أربع مسائل في آية النور 61

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24 ديسمبر 2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
أربع مسائل في آية النور:
{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} (النور61)
  • ما الغرض من تكرار النفي [لا] في { لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ}؟
  • لماذا لم يذكر بيوت الأبناء؟
  • لماذا أُفْرِدَت {صَدِيقِكُمْ} وكل ما تَقَدَّمَها جمع: [بيوتكم، آبائكم، أمهاتكم، إخوانكم، أخواتكم، أعمامكم، عماتكم، أخوالكم، خالاتكم]؟
  • ما المقصود بـ { أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ}؟
المسألة الأولى: الغرض من تكرار النفي [لا] في { لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ}:
لقد تكررت [لا] في السِّياق مع كل صِنْفٍ لأسباب منها:
أَحَدُها: التفصيل بغرض التأكيد على حَقِّ كل صِنْفٍ من هذا الأصناف في الأكل في بيوت المسلمين بغير دعوة.
ثانيها: إذا حذفنا [لا] من السياق فلابد من حذف حرف الجر [على] معها، وإلا ثَبَتَ الْـحَرَجُ على الأصناف الْمُتَأَخِّرة دون الصِّنف الأول، تأملوا: [لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَعَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَعَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَعَلَى أَنْفُسِكُمْ].
ثالثها: يَصِحُّ السِّيَاق بحذف [ولا عَلَى ... حَرَجٌ] فنقول: [لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَالْأَعْرَجِ وَالْمَرِيضِ وأَنْفُسِكُمْ} يَصِحُّ، لكن الْمَعْنَى سَيَفقِدُ دلالة التأكيد والتوثيق لكل صِنْفٍ على حِدَة، فكان السياق القرآني أضبط وأحكم لبيان ذلك الحق لتلك الأصناف على عُمُوم المسلمين.

المسألة الثانية: لماذا لم يذكر بيوت الأبناء؟
إن الأبناء بعض آبائهم، فلا حَاجَةَ لذكرهم، فهم إِمَّا دَاخِلِينَ في بيوت الآباء قائمين معهم، أو في بيوت أخرى منفصلة عن بيوت الآباء فإن كانوا في بيوت أخرى، فإنَّ الأبناء وأموالهم لآبائهم بحسب ما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتَ ومَالُكَ لأَبِيك".

المسألة الثالثة: لماذا أُفْرِدَت {صَدِيقِكُمْ} وكل ما تَقَدَّمَها جمع: [بيوتكم، آبائكم، أمهاتكم، إخوانكم، أخواتكم، أعمامكم، عماتكم، أخوالكم، خالاتكم]؟
قال الشعراوي رحمه الله: "قال: { أَوْ صَدِيقِكُمْ } ولم يقل: أصدقائكم؛ ذلك لأن كلمة (صديق) مثل كلمة (عدو) تستعمل للجميع بصغية المفرد، كما في قوله تعالى: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لي}.
وقال ابن عاشور رحمه الله في بيان ذلك: "وَ(صديق) هُنَا مُرَاد بِهِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْجَمَاعَةِ بِقَرِينَةِ إِضَافَتِهِ إِلَى ضَمِيرِ جَمَاعَةِ الْمُخَاطَبِينَ، وَهُوَ اسْمٌ تَجُوزُ فِيهِ الْمُطَابَقَةُ لِمَنْ يَجْرِي عَلَيْهِ إِنْ كَانَ وَصْفًا أَوْ خَبَرًا فِي الْإِفْرَادِ وَالتَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ وَهُوَ الْأَصْلُ، وَالْغَالِبُ فِي فَصِيحِ الِاسْتِعْمَالِ أَنْ يَلْزَمَ حَالَةً وَاحِدَةً قَالَ تَعَالَى: {فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ}"

المسألة الرابعة: المقصود بـ {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ}
قِيلَ المقصود الوكيل القائم على مال أخيه، أو القائم على مال اليتيم، أو العبد في مال سيده، وحارس البستان، أو ما شَابَهَ، شَرْطَ ألا يكون قد خُصِّصَ له أَجْرٌ مُحَدَّدٌ مُقَابِلَ القيام بالعمل، فإنْ كان ممن يعمل مُقَابِلَ أَجْرٍ، فليس له أن يأكل دون إذن صاحب المال.
والله أعلم
د. محمد الجبالي
 
عودة
أعلى