ضيف الحلقة (120) يوم الأحد 26 رمضان 1431هـ

إنضم
25 سبتمبر 2008
المشاركات
225
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الرياض
التفسير المباشر - الرياض
ضيف البرنامج في حلقته رقم (120) يوم الأحد 26 رمضان 1431هـ هو فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن يحيى صواب الأستاذ المشارك بكلية الآداب بجامعة صنعاء باليمن .
وموضوع الحلقة هو :
- علوم سورة الشعراء .
- الإجابة عن أسئلة المشاهدين حول السورة وحول الجزء السادس والعشرين من القرآن الكريم .

نسأل الله التوفيق والسداد ،،

b.gif


الحلقة الخامسة و العشرون
سورة الشعراء
***********
tafsir26.gif




 
ما شاء الله، نعم الضيف دكتور صواب وإن شاء الله هذه الحلقة يتمكن الدكتور عبد الرحمن من حوار الدكتور صواب بدون معوقات (عندنا في المثل الشعبي يقولون الثالثة ثابتة!)
 
الله يبارك في الجهود

المرة هذي ما نرضى الا بالدكتور عبدالرحمن ماهما كانت الاسباب :)
 
سؤال إذا أذنتم للدكتور صواب في سورة الشعراء وهو:
في قوله تعالى (أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76)) هذه الآية الوحيدة التي وصف فيها الآباء بالأقدمون بفي القرآن كله بينما وردت في نفس السورة (قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26)) يصفهم بالأولين وكذلك في مواطن أخرى في القرآن مثل (َاللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) الصافات) ( رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (8) الدخان) فهل لهذا دلالة معنية ؟
 
ما شاء الله لا قوة إلا بالله، حلقة مميزة دكتور صالح ودكتور عبد الرحمن. الدكتور صالح عودنا أن يأتي لنا بالجديد في كل سورة وكأننا نقرأها ونعرف معانيها لأول مرة فتح الله لكم وزادكم علمًا.
أتمنى من الدكتور صالح إذا كان لديه وقت أن يجيب على سؤالي السابق الذي لم يسمح الوقت بطرحه خلال الحلقة.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تمت إضافة الروابط في المشاركة الاولي
بارك الله فيكم
 
وهذا نص الحلقة بفضل الله تعالى
سورة الشعراء
إسم السورة
د. صالح: هذه هي سورة الشعراء وهذا هو الإسم المشهور عند العلماء وعند المفسرين سورة الشعراء. وتسمى أيضًا بسورة طسم لأنها افتتحت بها ومن المعلوم أن سور القرآن عادة إما أن تسمى بإسم شيء بارز فيها من قصة أو حدث أو عَلَم أو موضوع أو بمفتتحها مثلًا سورة البقرة آل عمران النساء التوبة الانشقاق هذه كلها بالمواضيع التي تحدثت عنها السورة لكن يمكن أن نجد أن سورة التوبة تسمى براءة وسورة الأعلى تسمى سورة سبِّح اسم ربك الأعلى وسورة الزلزلة إذا زلزلت فتسمى إما بالموضوع أو بالمفتتح الذي تفتتح به السورة ولهذا سميت هذا الإسم وإن كان المشهور هو سورة الشعراء.
د. عبد الرحمن: ما لها أسماء أخرى غير هذا؟
د. صالح: هناك إسمان وجدتهما لكنهما ليسا مشهورين، هناك من سمّاها "الجامعة" وعلل ذلك ابن عاشور رحمه الله تعالى هذه التسمية لأنها جمعت قصص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين إلى قصة محمد صلى الله عليه وسلم، السور الأخرى عادة تتحدث عن الأنبياء أو الرسل السابقين فهذه ربما لهذا السبب. وابن العربي شاع في موطن أنه أشار إلى أنه قال "ولقد ذكرت ذلك وتحدثت عنه في سورة الظلّّة" وذلك لورود قول الله عز وجل في قصة أصحاب الأيكة (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189)) فسميت بهذا الإسم لكن المشهور هو سورة الشعراء.
وقت نزول السورة:
د. صالح: هي سورة مكية بلا خلاف. فهي من السور التي نزلت بمكة، هناك خلاف في بعض الآيات وإن كان الظاهر والجمهور على أنها جميعها مكية قول الله سبحانه وتعالى (وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا (227)) فبعض العلماء نظر إلى هذا الاستثناء في قول الله عز وجل (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا) فقال المراد به من أسلم من الصحابة الذين كانوا في المدينة وكانوا يدافعون عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن ثم فهذه الآيات التي هي من قول الله عز وجل (وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227)) إلى آخر السورة مدنية ولكن ليس بالقول القوي بل الظاهر أن جميع السورة مكية. هناك قول لقتادة أن قول الله عز وجل (أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ (197)) أنها أيضًا مدنية لأنها تحدثت عن بني إسرائيل لكن الصحيح أنه ليس كل آية تسير إلى بني إسرائيل هي مدنية لأن المشركين كانوا على صلة ببني إسرائيل وباليهود في المدينة وكانوا قريبين منهم فكانوا على صلة، فخلاصة القول أن السورة جميعها مكية وهذا هو الصحيح.
د. عبد الرحمن: والاستثناء عادة لا يثبت إلا بدليل صحيح
محور السورة
د. صالح: سورة الشعراء اشتملت على موضوعات كثيرة وعدد آياتها 227 آية وعلى العدّ غير البصري والكوفي 226 آية لكن موضوع السورة كبير ومتفاوت ويمكن أن نلخص هذا الموضوع بقولنا أنها جاءت للتنويه بشأن القرآن الكريم وتعنيف المكذبين بالقرآن الكريم وضرب الأمثال لهم هذا الموضوع واضح ذلك أنها افتتحت بالحديث عن القرآن وجاء في ثناياها الحديث عن القرآن (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195)) وشنعت على المكذبين في هذه السورة ابتداء من المخاطبين مشركو مكة الذين لفت الله أنظارهم إلى الآيات المتنوعة سواء كان ذلك في الأرض في الجنات في العيون وغير ذلك أو المكذبين السابقين فجاءت للتشنيع على هؤلاء المكذبين فنستطيع أن نقول بأن هذا هو موضوع السورة وهذا موضوع لا ينفك عن العقيدة سواء فيما يتعلق بالتوحيد أو كان فيما يتعلق بالنبوة والرسالة اأو ما يتعلق بلوحي أو باليوم الآخر.
د. عبد الرحمن: حتى تسمية السورة بالشعراء فيه إشارة إلى الدفاع عن القرآن أنهم قالوا إنه شعر
د. صالح: هذه مسألة مهمة جدًا علاقة السورة بالإسم هنا، سميت سورة الشعراء ليس لأهمية الشعر والحديث عن الشعر وإنما لجانب مهم له علاقة بالوحي، كيف؟ المشركون كذبوا بالقرآن الكريم وبالمناسبة فإن آخر آية في سورة الفرقان هي قول الله عز وجل (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77) الفرقان) فهذا التكذيب الوارد هو تكذيب بالقرآن الكريم فجاء هذا الحديث في هذه السورة أيضًا ليبين (فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (6))
د. عبد الرحمن: هذا ربط بين سورة الفرقان وسورة الشعراء
د. صالح: ربط واضح، هناك حديث عن التكذيب وهنا أيضًا حديث عن التكذيب فكذبوا بالقرآن، ماذا قالوا عن القرآن؟ قالوا بأن القرآن كما جاء في سورة النحل في قول الله عز وجل (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ (103)) قالوا بأن القرآن شعر وقالوا بأن القرآن كهانة (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) الطور) فجاء الرد عليهم في هذه السورة فأما قولكم بأن الذي يعلمه أعجمي فقد نزل به الروح الأمين كما قال عز وجل (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195)) وما كان لأعجمي أن يتحدث بلسان عربي مبين. وأما القول بأنه كهانة فقد ذكر الله عز وجل (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212)) فالشياطين لا يوحى إليهم ولا يمكن أن يأتوا بهذا القرآن فنفى الله عز وجل أن يكون كهانة. ولأن العرب كانوا يقولون أن الشاعر يستلهم شعره من الجن هكذا كانوا يتصورون وإن لم يكن لهذا حقيقة، يتصورون الشاعر المبدع أن له شيطانًا يعلمه ذلك فبيّن لهم سبحانه وتعالى أن الشعر لم يكن عادة في الدعوة للإصلاح لا يأتي بمنهج مفيد وإنما انظروا إلى شعرائكم هؤلاء فما هو حالهم (وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا (227)) فبيّن سبحانه أن القرآن ليس بشعر كما قال شبحانه وتعالى في سورة الحاقة (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41)) فبيّن سبحانه وتعالى أن ذلك لم يكن شعرًا. إذن الحديث هنا عن الشعر والشعراء لم يكن الشعر هو أساس الحديث لكن تنزيه القرآن عن أن يكون شعرًا بذكر الشعراء وأنتم قوم عرب تعرفون حال الشعر والشعراء وتعرفون مجنون ليلى وتعرفون كثير عزة والجاهليين لم يأتوا بشيء من ذلك فهؤلاء (وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224)). ودعني أشير هنا ونحن نتلمس أيضًا جمال البيان القرآني الاستعارة الجميلة هنا (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ) فكأن هذا الشاعر كبعير هائم يبحث عن العشب والكلأ ولم يجد هذا العشب في الأماكن المرتفعة فاضطر إلى النزول إلى الأودية هائم يبحث عن ذلك وذلك أن الشاعر تجده يومًا يمدح ويومًا يذم وربما أحيانًا سخط على إنسان فذمّه وهو ليس أهلًا للذم وربما أعجب بإنسان فمدحه وأعلى شانه مع أنه لا يستحق المدح فلهم جوانب متعددة (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226))
د. عبد الرحمن: أحيانًا بعض الشعراء تجد في شعره كما قالوا عن المتنبي أنه كان إذا وصف معركة كانت أبياته أبلغ من نصالها تشعر كأنك في المعركة مع أنه هو ليس من الشجعان فهو يصف الشجاعة ولم يجربها.
د. صالح: قالوا أن الفرزدق قال أبياتًا من هذا (وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ) فقال قصيدة وكان عند سليمان بن عبد الملك قال فيها:
فبتنا بجانب مصراعاة وبت أفض أغلاق الختام
فقال له سليمان قد وجب عليك الحد لأنه اعترف بالفاحشة فقال يا أمير المؤمنين ما فعلت هذا والله ألم تر قول الله عز وجل (وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ) فدرأت عنه الحد وهكذا حصل مع أكثر من واحد فهم يقولون ما لا يفعلون.
د. عبد الرحمن: دعنا بعد أن تحدثنا عن موضوع السورة وفصلنا في ارتباط إسمها بموضوعها نتحدث عن الآيات من أولها بشيء من الإيجاز في قوله تبارك وتعالى (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3)) ما معناها؟
د. صالح: هذه الآيات وهذه السورة تتحدث عن تكذيب المشركين وهذا التكذيب لا شك له أثر والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتألم لعدم إيمان قومه فالله سبحانه وتعالى يقول (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) هل أنت قاتل نفسك؟ باخع بمعنى قاتل وإن كان كما يقول العلماء بخع هي أقوى من قتل، فهو القتل بقوة وهو كما يقال بخع الذبيحة إذا السكين وصلت إلى عرق في الفقار فهو القضاء الكامل تقضي على نفسك قضاء كاملًا (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) هل أنت ستقتل نفسك؟ لا، هذه الآيات واضحة بيّنة ومهما كانت الآيات فإن هؤلاء لا يمكن أن يؤمنوا وهذا جانب مهم يجب أن نستفيد منه في حياتنا أنت لا تستطيع أن تهدي الناس أنت عليك البيان لأن بعض الناس يريد من الناس كلهم أن يؤمنوا وأن يسلموا ويكونوا على الحق لكنك لا تملك ذلك
د. عبد الرحمن: طبعًا هذا من شفقة النبي صلى الله عليه وسلم بهم
د. صالح: من شفقته صلى الله عليه وسلم بهم ولكن الله عز وجل يوجهه ويقول له (وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ) والتقدير فافعل (وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) الأنعام) فإذن لا يملك الإنسان الهداية، هداية الإرشاد والدلالة هي بيد الإنسان بينما هداية التوفيق فأمرها إلى الله سبحانه وتعالى. فبيّن سبحانه وتعالى أن الآيات موجودة، أول آية (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ) ثم جاءت الآيات متسلسلة في هذه السورة بشكل كبير جدًا ولكن حتى ولو نزلت هذه الآيات فلا يمكن أن يؤمنوا
د. عبد الرحمن: من كتب الله أنه لن يؤمن فلن ينتفع بهذه الآيات أبدًا. من الملفت أن أول قصة أوردها قصة موسى ثم جاءت بعدها قصة إبراهيم مع أن موسى من حيث التاريخ متأخر عنهم
د. صالح: عادة يبدأ القصص القرآن بقصة نوح عليه السلام لأنه هو الأول زمنيًا ثم عاد وثمود ثم ابراهيم وأصحاب مدين لكن هنا هدف القصة هناك هدفان، قصة موسى أحدهما تسلية النبي صلى الله عليه وسلم (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) لا تحزن، ودائمًا موسى مثال للنبي صلى الله عليه وسلم في الصبر لأنه أوذي كثيرًا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا (69) الأحزاب) فموسى عليه السلام كان أنموذجًا في هذا الباب وأنت تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قسم الغنائم فجاءت بعض أصحابه وقالوا إن هذه قسمة ما أُريد بها وجه الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم يرحم الله أخي موسى لقد أذوي بأكثر من هذا فصبر. إذن فلعلك باخع نفسك انظر إلى موسى وما لاقى، هذه واحدة. الأخرى قلنا أن السورة تتحدث عن الآيات والآيات كثيرة جدًا والآيات بارزة في قصة موسى أكثر من بروزها في قصة نوح أو إبراهيم وإن كان إبراهيم جاء بعده هنا، فالقصة بارزة تمامًا (إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4)) الآيات موجودة وانظر إلى الآيات التي جاء بها موسى فالعلاقة من ناحيتين من ناحية التسلية ومن ناحية الآيات البينة في قصة موسى عليه السلام ولذلك قدمت قصة موسى عليه السلام.
د. عبد الرحمن: تأتي بعدها قصة إبراهيم عليه السلام، يلفت نظري أنه يذكر قوله تعالى (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)) يذكرها كفاصل بين كل قصة وقصة هل من حكمة في هذا؟
د. صالح: لأن الحديث هنا عن الآيات ولاحظ أنها لم تذكر هاتين الآيتين (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)) لم تذكر بعد قصة موسى وإنما ذكرت قبلها بعد أن لفت الله عز وجل أنظارهم إلى الآيات الحسية التي يشاهدونها ثم ذكر لهم الوقائع التاريخية فكل ذلك يتبع سبحانه وتعالى بقوله (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً) وهذا فيه دلالتان: أما الأولى فهو أن هلاك هذه الأمم قبلكم كانت آية من الآيات يجب عليكم أن تعتبروا بها فيما أنبته الله عز وجل في هذه الأرض من كل زوج كريم فيه آية من الآيات وفي قصة موسى آية من الآيات وفي قصة إبراهيم آية من الآيات وفي قصة نوح وهود وصالح وشعيب وإبراهيم وغيرهم فيها آية من الآيات يجب أن تلتفتوا إليها، هذه واحدة. الثانية أن الله سبحانه وتعالى يبين لهؤلاء القوم (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ) أن هذه الآيات الله سبحانه وتعالى (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)) وهذه كذبوا والله عز وجل عزيز والعزيز هو الغالب القوي ولكنه رحيم فلم يبادرهم بالهلاك ولم يعاجلهم بالهلاك وهذه أيضًا من الشيء الجميل في هذا. وفاتني قبل قليل في قوله (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ) لماذا تكررت؟ ذكرنا أحد الأسباب أن كل قصة من هذه القصص جديرة، لكن قد يقول قائل إنما حصل لقوم موسى عليه السلام أو لقوم فرعون إنما هو أمر طارئ أو إن ما حصل لعاد أو لثمود هو أمر طارئ فتكررت هذه آية وهذه آية وهذه آية ومن ثم لا يمكن أن تقولوا أو أن تزعموا أن هذا أمر طارئ هؤلاء جاءهم رسول فكذبوه فأهلكوا ولنقل أن هؤلاء إن قلتم إنها طبيعة ونحو ذلك وأنتم لا تؤمنون بالله عز وجل فماذا عن هؤلاء؟ فماذا عن هؤلاء؟ فماذا عن هؤلاء؟ إذن (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً) (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً) (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً) فهي آيات متعددة
د. عبد الرحمن: وأنتم تطلبون الآيات فأنتم لستم بدعًا عن هؤلاء. قصة إبراهيم في السورة فيها فوائد كثيرة وكذلك قصة موسى لكن فيما ذكره إبراهيم من أدب في قوله (قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81)) أولًا في حجاج إبراهيم مع قومه وهذه تقدمت معنا في سورة الأنعام أسلوب إبراهيم في المجادلة والحجاج مع قومه وكيف يستفاد منه في الدعوة إلى الله؟ وأيضًا في أدبه في الدعاء في قوله (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80))
د. صالح: هنا جوانب كثيرة أولاها حديث عن الأصنام وحديث عن المعبود الواحد الأحد سبحانه وتعالى هم يعبدون أصنامًا كأن معنى كلامه أنتم تعبدون أصنامًا لا تخلق ولا تهدي ولا تطعم ولا تسقي ولا تشفي ولا تحيي ولا تميت أما أنا في المقابل فأنا أعبد الله سبحانه وتعالى الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يمتين ثم يحيين، هذه مسألة مهمة. الأمر الآخر وهي لفتة جميلة هذه الأوصاف ست كلمات جمعت البداية والنهاية وما تخلل ذلك من حياة الإنسان ابتداء من الخلق وإلى البعث وبين الخلق والبعث الهداية والطعام والشراب والشفاء والإماتة وقبل ذلك الخلق وبعد ذلك الإعادة والبعث. فهذه نحن ربما تمر علينا دون تأمل، نتأمل الاستدلال وكيف جمع هذه الأشياء كلها. ثم لاحظ كلمة (هو) هنا لم تأت في الآية الأولى (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78)) لأنها معروفة ومسلّمة ولكن جاءت بعدها (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81)) هذه من الأشياء المهمة. ثم انظر إلى أدبه، الله عز وجل هو الذي يمرض والله عز وجل هو الذي يشفي (قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ (78) النساء) ولكن من الأدب أن لا ينسب الإنسان الشرّ إلى الله سبحانه وتعالى فإبراهيم عليه السلام لم يقل إذا أمرضني فهو يشفين وإنما قال (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) نسب المرض إلى نفسه وهذا كثير في القرآن وهو من باب أدب الأنبياء (الخير كله بيديك والشر ليس إليك) فلا ينبغي أن ينسب الشر إلى الله تعالى وإن كان هو المقدر والفاعل حقيقة.
د. عبد الرحمن: قصة أصحاب الأيكة لفت نظري أصحاب الأيكة هنا لماذا وصفوا بهذا الوصف؟ الذين هم قوم شعيب.
د. صالح: قبل أن نتجاوز قصة إبراهيم وقصة موسى أريد أن تتنبه إلى منهج الطغاة يعني منهج فرعون وكيف قابل موسى عليه السلام وتهديده له بالسجن وأيضًا مناهج ستأتي مثل منهج نوح عليه السلام تهديد قومه له بالرجم وتهديد قوم لوط له بالإخراج، دائمًا الطغاة يحاولون أن يواجهوا الحجة بالحجة فإن لم يجدوا حجة -وليس لهم حجة قطعًا- يلجأون إلى الطغيان (قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29)) (قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25)) يريد أن يشوه صورته عند الملأ وهكذا إبراهيم عليه السلام ما جرى لابراهيم من قذف به في النار لا شك أنه يحتاج لوقفات لكن الوقت ربما لا يسمح إنما نشير إلى منهج الطغاة في التعامل مع الدعاة، منهج مضطرد.
أما ما يتعلق بأصحاب الأيكة كثيرًا ما يطرح أن الله سبحانه وتعالى في قصة نوح وقصة صالح وقصة هود (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ (106)) (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ (124)) (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ (142)) (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ (161)) مع أن لوطًا ما كان منهم ما كان من أهل الشام لكنه لأنه سكن بينهم فترة كان أخًا لهم ولذلك هددوه بالإخراج هذه مسألة مهمة ربما البعض لا يعلم لماذا هددوا لوطًا بالإخراج (قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167)) (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ (56) النمل) لأنه لم يكن أصلًا من هذه القرية، فهنا هددوه بالإخراج. لكن الله عز وجل لم يقل لم يقل أخوهم شعيب وهذه مسألة تحدث عنها العلماء
د. عبد الرحمن: مع أنه قال في مواضع أخرى قال (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا)
د. صالح: العلماء تحدثوا بأحد الوجهين: قال بعض العلماء أن أصحاب الأيكة هم ليسوا مدين وإنما بعث شعيب إلى أمتين إلى مدين وهم أهله وأصحابه ولذلك قال (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا (36) العنكبوت) وبعث أيضًا إلى أصحاب الأيكة ويستدلون بأشياء منها أن الله سبحانه وتعالى ذكر عذاب مدين في الأعراف وهود مرة ذكرهم بالصيحة مرة أخذتهم الصيحة ومرة أخذتهم الرجفة، الرجفة من الأرض والصيحة من السماء. أما أصحاب الأيكة فقد ذكر الله عز وجل بأنه قد أخذهم عذاب يوم الظلة فقالوا هؤلاء عذبوا بالصيحة والرجفة وهؤلاء عذبوا بعذاب يوم الظلة ومن هنا فهما أمّتان، هذا الوجه الأول. أما الوجه الثاني الذي يظهر والله أعلم أنه لم يقل أخوهم لأنه لم يقل مدين لم يذكرهم بإسمهم وإنما نسبهم للأيكة والأيكة هي الشجر الملتف وبعضهم يقول الغيضة فلم يقل كذبت مدين ويبدو أنهم كانوا يعبدون هذه الشجرة فنسبوا إليها فلما نسبوا إلى الشجرة لم يقل أخوهم وهذا الذي يظهر. وهناك وجه ثالث ذكره بعض العلماء وهو أن يكون قبيلتان في مكان واحد الطريقة واحدة والعذاب واحد ولكن هناك منهم مدين وهناك أصحاب الأيكة فاجتمعوا في مكان واحد فكان رسولًا إليهم جميعًا والذي يظهر لم نجد في سورة من سور القرآن أن الله عز وجل ذكر لنا مدين وأصحاب الأيكة في نفس السورة وهذا يدل على أنهم قوم واحد وهذا الذي رجحه ابن كثير.
د. عبد الرحمن: سؤال أخير في كتابة الأيكة هنا ليست مكتوبة (كَذَّبَ أَصْحَابُ لَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ) هل من سر في هذا؟
د. صالح: وردت الأيكة أربع مرات وردت في مرتين الأيكة بالألف واللام والهمزة (الأيكة) وفي موضعين وردت ليكة، اللفظ واحد لكن في هذا الموضوع قراءتان والرسم العثماني يكتب بما يتوافق مع القرآءات فهناك قرآءة لابن كثير ونافع وابن عامر (ليكة) وإذا كتبت الأيكة بالألف فلا يمكن أن تقرأها بهذه القرآءة فهذا لكي يتوافق مع القرآءات.
د. عبد الرحمن: إذن هذا توجيه متعلق بالقرآءات.
سؤال الحلقة
عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال كنا جلوسًا ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة أربعة عشرة فقال إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامّون في رؤيته فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ ...، فما هي الآية من آيات الجزء السادس والعشرين التي قرأ منها النبي صلى الله عليه وسلم؟
 
جزاكم الله خيرا

هنا سبق قلم :
د. صالح: قبل أن نتجاوز قصة إبراهيم وقصة موسى أريد أن تتنبه إلى منهج الطغاة يعني منهج فرعون وكيف قابل نوحًا عليه السلام وتهديده له بالسجن
 
شكر الله لك أخي الفاضل أبو عاتكة على التنبيه ولعل أحد المشرفين الأفاضل يتكرم بتصحيح الخطأ فالصحيح هو (موسى عليه السلام) وليس نوحًا كما ورد،
عذرًا أني لم أنتبه له مع مراجعتي للحلقة لكن جلّ من لا يسهو.
 
جواب سؤال حول الفرق بين (الأقدمين) و(الأولين)

جواب سؤال حول الفرق بين (الأقدمين) و(الأولين)

الفرق بين (الأقدمين) و(الأولين):
لم أقف على من فرق بين الأقدمين والأولين، وجميع من وقفت على كلامهم من المفسرين، يفسرون (الأقدمين) بـ(الأولين)، ويفسرون (الأولين) بـ(الأقدمين).
وهذا النوع من التفسير غير دقيق، وإنما هو تفسير بالألفاظ المتقاربة، وهو ما تحدث عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه (مقدمة في أصول التفسير) حيث قال في حديثه عن أسباب اختلاف المفسرين:
"ومن الأقوال الموجودة عنهم (أي المفسرين) ويجعلها بعض الناس اختلافا: أن يعبروا عن المعاني بألفاظ متقاربة لا مترادفة، فإن الترادف في اللغة قليل، وأما في ألفاظ القرآن فإما نادرا وإما معدوم، وقلّ أن يعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدى جميع معناه، بل يكون فيه تقريب لمعناه، وهذا من أسباب إعجاز القرآن، فإذا قال القائل: (يوم تمور السماء مورا): إن المور: الحركة كان تقريبا؛ إذ المور حركة خفيفة سريعة.
وكذلك إذا قال: الوحي: الإعلام، أو قيل: (أوحينا إليك): أنزلنا إليك، أو قيل: (وقضينا إلى بني إسرائيل) أي: أعلمنا، وأمثال ذلك فهذا كله تقريب لا تحقيق، فإن الوحي هو إعلام سريع خفي، والقضاء إليهم أخص من الإعلام، فإن فيه إنزالا إليهم وإيحاء إليهم، والعرب تضمن الفعل معنى الفعل وتعديه تعديته" إلى أن قال رحمه الله: "ومن قال: (لا ريب): لا شك، فهذا تقريب، وإلا فالريب فيه اضطراب وحركة كما قال دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" اهـ كلامه.
والذي ظهر لي بعد تأمل أن هناك فرقا دقيقا بين الأقدمين والأولين.
فالتقدم يعني مجرد الأسبقية، فمن سبقك إلى شيء فقد تقدم عليك، ولكنه لا يعني أن المتقدم هو الأول مطلقا، فقد يكون متقدما على غيره وقد تقدم عليه غيره، أما الأول فهو متقدم مطلقا.
فعبارة (الأولون) أصدق في وصف السبق من (الأقدمون) فسبق الأقدمين نسبي، بخلاف سبق الأولين فهو سبق مطلق.
ولأن السبق هنا نسبي وهم حديثو عهد بآبائهم الذين كانوا يعبدون الأصنام، فقد حسن إيراد صفة الأقدمين، أي: آباؤهم القريبين المتقدمين عليهم، بخلاف حديث المشركين عن البعث، فإن إشارتهم إلى البعيدين من آبائهم، باعتبار أنه كلما تقدم الزمن كانت الإعادة والبعث – في نظرهم – أشد غرابة، فوصفوا آباءهم بالأولين.
هذا ما ظهر لي والله أعلــم بالصــواب
 
شكر الله د. صواب على إجابتك الطيبة ومتابعتك لكل الأسئلة التي تريد خلال الحلقات التي تقدمونها. زادك الله علمًا وفهمًا لكتابه العزيز ونفعنا بعلمكم.
 
عودة
أعلى