ما لا تعرفه عن الاتجاه الصوتي لتفسير القرآن الكريم

إنضم
12 أغسطس 2016
المشاركات
110
مستوى التفاعل
11
النقاط
18
العمر
45
الإقامة
المغرب
الموقع الالكتروني
sites.google.com
التفسير الصوتي للقرآن الكريم

  • تعريفه:
هو منهج تفسيري يهتم بدراسة وتحليل الأصوات التي تنطق بها الحروف والكلمات في النص القرآني ودلالاتها، والعلاقة بين الصوت والمعنى للوصولِ إلى المعنى المرادِ من النصِّ القرآنيِّ.

يعتمد
هذا الاتجاه في التفسير على مبادئ الصوتيات (الفونولوجيا والفونيتيك) والنحو والبلاغة والعروض، ويستخدم أساليب التحليل الصوتي والإيقاعي والتركيبي والدلالي والبياني وغيرها.
  • أهدافُه وفوائده :
تحليل أصوات القرآن الكريم:
  • مخارج الأصوات وصفاتها.​
  • تناسق الأصوات وتناغمها.​
  • تأثير الأصوات على المعنى.​
ربط أصوات القرآن الكريم بالمعنى:
  • دلالة كل صوت على معنى محدد.​
  • تأثير الأصوات على مشاعر القارئ.​
  • دور الأصوات في بلاغة القرآن الكريم.​
تنمية الحس الجمالي لدى القارئ:
  • إدراك جمالية القرآن الكريم من خلال أصواته.​
  • تحسين تلاوة القرآن الكريم.​
تعزيز فهم بلاغة القرآن الكريم:
  • دور الأصوات في التأثير على المعنى والمشاعر.​
  • إثراء المعرفة بأساليب القرآن الكريم.​
الوصولُ إلى فهم أعمقِ لمعانيِ القرآنِ الكريمِ:
  • كشفُ أسرارِ اللغةِ العربيةِ وإمكاناتِها التعبيريةِ.​
  • ربطُ المعنى بالصوتِ، ممّا يُساعدُ على فهمِ القرآنِ الكريمِ بشكلٍ أعمقَ وأوسعَ.​
  • خطوات كتابةُ التفسيرِ الصوتيِّ الصوائتيِّ:
تحليل أصوات النص القرآني:
  • تحديد مخارج وصفات كل صوت.​
  • تحليل تناسق الأصوات وتناغمها.​
ربط أصوات النص القرآني بالمعنى المراد:
  • تحديد دلالة كل صوت على معنى محدد.​
  • تحليل تأثير الأصوات على مشاعر القارئ.​
  • ربط تحليل الأصوات بدراسة بلاغة القرآن الكريم.​
  • مصادره:
اتجاه التفسير الصوتي الصوائتي للقرآن الكريم يُعد حديثًا نسبيًا في عالم الدراسات الإسلامية وعلوم القرآن، ولمْ يُؤلَّفْ فيهِ الكثيرُ من الكتبِ، نذكر منها على سبيل التمثيل لا الحصر:
  • التفسير الصوتي والصواتي للنص القرآني سورة العصر نموذجا، د. حمادي الموقت.​
  • النظام الصوتي التوليدي في السور المكية القصار، كورديا أحمد حسن صالح.​
  • مثاله:
قرأت تفسيرا لسورة العصر على وجه عجيب؛ يقول د. حمادي الموقت في تفسيره الصوتي لسورة العصر([1]): "استهل الله b سورة العصر بأسلوب القسم ﴿وَالْعَصْرِ﴾ فكان المقسِم هو الله I لأنه الأنا المتحدثة في لحظة إنزال النص. وابتداؤه بهذا القسم الإلهي هدفه تعظيم المقسَم به ولفت الانتباه إلى إشاراته وإيحاءاته، ومن ثمّ دفع الشك والريب اللذان قد يخالطا قلب الإنسان سواء المؤمن منه أم الكافر، ذلك أن الخطاب موجه للإنسان، وهو ما ينسجم مع مبدأ السور المكية التي كانت تركز في بداية الدعوة على العقيدة والتوحيد وبالتالي على الإنسان من كونه إنسان بغض النظر عن معتقده ودينه. ليأتي التأكيد على المقسَم به في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ بمؤكدين اثنين على مذهب البلاغيين حين يُنكِر المخاطَب الخبر، والمؤكدان هما: الأداة ﴿إِنَّ﴾ وصوت اللام في عبارة ﴿لَفِي﴾ ليستثني الله تعالى من قسمه وتأكيده هذين: المؤمنينَ الذين يعملون الصالحات ويتواصون بالحق ويتواصون بالصبر، في إشارة بليغة إلى أن الإنسان الحقيقي هو المؤمن الذي يدخل في زمرة من عمل عملا صالحا ودعا إلى الحق والصبر، بل كانت حياته كلَّها مُعطرة بمسك الأعمال الصالحة، ومُسَيَّحَة بقيمتي الحق والصبر. فكان الإيمان والعمل الصالح وقيمتا الحق والصبر -وفق هذا- ما يميز إنسانية الإنسان، ولا شيء غير ذلك.

وتماشيا مع هذا السياق الرباني، وفي تناغم تام مع دلالته؛ تنجلي -وبشكل بليغ مُعجر- أدوار الأصوات اللغوية في السورة وما تحويه من سمات الضعف والقوة، والشدة والتوسط، والجهر والهمس، والاستعلاء والاستفال... كما بين الحاء والقاف في ﴿الْحَقِّ﴾، حيث صوت الحاء المهموس المستفل الضعيف وكأنه يعبر عن غرابته وضعفه في المنطلق، ثم يتدرج في الإبانة والظهور والعلو الذي تعبر عنه سمات صوت القاف القويّ الوقفيّ، بل وتقفية وحدته اللفظية على ما هو وقفيٌّ بالذات أي صوت وقفي؛ يحمل في ثناياه ملحظا رمزيا رهيبا، مفاده الأمر الرباني بضرورة الوقوف عند معنى الحق والعمل به دون مُواربة كقيمة محمودة مرغوبة، وکونه مجهورا لأنه کما یقول علماء الأصوات (حرف أُشبع الاعتماد من موضعه، ومُنع النفس أن يجري معه حتى ينقضي الاعتماد، ويجري الصوت)، ثم إنه -فضلا عن ذلك- شديدٌ لمنعه: (الصوتَ من أن يجري فيه)، كما يمنع الحقُّ شكوك الباطل من أن تجري فيه تماما بتمام. في حين تبدو أصوات الصاد والباء والراء في ملفوظ ﴿الصَّبْرِ﴾ متباينة على مستوى سماتها الصوتية، بين الاحتكاك والاستعلاء والهمس والصفير كما في الصاد، والشدة والانفجار والجهر والاستفال كما في الباء، ثم الاحتكاك والجهر والتكرار كما في الراء، وهذا بتباين الأجناس البشرية في تقبلهم وتفاعلهم مع قيمة الصبر ودرجته، على عكس مخارجها المتقاربة التي تمثلت في: أسلة اللسان، والشفتين، وذلق اللسان على التوالي، كثلاثية تكفي للتوكيد على وجوب اعتياد اللسان البشري ذِكرَ الصبر مع ترطب الشفتين به، كقيمة مرغوب فيها إلى جانب الحق، بل ولعل ما يرمز إلى ذلك تكرار ويؤكد عليه صوت الراء نفسُه الذي يقفو اللفظة، ويسير بها نحو مسارات إثبات الإيمان والربح للعبد إنْ عمل به وبالحق معا: أي وقفا مع الحق حتى لا يظهر الباطل عليه، وتكرارا للصبر حتى لا يتسرب الجزع فيه نفسه.

ولو تأملنا -أكثر- السمات الصوتية للأصوات الصامتة كلِّها؛ تلك التي تدخل ضمن النسيج الداخلي لتركيب السورة نلفي أنها تتوزع على 17 صوتا صامتا هي: (و، ل، ع، ص، ر، ء، ن، س، ف، ي، خ، ذ، م، ح، ت، ب، ق) اتسمت أولاها المكونة لكلمة ﴿وَالْعَصْرِ﴾: (و، ل، ع، ص، ر) بالجهر والاحتكاك والقوة وهذا تناغم تام مع مقام القسم بالعصر الذي يمتح قوته وصرامته من قضية الخسران التي نبه الله تعالى خلقه إليها في حالة ما إذا لم يُعمل بأمر الإيمان والعمل الصالح والتواصي بقيمتي الحق والصبر: أما الأصوات التي نسجت قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾، فليست بمنأى عن موضوع السورة، أو صلب وسائل التعبير فيها. ذلك أن أغلبها تفرد بسمة الضعف المتجلية في الرخاوة والهمس والاستفال ثم الاحتكاك، وكل هذا يصب في سعي الإنسان الحثيث من أجل الخروج من دائرة الهوان والخسران، التي حشر نفسه فيها ظلما وجهلا منذ أن قبل بتحمل الأمانة التي أبت السماوات والأرض والجبال حملها كما صرح بذلك الله عز وجل في سورة الأحزاب بقوله: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ [الأحزاب: 72].

والقصد في هذا؛ أن دائرة خُسر الإنسان محاطة بمؤكدين لفظيين اثنين، من جهة، وبصوت ضعيف تمركز في قلب لفظتي (الإنسان) و(الخسر)، هو صوت السين -كما أسلفنا- من جهة ثانية، باعتباره صوتا مهموسا (يضعف الاعتماد عليه عند خروجه مع النفس) فضلا عن أنه لا يمنع الصوت أن يجري فيه، ناهيك عن كون دلالة الخسران مستمرة ومتكررة بتكرار صوت الراء الذي أقفل اللفظة، والنون ليس ببعيد عن تواضع هذا الواقع سواء على مستوى استفاله أو انفتاحه أو توسطه.

لكن لا شك أن هناك استثناءً صوتيا، ينبثق من دنيا ربانية جديدة، محله الذين صدّقوا الله ووحَّدوه، وآمنوا به وأطاعوه، وعملوا الصالحات، وأدّوا ما لزمهم من فرائض، واجتنبوا ما نهاهم عنه من معاصي، فهؤلاء يمثلهم جنس الإنسان بصيغة الجمع لا بصيغة المفرد. فأصوات الذال، واللام، والنون، والميم، والعين، والصاد، والحاء، والتاء كلها تتماشى وسياق آية الاستثناء التي قال فيها تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾، ولعل جو الخفة والتجانس والتواضع هذا؛ هو ما سيطر على مضمون آية الاستثناء المذكورة؛ وسيطر على مختلف أصواتها في مقدمتها أصوات اللام (9 مرات) والصاد (5 مرات) والميم (مرتان) والنون (مرتان)، الحاملة لدلالة التقدير والإجلال من خلال توسطها، لأن المقام مقام التضرع والخشية، والإيمان والعمل الصالح، قال تعالى: ﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ [طه: 108]. ولأنه قول حق، ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: 42]. نستجمع المعطيات الصوتية أعلاه، تلك التي آمنا بدورها في نسج البنية الصوتية والنطقية لسورة العصر؛ ونختزلها أربع وحدات معجمية/ صريفات نراها قد تربعت على عرش السورة ومحوريتها هي: (عصر) و(خُسر) و(حق) و(صبر) وقد جردناها من أداة تعريفها (ال) ليتضح لنا جليا مدى التجانس الصوتي الذي ميزها، سواء على مستوى صيغها الصرفية الموحدة، (فَ ع ل) أم على مستوى توافق أعداد صوامتها وتقابل صفاتها في تأكيد تام للضعف والانكسار والخسر الذي يعتري الإنسان في عصره ما لم يعتصم بحبل الحق والصبر والعمل الصالح([2]).


([1]) من خلال قراءة توطئة البحث المذكور (ص: 80) نستطيع أن نخلص إلى أن التفسير الصوتي لنظم النص القرآني يهدف إلى ربط أصوات السور بمعاني آياتها العتاق، والكشف عن السر الإعجازي للسور استنادا إلى المكون الصوتي فقط في تحقيق جمالية اللفظ القرآني وقوته وبلاغته. (قلت): وعليه فهو تفسير بالرأي مبني على علم الأصوات، وله ما يؤيده ويشهد له بالاعتبار من القرآن والسنة والسيرة، وحقه أن يذيل به المفسر المباحث اللغوية، هذا وقد جاء في خلاصة البحث (ص: 78، بتصرف) أنه: "يروم هذه التفسير تسليط الضوء على النظام الصوتي والصواتي لسورة العصر، ومحاولة سبر أغوارها وبعدها الإعجازي استنادا إلى النسق الصوتي نفسه وباستقلالية شبه تامة عن المكونات اللغوية الأخرى: الصرفية والنحوية والمعجمية والبلاغية...، من منطلق أن الصوت باستطاعته وحده استيعاب النص القرآني وتأويل دلالات سوره؛ = = انطلاقا مما تحدثه ظواهره من تأثير بَيّن على السامع في طريقة التشكيل الصوتي والإيقاع العالي". ويؤكد المفسر هذا المنطلق مرة أخرى في خاتمة بحثه (ص: 107) بقوله: "إن فهم معاني النص القرآني لا يقتصر على كتب التفسير أو بالضرورة أن تكون مستويات اللغة متضافرة، بل يكفي لذلك التفسير اعتماد البعد الصوتي فقط حتى يلبي المطلوب". ولعمري فإن هذه الدعوة الصريحة إلى القطيعة مع قواعد التفسير وضوابطه وشروطه لهي عظيمة الخطر موردة للزلل والباحث نفسه يعي هذا الأمر الجلل إذ قال في توطئة بحثه (ص: 80): "والحق أن الاجتراء على تفسير النص القرآني، وتأكيد معانيه في منأى عن نظام لغوي متماسك تشترك فيه وحدات محكومة بمعايير وقوانين متماسكة مع بعضها بالشكل الذي لا يمكن فصل عُراها، لهو أمر محفوف بمخاطر اللحن ومجانبة الصواب، إذ لا يمكن فصل مستوى عن آخر، ذلك لأن النظام القرآني له طبيعة إلهية تعمد التنسيق والتنظيم بشكل أعجز معاصريه ولاحقيه على الإتيان بمثله". (قلت): فالملاحظ أن علم التفسير الصوتي على ندرة أبحاثه منذ إرهاصاته المبكرة عند كل من الجرجاني وابن جني وغيرهما إلى وقتنا الحاضر عند كورديا أحمد حسن صالح في كتابه الموسوم بالنظام الصوتي التوليدي في السور المكية القصار لم ينضج بعد لنجني منه ثمارا ينتفع بها في تفسير القرآن، فهو حاليا يحاول أن يفسر علميا ظاهرة التأثير الصوتي لنظم القرآن التي تأخذ بألباب سامعيها وكيف تأثر في قلوب متلقيها، لكن بأسلوب علمي جاف عبارة عن جداول ورسوم بيانية ناهيك عن لغة متخصصة لا يفهما إلا المشتغلون بعلم أصوات اللغة العربية أما غير المتخصص فهو أشبه ما يكون أمام طلاسم سحرية لا يفقه منها شيئا مما يجعل هذا العلم بصيغة طرحه الحالية بعيدا كل البعد عن روافد علم تفسير القرآن إلى أن ينضج على مستوى لغة العرض ونتائجه. ولئن سميناه تفسيرا فلزعم المشتغلين به ذلك، وإلا فيحمل على المجاز عندنا لأنه يخالف التفسير في معهود العوام وعرف العلماء على حد السواء.
([2]) التفسير الصوتي والصواتي للنص القرآني سورة العصر نموذجا، د. حمادي الموقت، المحور (3): الخصائص الصوتية لصوامت السورة، ص: 86-89، 92-93.
 
التعديل الأخير:
لدي بحث بعنوان " جمال الفواصل القرآنية في سورة المدثر"دراسة صوتية دلالية" منشور في مجلة الآداب جامعة ذمار - اليمن
وبحث آخر بعنوان : ألفاظ القوة والتمكين في سورة القمر" دراسة صوتية دلالية" منشور في مجلة قبس الجزائرية
 
لدي بحث بعنوان " جمال الفواصل القرآنية في سورة المدثر"دراسة صوتية دلالية" منشور في مجلة الآداب جامعة ذمار - اليمن
وبحث آخر بعنوان : ألفاظ القوة والتمكين في سورة القمر" دراسة صوتية دلالية" منشور في مجلة قبس الجزائرية
جميل هذا يعني أنكم على علم بالتفسير الصوتي، فياريت أن تعلق على المقال استدراكا ونقدا وتصويبا بدء من التعريف وانتهاء بالأهداف جزاكم الله خيرا فهذا هو الهدف الأول من النشر بالمنتديات التفاعل البناء.
 
الاتقان في ضوابط تسجيل القرآن لعرفة بن طنطاوي
للأسف هذا التعليق خارج الموضوع فلو قرأتم فقط التعريف ما كنت أظنكم تعلقون هكذا تعليق وإن كان لا يخلوا من فائدة فإنه يخنق الموضوع بتطفله عليه، هذا وإن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية فمقامكم محفوظ أخي الفاضل وشكرا على مروركم الكريم.
 
عودة
أعلى