تعدد قراءات القرآن الكريم

إنضم
15 يوليو 2003
المشاركات
17
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهدألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأ شهد أن سيدنا محمد صلي الله عليه وشلم رسول الله ، اللهم صلى وسلم وبارك عليه ، وعلى آله ، وصحبه ، وعلى التابعين ، وتابعى التابعين بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد ، ، ،
ما هو سبب تعدد قراءات القرآن الكريم ؟
هل تعددها بسبب اجتهادات من القراء ؟.
أم أن هذه القراءات المتعددة متوارة عن سيد الخلائق كافة سيدنا ومولانا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم؟ .
وشكرا ، ، ،
 
الأخ الكريم عبد الله _ وفقه الله _

جوابا على سؤالك أقول مستعينا بالله تعالى :
إن القراءات متلقاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام عن رب العزة سبحانه ، فالقراءة سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول ، وليست القراءات من اختراع القراء ولا من اجتهاداتهم ، بل القراءات هي التي وجهت الصحابة رضي الله عنهم في رسم المصحف ، فقد كانوا يرسمون المصحف على وفق القراءات التي نزل بها القرآن ،وليس الأمر كما توهم بعض المستشرقين من أن اختلاف رسوم المصاحف ، وخاصية الخط العربي الذي رسم به المصحف و احتماله أن يقرأ على أوجه متعددة حيث لم يكن منقوطا ولا مشكولا ، كان هو السبب في نشأة القراءات ، وهذه الشبهة قد أشاعها المستشرق المجري اليهودي جولد تسيهر ، وتبعه المستشرق آرثر جفري (2) ، وقد حذا حذوهما بعض الباحثين المسلمين كالدكتور علي عبد الواحد وافي (3) ، وخطورة هذه الشبهة هي أنها تجعل القراءات آراء واجتهادات بشرية قد تكون صوابا وقد تكون خطأ ، وليست كلام الله الذي أوحاه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأنها تفتح الباب لمن أراد أن يخترع قراءات موافقة للرسم ، وليست منقولة بالإسناد الصحيح المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي هذا من الضلال ما لا يخفى ، وللجواب على هذه الشبهة نقول : إن الصحابة رضي الله عنهم كتبوا لفظ (قال ) بحذف الألف في المواضع التي تنوعت فيها القراءات بين قال وقل ، لأن هذا الرسم (قل ) يحتمل القراءتين ، بينما كتبوه (قال ) بإثبات الألف في المواضع التي اتفقت فيها القراءات ، ولهذا نظائر كثيرة ، مما يدل على أن الرسم كان تابعا للقراءات لا العكس ، وأيضا فقد أجمع العلماء على أنه لا تجوز القراءة بما يوافق العربية و رسم المصحف إذا لم يكن منقولا بالسند المتصل الصحيح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال ابن الجزري : و بقي قسم مردود أيضا و هو ما وافق العربية و الرسم و لم ينقل البتة فهذا رده أحق و منعه أشد و مرتكبه مرتكب لعظيم من الكبائر ، و قد ذكر جواز ذلك عن أبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم البغدادي المقري النحوي و كان بعد الثلاثمائه ، قال الإمام أبو طاهر بن أبي هاشم في كتابه البيان و قد: نبغ نابغ في عصرنا فزعم أن كل من صح عنده وجه في العربية بحرف من القرآن يوافق المصحف فقراءته جائزة في الصلاة و غيرها فابتدع بدعة ضل بها عن قصد السبيل ، قلت : و قد عقد له بسبب ذلك مجلس ببغداد حضره الفقهاء و القراء و أجمعوا على منعه و أوقف للضرب فتاب و رجع و كتب عليه بذلك محضر كما ذكره الحافظ أبو
بكر الخطيب في تاريخ بغداد و أشرنا إليه في الطبقات و من ثم امتنعت القراءة بالقياس المطلق و هو الذي ليس له أصل في القراءة يرجع إليه و لا ركن وثيق في الأداء يعتمد عليه كما روينا عن عمر بن الخطاب و زيد بن ثابت رضي الله عنهما من الصحابة و عن ابن المنكدر و عروة بن الزبير و عمر بن عبد العزيز و عامر الشعبي من التابعين أنهم قالوا : القراءة سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول فاقرؤوا كما علمتموه، و لذلك كان كثير من أئمة القراءة كنافع و أبي عمرو يقول : لولا أنه ليس لي أن أقرأ إلا بما قرأت لقرأت حرف كذا كذا و حرف كذا كذا (4) ،و قال الحافظ أبو عمرو الداني في كتابه ( جامع البيان ) بعد ذكره إسكان ( بارئكم) و( يأمركم ) لأبي عمرو و حكاية إنكار سيبويه له فقال - أعني الداني – : و الإسكان أصح في النقل و أكثر في الأداء وهو الذي أختاره وآخذ به، ثم لما ذكر نصوص رواته قال : و أئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة و الأقيس في العربية بل على الأثبت في الأثر و الأصح في النقل ، و الرواية إذا ثبتت لم يردها قياس عربية و لا فشو لغة لأن القراءة سنة يلزم قبولها و المصير إليها (5)

_____________________________
(1) مناهل العرفان 1/260 -261
(2) مقدمة كتاب المصاحف 70
(3) في حاشية كتابه فقه اللغة 119 الطبعة الأولى ، ثم رجع عنه في الطبعات التالية .
(4) المقنع 10-11 ، الإتقان 2/167
(5) النشر 1 /21
 
عودة
أعلى