تحفة الزمن في تراجم قراء اليمن (16) المقرئ أحمد بن ناصر الخولاني (ت1379هـ)

جمال ياسين

New member
إنضم
31 يوليو 2010
المشاركات
174
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
42
الإقامة
اليمن
الموقع الالكتروني
scholar.google.com


تحفة الزمن في تراجم قراء اليمن (16)
د. جمال نعمان ياسين


المقرئ أحمد بن ناصر الخولاني (ت1379هـ).

- من قراء مدينة صنعاء -


اسمه ونسبه وكنيته ولقبه


المقرئ العلامة الضرير صفي الدين أحمد بن ناصر الخولاني، الصنعاني، اليمني.

الخولاني: نسبة إلى خَولان، إحدى القبائل اليمنية، واسم خولان: فكل بن مالك بن الحارث بن مرة بن أد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ.


ولادته ونشأته وحياته العلمية


ولد المقرئ أحمد بن ناصر الخولاني في قرية (بيت جرم)، في هجرة الضبايئة، شمال هجرة الكبس، بمديرية خولان من محافظة صنعاء سنة 1311هـ.

ونشأ بمدينة صنعاء، فأخذ القرآن بها، وحفظ المتون في كل فن، وأخذ القراءات العشر عن المقرئ العلامة محمد بن أحمد زايد أولًا، ثمَّ خرج روضة أحمد سنة 1336هـ وأخذها عن المقرئ العلامة علي بن أحمد السُّدُمي وأجازه بها سنة 1336هـ.

ومن أقرانه الذين أخذوا القراءات العشر عن المقرئ علي بن أحمد السُّدُمي:
1. المقرئ يحيى بن محمد الكبسي.

2. المقرئ محمد بن حسن دلال.
3. المقرئ علي بن حمود شرف الدين.
4. المقرئ سعيد بن أحمد فحل.
5. المقرئ علي بن حسن الحمامي.


ورابط المقرئ أحمد بن ناصر الخولاني بالجامع الكبير بصنعاء، فقرأ فيه على كبار علماء اليمن القراءات والحديث والتفسير والأصول والفروع والمعاني والنحو والصرف، وأجاز واستجاز من جميع مشايخه، حتى صار إمامًا وعلمًا من الأعلام.

ثُمَّ اشتغل بالتدريس بجامع صنعاء ودرس العلوم والفنون، وأقرأ القراءات العشر حتى أصبح هو الوحيد ممن يرجع إليه في علم القراءات وتنتهي إليه إجازات من بعده، وانتفع به جم غفير من طلبة العلم.

وفي سنة 1368هـ أمره الإمام أحمد حميد الدين بالانتقال إلى مدينة شهارة لتدريس القراءات والتفسير والحديث وسائر العلوم، فانتقل إليها ودرَّس بها وانتفع به كثير من طلبة العلم. ولما تقدم به السنُّ أذن له الإمام بالعودة إلى صنعاء.

وفي سنة 1376هـ حجَّ إلى بيت الله الحرام، فقرأ عليه طلبة العلم في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وحجَّ مرة أخرى في سنة 1378هـ، وكانت الحجة الثالثة له سنة 1379هـ لبَّا نداء ربه وتوفي فيها بمكة المكرمة في يوم التروية ملبيًا محرمًا.


سنده في القراءات العشر


قرأ العلامة المقرئ أحمد بن ناصر الخولاني القراءات العشر على المقرئ جمال الهدى علي بن أحمد السُّدُمي، وهو على المقرئ عماد الدين يحيى بن هادي الشرفي، وهو على المقرئ یاقوت بن عبد الله الماس الحبشي، وهو على المقرئ هادي بن الحسين القارني، وهو على المقرئ علي بن عثمان العجمي، وهو على المقرئ عبد الله بن محمد بن يوسف، وهو على المقرئ محمد المسمى أفندي، وهو على المقرئ أحمد المسيري المصري، وهو على المقرئ ناصر الدين بن عبد الله الطبلاوي، وهو على المقرئ القاضي زکریا بن محمد الأنصاري، وهو على المقرئ صفي الدين أبي العباس أحمد بن أبي بكر بن يوسف الشهاب، وهو على شيخ شيوخ الإقراء الإمام الحجة الحافظ أبي الخير محمد بن محمد بن الجزري، وهو بأسانيده المعروفة للقراء العشرة. رحمهم الله رحمـهم الله جميعًا.


مكانته العلمية وثناء العلماء عليه


وصفه المؤرخ الجرافي عند ترجمته بقوله:
"الفقيه، العلامة، القارئ أحمد بن ناصر الخولاني الضرير، وأحد المشايخ القراء بجامع صنعاء.. وهو جيد الفهم، حسن الإدراك".


وترجم له المؤرخ محمد بن محمد زبارة وأثنى عليه بقوله:
"الفقيه المقرئ أحمد بن ناصر الخولاني ... وكان رجلًا فاضلًا".


قال تلميذه المحفدي:
"ولقد شاهدته بجامع صنعاء وهو يقرئ الكشاف، وعليه حلقة من الطلبة وأسارير وجه تبرق برق العارض المتهلهل كأنَّه بدر وسط الهالة، فأعجبت من سرعة بادرته واتساع حفظه واقتداره على التعبير واستخراج النكت وحلِّ المشكلات بلين جانب ورقة عاطفة، لا يخالطه زهو ولا يمتزج به رياء ... وكان إذا سألته عن تفسير آية فإنَّه يفسرها كأنَّه يملي عليك ناظرًا في الكتاب ... ولَئِن خلا مجلسه في صدر حِلَقِ التدريس فإنَّ ذكراه ماثلة، وفضائله تالدة، وذكراه خالدة. ولَئِن عزَّ علينا فراقه فلا نقول إلا كما أمرنا ربنا: إنا لله وإنَّا إليه راجعون".

ووصفه تلميذه العلامة محمد بن قاسم الوجيه بقوله:
"المولى العلامة، الضرير الحافظ، وحيد عصره، شيخ القراءات وغيرها من سائر الفنون العلمية، الذي انتفع به الجمُّ الغفير صفي الدين أحمد بن ناصر الخولاني...".


وكان ممن أخذ عنه القراءات المقرئ حسين مبارك الغيثي، وقد نظم شعرًا سنده في القراءات، فذكر فيه قراءته على المقرئ أحمد بن ناصر الخولاني فقال:

قرأتُ على الشَّيخ المحقِّقِ أحمدٍ
صَفِيِّ الهُدى بَدرِ المشَايخِ في القُطْرِ

هُو الحَافِظُ المشْهُورِ نَجلُ نَاصرٍ
عَلى السَّيِّدِ العَلَّامَةِ القَدْرِ

عليُّ بنُ أحمدَ مَنْ سَمَا بذكائهِ
على كلِّ تالٍ للكتابِ ومَنْ يُقْرِي

عنِ الحافظِ المشهورِ بالفضلِ والتقى
رئيس المشايخِ في القراءةِ في عصري

أميرُ سرايا العلمِ والفاضل الذي
غدا راويًا للسبعِ بل راوي العشرِ

عليُّ بنُ أحمدَ شَرَّفَ الله ذاتهُ
وجازاهُ عَنَّا بالأَدَا أفضل الأجرِ


ووصل أبياته هذه بأبيات المقرئ ابن زايد في قصيدته التي نظم بها سنده في القراءات إلى القراء العشرة.


شيوخه وتلاميذه


تتلمَذ المقرئ أحمد بن ناصر الخولاني على يد كبار القراء والعلماء في الجامع الكبير بصنعاء، تلقَّى عنهم، وسمع منهم، وأجازوه، وكان منهم:

1. المقرئ العلامة محمد بن أحمد زايد.
2. المقرئ الفقيه علي بن أحمد السُّدُمي.
3. القاضي علي بن حسين المغربي.
4. المقرئ العلامة علي بن علي اليدومي.
5. المقرئ العلامة علي بن عبد الله الطائفي.
6. القاضي العلامة الحسين بن علي العمري.
7. القاضي عبد الله بن محمد السَّرْحِي.
8. العلامة أحمد بن علي الكحلاني.
9. القاضي عبد الوهاب المجاهد الشَّماحي.


ودرَّس المقرئ أحمد بن ناصر الخولاني في الجامع الكبير بصنعاء، ودرَّس في مدينة شهارة، وله تلاميذ كثر، وكان ممن أخذ عنه القراءات:

1. المقرئ حسين مبارك الغيثي.
2. السيد محمد بن حسين الجلال.
3. المقرئ محمد بن عبد الرحمن الطير.
4. الحافظ أحمد الكحلاني.
5. المقرئ عبد الله بن محمد المحفدي.
6. العلامة محمد بن قاسم الوجيه.
7. المقرئ العلامة يحيى بن محمد الكبسي.
8. السيد علي الشرفي الملقب (الجرب).


وأخذ عنه روايتي قالون وحفص المعروفة بصنعاء جم غفير.


وفاته - رحمـه الله -


انتقل المقرئ أحمد بن ناصر الخولاني إلى جوار ربه في يوم التروية الثامن من ذي الحجة سنة 1379هـ في مكة المكرمة حاجًّا ملبيًا محرمًا، وصلَّى عليه زهاء خمسمائة ألف حاج من أقطار العالم، ودفن بمقبرة المعلاة بمكة المكرمة عن عمر يقارب السبعين عامًا من حياته.


وكان في وفاته أثر عظيم في نفوس الحجيج خاصة والعالم اليمني عامة، فقد كان مثالًا عاليًا للفضل، وكما قيل:

فعلى مثله يُناح ويُبكى
لا على درهم ولا دينار



وقد رثاه السيد محمد بن أحمد الكبسي - عضو الهيئة الشرعية بتعز- بقصيدة قال فيها:

الله أكبر أودى الحافظ العلمُ
بكى لمصرعه الإسلام والأممُ

شيخ القراءات بالإسناد متصلٌ
وحافظ لا يداني حفظه سقمُ

نشأ وفي طاعة الرحمن نشأتهُ
حتى ثوى وهو عند الركن ملتزمُ

جوارك الله فاضت نفسه شغفًا
بالجار من جاور الرحمن لا يطِمُ

قد كان في حفظه التفسير ذي نظر
يحصي النكات ومحمود له أممُ

مشى على نهجه في حفظ آلتهِ
والسعد عون إذا ما غصه الكلمُ

والشاطبية أحصاها بنكوتهِ
وكم له من يد للعلم تحترمُ

وفي الحديث عُبابٌ فارس حُلَّةٍ
والدر مكنون للحوت والرخمُ

كم ارتوى منه عطاش فما فتئوا
حتى غدوا في نظام الفخر وانتظموا

في حلقة التدريس جوهرةٌ
وضاءة بمعان كلها حكمُ

سبعون عامًا قضاها في مذاكرةٍ
للعلم فانتفعت من علمه أممُ

قد كان فارس ميدان العلوم إذا
ما جال فيها فجيش الجهل منهدمُ

صلى عليه إله الخلق ما طلعتْ
ذكاء وما هطلت فوق الورى الديمُ



ورثاه عضو الديوان الملكي عبد الله بن أحمد الخطيب في صفر سنة 1380هـ فقال:

مِمَّ الأسى وتفاقم الأشجانِ
وتزاحم العبرات في الأجفانِ

أمصيبة نزلت على أقطارنا
وقضت على العلماء والخلانِ

أم تلك صارفة الزمان كشرتْ
أنيابها عبثت بكل جنانِ


رحمة الله تعالى عليه وعلينا وعلى المؤمنين.. آمين اللهم آمين.


من مصادر الترجمة


1. تحفة الإخوان، الجرافي (ص55).
2. نزهة النظر، زبارة (ص170)
3. أئمة اليمن، زبارة (2/319).
4. المدارس الإسلامية، الأكوع (ص305).
5. إجازات وأسانيد عدد من القراء.


معجم قراء اليمن
من عصر صدر الإسلام إلى القرن الرابع عشر
د. جمال نعمان ياسين
 
عودة
أعلى