حكم ترتيل الاستعاذة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

قال ابن الجزري في كتابه النشر : "قال ابن شيطا اعلم أنني قرأت على جميع شيوخنا في كل القراءات عن جميع الأئمة الفاصلين بالتسمية بين السورتين والتاركين لها عند ابتداء القراءة عليهم بالاستعاذة موصولة بالتسمية مجهوراً بهما سواء كان المبدوء به أول سورة أو بعض سورة قال ولا علمت أحداً منهم قرأ على شيوخه إلا كذلك، انتهى. وهو نص في وصل الاستعاذة بالبسملة كما سيأتي" (1/265).

أقول وبالله التوفيق :

أولاً : إنّ وصل الاستعاذة بالبسملة يستلزم التغنّي بالاستعاذة، لأنّه يُستبعد أن يُتغنّى بالبسملة دون الاستعاذة وصلاً إذ التفريق بينهما في التغنّي يحتاج إلى دليل، ويُقوّي ذلك أنّ أهل الأداء ما نقلوا الخلاف في التغنّي بالبسملة مع اختلافهم في كونها آية بين كلّ سورتين، فإن قُرِئت البسملة بالتغنّي عند من لم يعتبرها آية بين كلّ سورتين دلّ على جواز التغنّي بالاستعاذة.

ثانياً : قد جرى العمل على ذلك عند أهل الأداء في جميع الأقطار، ولم يرد من أقوال المتقدّمين ما ينقض هذا العمل، بل أقاويلهم تتضمّن ما قلناه

ثالثاً : إن جاز التغنّي فيما ليس بقرءان كالشعر ومطلق الكلام جاز ذلك عند النطق بالاستعاذة بالضرورة.

أمّا حكم تطبيق أحكام التجويد في الاستعاذة فليس واجباً شرعاً لعدم ترتّب العقاب على من لحن فيها لأنّها ليست قرءاناً، ومن غيّر حرفاً منها لا يُعدّ محرّفاً للقرءان الكريم. ويدلّ على ذلك كثرة صيغ الواردة في الاستعاذة عن أهل الأداء، ولكن من الضروري أن يُحافظ على الأداء الصحيح للاستعاذة إذ النطق الصحيح للحروف مطلوب لا سيما لمن كان في مقام الإقراء، فلا أتصوّر ماهراً للقرءان يُفخّم الهمزة في : {أعوذ }ويغيّر حرفاً منها. وقد اعتنى أئمّة اللغة بهذا الجانب قبل أئمّة الأداء حفاظاً على النطق الصحيح للحروف العربية وحفاظاً على المعاني التي يُعبَّر عنها بالكلمات والتي بدورها تتركّب من الحروف. فإن كانت الحروف قويمة استقامت المعاني ، وإن حرّفت الحروف وتخالطت اختلطت المعاني.
 
عودة
أعلى