حول إعراب القرآن (رسم القرآن)

الراغب

New member
إنضم
20 مايو 2003
المشاركات
6
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإخوة الأفاضل ..
هل تشكيل آي القرآن توقيفي أم اجتهادي ؟ وعلى كلتا الحالتين فما السر في مخالفة شكل بعض الآيات للمعهود كإزالة الألف الفارقة في الكلمات : (جاءو) و (فاءو) و (باءو) ، مع إثباتها في قوله سبحانه:(والله يدعواإلى دار السلام) [يونس 25] .
ومثل آية الفتح ( ومَن أوفى بما عاهد عليهُ الله.. )، ضمت الهاء والمعهود كسرها ؟ .
 
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على رسول الله
أولاً ما تتحدث عنة من حذف حرف أو إثباتة فهذا رسم المصحف وليس تشكيلة فالتشكيل هو وضع علامات الإعراب على الحروف مثل واو صغيرة فوق الحرف المضموم و.....إلخ
أما رسم المصحف فإليك هذا الموضوع القيم:

رسم المصحف وتطوير خطه
المراد برسم المصحف الكيفية التي كُتبت بها حروفه وكلماته، وَفق المصاحف العثمانية. فمن المعلوم أن الصحف التي كُتبت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والمصاحف العثمانية التي وُزعت على البلدان الإسلامية فيما بعد، كانت خالية من الشكل والنقط.
ولا ريب أن رسم المصاحف العثمانية كان يقوم على إملاءٍ خاصٍ به، يختلف عن الرسم الإملائي المعروف لدينا اليوم.
وظل الناس يقرؤون القرآن في تلك المصاحف على تلك الشاكلة، إلى أن تطرق الفساد والخلل إلى اللسان العربي نتيجة الاختلاط بالأعاجم، ما دفع أولي الأمر إلى ضرورة كتابة المصحف بالشكل والنقط وغيرها، حفاظاً على القرآن من أن يُقرأ على غير الوجه الصحيح.
وكان أبو الأسود الدؤلي - وهو تابعي - أول من وضع ضوابط اللسان العربي، وقام بتشكيل القرآن الكريم بأمر من علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وكان السبب المباشر لهذه الخطوة ما سمعه من قارئٍ يقرأ خطأً، قوله تعالى: {إن الله بريء من المشركين ورسولَه}(التوبة:3) فقرأ الآية بجر اللام من كلمة (رسولِه) فغيَّر بذلك المعنى تغييراً كلياً، فأفزع هذا الخطأ أبا الأسود ما دفعه إلى وضع علامات لشكل الحروف والكلمات، فجعل علامة الفتحة نقطة فوق الحرف، وعلامة الكسرة نقطة أسفله، وعلامة الضمة نقطة بين أجزاء الحرف، وجعل علامة السكون نقطتين. وقد أعانه على هذه المهمة بعض العلماء، من بينهم الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي كان أول من صنف كتاباً في رسم نقط الحروف وعلاماتها، وكان كذلك أول من وضع الهمزة والتشديد وغيرها من العلامات الضابطة، ثم دُوِّن علم النحو ليكون خادماً وضابطاً لقراءة القرآن على الوجه السليم.
بعد ذلك تدرَّج الناس، فقاموا بكتابة أسماء السور في رأس كل سورة، ووضعوا رموزاً فاصلة عند رؤوس الآيات، وقسموا القرآن إلى أجزاء - ثلاثين جزءً - وأحزاب - 60 حزباً - وأرباع، ووضعوا لكل ذلك علامات خاصة تدل على ما أشارت إليه، حتى إذا كانت نهاية القرن الهجري الثالث، بلغ الرسم القرآني ذروته من الجودة والحسن والضبط.
وقد منع أكثر أهل العلم كتابة المصحف بما استحدث الناس من قواعد الإملاء المعروفة، وذلك حفاظاً على رسم المصحف كما وصل إلينا. وقد صرح كثير من الأئمة بتحريم كتابة المصحف بغير الرسم العثماني، ونُقل عن الإمام أحمد أنه قال: تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في ياء أو واو أو ألف وغير ذلك. ونقل مثل هذا عن كثير من أهل العلم.
فإن سألتَ - أخي الكريم - إذا كان الأمر على ما ذكرت، فكيف جاز للأوائل أن يضعوا النقط وأسماء السور؟
وفي الجواب نقول: إن العلماء أجازوا ذلك لضرورة استدعت هذا الأمر، وذلك بعد أن ظهر اللحن في قراءة القرآن، فخشي أولوا الأمر أن يلتبس الأمر على الناس، فوضعوا النقط على الحروف؛ تمييزاً لبعضها من بعض، وحدث إجماع على قبول هذا.
بقي أن نقول لك في هذه العجالة: إن القول بمنع جواز كتابة القرآن بغير الرسم العثماني، متعلق بكتابة القرآن في المصاحف التي يتداولها الناس اليوم، أما كتابة آيات منه، أو كلمات معينة بالخط الإملائي المعتاد على ألواح التعليم، أو أوراق الكتابة الخاصة بالتعليم، فلا حرج في ذلك تسهيلاً على المتعلمين وتيسيراً عليهم، وخاصة إذا كانوا من المبتدئين في العلم. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين.
الشبكة الإسلامية http://islamweb.net
 
الخط القرآني والخط الإملائي



(الشبكة الإسلامية)



من المسائل التي شغلت بال العلماء، ونالت قسطاً من أبحاثهم مسألة الرسم القرآني، أو بتعبير أبسط طريقة كتابة القرآن، فمن المعلوم أن للقرآن الكريم منهجاً خاصاً في الكتابة، يختلف نوعاً ما عن الكتابة التي ألِفَها الناس.

وقد قسم العلماء الرسم الكتابي - الخط الإملائي - إلى قسمين رئيسين، الأول أطلقوا عليه اسم الرسم القياسي، ويقصدون به كتابة الكلمة كما تلفظ، مع الأخذ بعين الاعتبار حالتي الابتداء بها والوقف عليها.

أما القسم الثاني فأطلقوا عليه اسم الرسم التوقيفي، ويقصدون به الرسم العثماني، نسبة إلى عثمان رضي الله عنه، إذ هو الرسم الذي كُتبت به المصاحف.

وقد صنف العلماء في هذا المجال ما عُرف بـ "علم الرسم القرآني" ووضعوا كتباً خاصة في هذا الموضوع، منها على سبيل المثال لا الحصر، كتاب "المقنع في معرفة رسم مصاحف الأمصار" لـ أبي عمرو الداني، وكتاب "التنـزيل" لـأبي داود سليمان نجاح.

وكما أشرنا بداية، فإن الرسم العثماني خالف الرسم القياسي من بعض الوجوه، أهمها خمسة وجوه، نذكرها فيما يأتي مع التمثيل لها:

الوجه الأول: الحذف، وهو كثير، ويقع في حذف الألف، والواو، والياء. فمن أمثلة حذف الألف، قوله تعالى: {العلمين} حيث حُذفت الألف بعد العين، وقد كُتبت كذلك في جميع مواضعها في القرآن، والأصل في كتابتها حسب الرسم الإملائي (العالمين).

ومن أمثلة حذف الواو، قوله تعالى: {الغاون}(الشعراء:94) وقد وردت في موضعين من القرآن، والأصل فيها (الغاوون).

ومن أمثلة حذف الياء، قوله تعالى: {النبين}(البقرة:61) وقد وردت كذلك في جميع مواضعها في القرآن، وعدد مواضعها ثلاثة عشر موضعاً، والأصل في كتابتها (النبيين).

ومن وجوه الحذف أيضاً، حذف اللام والميم، فمثال حذف اللام، قوله تعالى: {اليل}(آل عمران:190) وقد كُتبت كذلك في جميع مواضعها، وعددها ثلاثة وسبعون موضعاً، والأصل فيها (الليل).

ومثال حذف النون قوله تعالى: {نجي}(الأنبياء:88) وهو الموضع الوحيد في القرآن، الذي حذفت فيه النون من ثلاثة مواضع وردت فيه الكلمة، والأصل في رسمها (ننجي).

الوجه الثاني: الزيادة، وتكون في الألف، والواو، والياء. فمثال الزيادة في الألف، قوله تعالى: {وجائ}(الزمر:69) وردت في موضعين، والأصل فيها (وجيء).

ومثال الزيادة في الواو، قوله تعالى: {سأوريكم}(الأعراف:145) وردت في موضعين، والأصل فيها (سأريكم).

ومثال الزيادة في الياء، قوله تعالى: {بأييد}(الذاريات:47) وهو الموضع الوحيد في القرآن، والأصل فيها (بأيد).

الوجه الثالث: الهمز، حيث وردت الهمزة في الرسم العثماني تارة برسم الألف، وتارة برسم الواو، وتارة برسم الياء. فمن أمثلة ورودها ألفاً، قوله تعالى: {لتنوأ}(القصص:76) وهو الموضع الوحيد، والأصل فيها (لتنوء).

ومن أمثلة ورودها واواً، قوله تعالى: {يبدؤا}(يونس:4) وهي كذلك في مواضعها الستة من القرآن، والأصل فيها (يبدأ).

ومن أمثلة مجيئها ياءً، قوله تعالى: {وإيتائ}(النحل:90) وهو الموضع الوحيد من ثلاثة مواضع، والأصل فيها (وإيتاء).

الوجه الرابع: البدل، ويقع برسم الألف واواً أو ياء. فمن مجيئها واواً، قوله تعالى: {الصلوة}(البقرة:3) وهي كذلك في جميع مواضعها الأربعة والستين، والأصل (الصلاة) ومثلها (الزكاة).

ومن صور رسمها ياءً، قوله تعالى: {يأسفى}(يوسف:84) والأصل فيها (يا أسفا).

ومن ذلك أيضاً، قوله تعالى: {والضحى}(الضحى:1) ولم ترد إلا في هذا الموضع، والأصل فيها (والضحا).

الوجه الخامس: الفصل والوصل، فقد رُسمت بعض الكلمات في المصحف العثماني متصلة مع أن حقها الفصل، ورُسمت كلمات أخرى منفصلة مع أن حقها الوصل، فمن أمثلة ما اتصل وحقه الفصل ما يلي:

- (عن) مع (ما) حيث رسمتا في مواضع من القرآن الكريم متصلتين، من ذلك قوله تعالى:{عما تعملون}(البقرة:74) وقد وردت كذلك في جميع المواضع.

- (بئس) مع (ما) رسمتا متصلتين في مواضع، من ذلك قوله تعالى: {بئسما اشتروا})(البقرة:90) وهي كذلك في مواضعها الثلاثة.

- (كي) مع (لا) رُستما متصلتين في مواضع، من ذلك قوله تعالى:{لكيلا تحزنوا على ما فاتكم}(آل عمران:153) وهي كذلك في مواضعها الأربعة.
ومن أمثلة ما انفصل وحقه الوصل ما يلي:

- قوله تعالى: {كل ما ردوا إلى الفتنة أُركسوا فيها}(النساء:91) وقد جاءت كذلك في ثلاثة مواضع، وجاءت متصلة على الأصل في خمسة عشر موضعاً.

- قوله تعالى: {أين ما تكونوا يأتِ بكم الله جميعاً}(البقرة:148) وقد جاءت كذلك في ثمانية مواضع، وجاءت متصلة على الأصل في أربعة مواضع.

هذه الوجوه الخمسة التي أتينا على ذكرها، مع شيء من التمثيل لها، هي أهم الوجوه التي فارق فيها الرسم العثماني الرسم الإملائي، أو ما سُمي بالرسم القياسي، وقد عرضناها لك - أخي الكريم - بشيء من الاختصار والتبسيط، لتكون على بينة من أمرها. وقد بقيت مسائل تتعلق بهذا المبحث تركناها مخافة السآمة. وأخيراً ندعو الله لنا ولك بالتوفيق والسداد في الأمر كله، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين
 
الأخ الفاضل محمد عزَّت حفظه الله ، شكرًا لك على ما طرحته ، ولي في الموضوع وجهة نظر أعرضها بين يدي قراء هذا الملتقى المبارك :

أولاً : إن رسم المصحف ( أي : كتابته ) كانت على ما تعلمه الصحابة من معلميهم ، وعلى ما عهدوه من إملاء عصرهم ، ولم يثبت أنهم تركوا إملاء عصرهم إلى إملاءٍ خاصٍّ بالقرآن ، بدلالة توافق ما وُجِد من بعض الوثائق والمدونات الصخرية والنقودية التي ترجع إلى عصرهم ، وهذه مسألة مهمة تحتاج إلى مزيد بحث وعناية ، وقد طرح الدكتور الفاضل غانم قدُّوري في بحث له في مجلة المورد ( م 15 / ع 4 / 1986 ) بعنوان ( موازنة بين رسم المصحف والنقوش العربية القديمة ) .

ثانيًا : إذا ثبت أنهم لم يخترعوا رسمًا خاصًّا ، فإن رسم المصحف هو الرسم الإملائي الموافق لعصرهم ، وتسميته بالرسم العثماني اصطلاح نشأ بعدهم ، ولم يرد عنهم الحديث عنه .
وهذه المسألة أرى أنها من الأهمية بمكان ، وهي الموافقة لطبيعة التطور الذي حصل في الرسم ، ومن تتبع علاقة المرسوم بالملفوظ في الدراسات التي كتبت عن تطور الخط سيجد مصداق ما أذكره .
وهذا يعني أنهم كتبوا المصحف على ما استقر عليه الرسم عندهم ، ثمَّ ما زال يتطور الرسم ، ويأخذ في التغيُّر حتى صار إلى ما هو عليه اليوم ، وبقي رسم المصحف على ما كتبه الصحابة لا يُهيَّج عليه ، ولا يجوز خلافه فما لو أريد كتابة مصحف كاملٍ .
ومن مارس العمل في المخطوطات يظهر له جليًّا ختلاف الرسم بين عصر ، وعصر ، وهذا مجال بحثٍ ، لعل من له خبرة به أن يتحف الملتقى بشيء منه .

ثالثًا : أن صور الكلمات المذكورة في السؤال هي من باب اختلاف التنوع الكائن في الرسم ، سواءًا أكان رسم المصحف ( الرسم العثماني ) أو الرسم الإملائي على مرِّ عصوره ، أو الرسم الإملائي في هذا العصر .
والأمثلة في الرسم المعاصر وفيرة ، وهي تدلُّ على أصل ما ذكرته من تنوع الرسم ، وليس في ذلك سرٌّ آخر .
ومن أمثلة ما وقع في الرسم المعاصر الاختلاف في الهمزة المتوسطة في لفظة ( شؤون ) فهي تكتب على الواو كما سبق ، وبعضهم يرى أنها تكتب على نبرة هكذا ( شئون ) ، وقس على ذلك غيره من الاختلاف الذي هو من باب التنوع ، ولا يلزم أن يكون وراءه سرٌّ آخر .

رابعًا : قد يرد لبعض الرسم علل معينة ، مثل ما يُذكرُ من موافقة بعض القراءات ، وهذا ممكن ، ووارد أن يُراد ، لكن لا يلزم أنهم اخترعوا هذا الرسم ليوافق هذه القراءة ، بل يقال : إن هذا الرسم كان عندهم ، فكتبوه هنا ليوافق القراءة ، بدلالة أن هذه الموافقة غير لازمة في كلِّ المقروءِ ، إذ قد تردُ القراءة ، ولا يرد الرسم موافقًا لها ، ومن ذلك على سبيل المثال لفظ ( ضنين ) من قوله : ( وما هو على الغيب بضنين ) فقد ذكر أبو عبيد أن جميع المصاحف العثمانية اجتمعت على كتابتها بالضاد ، والضاد لا تحتمل قراءة الظاء ، وهي القراءة الأخرى المتواترة ، فدلَّ ذلك على أن الرسم قد يتخلف عن القراءة ، ويمكن القول : إن الروواية قاضية على الرسم لا العكس .

خامسًا : كما وقع الحذف والاختصار والاقتصار والزيادة وغيرها في الرسم العثماني ، فإن ذلك واقع كذلك في الرسم الإملائي على مرِّ عصوره ، وهو واقع في الإملاء المعاصر كذلك ، وكل ذلك راجع إلى الاصطلاح ، والاصطلاح قد يتغير من زمن إلى زمن ، إلا أن رسم المصحف ثبت على ما كُتِبَ عليه في عصر عثمان .
وهذه الفكرة فيها ردٌّ على من يزعم صعوبة الرسم العثماني ، ويدعوا إلى تغيير الرسم العثماني ، حيث يقال له : ما تلاحظه على الرسم العثماني ، فإنه موجود في الرسم الإملائي المعاصر ، إذ لا يلزم أن يكون كل الرسم المكتوب اليوم يوافق المنطوق بحذافيره ، بل قد يكون فيه زيادة أو نقص ، لكنَّ تعارفَ الناس عليه أذهب الاستيحاش منه ، ولو تعلموا رسم المصحف مع الرسم الإملائي لزال كثير من الاستيحاش الحاصل من الرسم القرآني ، والله أعلم .
والموضوع طويل لا يكفيه هذا الابتسار ، وإنما هو على سبيل التذكرة ، والله الموفق .
 
عودة
أعلى