النبي صلى الله عليه وسلم فسّر الجريان بصورة غير مباشرة بأنه الجريان اليومي للشمس من الطلوع إلى الغروب ، وهذا واضح تماما من سياق الحديث .
وبعض الروايات صريحة في تفسير الجريان ، مثل رواية مسلم :
حدثنا يحيى بن أيوب وإسحاق بن إبراهيم جميعا عن بن علية قال بن أيوب حدثنا بن علية حدثنا يونس عن إبراهيم بن يزيد التيمي سمعه فيما أعلم عن أبيه عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما * أتدرون أين تذهب هذه الشمس قالوا الله ورسوله أعلم قال إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة ولا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش فيقال لها ارتفعي أصبحي طالعة من مغربك فتصبح طالعة من مغربها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون متى ذاكم ذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا \1\
مسلم في صحيحه ج 1/ ص 139 حديث رقم: 159

وهذه هي الروايات التي نقلت هذا الحديث ، أنقلها مباشرة من موسوعة التخريج في الشاملة (الشاملة المكية) :

* 98857 -) حدثنا أبو نعيم حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال * كنت مع النبي - عليه الصلاة والسلام - في المسجد عند غروب الشمس فقال يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله تعالى والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم \1\
البخاري في صحيحه ج 4/ ص 1806 حديث رقم: 4524

* 98858 -) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال * سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل والشمس تجري لمستقر لها قال مستقرها تحت العرش \21673\
ابن حنبل في مسنده ج 5/ ص 177 حديث رقم: 21583

* 98859 -) حدثنا أبو داود قال حدثنا سلام بن سليم عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم * يا أبا ذر أتدري أين تذهب الشمس إذا غابت قلت لا قال فإنها تأتي العرش فتسجد ويؤذن لها في الرجوع وكان قد قيل لها ارجعي من حيث جئت فترجع من حيث جاءت فذلك مستقرها
الطيالسي في مسنده ج 1/ ص 62 حديث رقم: 460

* 98861 -) عن ابي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس تصعد أتدري اين تصعد هذه يا أبا ذر قلت الله ورسوله اعلم قال فانها تصعد فتغرب ثم تجري لمستقرها وتأتي العرش فتخر ساجدة حتى يقال لها اطلعي من مطلعك وكان قد قيل لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا الآية
الطبراني في معجمه الأوسط ج 4/ ص 374 حديث رقم: 0

* 98862 -) حدثنا عبد الله بن اسحاق بن إبراهيم المدائني قال نا عبيد الله بن الحجاج بن المنهال الانماطي قال نا الحكم بن مروان قال نا ابو مريم عبد الغفار بن القاسم عن هارون بن سعد عن إبراهيم التيمي عن ابيه عن ابي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس تصعد أتدري اين تصعد هذه يا أبا ذر قلت الله ورسوله اعلم قال فانها تصعد فتغرب ثم تجري لمستقرها وتأتي العرش فتخر ساجدة حتى يقال لها اطلعي من مطلعك وكان قد قيل لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا الآية
الطبراني في معجمه الأوسط ج 4/ ص 373 حديث رقم: 4470

* 98863 -) أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا أبو نعيم قال أخبرنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال * كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد عند مغرب الشمس فقال أتدرون أين تغرب الشمس قلت الله ورسوله أعلم قال تذهب حتى تنتهي تحت العرش عند ربها ثم تستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تستأذن فلا يؤذن لها وتستشفع وتطلب فإذا قال ذلك قيل اطلعي من مكانك فذلك قول الله عز وجل والشمس تجري لمستقر لها \11347\
النسائي في سننه الكبرى ج 6/ ص 439 حديث رقم: 11430

* 98864 -) أنا إسحاق بن إبراهيم أنا إسماعيل بن إبراهيم عن يونس بن عبيد عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال * أتدرون أين تذهب هذه الشمس قالوا الله ورسوله أعلم قال فإنها تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فيقال لها ارتفعي فاطلعي من مغربك فتطلع من مغربها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون ما ذاكم ذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل الآية \11093\
النسائي في سننه الكبرى ج 6/ ص 343 حديث رقم: 11176

* 98865 -) أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا الملائي عن الأعمش عن إبراهيم التيمى عن أبيه عن أبي ذر قال * كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس فقال أتدرون أين تغرب الشمس فقلت الله ورسوله أعلم قال تذهب حتى تنتهى تحت العرش عند ربها ثم تستأذن فيؤذن لها وتوشك ان تستأذن فلا يؤذن لها وتستشفع وتطلب فإذا كان ذلك قيل لها إطلعى من مكانك فهو قوله ^ والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ^ \6153\
ابن حبان في صحيحه ج 14/ ص 25 حديث رقم: 6154

* 98866 -) حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال قال النبي - عليه الصلاة والسلام - لأبي ذر حين غربت الشمس * تدري أين تذهب قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العلم \1\
البخاري في صحيحه ج 3/ ص 1171 حديث رقم: 3027

* 98867 -) أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث قال حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم التيمى عن أبيه عن أبي ذر قال * سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله ^ والشمس تجري لمستقر لها ^ قال مستقرها تحت العرش \6151\
ابن حبان في صحيحه ج 14/ ص 21 حديث رقم: 6152

* 98868 -) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بن نمير ومحمد بن عبيد قالا ثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال قال أبو ذر * بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد حين وجبت الشمس قال يا أبا ذر أين تذهب الشمس قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها عز وجل ثم تستأذن فيؤذن لها وكأنها قد قيل لها أرجعي من حيث جئت فتطلع من مكانها وذلك مستقر لها قال محمد ثم قرأ والشمس تجري لمستقر لها \21671\
ابن حنبل في مسنده ج 5/ ص 177 حديث رقم: 21581

* 98869 -) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزد ثنا سفيان يعنى بن حسين عن الحكم عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال * كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم على حمار وعليه برذعة أو قطيفة قال فذاك عند غروب الشمس فقال لي يا أبا ذر هل تدري أين تغيب هذه قال قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تغرب في عين حامئة تنطلق حتى تخر لربها عز وجل ساجدة تحت العرش فإذا حان خروجها أذن الله لها فتخرج فتطلع فإذا أراد أن يطلعها من حيث تغرب حبسها فتقول يا رب ان مسيري بعيد فيقول لها أطلعي من حيث غبت فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها \21587\
ابن حنبل في مسنده ج 5/ ص 165 حديث رقم: 21497

* 98870 -) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال * سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى والشمس تجري لمستقر لها قال مستقرها تحت العرش \21533\
ابن حنبل في مسنده ج 5/ ص 158 حديث رقم: 21443

* 98871 -) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال * كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد حين وجبت الشمس فقال يا أبا ذر تدري أين تذهب الشمس قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها عز وجل فتستأذن في الرجوع فيؤذن لها وكأنها قد قيل لها أرجعي من حيث جئت فترجع إلى مطلعها فذلك مستقرها ثم قرأ والشمس تجري لمستقر لها \21480\
ابن حنبل في مسنده ج 5/ ص 152 حديث رقم: 21390

* 98872 -) حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال قال * دخلت المسجد حين غابت الشمس والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتدري يا أبا ذر أين تذهب هذه قال قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب فتستأذن في السجود فيؤذن لها وكأنها قد قيل لها اطلعي من حيث جئت فتطلع من مغربها قال ثم قرأ ذلك مستقر لها قال وذلك قراءة عبد الله قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح \3241\
الترمذي في سننه ج 5/ ص 364 حديث رقم: 3227

* 98873 -) حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال * دخلت المسجد حين غابت الشمس والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فقال يا أبا ذر أتدري أين تذهب هذه قال قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب تستأذن في السجود فيؤذن لها وكأنها قد قيل لها اطلعي من حيث جئت فتطلع من مغربها قال ثم قرأ وذلك مستقر لها قال وذلك قراءة عبد الله بن مسعود قال أبو عيسى وفي الباب عن صفوان بن عسال وحذيفة بن أسيد وأنس وأبي موسى وهذا حديث حسن صحيح \2191\
الترمذي في سننه ج 4/ ص 480 حديث رقم: 2186

* 98874 -) حدثنا يحيى بن أيوب وإسحاق بن إبراهيم جميعا عن بن علية قال بن أيوب حدثنا بن علية حدثنا يونس عن إبراهيم بن يزيد التيمي سمعه فيما أعلم عن أبيه عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما * أتدرون أين تذهب هذه الشمس قالوا الله ورسوله أعلم قال إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة ولا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش فيقال لها ارتفعي أصبحي طالعة من مغربك فتصبح طالعة من مغربها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون متى ذاكم ذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا \1\
مسلم في صحيحه ج 1/ ص 139 حديث رقم: 159

* 98875 -) حدثنا عياش بن الوليد حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال * سألت النبي - عليه الصلاة والسلام - عن قوله والشمس تجري لمستقر لها قال مستقرها تحت العرش \1\
البخاري في صحيحه ج 6/ ص 2703 حديث رقم: 6996

* 98876 -) حدثنا يحيى بن جعفر حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم هو التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال * دخلت المسجد ورسول الله - عليه الصلاة والسلام - جالس فلما غربت الشمس قال يا أبا ذر هل تدري أين تذهب هذه قال قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب تستأذن في السجود فيؤذن لها وكأنها قد قيل لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ثم قرأ ذلك مستقر لها في قراءة عبد الله \1\
البخاري في صحيحه ج 6/ ص 2700 حديث رقم: 6988

* 98877 -) حدثنا الحميدي حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال * سألت النبي - عليه الصلاة والسلام - عن قوله تعالى والشمس تجري لمستقر لها قال مستقرها تحت العرش \1\
البخاري في صحيحه ج 4/ ص 1806 حديث رقم: 4525

* 98878 -) أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا يونس بن عبيد عن إبراهيم التيمى عن أبيه عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال * أتدرون أين تذهب الشمس قالوا الله ورسوله اعلم قال فإنها تجرى حتى تنتهى الى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعى ارجعى من حيث جئت فترجع فتطلع طالعة من مطلعها ثم تجىء حتى تنتهى الى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتطلع طالعة من مطلعها ثم تجىء حتى تنتهى الى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعى ارجعى من حيث جئت فترجع فتطلع من مطلعها ثم تجرى لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهى إلى مستقرها تحت العرش فيقال لها ارتفعى فاطلعى من مغربك فتطلع من مغربها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون متى ذلك حين لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا قال أبو حاتم رضي الله عنه هكذا قال إسحاق عن يونس بن عبيد عن إبراهيم التيمى والمشهور هذا الخبر عن يونس بن خباب عن إبراهيم التيمى \6152\
ابن حبان في صحيحه ج 14/ ص 24 حديث رقم: 6153

(أمور النقل والضبط على ذمة موسوعة التخريج)
 
أكثرت أخي من الكلام حول الحديث الشريف الذي يتحدث عن جريان الشمس حول الأرض فما هو هذا الحديث حفظك الله؟.
أنا لم أقل بأن الحديث هو عن (جريان الشمس حول الأرض ) ، بل قلت: عن (جريان الشمس اليومي) ، وهذا الجريان هل هو حول الأرض أم ماذا فهذا موضوع آخر .
المهم بحسب هذا الحديث أن جريان الشمس المقصود في الآية هو ما يحدث في اليوم وأن استقرار الشمس هو ما يحدث في الليل . وهذا كافٍ للرد على التفسير العلمي القائل إن جريان الشمس المذكور في الآية هو دوران الشمس حول مركز مجرة درب التبانة !! وهذا الدوران يستغرق ملايين السنين ! وأما الآية والحديث فيذكران لنا حدثا يتم في مدة 24 ساعة . وسياق سورة يس في ذلك الموضع هو سياق الأمور الطبيعية التي تحدث في اليوم والليلة .
 
الأخ الكريم جمال،

1. أنا في تصحيح الأحاديث كَلٌّ على أهل الاختصاص الثقات. أما الفهم فشأن آخر.
2. لاحظتُ أن مدار السند في كل ما ذكرت من أسانيد صحت أم لم تصح على إبراهيم التيمي عن أبيه. ولم يشذ عن ذلك سند واحد مما ذكرتَ، ولا أدري إن كان للحديث أسانيد أخرى. وكلها تقريباً تدور على الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه. وستدرك مقصدي من ذلك بعد قليل.
3. إذا خالف الثقة من هم أوثق منه ضعف حديثه، فكيف إذا خالف الثقة أهل الأرض جميعاً من مسلمين وغير مسلمين. ثم نحن لا نقبل في إثبات دَين إلا شهادة عدلين ونقبل في إثبات دِين شهادة عدل واحد (لعله الأعمش، لعله إبراهيم، لعله والد إبراهيم) وهذا الواحد يخالف بدهيات أطبق عليها أهل الأرض؟!!
4. معلوم اليوم لكل أحد أن الشمس لا تغرب عن الأرض اطلاقاً، وليس هناك من فاصل بين طلوعها وغروبها، ففي كل لحظة هي في حالة غروب وشروق. فمتى تذهب إذن لتسجد ثم يؤذن لها فتطلع وهي لا تبرح الطلوع؟! وحتى تتحقق أخي جمال من ذلك يمكنك أنت ومجموعة من زملائك أن تستخدموا الجوّال لتتصلوا بمسلمين في بلاد مختلفة لتأخذوا شهادتهم أن الشمس لا تزال طالعة ولا تغيب عن الأرض اطلاقاً.
5. قد تقول لي إن سجود الشمس تحت العرش هو أمر غيبي لا نحسّه ولا ندرك كنهه، عندها أقول لك: لندع الاستشهاد بالحديث على فهمنا الخاص ولنؤمن به كغيب لا يُدرك كنهه. وإذا أمكن أن نؤوّل الحديث نؤوّله قبل أن نلجأ إلى رده (رد وهم الراوي).
6. الحديث الذي نصه:" سألت رسول الله عن قول الله عز وجل: والشمس تجري لمستقر لها، قال: مستقرها تحت العرش". مفهوم ومنسجم، فالشمس تجري وسوف تستقر ومستقرها تحت العرش. ومعلوم أن الشمس تجري في مدار هائل والمجموعة الشمسية تتبعها في جريانها والله يقول إنها ستستقر.
7. أما الأحاديث الأخرى فيمكن فهمها الفهم الذي يمنع ردّها كالآتي: الشمس تجري حتى تكون تحت العرش فيؤذن لها أن تعود في مدارها الهائل وتبقى تطلع من الشرق (أي عندما تعود في مدارها يبقى واقعها أنها تطلع من الشرق) حتى يأتي اليوم الذي تطلع فيه من الغرب، فيكون ذلك من علامات القيامة. وهذا الفهم أقدمه على فهمك حتى لا نلجأ إلى رد شهادة واحد لا ندري حفظ أم نسي.
 
1. أنا في تصحيح الأحاديث كَلٌّ على أهل الاختصاص الثقات. أما الفهم فشأن آخر.
2. لاحظتُ أن مدار السند في كل ما ذكرت من أسانيد صحت أم لم تصح على إبراهيم التيمي عن أبيه. ولم يشذ عن ذلك سند واحد مما ذكرتَ، ولا أدري إن كان للحديث أسانيد أخرى. وكلها تقريباً تدور على الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه. وستدرك مقصدي من ذلك بعد قليل.
3. إذا خالف الثقة من هم أوثق منه ضعف حديثه، فكيف إذا خالف الثقة أهل الأرض جميعاً من مسلمين وغير مسلمين. ثم نحن لا نقبل في إثبات دَين إلا شهادة عدلين ونقبل في إثبات دِين شهادة عدل واحد (لعله الأعمش، لعله إبراهيم، لعله والد إبراهيم) وهذا الواحد يخالف بدهيات أطبق عليها أهل الأرض؟!!
نعم . تنتهي الأسانيد كلها إلى سلسلة (الأعمش ـ إبراهيم التيمي ـ يزيد التيمي) . إذن لم يشتهر الحديث في كل الطبقات . ولكن يجب أن تلاحظ ـ أخي العزيز ـ تصحيحات أهل العلم بالحديث ، فقد أخرجه الحديث البخاري ومسلم وغيرهما . وصحّحه الألباني في تعليقته على الجامع الصغير وهي بعنوان (صحيح الجامع الصغير وزيادته "الفتح الكبير")، إذ قال عن الحديث الذي أخرجه مسلم : (صحيح) اهـ. انظر : محمد ناصر الدين الألباني ، صحيح الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير) . المكتب الإسلامي ، بيروت . الطبعة الثالثة . 1988 . جـ. 1 ، ص. 78 .
وقال الترمذي عن الحديث الذي أخرجه : (هذا حديث حسن صحيح) .
وقال أيمن صالح شعبان في تخريج الحديث : ( صحيح ) ، ثم ذكر أسانيد الحديث .
وغير ذلك من التصحيحات .
ثم أنت تضعِّف الحديث بأن الناس جميعا يخالفون هؤلاء الرواة فيضعف الحديث ، وبأن الحديث من رواية الواحد وأن هذا الواحد يخالف بديهية أطبق عليها أهل الأرض .
سيدي أبا عمرو !
لا يهمّ أنك تؤمن بالموضوع أو لا . يمكنك أن تقول إن النبي صلى الله عليه وسلم فسر الظاهرة الطبيعية بالفكرة السائدة في ذلك الزمان عن دوران الشمس حول الأرض ، ويمكنك أن تقول إن النبي صلى الله عليه وسلم تحدث عن أمر من أمور الدنيا والناس أعلم بأمور دنياهم . كما يمكنك أن ترفض الحديث جملة وتفصيلا وترفض أن النبي صلى الله عليه وسلم قال شيئا كهذا ، ويمكنك أن تقول أنك لا تأخذ دينك عن طريق الراوي الواحد وأن هذا مجرد خبر يمكنك الاستغناء عنه .
ولكن لا يجب أن يكون معيارُك لنقد الحديث هو أنك لا تؤمن بالفكرة .
والفكرة التي يتضمنها هذا الحديث ، هي أن الشمس تطلع وتجري في السماء ثم تغرب ، وهذه الأحداث (الطلوع والجريان والغروب) هي أحداث يحسّ بها الإنسان ويراها بأم عينيه . فأما أن حقيقة الموضوع شيء مغاير وأن ما يجري حقيقة هو أن الأرض تدور حول نفسها فيبدو الأمر وكأن الشمس تدور حول الأرض ؛ فهذا شيء آخر . المهم أن الآية الكريمة والحديث الشريف ذكرا ظاهرة طبيعية يراقبها الإنسان منذ فجر البشرية وهي طلوع الشمس وجريانها في السماء ثم غروبها وانقطاعها عن الجريان إلى أن ينتهي الليل فتطلع من جديد . والقرآن الكريم يلفت نظر الإنسان إلى هذه الظاهرة وهي تعاقب الليل والنهار بطلوع الشمس وغروبها . ولا إشكال في الموضوع . ما لفت القرآن الكريم نظر الإنسان إليه هو حقيقة ظاهرة يحسّ بها الإنسان ، وما أثبته العلمُ الحديث حقيقة فلكية تحسّ بها الآلات والوسائل الفلكية . القرآن الكريم يخاطب الإنسان ويخاطب في الإنسان تركيبته الذهنية التي اعتادت على مناظر شروق الشمس وغروبها وانقطاعها عن الجريان في الليل . وكذلك الحديث النبويّ مداره على هذه الظاهرة التي هي ظاهرة طبيعية ـ إنسانية ، أي طبيعية ولكن يُلاحظها الإنسان ، وأقصد الإنسان بإمكاناته الطبيعية وليس بالآلات .
أعرف أن الموضوع صعب وشائك بالنسبة للمسلم ، وأن المسلم يحتار في هذه المواضيع . ولكنني أعتقد أنه يمكن التوفيق بين ما ورد في النصوص عن الطبيعة وبين ما أثبته العلم الحديث عن الطبيعة ، من دون أن نستشكل النصوص ومن دون أن نكذّب العلم الحديث . والموضوع يحتاج إلى التفكير السليم وإلى التعاون والتكاتف والتبصر .
المهم الذي أعود إلى تأكيده هو أنه لا يجوز لأي واحد ، أن يغيّر معنى الآيات والنصوص عامة لأنه لا يؤمن بالمعنى الذي تتضمنه تلك النصوص ، فيرفض تفسيرها الأصيل ويأتي من عنده بتفسير آخر قد لا يكون سوى تحريف معنوي للنص .
إذا كان واحد من المسلمين لا يؤمن بفكرة وردت في آية قرآنية أو حديث شريف ؛ فلا يجوز له أن يكذّب الحديث أو يرفضه أو يعيد تفسير الآية بمعنى آخر ويحرّفها تحريفا معنويا . بل يجب عليه أن يرفع إشكاله إلى غيره لعله يندفع ويرى مخرجا له ، فلا يجوز له أن يرفض شيئا من الإسلام بدعوى أنه لا يؤمن به ولا يمكنه أن يؤمن به .
وأريد أن تعرف ـ أخي أبا عمرو ـ أنني أومن بحقائق العلم الحديث كلها (الحقائق وليس النظريات) ولستُ من منكري العلم الحديث ومكذبيه ، ولكن ذلك لم يجعلني أستشكل النصوص فأرفضها أو أرفض تفسيرها الأصيل ، لأنني أعرف كيف أوجّه كل موضوع وجهته . القرآن الكريم يقول إن الأرض مبسوطة ، وهذه حقيقة ظاهرة لكل ذي عينين ، فما نراه هو الأرض المبسوطة . والعلم الحديث يقول إن كوكب الأرض شبه كروي (بالمناسبة ؛ كوكب الأرض ليس كرويا تاما، وليس بيضاويا ، وليس إهليلجيا ، بل هو شبه كروي : مفلطح عند القطبين بارز عند خط الاستواء ، أي : كروي غير تامّ) ، وهذا أيضا صحيح . والموضوعان مختلفان ، فالقرآن الكريم يتحدث عن بيئة الإنسان ، والإنسان هو المقصود في القرآن ، وبيئة الإنسان هي أرض مسطحة عموما . وأما العلم الحديث فهو يتحدث عن كوكب الأرض ، فهو لا يراعي وجدان الإنسان ويعمل على اكتشاف المادة بصورة منفصلة عن ذهنية الإنسان المرتبطة بالبيئة والمحيط .
والقرآن الكريم إذ يصف الطبيعة ، إنما يصف مشاهدها ولا يصف أعماق المادة . القرآن الكريم يصف ما تقع عليه عينُ الإنسان ، وذلك لأن هدفه هو إقناع الإنسان . لاحِظ معي قوله تعالى (والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم) ، فالقمر في نفسه لا يصير مثل العرجون القديم وإنما مشهده ومنظره يصير كذلك . ولذا فالوصف القرآني وصف تصويري قد يكون ـ أحيانا ـ أشبه بتصوير فوتوغرافي .
أعتقد أن كلامي هذا هو البلسم الشافي لما يثور في وجدان المسلم المعاصر من إشكالات متعلقة بالطبيعة ووصفها في النصوص وفي العلم الحديث .
أرجو أن أكون قد وفقتُ لحلّ هذا الإشكال الذي قد يستعصي على الكثيرين فإما يرفضون حقائق العلم الحديث وإما يستشكلون النصوص فيحاولون رفضها أو رفض تفسيرها الحقيقي .

وأعود في مشاركة لاحقة للحديث عن النقاط الأخرى ، وعن موضوع (العلقة) المعلـَّق !
 
4. معلوم اليوم لكل أحد أن الشمس لا تغرب عن الأرض اطلاقاً، وليس هناك من فاصل بين طلوعها وغروبها، ففي كل لحظة هي في حالة غروب وشروق. فمتى تذهب إذن لتسجد ثم يؤذن لها فتطلع وهي لا تبرح الطلوع؟!
حقيقة الأمر أن الكلام في الحديث موجَّه لإنسان معين أو مجموعة معينة من الناس في مكان وزمان معيَّنين . ومن الواضح أن الشمس تغرب عن كل مدينة وكل قرية وكل مجموعة من البشر وكل إنسان . صحيح أن الغروب ليس غروبا واحدا وأن الشمس في طلوع وغروب مستمرين على مدار الساعة باستمرار دوران الأرض حول نفسها ؛ ولكنه ليس من الخطأ وصف غروب الشمس لمجموعة من البشر تغرب الشمس أمام أعينهم . هل أكون مخطئا إذا قلتُ (إن الشمس غربت) ؟!
وكذلك عن مشكلة الفاصل بين غروب الشمس وطلوعها ؛ الفاصل موجود ، لكن بالنسبة للمراقب الواحد . فأنا حين تغرب الشمس عني فلا أراها إلا بعد حوالي 12 ساعة ، وأنا أستقرّ وأشعر أن الشمس أيضا تستقرّ ! فالفاصل موجود ، ولكن بالنسبة لأرض معينة ، وليس بالنسبة لكوكب الأرض ككلّ .
وأما عن سجود الشمس وبقائها ساجدة حتى الطلوع ؛ فلك ـ يا أخي ـ أن لا تفهم الحديث حرفيا ، وتفهم منه أن ذلك هو حال الشمس : مطيعة للقوانين والنواميس الطبيعية التي وضعها الله تعالى في المادة والكون ، وأنها تبقى غاربة عن الأرض المعيّنة فلا تظهر من جديد إلا بعد انقضاء الليل . ولك أن تقول إنه لا يعدو الأمر في الحقيقة أن تكون تمثيلا لحالة الشمس المتمثلة في الإطاعة التامة للناموس الكوني الذي وضعه الله . فالقرآن الكريم يذكـّرنا دائما بأن كل شيء يسبّح لله ، ولكن لا يمكن أن نفهم من ذلك أن كل شيء يقول (سبحان الله) !!
هناك نوع من الكلام يُقال للناس عامة لأنه أكثر تأثيرا في النفوس وأبقى أثرا ، يعتمد على القـَصَص والصياغة القـَصَصية ، فيُقال ـ مثلا ـ إن الشمس تسجد وتبقى ساجدة إلى أن يؤذن لها بالطلوع .. وكل واحد يفهم من هذا الكلام على طاقته وبحسب ثقافته !! ومن هذا القبيل قولـُه تعالى (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنا وأشفقن منها وحملها الإنسان) ، فتوهّم بعض المفسّرين أن ذلك العرض والإباء حدث حقيقة وأن الله وهب الإدراك للسماوات والأرض والجبال وعُرِضت عليهم الأمانة !! مع أن التعبير كله تمثيل يعتمد على التخييل والتصوير .

وحتى تتحقق أخي جمال من ذلك يمكنك أنت ومجموعة من زملائك أن تستخدموا الجوّال لتتصلوا بمسلمين في بلاد مختلفة لتأخذوا شهادتهم أن الشمس لا تزال طالعة ولا تغيب عن الأرض اطلاقاً.
أما هذا فهو نكتة بالنسبة لي (ابتسامة). أضحكتَ سنـّي ، أضحك الله سنـّك !

5. قد تقول لي إن سجود الشمس تحت العرش هو أمر غيبي لا نحسّه ولا ندرك كنهه، عندها أقول لك: لندع الاستشهاد بالحديث على فهمنا الخاص ولنؤمن به كغيب لا يُدرك كنهه. وإذا أمكن أن نؤوّل الحديث نؤوّله قبل أن نلجأ إلى رده (رد وهم الراوي).
أما عن سجود الشمس تحت العرش ؛ فهو تعبير عن انقياد الشمس المسخـَّرة للقانون الكوني . فيمكن أن يُفهَم من (سجود) ها أن المقصود هو إطاعتـُها هذه . وأما أن هذا السجود يتمّ تحت العرش ، فهو من لوازم التعبير عن السجود والانقياد لله ، فهو سجود لله ، وهذا السجود يتمّ ـ حتما ـ تحت العرش ، فالعرش هو فوق السماوات السبع ، هو في أعلى نقطة من العالم المخلوق . العرش هو دائما فوق المستوى الأعلى من الكون ، فحينما لم يكن من وجود مادي سوى ما كان للماء كما يقول تعالى (وكان عرشه على الماء) ؛ كان الماء أعلى مستوى فكان العرش فوقه ، وأما الآن فأعلى مستوى هو السماء السابعة فالعرش فوقها الآنَ ، وهكذا .
ملخص الفكرة : الشمس طائعة لله في غروبها ، وهي ـ لا محالة ـ تحت العرش . فتأمل .

6. الحديث الذي نصه:" سألت رسول الله عن قول الله عز وجل: والشمس تجري لمستقر لها، قال: مستقرها تحت العرش". مفهوم ومنسجم، فالشمس تجري وسوف تستقر ومستقرها تحت العرش. ومعلوم أن الشمس تجري في مدار هائل والمجموعة الشمسية تتبعها في جريانها والله يقول إنها ستستقر.
يا أبا عمرو ! نحن نفسر النصوص ككلّ ، ونفسر بعضها ببعض . فهذا الحديث المختصر (مستقرها تحت العرش) ليس منفصلا عن الصياغات الأخرى ولا يمكن التعامل معه على حدة . وتذكـَّر أن الأحاديث ذكرت هذا الاستقرار كحدث ليلي يتكرر كل ليلة (وكذلك السياق في سورة يس يدلّ على هذا) . بينما جريان الشمس في مدارها الهائل حول المجرة لا يتكرر إلا مرة بعد مرور ملايين السنين ، وأتذكر أنني قرأت في أحد المراجع العلمية الموثوقة أنه تم دوران الشمس حول المجرة (18) مرة فقط منذ أن خلقها الله تعالى . وهذا يعني أن الموضوع ليس له علاقة بالإشارة القرآنية التي تتعلق بحدث ليلي يتكرر كل ليلة .
والأحاديث وكذلك الآية ، تفيد أن جريان الشمس واستقراره حدثان متعاقبان في اليوم والليلة ، فيكون جريان ثم غروب واستقرار . بينما الفكرة العلمية المستخدَمة في التفسير العلمي ليست هكذا ، بل هي تؤكّد على جريان الشمس إلى النهاية وفي النهاية يكون استقرار ..

7. أما الأحاديث الأخرى فيمكن فهمها الفهم الذي يمنع ردّها كالآتي: الشمس تجري حتى تكون تحت العرش فيؤذن لها أن تعود في مدارها الهائل وتبقى تطلع من الشرق (أي عندما تعود في مدارها يبقى واقعها أنها تطلع من الشرق) حتى يأتي اليوم الذي تطلع فيه من الغرب، فيكون ذلك من علامات القيامة. وهذا الفهم أقدمه على فهمك حتى لا نلجأ إلى رد شهادة واحد لا ندري حفظ أم نسي.
ما تتحدث عنه أخي الكريم عن دوران الشمس في مدارها الهائل حديث عن عملية تستغرق ملايين السنين ! فلا يمكنك أن تتحدث عنها كعلامة يشعر بها البشر أو يلاحظونها . وهل تتوقع أن تبقى البشرية على الأرض لملايين الملايين الأخرى من السنين حتى تكمل الشمس دورة أخرى حول المجرة ؟
ويبدو أنك تقصد أنه حين تستأنف الشمس دورتها حول مركز المجرة تتحول جهة طلوعها إلى جهة غروبها الحالية على الأرض ! من أين لك أن تثبت هذا ؟! ولماذا تختلف الجهة ؟!
هذا الفهم الذي تقترحه لا يحلّ شيئا ، بل يثير جملة من الإشكالات !
ومن الواضح تماما أن الأحاديث التي تتحدث عن علامات القيامة ومنها طلوغ الشمس من مغربها ، إنما تقصد أن ذلك التحول يحدث في ليلة واحدة ، ففي اليوم قبل الأخير يكون طلوع الشمس عاديا وطبيعيا ، ولكن في اليوم التالي تطلع الشمس من الجهة التي غربت منها في المساء أي تطلع من المغرب . هذا هو المقصود . أي أن القانون الكوني يتغير ، أي تؤمَر الشمس باتباع قانون كوني آخر .
 
خلق الإنسان من علق : من دم غليظ أم من دودة تعلق وتمتص الدم ؟!

خلق الإنسان من علق : من دم غليظ أم من دودة تعلق وتمتص الدم ؟!

نحن نقدم الحقيقة الشرعية على العرفية ونقدم العرفية على اللغوية.
كلام ذهبي .

العلق في اللغة ما يعلق، وهو لا يتنافى مع العرفية التي ترى أن العلقة دودة معروفة يعرفها العربي لأنه يراها في المياه أينما حل. وسميت علقة لأنها تعلق وتمتص الدم. وكان الناس يستخدمونها لتستخرج من جلودهم الدم الفاسد. من هنا من أين لك أن العلق في العرف هو الدم؟! وإن صح نقل عن الصحابة في ذلك فأرجو أن تحيلني إليه. أما أقوال المفسرين فنعرفها، وهم يفسرون بما تحتمله اللفظة وفق علوم عصورهم.
أنا لم أقل بأن "العلق في اللغة هو الدم" ، هكذا على الإطلاق . بل قلت إن العرف اللغوي خصص الكلمة بشيئين من الأشياء التي تتعلق وتعلق ، وهما (الدم المتجمد) ، و (الدودة التي تعلق وتمتص الدم) ، وأوردت هذين على سبيل المثال ، وإلا فيجب أن نضيف إليهما أشياء أخرى . فالفيرزآبادي يورد هذه المعاني للكلمة في (القاموس المحيط) للـ (عَلَق):
1. الدَّمُ عامَّةً أو الشَّديدُ الحُمْرَةِ أو الغَليظُ أو الجامِدُ . القِطْعَةُ منه : عَلَقة.
2. كلُّ ما عُلِّقَ.
3. الطينُ الذي يَعْلَقُ باليَدِ.
4-5. الخُصومَةُ والمَحَبَّةُ اللازِمَتَانِ .
6. ذو عَلَقٍ : جَبَلٌ لِبَني أسَدٍ لهُمْ فيهِ يَوْمٌ م على رَبِيعَةَ بنِ مالِكٍ.
7. دُوَيْبَّةٌ في الماءِ تَمُصُّ الدَّمَ.
8. ما تَتَبَلَّغُ به الماشِيَةُ مِنَ الشَّجَرِ .
9. مُعْظَمُ الطَّريقِ (قاله ابن عبّاد).
10. الذي تُعَلَّقُ به البَكَرَةُ والبَكَرَةُ نَفْسُها أوِ الرِّشاءُ والغَرْبُ والمِحْوَرُ جَميعاً أو الحَبْل المُعَلَّقُ بالبَكَرَةِ.
11. والهَوَى والحُبُّ وقَدْ عَلِقَهُ كفَرِحَ وبه عُلوقاً وعِلْقاً بالكَسْرِ وبالتَّحْريكِ وعَلاَقَةً .
12. العلَق مِنَ القِرْبَةِ : كَعَرَقِها ، وهو سيْر تُعَلَّقُ به . (ويُراجَع شرح الزبيدي على المادة من القاموس) .
يُلاحظ على ما سبق أن المعنى العام الجامع بين هذه المعاني هو العلوق والتعلّق (ما عدا المعاني 6 والمعنى 8 والمعنى 9 فلا أعرف وجه اشتقاق الكلمة ووجه التسمية بحَسَبها). ولا يُستفاد من كلام صاحب القاموس أن الكلمة تطلَق على أي شيء يَعْلَق . بل تطلق ـ مثلا ـ على الدم خصوصا ، وخاصة الدم حين يتخثر وقبل أن ييبس . وأنت تلاحظ أن الفيرزوآبادي قال أولا (العلق : الدم عامة) ، وأنا لا أتصور أن تطلق الكلمة على الدم عامة وعلى الإطلاق ، بل أتصور أنها تطلق على قطعة دم متجمّعة فتكون لزجة وتتعلق بالأشياء .
وقال الطبري : (وَقَوْلُهُ : "ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً" يَقُولُ : ثُمَّ صَيَّرْنَا النُّطْفَةَ الَّتِي جَعَلْنَاهَا فِي قَرَارٍ مَكِينٍ عَلَقَةً ، وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الدَّم ِ) ويقول أيضا : (ثم بين الذي خلق فقال " خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ " يعني: من الدم) .
وقال القرطبي : ("ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ" وهو الدم الجامد. والعلق الدم العبيط، أي الطري. وقيل: الشديد الحمرة). وقال أيضا : ("خلق الإنسان من علق" : قوله تعالى : "خلق الإنسان" "خلق الإنسان" يعني ابن آدم. "من علق" أي من دم ؛ جمع علقة ، والعلقة الدم الجامد ؛ وإذا جرى فهو المسفوح. وقال : "من علق" فذكره بلفظ الجمع ؛ لأنه أراد بالإنسان الجمع ، وكلهم خلقوا من علق بعد النطفة. والعلقة : قطعة من دم رطب ، سميت بذلك لأنها تعلق لرطوبتها بما تمر عليه ، فإذا جفت لم تكن علقة).
وقال أبو الليث السمرقندي في بحر العلوم : ("ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً" ، أي حولنا الماء دماً ، "فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً" ، أي حولنا الدم مضغة ) .
وقال ابن قتيبة في (غريب القرآن) : ("عَلَقَةً" واحدة العَلَق، وهو الدم). .
وقال ابن دريد في الجمهرة : (والعَلَق: الدم). مادة علق .
وقال السيوطي في الدر المنثور : وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن المنذر ، وَابن أبي حاتم عن عكرمة قال : العلقة الدم والمضغة اللحم والمخلقة التي تم خلقها "وغير مخلقة" السقط .
فأنت ترى هنا أن عكرمة عرّف العلقة بالدم . وهذا حجة لي عليك ، ولكنني لا أزال أقول إنه لا يمكن إطلاق (علقة) على الدم بصورة عامة ، فلا يمكن أن نسمي الدم في الجسد علقة ، بل هي قطعة دم واقعة على الأرض مثلا وهي عادة تكون غليظة لزجة . هكذا يقول لي ذوقي اللغوي ! وأرى أنهم حين يفسرون العلق بالدم إنما يصفون مادته وأنهم لا يريدون أنه يصح إطلاق العلق على الدم عموما .
وإطلاق (علقة) على قطعة الدم الغليظة وارد في بعض الأحاديث أيضا في غير موضوع الجنين ، فمثلا : الحديث الذي يروي حادثة شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام ، فيروي مسلم ـ على سبيل المثال ـ :
(حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَتَاهُ جِبْرِيلُ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَقَالَ هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ. ثُمَّ غَسَلَهُ فِى طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ لأَمَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فِى مَكَانِهِ وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ - يَعْنِى ظِئْرَهُ - فَقَالُوا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ. فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقَعُ اللَّوْنِ. قَالَ أَنَسٌ وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِى صَدْرِهِ).
صحيح مسلم ، الحديث رقم 431 ، جـ. 1، ص. 101.

وأكثر المعاجم العربية تقول (الدم العليظ) أو (الدم المتجمد) أو (الدم الجامد) ونحو ذلك . فمثلا : يقول الجوهري في الصحاح : (العَلَقُ: الدمُ الغليظُ، والقطعة منه عَلَقَةٌ. والعَلَقَةُ: دودةٌ في الماء تمصّ الدمَ، والجمع عَلَقٌ) .
ولاحظ أن المعاجم تورد معنى (الدم المتجمد) كأول معنى ثم تورد المعاني الأخرى .
ومن المحتمل أن هذا هو أصل تسمية الدودة المعروفة بالعلق ، فإنها تشبه قطعة دم غليظة ، كما يُستفاد من كلام الكثيرين من أهل اللغة والتفسير ، فمثلا يقول الأزهري في تهذيب اللغة : (وقال الله عزّ وجلّ : " ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً " ، العَلَقة : الدم الجامد الغليظ ، ومنه قيل لهذه الدابَّة التي تكون في الماء عَلَقة ، لأنّها حمراء كالدم . وكلُّ دمٍ غليظٍ عَلقٌ ).. وإن كان الظن الغالب أن الدودة سميت بذلك لأنها تتعلق فتتعلق بشارب الماء ، تتعلق بحلوق المواشي حين تشرب الماء .

ولا يمكن القول بأن (علق) في الآية هو أي شيء يعلق !! فالقرآن يقصد شيئا معينا ولا يريد أن يقول إن الإنسان مخلوق "من أي شيء يعلق" أو "من شيء يعلق" !! لا يُعقَل أن يقصد النص هذا . بل المحتم أن النص يقصد شيئا خاصا معينا ويُطلَق عليه ذلك الاسم لأنه يعلق ويتعلق . ويجب أن يكون تفسير الكلمة بشيء معروف في العرف اللغوي ، فلا يجوز ما يقوله طائفة من المفسرين العلميين من أن العلقة هي خلايا الجنين المتعلقة بجدار الرحم ! وأما معنى (الدودة التي تعلق وتمتص الدم) فهذا معروف في العرف اللغوي ، ولكن هل يناسب التعبير القرآني ؟ هل يجوز أن يُقال إن الإنسان خًُلِق من علقة أي من تلك الدودة !! بينما الجنين في مرحلة العلقة هي قطعة دم ولا فرق في الظاهر بينه وبين أية قطعة دم أخرى ، فيصح تسميته بالعلقة لأنه قطعة دم حقيقة ، ولكنه ليس تلك الدودة قطعا . وربما يُقال إن النص يحتمل ذلك المعنى على وجه التشبيه والاستعارة ، أي أن قوله (علق) أو (علقة) استعارة تصريحية بحسب مصطلحات علم البيان ، حيث (العلق) هو المشبَّه به ، والجنين في تلك المرحلة هو المشبَّه ، ووجه الشبه هو العلوق أو المظهر الدموي الأحمر.. ولكن لماذا لم يقل أحد المفسّرين بهذا على طول تاريخ التفسير مع اختلافهم وتشعب أقوالهم ؟ .. الجواب واضح ، وهو أنه لا وجه ولا حاجة لذلك ، فالتفسير بـ (الدم المتجمد) هو التفسير البديهي المتفق عليه . وإذا نظرنا في هذه المصطلحات التي تصف مراحل نشوء الجنين (نطفة ـ علقة ـ مضغة) رأينا أنها كلها مفردات عامة استعملت لمصداق واحد من مصاديقها ، فالنطفة هي الماء القليل ولكن استعملت اللفظة للماء القليل الذي هو المني . والعلقة هي الدم المتجمد ولكن استعملت اللفظة هنا للدم المتجمد الذي هو الجنين في مظهره الخارجي . والمضغة هي اللحمة بقدر ما يُمضَغ ولكن استعملت اللفظة هنا للحمة التي هي الجنين قبل تميّز أعضائه . وهذه المصطلحات الثلاثة تشير إلى مواد أو أنواع وحالات من المادة الحية ، ولا تشير أي منها إلى كائن حيّ خاصّ . خصوصا أن تعبير (خلق الإنسان من علق) باحتوائه على أداة (مِن) يُفيد أن (العلق) هي المادة التي تَشكـَّل منها الجنينُ ، فإذا كان المقصود من العلق هو الدودة كان المعنى أن الإنسان خُلِِق من مادة دودة أو أنه كان دودة في مرحلة من مراحل نشوءه جنينا ، وهذا المعنى غير لائق ومضحك . بينما إذا كان المقصود من العلق هو الدم الغليظ كان المعنى أن الإنسان خُلِِق من دم غليظ أو أنه كان دما غليظا في مرحلة من مراحل نشوءه جنينا وهو معنى مناسب لا اعوجاج فيه .

وأما عن قولك بأن المفسرين فسروا لفظة (علق) بما تحتمله اللفظة وفق علوم عصورهم ؛ فأنا بيّنتُ أن اللفظة ليست لفظة قرآنية خاصة ، بل هي مفردة عامة من مفردات اللغة ، وهي تعني أية قطعة دم غليظة ، والمفسرون كانوا يعرفون اللغة العربية وكانوا يتمتعون بذوق لغوي جيد ففهموا النص كما هو على حقيقته ففسروا (العلق) بالدم الغليظ . وما كان ذنبهم سوى أنهم كانوا يعرفون اللغة جيدا ويتذوّقونها تذوقا حسنا ! وأما المفسر العلميّ العصري فليس لديه من الذوق اللغوي الجيد ما يدرك به ركاكة تفسيره المصطنَع .

وعليه يكون معنى العلق: خلق الإنسان من شيء يعلق . وإذا كانت العلقة توجد في الماء ولها شكل محدد وتقوم بالعلوق والامتصاص، فإن أي شيء يماثلها في الشكل والسباحة في الماء والعلوق والامتصاص فهو علق. وأصحاب التفسير العلمي لم يخرجوا عن دائرة الحقيقة اللغوية ولا العرفية، وليس هناك من حقيقة شرعية لمعنى العلق.
أنت تقول بأن (علق) كلمة ذات مدلول عام فتدل على كل شيء يعلق ، ثم تقول إنه الدودة المذكورة التي تعلق ، ثم تقول إنه يعني أي شيء يماثل هذه الدودة في الشكل والسباحة في الماء والعلوق !
فأي معنى من هذه المعاني الثلاثة هو المقصود في التعبير القرآني ؟
أنت تجعل الكلمة ذات مدلول عام لتخصصه بعد ذلك بما يطيب لك ، وأما التخصيص الذي يعرفه العرف اللغوي العربي منذ نزول القرآن وقبله فترفضه (أقصد تخصيصه بالدم المتخثر أو الجامد) .
أولا يجب عليك أن تثبت أن (عَلَق) في اللغة هو كل شيء يتعلق بالأشياء . وأنا أشكّ في هذا . فعبارة الفيروزآبادي (كل شيء عُلِّق) لو كان بصورة (كل شيء يَعْلَقُ) لكان حجة لك ، ولكنه يقول (عُلِّقَ) وهذا يعني الأشياء المعلـََّقة وليس الأشياء التي من طبيعتها التعلق والعلوق . وهذه العبارة (كل شيء عُلِّق) هي لابن سيده (في "المحكم والمحيط الأعظم") وينقلها الفيروزآبادي وابن منظور وبعدهم "المعجم الوسيط"، وقد ضُبِطت في هذه المعاجم كلها بـ (عُلِّق) وليس (عَلِقَ) . ولكن إذا اكتـُشِف أنها مضبوطة في أقدم نـُسَخ (المحكم والمحيط الأعظم) بصورة (كل شيء عَلِقَ) لانعكس الأمر . ولكنني أقول إنه لا يمكن أن يُقال ـ في هذا السياق ـ (كل شيء عَلِقَ) بل المناسب أن يقال (كل شيء يَعْلَقُ) .
وحتى إذا افترضنا أن (العلق) في اللغة هو أي شيء يعلق ، فإنه لا يمكن القول بأن (علق) في الآية هو أي شيء يعلق !! فكما قلنا يقصد القرآن شيئا معينا ولا يريد أن يقول إن الإنسان مخلوق "من أي شيء يعلق" أو "من شيء يعلق" !! لا يُعقَل أن يقصد النص هذا . كما بيّنـّا .
ثانيا ، يجب عليك أن تثبت أنه يجوز إطلاق كلمة (علق) على كل شيء يشبه الدودة التي تعلق وتمتص الدم . من أين لنا أن نثبت أن هذا الاستعمال كان موجودا في لغة القرآن أو أنه مقصود في النص القرآني ؟
الغرض هو أن التخصيص يجب أن يكون موجودا في اللغة ولا تصنعه أنتَ . المفسرون العلميون ينصبون أنفسهم مكان العرف اللغوي فيخصصون دلالة الكلمة من عند أنفسهم ، وهذا هو المحذور .
وهذا مثل القول بأن (خمار) هو كل شيء ساتر ثم تخصيصه بساتر موضع معين كما فعل محمد شحرور . بينما العرف اللغوي يخصصه بغطاء الرأس .
وما أدراك أن النص يقصد هذا المعنى العرفي المعين أو ذاك إن لم تستعن بالسياق والذوق اللغوي والشواهد المرتبطة بالنص مثل النصوص المفسِّرة والشروح القديمة للنص ؟
وملاحظة أن الجنين في تلك المرحلة يشبه الدم الغليظ ملاحظة عامة يعرفها الناس عموما ، ويمكن القول إن كل النساء المجربات (والقابلات خصوصا) يعرفن ذلك . لأن السقط يكون على تلك الهيئة . ولم يخاطب القرآن الناس في تلك الأمور إلا بما يعرفون (كما بيّن الشاطبي في كلامه الذهبي في الموافقات).
ويجب أن نعلم أننا لا نقصد بالعرف أي عرف وفي أي عصر ومجتمع ، بل نقصد العرف اللغوي القائم في الذخيرة اللغوية التي تمثلت في لغة القرآن الكريم . فهل كان العرف اللغوي في ذلك الزمان يخصص (علق) بخلايا الجنين التي تتعلق بجدار الرحم أو بالجنين باعتبار أنه يشبه الدودة التي تمتص الدم بشكله أو وجوه الشبه الأخرى ؟ من الواضح أن شيئا من ذلك لم يكن موجودا . هذه هي النقطة المقصودة ، أن لا نفسر القرآن بوجه لغوي لم يكن في العربية التي عاصرت نزول القرآن .
باختصار، أنا أريد أن أقول : إن المعنى القرآني هو المعنى الذي كان للقرآن حينما كان ينزل ، هذا هو القرآن . وعلينا أن نجتهد بكل الوسائل لنعرف ذلك المعنى ونكتشفه . واكتشافه ليس بالأمر الصعب ، بل يجب فقط أن نتحرر من أي نزعة خاصة في التفسير ونستمع بإخلاص إلى النص نفسه ونحتكم إلى العربية الأصيلة والذوق اللغوي والسياق والشواهد والأدلة ونستفيد من التراث التفسيري الضخم .
 
الأخ الكريم جمال،

1. أنا في تصحيح الأحاديث كَلٌّ على أهل الاختصاص الثقات. أما الفهم فشأن آخر.
2. لاحظتُ أن مدار السند في كل ما ذكرت من أسانيد صحت أم لم تصح على إبراهيم التيمي عن أبيه. ولم يشذ عن ذلك سند واحد مما ذكرتَ، ولا أدري إن كان للحديث أسانيد أخرى. وكلها تقريباً تدور على الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه. وستدرك مقصدي من ذلك بعد قليل.
3. إذا خالف الثقة من هم أوثق منه ضعف حديثه، فكيف إذا خالف الثقة أهل الأرض جميعاً من مسلمين وغير مسلمين. ثم نحن لا نقبل في إثبات دَين إلا شهادة عدلين ونقبل في إثبات دِين شهادة عدل واحد (لعله الأعمش، لعله إبراهيم، لعله والد إبراهيم) وهذا الواحد يخالف بدهيات أطبق عليها أهل الأرض؟!!
4. معلوم اليوم لكل أحد أن الشمس لا تغرب عن الأرض اطلاقاً، وليس هناك من فاصل بين طلوعها وغروبها، ففي كل لحظة هي في حالة غروب وشروق. فمتى تذهب إذن لتسجد ثم يؤذن لها فتطلع وهي لا تبرح الطلوع؟! وحتى تتحقق أخي جمال من ذلك يمكنك أنت ومجموعة من زملائك أن تستخدموا الجوّال لتتصلوا بمسلمين في بلاد مختلفة لتأخذوا شهادتهم أن الشمس لا تزال طالعة ولا تغيب عن الأرض اطلاقاً.
5. قد تقول لي إن سجود الشمس تحت العرش هو أمر غيبي لا نحسّه ولا ندرك كنهه، عندها أقول لك: لندع الاستشهاد بالحديث على فهمنا الخاص ولنؤمن به كغيب لا يُدرك كنهه. وإذا أمكن أن نؤوّل الحديث نؤوّله قبل أن نلجأ إلى رده (رد وهم الراوي).
6. الحديث الذي نصه:" سألت رسول الله عن قول الله عز وجل: والشمس تجري لمستقر لها، قال: مستقرها تحت العرش". مفهوم ومنسجم، فالشمس تجري وسوف تستقر ومستقرها تحت العرش. ومعلوم أن الشمس تجري في مدار هائل والمجموعة الشمسية تتبعها في جريانها والله يقول إنها ستستقر.
7. أما الأحاديث الأخرى فيمكن فهمها الفهم الذي يمنع ردّها كالآتي: الشمس تجري حتى تكون تحت العرش فيؤذن لها أن تعود في مدارها الهائل وتبقى تطلع من الشرق (أي عندما تعود في مدارها يبقى واقعها أنها تطلع من الشرق) حتى يأتي اليوم الذي تطلع فيه من الغرب، فيكون ذلك من علامات القيامة. وهذا الفهم أقدمه على فهمك حتى لا نلجأ إلى رد شهادة واحد لا ندري حفظ أم نسي.

وفقك الله شيخنا أبا عمرو فقد أحسنت في توفيقك هذا كل الإحسان.. وأزلت لبساً لا يقدره حق قدره إلا من كان مشغولاً فعلاً بهذه القضايا العلمية.. وكشفت عن سر من أسرار الإعجاز النبوي والقرآني الذي يصف أمراً من أمور الكون لن يستطيع الناس أن يتوصلوا إليه إلا من طريق الوحي الأمين.. ولا تتعارض فيه النصوص ولا تنقضي عجائبه.
بارك الله فيك وفي علمك ووقتك.
 
أعرف أن الموضوع صعب وشائك بالنسبة للمسلم ، وأن المسلم يحتار في هذه المواضيع . ولكنني أعتقد أنه يمكن التوفيق بين ما ورد في النصوص عن الطبيعة وبين ما أثبته العلم الحديث عن الطبيعة ، من دون أن نستشكل النصوص ومن دون أن نكذّب العلم الحديث . والموضوع يحتاج إلى التفكير السليم وإلى التعاون والتكاتف والتبصر .

وأريد أن تعرف ـ أخي أبا عمرو ـ أنني أومن بحقائق العلم الحديث كلها (الحقائق وليس النظريات) ولستُ من منكري العلم الحديث ومكذبيه ، ولكن ذلك لم يجعلني أستشكل النصوص فأرفضها أو أرفض تفسيرها الأصيل ، لأنني أعرف كيف أوجّه كل موضوع وجهته . القرآن الكريم يقول إن الأرض مبسوطة ، وهذه حقيقة ظاهرة لكل ذي عينين ، فما نراه هو الأرض المبسوطة . والعلم الحديث يقول إن كوكب الأرض شبه كروي (بالمناسبة ؛ كوكب الأرض ليس كرويا تاما، وليس بيضاويا ، وليس إهليلجيا ، بل هو شبه كروي : مفلطح عند القطبين بارز عند خط الاستواء ، أي : كروي غير تامّ) ، وهذا أيضا صحيح . والموضوعان مختلفان ، فالقرآن الكريم يتحدث عن بيئة الإنسان ، والإنسان هو المقصود في القرآن ، وبيئة الإنسان هي أرض مسطحة عموما . وأما العلم الحديث فهو يتحدث عن كوكب الأرض ، فهو لا يراعي وجدان الإنسان ويعمل على اكتشاف المادة بصورة منفصلة عن ذهنية الإنسان المرتبطة بالبيئة والمحيط .
والقرآن الكريم إذ يصف الطبيعة ، إنما يصف مشاهدها ولا يصف أعماق المادة . القرآن الكريم يصف ما تقع عليه عينُ الإنسان ، وذلك لأن هدفه هو إقناع الإنسان . لاحِظ معي قوله تعالى (والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم) ، فالقمر في نفسه لا يصير مثل العرجون القديم وإنما مشهده ومنظره يصير كذلك . ولذا فالوصف القرآني وصف تصويري قد يكون ـ أحيانا ـ أشبه بتصوير فوتوغرافي .
أعتقد أن كلامي هذا هو البلسم الشافي لما يثور في وجدان المسلم المعاصر من إشكالات متعلقة بالطبيعة ووصفها في النصوص وفي العلم الحديث .
أرجو أن أكون قد وفقتُ لحلّ هذا الإشكال الذي قد يستعصي على الكثيرين فإما يرفضون حقائق العلم الحديث وإما يستشكلون النصوص فيحاولون رفضها أو رفض تفسيرها الحقيقي .

أحسنت أيّها الموفّق المبارك الأستاذ جمال!

وأحسن فضيلة الأستاذ أبو عمرو البيراوي - تلميذ الأستاذ بسّام جرّار وشبيهه في أسلوبه- وأنا متابع له جدّاً؛ فيما يكتب دائماً بأدب العالم وتواضعه، وعلمه الغزير، ومناقشته الرّاقية، وقدرته على تحرير المسائل بأناة، وصبر على المخالف دون تعصّب لرأي.
وآمل أن يكون مثالاً يحتذى في ذلك كلّه. جزاه الله خيراً.
 
أعرف أن الموضوع صعب وشائك بالنسبة للمسلم ، وأن المسلم يحتار في هذه المواضيع . ولكنني أعتقد أنه يمكن التوفيق بين ما ورد في النصوص عن الطبيعة وبين ما أثبته العلم الحديث عن الطبيعة ، من دون أن نستشكل النصوص ومن دون أن نكذّب العلم الحديث . والموضوع يحتاج إلى التفكير السليم وإلى التعاون والتكاتف والتبصر .

وأريد أن تعرف ـ أخي أبا عمرو ـ أنني أومن بحقائق العلم الحديث كلها (الحقائق وليس النظريات) ولستُ من منكري العلم الحديث ومكذبيه ، ولكن ذلك لم يجعلني أستشكل النصوص فأرفضها أو أرفض تفسيرها الأصيل ، لأنني أعرف كيف أوجّه كل موضوع وجهته . القرآن الكريم يقول إن الأرض مبسوطة ، وهذه حقيقة ظاهرة لكل ذي عينين ، فما نراه هو الأرض المبسوطة . والعلم الحديث يقول إن كوكب الأرض شبه كروي (بالمناسبة ؛ كوكب الأرض ليس كرويا تاما، وليس بيضاويا ، وليس إهليلجيا ، بل هو شبه كروي : مفلطح عند القطبين بارز عند خط الاستواء ، أي : كروي غير تامّ) ، وهذا أيضا صحيح . والموضوعان مختلفان ، فالقرآن الكريم يتحدث عن بيئة الإنسان ، والإنسان هو المقصود في القرآن ، وبيئة الإنسان هي أرض مسطحة عموما . وأما العلم الحديث فهو يتحدث عن كوكب الأرض ، فهو لا يراعي وجدان الإنسان ويعمل على اكتشاف المادة بصورة منفصلة عن ذهنية الإنسان المرتبطة بالبيئة والمحيط .
والقرآن الكريم إذ يصف الطبيعة ، إنما يصف مشاهدها ولا يصف أعماق المادة . القرآن الكريم يصف ما تقع عليه عينُ الإنسان ، وذلك لأن هدفه هو إقناع الإنسان . لاحِظ معي قوله تعالى (والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم) ، فالقمر في نفسه لا يصير مثل العرجون القديم وإنما مشهده ومنظره يصير كذلك . ولذا فالوصف القرآني وصف تصويري قد يكون ـ أحيانا ـ أشبه بتصوير فوتوغرافي .
أعتقد أن كلامي هذا هو البلسم الشافي لما يثور في وجدان المسلم المعاصر من إشكالات متعلقة بالطبيعة ووصفها في النصوص وفي العلم الحديث .
أرجو أن أكون قد وفقتُ لحلّ هذا الإشكال الذي قد يستعصي على الكثيرين فإما يرفضون حقائق العلم الحديث وإما يستشكلون النصوص فيحاولون رفضها أو رفض تفسيرها الحقيقي .

أحسنت أيّها الموفّق المبارك الأستاذ جمال!

وأحسن فضيلة الأستاذ أبو عمرو البيراوي - تلميذ الأستاذ بسّام جرّار وشبيهه في أسلوبه- وأنا متابع له جدّاً؛ فيما يكتب دائماً بأدب العالم وتواضعه، وعلمه الغزير، ومناقشته الرّاقية، وقدرته على تحرير المسائل بأناة، وصبر على المخالف دون تعصّب لرأي.
وآمل أن يكون مثالاً يحتذى في ذلك كلّه. جزاه الله خيراً.
 
الأخ أبا حسان :
لعلك تربأ بنفسك عن هذا اللمز المبطن وأن نعلو بأنفسنا بأخلاق العلم الذي نحمله, فمتى كنت حريصا على رأيي وتعليقي , أم تريدني أكون شرطياً على كل ما يذكر في هذا الملتقى وأن تجد لي في كل شاردة وواردة رأي وإلا فنحن لا نفهم ولا نفقه ولا نستحق تلك الشهادات اللي حصلنا عليها كما قلت في مناسبة أخرى .
أخي الكريم : مشاركاتي وتعليقاتي قاربت الألف والثلاثمائة , فإني لأرجو أن تجد فيها ما يفيدك .
أما هذه المقالة فذكرت لك باسم صاحبها ومصدرها ويمكنك مناقشتها دون النظر بكاتبها فضلاً عن ناقلها .
 
يبدو أن الأخ أحمد قصد أن يرد على مداخلة أخرى في هذا الملتقى، لأن أبا حسان لم يداخل هنا. جل من لا يسهو.
 
الأخ أبا حسان :
لعلك تربأ بنفسك عن هذا اللمز المبطن وأن نعلو بأنفسنا بأخلاق العلم الذي نحمله, فمتى كنت حريصا على رأيي وتعليقي , أم تريدني أكون شرطياً على كل ما يذكر في هذا الملتقى وأن تجد لي في كل شاردة وواردة رأي وإلا فنحن لا نفهم ولا نفقه ولا نستحق تلك الشهادات اللي حصلنا عليها كما قلت في مناسبة أخرى .
أخي الكريم : مشاركاتي وتعليقاتي قاربت الألف والثلاثمائة , فإني لأرجو أن تجد فيها ما يفيدك .
أما هذه المقالة فذكرت لك باسم صاحبها ومصدرها ويمكنك مناقشتها دون النظر بكاتبها فضلاً عن ناقلها .

راجع موضوعي هذا
الرسائل الجامعية الشرعية في الجامعات السعودية والطرح الهزيل
ولنا عودة للنقاش هنا
 
الأخ البيراوي :
بل أنا أرد على مشاركته في هذا الموضوع والتي تحمل رقم 16 حيث جاء فيها :
اتمنى من الدكتور أحمد البريدي أن يُبدي لنا وجهة نظره حول هذا الكلام الذي نقله
فقد جرت العادة أن من ينقل فإنه يعلق ويبدي وجهة نظره على الكلام الذي ينقله إلا إذا كان لا يفقه ما ينقل وأتمنى أن لا يكون الناقل هنا كذلك .
الأخ الدكتور أبو حسان :
ما علاقة الرابط بما قلت .
 
الأخ الكريم البريدي

عذراً، فقد استعرضت المداخلات فلم أنتبه لوجود المداخلة المذكورة باسم الإخ (ابو حسان)، وكما تلاحظ بلغت المداخلات الثمانين.
 
الأخ البيراوي :
بل أنا أرد على مشاركته في هذا الموضوع والتي تحمل رقم 16 حيث جاء فيها :
اتمنى من الدكتور أحمد البريدي أن يُبدي لنا وجهة نظره حول هذا الكلام الذي نقله
فقد جرت العادة أن من ينقل فإنه يعلق ويبدي وجهة نظره على الكلام الذي ينقله إلا إذا كان لا يفقه ما ينقل وأتمنى أن لا يكون الناقل هنا كذلك .
الأخ الدكتور أبو حسان :
ما علاقة الرابط بما قلت .

فقط أريد منك تعليقا على هذا الموضوع الذي نقلته لنا هنا
أريد أن أعرف وجهة نظرك فقط ، ولا أريدك أن تكون شرطياً على كل ما يذكر في هذا الملتقى
 
الموج الأسفل (يغشاه موج) هو فوق سطح البحر لأن الآية تقول إنه يغشى البحر ، وأما الموج الأعلى (من فوقه موج) فهو أيضا فوق سطح البحر ولكنه يأتي متأخرا وينشأ بعد أن يقرب الموج السابق من الانتهاء فيركب الموج الأول ، وهذا يسمى (تراكب الأمواج)
وإذا حدث أن تركبت الأمواج فهذا يعني أن البحر في هيجان وحينئذ لا يرى الشخص ما أمامه ، لأن درجة الرؤية تقرب من الصفر

الذي كان حاضرا في ذهني وأردتُّ كتابته هو (تراكم الأمواج) ... وإذا حدث أن تراكمت الأمواج...
ولكنني كتبتُ (تراكب) لقرب عهدي بكلمة (يركب) في عبارتي (فيركب الموج الأول) .
فليصحح . وأرجو المعذرة .

و (تراكم الأمواج) مصطلح يرد لدى بعض المفسرين في تفسير الآية ويرد في الكتابات العلمية الحديثة لوصف هيجان البحر والعواصف البحرية .
 
رأيي يا أبا حسان :
أن الحقيقة القرآنية لا يمكن أن تخالف الحقيقة الكونية والسبب أن خالق الكون ومنزل القرآن واحد وهو الله جل وعلا ’ فإذا ما وجد ما ظاهره التعارض أو ظننا ذلك أو اختلفنا فيه فلا يخلو من حالين :
الأول : أن الآية القرآنية لم تفهم الفهم الصحيح ولم يكن تنزيلها صحيحاً وبالتالي فهي لا ينطبق عليها أنها حقيقة قرآنية .
الثاني : أن القضية الكونية ما زالت في طور النظرية فهي لم تصل لحد الحقيقة .
ولذا فما ذكره صاحب المقال وجهة نظر معتبرة حيث بين الهدف القرآني من إيراد هذه الحقائق وعاب على المشتغلين بالإعجاز الهرولة للتدليل على كل نظرية تظهر بإشارة القرآن لها بل وصل الحد التعسف في ذلك وهذا حق .
أما الأمثلة المذكورة فما زالت محل بحث واختلاف من الباحثين من جهة وجودها أو صحة الاستدلال لها , وليس المقام مناقشة آحادها .
 
رأيي يا أبا حسان :
أن الحقيقة القرآنية لا يمكن أن تخالف الحقيقة الكونية والسبب أن خالق الكون ومنزل القرآن واحد وهو الله جل وعلا ’ فإذا ما وجد ما ظاهره التعارض أو ظننا ذلك أو اختلفنا فيه فلا يخلو من حالين :
الأول : أن الآية القرآنية لم تفهم الفهم الصحيح ولم يكن تنزيلها صحيحاً وبالتالي فهي لا ينطبق عليها أنها حقيقة قرآنية .
الثاني : أن القضية الكونية ما زالت في طور النظرية فهي لم تصل لحد الحقيقة .
ولذا فما ذكره صاحب المقال وجهة نظر معتبرة حيث بين الهدف القرآني من إيراد هذه الحقائق وعاب على المشتغلين بالإعجاز الهرولة للتدليل على كل نظرية تظهر بإشارة القرآن لها بل وصل الحد التعسف في ذلك وهذا حق .
أما الأمثلة المذكورة فما زالت محل بحث واختلاف من الباحثين من جهة وجودها أو صحة الاستدلال لها , وليس المقام مناقشة آحادها .
جميل ما ذكرته
لكن لم تُبدِ لنا وجهة نظرك، هل أنت من مؤيدي الإعجاز العلمي أو من الذي لا يرتضونه؟
 
بل أنا من مؤيديه ما دام بضوابطه الشرعية , المهم عدم التكلف والتمحل .
 
وما هي الضوابط أخي أحمد .؟
وما هو الموقف حين يتعارض لك تفسير اهل الإعجاز مع تفاسير السلف لنفس الآية تعارضا لا يمكن معه الجمع ؛ وأيهما ترجح .؟
 
بل أنا من مؤيديه ما دام بضوابطه الشرعية , المهم عدم التكلف والتمحل .

أحسنت فيما قلت ، أحسن الله اليك

وقد أحسنت من قبل حين قلت :

الحقيقة القرآنية لا يمكن أن تخالف الحقيقة الكونية والسبب أن خالق الكون ومنزل القرآن واحد وهو الله جل وعلا

ونعم القول ، بارك الله فيك وأكثر من أمثالك
 
بل أنا من مؤيديه ما دام بضوابطه الشرعية , المهم عدم التكلف والتمحل .
الذي يبدو من كلام المؤلف صاحب المقال أنه من المعارضين للإعجاز العلمي
فكان الأولى بك أن تعقب على كلامه خصوصا وأنك تخالفه فيما ذهب إليه.
ونقلك المجرد دون تعليق يوحي بموافقتك لكل ما يقوله، فكيف تنقل رأياً أنت غير موافق له.
 
الأخ إبراهيم :
الضوابط كتب فيها المتخصصون, ودار الحديث عنها في مؤتمرات متعددة منها المتفق عليه ومنها غير ذلك .
أما عند وجود تفسير لأهل الإعجاز مع تفاسير السلف لنفس الآية تعارضا لا يمكن معه الجمع ؛ فطبق عليها القاعدت التي ذكرت .
الأخ أبو حسان :
من وجهة نظري أنه ليس الأولى أن أعلق على كلام الكاتب , ولا ينبغي لطالب العلم أن يسعى دائما للتعليق على كل من خالفه ففي الفضاء العلمي متسع لاختلاف وجهات النظر , وقد بينت لك وجهة نظري في المقال على وجه الجملة .
 
أخي الكريم : أحمد .
لنترك قاعدة : أسلفني على أن أسلفك التي يعمل بها كثير من مناصري الإعجاز في هذا الملتقى .
ولنبحث الأدلة حتى تفيدنا ..
نحن لا نريد كلاما عاما .
الضوابط التي ذكرت لو تفضلت ولخصتها لنا في نقاط ولك الأجر في ذلك .
أما سؤالي عن الترجيح بين تفسير آية فسرها أهل الإعجاز بتفسير لا يستند إلى لغة ولا إلى قرآن ولا إلى حديث ، بل هو مستند إلى ما قال لهم النصارى إنه حقيقة علمية ، وهم اجتروا ما قالوا لهم ، بدون تثبت وليست عندهم آلية للتثبت ، لأنهم لا يملكون مختبرات ولا سفنا فضائية للتأكد من تلك المعطيات .
وبين تفسير السلف لها ؛ فأيهما ترجح ؟
أرجو أن يكون الجواب واضحا .
وإذا كان تفسير أهل الإعجاز خارجا عن تفاسير السلف في مختلف العصور لتلك الآية فبرأيك أيكون الصواب مع هؤلاء الذين لا يعرفون - في الغالب - من العلوم الشرعية إلا قشورا مشوبة بما شيبت به ، أم يكون مع علماء السلف المتخصصين في مختلف العلوم الشرعية ؟
آمل كذلك أن تجيبنا بصراحة ؛ وبالأدلة ؛ لأن هدفنا هو الفائدة لا غير .
 
الضابطة في مدرسة التفسير العلمي هي ـ فقط ـ موافقة الفكرة العلمية

الضابطة في مدرسة التفسير العلمي هي ـ فقط ـ موافقة الفكرة العلمية

أما عن الضوابط في مدرسة التفسير العلمي ..
فليس لدى هؤلاء المفسرين العلميين ضابطة ، إلا موافقة دلالة الآية للفكرة العلمية . ثم إنهم يستخدمون أي شيء إذا كان لصالح تفسيرهم . فيستعينون باللغة والاشتقاق ، وحتى بأقوال السلف في التفسير ـ إذا كانت في صالح تفسيرهم .
فتجد ـ مثلا ـ زغلول النجار ، في تفسيره لقوله تعالى (كمثل العنكبوت اتخذت بيتا..) ، يستعين بقول طائفة من أهل اللغة إذ قالوا بأن مفردة (عنكبوت) تؤنث وتذكر، أو تؤنث وقد تذكر .. ويظن أن هذا يساعده في زعمه بأن تأنيث تاء الفعل (اتخذت) هو من أجل أن الآية تقصد الأنثى من العنكبوت ..!! باعتبار أن الكلمة مذكرة ولكنها أنثت من أجل إرادة الأنثى !!
وهكذا إذا كان الدليل اللغوي أو الأثري في صالحهم يذكرونه مقرونا بتوجيههم الخاص ، وإذا فلا يذكرونه أبدا .
وحتى الزنداني في تفسيره لمفردة (علق) ، يذكر التفسير الأصلي (الدم المتجمد) ، ولكنه يتغافل عن المعنى الأصلي لهذا التفسير (المعنى الأصلي هو الدم حين يتجلط ويتخثر) ، ويقول إن هذا يشير إلى أن الدم الذي يغذي الجنين في تلك المرحلة هو دم ساكن .. أي يفهم من صفة (متجمد) أنها تعني الراكد الساكن !!

مشكلة هؤلاء أنهم لديهم الفكرة قبل أن يستعرضوا النص . التفسير عندهم ليس محاولة لهم ما يقوله النص ، بل هو تقويل النص ما لديهم من فكرة . لا يريدون أن يَفهموا النص ، بل يُفهِمون النص ما لديهم . لا يفسّرون النص ، بل يجعلونه مجرد قالب للفكرة العلمية .
ومشكلتنا معهم ليست هي نزعتهم العلمية ، ليست المشكلة هي أنهم يؤمنون بحائق العلم الحديث ، بل هي أنهم يظلمون النصوص ويشوّهونها ويحرفونها تحريفا معنويا ، ويقتلعونها من سياقاتها ، ويتلاعبون بالتفسير اللغوي ..
مشكلتنا معهم مشكلة علمية أساسا . تفسيرهم ليس علميا أبدا ، ليس فيه الشروط العلمية . و مصطلح (التفسير العلمي) لا يشير سوى إلى أن هذا التفسير تُستخدَم فيه فكرة علمية . وهو في الحقيقة فرض لأفكار علمية على القرآن ، وهي أجنبية عنه .
وسيكون لي عودة إلى الموضوع .
 
الأخ الكريم إبراهيم،

1. أنت تعارض القول بالإعجاز العلمي، ولا تقتصر معارضتك على التفسير الذي يتعارض مع ما ثبت عن السلف.
2. ثم أنت تعارض بدهيات العلم وتطلب منا أن ننزل عند فهمك للنصوص. ويبدو أن الأخ أبو حسان قصد في مقاله المدرسة التي تنتمي إليها أنت.
3. حديث الأخوة في هذا الملتقى عن الضوابط وعن حجية أقوال السلف لا علاقة له بموقفك من الإعجاز العلمي والاكتشافات العلمية المعاصرة.
 
أخي : البيراوي .
لقد تعبنا في حوارات سابقة في الكلام العام ، وشخصنة الحوار ، وأنا قلت ، وأنت قلت ، وهو موقفه من الإعجاز ، وأنتم تعارضون .. وهلم جرا.
الذي أريده هو الجواب الواضح عن الأسئلة التي سردتها ؛ والتركيز على الأدلة ، أما أنا وأنت وهو فلنتركها لوقت آخر ؛ فلا فائدة فيها .
وأعيد الأسئلة وأزيدها لعل الزيادة تستدعي الإجابة عن بعضها على الأقل :
1 - ما هي ضوابط التفسير العلمي ( أرجو أن تكون في نقاط ملخصة موضحة طلبا لا أمرا حتى يستفيد الجميع )
2 - إذا تعارضت أقوال السلف في آية معينة مع أقوال النصارى التي اجترها أصحاب الإعجاز ( وهذا وصف للواقع تستدعيه الدقة العلمية ) فما هو موقفكم حينذاك ؟
3 - لماذا لم يستفد أصحاب الإعجاز من عقولهم التي يقدسونها فيكتشفوا لنا حقيقة علمية من القرآن الكريم ؛ لم يكتشفها الآخرون من النصارى ونحوهم ؟
4 - لماذا يظلون منتظرين حتى يقول النصارى إنه ثبت علميا أن الجنين يمر بمراحل كذا ، وأن الرياح تلقح السحاب ، وأن الأرض تنقص من الأطراف ، وأن الجماع في فترة الحيض خطير صحيا ؛ ثم يهللون ويقولون هذا تدل عليه الآية كذا ؛ ثم يتكلفون في لي أعناق النصوص حتى توافق تلك "الحقيقة العلمية" وقد تكون لعبة علمية.
ملاحظة : من تفضل بالإجابة على هذه الأسئلة دون مراوغة فإنه يكون قد أفاد كثيرا من الإخوة المتحيرين في مسألة الإعجاز ، وأنا من أولهم .
نفع الله بنا وبكم وفتح علينا وعليكم .
 
أما عن الضوابط في مدرسة التفسير العلمي ..
فليس لدى هؤلاء المفسرين العلميين ضابطة ، إلا موافقة دلالة الآية للفكرة العلمية . ثم إنهم يستخدمون أي شيء إذا كان لصالح تفسيرهم . فيستعينون باللغة والاشتقاق ، وحتى بأقوال السلف في التفسير ـ إذا كانت في صالح تفسيرهم .
فتجد ـ مثلا ـ زغلول النجار ، في تفسيره لقوله تعالى (كمثل العنكبوت اتخذت بيتا..) ، يستعين بقول طائفة من أهل اللغة إذ قالوا بأن مفردة (عنكبوت) تؤنث وتذكر، أو تؤنث وقد تذكر .. ويظن أن هذا يساعده في زعمه بأن تأنيث تاء الفعل (اتخذت) هو من أجل أن الآية تقصد الأنثى من العنكبوت ..!! باعتبار أن الكلمة مذكرة ولكنها أنثت من أجل إرادة الأنثى !!
وهكذا إذا كان الدليل اللغوي أو الأثري في صالحهم يذكرونه مقرونا بتوجيههم الخاص ، وإذا فلا يذكرونه أبدا .
وحتى الزنداني في تفسيره لمفردة (علق) ، يذكر التفسير الأصلي (الدم المتجمد) ، ولكنه يتغافل عن المعنى الأصلي لهذا التفسير (المعنى الأصلي هو الدم حين يتجلط ويتخثر) ، ويقول إن هذا يشير إلى أن الدم الذي يغذي الجنين في تلك المرحلة هو دم ساكن .. أي يفهم من صفة (متجمد) أنها تعني الراكد الساكن !!

مشكلة هؤلاء أنهم لديهم الفكرة قبل أن يستعرضوا النص . التفسير عندهم ليس محاولة لهم ما يقوله النص ، بل هو تقويل النص ما لديهم من فكرة . لا يريدون أن يَفهموا النص ، بل يُفهِمون النص ما لديهم . لا يفسّرون النص ، بل يجعلونه مجرد قالب للفكرة العلمية .
ومشكلتنا معهم ليست هي نزعتهم العلمية ، ليست المشكلة هي أنهم يؤمنون بحائق العلم الحديث ، بل هي أنهم يظلمون النصوص ويشوّهونها ويحرفونها تحريفا معنويا ، ويقتلعونها من سياقاتها ، ويتلاعبون بالتفسير اللغوي ..
مشكلتنا معهم مشكلة علمية أساسا . تفسيرهم ليس علميا أبدا ، ليس فيه الشروط العلمية . و مصطلح (التفسير العلمي) لا يشير سوى إلى أن هذا التفسير تُستخدَم فيه فكرة علمية . وهو في الحقيقة فرض لأفكار علمية على القرآن ، وهي أجنبية عنه .
وسيكون لي عودة إلى الموضوع .

يا له من إبداع منقطع النظير ..
ويا لها من علمية في الطرح غابت عن كثير من المشاركات ..
أخي الكريم بارك الله فيك ونفع بما كتبت .
 
الأخوة الكرام :
ينبغي أن نفرق بين وجودالإعجاز العلمي في القرآن والذي هو حق لا مرية فيه , وبين التفسير العلمي , وصنيع مناصريه وطريقتهم في إثبات هذاالإعجاز, وأن ننظر إلى المسائل فرادى فنثبت الصواب وننفي عن كتاب الله الخطأ .
وهذا الموضوع قد دار حوله نقاشات في هذا الملتقى لعل من المناسب الرجوع إليها في فهرس ملتقى الانتصار للقرآن .
 
أما عن الضوابط في مدرسة التفسير العلمي ..
فليس لدى هؤلاء المفسرين العلميين ضابطة ، إلا موافقة دلالة الآية للفكرة العلمية . ثم إنهم يستخدمون أي شيء إذا كان لصالح تفسيرهم . فيستعينون باللغة والاشتقاق ، وحتى بأقوال السلف في التفسير ـ إذا كانت في صالح تفسيرهم .
فتجد ـ مثلا ـ زغلول النجار ، في تفسيره لقوله تعالى (كمثل العنكبوت اتخذت بيتا..) ، يستعين بقول طائفة من أهل اللغة إذ قالوا بأن مفردة (عنكبوت) تؤنث وتذكر، أو تؤنث وقد تذكر .. ويظن أن هذا يساعده في زعمه بأن تأنيث تاء الفعل (اتخذت) هو من أجل أن الآية تقصد الأنثى من العنكبوت ..!! باعتبار أن الكلمة مذكرة ولكنها أنثت من أجل إرادة الأنثى !!
وهكذا إذا كان الدليل اللغوي أو الأثري في صالحهم يذكرونه مقرونا بتوجيههم الخاص ، وإذا فلا يذكرونه أبدا .
وحتى الزنداني في تفسيره لمفردة (علق) ، يذكر التفسير الأصلي (الدم المتجمد) ، ولكنه يتغافل عن المعنى الأصلي لهذا التفسير (المعنى الأصلي هو الدم حين يتجلط ويتخثر) ، ويقول إن هذا يشير إلى أن الدم الذي يغذي الجنين في تلك المرحلة هو دم ساكن .. أي يفهم من صفة (متجمد) أنها تعني الراكد الساكن !!

مشكلة هؤلاء أنهم لديهم الفكرة قبل أن يستعرضوا النص . التفسير عندهم ليس محاولة لهم ما يقوله النص ، بل هو تقويل النص ما لديهم من فكرة . لا يريدون أن يَفهموا النص ، بل يُفهِمون النص ما لديهم . لا يفسّرون النص ، بل يجعلونه مجرد قالب للفكرة العلمية .
ومشكلتنا معهم ليست هي نزعتهم العلمية ، ليست المشكلة هي أنهم يؤمنون بحائق العلم الحديث ، بل هي أنهم يظلمون النصوص ويشوّهونها ويحرفونها تحريفا معنويا ، ويقتلعونها من سياقاتها ، ويتلاعبون بالتفسير اللغوي ..
مشكلتنا معهم مشكلة علمية أساسا . تفسيرهم ليس علميا أبدا ، ليس فيه الشروط العلمية . و مصطلح (التفسير العلمي) لا يشير سوى إلى أن هذا التفسير تُستخدَم فيه فكرة علمية . وهو في الحقيقة فرض لأفكار علمية على القرآن ، وهي أجنبية عنه .
وسيكون لي عودة إلى الموضوع .

كل ما ذكرت يا جمال دعوى يعوزها الدليل

فأنت نفيت أن لدى الباحثين في الإعجاز ضوابط وهذه فرية مجافية للحقيقة حيث إن ضوابط البحث في الإعجاز العلمي متقرره من علماء أفاضل مشهود لهم بالعلم والفضل ولو بحثت عنها لوجدتها.

ثم إنك اتهمت الباحثين في الإعجاز العلمي بسوء النية والقصد حيث قلتَ:ثم إنهم يستخدمون أي شيء إذا كان لصالح تفسيرهم . فيستعينون باللغة والاشتقاق ، وحتى بأقوال السلف في التفسير ـ إذا كانت في صالح تفسيرهم .

وهذا أمر لا يليق بمسلم يبحث في كتاب الله وقصده الدعوة إلى دين الله ، فمن أين لك هذا الحكم ؟ هل اطلعت على سرائر القوم ونياتهم؟.

ثم اتهمتهم بالجهل حيث قلت إنهم يبحثون عن ما يسند الفكرة قبل النظر في النص وأقول من أين لك هذا؟
 
أكثر معاناتي كانت بسبب أسلوبهم الغريب في النقاش : يدّعون أن تفسيرهم هو التفسير العلمي ، ومع ذلك لا يلتزمون في أكثر الأحيان بأبسط قواعد الدراسة العلمية . وأكثر ما يتلاعبون به هو المعنى اللغوي والسياق ، وهذان مهمان جدا في تفسير النصوص. ثم لا يستمعون إلى أي تصحيح وتنبيه.
وأعتقد أن هذا الأسلوب الغريب يعود إلى أن موضوع الإعجاز العلمي وكذلك العددي قد أصبح في وجدان المسلم المعاصر من الأمور الإيمانية التي لا يتخلى عنها ، ومن الأساليب الدعوية الناجحة ، ولذا فقد ينهار المفسر العلمي أمام المناقشة الجادة ولكنه يصرّ على نزعته لأنه يعتقد أن الإعجازات التي يكتشفها في القرآن مهمة جدة في الدعوة ، خصوصا في البلاد الغربية.
أنا أتفهم دافعَهم ، ولكن يجب تنبيههم إلى أن الدعوة لا تكون بتغيير التفسير ومعاني القرآن من أجل موافقته للعلم وإدهاش الناس وإذهالهم . حتى لو اقتنع أحد الغربيين بالإسلام على أساس إعجاز علمي مزعوم يمكن أن يرتدّ بعد مدة بعد أن يكتشف أنه مخدوع بتفسير خاطئ جملة وتفصيلا
ورأينا للأسف انهيارهم أمام المناقشات الجادة، واللجوء للشخصنة كبديل!
 
أخي الكريم : جمال حفظك الله تعالى .
أرجو أن لا تتعب نفسك في مجادلات لا فائدة منها ألبتة.
وقد جربت النقاش مع القائلين بما يسمى بالإعجاز العلمي ، وتوصلت إلى خلاصة أجملها لك فيما يلي :
1 - لن تجد عندهم من الأدلة إلا ما يمكن تلخيصه في نقاط :
أ - شخصنة الحوار ، ومن ثم يحولون النقاش عن الأدلة إلى الكلام الجارح ، وأنت ضعيف ، وأدلتك واهية ، ومستواك العلمي في الحضيض ، ورأسك يدور ، ومتخلف ، وحجر عثرة أمام تقدم المسلمين ...
ب - كلام عام عائم لا يحصر صور مسألة الخلاف في نقاط ، ولا يحاول التوصل إلى نتيجة في كل نقطة ليستفيد الجميع .
ج - السخرية من علوم السلف ، ونعتها بأنها متخلفة وقديمة .
2 - أحسنهم الأخ حجازي الهوى ، فقد يأتيك بأدلة - حينما يكون مزاجه طيبا - وقد يقصد في القول ، أما غيره فإياك وإياهم .
3 - عندما تأتيهم بأدلة من تفسير ابن جرير الطبري يعارضونها لك بقول الزنداني ، والنجار ؛ وهل يعقل مسلم هذا .
4 - عندما تأتيهم بما قال أئمة اللغة كابن دريد والأزهري يعارضونها لك بكتابات طه حسين والعقاد ..
5 - عندما تتنزل معهم إلى أدلتهم وتقبلها جدلا ثم تضيق عليهم الخناق بأدلة أخرى يحاولون اللعب على أعصابك.
هذه هي الخلاصة ، وسوف تتوصل إليها أخي الكريم بعد ما تجرب.

لكن علينا الاستمرار في نقدهم، فالردود سهلة والحمد لله، وتفاسيرهم المستحدثة لا تصمد أمام المنطق.
 
من أين لك أن العلق في العرف هو الدم؟!

قال الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى عن دابته:
إِلَيْكَ أَعْمَلْتُهَا فُتْلًا مَرَافِقُهَا ... شَهْرَيْنِ يَجْهُضُ مِنْ أَرْحَامِهَا الْعَلَقُ

فالله ذكرها في القرآن باستعمال عربي معتاد. سياق الآية عن الأجنة، فكان من الطبيعي أن يستخدم الوصف العربي المعتاد في مثل هذا السياق: علقة وعلق.
 
عودة
أعلى