لماذا المناصفة في الميراث غير عادلة ؟ وكبف بين القرآن ذلك ؟

إنضم
27 مارس 2021
المشاركات
2
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
العمر
31
الإقامة
المغرب
بسم الله الرحمن الرحيم​
اللهم صل على محمد و على آله وسلم تسليما كثيرا و رضي على صحابته المهاجرة و الأنصار و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين​


باسمك اللهم يا أحد يا صمد :
هناك حقيقتان موجودتان في القرآن الكريم عند عرضه للميراث و مسائله ، أما الحقيقة الأولى ، فهي فيمن خاطبهم القرآن وهم أهل الميت ، و الحقيقة الثانية هي في الشريعة التي حكم بها القرآن الكريم .
أماالحقيقة الأولى : فهي حقيقة وجودية و طبيعية ، يتأسس عليها الإختلاف بين الورثة في الميراث ، و هي الحقيقة التي تجيب عن السؤال لماذا يرث الوارث ؟ أي السبب الذي تثبته الطبيعة و لايرده أهل العقل ، بل لا يرده العالمون في إعطاء ميراث ميت للوارث ، وهو سبب النسب الذي هو في الأخير قدر جيني ، هذا القدر الوراثي و الجيني ، هو الأساس الأول الذي جعل الورثة مختلفين ، فكان من قرابة الميت البعيد و القريب ، و القوي و الضعيف في الإنتساب للميت ، و بتالي تأتي حصص الورثة في الميراث بحسب مراتبهم ، إذا ، الاختلاف في الميراث ، هو أولا مبني على إختلاف الطبيعة قبل أن يكون مبنيا على اختلاف حكمت به الشريعة .
و الملاحظ أن كل من هو في موضع المساهمة البيولوجية ،أو ساهم بيولوجيا في الأسرة أو العائلة يكون له مدخولية في الميراث ، كالزوجة و الزوج ، وهذا الملحظ البيولوجي و الطبيعي هم مهم جدا ، فإن كل من يريد تقسيم الميراث بعدل ، ينبغي له أن يكون له أساس في تقسم التركة و أحكام الميراث ، فإن كان الأساس الأول ، و الذي لا غنى عنه ، هو الانتساب إلى الميت ، كان ولابد لمن يؤسس قسمة الميراث على النسب ، أن يخالف بين الورثة في الميراث ، فلا يرث الأبناء ما يرثه الأصول ، و لا يرث الأصول ما ترثه الخؤولة و العمومة ، و بتالي المبدأ الأول العادل في الميراث ، هو الاختلاف في تقدير الميراث لكل وارث ، و اما المساواة في تقدير أسهم الورثة جميعا ، سواء كانوا قريبين من الميت أو بعيدين منه ، فهو غير عادل و قسمة ظالمة ، و ينفيه التأسيس على النسب ، فكل من يؤسس ميراثا على نسب يجب أن يخالف بين الورثة على حسب درجاتهم ، و قربهم و بعدهم من الميت .
و أما الحقيقة الثانية : فهي حقيقة الشريعة ، التي جعلت الميراث يراعي المفاضلة في الواجب التي جعلت الذكر في التكاليف أكثر من الأنثى ، خاصة في أبواب ما يجب على الذكر أن ينفقه و على من ينفق ، بل و جعلت أهم العقود وهي الزواج مهددة بواجب النفقة عند عجز الرجل على النفقة ، و الملاحظ أن المفاضلة في الواجب رعاها شرع الله عز و جل وهو أعدل حكيم ، فقابلها بمفاضلة في الحق ، في مسائل الميراث المالية التي تتساوى فيها أنساب الذكور مع الإناث ، و بتالي فإن الميراث في حقيقته الطبيعية التي خالفت بين الورثة في المساهمة البيولوجية و القدر الجيني إزاء الميت ، منطق عقلي عادل رعاه الله في القرآن الكريم عندما خاطب الورثة ، و في حقيقة الشريعة التي فاضلت الذكور بواجبات و تكليفات ، ولم يجعلها الله عز وجل على النساء ، أرجعها الشرع على أصحابها الذكور بعقوبات ، سواء فيما أبرموه من عقود أو بعقوبات في ذممهم المالية ، فقابلها الله بمفاضلة في الحقوق ، حتى يتم الميراث كما وزعه الله عز وجل بحكمته بتمام العدل ، و كما أوصى به عباده المؤمنين ، ومن هنا يتبين قوله تعالى في كتابه الكريم {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [النساء : 32] وقوله تعالى وهو الأحد الصمد {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ } [النساء : 34] و الله أعلم .
 
عودة
أعلى