ضيف الحلقة (122) يوم الثلاثاء 28 رمضان 1431هـ

إنضم
25 سبتمبر 2008
المشاركات
225
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الرياض
التفسير المباشر - الرياض
ستكون الحلقة رقم (122) يوم الثلاثاء 28 رمضان 1431هـ جلسة مشتركة بين فضيلة الشيخ الدكتور مساعد بن سليمان الطيار الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود والدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري، الأستاذ المساعد بكلية التربية بجامعة الملك سعود .
وموضوع الحلقة هو :
- علوم سورة القصص .
- الإجابة عن أسئلة المشاهدين حول السورة وحول الجزء الثامن والعشرين من القرآن الكريم .


نسأل الله التوفيق والسداد ،،


b.gif


الحلقة الثامنة و العشرون
سورة القصص
***********
tafsir28.gif





 
مرحبًا بشيخنا الطيار ...وفقكم الله وسددكم وفتح عليكم .......

سؤالي :

ـ لم سميت سورة القصص ب(القصص ) مع أنه لم يذكر فيها سوى قصة موسى مطولة ؟!

ـ ( ً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ)
( لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ )
( سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ)
هل هناك دلالات لاختلاف الألفاظ غي خطاب موسى لأهله حين أراد بيان سبب ذهابه إلى التار ؟ لأنني أجد مشكلة في حفظ هذه الآيات فلعل هناك فهمًا يثبت حفظي ...


ـ ليتكم تقفون وقفات استنباط فوائد من قصة قارون .

شكر الله لكم ووفقكم ...
 
جزى الشيخ خير الجزاء ..
يقول الله تعالى في سورة القصص :
[FONT=QCF_BSML]ﭧ ﭨ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭽ [/FONT][FONT=QCF_P386]ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ[/FONT][FONT=QCF_P386]ﭤ[/FONT][FONT=QCF_P386] ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ[/FONT][FONT=QCF_P386]ﭯ[/FONT][FONT=QCF_P386] ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT] القصص: ٧
واليم هو البحر كما هو معلوم , ولكن موسى عليه السلام ألقي في النهر ولم يلق في البحر , فلم عبر عن النهر باليم ؟

للأمانة هذا السؤال طرحه أحد المتخصصين في إحدى المحاضرات
 
بارك الله فيكم ..
وأحب أن أداخل فيما تحدث عنه الدكتور مساعد الطيار عن قارون وهل هو في زمن موسى أم لا ..فقد ذكر ابن كثير آثارا عن ابن عباس رضي الله عنه وعن بعض التابعين تفيد كلها أنه كان في زمن موسى بل أنه ابن عم موسى عليه السلام يقول ابن جرير :وأكثر أهل العلم على أنه كان ابن عمه والله أعلم . اهـ
وأورد ابن كثير آثارا في سبب هلاكه ودعاء موسى عليه وحوار موسى مع قارون وكلها تفيد أنه في وقته وهناك إسرائليات في الباب ضرب ابن كثير عنها صفحا ..
أما مدين فقد زرتها قبل مدة وأخذت لها صورا ومن العجيب أن هناك قرب البدع ( مدين ) بلدة تسمى مقنا فيها عين تدعى عين موسى تجري فيها الماء لأعلى وليس لأسفل وقد رأيتها بعيني ..
وهناك جبل على شاطئ البحر مقسوم نصفين يسمى ( طيب اسم ) ولو طبقت جزئيه لانطبقا زعم بعضهم أنها مكان فلق البحر والعجيب أن فيها كذلك عينا حلوة - على قربها من البحر - وقد وقفت عليها .. وأتمنى أن يتم هناك أبحاث ودراسة للمنطقة وخصوصا امتداها تحت البحر ..
وإليكم صور مدائن شعيب كما هو مشهور ..
%D9%85%D9%86%20%D8%A8%D8%B9%D9%8A%D8%AF.jpg


%D8%B9%D9%86%D8%AF%D9%85%D8%A7%20%D9%86%D8%B2%D9%84%D8%AA.jpg


%D9%88%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D8%A8%D9%8A%D8%AA.jpg

%D8%A8%D9%8A%D8%AA%20%D9%85%D9%86%20%D8%A8%D9%8A%D9%88%D8%AA%D9%87%D9%85.jpg


%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A7%D8%AE%D9%84.jpg


%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A7%D8%AE%D9%84%D9%84.jpg
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تمت إضافة روابط الحلقة إلي المشاركة الاولي
بارك الله فيكم
 
وهذا نص الحلقة بفضل الله تعالى وعذرًا على التأخير
سورة القصص
إسم السورة
د. عبد الرحمن: اليوم بإذن الله تعالى سوف نتحدث عن سورة القصص وكان الحديث يوم أمس عن سورة النمل وكان في أولها الحديث عن قصة موسى وكان لفت نظري لفتة في سورة طه وسورة الشعراء وسورة النمل وسورة القصص تبدأ بـ(طس، طسم، طه) فكانت كلها تبدأ بقصة موسى فقلت لو كنا من المولعين بالحديث عن الرموز والغرائب كما قال الدكتور فضل عباس حفظه الله في كتاب له عن القصص قال: لو كنا من المولعين بتتبع الرموز لقلنا هذه نربطها بالطور. لكن هذه لفتة تصلح للحفاظ الذي تتشابه عليهم هذه القصة.
د. مساعد: هذه تعتبر من اللطائف
د. عبد الرحمن:
نريد أن نبدأ بإسم السورة إسم سورة القصص هل يعرف لها غير هذا الإسم؟
د. مساعد:
لا يعرف لها إلا هذا الإسم سورة القصص فقط وبناء عليه فإن هذا يشير إلى أن هذه التسمية نبوية وهي أخذت من قوله (فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ (25)) والمراد بالقصص هنا هي قصة موسى عليه السلام وما حصل له مما ذكر في السورة.
د. عبد الرحمن: وفي أولها أيضًا قوله (نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ (3)) فيها معنى القصة
د. مساعد: فيها معنى القصة عمومًا لكن اللفظة التي اشتق منها الإسم هي هذه.
وقت نزول السورة

د. عبد الرحمن:
دعنا نتحدث عن ترتيب نزولها، متى نزلت؟ في أي مرحلة من مراحل النزول؟
د. مساعد: هي نزلت في العهد المكي، مكية باتفاق وإن كان هناك بعض الآيات حُكي أنها مدنية أو نزلت على حدث مدني لأن فيها عن اليهود خبر كثير جدًا في هذه السورة وليس في قصة موسى وإنما ما سيأتي بعدها من المحاجة مع الكفار سيدخل معهم اليهود في بعض المحاجات عليهم الاحتجاج على الكفار
د. عبد الرحمن:
وهذه قد تكون إشارة إلى أنها مدنية
د. مساعد:
بعض العلماء رتب على بعض الآيات أنها مدنية لكن لا يمنع أن تكون احتجاجًا على الكفار وهي مكية لأن هناك اتصال بين اليهود والكفار وقد اجتهد الكفار على أن يجدوا طعنًا في النبي صلى الله عليه وسلم عند أصحاب النبوات السابقة وكان أقرب الناس إليهم اليهود في المدينة
د. عبد الرحمن: يبدو لي أن عدد من علماء بني إسرائيل الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم اشتغلوا بتتبع المطاعن –إن صح التعبير- الآن هناك أناس متخصصون في إثارة الشبهات تجدهم حتى وأيضًا الحمد لله فينا أناس متخصصون في الرد على هذه الشبهات والانتصار للقرآن الكريم وهذه رسالة ينبغي أن نرسلها للكثير من الباحثين أنه ينبغي على الباحثين الإسلاميين أن يحرصوا على التخصص في جوانب العلوم الشرعية حتى عندنا خاصة في الدراسات القرآنية جانب إعجاز القرآن الكريم وتتبع الشبهات والرد عليها. والرد عليها أحيانًا هي كلمة عامة لكن الردود عليها لها مواطن مثلًا الرد على الشبهة في التلفزيون في قناة فضائية يختلف عن الرد على الشبهة في كتاب ويختلف عن الرد على الشبهة في بحث علمي محكّم يختلف عن الرد على الشبهة في مواقع الانترنت. وأيضًا اللغات التي ينبغي أن يتعلمها الإنسان حتى يناقش. وأتصور أن القرشيين والمشركين كانوا يذهبون إلى بني إسرائيل في المدينة وكان هناك أناس من علماء بني إسرائيل يكادون يكونون متخصصين في محاولة استخراج الطعون أو الشبهات أو الأسئلة الصعبة
د. مساعد: وهذا ظاهر في الآثار وفي الآيات. وهذه مسألة وأتمنى لو يخصص حلقات في كيفية معالجة هذه الشبهات، قديمًا كان بعضهم يقول أن الرد على الشبهة إثارة للشبهة لكن الآن مع الأسف مع الانترنت والفضائيات لم تترك لك مجالًا أن تخفي شيئا ليس كتابًا تمنعه والكتاب الذي عرضته بالأمس الجواهر مُنِع عندنا أيام الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى عندما عُرض على علمائنا مُنع وكان لمنعه مسوّغ وكان هناك إمكانية أن تمنعه عن فئام من الناس أما اليوم فلا يمكن أن تمنعه، تصوير بي دي أف ينزل على الانترنت ينتهي الأمر كله.
د. عبد الرحمن: بالنسبة لكتاب الجواهر بالأمس كان فيه إشارة تكلم عن سورة النمل وغيرها مثل العتكبوت وغيرها التفسير هو لا يعادل ربع المادة العلمية أو أقل وثلاثة أرباع أو أكثر هو حديث عن النمل وعن قصص النمل وعن تاريخ النمل ومقابلات وتقارير في الجرائد. نعود إلى
موضوع سورة القصص الأساسي

د. مساعد: ألاحظ أن قول الله سبحانه وتعالى (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ (6)) قوله نمكن لهم كأنه هذا هو موضوع السورة (التمكين) ولو تأملت السورة ومساق قصة موسى عليه السلام تجد أنها تشير إلى هذا المعنى ماذا فعل فرعون ببني إسرائيل قبل موسى عليه السلام ولماذا فعل بهم هذا؟ وماذا كان من قدر الله أن يربي فرعون من سيكون هلاكه على يديه. ثم بعد ذلك تبدأ أحداث القصة في أن موسى عليه السلام يحصل منه ما حصل في قتل الفرعوني خطأ ثم هروبه عليه السلام ثم رجوعه بالرسالة وتتوالى الأحداث إلى أن يبدأ التمكين لبني إسرائيل لأن بني إسرائيل عاشوا فترة من الذل فاحتاجوا إلى تحميص فعاشوا في التيه أربعين سنة ثم بعد ذلك بدأ لهم التمكين بعد موسى عليه السلام لما دخلوا بيت المقدس. فهي إشارة إلى هذا المعنى، وأيضًا فيها إشارة خفية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ولأصحابه الذين كانوا في مكة وتنبيه لما سيحصل لهم فالهجرة فيها إشارة لهجرة موسى عليه السلام لأرض مدين وعودة موسى عليه السلام فيها إشارة إلى عودة النبي في فتح مكة ظافرًا منتصرًا فهناك تشابه كبير بين الأحداث التي عاشها النبي محمد صلى الله عليه وسلم والتي عاشها موسى عليه السلام
د. عبد الرحمن:
وأيضًا يمكن أن تلمح في كل جانب من جوانب القصة هذا الجانب وهو التمكين سواء إما أن يكون مقدمة إلى التمكين أو طريق إلى التمكين. ولفت نظري وأنا أقرأ السورة لماذا ذكر هامان هنا؟ في قوله سبحانه وتعالى (وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6)) الله سبحانه وتعالى يذكر هامان مع فرعون ولفت نظري إلى فكرة وهو أن الطغاة -ويبدو أن هامان رئيس وزراء فرعون- أن الطغاة لا يستطيعون أن يتمكنوا بمفردهم وأنه لا بد لتمكينه من أن يستعين بأمثاله من الطغاة الذين يعينونه على ظلمه وهامان هذا رمز لهذه النوعية من الناس التي كما يقولون في المثل الشعبي: ما الذي فرعنك يا فرعون؟ قال لم أجد من يردعني عن الظلم. فالذي يعين هذا الفرعون هم شرذمة من حاشيته الذين يعينونه على الطغيان وذكر هامان في هذه السورة وفي قوله (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) غافر) نفس المعنى أنه يوجه خطابه إلى هامان وحتى في آخر السورة قارون وقارون نوع من هذه الحاشية السيئة فرعون وزبانيته كونه من الأغنياء المترفين من بني إسرائيل الذين وافقوا فرعون وحاشيته في هواهم وفي طغيانهم وتكبرهم فكان في ذكر هامان وذكر قارون في آخر السورة إشارة إلى كيف يتمكن الظَلَمة
د. مساعد: صحيح تمكّن بالجاه وتمكّن بالمال. ومآل كل واحد من هؤلاء الذين حصل لهم ما حصل ويبقى التمكين للمستضعفين الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا.
د. عبد الرحمن:
حتى هذه الآية نتوقف عندها في قوله (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6)) كل مقصد من هذه المقاصد في أول السورة أنه سبحانه يلخّص أن هؤلاء بني إسرائيل كانوا مستضعفين وأن هذا فيه عزاء للنبي صلى الله عليه وسلم ثم قال (وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً) ما قال نرفع عنهم الظلم فقط بل أضاف لهم هذه الكرامة، (وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) تبشير لهم بورث الأرض كلها
د. مساعد:
(كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28) الدخان) إشارة إلى وراثة بني إسرائيل لأرض مصر لكن كيف كانت الوراثة هذه قد يقع فيها اختلاف.
د. عبد الرحمن:
(وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) التمكين موضوع السورة، ما المقصود بالتمكين؟
د. مساعد:
التمكين هو لا شك بمعنى الغلبة في السلطة الدينية والدنيوية، وهذا حصل لبني إسرائيل على فترات ولكن من طبع بني إسرائيل الجحود والكفران فهذا الطبع جعلهم يتأخرون كثيرًا وقد أعطاهم الله سبحانه وتعالى الفرص الفرصة تلو الفرصة حتى إذا استنفذ ما عندهم جميعًا كان من قدر الله أن يزاحوا عن هذا التمكين وتأتي أمة محمد صلى الله عليه وسلم لأن هناك وعدًا لإبراهيم عليه السلام أنه يمكِّن ذريته وأن يجعل ذريته الملوك والأنبياء وكان له ذلك وتحقق لكن من خالف أمر الله فإن الله سبحانه وتعالى لا يحابي أحدًا فقد أخذوا فرصتهم ثم كان من قدر الله سبحانه وتعالى أن تنتهي النبوة بعيسى عليه السلام من بني إسرائيل ثم تنتقل إلى الشق الثاني إلى بني إسماعيل وليس لهم إلا إسماعيل ومحمد صلى الله عليه وسلم وبقيت آثار النبوة إلى اليوم التي هي نبوة محمد صلى الله عليه وسلم .
د. عبد الرحمن: الله سبحانه وتعالى أكرم إسحق وأبناءه بالنبوة، الفرع النبوي كان في ذرية إسحق في يعقوب وفي يوسف وابنائه وموسى وعيسى وأيوب ويونس وسلمان وداوود عددهم كبير جدا أما ذرية إسماعيل فلم يكن إلا محمد صلى الله عليه وسلم ولكنه صلى الله عليه وسلم هو خاتم الرسل وأفضلهم.
د. عبد الرحمن: في آخر حكمة من الحكم التي ذكرها الله تعالى (وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) وأن من المقاصد التي ذكرها الله لتمكين بني إسرائيل إهانة فرعون وإدخال الحسرة على قلبه وعلى قلب من كان معه جنود الضلال وقد تم لهم هذا في الغرق.
د. مساعد: لاحظ أثر المرأة في هذا الموقف، لما جاء هذا الرضيع كرهه فرعون لكن امرأة فرعون فرحت به وألقي في قلبها محبة هذا الصبي، الله سبحانه وتعالى ألقى في قلبها محبة هذا الصبي ولذلك قالت (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9)) فهذا التقدير الإلهي يحتاج منا إلى تأمل ونظر في ما حولنا كم من الدول تربي مجموعات وتعطيها السلاح في مكان من الأماكن ثم هؤلاء الأفراد ينقلبون ويكونون ضد الدولة وكذلك في الحياة التي تعيشها أنت أحيانًا يأتي إنسان يعطي إنسانًا ويربيه فينقلب عليه. فهذا القدر العجيب نجد أن الله سبحانه وتعالى قد فعله في فرعون عليه من الله ما يستحق وجعله يربي ويتبنى من سيكون هلاكه على يديه وهو لا يدري.
د. عبد الرحمن: نعود إلى الحديث عن قصة موسى عليه السلام هنا. هناك كتاب أنصح الإخوة المشاهدين بقراءته "قصص القرآن الكريم" للدكتور فضل حسن عباس كتاب قيم فالدكتور فضل جمع قصة موسى عليه السلام ورتبها حسب نزول السور فذكر فائدة جميلة أريد أن أذكرها وهي أن سورة الأعراف فصّلت في قصة موسى مع فرعون وفي قصته مع بني إسرائيل ثم جاءت سورة طه فتحدثت عن مبدأ رسالة موسى عليه السلام وعن قصته مع فرعون وعن قصته مع بني إسرائيل، في الشعراء تحدث عن خبر موسى مع فرعون فقط، لما جاء في سورة النمل تحد عن جانب من رسالة موسى عليه السلام والآيات التي أعطاه إياها، في سورة القصص تحدث عن ثلاثة جوانب بدأها من الميلاد ثم مرورًا بالرسالة ثم حديثه مع فرعون وفصّل في ذلك ثم في سورة يونس تحدث عن خبره مع فرعون فقط، في سورة الصافات تحدث عن تكريمه وامتنانه على موسى عليه السلام، في سورة غافر تحدث عن قصته مع فرعون وكذلك في الزخرف وفي الدخان. في سورة الكهف تحدث عن قصة موسى مع الخضر، في سورة إبراهيم تحدث عن قصة موسى مع بني إسرائيل فقط في سورة النازعات تحدث عن قصة موسى مع فرعون فقط، في سورة البقرة تحدث عن كثير من قضايا موسى مع بني إسرائيل (يا بني إسرائيل)، في سورة المائدة تحدث عن قصة موسى مع بني إسرائيل، في بقية السور التي جاء فيها ذكر موسى فقط مثل (صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)) في سورة الأعلى هذه فائدة جميلة وفائدة رائعة في تتبع القصص القرآن وأن يعاد ترتيب الأحداث بحيث مثل قصة موسى الأحداث التي وردت منذ ولادته ثم بدء إرساله ثم قصته مع فرعون ثم قصته مع فرعون مع بني إسرائيل، وهذه لفتة أحببت أن أشير إليها.
د. عبد الرحمن: نقف بعض الوقفات في سورة القصص هناك بعض من سأل بعض الأسئلة في ملتقى أهل التفسير والإخوان يظنوني لا أطّلع على الأسئلة ولكني أطلع على كل الأسئلة وأحيانًا أرد وأحيانًا لا أرد وأحيانا لا نستطيع أن نتعرض لشيء منها، هذه الأسئلة التي معنا اليوم ذكر الأخ أبو عاتكة سؤالًا قال (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7))، واليم هو البحر كما هو معلوم ولكن موسى عليه السلام ألقي في النهر ولم يلق في البحر , فلم عبر عن النهر باليم ؟. وسؤال آخر لعلنا نتناقش فيه في قوله (لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ) عندما قال لزوجته (لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ) في سورة النمل، (سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ) تقول الأخت أم عبد الله تسأل هذا السؤال هل اختلاف الألفاظ له دلالة؟
د. مساعد: صعب أن نأخذ كل اللفتات لكن هناك رسالة ولعلها تخرج وهي رسالة في جامعة أم القرى عن عموم قصص القرآن تستوعب كل قصص القرآن وكانت قصة موسى هي التي أخذت الحيز الأكبر المتشابه اللفظي دراسة متكاملة لها وأيضا كتب توجيه المتشابه تذكر مثل هذه الأسئلة يمكن الرجوع إليها.
د. عبد الرحمن:
كقاعدة عامة في معرفة مثل هذه الأشياء أن السياق الذي وردت فيه مثلًا على سبيل المثال (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ (7)) عبّر بالإلقاء وفي قصته في سورة طه قال (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ (39)) كيف عبّر هنا بالقذف وهنا بالإلقاء؟ القذف أشد لما ترجع إلى السياقات تجد أنه هنا يخاطب أم موسى فلا يمكن أن يقال لها اقذفيه لأن القذف فيه نوع من الشدة فقال (فَأَلْقِيهِ) تطمين لها تأنيس لها وهي أم وهو طفل رضيع. لكن في سورة طه لما تأتي إلى السياق تجد الله تعالى يخاطب موسى عليه السلام بعد أن أرسله وبعد أن تفضل عليه بالرسالة (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ) فهو يذكر له هذا كان موضوع قاسي وصعب ولكنك تغلبت عليه. فالسياق هو الذي استطعنا من خلاله أن نعرف الفرق بين التعبير بالإلقاء والتعبير بالقذف
د. مساعد: وهذا صحيح، السياق هو من أكبر الأشياء التي يجب أن نرجع إليها. وأيضًا الحال، حال الحدث مرتبطة بالسياق لكن السياق فيه قرائن لفظية وفيه قرائن حالية. فأنت تتحدث الآن عن جزء من القرآئن اللفظية وهي مرتبطة بجزء من القرآئن الحالية فأحيانًا تكون القرآئن الحالية مقدمة وأحيانًا تكوت القرائن اللفظية مقدمة فالسياق لا بد من اعتباره. وأذكر من طرائف الأعراب واحد لما سمع قصة موسى في هذه السورة كان فيها وعد لما قال (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7)) قال يا بخت أم موسى بموسى! لأن الله سبحانه وتعالى كما يقول العلماء هنا (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7)) فيها أمران ونهيان وبشارة، فالعرب يدركون هذه الأسرار وإن لم يعبّروا عنها المتأخرون يتكلفون في إدراك هذه الأسرار فاجتهدوا في التعبير عنها وهذا فرق ما بين العربي القُحّ وبين من يتعلم العربية ليفهم بها، فالعربي لا يمكن أن يأتي ويبيّن المبيّن لأن هذا بيّن عنده وروعة هذا القرآن كانت عنده ظاهرة لكن نحن لأننا نحتاج أن نتلمس روعة القرآن ونأتي مثل هذه، بعض من يتكلم في الإعجاز يذكر هذه الآية كمثال ويناقشها ويبيّن ما فيها من وجوه الإعجاز وغرائب التعبير، لما قول غرائب التعبير يعني ما فيه من لطائف وإعجاز. قال (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ) أمر (فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ) أمر (وَلَا تَخَافِي) نهي (وَلَا تَحْزَنِي) نهي (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ) بشارة أولى (وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) بشارة ثانية فجمع في هذه الجملة أمران ونهيان وبشارتان أو خبران.
د. عبد الرحمن: في سورة هود (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44)) يعبر بها كثيرًا الذين يكتبون في البلاغة القرآنية وهذه الآية (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7)) فيها هذه المعاني ومفترض أنها تنوع الأمثلة في الاعجاز القرآني
د. مساعد:
القصة طويلة لكن لو وقفنا عند قصة قتل القبطي لأنها تمثل هي منعطف حياة بعض الأحداث في الإنسان وهذا قدر الله سبحانه وتعالى لو تتأمل حياتك تجد أن لحظة معينة فاصلة صرفت مسارك إلى مسار آخر كنت متجهًا بشكل ثم اتجهت إلى مسار آخر. لما قال هذه القصة (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا (15)) انتقلت الآن الأحداث، الإسرائيلي ينتصر بموسى عليه السلام قبل نبوته وموسى عليه السلام أخذته الحميّة لبني إسرائيل لأن بني إسرائيل يعرفون أنه منهم السحنة والدم وأمه المرضعة من بني إسرئايل فمجرد أن وكز القبطي قتله وهذا يدل على قوته ولهذا جاءت (وَاسْتَوَى) (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى) اكتمل بنيان جسمه لأنه يحتاج إلى هذا في دعوته, ولو تأملت بنيان موسى تجد أن القوة ظاهرة ولذلك لما دخل مدين وجد من دونهم امرأتين تذودان فلقوة بينانه قام فسقى لهما وردّ لهما غنمهما ثم غيرها من الأحداث وخروجه إلى الطور عليه السلام لأخذ التوراة، أمثلة كثيرة كان يحتاج للقوة فجاءت (وَاسْتَوَى) للتنبيه أن الله سبحانه وتعالى قد هيأه وأعدّه حتى في بنيانه وجسمه. هذه الحادثة صرفت مسار الحياة عند موسى عليه السلام من لا شيء إلى شيء ولهذا هذه نتيجتها أنه هرب وخاف من القتل ولكنه عاد آمنًا بل عاد بما هو أعظم من ذلك شرف الرسالة وصار أحد أولي العزم من الرسل فلا شك أننا حينما نتأمل بعض الأحداث تصرف الإنسان أن يكون عظيمًا والأمثلة في هذا كثيرة ولكن هذا نموذج.
د. عبد الرحمن: هناك مسألة لا أدري إن كنت توافقني عليها في موسى عليه السلام وهو أعظم أنبياء بني إسرائيل كان فيه قوة جسمية ألاحظ في الملوك وأنبياء بني إسرائيل فيهم هذه الصفة، طالوت عندما رشح لقيادة الجيش قال (قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ (247) البقرة) داوود كان معه في الجيش وكان معروفًا بقوته (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ (17) ص) وهو الذي قتل جالوت والله ذلل له الحديد وسليمان عليه السلام كان قويًا في ملكه وقويًا في بنيته وفي الحديث "لأطوفن الليلة على سبعين امرأة" وأيضًا في هذه القصة في تفاصيلها قد توحي بأن بني إسرائيل هؤلاء لا يسوسهم إلا هذا النوع من الرجال ويبدو أنهم شعب لا يمشي إلا بالقوة
د. مساعد: يبدو هذا في حياتهم وتاريخهم سواء كانوا تحت بني إسرائيل أو تحت غيرهم، ما كانوا يمشون إلا بالقوة ولهذا لا يصلح مع هؤلاء السلام، هذا قدر الله فيهم، لا يصلح معهم السلام، لا يصلح معهم السياسة والملاينة والملاطفة مع هذا الجنس لا تنفع وهذه ظاهرة جدا في تاريخهم فتناسي التاريخ لأجل مشكلات حضارية معاصرة هذا من الغفلة التي يحتاج أن ينتبه إليها المسلم
د. عبد الرحمن: قد تصل أحيانًا إلى أكثر من الغفلة وهي ترك هذا القرآن ظهريًا والآن اشغلونا بمفاوضات مباشرة وغير مباشرة والمشكلة ليست في كونها مباشرة أو غير مباشرة!
د. عبد الرحمن: نأتي إلى قصة موسى عليه السلام هنا عندما ذهب إلى مدين، الناس يقولون أنه ذهب إلى شعيب، ما رأيك في من يرى أن الشيخ الكبير في القصة هو شعيب عليه السلام؟
د. مساعد: إذا نظرنا في قضية التاريخ فشعيب عليه السلام كان متقدمًا جدًا وشعيب يذكر مع قوم عاد وثمود ولوط متقدم جدًا ولم يذكر مع هؤلاء أبدًا ولم يرد ذكر له. لكنه اشتبه أن شعيب أرسل إلى مدين وموسى عليه السلام ذهب إلى مدين فوقع هذا الاشتباه عند بعضهم أن الشيخ هو شعيب مع أنه لم يرد في أي خبر صحيح لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه إشارة إلى أنه شعيب فهذا من الوهم بل إن الحسن البصري نبه على هذا الوهم وأن هذا الرجل ليس بشعيب مما يدل على أن هذا الوهم كان قديمًا ولذلك في أسفار بني إسرائيل يسمونه يثرو أو يثرون (هذا الرجل)
د. عبد الرحمن: وأيضا البنتان قالتا (وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23)) ولو كان شعيبًا لكان رجلا معروفًا ومشهورًا ما دام أنه شيخ كبير معناه كان نبيًا في ذلك الوقت معناه ليس شعيبًا، هذا من جهة والأمر الثاني لو كان موسى تزوج بنت شعيب وبقي عنده هذه المدة لظهر في هذه القصة عشر سنوات وهو متزوج ابنة شعيب النبي وهذا لا يذكر في قصتة الطويلة التي ذكرت فيها تفاصيل أكثر من هذا؟! إذن واضح أنه ليس شعيب وإنما رجل صالح من مدين.
د. مساعد: لا شك أن مدين من العرب ولهذا موسى عليه السلام لما توجه إلى مدين توجه إلى جزيرة العرب وتزوج منها هم عندهم في كتبهم يسمونه صفّورة والإسم العربي لها عصفورة، إسم زوجة موسى عليه السلام.
د. عبد الرحمن: يلفت نظري عندما تقول عربي آسيا بنت مزاحم زوجة فرعون هي المرأة التي وقع في يدها موسى وهي التي حفظته وربته، آسيا بنت مزاحم كأنه إسم عربي.
د. مساعد: وهو كذلك.
د. عبد الرحمن: يعني زوجة فرعون عربية.
د. مساعد بناء على هذا الإسم لأن الإسم يعطي دلالة على الموطن.
د. عبد الرحمن: ويبدو أنها كانت هي الزوجة الوحيدة لفرعون لأنه قال (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) التحريم)
د. مساعد: يبدو من السياقات أنها المرأة الوحيدة.
د. عبد الرحمن: وإن كان يستغرب من فرعون أن يقتصر على امرأة واحدة!
د. مساعد: قد يكون عندهم عقائد أو قضايا في تشريعهم. قصة البنتين مع موسى عليه السلام أذكّر بما طرحه أخونا الدكتور عويض العطوي في هذه الآيات وله وقفات رائعة جدا عن القصة واختصارا للوقت لعلنا نرجع إليها وهي موجودة على النت في موقع الدكتور، له لفتات بديعة جدًا في موضوع هاتين الفتاتين. من اللطائف التي رأيتها في الآثار ولا أدري عن صحته عن إبن مسعود سأل عن الشجرة التي استظل تحتها موسى (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ (24)) فذهب إلى هذه الشجرة وقالوا له أن مورِقة كل السنة، عبد الله ابن مسعود إتجه إلى مدين وسأل عن هذه الشجرة، هو مجرد خبر لا نعرف عن صحته أيًا ما كان لكن مثل هذه الأمور لا يبنى عليها عبادات ولا اعتقادات حتى لو جزمنا أن هذه الشجرة التي استظل تحتها موسى عليه السلام فليس هناك أي أمر مطلوب منا اعتقادًا أو عبادة أن نفعله.
د. عبد الرحمن: في التذييل في قصة قارون في سورة القصص يعني ذكر الله عز وجل ميلاد موسى عليه السلام وكيف تربى في بيت فرعون وكيف خرج خائفا عليه السلام من فرعون وقومه وبقي في مدين عشر سنوات وأكثر (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ (29)) ثم جاء في قصة قارون في ختام القصة فقال (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ (76)) ما دلالة إيراد قصة قارون؟
د. مساعد: كنت أتأمل هل يُفهم أن قارون كان من قوم موسى أنه كان في عهد موسى عليه السلام؟ اللفظ لا يوحي بذلك، لا يلزم ذلك، قوله قارون من قوم موسى يحتمل أن يكون في عهد موسى عليه السلام أو بعده، إذا كان في عهد موسى عليه السلام فقطعا سيكون في وقت بقائهم في مصر ايام وجود فرعون وهذ يُضعف القصة لأنهم كانوا في التيه وما كان عندهم أموال ولا شيء. معرفة تاريخ موسى عليه السلام يشعرنا أو يوحي لنا أن قوله (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى) ليس المراد أنه كان مزامنًا لموسى وإنما إشارة إلى أنه من بني إسرائيل، أنه رجل من بني إسرائيل نسب إلى موسى تنبيهًا بما أن السورة متعلقة بموسى عليه السلام فجاء بهذه القصة التي تدل على القوة بالمال، كيف تعامل قارون مع هذه النعمة العظيمة التي أعطاه الله إياها؟ تعامل معها ببطر وأشر وادعى أنه إنما أوتيها على علم عنده وأبان الله سبحانه وتعالى لنا ما يحصل من ضعف نفوسنا حينما نرى أصحاب الأموال (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79)) لهذا نقول لكل غني من أغنياء المسلمين أن يعتبر من هذه القصة وأن يجتهد أن ينظر في قصة قارون وأن لا يتشبه بشيء مما فعله وإنما يخالف كل هذه الأشياء التي ذكرها قارون، تدعي الفضل وتنسبه لله سبحانه وتعالى فهو سبحانه وتعالى الذي أنعم عليك وهو الذي أعطاك وابتدأك وهو الذي يقدر أن يسلبك هذا.
د. عبد الرحمن: سبحان الله بالأمس في سورة النمل الله سبحانه وتعالى آتى سليمان عليه السلام ملكا عظيما وسخر له الطير والريح والجن وبالرغم من كل هذا الملك العظيم كان غاية في التواضع (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) النمل) مباشرة يتذكر فضل الله عليه في أشد حالات الزهو والقوة، يسمع صوت النملة وهي تقول (قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)) فيقول (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ (19)) ونأتي لهذا المغفل الأحمق قارون ما الذي عند قارون مقارنة بما أعطاه الله لسليمان؟! لا شيء، أو ذي القرنين؟ نأتي إلى قارون أعطاه المال ولكن غرته نفسه فقال (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي (78)) قال الله تعالى فيه (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا (78)). لقت نظري في ختام سورة القصص في قوله سبحانه وتعالى (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)) وفي أولها عندما قال (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)) نلاحظ هذه المنهجية في عمل فرعون وفي عمل الطغاة بصفة عامة وهو "فرّق تسد" تريد أن تسيطر على الشعب فرّق وازرع الطبقية في المجتمع وهذه للأسف موجودة في المجتمعات الإسلامية الآن تجد طبقات تعاني من فحش الثراء وطبقات كثيرة جدًا تعاني من الحاجة والعوز وهذا قطعًا سيؤدي إلى التنازع وإلى الصدام فيما بينها ويبقى هذا المتسلط يراقب الموقف. انظر إلى هذه اللفتة (وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا) يعني جعل أهلها طوائف متفرقة، ما تعلقيك؟
د. مساعد: في قوله (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) كأنها خاتمة لقصة فرعون من جهة وقصة قارون من جهة أخرى وإن كانت قصة قارون أقرب لها، والله سبحانه وتعالى لما قال (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) لم يقل الدنيا لأن الدنيا ليست الدار الحقيقية فكأنه قال في يوم القيامة هذه الدار لا تكون لهؤلاء الذين يريدون العلو وإنما تكون للذين لا يريدون العلو والبغي في الأرض. ولهذا نقول للحاكم المسلم الذي قدر الله له أن يكون وليًا للمسلمين في أي مكان وزمان لتكن هذه الآية نصب عينيك دائمًا (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) وهذه نبراس وهذه التي ختم بها عمر بن عبد العزيز حياته رضي الله عنه فقيل وهو ينازع الروح كان يتلو هذه الآية وهذه بشارة له رضي الله عنه.
د. عبد الرحمن: من اللفتات أيضًا في قصة موسى أنه أعطاه الله القوة وأعطاه الله العلم فلما قتل القبطي في أول حياته ندم عليه السلام واستغفر ربه وقال (قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ (17)) لن أكون عونا للمجرمين أبدًا ولاحظ وفي آخر السورة في خطاب النبي صلى الله عليه وسلم (وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلْكَافِرِينَ (86)) نفس الفكرة، وهذا خطاب أيضًا لكل من آتاه الله سلطة، لكل من آتاه الله علمًا لكل من آتاه الله لسانًا أن لا يكون ظهيرًا للمجرمين وأن لا يكون عونًا للمنافقين ولا يكون عونًا للظلمة، وللأسف الشديد أن ترى بعض الناس آتاه الله علمًا فسخره لخدمة الضلال فأصبح ظهيرًا للمجرمين وظهيرًا للكافرين وظهيرًا للعلمانيين ولكل عدو للمسلمين.
د. مساعد: هذا مثاله موجود في القرآن الذي هو بلعام بن باعوراء في (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) الأعراف) وهي معروفة هذا مثال لعالم السوء الذي أعطاه الله العلم لكنه انسلخ منه نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينجينا من هذا. في قوله (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ (85)) فيها وجهان للتفسير: أن المراد بالمعاد يوم القيامة والوجه الآخر وهو أضعف منه أقل منه في التفسير وإن كان له لطف أن المراد إلى مكة، وإذا قلنا لمكة فهنا ترابط في الآيات كأنه لما أشار إلى ما حصل لموسى عليه السلام كأنه نبه النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيحصل له هجرة ثم سيعود كأنه أخبره كما أخبر أم موسى أنه سيُردّ إلى مكة وهو كما قلت أضعف من القول الأول.
د. عبد الرحمن: يعني (لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ) يعني إلى يوم القيامة يعني إشارة إلى البعث.
د. مساعد: ومن قال معاد بعضهم سمى مكة معاد جعل من أسمائها معاد هذا القول الثاني ولا مشاحة في ذلك.
د. عبد الرحمن: (وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87)) إشارة إلى أنه إذا وصلت إلى العلم واستقر اليقين في قلبك ثم انحرفت فالعقاب شديد ثم قال (وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87) وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)) فيها إشارة أن السور المكية تركز على جانب العقيدة وجانب نبذ الشرك والعناية بالقرآن الكريم.
سؤال الحلقة في الجزء الثامن والعشرين أربع سور منها اثنتان مبدوءة بالأمر (سبِّح)، واثنتان بالمضارع (يُسَبِّح) فما هما السورتان المبدوءتان بالمضارع؟
 
جزاكم الله خيرا
الأخت سمر كأنكم أخذتم سؤالي في التفريغ من المنتدى وليس من الحلقة لأن الشيخ عبد الرحمن لم يذكر سؤالي كما هو
 
عودة
أعلى