--جهود العلماء في غريب القرءان الكريم للدكتور عبد الرحمان الشهري

محمد بنعمر

New member
إنضم
7 يونيو 2011
المشاركات
440
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
البحث جاء في كتاب "جهود الأمة في خدمة القرءان الكريم"3/1199.الصادر عن الرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب.
والبحث يحمل سؤالا محوريا وجوهريا" وهو أن القرءان الكريم نزل بلسان العرب الذي عرفوه ووضعوه مع حليب أمهاتهم في بيئتهم العربية، فكانوا يفهمون معانيه،ولم يكن ثمة كبير حاجة للسؤال عن معاني عبارات منه لم يفهموها حق الفهم إلا نادرا، فكانوا بذلك مستغنين عما أصبح الناس بعدهم في حاجة إليه من بيان لمجمله ،وشرح لمفرده لاتساع لغة العرب....
وقد قل سؤال الصحابة عن غريب القرءان الكريم جدا، حتى شكك بعضهم في صحة الأسئلة التي وردت على لسان الصحابة عن غريب القرءان،ومفرداته اللغوية، وذهب إلى أن الصحابة لم يصح عنهم أي سؤال حول غريب القرءان،وان أسئلتهم التي حفظت عنهم لم تكن متعلقة بغريب القرءان الكريم...
 
وما هو الكتاب الذي نرجع إليه في ( غريب القرآن ) ؟
وصف القرءان بالإبانة فهو ظاهر مبين؛ ووصف كذلك بالفصاحة فهو عربي، كما وصف باليسر فهو ميسر، وعليه لا ( غريب ) في القرءان أي ليس بغريب في ذاته ولا لذاته كما لا يمكن أن يكون غريبا بالنسبة للمتلقي الأول إلا في حالات شاذة تتعلق بتنوع لغوي في اللسان العربي بعد توحيد الرسم الذي نتج عنه إستبعاد ما لا تقبله الصورة الواحدة وذلك بتعميم لسان قريش، وهذا من حيث الألفاظ وتراكيبها. أما الغريب لغيره فالقرءان كله غريب بالنسبة للأعاجم وعلى هذا المستوى لا فرق بين الغريب والتفسير فالترجمة تفسير، لنعيد طرح السؤال: ما هو الكتاب الذي ألف في ( غريب القرءان ) ؟

للإجابة على هذا السؤال لابد من معالجة سؤال التقديم: ما هو الغريب في القرءان بالنسبة للعرب؛ وكيف ذلك؟

إن "اتساع لغة العرب" لا يجيب على هذا السؤال بشكل مباشر لأن الاتساع إغناء للمعجم وتثبيت للتنوع. والأفضل أن نقول "تطور اللغة العربية" وتطور اللغة شيء إذا تراكم أنتج اللهجات وتأليف الغريب بسبب اللهجات لا يجيب على سؤالي لأن السؤال في حدود لغة العرب: ما هو الغريب بالنسبة للعرب؟ ثم إن اللغة وسيلة لتحقيق غايات تواصلية والجديد في الغايات يؤدي حتما إلى تجديد اللغة وإلا تخلفت وتخلف معها ما لا يمكن الإشتغال فيه إلا بها، ومن هذه الناحية يمكن الإستعانة بالغة الإصطلاحية لتفسير ظاهرة (التأليف في) الغريب. واللغة الإصطلاحية لغة فنية تنشأ بنشوء الفنون واللغة العربية شهدت قفزات من لغة رواية إلى لغة تدوين ثم أصبحت لغة علمية - للممارسة العلمية، ومن هذا المنطلق يمكن أن نفترض سببا من الأسباب وراء إبداع فن الغريب وهو الخوف من إختلاط ألفاظ اللغة الخبرية بالألفاظ ذاتها في اللغة الإصطلاحية وهذا ممكن فيأتي السؤال من الذي ألف في الغريب وصرح في غريبه بهذا السبب؟ ولا ننسى طبعا مظاهر أخرى في تطور اللغة ومنها الإنسياق أو الإنزياح اللساني إلى غير ذلك..

من طبيعة هذه الأسئلة التي تدور حول سؤال واحد يجب أن نفهم بأن التأليف في غريب القرءان لا يمكن إلا أن يكون مبحثا فيلولوجيا وهو مبحث يستحق صفة العلمية ويقال عنه (علم غريب القرءان) لأنه يشتغل وفق منهج يمكن من الوقوف على ضوابطه يراقب التطورات التي تطرأ على الوحدات اللغوية من خلال تسلسل تاريخي مقارن يعود فيه الفيلولوجي إلى المصادر المكتوبة والمحفوظة حسب الترتيب التصاعدي يعمل الإستقراء يكشف العوامل المتحكمة ويستخلص النتائج العلمية القابلة للقبول والرفض بشكل عام والقابلة للإمتحان والإختبار بشكل خاص. أما بعد النظر في محتويات كتب الغريب فلا يسعني إلا أن أسأل عن أي علم نتكلم وفي أي مجهودات ندندن؟

عندما تقرأ في كتاب من كتب الغريب أن {قولوا اسلمنا} تعني قولوا استسلمنا خوفا من السيف وانقدنا، فقل سلام على العربية بما أن "قل" و "أسلم" مما كان غريبا على العرب زمن المؤلف.. قل تفسير أو تأويل أو إسقاط أو تأويل باطني أو أي شيء شئت إلا (الغريب).

وأختم بإعادة طرح السؤال: هل من كتاب ألف في علم غريب القرءان؟
 
عودة
أعلى