صبيرة طومسون

عبدالرحيم

New member
إنضم
1 أبريل 2004
المشاركات
185
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
قصة صبيرة طومسون

ذكر عمر فروخ ومحمود الخالدي في " التبشير والاستعمار" . ص34 قصة أحد (الأجانب) واسمه: طومسون، قدَّم له أحد الصبية اللبنانيين ثمرة شجر الصبار (صبيرة).
وكما تعلمون، فإن هذه الثمرة شوكية القشرة الخارجية، وفي داخلها بذور كثيرة..
فما كان من طومسون إلا أن أخذ ينزع البذور بذرة بذرة.. ولكم أن تتخيلوا ماذا بقي منها ؟!
يقول المستشرق الشهير (جب) : " حين " ننقي " الإسلام من شوائبه، لن يبق منه شيء.. حاله كحال صبيرة طومسون ".

ويعود الفضل لهذا الاستنباط ، إلى الكاتب الأردني المبدع " خيري منصور " في كتابه: " الاستشراق والوعي السالب ". الذي جمَعَ فيها شذرات من نظرة المستشرقين إلى المسلمين.. بمختلف أصنافهم: أدباء وتاريخيين ورسامين ومنصرين وتجار ورحالة... ولا يخلو الكتاب من قصص مضحكة لهم " ولاجتهاداتهم " (شر البلية ما يضحك).. في مقابل " وعي سالبٍ " مِن أكثرنا.. يعني: لو كانوا بلا وعي به فذلك أفضل!! .. لا يفوتنكم الكتاب.

-----------------------------------------------------------------

ماذا يريد المستشرقون وتلاميذهم أن ننتزع من الإسلام، حتى يقبَلوه ويرضون عنه ؟!!

الجواب: هذه الحقائق بأسلوب قصصي..

===========================

اتصل بي رئيس البلدية... : عندي لك مفاجأة... هل تتذكر طومسون؟
- طومسون الذي مات من سنين؟
- بلى، سآتي وأخبرك المفاجأة..
- بشرط: الغداء منك..


عادت بي الذاكرة ...
ذات يوم، اقتربت من نهاية قراءة فَرضي اليومي من القرآن، إذ بآية تلفت الانتباه بأسلوبها، وإعجاز نظمها .. هي الآية الخامسة والخمسون من السورة التي شيَّعتها الملائكة: " وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ".
قلت: هذه الآية تعنيني، الله شرَّفني بمخاطبتي.. سأستجيب فوراً .. هذا واجبي بصفتي مسلماً.. والله لا يأمر إلا بخير.
لماذا لا أستبين سبيل المجرمين.. فكرت ، وإذ بي أتذكر طومسون الذي كان وراء بناء محطة تنقية المياه العادمة بين مسجدَي البلدة.
فذهبت إليه.. وتذكرت ـ وأنا أقرع جرس بوابتها ـ.. رئيسَ بلديتنا يدافع عن نفسه: " محطة تنقية داخل البلدة وبين مسجدين، عجيب.. هل لمحطة التنقية أهمية تستوجب أن يأتي الأمر بإنشائها من (فوق) !! ".
أهل البلدة يتساءلون: " أين أم أولاد طومسون الذين يتزايدون ؟ ولماذا يسكنون معه في محطة التنقية التي تزكم الأنوف ؟؟ ولماذا أسماء أبنائه عربية ؟؟؟ ولماذا يصر على تسميتهم أطفال، مع كأنهم كالخُشُب المسندة؟؟!! "...

فجأة انقطع حبل أفكاري
- هاللو، شكراً لك.. ليش تعذب نفسك (خبيبي) ؟!
- أهلا طومسون، هذه بعض ثمار الصبار لك وللأولاد.. منظَّفة.. ضعها في الثلاجة، وعند المساء ستكون رائعة.
- لمعت عيناه مكراً (كأفلام الكرتون اليابانية) : أنا متأكد أنك تريد أن ترشيني.. قل لي لماذا جئت ؟
- سأدخل لب الموضوع مباشرة: لماذا تهتمون بنا وتدفعون الملايين لإنشاء محطة تنقية، ولماذا لا تدعونا نحن نشرف عليها ؟
- تعال أعرِّفك على أطفالي (قال مغيِّراً الموضوع).
دخلت الغرفة المجهزة بكل الألعاب... والكتب ... والهواتف!!
نظرت وإذ بمجموعة من الأشخاص يلعبون معاً بألعاب الليغو (التفكيك والتركيب) وهم منسجمون باللعب يتهامسون.. يتنازعون.. يصرخون.. يتفقون.... تماماً كالأطفال.

اقتربت منهم، قال لي أسمنهم منزعجاً:
- أف ما هذه الرائحة !!
- معذورون فلم تتعودوا إلا على رائحة محطة التنقية و..
- أنت مسلم.. صح ؟
- أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله.
" ها ها ها " ضحك (حسن) ثم قال:
- " لا يُشترط التلفظ بالشهادتين.. أو كتابتهما في الإسلام.. المهم أن تشاهِدَ الوجود على حقيقته " [1] هذا هو المعنى (المُركَّب) للشهادتين.
- طيب: أنا والحمد لله أصلي.
تصلي ؟ صاحوا مستغربين ثم قال (الصادق) :
- " الصلاة مسألة شخصية، ولو علمَ فقهاؤك فوائد رياضة اليوغا لاتخذوها بديلاً عن الصلاة ".[2]
- والزكاة ؟
سمعت صوتاً من بعيد، وإذ به (عابد)
- " الزكاة اختيارية.. وهي مشروع فاشل.. لا يقلل الفقر بل يزيده ".[3]
جاء طومسون بالشاي..
- أنسيت، نحن في شهر رمضان ؟!!
وقف (مجيد) لينجد أباه:
- الصوم ليس فرضاً بل اختيارياً [4] ألم تسمع قول الحبيب: الصوم يقلل من الإنتاج؟
وأخذ يوزع الشاي على إخوانه.
- ما هذا لم يبقَ إلا الحج!!!
ضجت الغرفة بالضحك، ونظر طومسون إلى أبنائه بحنان وغمز ابنه (الطيب) الذي قال:
- الحج طقوس وثنية تعبِّر عن الحنين إلى عبادة الأصنام [5]

تنفس طومسون متنهدا وقال (الابن سر أبيه) همهم: " That's my boy " ثم خرج ليستنشق عبق المنشأة.. حاملاً صحن ثمار الصبار وأخذ ينقي بذورها ويرميها ذات اليمين وذات الشمال..
- يا طومسون، ماذا تبقي من ثمرة الصبار إن رميت ببذورها ؟
- أنتم العرب أجهل الناس، ألا تعلم أنني (فنلندي) [*] لذا فأنا أعلم منك بالصبار !!
وأخذ يتمتم (باسخفاف) : " عرب ستبقون عرب ... ".
ثم سار مبتعداً..

التفتُّ إلى الناس المنهمكين بالفك والتركيب، قائلاً:
- وأركان الإيمان ، هل بقيت بحالها أم تفككت أيضاً
غرد الشحرور قائلاً:
- كل أركان الإيمان أساطير عدا ركنين: التوحيد والإيمان باليوم الآخر.[6]
- شكراً لكم لقد تفضلتم علينا ... لكن، أأنتم متأكدين أنكم مع التوحيد ؟
التفت (حسن) متأففاً
- ما أغباك يا رحيم، الله يرحمك يا ابن عربي، التوحيد هو توحيد الإنسان في بوتقة العالم، فالإنسان والعالم والإله شيء واحد.. بل صفات الكمال للإله هي ذاتها صفات (السوبرمان) البشري. الإله الحقيقي (الله الجديد) وأعني به: " الدافع الحيوي، التقدم، الحرية، الطبيعة، الخبز، الحب ".[7]
صاح (أركون) إلهي الواحد هو: " الأمل، الحرية، المساواة، العدالة ".[8]
- طيب، الإيمان باليوم الآخر لم تمسوه بسوء ؟
صاحوا جميعاً: رد يا (أبو زيد) لماذا تصمت ؟ فأجاب:
- " اسمع.. مع إنك قليل العلم سأعلمك.. أنا أسمح لك بالإيمان باليوم الآخر عدا: العرش / الكرسي / الملائكة / الجن / الشياطين / الصراط / السجلات / ... وغير ذلك من الأساطير " [9]
وأضاف (الصادق) :
- " مكان الحساب على الأرض ليس في السماء.. والعالم المتحضر هو الذي سيربح الجنة (الرفاهية) ".[10]
- لكن أهوال القيامة.. نعيم الجنة عذاب النار.. !!! قل يا (حسن) أنت أحسنهم...
- " أهوال القيامة معنوية غير حسية، فالجبال لن تهتز.. ولكننا سنراها كذلك لاضطراب قلوبنا [11] أما الجنة والنار فهما شعوريان: راحة الضمير، أو القلق " [12].
- لكن كيف تكون الحور العين معنوية لا حسية ؟؟!!!
سمعت قرقرة كصوت الديك التركي.. ميَّزت منها:
- " الحور العين ....... [همهمات وكلام غير مفهوم] ..... ااهغفاته.... إنها .. مباتهخ.... إنها ......... ما تراه من (((( فنون)))) على شاشة التلفاز[13] ".


أذن المؤذن لصلاة المغرب، خرجت كأني لا أعرفهم ... نظرت وإذا طومسون مشغولاً بنزع بذور ثمرة الصبار بشغف ولذة .. صاح كصياح أطفال مبتهجاً:
- " إنَّ نزعَ بذورها والرمي بها في كل اتجاه خير وأمتع من أكلها .. فلا يمكن لمعدتي أن تهضمها ".
- " سأذهب إلى الصلاة، وعندي إحساس بأن ثمرة الصبار ستقودك إلى الحق.. الحق الذي ما سواه باطل ".


استمر طومسون بنزع البذور... غابت اللذة .. وأخذ ينتزع البذور ويرميها بعصبية غير مبررة
" إما أنا أو أنتِ يا صبيرة ".. ولم ينتبه أن قدمه صارت فوق المياه العادمة...
تعالوا يا أبنائي .. أنقذوني..
هرع الأبناء لإنقاذه .. ولكن أحسُّوا بما يشبه الحبل يجذبهم حيث والدهم..

- ما هذا ما هذا.. أنتم تزيدون من أوزاري... ليتني لم آتِ بكم .. لا أم لكم ... لا أم لكم......

استرعى انتباهه صوتين نديَّين قريبين جداً.. وكانا آخر ما سمعته أذناه
سمع إمام المسجد الأول يقرأ آيات تتحدث عن فرعون: " ... فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ .....".
متداخلا مع صوت إمام المسجد الآخر، وآياته تتحدث عن فرعون أيضاً: " .... يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ... ".

-------

بعد الغداء، قلت لرئيس البلدية: لماذا تذكرت طومسون بعد هلاكه بزمن ؟ !!
- ألم تعلم ، قرروا إغلاق محطة التنقية.
- هل تشاءموا بطومسون ؟ .. أم عجزت الأمهات أن يلدن مثله؟
- لا يا أخي.. فقد أعيتهم كثرة نباتات الصبار التي ملأت المكان وسدت المنافذ.. نباتات (عينها قوية) استعصت على كل استئصال أو إبادة بالمبيدات.. ولا يريدون أن يصرفوا على استئصالها نقوداً إضافية. لذا أخذوا يفحصون سبب انتشارها السريع وكونها عصيَّة على كل استئصال وأن الزمان يزيد جذورها تشبثاً .. والأعجب: كيف تتسبب بنضارة الوجه ؟ [14] .. لغاية الآن لم تظهر النتيجة ـ أو لا يريدون إخبارنا ـ
نظرت إلى وجهه ـ وارتحت ـ ثم سألت متعجِّباً :
- لكن من أين أتت ؟
- يقولون: أحد الأغبياء أخذ يرمي بذور الصبار في كل مكان.. (و أخذ يبحث عن شيء في وجهي).
- " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ". صدق الله العظيم.

- غمزني رئيس البلدية مداعباً: لو لم تذهب لصلاة الجماعة ذلك اليوم، أكنت ستساعد طومسون.. نخوةً وشهامةً.
- ضحكت قائلاً: الحمد لله، ألم أقل لك: جماعة المسلمين هي الوقاية وهي النجاة.. حتى لو لم تلمس ذلك بيديك!!!
فأنا ـ كما تعلم ـ أعاني من حساسية الجيوب الأنفية، وأخشى أن يجذبني حبله.. ويبدو أن طومسون فرح أيضاً، لأن ثقل جسمي سيزيد من أوزاره.. وهو (مش ناقصه).

لقد مات طومسون.. أما ثمار الصبار فقد انتشرت.. وزادت شموخاً أفقياً وعامودياً..
شكراً طومسون!!


هوامش:
================
[1] من العقيدة إلى الثورة، حسن حنفي 1/17
[2] الإسلام في الأسر، الصادق النيهوم، ص127.
[3] وجهة نظر، محمد عابد الجابري، ص150-151.
[4] الإسلام، عبد المجيد الشرفي، ص63.
[5] النص القرآني، طيب تيزيني، ص154.
[6] نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي، محمد شحرور، ص31
[7] حوار المشرق والمغرب، حسن حنفي، ص72
[8] قضايا نقد العقل الديني، محمد أركون، ص282.
[9] النص، السلطة، نصر حامد أبو زيد، ص135.
[10] الإسلام في الأسر، الصادق النيهوم، ص 82.
[11] من العقيدة إلى الثورة، حسن حنفي 4/508.
[12] السابق، 4/605.
[13] العنف المقدس والجنس، تركي الربيعو، ص140.
[14] لمعرفة الإعجاز العلمي في السنة النبوية حول تأثير زيت الصبار على البشرة انظر حديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ:
http://55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=556

[*] طومسون الحقيقي أمريكي. وهنا تذكرت ما كتب الشاعر النصراني " رشيد خوري " سنة 1947م منتقداً حملات (التبشير) المسيحي الغربية التي أثرت في النصارى الشرقيين أكثر من المسلمين !!!!!!!!
" إن إقامتي الدليل على عدم نزاهة المبشرين الأمريكيين لا يقتضي أن أكون بارعاً في الجدل، أو عالماً شهيراً بالتاريخ، وكم أنفق الأمريكيون كي يُعرِّفوننا بمواطِننا المسيح وبدينه، كأننا أشد افتقاراً إلى فضائل المسيحية من الأمريكيين أنفسهم ".
قلت: هذا الاستغراب من نصراني لما ينفقه من وقت وجهد ومال إخوة في الدين ليحول ملة نصارى المشرق إلى المغرب..
ما معنى أن يقطع إنسان ما الفيافي والقفار ويدفع المليارات كي يُخبِرَك بما أنت أعلمُ به منه !!!

إنها والله لإحدى عجائب الدنيا !!!
 
الوعي السالب – وفئران جامايكا

ويُعلِّق خيري منصور قائلاً: " العلة ليست في (الصبيرة) بل في آكلها.. كيف تختفي الصبيرة إلى أن تتلاشى بين يدي المستشرق أو المبشر، في حين أنها تؤكل كلها بعد أن يُقشرها أهل البلاد ؟! ".
الاستشراق والوعي السالب، خيري منصور، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط2، 2005م. ص225


------------------------------

ما المقصود بـ (الوعي السالب للاستشراق ) ؟
يضرب خيري منصور مثالاً خيالياً على ذلك... ثم يتبعه بأمثلة وشواهد واقعية على الوعي السالب للمثقفين العرب..

فئران جامايكا


- عانت جزيرة جامايكا من انتشار الفئران التي قللت من إنتاج المحصول الزراعي الرئيس فيها (قصب السكر).
- اقترح (أذكاهم) استيراد عدد من حيوان (النمس) ....
- بعد ثلاث سنوات قضى (النمس) على الفئران تماماً...
- اكتشف سكان الجزيرة البائسون أن صيفهم الذكي (النمس) قد سطا على دواجنهم فأفناها...
- تحرك (النمس) إلى الطيور الأخرى وأعشاشها....
- استغلت الحشرات غياب الطيور فأتلفت المحاصيل الزراعية في الجزيرة قصب السكر وغيره...
- بدأت مظاهر المجاعة في الجزيرة ..
- فكر (أذكاهم) في استيراد من يطرد (النمس)...
- إلا أنهم قرروا أنه لن يقاوم الغزاة (النمس) إلا هم بما يتوفر لديهم من أسلحة... وهكذا كان.. فنجت الجزيرة ونجو جميعاً.


بتصرف واختصار عن: الاستشراق والوعي السالب، ص198
=====================

تلك كانت باختصار قصة فئران جامايكا ... وبإذن الله تعالى سيتم بيان الوعي السالب عند (المثقفين) العرب في أخطر مراحل التاريخ العربي.
وسيتم تسليط الضوء على (وعي!!) ثلاثة شعراء برزوا في تلك المرحلة:
حافظ إبراهيم، وأحمد شوقي، والشيخ علي الريماوي.
 
بعد أن نقلَ خيري منصور فرَحَ مؤرخ تونسي بشَّر بقدوم المحررين الأحرار الفرنسيين.. وشماتته بالأتراك (المحتلين).. انتقل ص199 للحديث عن مرحلةٍ تالية ... مرحلتنا تتلوها

تلك المرحلة هي ما بعد الحرب العالمية ... ووزوال دولة الخلافة الإسلامية... وسط تصفيق العرب مهللين مستبشرين.

عندها وقف وزير خارجية بريطانيا : " نظراً لما قامت به تركيا، فقد قررت حكومة جلالة الملك وضع مصر تحت الحماية ".

وبردة فعل عفوية سريعة.. انطلقت حناجر كثير من العرب مهللين بالتحرير مرحبين بحماية أهل السماحة والأخلاق...

فقال شاعر النيل حافظ إبراهيم مبشراً نهر النيل

فَعِش لِلنيلِ سُلطاناً أَبِيّاً ### لَهُ في مُلكِهِ عَقدٌ وَحَلُّ
وَوالِ القَومُ إِنَّهُمُ كِرامٌ ### مَيامينُ النَقيبَةِ أَينَ حَلّوا
لَهُم مُلكٌ عَلى (التايمزِ) أَضحَت ### ذُراهُ عَلى المَعالي تَستَهِلُّ
وَلَيسَ كَقَومِهِم في الغَربِ قَومٌ ### مِنَ الأَخلاقِ قَد نَهِلوا وَعَلّوا
فَإِن صادَقتَهُم صَدَقوكَ وُدّاً ### وَلَيسَ لَهُم إِذا فَتَّشتَ مِثلُ

إلى أن قال:
فَمادِدهُم حِبالَ الوُدِّ وَاِنهَض ### بِنا فَقِيادُنا لِلخَيرِ سَهلُ
وَخَفِّف مِن مُصابِ الشَرقِ فينا ### فَنَحنُ عَلى رِجالِ الغَربِ ثِقلُ

ألم تلاحظوا الشفافية العالية.. يعتذر للغرب؛ لأن العرب كانوا (ثقالاً) عليهم !!!
فعلاً، الشاة ثقيلة على من يقوم بذبحها وسلخها!
ولذا أقترح أن يذبح العرب أنفسهم ويسلخوا أجسادهم ويقدموها مطهية أيضاً..
ملاحظة: الوقود المستخدم للطهي على حسابهم أيضاً.



أما أمير الشعراء أحمد شوقي
حلفاؤنا الأحرار إلا أنهم ### أرقى الشعوب عواطفاً وميولا
أعلى من الرومان ذكراً في الورى ### وأعز سلطاناً وأمنع غيلا
لما خلا وجه الزمان بسيفهم ### ساروا سماحاً في البلاد عدولا

بما أن الأمير شهِدَ لهم بالسماحة.. فهل بعد قوله قول ؟!



ويكتب (الشيخ) علي الريماوي سنة 1917م محتفياً بالذكرى الأولى (للتحرير) الإنجليزي لفلسطين

وهذا نهار فيه حلت قيودنا ### وقد نشط الاقدام وانطلق الفكر
وحل محل الظلم عهد محبب ### وقد لاح من بعد الظلام لنا فجر
بريطانيا العظمي وأنت شهيرة ### وعندك طبعا يحمل الحمد والشكر
عهدناك للإسلام أكرم دولة ### عهدناك والعمران دينك والبر

يكفي للتعليق عليه أنه قال تلك القصيدة في العام ذاته (( عام وعد بلفور !!! )) وفيه انحلت قيودنا تماماً..
ألا تُحل القيود عن الكفن، حين يوضع في القبر ؟!!


ويختم الشاعر إسكندر خوري نشيد المرحبين بالتحرير
بني (التايمز) قد فزتم ### وبالإنقاذ قد جئتم
بلاد القدس شرفتم ### فأهلاً أينما بِتُّم


القدس شرُفت بهم !!


وتدور الأيام... وما زال العرب متمسكين بميراث أجدادهم...
لكن الجزائري: محمد أركون يطالب بنبذ (ميراث) الأجداد ... لكن مهلاً.. لنكن موضوعيين
مَن قال إنه يرفض كل ميراث السلف...

أبداً... إنه ما زال يفتخر بسلفه
سلفه الذي يحبه ويجهر أنه مثله الأعلى في أكثر من كتاب ولقاء.. إنه:

أتاتورك..


هذا هو الوعي السالب... الذي إن قارنتَه بـ (اللاوعي) لفضلتَ اللاوعيَ عليه !!


على كل حال.. مَن قال إن علم الاستنساخ.. علمٌ حديث ؟!
 
وخطورة الوعي السالب أنها تمتد وتتشعب وقد لا يلمس جيلنا أثرها لكن الأثر سيظهر في الأجيال التالية..


سأذكر خلاصة دراسة الأستاذ أنور الجندي حول شخصية طه حسين وأفكاره، من خلال كتبه ومقالاته ومحاضراته وما تناقلته وسائل الإعلام عن نشاطاته.. حيث لخَّص كل ذلك ـ بعد تفصيل الأدلة عليه ـ بقوله:
" ولنذكر يومَ أصدَرَ ( الشعر الجاهلي ) وسارت المظاهرات إلى سعد زغلول [1] تطالب برأسه، فقال سعد:
" إن مسألة كهذه لا يمكن أن تؤثر في هذه الأمة المتمسكة بدينها، هَبُوا أن رجلاً مجنوناً يهذي في الطريق، فهل يضير العقلاء شيء من ذلك ؟ إنَّ هذا الدين متين، وليس الذي شكَّك فيه زعيماً أو إماماً فليشك كما شاء".

ومن يومها، انطلق طه حسين تحت اسم الرحمة لرجلٍ كفيف، أو التجاهل لرجل يهذي. ولكن طه حسين كان يقطع الطريق من مرحلة إلى مرحلة، مؤثِّراً في المناهج الجامعية ثم المدرسية، وفي مناهج الثقافة والأدب والتاريخ.. ففي كل ما تناوله سموم مدسوسة، وآراء للاستشراق منشورة، وشبهات مثارة، وكتب تدرَّس في الجامعات، تتناول الرسول والإسلام بعبارات فاحشة، وحفلات رقصٍ في الجامعة.. وفوق كل ذلك: أراؤه مسروقة، أخَذها من هذا المستشرق أو ذاك، دافعَ عن الإلحاد، وعن الشك، ونافَقَ الغربيين، وهجمَ الأزهر، وأدخلَ الأساطير إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ".[2]

إن الوعي السالب يجعل مُمارِسَه شريكاً في الجريمة ـ إن لم يكن أخطر ـ ولنتذكر عبارة (التدخين السلبي).[3]

================
[1] كان سعد زغلول يفطر فى رمضان، ويشرب الخمر – حتى في رمضان – فيعتذر عنه المعتذرون بأنه ضعيف لا يقوى بدنه على الصيام – فهو من أهل الأعذار –. وقد سمي ميدان التحرير في مصر بذلك لأن زوجة سعد (تحررت) من حجابها عنده في مظاهرة نسائية. انظر كتاب: واقعنا المعاصر للشيخ محمد قطب.
[2] طه حسين حياته فكره في ميزان الإسلام، أنور الجندي، دار الاعتصام، القاهرة، ط2، 1977م، ص221-222. وذكَر في الصفحة التالية، ملامحَ العمل التغريبي الذي قام به طه حسين في التعليم.
[3] تُطلَق على من يجلس في أوساط المدخنين من غيرهم، وخطر التدخين السلبي أضعاف أخطار التدخين الفعلي كما يقرر كل الأطباء.
 
كي لا نعيش كثيراً مع نماذج الوعي السالب المحبِطة، هذا نموذج من وعي إيجابي
((نفعَ صاحبه بعد الموت))
أفاد بعد وفاته بعقود.. أضعاف ما أفاد في حياته

فقد ناقش فيه ((أقوى)) ما ذُكِر في مواقع الإنترنت التنصيرية من أدلة على الإطلاق، حول كون القرآن الكريم مقتبس من كلام الشعراء الجاهليين..

-------------------
نشرت الجمعية الإنجليزية المكلفة بالدعوة إلى النصرانية كتابا بعنوان "تنوير الأفهام"، وقد كتب ذلك الكتاب أحد الحاقدين على الإسلام وأهله، وضمن كتابه الأبيات التي ذكرناها أول المقال، ونسبها إلى امرىء القيس، ثم ادعى بعد ذلك أن القرآن الكريم قد اقتبس من تلك الأبيات.
ونص الأبيات التي لفقها على امرىء القيس:
دنت الساعة وانشق القمر ### عن غزال صاد قلبي ونفر
أحور قد حرت في أوصافه ### ناعس الطرف بعينيه حور
مر يوم العيد في زينته ### فرماني فتعاطى فعقر
بسهام من لحاظ فاتك ### فتركني كهشيم المحتظر
وإذا ما غاب عني ساعة ### كانت الساعة أدهى وأمر
كتب الحسن على وجنته ### بسحيق المسك سطرًا مختصر
عادة الأقمار تسري في الدجى ### فرأيت الليل يسري بالقمر
بالضحى والليل من طرته فرقه ### ذا النور كم شيء زهر
قلت إذ شق العذار خده ### دنت الساعة وانشق القمر
[ انظر مجلة المنار 7/3/101]
وقد تنبه العلامة محمد رشيد رضا رحمه الله لهذه الفرية، وردها بالأدلة والبراهين قال رحمه الله:" لولا أن في القراء بعض العوام، لما كنت في حاجة إلى التنبيه على أن هذه القصيدة يستحيل أن تكون لعربي، بل يجب أن تكون لتلميذ أو مبتدئ ضعيف في اللغة من أهل الحضر المخنثين عشاق الغِلمان، فهي في ركاكة أسلوبها وعبارتها وضعف عربيتها وموضوعها، بريئة من شعر العرب لا سيما الجاهليين منهم، فكيف يصح أن تكون لحامل لوائهم، وأبلغ بلغائهم.
وهب أن امرأ القيس زير النساء كان يتغزل بالغلمان - وافرضه جدلا - ولكن هل يسهل عليك أن تقول: إن أشعر شعراء العرب صاحب (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل) يقول: أحور قد حرت في أوصافه ناعس الطرف بعينيه حور، وتضيق عليه اللغة فيكرر المعنى الواحد في البيت مرتين؛ فيقول: أحور بعينيه حور.
أتصدق أن عربيا يقول: انشق القمر عن غزال، وهو لغو من القول؟ وما معنى: دنت الساعة في البيت؟ وأي عيد كان عند الجاهلية يمر فيه الغلمان متزينين؟ وهل يسمح لك ذوقك بأن تصدق أن امرأ القيس يقول: فرماني فتعاطى فعقر، وأي شىء تعاطى بعد الرمي، والتعاطي: التناول... وهل يقول امرؤ القيس: لحاظ فاتك؟ فيصف الجمع بالمفرد.
وهل يشبّه العربي طلوع الشعر في الخد بالسُرى في الليل؟ مع أنه سير في ضياء كالنهار؟
وكيف تفهم وتعرب قوله: بالضحى والليل من طرته فرقه ### ذا النور كم شيء زهر
وهل يقول عربي، أو مستعرب فصيح في حبيبه: إن العذار شق خده شقًّا؟!
.... بعد هذه الإشارات الكافية في بيان أن الشعر ليس للعرب الجاهليين، ولا للمخضرمين، وإنما هو من خنوثة وضعف المتأخرين، أسمح لك بأن تفرض أنه لامرىء القيس إكراما واحتراما للمؤلف – أي مؤلف كتاب "تنوير الأفهام" -، ولكن هل يمكن لأحد أن يكرمه ويحترمه فيقول: إن الكلمات التي وضع لها العلامات هي عين آيات القرآن؟.... وليس في القرآن (فرماني فتعاطى فعقر) وقد ذكرنا لك الآية آنفا، وقوله (تركني كهشيم المحتظر) مثله، وإنما الآية الكريمة : " إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ " [القمر: 31]. فالمعنى مختلف والنظم مختلف، وليس في البيت إلا ذكر المشبه به، وهو فيه في غير محله؛ لأن تشبيه الشخص الواحد بالهشيم يجمعه صاحب الحظيرة لغنمه لا معنى له، وإنما يحسن هذا التشبيه لأمة فُنيت وبادت كما في الآية... وليس في القرآن أيضًا: كانت الساعة أدهى وأمر، وإنما فيه : " سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ(45)بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ(46) "، فههنا وعيدان شرهما الساعة المنتظرة فصح أن يقال: إنها أدهى وأمر، وليس في البيت شيء يأتي فيه التفضيل على بابه.
واعلم أن هذا الشعر من كلام المولدين المتأخرين هو أدنى ما نظموا في الاقتباس، ولم ينسبه إلى امرىء القيس إلا أجهل الناس.
ثم إن المعنى مختلف، والنظم مختلف، فكيف يصح قول المؤلف – أي مؤلف كتاب "تنوير الأفهام" -: إن هذه الكلمات من آيات القرآن، وإنها لا تختلف عنها في المعنى، ولو فرضنا أن هذه الكلمات العربية استعملت في معنى سخيف في الشعر ليس فيه شائبة البلاغة، ثم جاءت في القرآن العربي بمعان أخرى وأسلوب آخر، وكانت آيات في البلاغة كما أنها في الشعر عبرة في السخافة، فهل يصح لعاقل أن يقول: إن صاحب هذا الكلام البليغ في موضوع الزجر والوعظ مأخوذ من ذلك الشعر الخنث في عشق الغلمان، وأن المعنى واحد لا يختلف؟
فمن كان معتبرا باستنباط هؤلاء الناس وتهافتهم في الطعن والاعتراض على القرآن فليعتبر بهذا، ومن أراد أن يضحك من النقد الفاضح لصاحبه، الرافع لشأن خصمه فليضحك، ومن أراد أن يزن تعصب هؤلاء النصارى بهذا الميزان فليزنه، وإنه ليرجح بتعصب العالمين." اهـ[ مجلة المنار 7 / الجزء 5 / ص 161]

--------------------

تخيَّلو بالله عليكم لو لم يرد محمد رشيد رضا ـ رحمه الله تعالى ـ على تلك الشبهة، ركوناً إلى أن العقل العربي العادي لا يستسيغها...

انظر منتديات الحوار الديني وابحث في " دنت الساعة وانشق القمر ### عن غزال صاد قلبي ونفر ".
ستجد عجباً من دفاع المسلمين عن القرآن الكريم في مواجهة هذه الشبهة،، وتقول: ليتهم صمتوا !!


وعيُ محمد رشيد رضا هو المطلوب، ولا يستخفَّن أحدكم بشبهة،،
فالبدهي عندك.. غامض عند غيرك

بل أنت أحياناً تكون قد هيأت فكرة تشكِّل (فهماً) وتوجيهاً لمسألة ما، ثم تغيب عنك إن لم تقيِّدها بالكتابة

ورحم الله تعالى من قال:

الفهمُ عَرَضٌ ... يأتي ويزول


لو أعرِضُ لكم نماذج من الأسئلة التي تردني من عرب ومسلمين عبر البريد الإلكتروني، لظننتم أنني أهزأ بكم
نحن في غربة عن الدين، لا يعلمها إلا الله تعالى

--------------------

لقد غرسَ محمد رشيد رضا نبتاً طيباً فأكلنا

وماذا غرسنا نحن لمن بعدَنا كي يأكلوه ؟!!!

--------------

وإني لأتخيَّل وجوه ـ بعض ـ (أهل العلم) قبل عشرات السنين، وهم يقرؤون كلام محمد رشيد رضا ، مغتابين غامزين ...
" انظروا انظروا إلى محمد رشيد رضا بماذا أوجع رأسه، تلك السخافات أحقر من أن يرد عليها تلميذ من كتاتيبنا، ولا تستحق الجهد المبذول في المطبعة لصفِّ حروفها.. لماذا لم ينكر الباطل بالسكوت عنه " !!!

أين هم.... وأين هو ؟!
 
تنويه

تنويه

إخي عبد الرحيم بارك الله فيكم وفي ما ذكرت عن الشيخ رشيد رضا رحمه الله.
ولعلك تثمثل بالبيت القائل.

أسد علي وفي الحروب نعامة...

كناية عن قوم يفرون من حلبة الجدل مع الخصوم البينة عداوتهم لله ورسوله.
مع أن علمائنا كانوا لا يبقون لشبه الخصوم بقية فأنت تجد بيانهم ناصعا وجدلهم بارعا. واستدلالهم لدعاوى المفترين قارعا , ودعني من الذين يساقون إلى حتفهم بعضم وراء بعض.
 
حين ضغطت الحكومة المصرية (المعيَّنة من قبل الاحتلال البريطاني) على محمد رشيد رضا طالبةً الكف عن الرد على شبهات المبشرين في مجلة المنار، قال: " إني لن أدع الرد على المبشرين ما داموا يطعنون في الإسلام.. لأن الرد عليهم فرض من فروض الكفاية، حيث لا أرى مجلة ولا جريدة تقوم بها، فإن تركتها كنت آثماً كجميع القادرين عليها ".
انظر: الإسلام والمسلمون بين أحقاد التبشير وضلالات الاستشراق، د. عبد الرحمن عميرة، ص29.
------
كان بإمكان محمد رشيد رضا الركون إلى الدعة والسلامة،،

لكنه لم يجد لنفسه عذراً فهو ليس من أصحاب الأعذار... ولا يليق بمثله أن يقعد مع ((الخوالف))

كذا هم أصحاب المعالي،،

وما يُحزِن أخي سمير هو استمرار كثير من الإخوة في تضييع وقتهم بالحكم على هذا وذاك،،
فيضيع وقته فيما لا يفيد، فضلاً عن تعريض نفسه لاحتمال اكتساب الاثم والوقوع في عرض مسلم لا يستطيع الدفاع عن نفسه.

ولن أقول في ذلك غير ما قال أخي الجندي (الذي يقف على رأس (ثغرٍ) من ثغور الإسلام أعانه الله على الذبِّ عنه)

قال: " أخي.. لأني أحبك,, عليك بخاصة نفسك ".


http://tafsir.org/vb/showpost.php?p=15914&postcount=1
 
عودة
أعلى