هل يجوز إطلاق مصطلح الفلسفية القرآنية أو القرآنولوجي الفلسفي الذي أطلقه ماسيمو كامبانيني ؟

إنضم
25 يناير 2011
المشاركات
43
مستوى التفاعل
6
النقاط
8
الإقامة
مصر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عباده المرسلين، لا سيما حبيبه المصطفى وآله وصحبه أجمعين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فهذا المصطلح هو تعبير عن مغالطة ارتباط الفلسفة التي لا رأي لها بالقرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو تعبير عن تشوهات عقدية تظهر في مواضع كثيرة من هذه الأطروحة، لهذا أردت أن أشارك إخواني المهتمين بالشأن القرآني فهمًا واعتقادًا وعملًا هذه الملاحظات التي رأيتها على أطروحة ما سيمو كامبانيني "نحو الفلسفية القرآنية" التي نشرها مركز تفسير للدراسات القرآنية فأقول:
كامبانيني والانتماء للإسلام:

توفي الفيلسوف الإيطالي ماسيمو كامبانيني في شهر أكتوبر 2020م ، وقد وجدت في غير موقع عربي ثناء عليه، من ذلك قول أحدهم: " يستحق المفكرون الذين يشغلون أنفسهم بحضارات الآخرين مزيدًا من الاحترام، ومن ذلك المفكر الإيطالى ماسيمو كامبانينى، الذى رحل منذ أيام قليلة، وهو أستاذ بجامعتى نابولى وتورونتو، مما يحسب له أنه عندما جاء إلى مصر لدراسة التاريخ الفرعونى، أسره الإسلام، فاعتنقه، وقضى حياته بعد ذلك دفاعا عن تاريخ الإسلام وحضارته".
لكن من الواضح –كما سيظهر في هذه الورقة البحثية- أن تأثره بالفلاسفة العرب والحداثيين أظهر من تأثره بالقرآن الكريم والسنة والنبوية، كما أن الفلسفة الغربية لا تغيب في أعماله.
كل مَن نشأ على معاني الكتاب والسنة لا يقبل أن يُقرَأ القرآن العزيز ككتاب أو نص فلسفي؛ لأن الشك فلسفة، واللاأدرية فلسفة، والشيوعية فلسفة ... فالفلسفة لا رأي لها، ولا يمكن للفلسفة أن تقدم قراءة صحيحة للقرآن الكريم؛ ولا يحلّ لأحد أن يقرأ كتاب رب العالمين سبحانه بغير الطريق الذي بيَّنه القرآن، وهذا أمر قد بُحِث في أصول التفسير لا مجال للاستطراد فيه هنا؛ لهذا سأبيِّن ما في كلامه من ملاحظات ومؤاخذات .
أولاها- الفلسفة ليست هي العقل:

القرآن الكريم كلام الله تعالى، وهو المنزل بواسطة الروح الأمين جبريل (عليه السلام)؛ فهو وحي اختص به خاتم المرسلين (r)، والوحي مصدر خاص للمعرفة يتفضل الله تعالى به على عباده يهديهم به إلى ما لا تبلغه عقولهم، ولا يقع تحت قدرة حواسهم، ويأمرهم بما فيه سعادتهم في الحال والمآل.
والفلسفة من نتاج العقول البشرية، ولهذا هي تعظِّم العقل؛ لأنها ثمرة من ثماره؛ فهي محدودة بقدرات العقل: تسبح في فضائه، ولا تبرح ساحاته؛ ولهذا وجدنا المشكلات الفلسفية لا إجابات شافية لها، بل تظل المشكلة الأخلاقية مشكلة، ومتاهات الحرية والجبر معضلة إلى آخره.
والقرآن حض على إعمال العقل والتفكر والاعتبار؛ ويمكننا أن نفهم العلاقة بين القرآن -أو الوحي بصفة عامة- وبين العقل بالعلاقة بين الشمس القمر، فإذا اتفق ظهور القمر مع الشمس كان الانتفاع الحقيقي بضوء الشمس، وتظهر أهمية ضوء القمر في المكان الذي لا تظهر فيه الشمس، لكن ضوء القمر يكون أعظم كلما كان أكثر توجهًا ناحية الشمس؛ كذلك العقل كلما كان إقباله على نور الوحي أكثر كان سداده ونفعه أعظم؛ فالعلاقة بين مصادر المعرفة في الإسلام علاقة تكامل وتعاضد؛ لهذا يجد كثير من الفلاسفة علاقة بين القرآن والفلسفة من جهة العقل ودوره في الحياة البشرية، وهذه العلاقة ليست دليلًا على وجود ارتباط بين الفلسفة والدين أو الفلسفة والوحي أو الفلسفة والقرآن كما ذهب كامبانيني.
وليست كل دراسة عقلية فلسفة؛ فالرياضيات علوم عقلية ولا تعد في العصر الحاضر من مباحث الفلسفة، لهذا يمكننا التمييز بين العقل كمصدر معرفي متميز وآلة خلقها الله فينا منتجة للحضارة، وبين الفلسفة التي تقوم كبديل لدعوة الأنبياء والمرسلين مستخدمة العقل المجرد؛ لأن الفلسفة هي البحث العقلي البحت فيما وراء الطبيعة (الإلهيات) والأخلاق؛ لهذا اشتبكت الفلسفة مع الدين في مواقع كثيرة لاتحاد موضوعهما، وتجرأ الفلاسفة على الخوض في مباحث الدين حتى أمور الغيب التي لا يمكن للعقل أن يحكم فيها بشيء إلا بما ثبت في الوحي .
فالواقع يُثبِتُ خصومة حقيقية بين الدين والفلسفة، وتأكدت علاقة العداوة بين الفلسفة والدين من خلال الفلاسفة التحليليين الذين يقولون: إن الميتافيزيقا كلام فارغ وعقيم، وهذه الميتافيزيقا هي ما حاول كامبانيني أن يجد جسرا بينها وبين القرآن الكريم، وهو كلام يرفضه الواقع.
ثانيتها- الكائن الأسمى في الفلسفة ليس هو الله الذي أنزل القرآن.

قال كامبانيني: "إن المحور الذي عليه مدار المنظومة المفاهيمية للفلسفة هو مفهوم الكائن "المطلق" الكائن الأسمى، أي الله؛ وبهذا المعنى فإن نواة الفلسفة هي اللاهوت الوجودي/ أنطو ثيولوجي. إذن هناك انسجام وتوافق ودعم متبادل بين الفلسفة واللاهوت؛ وإذا نظرنا إلى القرآن على أنه كشف عن الكائن المطلق الإلهي، فمن الممكن بالتالي دراسته فلسفيًّا واتخاذ الخطوات الأولى نحو القرآنولوجيا الفلسفية".
وهذا الكلام الذي قاله كامبانيني بعيد كل البعد عن الواقع؛ لأن إله الفلاسفة ليس هو الله الذي تتحدث عنه الأديان والذي يعرفه الناس ويؤمنون به، ويؤكد هذا المعنى ما قاله شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية (رحمه الله تعالى): "وأما العلم الإلهي الذي هو عندهم مجرد عن المادة في الذهن والخارج فقد تبين لك أنه ليس له معلوم في الخارج، وإنما هو علم بأمور كلية مطلقة، لا توجد كلية إلا في الذهن"، وقال في موضع آخر: "لكن اسم الإله لما كان موجودًا في القرآن وذكره ‌المعرِّبون لكتب أولئك، وبينوا معناه في لغة أولئك = صار بسبب الاشتراك في اللغتين في إطلاقه تلبيس على مَن لم يعرف مراد القرآن العزيز باسم الإله، ومراد القوم باسم الإله، وبين المرادين بون عظيم".
فكلام كامبانيني هنا لا يخلو من خلط بين اصطلاحات الفلاسفة وبين معاني القرآن الكريم.
ثالثتها- خطأ التسوية بين معتقد النصارى في المسيح واعتقاد المسلمين في القرآن.

قال كامبانيني: " يلعب القرآن الدور المكافئ لدور المسيح؛ لذا يجب أن نحول وجهة نظرنا من (إنسان) إلى (كتاب) ومن (نبي) إلى (متن الوحي المكتوب)".
هذه التسوية ليست جديدة بل تجدها عند بعض الحداثيين العرب القائلين بمذهب المعتزلة (خلق القرآن)، وكلامهم هذا من باب الذم لقول أهل السنة والجماعة: "القرآن كلام الله غير مخلوق"؛ والكلام صفة من صفات الله تعالى، وأنه تعالى يخلق بقوله: "كن"، فلو كانت (كن) مخلوقة لزم أن لا يوجد شيء من المخلوقات.
وكلام الحداثيين وكامبانيني مبني على عدم فهم مذهب أهل السنة وعدم فهم دين النصارى أيضًا؛ ويكفي لإدراك الفرق بين القولين معرفة أن المسلمين لا يقولون: إن القرآن إله أو هو الله، ولا يُدعَى من دون الله تعالى.
أما النصارى فيقولون: إن المسيح إله أو هو الله صراحة؛ فيقولون: "والابن –أي المسيح عليه السلام- هو الله من حيث الجوهر، وهو المولود من حيث الأقنوم، ويُقصَد المسيح (عليه السلام) بالعبادة والدعاء عندهم؛ فيقال له: "أيها الكائن الذي كان والدائم إلى الأبد".
رابعتها- تعلقه بمسألة الترابط الموضوعي لبنية القرآن الكريم لتمرير فلسفته:

قال كامبانيني: "إن هذه المسألة مهمة من أجل دحض وتفنيد البنى العشوائية للنص التي طرحها العديد من الباحثين الذين غالبًا ما يكونون مناهضين للإسلام".
هذه بداية كلامه في هذه المسألة، ونلاحظ عليه أمورًا:
أولها-كلامه في هذا الموضوع فيه شيء من السطحية؛ لا سيما إذا رأينا غير مفسِّرٍ أقام تفسيره على بيان المناسبات بين السور والآيات، منها تفسير كبير يزيد على عشرين مجلدًا.
ثانيها-انتقاؤه لسورة واحدة –هي سورة البقرة وهي أكبر سور القرآن- ولمحاولة واحدة أو اثنتين –كمحاولة الشيخ محمد الغزالي في كتابه نحو تفسير موضوعي لسور القرآن الكريم- في حين أن هناك مَن قام بنفس العمل وبيَّن وجه الترابط الموضوعي لسورة البقرة، بل ترجم لعمله بقوله:"سورة البقرة نموذجًا على تماسك بنيان القرآن وأحكامه".
ثالثها- في قوله: " البنى العشوائية للنص التي طرحها العديد من الباحثين الذين غالبًا ما يكونون مناهضين للإسلام" وأد لهذه الشبهة التي يطرحها المعادون للقرآن والجاهلون بلغته؛ فكلُّ مَن يتذوق لغة القرآن لا يدري كيف انتقل القرآن من موضوع إلى آخر ، ولا يشعر بهذا الانتقال إلا كما يشعر أهلُ الجنة باختلاف ثمارها ﵟكُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ رِّزۡقٗا قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِي رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَأُتُواْ بِهِۦ مُتَشَٰبِهٗاۖ ﵞ ، أي "مُتَشابِهًا في اللون، مُخْتَلِفًا في الطعم" وقيل: "ثمار الجنة خِيارٌ كله، لا يُرْذَل منه شيء".
خامستها- قبوله لعقيدة وحدة الوجود (البونتييزم) .

وهذا واضح في ورقته هذه في غير موضع، منها قوله: "في الميتافيزيقا الإسلامية الله هو الموجود الأول، وذاته تطابق الوجود، وهي فكرة تشاركها الفارابي وابن سينا والغزالي أيضًا". وقوله: "وإذا كان الله هو كل ما في الوجود ؛ فيجب أن يكون وجده هو نفسه: والتعبير العربي عن هذه الفكرة هو أن الله هو هو". وقوله: "هذا هو السبب في أن القرآن ينص على أن: ﵟ كُلُّ شَيۡءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجۡهَهُۥۚﵞ، ويمكن استخدام الآية لدعم ما يسمى بنظرية (وحدة الوجود)، أي أنه ما في الوجود سوى الله، مما يعني أن جميع المخلوقات خالية من أي حقيقة وجودية إذا ما قورنت بالله".
فهو ينصر كلام ابن عربي المتصوف، ويؤيد الحداثيين الذين يؤيدون هذه العقيدة لتحقيق الذوبان المنشود في الحضارة الغربية، وأئمة الإسلام منذ زمن ابن عربي يحذرون من نحلته هذه، ويكفرونه صراحة لأقواله هذه، وبعض مَن يحسن الظن به يتأول كلامه على معانٍ موافقة للشرع، فالمخالف لابن عربي والمعظم له يجمعون على أن عقيدة الإسلام لا تقبل عقيدة وحدة الوجود، وهي مخالفة صريحة للكتاب والسنة، وكفر بالله العظيم.
ومع قبوله لهذه المادية –أن ذات الله تطابق الوجود- لا يعارض كون الله –تعالى عن قولهم- كائنًا ذهنيًا أو تصوريًّا، ليس كيانا وجوديا، وهو إغراق في التعطيل، كما أنه لم يعترض على تقرير هيجل للثالوث اللامعقول، وهذه حقيقة اضطراب الفلاسفة.
والمسلم يجب عليه أن يؤمن بما صرحت به نصوص الكتاب والسنة وأجمع عليه الأئمة، قال الشيخ ابن أبي زيد القيرواني في بيان ما أجمعت عليه الأمة من أمور الديانات ومن السنن التي خلافها بدعة وضلالة: "وأنه (تعالى) فوق سماواته على عرشه دون أرضه، وأنه في كل مكان بعلمه"، وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها: على أن الخالق تعالى ‌بائن من مخلوقاته ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته، وهذه العقيدة الصحيحة تبطل عقيدة وحدة الوجود.
سادستها -اعتماده على الهرمنيوطيقا ونظرية موت المؤلف.

حاول الكاتب تمرير فلسفته من خلال طرح تضارب التفسيرات للقرآن الكريم كما في قوله: "تكمن المشكلة في أن النص قد اكتسب سمة موضوعية بمرور الوقت، حتى بدا أنه استقل عن مراد مَن تكلم به (يمكننا أن نقول بمصطلحات رونالد بارت أن المؤلف قد مات)، حيث يفسره قراؤه في ضوء ظرفهم الاجتماعي الخاص"، فذكر قراءات متعددة للقرآن الكريم، هذه القراءات ذهبت إلى حد التكفير والصراع والتناحر .
وقد قال أيضًا: "الإسلاميون الذين يحثوننا في الوقت الحاضر على تطبيق الحدود بحرفيِّتها كما هو منصوص عليه في القرآن في المجتمع المعاصر يجعلون منطوق القرآن مستقلًا عن مراد الله. من الضروري قراءة النص بروح مَن أنتجه، أي قراءته كعمل إلهي –إذا جاز التعبير- ومحاولة التفوق على المؤلف في فهم النص؛ وهذا في النهاية هو مقترح هرمنيوطيقا شلاير ماخر".
وقد قدمتُ نقدًا للهرمنيوطيقا من خلال عدسة صناعة التفسير في مقالة سابقة فلا حاجة لإعادة ذلك هنا، لكن ما يهمنا هنا في كلام كامبانيني هو الحكم على قانون العقوبات القرآني من خلال الأهواء الغربية؛ وقد حذرنا الله تعالى من هذه الخطيئة فقال: ﵟثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَﵞ، والخلاف بيننا وبين فلاسفة الغرب ليس في نوع العقوبة كما يتظاهر هؤلاء في أنهم يحاولون الاجتهاد لإيجاد عقوبات تناسب العصر ، بل الخلاف أعمق من ذلك بكثير؛ فهناك ثلاثة فروق جوهرية بين العقوبات القرآنية وتخليط الغرب والمستغربين نوضحها فنقول:
أولها- إنكار العقوبة القرآنية بزعم أن عقوباتهم أكثر رحمة ومناسبة للجريمة، وكل مؤمن يدحض هذا بقوله تعالى: ﵟ‌وَٱللَّهُ ‌يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَﵞ .
ثانيها- أنهم لا يعترفون بجرائم حرمها القرآن صراحة كالزنا والشذوذ.
ثالثها-أنهم يذهبون إلى أقصى مدى من محاربة العقل والفطرة فيرفضون كل شكل من أشكال إنكار الفواحش والشذوذ، ولو كان إنكارًا صامتًا.
فهذه ظلمات بعضها فوق بعض، وكل هذا يجعل المتبع لشرع الخالق الحكيم على بينة من أمره واثقًا من الحق الذي يتبعه؛ لأنه يعتمد على الوحي المنقول، ويستمسك بصريح المعقول، وأهل الأهواء لا يصبرون على التمسك بالكتاب، فيخطئون صريح العقل والصواب.

الخاتمة:


نخلص من هذا إلى نتائج هي:
1-أن العنوان المقترح لهذه الورقة البحثية هو "نحو فلسفة عربية"، ولا علاقة للقرآن الكريم بما طرحه الكاتب من فلسفات، إنما هي آراء بعض الفلاسفة المنتمين إلى الحضارة الإسلامية في عصور متقدمة أو فلاسفة حداثيين، وربما تجاوز الكاتب ذلك إلى عرض شيء من الفلسفة الغربية في دفاعها عن الثالوث اللامعقول .
2-تُظهِر هذه الورقة البحثية ارتباط فكر كامبانيني بالحداثيين العرب، لا سيما حسن حنفي الذي خصص له أحد مؤلفاته وهو: "لاهوت التحرّر الإسلامي لدى حسن حنفي "، وقد حاول أن يؤكد في كتابه هذا أن مشروع حنفي -برغم الانتقادات ومختلف الخيبات التي جابهها- فكر متين ونقطة مرجعية لبناء الكيان المسلم (homo islamicus) من منظور حداثي تاريخي.
3-قد فرق علماؤنا بين الاجتهاد الشرعي وبين نصوص الوحي من الكتاب والسنة؛ وذلك لما يقع في الاجتهاد من الوهم والخطأ وإن كان المجتهد المخطئ مأجورًا ما دام أهلًا للاجتهاد وقد استفرغ الوسع في طلب الحق، وهذا التفريق له أدلة في الكتاب والسنة، فكل مَن أدرك هذا المعنى علم أن مصطلح "الفلسفية القرآنية" غلط ظاهر؛ وتلفيق بين مختلفين، لأن الفلسفة بحث عقلي بحت، والقرآن الكريم –عند كل مؤمن- وحي يقدم الإجابات الشافية والهداية من ضلالات التيه الفلسفي، فالقرآن وفهمه فهمًا صحيحًا يبدد ظلمات الفلسفة، ولا يمكن أن يكون القرآن هو "المبدأ الملهم للعطاء الفلسفي"كما قال كامبانيني، وقد قال تعالى: ﵟوَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَﵞ ، فاتباع سبيل الوحي هو العاصم من التفرق في سبل الضلال، قال ابن عطية: "وهذه الآية تعمُّ أهلَ الأهواء والبدع والشذوذ في الفروع وغير ذلك من أهل التعمق في الجدل والخوض في الكلام، هذه كلها عرضة للزلل ومظنة لسوء المعتقد" قال (رحمه اللهرحمه الله تعالى) هذا المعنى في الجدل والكلام؛ فما ظنكم بالفلسفة ؟ .
ﵟرَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُﵞ ، وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومَن سار على نهجهم إلى يوم الدين، رب اغفر لي ولوالديّ ومشايخي وللمسلمين كلهم جميعًا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



([1]) هناك ترجمة له حوت كثيرا من أعماله ولمحات عن حياته. يراجع: مقالة "ماسّيمو كامبانيني.. غياب قنطرة حضارية أصيلة. ترجم نصوصا من التراث العربي والإسلامي إلى الإيطالية وأرخ للفكر الإسلامي المعاصر" على موقع كيو بوست، نشر يوم الخميس 15 أكتوبر 2020م، كتبها إيهاب الملاح، على الرابط: https://www.qposts.com.

([2]) يراجع: مقالة "هل سمعت عن "ماسيمو كامبانيني" ما علاقته بمصر والدين الإسلامي " على موقع اليوم السابع، نشر يوم الثلاثاء 13 أكتوبر 2020م، كتبها أحمد إبراهيم الشريف، وموقع منتدى العلماء بعنوان: "وفاة المفكر الإيطالي المسلم والفيلسوف العالمي ماسيمو كامبانيني" نشر بتاريخ 12/ 10 / 2020م.

([3]) يراجع: المشكلة الأخلاقية والفلاسفة، لأندريه كريسون، ترجمة الدكتور عبد الحليم محمود، مطابع دار الشعب- القاهرة، 1979م (ص 32).

([4]) هذا المعنى أطنب فيه الدكتور عبد الحليم محمود في مقدمته لترجمة كتاب كريسون. يراجع: المشكلة الأخلاقية والفلاسفة، لأندريه كريسون، ترجمة الدكتور عبد الحليم محمود (ص 26).

([5]) في الحديث تشبيه العالم بالبدر، فبيَّن الشهاب القرافي وجه هذا التشبيه، فاستعرت هذا التشبيه للعقل، والعلاقة بينهما ظاهرة. يراجع: الذخيرة، للقرافي المالكي، تح د. محمد حجي وآخرين، دار الغرب الإسلامي (1/43، 44).

([6]) فالعلوم العقلية كالرياضيات مجال رحب ينفرد فيه العقل، وتظهر فيه إسهامات العقل في الحضارة البشرية.

([7]) يراجع: المعرفة في الإسلام مصادرها ومجالاتها، للدكتور عبد الله بن محمد القرني (ص 22) والإسلام بين التنوير والتزوير، للدكتور محمد عمارة، دار الشروق- القاهرة (ص 224).

([8])يراجع: المشكلة الأخلاقية والفلاسفة (ص 8).

([9])يراجع: المشكلة الأخلاقية والفلاسفة (ص 8).

([10])يراجع: المشكلة الأخلاقية والفلاسفة (ص 10).

([11])يراجع: الفلسفة التحليلية ماهيتها مصاردها مفكروها، أحمد عبد الحليم عطية، المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية- بيروت، ط1، 1440هـ/ 2019م (ص 144، 145).

([12]) يراجع: نحو الفلسفية القرآنية (ص 11، 12).

([13])يراجع: الفلسفة التحليلية ماهيتها مصاردها مفكروها، أحمد عبد الحليم عطية (ص 157).

([14]) يراجع: الرد على المنطقيين، للإمام تقي الدين بن تيمية (ص 179، 180).

([15]) يراجع: الرسالة الصفدية، للإمام تقي الدين بن تيمية، تح سيد بن عباس الجليمي، وأيمن عارف، أضواء السلف- الرياض (ص 575).

([16]) يراجع: نحو الفلسفية القرآنية (ص 12، 13).

([17]) يراجع: الشريعة، لأبي بكر الآجري، تح فريد عبد العزيز، دار الحديث- القاهرة (ص 63) وشرح العقيدة الطحاوية، لابن أبي العز الحنفي، تح الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي- بيروت (ص 168).

([18]) يراجع: الرسالة الصفدية، للإمام تقي الدين بن تيمية (ص 354).

([19]) الأقنوم في تعريف النصارى هو "كائن حقيقي له شخصيته الخاصة به، وله إرادة، ولكنه واحد في الجوهر والطبيعة مع الأقنومين الآخرين بغير انفصال" كذا قالوا ؟ ! .يراجع: مائة سؤال وجواب في العقيدة المسيحية الأرثوذكسية، للأنبا بيشوي، إعداد د. سامح حلمي إبراهيم، دار نوبار للطباعة، ط1، 2004م (ص 12).

([20]) يراجع: مائة سؤال وجواب في العقيدة المسيحية الأرثوذكسية، للأنبا بيشوي، (ص 12).

([21]) يراجع: مائة سؤال وجواب في العقيدة المسيحية الأرثوذكسية، للأنبا بيشوي (ص 13).

([22]) يراجع: نحو الفلسفية القرآنية (ص 14).

([23]) هو تفسير نظم الدرر في تناسب الآيات والسور لبرهان الدين البقاعي (ت: 885 هـ)، وقد طبعته دار الكتاب الإسلامي- القاهرة.

([24])يراجع: النبأ العظيم نظرات جديدة في القرآن الكريم، للدكتور محمد عبد الله دراز، المكتبة التوفيقية- القاهرة، 2009م (ص 127).

([25]) لاحظ أن التشبيه هنا وقع على لذة التذوق، وأن لذة تذوق القرآن روحية، وتذوق ثمار الجنة لذة حسية، فتنبه.

([26]) سورة البقرة، آية 25 .

([27]) أخرجه ابن جرير وغيره عن مجاهد. يراجع: موسوعة التفسير المأثور (2/172، ح 939).

([28]) أخرجه ابن جرير وغيره عن قتادة. يراجع: موسوعة التفسير المأثور (2/173، ح 946).

([29]) يراجع: الخطاب الصوفي في المنظور الحداثي "البونتييزم" ووحدة الأديان، للدكتور زهير بن كتفي، بحث بملتقى القراءات الحداثية للعلوم الإسلامية (ص 1606) .

([30]) يراجع: نحو الفلسفية القرآنية (ص 20).

([31]) يراجع: نحو الفلسفية القرآنية (ص 28).

([32]) سورة القصص، آية 88 .

([33]) يراجع: نحو الفلسفية القرآنية (ص 28، 29).

([34]) قال فيه برهان الدين البقاعي في رسالته: "تحذير العباد من أهل العناد ببدعة الاتحاد" مطبوعة مع تنبيه الغبي: "أطبق العلماء على تكفيره وصار أمرًا إجماعيًّا".يراجع: مصرع التصوف أو تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي، للعلامة برهان الدين البقاعي، تح عبد الرحمن الوكيل (ص 214).

([35]) يراجع: الخطاب الصوفي في المنظور الحداثي "البونتييزم"، للدكتور زهير بن كتفي (ص 1609) .

([36]) يراجع: نحو الفلسفية القرآنية (ص 21).

([37]) يراجع: اختصار المدونة والمختلطة، لابن أبي زيد القيرواني، تح د. أحمد بن عبد الكريم نجيب، مركز نجيبويه (4/ 537).

([38]) يراجع: الأسماء والصفات، لأبي بكر البيهقي، تح ناصر بن النجار الدمياطي (ص 518) ومجموع الفتاوى، لشيخ الإسلام بن تيمية (2/126).

([39]) يراجع: نحو الفلسفية القرآنية (ص 32).

([40]) يراجع: نحو الفلسفية القرآنية (ص 33).

([41]) يراجع: نحو الفلسفية القرآنية (ص 42).

([42]) هي مقالتي التي نشرها مركز تفسير بعنوان: "بحث: من خلال عدسة الهرمنيوطيقا المعاصرة (قصد المؤلِّف) في تفسير الطبري والغزالي لآية النور لـ أولريكا مارتنسون "عرض وتقويم". وهي على الرابط https://tafsir.net/paper/24/bhth-mn...-lif-fy-tfsyr-at-tbry-walghzaly-l-aayt-an-nwr.

([43]) سورة الجاثية، آية 18 .

([44]) سورة البقرة، آية 216 .

([45]) ومَن عاش في الغرب الأوروبي يعلم أنه لا يستطيع أن يقوِّم سلوك ابنه أو بنته، وفي هذا الباب قصص تُذهِب عقل الحليم، وتقطع القلب الكليم، أذهب الله عنا وعنهم السوء.

([46]) مثل حادثة اللاعب إدريسا جاي الذي رفض ارتداء قميص يتعاطف مع الشذوذ الذي يسمونه المثلية الجنسية فتعرض لهجوم شرس من الإعلام والأنظمة الغربية، فانظر كيف يحترمون المجرم في شرع الله تعالى، وكيف يدينون المؤمن المنكر لهذه الجريمة، ويرفعون عليه سوط العقوبات المادية والأدبية بتشويه سيرته وسبه؛ فالمراد من هذا الكلام أن الخلاف مع هؤلاء لا مجال للمداهنة فيه؛ لأنهم لن يقبلوك إلا وأنت ترضى بأهوائهم كلها، ومن اتبع خطوات الشيطان فلا بد له من الوصول إلى أسفل سافلين. للمزيد عن مشكلة إدريسا. يراجع: أزمة اللاعب "جاي" تكشف حريات زائفة ومعايير مزدوجة، نشره مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، يوم الأربعاء 25 مايو 2022م https://www.azhar.eg/observer.

([47]) يراجع: لاهوت التحرّر الإسلامي لدى حسن حنفي لـ"ماسيمو كامبانيني، لعز الدين عناية، نشره موقع الرؤية العماني، بتاريخ 2 مايو 2019م. على الرابط https://alroya.om/post/238057/.

([48]) هذا الفهم الصحيح هو ناتج إعمال آلات وأصول وقواعد علم التفسير .

([49]) يراجع: نحو الفلسفية القرآنية (ص 13).

([50]) سورة الأنعام، آية 153 .

([51]) يراجع: المحرر الوجيز، لابن عطية، تح هاني الحاج (2/413).
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى لا سيما حبيبه المصطفى وآله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد فأردت إرفاق ملف هذه المقالة بصيغة الصورة لأني وجدت بعض إعدادات الكتابة تغيرت خاصة ما فيه أقواس كالآيات الكريمة، نفع الله بها، وتقبل الله منا ومنكم.
 

المرفقات

  • نقد الدكتور إبراهيم أحمد السناري لـ نحو الفلسفية القرآنية لماسيمو كامبانيني.pdf
    782.7 KB · المشاهدات: 5
شكر الله لكم يا دكتور إبراهيم هذا التعقب والبحث الماتع، ونسعد كثيراً بمثل هذه التعقبات والمناقشات العلمية لما ينشر في البوابة الإلكترونية من ترجمات وبحوث.
 
شكر الله لكم يا دكتور إبراهيم هذا التعقب والبحث الماتع، ونسعد كثيراً بمثل هذه التعقبات والمناقشات العلمية لما ينشر في البوابة الإلكترونية من ترجمات وبحوث.
بارك الله فيكم فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الشهري، واستعملنا الله وإياكم إلى آخر الأجل في خدمة كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
 
عودة
أعلى