سؤال لأهل التخصص في القراءات عن التكبير عند الختم ؛ هل يصح فيه شيء؟

الراية

New member
إنضم
18 أبريل 2003
المشاركات
303
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
السؤال:
عن مسألة التكبير بين السور ابتداء من سورة الضحى هل يصح فيه شي ؟ ارجو ممن عنده علم أن يفيدنا.
(( وأخص فضيلة الشيخ د. ابراهيم الدوسري - حفظه الله - ))
وجزاه الله خير.
 
أيه الأخ المبارك أدلي بدلوي في جواب سؤالك عن التكبير في آخر سورة الضحى مع أملي بزيادة المتخصصين عليه فأقول:
حديث التكبير ورد مرفوعا وموقوفا , فالمرفوع رواه الفاكهي في اخبار مكة (3/35) والحاكم في مستدركه(3/344) وصححه وتعقبه الذهبي بقوله : البزي قد تكلم فيه .
ورواه البيهقي في شعب الايمان (2/371) من طريق الحاكم ورواه الثعلبي في تفسيره في آخر سورة الشرح ورواه البغوي في تفسيره (8/459)
كلهم من طريق البزي عن عكرمة بن سليمان عن اسماعيل بن عبد الله عن شبل بن عباد عن عبد الله بن كثير عن مجاهد عن ابن عباس عن ابي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والبزي ضعيف وعكرمة بن سليمان مستور.
وقد جاء موقوفا على أبي بن كعب رواه البيهقي في شعب الإيمان (2/370).
قال ابن كثير في تفسيره (7/311) : وهذه سنة تفرد بها ابو الحسن احمد بن محمد البزي .

والواقع ان البزي لم ينفرد بها فقد وجدت طريقا لهذا الحديث من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أخبرنا الشافعي قال حدثنا اسماعيل بن قسطنطين به .
اخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (2/56) ومن طريقه اخرجه المزي في تهذيب الكمال (24/366). فداره على اسماعيل بن عبد الله .
وقد تكلم العلماء على هذا الحديث فقال عنه ابو حاتم : حديث منكر , وكذا قال الذهبي انظر السير (12/ 51).
وقال د بكر ابو زيد لايصح في التكبير عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته وعامة ما يروى مما لاتقوم به حجة .
وسئل شيخ الاسلام هذا السؤال:جماعة اجتمعوا في ختمة وهم يقرءون لعاصم وأبي عمرو فإذا وصلوا إلى سورة الضحى لم يهللوا ولم يكبروا إلى آخر الختمة ففعلهم ذلك هو الأفضل أم لا ؟ وهل الحديث الذي ورد في التهليل والتكبير صحيح بالتواتر أم لا ؟
فأجاب :حمد لله . نعم إذا قرءوا بغير حرف ابن كثير كان تركهم لذلك هو الأفضل ; بل المشروع المسنون فإن هؤلاء الأئمة من القراء لم يكونوا يكبرون لا في أوائل السور ولا في أواخرها . فإن جاز لقائل أن يقول : إن ابن كثير نقل التكبير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاز لغيره أن يقول : إن هؤلاء نقلوا تركه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ من الممتنع أن تكون قراءة الجمهور التي نقلها أكثر من قراءة ابن كثير قد أضاعوا فيها ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ; فإن أهل التواتر لا يجوز عليهم كتمان ما تتوفر الهمم والدواعي إلى نقله فمن جوز على جماهير القراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأهم بتكبير زائد فعصوا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركوا ما أمرهم به استحق العقوبة البليغة التي تردعه وأمثاله عن مثل ذلك . وأبلغ من ذلك البسملة ; فإن من القراء من يفصل بها ومنهم من لا يفصل بها وهي مكتوبة في المصاحف ثم الذين يقرءون بحرف من لا يبسمل لا يبسملون ولهذا لا ينكر عليهم ترك البسملة إخوانهم من القراء الذين يبسملون فكيف ينكر ترك التكبير على من يقرأ قراءة الجمهور ؟ وليس التكبير مكتوبا في المصاحف وليس هو في القرآن باتفاق المسلمين . ومن ظن أن التكبير من القرآن فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل . بخلاف البسملة ; فإنها من القرآن حيث كتبت في مذهب الشافعي وهو مذهب أحمد المنصوص عنه في غير موضع وهو مذهب أبي حنيفة عند المحققين من أصحابه وغيرهم من الأئمة ; لكن مذهب أبي حنيفة وأحمد وغيرهما أنها من القرآن حيث كتبت البسملة وليست من السورة . ومذهب مالك ليست من القرآن إلا في سورة النمل وهو قول في مذهب أبي حنيفة وأحمد . ومع هذا فالنزاع فيها من مسائل الاجتهاد فمن قال : هي من القرآن حيث كتبت أو قال : ليست هي من القرآن إلا في سورة النمل كان قوله من الأقوال التي ساغ فيها الاجتهاد . وأما التكبير : فمن قال : إنه من القرآن فإنه ضال باتفاق الأئمة والواجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل فكيف مع هذا ينكر على من تركه ومن جعل تارك التكبير مبتدعا أو مخالفا للسنة أو عاصيا فإنه إلى الكفر أقرب منه إلى الإسلام والواجب عقوبته ; بل إن أصر على ذلك بعد وضوح الحجة وجب قتله . ولو قدر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتكبير لبعض من أقرأه كان غاية ذلك يدل على جوازه أو استحبابه فإنه لو كان واجبا لما أهمله جمهور القراء ولم يتفق أئمة المسلمين على عدم وجوبه ولم ينقل أحد من أئمة الدين أن التكبير واجب وإنما غاية من يقرأ بحرف ابن كثير أن يقول : إنه مستحب وهذا خلاف البسملة فإن قراءتها واجبة عند من يجعلها من القرآن ومع هذا فالقراء يسوغون ترك قراءتها لمن لم ير الفصل بها فكيف لا يسوغ ترك التكبير لمن ليس داخلا في قراءته . وأما ما يدعيه بعض القراء من التواتر في جزئيات الأمور فليس هذا موضع تفصيله .الفتاوى (13/ 417)
وللاستزادة راجع النشر في القراءات العشر لابن الجزري (2/405) باب التكبير وما يتعلق به .
 
بسم الله

تعليقاً على مسألة التكبير أقول : ألف شيخ المقرئين في المدينة إبراهيم الأخضر القيّم رسالة بعنوان : تكبير الختم بين القراء والمحدثين
ذكر في مقدمة هذه الرسالة أن سبب كتابته لها هو ما لاحظه من تعلق الناس بما ينقل لهم من أخبار فيها حث على عبادة في أمر في الأمور مع أن هذه الأخبار تكون ضعيفة أو واهية ، وتشتهر عند الناس حتى يظنها الكثير سنة وهي ليست كذلك .
ومن أمثلة ذلك قول : صدق الله العظيم بعد القراءة [ وقد سبق التنبيه على هذه المسألة ] .

ثم ذكر أن من أمثلة ذلك أيضاً : التكبيرعند ختم القرآن ، فهو من هذا الباب .

ثم ذكر في خاتنة هذه الرسالة ما نصه : ( ومن خلال ما تقدم من بحث أحوال الروايات ، وتحقيق سندها ، وتراجم رجالها لم نجد غير رواية البزي كما ذكر العلماء ، وهي رواية تسلسلت بالضعفاء والمجروحين ، ولم تعضدها رواية أخرى من غير طريق البزي ، وذلك كما صرح كثير من علماء الروايات ، على أن بعضاً من مشاهير القراء كابن مجاهد في كتابه السبعة لم يورد التكبير ، وكذلك أبو القاسم الهذلي في كتبه الكامل لم يورد التكبير أيضاً ، وهذا مما يدل على عدم ثبوت الرواية عندهما ، والله أعلم .... ) ثم ختم بقوله : ( وبهذا فلا نثبت سنة بخبر كهذا ، بل الأفضل والأولى تركه سواء في رواية البزي أو رواية غيره من القراء ، وذلك صوناً لكتاب الله ، وتجريداً له عن كل ما ليس منه ممن يظن أنه سنة وهو ليس بسنة . والحمد لله رب العالمين ) . انتهى .

انظر هنا :http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=462

وهنا :http://www.saaid.net/Doat/Zugail/33.htm
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم
إنكار التكبير مما زلّ به المقرئ الشيخ : إبراهيم الأخضر 0
وماذكره مجرّد توهمات وعدم استيعاب لما قاله أهل العلم ، وقد حادثته في هذا 00
وقد ردّ عليه أحمد الزعبي في كتاب سمّاه إرشاد البصير إلى سنيّة التكبيرعن البشير النذير وطبع الكتاب 0
ولم ينكر التكبير أحد من السلف ولا الخلف 000 ولو رجعت إلى مجموع الفتاوى لرأيت هذا 00إلا ماروي في أخبار مكة للفاكهي 3/ 37 إن لم تخني الذاكرة 0
ومنشأ الخطأ : الخلط بين ضعف الحديث الوارد في سببه كما في العلل لابن أبي حاتم 00والقراءة 0
** سبب الورود لا يصح ولكن لا يعني هذا عدم المشروعيّة 0
وكون العلماء قد أجمعوا على أنه ليس من القرآن لا ينفي مشروعيّته كالاستعاذة 0
وأطول تفصيل للمبحث في النشر و جامع البيان للداني والمفردات له فيهما الرواية بأسانيد لا يصح تجاهلها 0
 
جزى الله المشايخ الذين كتبوا خيراً وبارك الله في الجهود
 
قال الشيخ اللامة المحدث المقرئ عبد الله بن صالح العبيد - حفظه الله - في كتابه ( الإتقان في تجويد القرآن ) ( ص 109 ) في الحاشية رقم ( 1 ) :
وأما التكبير من الضحى إلى آخر القرآن ، فهو لحفص من طريق الطيبة .
وجعله بعض أفاضل علمائنا ومعاصرينا من البدع ، لأن الحديث فيه لم يثبت عندهم ، وهو اجتهادٌ منهم ، حملهم عليه الغيرة على تحرير كتاب الله من البدع .

والتحقيق : أنه سنة صحت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجهٍ ، وعن جماعة من الصحابة والتابعين وتابعيهم . ، لكن لمَّا كانت هذه الأخبار عنهم مروية في كتب قدماء ائمة الأداء غير المطبوعة - ككتب الداني ، والهذلي ، وأبي العلاء الهمذاني ، والأهوازي ، وابن الباذش - ولم يكن لهم معرفة بها قطعوا بعدم صحته .

وقد أفردت لذلك جزءاً نفيساً تكلمت فيه على الآثار المرفوعة والموقوفة والمقطوعة ، واتصال التكبير للكاتب مسلسلاً من غير وجهٍ ، فلله الحمد والمنة .
 
إشارة إلى ما ذكره الإخوة : أشير إلى أن الشيخ الدكتور عبدالعزيز القاريء قد ناقش هذه المسألة في كتابه الموسوم بـ "سنن القراء و مناهج المجودين " ، وقد أفرد لها مبحثاً خاصاً في قرابة (26) صفحة .
وملخص المبحث : إن التكبير سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مروية عن ابن عباس رضي الله عنه ، و جلة التابعين بمكة وغيرها . وقد أسند رواية البزي جملة من المصنفين كالحاكم و ابن غلبون والداني وابن الباذش و الشهرزوري وابن الجزري كلهم عن البزي .
و تضعيف البزي يجبره متابعة قنبل الراوي الآخر عن ابن كثير .
كما وردت هذه الرواية عن غير ابن كثير كأبي عمرو البصري من رواية السوسي عنه ، و أبي جعفر من العشرة من رواية العمري عنه ،بل روى التكبير عن سائر القراء أبو الفضل الرازي و أبو القاسم الهذلي و أبو العلاء الهمذاني ، و ثبت موقوفاً عن ابن عباس كما رواه الدني بسنده .
و عليه فهذه السنة مشهورة عند أهل مكة ، يتناقلونها عن شيوخهم ، لا يعتبرون في ذلك البزي ولا غيره ، فهي أثبت عندهم و أشهر من أن تعزى لفرد .
روى الداني بإسناده عن موسى بن هارون قال : قال لي البزي : قال لي الشافعي : إن تركت التكبير فقد تركت سنة من سنن نبيك صلى الله عليه وسلم .وعن أبي محمد الحسن القرشي قال : صليت بالناس في المسجد الحرام خلف المقام التراويح ، فلما كانت ليلة الختمة كبرت من خاتمة "والضحى" إلى آخر القرآن في الصلاة ، فلما سلمت فإذا بأبي عبد الله الشافعي قد صلى ورائي ، فلما أبصرني قال : أحسنت و أصبت السنة ، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره بعد إيراده هذا الخبر :وهذا يقتضي صحة الحديث.
ويخلص الدكتور إلى استفاضة هذه السنة واشتهارها لدى القراء وجريان العمل بها عندهم ، وبهذا استغنت هذه السنة في ثبوتها عن الإسناد .ومن يرد التفاصيل فليراجع الكتاب .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أساتذتي الكرام
في الحقيقة أن الكتاب ورد الشيخ أحمد الزعبي غير محرّرين 0
لا أتحدّث عن الوهم في النقل من مصدر والعزو إلى غير قائله ، ولا إنكار شيء موجود مثل إنكار إيراد الهذلي للتكبير وهو في الكامل ص 155 فما بعد ، و التلازم بين حال الراوي في القراءة ورواية الحديث ، ولا عن الوهم في أسماء الرواة ، وإنكار المشاهير منهم ولكن أتحدّث عن ضيق الأفق وعدم المنهجيّة في الاستدلال والحكم بالظنون 0
* إنكار قول الشافعي في التكبير مع وجوده في مفردات القراء للداني مسندا في ص 108
* الاستدلال بعدم ذكر ابن مجاهد لأحكام التكبير في السبعة 000 إذن فأتبعها الاستعاذة والبسملة فأنكرهما حيث لم يذكرهما ابن مجاهد 0 وقد ورد من طريقه التكبير 00
----
* المكابرة في تصحيح حديث سبب التكبير وتعسف الإجابة عن قول ابن أبي حاتم في العلل 2/77 هذا حديث منكر 00
* إنكار ترجمة عكرمة بن سليمان في الجرح والتعديل 7/11
* دعوى أن ابن الجزري هو المرجع الأول والأخير في هذا العلم
* الغفلة عن تحديد مدار التكبير 000 فدعوى أنه انفراد من عكرمة لا يستقيم حيث ورد في كتب من رووا رواية البزي من طريقه وغير طريقه كابن الباذش بالتكبير رواية عنهم جميعا 000 ومثل ذلك البزي لم ينفرد به 0000
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم
سبقت الإشارة إلى
منشأ الخطأ : الخلط بين ضعف الحديث الوارد في سببه كما في العلل لابن أبي حاتم 00والقراءة 0
أما النقاش المشار إليه فليس بواف 0
البزي لم ينفرد بهذه القراءة 00تابعه غيره من الرواة عن العشرة كما تقدّم 0 وغيرهم ممن لانعلمهم 0 لأن الحرف المنسوب إلى ابن كثير كان قراءة أهل مكة مذ بعث عثمان المصحف إليهم مع عبدالله بن السائب رضي الله عنهما 0
وقد أشار إلى هذا ابن مجاهد وغيره عندما ذكروا سبب عدول أهل مكة عن قراءة ابن محيصن إلى قراءة ابن كثير لاتباعه 0
وأيضا لم يكن من هدي القراء في سالف الزمن ولا آخره الاعتداد بالانفردات والآحاد أيّا كانت 000وإنما اختاروا البزي وقنبل ممن رووا عن ابن كثير مع وجود من هو أجل منهما ممن قرأ على ابن كثير من غير واسطة أو بواسطة لانقطاعهما للإقراء وعنايتهما بهذه الرواية وطول عمرهما في الإقراء 0000
ولهذا استشكل بعضهم قول الحافظ ابن كثير عن الشافعيّ أنه يرى التكبير سنّة 000 ولا وجه لهذا الاستشكال حيث رويت قراءة الإمام ابن كثير من طريقة وكان بعض الشافعيّة يحرصون عليها 00 كما وردت رواية الإمام أحمد لقراءة عاصم 00 وتمسك المالكيّة بقراءة نافع لثناء الإمام مالك عليه 000
المسألة أكبر مما يتخيّله المبتدئ من أن هذا الوجه أو ذاك لم يقرأ به غير فلان 00000
فبأيّ قراءة كان يقرأ غير الرواة العشرين من المسلمين ؟ أو أهل البلد الذي عاش فيه القارئ والرواة عنه ؟
ولم أجمعت الأمّة على تلقّي قراءتهم بالقبول ؟ مع اختلافهم في ما دون ذلك حيث تواتر عنهم الجهر بالحق والصدع به وعدم المداهنة في شيء من أمور الدين 00فكيف بالقرآن ؟
ولعله يأتي مزيد تفصيل لهذا منيّ أو من غيري 0

----
وحيث طلب الأخ الكريم رأي الشيخ د0 إبراهيم الدوسري حفظه الله ؛ فأنقله من تحقيقه للمصباح الزاهر في القراءات العشر البواهر ج 4 ص 1561 (0000 وهذا نص صريح في ثبوت التكبير ولهذه الرواية المرفوعة حكم الرفع لأن هذا الأمر تعبدي لامجال للاجتهاد فيه ولهذا استحسن الإمام أحمد بن حنبل التكبير عند الختم كما في المغني 2/610 واعتبره الشافعي سنة من سنن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فيما حكاه عنه أبو شامة في إبراز المعاني ص 736 0 ولذلك كله قطع ابن الجزري في النشر 2/410 بصحة التكبير وتواتره 0 والله أعلم 0 )
 
[align=center]الاخ الكريم / حسين

سؤال : هل طبع تحقيق فضيلة الشيخ ابراهيم الدوسري لكتاب المصباح الزاهر في القراءات العشر البواهر ؟

هل من توضيح بورك فيك[/align]
 
[align=center]الاخ الكريم / حسين

سؤال : هل طبع تحقيق فضيلة الشيخ ابراهيم الدوسري لكتاب المصباح الزاهر في القراءات العشر البواهر ؟

هل من توضيح بورك فيك[/align]

[align=center]هل من يفيدنا ؟[/align]
 
للفائدة
[align=center]
fasil.gif
[/align]

3- ـ شبكة التفسير : ما رأيكم في التكبير عند الختم ، وهل يسوغ لأحد أن يعده من البدع ؟

د. عبد العزيز القارئ : بَيَّنْتُ هذه المسألةَ في بابٍ أفرَدْتُهُ لَهَا في كتابي " سنن القراء " وذكرْتُ فيه قولَ ابن الجزري إنه مرويٌّ لجميع القراء، وذكرتُ فيه قولَ الإمام الشافعي لَلْبَزِّيِّ : " إنْ تركْتَ التكبيرَ فقد تركْتَ سُنَّةً من سُنَنِ نبيِّكَ" رواه الداني بإسناده في " جامع البيان"..
وذكر ابنُ كثير في تفسيره مثلَهُ عن أبي محمدٍ الحسنِ القرشيِّ [ تفسير ابن كثير 2 / 522 ] ..
وثبت عن مجاهدٍ ، وابنِ جُرَيجٍ، وابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، وغيرِهِم، وهو سنة المكيين لا يتركونها أبداً ، ولا يعتبرون رواية البزي ولا غيره ..
أقولُ : فمن وصَفَ مثلَ هذا بأنه بدعةٌ فهذا جهلٌ منه وتَهَوُّرٌ.
[align=center]
fasil.gif
[/align]
 
أود أن أنبه عن خطأ وقع فيه بعض الافاضل المنكرين لسنية التكبير حيث فهم قول ابن كثير في تفسيره (( وذكر القراء في مناسبة التكبير من أول سورة "الضحى" : أنه لما تأخر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتر تلك المدة جاءه الملك فأوحى إليه: " وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى " السورة بتمامها، كبر فرحًا وسرورًا. ولم يرو ذلك بإسناد يحكم عليه بصحة ولا ضعف، فالله أعلم. ))
أن التكبير لم يروه القراء بسند يحكم عليه , وقد أخطأ لعدم تأمله , فكلام ابن كثير هنا عن المناسبة لا عن الثبوت .
وكوننا لا نعلم مناسبته لا يعني أننا ننكره , فقد ثبت بطرق متواترة .
بل كلام ابن كثير كأنه يشير إلى السنية _ وإن لم يصرح _ حيث قال :(( لكن حكى الشيخ شهاب الدين أبو شامة في شرح الشاطبية عن الشافعي أنه سمع رجلا يكبر هذا التكبير في الصلاة، فقال له: أحسنت وأصبت السنة. وهذا يقتضي صحة هذا الحديث.))

كما أود أن أنبه إلى أن كلام البزي ليس حديثا حتى يخضع لحكم المحدثين ولكنه متعلق بروايته عن مقرئيه التي نقبلها دون الرجوع للمحدثين , كأحكام الاستعاذة والبسملة تماما.

ثم ليكن كلامه هذا حديثا وليكن ضعيفا بل ليكن موضوعا . ما الذي سيحصل ؟!
إن التكبير لم يكن مستنده كلام البزي هذا بل كان مستنده هذه الروايات المتواترة التي روته من غير طريق , لكن المشكلة أن أولئك يظنون أنه لم يرو إلا من الشاطبية .

ثم إني لا أدري هل الرواية الضعيفة (كلام البزي) ترد الصحيحة (الطرق المتواترة ) أم أنها تكون لها عاضدة !!!!!
 
(( قال القاضي أبو بكررضي الله عنه : وبعد أن ضبط الله الحروف، والسور، لا تبالون بهذه التكليفات فإنها زيادات في التشغيب، وخالية من الأجر، بل ربما دخلت في الوزر. ولقد انتهى التكليف بقوم إلى أن رووا في بعض سور القرآن، التهليل والتكبير. وما ثبت ذلك قط عن عدل، ولانقل في صحيح.))انتهى من العواصم ص 361 .
 
قال أبو العز القلانسي (ت521)في كتابه "إرشاد المبتدئ وتذكرة المنتهي في القراءات العشر " : ( روى الحمامي عن النقاش عن أبي ربيعة عن البزي عن ابن كثير التكبير من أول (والضحى ) الباقون عنه يكبرون من أول الشرح .
واختلفوا في لفظ التكبير ؛ فروى قنبل وهبة الله عن أبي ربيعة عن البزي أن لفظ التكبير
لا إله إلا الله والله أكبر .
الباقون عنه : الله أكبر .
واتفق الجماعة أنهم يقفون في آخر كل سورة ويبتدءون بالتكير متصلا بالتسمية .
واتفقوا على ترك التكبير بين الناس والفاتحة إلا ما رواه بكار عن قنبل أنه يكبر بينهما .)ا.هـ 230
 
قال البغدادي المالكي في " الروضة في القراءات الإحدى عشرة " وهو ما يسمة بـ (روضة المالكي ) : روى البزي التكبير ..ولفظه الله أكبر ، وتابعه الزيني عن قنبل ...
وروى قنبل في غير رواية الزينبي عنه الكبير والتهليل ........
واتفق أصحاب ابن كثير على أن التكير منفصل عن القرآن ولا يختلط به .
وكذلك أيضا لم يختلفوا أنه منقطع مع خاتمة الناس ......)ا.هـ ج2ص996 باختصار
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، نبينا محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين،، وبعد:
فقد تعرَّضَت مسألةُ "التكبير" في خواتم سور القرآن لعدة اعتراضات، واستشكلها كثير من الفضلاء، والدافع إلى ذلك هو الحرص على كتاب الله تعالى، وتجنب ما لم يثبت فعله عن النبي صلى الله عليه وسلم حال قراءة القرآن، وهي نية صالحة، وقصد حسن، إلا أنه عند التأمل في تلك الاعتراضات يلاحظ أنها مبنية على أسس غير مسَلَّمٍ بها، وقد وقفت على كثير منها في أماكن متفرقة، فأحببت أن أجمع ما وقفت عليه منها واحداً تلو الآخر مع الردِّ عليها بما أعتقد أنه الصواب، محاولاً الاختصار قدر الاستطاعة.
وفي البداية سأورد الاعتراضات كاملة، ثم أذكر كل واحد منها مع الرد عليه، وهذه الاعتراضات بعضها وجدته في كتب الفقه والفتاوى، وبعضها في المنتديات القرآنية، وبعضها في رسائل صغيرة تتعلق بقضايا قرآنية، والآن أشرع في المقصود، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
والاعتراضات الواردة على التكبير التي وقفت عليها هي:
ـ أن الحديث المروي في التكبير انفرد به البزي، وهو ضعيف الحديث، وبناء على هذا فإن التكبير في سور الختم لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ـ أن الآخذين به اختلفوا فيه من حيث صيغته ومكان ابتدائه وانتهائه، وهذا دليل على بطلانه.
ـ أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، تكلم كلاماً شديداً في التكبير المذكور وأخبر أنه لم يرد إلا في رواية البزي عن ابن كثير.
ـ أن التكبير إنما هو من رواية البزي، وهي رواية تسلسلت بالضعفاء والمجروحين ، ولم تعضدها رواية أخرى من غير طريق البزي ، إضافة إلى أن بعضاً من مشاهير القراء كابن مجاهد في كتابه " السبعة " لم يورد التكبير ، وكذلك أبو القاسم الهذلي في كتابه " الكامل " لم يورد التكبير أيضاً ، وهذا مما يدل على عدم ثبوت الرواية عندهما.

ـ أن مسألة التكبير لا علاقة لها بالقراءات، وإنما عمدتها على الحديث، وحديثها ضعيف.
ـ أن التكبير مختلف فيه، فهل الأولى تركه لقوله صلى الله عليه وسلم: " فمن اتقى الشبهات...الحديث، أم أن الأمر فيه سعة ؟ فلا يأثم من تركه أو من فعله؟
وهذا عبارة عن سؤال وليس اعتراضاً.
ـ واعترض بعضهم بقوله: "فنطبق عليه ـ أي على التكبير ـ إذن قواعد وضوابط القراءات الصحيحة:
فكل ما وافق وجه نحو *** وكان للرسم احتمالا يحوي
وصح إسنادا هو القرآن *** فهـــــــذه الثلاثة الأركــان
وحيثما يختل ركن أثبت *** شذوذه لو أنه في السبعة
فالتكبير إن كان بحثاً حديثياً فهو بدعة لنكارة الحديث, وإن كان بحثاً قرائياً فهو شاذ لفقده لشروط القراءة الصحيحة .
فهذه ما وقفت عليها من الاعتراضات، واختلف المعترضون على التكبير في الحكم عليه:
فمنهم من عبر عنه بـ"البدعة".
ومنهم من عبر عنه بأنه "غير مسنون".
ومنهم من قال "غير مشروع".
والآن تتم مناقشة هذه الاعتراضات على الترتيب السابق:
الاعتراض الأول:
أن الحديث المروي في التكبير انفرد برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم البزي، وهو ضعيف الحديث، وبناء على هذا فإن التكبير في سور الختم لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الــرد على هذا الاعتراض:
أولاً:
أن هذا الأثر رواه غير البزي موقوفاً على ابن عباس رضي الله عنهما، وبعضهم أوقفه على مجاهد بن جبر، والوقف في مثل هذا الأمر لا يمكن أن يكون من قبيل الرأي والاجتهاد وإنما طريقه النقل والرواية، وإنما انفراد البزي برفعه، على أنه قد ورد عن بعض الأئمة ما يفهم منه تصحيح الحديث، كالأثر المروي عن الشافعي أنه قال للبزي رحمهما الله: " إن تركت التكبير فقد تركت سنة من سنن نبيك صلى الله عليه وسلم" وهذا الأثر قد ذكره الداني في كتابه (جامع البيان في القراءات السبع، ص 793) مسنداً، كما ذكره غيره من الأئمة.
وقد اعترض العلامة الألباني رحمه الله (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ على الأمة) على هذا الأثر باعتراضين:
الأول: قوله:
" أن هذا القول غير ثابت عن الإمام الشافعي ، ومجرد حكاية أبي شامة عنه لا يعني ثبوته؛ لأن بينهما مفاوز".
والجواب عليه:
أن هذا القول وإن حكاه أبو شامة بدون إسنادٍ فقد ذكره غيره مسنداً ـ كما ذكرت سابقاً ـ كالإمام الداني فقد أسنده عن شيخه فارس بن أحمد عن أبي الحسن المقرئ عن علي بن محمد الحجازي عن محمد بن عبد العزيز المكي عن موسى بن هارون عن البزي (جامع البيان في القراءات السبع، ص 793).
وقد نقل هذا القول ابن الجزري في غاية النهاية ثم قال:
"قال ابن الصباح ما سمعت هذه الحكاية إلا من طريق موسى بن هارون وهو ثقة فيما روى".
وابن الصباح هو محمد بن عبد العزيز المكي الراوي عن موسى بن هارون المتقدم في إسناد الداني لهذا القول.

الثاني: قول الشيخ الألباني عليه رحمة الله:
"ثم رأيت ابن الجزري فد أفاد في "النشر في القراءات العشر" أنه من رواية البزي عن الشافعي؛ فصح أنه غير ثابت عنه، ويؤكد ذلك أن البزي اضطرب فيه، فمرة قال: محمد بن إدريس الشافعي، ومرة قال : الشافعي إبراهيم بن محمد ! فراجعه".
والجواب على هذا الكلام:
أن الرواية المروية عن إبراهيم بن محمد الشافعي قد ذكرها ابن الجزري في (النشر 2/415) بقوله:
" وروى الحافظ أبو العلاء عن البزي قال دخلت على الشافعي إبراهيم بن محمد وكنت قد وقفت عن هذا الحديث، فقال له بعض من عنده إن أبا الحسن لا يحدثنا بهذا الحديث، فقال لي: يا أبا الحسن والله لأن تركته لتتركن سنة نبيك، قال وجاءني رجل من أهل بغداد ومعه رجل عباسي وسألني عن هذا الحديث فأبيت أن أحدثه إياه فقال: والله لقد سمعناه من أحمد بن حنبل عن أبي بكر الأعين عنك فلو كان منكراً ما رواه وكان يجتنب المنكرات، ثم قال ابن الجزري: قلت: إبراهيم بن محمد الشافعي هذا هو إبراهيم بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف، وهو ابن عم الإمام محمد بن إدريس بن العباس ابن عثمان بن شافع الشافعي مات سنة سبع ويقال سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وهو من أكبر أصحاب الإمام الشافعي المعدودين في الآخذين عنه" اهـ.
فيلاحظ:
أن هذه الرواية رواية أخرى، وقصة مختلفة تماماً عن القصة التي حدثت مع محمد بن إدريس الشافعي، فالأثر المروي عن الإمام محمد بن إدريس الشافعي روي أيضاً من طرق أخرى، وألفاظٍ أخرى متقاربة، أنه سمع البزي وهو يكبر في الصلاة فقال ذلك بعد فراغه من الصلاة، وقد ذكرها ابن الجزري (النشر، 2/425) بقوله: "وقال الشيخ أبو الحسن السخاوي: وروى بعض علمائنا الذين اتصلت قراءتنا بهم بإسناده عن أبي محمد الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد القرشي قال صليت بالناس خلف المقام بالمسجد الحرام في التراويح في شهر رمضان فلما كانت ليلة الختمة كبرت من خاتمة الضحى إلى آخر القرآن في الصلاة فلما سلمت التفت وإذا بأبي عبد الله محمد ابن إدريس الشافعي قد صلّى ورائي فلما بصر بي [هكذا في النشر، وفي شرح السخاوي على الشاطبية (بصرني)] قال لي أحسنت أصبت السنة" اهـ.
أما قول إبراهيم بن محمد الشافعي للبزي "يا أبا الحسن والله لأن تركته لتتركن سنة نبيك" وذلك عندما توقف البزي عن التحديث بحديث التكبير، فهي حادثة أخرى، وموقف آخر، وبذلك ينتفي الاضطراب؛ لاختلاف الموقفين والقولين، والله أعلم.
وكذلك مما يفيد تصحيح الحديث ما نقل عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، فقد ذكر ابن مفلح في فروعه ما يلي:
" وهل يكبر لختمه من الضحى أو ألم نشرح آخر كل سورة؟ فيه روايتان" اهـ
قال علي بن سليمان المقدسي (تصحيح الفروع، 2/383):
"قوله: وهل يكبر لختمه من (الضحى) أو (ألم نشرح) آخر كل سورة؟ فيه روايتان. انتهى.
إحداهما: يكبر آخر كل سورة من (الضحى) وهو الصحيح، قال في المغني والشرح [أي: الشرح الكبير على متن المقنع]: واستحسن أبو عبد الله [أي: أحمد بن حنبل] التكبير عند آخر كل سورة من الضحى إلى أن يختم، جزم به ابن رزين في شرحه، وابن حمدان في رعايته الكبرى، وقدمه ابن تميم، والمصنف في آدابه.
والرواية الثانية: يكبر من أول (ألم نشرح) اختاره المجد" اهـ.
فالواضح مما سبق:
أن التكبير مستحب عند الإمام أحمد، والروايتان عنه إنما في مكان الابتداء به: هل من بداية الضحى؟ أم من بداية "ألم نشرح"؟ وهذا بخلاف ما فهمه بعض المتأخرين حيث ذكروا في فتاويهم بأن استحباب التكبير إنما هو إحدى الروايتين عن أحمد، كما ذهب إلى هذا الفهم أيضاً بعض المتقدمين من أصحاب الحواشي على كتاب الفروع، والعلم عند الله.
وفي المغني لابن قدامة (2/610):
"واستحسن أبو عبد الله التكبير عند آخر كل سورة من الضحى إلى آخر القرآن؛ لأنه رُويَ عن أبي بن كعب أنه قرأ على النبي صلى الله عليه و سلم فأمره بذلك، رواه القاضي في الجامع بإسناده" اهـ.
وبالعموم:
فحديث التكبير قد ورد التضعيف الصريح له من كثير من أئمة الحديث، وصححه بعضهم صراحة كالحاكم في المستدرك، وتعقبه الذهبي بقوله: "البزي تُكلم فيه"، وورد عن بعضهم العمل به بما يفيد تصحيحهم له، وعلى أية حال فليست عمدة القراء في الأخذ بالتكبير على الحديث، والله أعلم.
ثانياً:
أن أسانيد القراءات التي أوصلت إلينا الأوجه المختلف فيها من القراءات هي نفسها تثبت التكبير في سوَر الختم، وذِكرُ الحديث هو من باب توجيه المقروء به، لا من أجل إثبات صحة التكبير، ولو لم يرد الحديث أصلاً فإن ذلك لا يمنع من الأخذ بالتكبير لثبوته بأسانيد القراءات لا بالحديث، ومما يؤكد ذلك:
أن التكبير في سور الختم مرويٌّ عن العمري وهو الزبير بن محمد بن عبد الله العمري الذي يروي قراءة أبي جعفر عن قالون.
وكذلك مروي عن عبد الوهاب بن فليح وهو تلقى قراءة ابن كثير عن جماعة من تلامذة: إسماعيل القسط وشبل بن عباد ومعروف بن مشكان.
ومروي أيضاً عن صالح بن زياد السوسي في قراءة أبي عمرو البصري بواسطة اليزيدي.
نص على ذلك أبو العلاء الهمذاني في (غاية الاختصار، 2/719) وغيره.
وكذلك يُروَى عن القواس عن وهب بن واضح عن أصحاب ابن كثير عنه، ويُروَى عن قنبل من طريق القواس.
ويُروى ـ أيضاً ـ عن محمد بن عبد الرحمن بن محيصن المكي ـ وهو من أقران ابن كثير ـ، وعن ابن كثير من طرق متعددة غير ما تقدم.
أقـول:
هؤلاء المذكورون سابقاً وغيرهم ممن لم يُذكر لا علاقة لهم بالحديث الذي يرفعه البزي ومع ذلك نُقل عنهم التكبير، مما يؤكد على أن عمدتهم في ذلك هي أسانيد القراءات لا الحديث، والله تعالى أعلم.
الاعتراض الثاني:
ـ أن الآخذين به اختلفوا فيه من حيث صيغته ومكان ابتدائه وانتهائه، وهذا دليل على بطلانه.
الرد على هذا الاعتراض:
أن الخلاف في أي مسألة من المسائل بغض النظر عن اختصاصها ليس دليلاً على بطلانها، وما المانع من ثبوت الصيغ المختلفة في الأمر الواحد؟! وفي مكان بدايته وانتهائه؟
وقد ذكر الإمام الداني بأنه تلقاه عن بعض شيوخه بصيغة: (الله أكبر) فقط، وعن بعضهم بصيغة: (لا إله إلا الله والله أكبر) ثم قال: "والوجهان صحيحان جدًّا مشهوران مستعملان" (جامع البيان في القراءات السبع، ص 797ـ798).
وقال العلامة علي بن سليمان المقدسي في (تصحيح الفروع، 383) ـ بعد أن ذكر الخلاف في مكان ابتدائه ـ:
" قلت قد صح هذا وهذا عمن رأى التكبير فالكل حسن" اهـ.
الاعتراض الثالث:
أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى تكلم كلاماً شديداً في التكبير المذكور وأنه لم يرد إلا في رواية البزي عن ابن كثير.
الرد على هذا الاعتراض:
أن كلام ابن تيمية رحمه الله إنما كان جواباً على سؤال وُجِّه إليه "عن جماعة اجتمعوا في ختمة وهم يقرؤون لعاصم وأبى عمرو فإذا وصلوا إلى سورة الضحى لم يهللوا ولم يكبروا إلى آخر الختمة ، ففعلهم ذلك هو الأفضل أم لا ؟
فأجاب بكلام طويل ومفيد، ومن ضمنه:
" إذا قرؤوا بغير حرف ابن كثير كان تركهم لذلك هو الأفضل ، بل المشروع المسنون ؛ فإن هؤلاء الأئمة من القراء لم يكونوا يكبرون لا في أوائل السور ، ولا في أواخرها"
فمفهوم كلامه هنا:
أن الأفضل في قراءة ابن كثير هو الأخذ بالتكبير، والأفضل في قراءة غيره تركه.
وواصل كلامه إلى أن قال:
"ولم ينقل أحد من أئمة الدين أن التكبير واجب، وإنما غاية من يقرأ بحرف ابن كثير أن يقول : إنه مستحب".
ومنطوق كلامه هنا:
أنه مستحب في قراءة ابن كثير.
فشيخ الإسلام ابن تيمية لم يعترض على التكبير بتاتاً، وإنما بيَّن بأن الأخذ به ليس بواجب، وإنما غاية ما يصل إليه هو الاستحباب في قراءة ابن كثير.
أقول: وهذا الأمر ـ أي عدم الوجوب ـ قد نص عليه ـ قديماً ـ أبو الفتح فارس بن أحمد ـ شيخ الداني ـ بقوله: "لا نقول إنه لابد لمن ختم أن يفعله ـ أي التكبير ـ لكن من فعله فحسن، ومن لم يفعله فلا حرج عليه، وهو سنة مأثورة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين" اهـ.
وبهذا يتبين أن الاحتجاج بكلام ابن تيمية رحمه الله لمنع الأخذ بالتكبير فيه نظر، والله أعلم.
الاعتراض الرابع:
ـ أن التكبير إنما هو من رواية البزي، وهي رواية تسلسلت بالضعفاء والمجروحين ، ولم تعضدها رواية أخرى من غير طريق البزي ، إضافة إلى أن بعضاً من مشاهير القراء كابن مجاهد في كتابه " السبعة " لم يورد التكبير ، وكذلك أبو القاسم الهذلي في كتابه " الكامل " لم يورد التكبير أيضاً ، وهذا مما يدل على عدم ثبوت الرواية عندهما.
الرد على هذا الاعتراض:
بالنسبة لما يتعلق برواية البزي للحديث فقد تقدم الكلام عليها، ويبقى الكلام هنا عن ما ذُكر عن بعض مشاهير القراء كابن مجاهد والهذلي من أنهما لم يوردا التكبير في كتابيهما مستدلاً بذلك على عدم ثبوت الرواية عندهما، وهذا الكلام وإن كان صادراً من شيخ مقرئ عالم بالقراءات إلا أنه غير مسلَّم به لما يأتي:
أولاً:
الاستدلال بعدم إيراد مسألة معينة في كتاب معين بأن صاحب الكتاب لا يرى الأخذ بتلك المسألة، أو أنه غير ثابتة عنده استدلال غير مستقيم، ما لم يثبت عنه نص صريح في إنكارها.
ثانياً:
قد نص الإمام ابن الجزري على أن أهل الأداء مجمعون على الأخذ بالتكبير للبزي، حيث يقول (النشر، 2/417):
"وأما اختلاف أهل الأداء في ذلك فإنهم أجمعوا على الأخذ به للبزي، واختلفوا عن قنبل، فالجمهور من المغاربة على عدم التكبير له كسائر القراء ...، وروى التكبير عن قنبل الجمهور من العراقيين وبعض المغاربة وهو الذي في الجامع و المستنير والوجيز والإرشاد والكفاية لأبي العز والمبهج والكفاية في الست وتلخيص أبي معشر وفي الغاية لأبي العلاء من طريق ابن مجاهد". اهـ مختصراً.
فيلاحظ:
أنه لا يوجد خلاف بين أهل الأداء في الأخذ بالتكبير للبزي، فيدخل في أهل الأداء ابن مجاهد والهذلي وغيرهما.
وإن اختلفوا في الأخذ به لقنبل إلا أن ابن مجاهد ـ وإن لم يذكره في سبعته ـ قد روي التكبير عن قنبل من طريقه.
ثالثاً:
قد نص بعض العلماء بما يفيد أخذ ابن مجاهد بالتكبير، وهذه بعض نصوصهم:
قال أبو العلاء الهمذاني (غاية الاختصار، 2/719):
"كبر البزي وابن فليح، وابن مجاهد عن قنبل من فاتحة (والضحى) وفواتح ما بعدها من السور إلى سورة الناس".
"وأجمعوا على ترك التكبير بين الناس والفاتحة، إلا ما رواه بكار عن ابن مجاهد من إثباته بينهما"
"فروى الحمامي عن ابن مجاهد عن قنبل التهليل والتكبير موصولين بالتسمية".
وقال أبو جعفر ابن الباذش (الإقناع في القراءات السبع، 817):
"وعلى المذهب الأول تصل التكبير بآخرها ـ أي بآخر السورة ـ، نص عليه بكار عن ابن مجاهد".
رابعاً:
ما ذُكر عن الهذلي أنه لم يورد التكبير في كتابه "الكامل" فيه نظر، فقد قال ابن الجزري (النشر، 2/405):
"وكثير منهم ـ أي من المؤلفين ـ يذكره ـ أي التكبير ـ مع باب البسملة متقدماً كالهذلي وابن مؤمن" اهـ.
وفي كتاب (الكامل، ص 476) نجد أن الهذلي قد قدم باب التكبير وجعله متصلاً بباب البسملة ـ كما قال ابن الجزري ـ، وعنون له بـ(فصل في التهليل والتكبير).
وخلاصة القول:
أن التكبير ثابت عند جميع علماء القراءات، منهم من قصره على البزي، ومنهم من ذكره للبزي وقنبل، ومنهم من ذكره لهما ولغيرهما من القراء، والعلم عند الله.
الاعتراض الخامس:
أن مسألة التكبير لا علاقة لها بالقراءات، وإنما عمدتها على الحديث، وحديثها ضعيف.
الرد على هذا الاعتراض:
أن هذه المسألة لما كانت متعلقة بجانب القراءة والأداء كان علم القراءات أولى بها، ويلاحظ أن أغلب كتب القراءات لا تخلو من ذكرها، بل يجعلونها من ضمن مواضع الخلاف بين القراء، وعندما ذكر الإمام الجزري من تعرض للتكبير في الصلاة قال (النشر في القراءات العشر، 2/424): " لم نجد بدًّا من ذكره على عادتنا في ذكر ما يحتاج إليه المقرئ وغيره مما يتعلق بالقراءات" اهـ.
فيلاحظ أنه جعل مسألة التكبير من الأمور المتعلقة بالقراءات، لا بغيرها، والله أعلم.
الاعتراض السادس:
ـ أن التكبير مختلف فيه، فهل الأولى تركه لقوله صلى الله عليه وسلم: " فمن اتقى الشبهات...الحديث، أم أن الأمر فيه سعة ؟ فلا يأثم من تركه أو من فعله؟ وهذا عبارة عن سؤال كما قدمت، وإن أطلقنا عليه اعتراضاً تجوُّزاً.
والرد على هذا السؤال أقول:
أين الخلاف في جواز الأخذ بالتكبير؟
فأي شبهات ينبغي أن نتقيها وأئمة القراءات على الأخذ بالتكبير والعمل به على مرور الأعصار ولم ينكره أحدٌ منهم؟ بل لم ينكر الأخذ به حتى العلماء والفقهاء المتقدمون من غير علماء القراءات إلا ما ذكره عبد الله بن محمد المكي الفاكهي في كتابه (أخبار مكة) بإسناده عن عطاء بن أبي رباح المكي (ت115هـ) أنه سمع حميد بن قيس يختم في المسجد، فلما بلغ حميد "والضحى" كبر كلما ختم سورة، فقال عطاء: "إن هذا لبدعة"، كما ذهب إلى "التبديع" بعض الشيوخ المعاصرين، بناء على تضعيفهم للحديث الذي يرويه البزي، فهل غفل كل الأئمة المتقدمين عن ضعف الحديث المذكور حتى لم ينكروا على الأخذ بالتكبير؟ أو أن ضعف الحديث ـ على اعتبار ضعفه ـ لا تأثير له على التكبير لوروده وثبوته بأسانيد القراءات؟ فالحاصل أن الأخذ بالتكبير ثابت بأسانيد القراءات، ولا خلاف بين أئمة القراءات في ثبوته في بعض الروايات القرآنية.
وأما أن في الأمر سعة فلا يأثم من تركه أو من فعله:
فهذا الاستفسار يجيب عنه شيخ الإمام الداني، وهو الإمام أبو الفتح فارس بن أحمد كما نقل عنه ابن الجزري في النشر قوله: "لا نقول إنه لابد لمن ختم أن يفعله، لكن من فعله فحسن، ومن لم يفعله فلا حرج عليه، وهو سنة مأثورة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين" وقد سبق ذكر هذا الأثر.
الاعتراض السابع:
ـ وهو ما اعترض به البعض بقوله: "فنطبق عليه إذن قواعد وضوابط القراءات الصحيحة :
فكل ما وافق وجه نحو *** وكان للرسم احتمالا يحوي
وصح إسنادا هو القرآن *** فهـــــــذه الثلاثة الأركــان
وحيثما يختل ركن أثبت *** شذوذه لو أنه في السبعة
فالتكبير إن كان بحثاً حديثياً فهو بدعة لنكارة الحديث, وإن كان بحثاً قرائياً فهو شاذ لفقده لشروط القراءة الصحيحة .
الرد على هذا الاعتراض بالآتي:
أولاً:
أن صاحب الأبيات المستشهد بها هو نفسه القائل:
"وسنة التكبير عند الختم *** صحت عن المكين أهل العلم"
مما يدل على أن التكبير لا تمنعه الضوابط السابقة، ولله الحمد والمنة.
ثانياً:
أن ضابط الرسم إنما المقصود به الكلمات القرآنية لا غيرها مما يستفتح به أو يفصل به بين السور، ومما يؤكد ذلك شيئان: الاستعاذة والبسملة:
أما الاستعاذة:
فإنها ليست مرسومة في المصاحف، والإتيان بها عند الابتداء بأوائل السور مستحب أو واجب.
وأما البسملة:
فإنها مرسومة في المصاحف وقد اختلف القراء في إثباتها بين كل سورتين على التفصيل المشهور في كتب القراءات.
فكما أنه لا يقال بأن ما ذكر في الاستعاذة والبسملة مخالف لضابط من ضوابط القراءة وشرط من شروطها فكذلك الفصل بالتكبير بين سور الختم.
وبهذا يتبين فساد هذا الاعتراض، والله تعالى أعلم.
فهذا ما يسر الله لي تسطيره، أسأل الله أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، فإن أصبت فبتوفيق الله وفضله وجوده، وإن أخطأت فمن عجزي وتقصيري، والله المستعان.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه المفتقر إلى رحمة مولاه:
أبو تميم، محمد أحمد يحيى الأهدل
الأحد 30 شعبان 1432هـ
الموافق 31/ 7/ 2011م
 
كلام الإمام الألباني وتحقيقه في بيان نكارة حديث التكبير واضطرابه والرد على من زعم صحته ونفي الاضطراب عنه :6133 - (قرأتُ على رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فأمرني أن أُكَبِّر فيها إلى أن أَخْتِمَ ! يعني : {الضحى} ) .منكر .أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل " (2/76 - 77) ، والفاكهي في "أخبار مكة " (3/35/ 1744) ، والحاكم (3/ 304) ، والبيهقي في "شعب الإيمان " (2/ 370/2077 - 2081) ، والبغوي في "تفسيره" (4/501) ، والذهبي في " الميزان "عن أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بَزَّة قال : سمعت عكرمة بن سليمان يقول : قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قُسْطَنْطِيْن ، فلما بلغت : {والضحى} ، قال لي : كبِّر كبِّر عند خاتمة كل سورة حتى تختم ، وأخبره عبدالله بن كثير : أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك ، وأخبره مجاهد : أن ابن عباس أمره بذلك . وأخبره ابن عباس : أن أُبي بن كعب أمره بذلك ، وأخبره أبي بن كعب : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره بذلك . وقال ابن أبي حاتم عقبه : "قال أبي : هذا حديث منكر" .قلت : وعلته ابن أبي بزة ؛ فقد قال في "الجرح والتعديل " (1/1/71) : "قلت لأبي : ابن أبي بزة ضعيف الحديث ؟ قال : نعم ، ولست أحدث عنه ؛ فإنه روى عن عبيدالله بن موسى عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً منكراً" . وقال العقيلي في "الضعفاء" (1/127) : "منكر الحديث ، ويوصل الأحاديث " . وقال الذهبي : " ليّن الحديث " . وأقره الحافظ في "اللسان " .ولهذا لما قال الحاكم عقب الحديث : "صحيح الإسناد" ؛ تعقبه الذهبي في "التلخيص" بقوله : " البزي تُكلم فيه " . وقال في ترجمته من والعبر" (1/445 - الكويت) : "وكان ليِّن الحديث ، حجة في القرآن" .ولذلك أورده في "الضعفاء" (55/428) ، وقال في "سير الأعلام " (12/ 51) رداً على تصحيح الحاكم للحديث : "وهو منكر" . وقال في "الميزان" عقب الحديث : !حديث غريب ، وهو مما أنكر على البّزِّي ، قال أبو حاتم ؛ هذا حديث منكر" .وأقره الحافظ في "لسانه" . وقال ابن كثير في "التفسير" عقب الحديث : "فهذه سنة تفرد بها أبو الحسن أحمد بن محمد البزي من ولد القاسم بن أبي بزة ، وكان إماماً في القراءات ، فأما في الحديث ؛ فقد ضعفه أبو حاتم الرازي وأبو جعفر العقيلي ... " . ثم ذكر كلامهما المتقدم ، ثم قال : "لكن حكى الشيخ شهاب الدين أبو شامة في "شرح الشاطبية" عن الشافعي : أنه سمع رجلاً يكيبر هذا التكبير في الصلاة ؛ فقال : "أحسنت وأصبت السنة" ، وهذا يقتضي صحة الحديث " .فأقول : كلا ؛ وذلك لأمرين :أحدهما : أن هذا القول غير ثابت عن الإمام الشافعي ، ومجرد حكاية أبي شامة عنه لا يعني ثبوته ؛ لأن بينهما مفاوز . ثم رأيت ابن الجزري فد أفاد في"النشر في القراءات العشر" (2/397) أنه من رواية البزي عن الشافعي ؛ فصح أنه غير ثابت عنه . ويؤكد ذلك أن البزي اضطرب فيه ، فمرة قال : محمد بن إدريس الشافعي ، ومرة قال : الشافعي إبراهيم بن محمد ! فراجعه .والآخر : أنه لو فرض ثبوته عنه ؛ فليس هو بأقوى من قول التابعي : من السنة كذا ؛ فإن من المعلوم أنه لا تثبت بمثله السنة ، فبالأّوْلى أن لا تثبت بقول من بعده ؛ فإن الشافعي رحمه الله من أتباع التابعين أو تبع أتباعهم . فتأمل .وللحديث علة ثانية : وهي شيخ البزي : عكرمة بن سليمان ؛ فإنه لايعرف إلا بهذه الرواية ، فإن ابن أبي حاتم لما ذكره في "الجرح والتعديل " (3/2/ 11) ؛ لم يزد على قوله : "روى عن إسماعيل بن عبدالله بن قسطنطين ، روى عنه أحمد بن محمد أبن أبي بزة المكي " .فهو مجهول العين - كما تقتضيه القواعد العلمية الحديثية - ؛ لكنه قد توبع في بعضه - كمايأتي - .وله علة ثالثة : وهي جهالة حال إسماعيل بن عبدالله بن قسطنطين ؛ فقد أورده ابن أبي حاتم (1/ 1/ 180) وقال : "روى عنه محمد بن إدريس الشافعي ، ويعقوب بن أبي عباد المكي" .ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، ولا رأيت له ذكراً في شيء من كتب الجرح والتعديل الأخرى ، ولا ذكره ابن حبان في "ثقاته" على تساهله في توثيق المجهولين!وأما المتابعة التي سبقت الإشارة إليها : فهي من الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى ؛ فقال ابن أبي حاتم في "آداب الشافعي ومناقبه " (ص 142) : أخبرني محمد بن عبدالله بن عبدالحكم - قراءة عليه - : أنا الشافعي : ثنا إسماعيل بن عبدالله بن قسطنطين (يعني : قارئ مكة) قال : قرأت على شبل (يعني : ابن عباد) ، وأخبر شبل أنه قرأ على عبدالله بن كثير ، وأخبر عبدالله ابن كثير أنه قرأ على مجاهد ، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس ، وأخبر ابن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب ، وقرأ أبي بن كعب على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .قلت : هكذا الرواية فيه ؛ لم يذكر : {الضحى} والتكبير ، وكذلك هو في "تاريخ بغداد" (2/62) من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم قال : نا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ... به .وخالف جد أبي يعلى الخليلي ؛ !فقال أبو يعلى في "الإرشاد" (1/427) :حدثنا جدي : حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ... بإسناده المذكور في "الآداب " نحوه ؛ إلا أنه زاد في آخره فقال : ! ... فلما بلغت : {والضحى} ؛ قال لي : يا ابن عباس! كبر فيها ؛ فإني قرأت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... " إلخ - كما فِي حَدِيثِ الترجمة - .قلت : وجدُّ أبي يعلى ؛ لم أجد له ترجمة إلا في "الإرشاد" لحفيده الحافظ أبي يعلى الخليلي (2/765 - 766) ، وسمى جماعة روى عنهم ، ولم يذكر أحداً روى عنه ؛ فكأنه من المستورين الذين لم يشتهروا بالرواية عنه ، ولعله يؤيد ذلك قول الحافظ الخليلي : "ولم يرو إلا القليل " . مات سنة (327) .وكذا في "تاريخ قزوين" للرافعي (2/134) - نقلاً عن الخليلي - .قلت : فمثله لا تقبل زيادته على الحافظين الجليلين : ابن أبي حاتم وأبي العباس الأصم ؛ فهي زيادة منكرة . ويؤيد ذلك ما تقدم عن الحافظ ابن كثير : أنها سنة تفرد بها أبو الحسن البزي . مع شهادة الحفاظ المتقدمين بأن الحديث منكر . والله أعلم .وقد رواه البزي مرة بزيادة أخرى معضلاً ؛ فقال ابن الجزري رحمه الله في "النشر في القراءات العشر" (2/388) : "روى الحافظ أبو العلاء بإسناده عن أحمد بن فرج عن البزي أن الأصل في ذلك (يعني : التكبير المذكور) : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انقطع عنه الوحي ؛ فقال المشركون : قلا محمداً ربه ؛ فنزلت : سورة : {والضحى} ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "الله أكبر" .وأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكبر إذا بلغ : {والضحى} مع خاتمة كل سورة حتى يختم .وذكره ابن كثير في "تفسيره ، معلقاً دون أن يعزوه للبزي عقب روايته المتقدمة المسندة ؛ فقال : "وذكر القراء في مناسبة التكبير من أول سورة {الضحى} أنه لما تأخر الوحي ... " إلخ نحوه ، وعقب عليه بقوله : "ولم يرو ذلك بإسناد يحكم عليه بصحة أو ضعف " .وأقره ابن الجزري على ذلك (ص 388) ، وعقب عليه بقوله ؛"يعني كون هذا سبب التكبير ، وإلا ؛ فانقطاع الوحي مدة أو إبطاؤه مشهور ، رواه سفيان عن الأسود بن قيس عن جندب البجلي - كما سيأتي - ، وهذا إسناد لا مرية فيه ولا شك .وقد اختلف أيضاً في سبب انقطاع الوحي أو إبطائه ، وفي القائل : (قلاه ربه) ، وفي مدة انقطاعه ... " .ثم ساق في ذلك عدة روايات كلها معلولة ؛ إلا رواية سفيان التي أشار إليها ، وقد عزاه بعد للشيخين ، وقد أخرجها البخاري (1124 و1125 و4983) ، ومسلم (5/182) ، والترمذي (3342) وصححه ، وأحمد (4/313) ، وا لطبراني (2/ 186و187) من طرق عن سفيان ، ولفظه :احتبس جبريل اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ فقالت امرأة من قريش : أبطأ عليه شيطانه ، فنزلت : {والضحى . والليل إذا سجى . ما ودعك ربك وما قلى} .ولسفيان متابعات كثيرة في "الصحيحين " وغيرهما بألفاظ متقاربة ، فمن شاء الوقوف عليها ؛ فليتتبعها فيهما ، وقد يسر السبيل إليها الحافظ ابن حجر – كعادته في "الفتح " - ؛ فليرجع إليه من أرادها .فأقول : وبناء على هذا الحديث الصحيح يمكننا أن نأخذ منه ما نؤكد به نكارة الزيادة المتقدمة من رواية أحمد بن الفرج عن البزي ؛ لعدم ورودها في "الصحيح " ،وأن ما يحكى عن القراء ليس من الضروري أن يكون ثابتاً عندهم ، فضلاً عن غيرهم - كما سيأتي بيانه في اختلاف القراء في هذا التكبير الذي تفرد به البزي - ومن المعلوم في علم المصطلح أن الحديث المنكر هو ما رواه الضعيف مخالفاً للثقة . وهذه الزيادة من هذا القبيل ، وبهذا الطريق رد الحافظ حديثاً آخر من رواية الطبراني فيه سبب آخر لنزول {والضحى} ، لعله ييسر لي تخريجه فيما بعد ؛ فقال الحافظ (8/ 710) :غريب ، بل شاذ (!) مردود بما في (الصحيح) " .ثم ذكر روايات أخرى في سبب نزولها مخالفة أيضاً ، ثم ردها بقوله : "وكل هذه الروايات لا تثبت " .قلت : ونحوها ما روى ابن الفرج أيضاً قال : حدثني ابن أبي بزة بإسناده : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهدي إليه قطف عنب جاء قبل أوانه ؛ فهمَّ أن يأكل منه ، فجاءه سائل فقال : أطعموني مما رزقكم الله ؟ قال : فسلَّم إليه العنقود . فلقيه بعض أصحابه فاشتراه منه ، وأهداه للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وعاد السائل فسأله ، فأعطاه إياه ، فلقيه رجل آخر من الصحابة ، فاشتراه منه ، وأهداه للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فعاد السائل فسأله فانتهره وقال : "إنك مُلحٌّ " . فانقطع الوحي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعين صباحاً ؛ فقال المنافقون :قلا محمداً ربُّه ، فجاء جبريل عليه السلام فقال : اقرأ يا محمد! قال : وما أقرأ ؟ فقال : اقرأ : {والضحى} ... ! ، ولقنه السورة ، فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبياً لما بلغ : {والضحى} ؛ أن يكبر مع خاتمة كل سورة حتى يختم . ذكره ابن الجزري وقال عقبه : "وهذا سياق غريب جداً ، وهو مما انفرد به ابن أبي بزة أيضاً ، وهو معضل " .قلت : وفي هذا دليل على ضعف البزي هذا ، لتلونه في رواية الحديث ، فإن ذلك مما يشعر بأنه غير حافظ للحديث ولا ضابط - كما هو معروف عند أهل المعرفة بهذا الفن الشريف - ؛ فلا جرم أنه ضعفه أبو حاتم والعقيلي والذهبي والعسقلاني - كما تقدم - ، وقال الحافظ أبو العلاء الهمداني : " لم يرفع أحد التكبير إلا البزي ، ورواه الناس فوقفوه على ابن عباس ومجاهد" .ذكره ابن الجزري (ص395) ، ثم قال : "وقد تكلم بعض أهل الحديث في البزي ، وأظن ذلك من قبل رفعه له ؛ فضعفه أبو حاتم والعقيلي" .أقول : ما أصاب العلائي في ظنه ؛ فإن من ضعفه - كالمذكوريْن - ؛ ما تعرضوا لحديثه هذا بذكر ، وإنما لأنه منكر الحديث - كما تقدم عن العقيلي - ، ومعنى ذلك : أنه يروى المناكير ، وأشار أبو حاتم إلى أن منها ما رواه عن ابن مسعود ، وإن كان لم يسق متنه .ثم إن الموقوف الذي أشار إليه العلائي فما ذكر له إسناداً يمكن الاعتماد عليه ؛ لأنه لم يسقه (ص 397) إلا من طريق إبراهيم بن أبي حية قال : حدثني حميد الأعرج عن مجاهد قال : ختمت على عبدالله بن عباس تسع عشرة ختمة كلها يأمرني أن أكبر فيها من . : {ألم نشرح} " .وإبراهيم هذا : قال البخاري في "التاريخ الكبير" (1/1/ 283) : "منكر الحديث ، واسم أبي حية : اليسع بن أسعد" . وقال الدارقطني : "متروك " .فهو ضعيف جداً ؛ فلا يصح شاهداً لحديث البزي ، مع أنه موقوف .إذا عرفت أيها القارئ الكريم ضعف هذا الحديث ونكارته ؛ فإن من المصائب في هذا الزمان والفتنة فيه أن يتطاول الجهال على الكتابة فيما لا علم لهم به .أقول هذا لأنه وقع تحت يدي وأنا أحرر الكلام على هذا الحديث رسالة للمدعو أحمد الزعبي الحسيني بعنوان : "إرشاد البصير إلى سُنِّيَّةِ التكبير عن البشير النذير" ، رد فيها - كما يقول - على الأستاذ إبراهيم الأخضر ، الذي ذهب في كتابه "تكبير الختم بين القراء والمحدثين " إلى أن التكبير المشار إليه ليس بسنة . فرأيت الزعبي المذكور قد سلك سبيلاً عجيباً في الرد عليه أولاً ، وفي تأييد سنّية التكبير .ثانياً ؛ تعصباً منه لما تلقاه من بعض مشايخه القراء الذين بادروا إلى تقريظ رسالته دون أن يعرفوا ما فيها من الجهل بعلم الحديث ، والتدليس ؛ بل والكذب على العلماء ، وتأويل كلامهم بما يوافق هواه ، وغير ذلك مما يطول الكلام بسرده ، ولا مجال لبيان ذلك مفصلاً ؛ لأنه يحتاج إلى وقت وفراغ ، وكل ذلك غير متوفر لدي الآن ؛ ولا سيما والأمر كما يقال في بعض البلاد : "هذا الميت لا يستحق هذا العزاء" ؛ لأن مؤلفها ليس مذكوراً بين العلماء ، بل إنها لتدل على أنه مذهبي مقلد ، لا يَعْرِفُ الحق إلا بالرجال، ولكن لا بدّ لي من الإشارة بأخصر ما يمكن من العبارة إلى بعض جهالاته المتعلقة بهذا الحديث الذي صرح بصحته ، بل وزعم أنه متواتر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ !1 - ذكر (ص 12) تصحيح الحاكم إياه ، ولم يعقب عليه برد الذهبي له أو غيره ممن تقدم ذكره من العلماء!2 - بل زاد على ذلك (ص 14) فقال : "يكفي في حجية سنة التكبير حديث الحاكم " ، الأمر الذي يدل على جهله بموقف العلماء من تصحيحات الحاكم ، أو أنه تجاهل ذلك إ!3 - نقل (ص 15 - 16) عن كتاب "غاية النهاية" لابن الجزري (رحمه الله)ترجمة مختصرة لعكرمة بن سليمان - الذي بينت آنفاً أنه من علل هذا الحديث لجهالته - جاء فيها قول ابن الجزري : "تفرد عنه البزي بحديث التكبير" .وهذا نص بأن عكرمة هذا مجهول العين عند من يعرف، فجهل الزعبي ذلك أو تجاهله ؛ فزعم أنه ثقة فقال (ص 17) : "رجال السند كلهم ثقات (!) ، جهابذة ، أذعنت الأمة لهم بالقبول والحفظ "!!!4 - قال (ص 17 و 31) : " فالحديث قوي ليس له معارض في صحته "!مع أنه نقل في غير ما موضع ما عزوته إلى أبي حاتم أنه حديث منكر . وإلى الذهبي أنه مما أنكر على البزي ، وقول العقيلي في البزي : "منكر الحديث " .ولكنه تلاعب بأقوالهم وتأولها تأويلاً شنيعاً ؛ فأبطل دلالتها على ضعف الحديث وراويه! وتجاهل قول أبي حاتم فيه : "ضعيف الحديث " .فلم يتعرض له بذكر ؛ لأنه يبطل تأويله ، وذلك هو شأن المقلدة وأهل الأهواء قديماً وحديثاً . انظر (ص 22 و 25) . 5 - قال (ص 21) وهو ينتقد غيره ، وهو به أولى : "فترى الواحد من إلناس يصحح حديثاً ويضعفه بمجرد أن يجد في كتاب من كتب الرجال عن رجل بأنه غير ثقة ... " .كذا قال! وهو يريد أن يقول بأنه ثقة أو غير ثقة ؛ لينسجم مع التصحيح والتضعيف المذكورين في كلامه ، ولكن العجمة لم تساعده! وأول كلامه ينصب عليه تماماً ؛ لأنه يصحح هذا الحديث دون أن يجد موثقاً لعكرمة بن سليمان ،والبزي هذا ، بل إنه ممن اتفق أهل العلم بالجرح والتعديل على تضعيفه وتضعيف حديثه - كما تقدم - ؛ ولذلك طعن فيهم في التالي :6 - قال بعد أن نصب نفسه (ص 19) لمناقشة آراء العلماء - يعني - المضعفين للحديث - ورواية الذين أشرت إليهم آنفاً! قال (ص 22) ؛ "فكون البزي قد جُرِحَ في الحديث ؛ فإن ذلك قد يكون لنسيان في الحديث أو لخفة ضبطه فيه أو غير ذلك ... قال (ص 23) : فكون البزي لين الحديث لا يؤثر في عدم (!) صحة حديث التكبير ، على زعم من قال : إنه لين" .كذا قال فُضَّ فوه : "زعم ... "! وهو يعني : الذهبي ومن تقدمه من الأئمة المشار إليهم آنفاً ؛ فهو يستعلي عليهم ، ويرد تضعيفهم بمجرد الدعوى أن ذلك لا يؤلر في صحة الحديث! فإذا كان كلام هؤلاء لا يؤثر عنده ؛ فكلام من هو المؤثر ؟!وإن من عجائب هذا الرجل وغرائبه أنه عقد بحثاً جديداً (ص 19 - 21) ،ونقل فيه كلاماً للذهبي قيماً ، خلاصته : أن للحديث رجالاً ، وأن هناك علماءمعروفين لا يدرون ما الحديث ؟ ثم أشار هذا الرجل بكلام الذهبي ، ورفع من شأنه وقال : "وكلامه يدل أن لكل فن رجالاً " . وهذا حق ؛ فهل يعني أن الرجل من هؤلاء الرجال حتى استجاز لنفسه أن يرد تضعيف أهل الاختصاص بهذا العلم وتجريحهم ، وهو ليس في العير ولا في النفير ؟! نعوذ بالله من العجب والغرور واتباع الأهواء والتقليد الأعمى ، والانتصار له بالسَّفْسَطَةِ والكلام العاطل! والجهل العميق! وتأمل في قوله المتقدم : " ... لا يؤثر في عدم صحة حديث التكبير" !فإنه يعني : " ... في صحة ... " إلخ ؛ كما يدل عليه سياق كلامه ؛ فهذا من عيِّه وجهله . ولا أدل على ذلك مما يأتي ، وإن كان فيما سبق ما يكفي .7 - قال (ص 24) : "وكذلك التكبير نقل إلينا مسلسلاً بأسانيد متواترة إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "!وهذا كذب وزور بيِّن ، ولو كان صادقاً ؛ لم يسوِّد صفحات في الرد بجهل بالغ على علماء الحديث الذين ضعفوا البزي وحديثه ، ولاكتفى بإثبات تواتره المزعوم .ولكن في هذا حكمة بالغة ليتبين المبطل من المحق ، والجاهل من العالم ، والمغرض من المخلص!8 - ثم كذب كذبة أخرى فقال (ص 27) : "فتجد أن الذهبي يقوي هذا الحديث" .وسبب هذه أنه ساق ترجمة البزي عند الذهبي ، وفيها أنه روى الحديث عنه جماعة ؛ فاعتبر ذلك تقوية للحديث ، وذكر فيها أثراً عن حميد الأعرج - وهو من أتباع التابعين - ، فجعله شاهداً للحديث المرفوع ، وهذا من بالغ جهله بهذا العلم أو تجاهله ، وأحلاهما مر!9 - ومما يدل على ذلك قوله (ص 30) : "فإذا روى الشافعي عن رجل وسكت عنه ؛ فهو ثقة"!وهذا منتهى الجهل بهذا العلم الشريف ، والجرأة على التكلم بغير علم ؛ فإن هذا خلاف المقرر في علم المصطلح : أن رواية الثقة عن الرجل ليس توثيقاً له ، وهذا ولو لم يكن مجروحاً ، فكيف إذا كان مطعوناً فيه ؟! فالله المستعان .10 - ونحو ذلك قوله (ص 35) : "والبزي . قد وثقه الحافظ ابن الجزري بقوله : أستاذ محقق ضابط متقن "!وفي هذا تدليس خبيث وتلبيس على القراء ؛ لأنه - أعني : الجزري - إنما قال هذا فيما هو مختص به - أعني : البزي - من العلم بالقراءة ، وليس في روايته للحديث - كما يدل على ذلك السياق والسياق ، وهما من المقيدات ؛ كما هو معروف عند العلماء - ، بل إنه قد صرح بذلك في "النشر" (1/120) ؛ فقال ما نصه : "وكان إماماً في القراءة محققاً ضابطاً متقناً لها ثقة فيها" .ومن العجيب حقاً أن هذا المدلس على علم بهذا النص ؛ لأنه قد ذكره في الصفحة (36) فيما نقله عن المحدث السندي ؟ فتجاهله ليسلك على القراء تدليسه!وأعجب من ذلك أنه تجاهل تعقيب السندي رحمه الله على ذلك بقوله : "فلا يقدح في ذلك كونه ضعيف الحديث في غير ما يتعلق بالقراءة" .قلت : فهذه شهادة جديدة من المحدث السندي تضم إلى شهادات الأئمة المتقدمين تدمغ هذا الجاهل دمغاً ، وتمحو دعواه الباطلة محواً ، وتجعل رسالته هباءً منثوراً .11 - ومن أكاذيبه الخطيرة التي لا بد من ذكرها وبيانها وختم هذا البحث بها قوله (ص 34) - بعد أن ذكر تصحيح الحاكم للحديث - : "وجاء تواتر الأمة على فعله "!فهذا كذب محض لم يقله أحد قبله ! فإن المسألة الخلاف فيها قديم بين القراء ،فضلاً عن غيرهم ؛ فإنه لم يقل بالتكبير المذكور في الحديث من القراء المشهورين غير عبد الله بن كثير المذكور في إسناده المتقدم ، وهو مكي توفي سنة (120) . ثم تلقاه المكيون عنه ؛ كما حقق ذلك ابن الجزري (2/392) ، وقال قبل ذلك (2/ 390) بعد أن ذكر الحديث وغيره مما تقدم : "قال الداني : فهذا سبب التخصيص بالتكبير من أخر : {والضحى} ،واستعمال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياه ، وذلك كان قبل الهجرة بزمان ؛ فاستعمل ذلك المكيون ، ونقل خَلَفهم عن سلفهم ، ولم يستعمله غيرهم ؛ لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك ذلك بعد ، فأخذوا بالآخر من فعله " .فأين التواتر الذي زعمه هذا الجاهل - أو : المتجاهل - ونسبه إلى الأمة ، مع تصريح هذا الإمام الداني بأنه لم يستعمله غير المكين ؟! أم أن هؤلاء ليسوا عنده من الأمة ؟! وماذا يقول في تعليل الإمام الداني تركهم له ؟!ثم إن المكيين أنفسهم لم يستمروا على استعماله ؛ فقد ذكر الفاكهي في "أخبار مكة" (3/36/1745) أن ابن أبي عمر قال : "أدركت الناس في مكة على هذا : كلما بلغوا : {والضحى} ؛ كبروا حتى يختموا ، ثم تركوا ذلك زماناً ، ثم عاودوه منذ قريب ، ثم تركوه إلى اليوم " .وابن أبي عمر هذا من شيوخ الفاكهي ومسلم ، واسمه : محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني أبو عبدالله الحافظ ، وقد أكثر الفاكهي عنه بحيث أنه روى عنه أكثر من خمسمائة رواية - كما ذكر ذلك المعلق على كتابه جزاه الله خيراً - ، مات سنة (243) .قلت : فهذه الرواية مما يُبطل التواتر الذي زعمه ؛ لأنها تنفي صراحة انقطاع استمرار العمل ، بل قد جاء عن بعض السلف إنكار هذا التكبير واعتبره بدعة ، وهو عطاء بن أبي رباح المكي ؛ فقال الفاكهي : حدثني أبو يحيى بن أبي مرة عن ابن خنيس قال : سمعت وهيب بن الورد يقول : (قلت : فذكر قصته ، وفيها) ولما بلغ حميد (وهو : ابن قيس المكي) : {والضحى} ؛ كبر ، فقال لي عطاء : إن هذا لبدعة .وهذا إسناد جيد ، وفيه إثبات سماع وهيب من عطاء ، فما في "التهذيب " - وتبعه في "جامع التحصيل" - أن روايته عن عطاء مرسلة ؛ لعله وهم ، أو سبق قلم! فإن الذي في "الجرح" مكان : (عطاء) (طاوس) وهو أقدم وفاة من عطاء .والله أعلم .وفتوى ابن تيمية الواردة في المجلد (13) من "مجموع الفتاوى" (ص 417 - 419) تميل إلى عدم مشروعية هذا التكبير ؛ فإنه سئل عنه فقال : " إذَا قَرَأوا بِغَيْرِ حَرْفِ ابْنِ كَثِيرٍ ؛ كَانَ تَرْكُهُمْ لِذَلِكَ هُوَ الْأَفْضَلَ ، بَلْ الْمَشْرُوعَ الْمَسْنُونَ ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةَ مِنْ الْقُرَّاءِ لَمْيَكُونُوا يُكَبِّرُونَ ، لَا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ وَلَا فِي أَوَاخِرِهَا . فَإِنْ جَازَ لِقَائِلِ أَنْ يَقُولَ : إنَّ ابْنَ كَثِيرٍنَقَلَ التَّكْبِيرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ جَازَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقُولَ : إنَّ هَؤُلَاءِ نَقَلُوا تَرْكَهُ عَنْرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ مِنْالْمُمْتَنِعِ أَنْ تَكُونَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ الَّتِي نَقَلَتُهَا أَكْثَرُ مِنْ [ نَقَلَةِ ] قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ ، قَدْ أَضَاعُوا فِيهَا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛فَإِنَّ أَهْلَ التَّوَاتُرِ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ كِتْمَانُ مَاتَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي إلَى نَقْلِهِ ، فَمَنْ جَوَّزَ عَلَى جَمَاهِيرِالْقُرَّاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَأَقْرَأَهُمْ بِتَكْبِيرِ زَائِدٍ ، فَعَصَوْا أَمْرَهُ ، وَتَرَكُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ ؛اسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ الْبَلِيغَةَ الَّتِي تَرْدَعُهُ وَأَمْثَالَهُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ" . ثم قال : "وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالتَّكْبِيرِ لِبَعْضِ مَنْ أَقْرَأَهُ ؛ كَانَ غَايَةُ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ أَوْ اسْتِحْبَابِهِ ... " .ومن غرائب ذاك الزعبي أنه نقل (ص 49 - 51) فتوى ابن تيمية هذه ، ثم استخلص منها أن ابن تيمية يقول بسنية التكبير! فذكرني المسكين بالمثل المعروف : "عنزة ولو طارت" ؛ فإنه تجاهل عمداً قول ابن تيمية الصريح في الترك ، بل المشروع المسنون . كما تجاهل إيماءه القوي بعدم ثبوت الحديث بقوله : "ولو قُدِّر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أمر بالتكبير ... " ؛ فإنه كالصريح أنه لم يثبت ذلك عنده ، وأنا على مثل اليقين أن القائل بسنية التكبير ، المستدل عليه بحديث الترجمة ؛ والمدعي صحته – كهذا الدعي الزعبي - لو سئل : هل تقول أنت بما قال ابن تيمية : "ولو قدر ... " إلخ ؟ فإن أجاب بـ "لا" ، ظهر كذبه على ابن تيمية وما نسب إليه من السنية ، وإن قال : "نعم " ؛ ظهر جهله باللغة العربية ومعاني الكلام ، أو تجاهله ومكابرته . والله المستعان .والخلاصة : أن الحديث ضعيف لا يصح - كما قال علماء الحديث دون خلاف بينهم - ، وأن قول بعض القراء لا يقويه ، ولا يجعله سنة ، مع إعراض عامة القراءعنه ، وتصريح بعض السلف ببدعيته . والله ولي التوفيق .وإن مما يؤكد ذلك اختلاف القاثلين في تحديد ابتدائه وانتهائه على أقوال كثيرة تراها مفصلة في "النشر" ، كما اختلفوا هل ينتهي بآخر سورة الناس ، أو بأولها!وصدق الله العظيم القائل : {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً} (انتهى نقلا عن العلامة الألباني ـ رحمه الله -).
 
وقال الإمام ابن تيمية - رحمه الله - في الفتاوى : والتكبير المأثور عن ابن كثير ليس هو مسندا عن النبي صلى الله عليه و سلم ، ولم يسنده أحد إلى ا لنبي صلى الله عليه و سلم إلا البزي ، و خالف بذلك سائر من نقله فإنهم إنما نقلوه اختيارا ممن هو دون ا لنبي صلى الله عليه و سلم ، وانفرد هو برفعه ، وضعفه نقلة أهل العلم بالحديث و الرجال من علماء القراءة ، و علماء الحديث كما ذكر ذلك غير واحد من العلماء .ا.هـ. (17/130) .
 
الحمد لله أن التكبير ثابت بأسانيد القراءة، وهذا وحده كافٍ للقراء ولا حاجة لهم بأسانيده الحديثية سواء صحت أو ضعفت.
 
لي بعض الملاحظات:

أولاً: هل عدم صحة التكبير عند المحدّثين يقتضي بالضرورة عدم صحّته عند أئمّة الأداء؟ وهل كلّ ما ثبت في السنة يجب أن يكون ثابتاً عن القراء بالضرورة ؟
ثانياً: هل هناك إمام من أئمّة أهل الأداء المتقدّمين المعتبرين أنكر التكبير؟ فإن لم يوجد فإنّه من المشهور المتلقّى بالقبول عندهم، بل قد يكون إجماعاً سكوتياً، والقطع بصحّته عنهم حاصل بذلك.
ثالثاً: إن لم نأخذ بعين الاعتبار ما اشتهر عند أئمّة الأداء في مسألة التكبير، فما الذي يمنع من تجاهل ما ثبت عنهم في باقي المسائل. قد يجرّ هذا الصنيع إلى التشكيك في مصداقيّة ما ثبت في هذه المصادر التي نُقل القرءان من طرقها.
رابعا: لو أثبت العلماء ضعف التكبير من طرق أهل القراءات، لكنّا أوّل القائلين بذلك، لكنّهم بنوا نقدهم على أساس ما ثبت عند المحدّثين، وليس ما ثبت عند القراء. والغريب أنّ بعض كبار القراء انحاز إلى هذا القول مع أنّه لم يقدّم أيّ دليل على ضعف التكبير عند علماء القراءات.

والعلم عند الله تعالى.
 
يوجد توهّم شائع بين أتباع الحديث وهو الظنّ أنّ الحديث الصحيح مطابق للواقع في حين أنه بحسب التعريف خبر رواته ثقات ولا يوجد في تعريفه مطابقة الواقع بنصّه. هذا الوهم انبنت عليه أوهام فقهية كثيرة. ومن حُسن حظنا أن فقهاء المئة الثانية وعلماء عصر التأسيس لم يكونوا بعقلية أتقياء أهل الاتباع فعلماء النحو مثلا تجنبوا الاحتجاج بالحديث الصحيح على سلامة قواعدهم إدراكا منهم واقتناعا أنّ الحديث الصحيح غير مطابق للواقع. وهذا ما يفسّر لنا تأخّر الاحتجاج بالحديث إلى عصور متأخرة بعد أن شاع وهم أن الحديث الصحيح مطابق للواقع. إن توهّم أن الحديث الصحيح مطابق للواقع قد تولّد عنه وهم آخر وهو الظنّ أن السنّة هي الحديث الصحيح في حين أنها لغة ومفهوما هي ما تتكرر فعله وثبت عليه العمل عند الرسول عليه الصلاة والسلام وفقهاء الصحابة والقرن الذين جاءوا بعدهم رضي الله عنهم. وكان على من ظنّ أن الحديث الصحيح هو السنّة أن يقدّم دليلا أو بحثاّ مستفيضاً على أنّ ما ظنّه السنّة قد كان يوما ما هو السنّة المعمول بها بين ذلك القرن ثم انحرف عنها الناس! لا أن يأتي بمجرّد خبر رواته ثقات فيقوم بمطابقة بينه وبين مفهوم السنّة. هنا تنخرط أقوال كثيرة معزوّة إلى العلماء في عصر التأسيس يتخذها أهل الحديث شعاراً لدعوة الناس إلى طريقتهم في الفهم. إنّ القول بحصول تلك الأوهام عند الناس هو ما يفسّر لنا محافظة الفقهاء على الصلاة مُرسِلي أيديهم ولو في النفل كما هو في فقه الإمام أحمد في حين لا يصلي أحدٌ من أتباع الحديث مُرسِلا يديه ألبتة. والسبب توهّمهم المشار إليه في المطابقة بين الحديث الصحيح وبين الواقع من جهة والظن أن صحة الخبر تقتضي أنه السنّة دون شرط تكرر حصول الفعل. وفي هذه المسألة ما زال القرّاء يقاومون هجوم المتبنين لطريقة المحدثين المتأخرين ولسوف يضعفون ذات يوم ولا ريب لقوّة الطريقة التي يطرح بها أولئك شعاراتهم كما فعلوا في أمور أخرى.
 
د. عبدالرحمن الصالح، كتبت :
(( يوجد توهّم شائع بين أتباع الحديث وهو الظنّ أنّ الحديث الصحيح مطابق للواقع في حين أنه بحسب التعريف خبر رواته ثقات ولا يوجد في تعريفه مطابقة الواقع بنصّه.))
كرما لا امر ، ارجو منك ان تدلني على مرجع (بحث، كتاب. ...الخ)، يوضح لي اكثر المعلومة التي طرحتها في النص اعلاه.
على فكرة، رغم ان مجالي ليس القراءات، لكن كثير من المواضيع التي تطرح في هذا المجال أسمعها في المحيط الذي أعيش فيه.
 
الأخت زمزم أشكر لك حرصك على العلم بخلق رفيع. الخبر المقتبس أعلاه ليس "معلومة" ولو كانت معلومة لما خفيت على أهل العلم ولكنه استقرائي أنا العبد الضعيف من تتبعي لمسيرة تطور العلوم الشرعية في عصر التأسيس أي القرون الثاني والثالث والرابع للهجرة. والأوهام الكبرى تحصل في نقص في الاستقراء وهو من العلوم العقلية. لذلك فلسنا واجدين كتابا معينا يُحال إليه في مثل هذه الأمور وأحسن الكتب التي تنتقد العقلية التي سادت العلوم الشرعية وتشكل معينا للباحث يبني عليها هي كتب (د. محمد عابد الجابري) في نقد العقل العربي ولكننا لم نكن محظوظين حين تقحم الرجل مجال علوم القرآن ولم يكن مؤهلا لذلك فحجب عن الأمة خيره في الدراسة الفلسفية وفي نقد العقل الذي أتى فيه بكثيرٍ مما لا يُستغنى عنه.
 
[FONT=&quot]د. عبدالرحمن الصالح،[/FONT]​
[FONT=&quot]جزاك الله خيرا.[/FONT]​
[FONT=&quot]((الخبر المقتبس أعلاه ليس "معلومة" ولو كانت معلومة لما خفيت على أهل العلم ولكنه استقرائي أنا العبد الضعيف من تتبعي لمسيرة تطور العلوم الشرعية في عصر التأسيس أي القرون الثاني والثالث والرابع للهجرة[/FONT].[FONT=&quot]))[/FONT]​
[h=2][FONT=&quot]ان شاء الله سأتابع القراءة عن هذا الموضوع، حتى افهمه، و استوعبه، فالأمر مهم جدا، و يترتب عليه اعادة التفكير في قضايا مهمة.[/FONT][/h]
[FONT=&quot] [/FONT]​
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يوجد توهّم شائع بين أتباع الحديث وهو الظنّ أنّ الحديث الصحيح مطابق للواقع في حين أنه بحسب التعريف خبر رواته ثقات ولا يوجد في تعريفه مطابقة الواقع بنصّه....
تحياتي للشيخ الدكتور عبد الرحمن الصالح.
الذي لفت انتباهي بداية أنّكم لم تأتوا لنا بدليل واحد يثبت ما ذكرتموه. فمن هم أتباع الحديث الذين تقصدهم، آلإمام مالك، وأحمد، وإسحاق، وابن المديني، وابن معين، والبخاري، وأصحاب السنن وغيرهم ؟ أهؤلاء جانبوا الصواب حين اعتقدوا أنّ الحديث الصحيح مطابق للواقع، خلافاً للمتقدّمين الذي اعتقدوا –على حد قولكم- أنّ ما صحّ عن النبيّ عليه الصلاة والسلام هو خلاف الواقع، ومن هم هؤلاء المتقدّمين على أتباع الحديث المذكورين آنفاً ممن قالوا بأنّ السنة غير مطابقة للواقع.
إن لم تكن السنة محصورة فيما صحّ عن النبيّ عليه الصلاة والسلام فلا أدري أين يمكن حصرها. نعم يحتمل أن تكون السنة أعمّ مما صحّ عن النبيّ عليه الصلاة والسلام من الأحاديث، فقد يكون الخبر قد قاله النبيّ عليه الصلاة والسلام أو فعله أو أقرّه لكن الحديث فيه علّة توجب القدح في صحّتّه، فأسقطوه من باب الحيطة حفاظاً على الشريعة من أن يتطرّق إليها حكم أو خبر ما أراده الله عزّ وجلّ لعباده، فعبادة الله بالعلم الذي منشأه الحديث الصحيح المفيد للقطع واليقين في الأفعال والأخبار أولى من عبادة الله على أساس أقوال لم يُتثبّت من صحّتها، إذ ترك سنة أولى من عبادة لا تصحّ شرعاً، والاقتصار على ما صحّ عن النبيّ عليه الصلاة والسلام، يحقّق للأمّة ما يستوجب لها الشرع اتّجاه السنة الشريفة لقول الله عزّ وجلّ: {إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون}. و{الذكرَ} هنا تشمل الكتاب والسنة، ولا شك أنّ الله حفظ هذه السنة بتسخير أناس نقّحوا الشريعة من كلّ دخيل عليها، كما صحّ عن النبيّ عليه الصلاة والسلام أنه قال:" يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين" رواه البيهقي تحقيق العلامة الألباني / مشكاة المصابيح كتاب العلم الفصل الأول الجزء1 ص/ 53
أمّا مسألة التكبير فأهل الحديث، لا سيما الفقهاء والأصوليون غير ملومين، إذ مصادرهم في تقرير أحكام الشريعة معروفة : الكتاب والسنة، والإجماع والقياس، وغير ذلك، فإن لم يثبت التكبير في هذه المصادر فمن حقهم ترك العمل بالتكبير، لأنّه ليس من القرءان فلا يترتّب على تركه كفر ، ولأنّ النصوص التي ثبتت عندهم ليست صحيحة، وبالتالي لا تفيد القطع واليقين. خلافاً للمحدّثين المقرئين كالإمام الذهبي، والفقهاء العالمين بسنيّة التكبير عند أهل مكة كالشافعي وغيره، فإنّهم ما أنكروا التكبير لعلمهم بأنّه صحيح من طرق القراء، فالذي عَلمَ حجة على من لن يعلم.
أكتفي بما ذكرت، والحمد لله ربّ العالمين.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحياتي للشيخ الدكتور عبد الرحمن الصالح.
الذي لفت انتباهي بداية أنّكم لم تأتوا لنا بدليل واحد يثبت ما ذكرتموه. فمن هم أتباع الحديث الذين تقصدهم، آلإمام مالك، وأحمد، وإسحاق، وابن المديني، وابن معين، والبخاري، وأصحاب السنن وغيرهم ؟ أهؤلاء جانبوا الصواب حين اعتقدوا أنّ الحديث الصحيح مطابق للواقع، خلافاً للمتقدّمين الذي اعتقدوا –على حد قولكم- أنّ ما صحّ عن النبيّ عليه الصلاة والسلام هو خلاف الواقع، ومن هم هؤلاء المتقدّمين على أتباع الحديث المذكورين آنفاً ممن قالوا بأنّ السنة غير مطابقة للواقع.
الشيخ الأستاذ محمد يحيى شريف المحترم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سأطرح على حضرتك ومعك القراء الفضلاء التصوّر الذي قد حلّ لي كثيرا من إشكالات العلم الشرعي التي نراها في الكتب فلا نلقى لها تعليلا، وهذا الفرض قد حلّ لي كثيرا من الإشكالات وإني لأرجو أن يحلّ لكلّ من تفكر فيه وتعقله وأعطاه حقه من التأمل أن يحل له كثيرا من مسائل الخلاف.
في تصوري الذي تبلور مع مرور الأيام فإن الإمام مالك ومعه فقهاء المئة الثانية ليسوا مقصودين مع أهل الحديث الذين بدأ مذهبهم في التكوّن ابتداءً من الشافعي ت 204 لأن الشافعي بحسب وعيي التاريخي هو أول من قرر أن إذا صحّ الحديث فقد وجب العمل به علمه من علمه وجهله من جهله، وانتصر لهذا القول وأشاعه.
فأهل الحديث بعد الشافعي ويدخل فيهم كل من ذكرتم ما عدا الإمام مالك قد توهموا بحسن نية أمورا جعلت الناس ينحرفون بحسن نية - انحرافا بدأ طفيفا ثم أخذ يكبر مع مرور الأيام - عن مذهب أهل السنّة في المدينة والكوفة. ومن هذه الأمور ما قرره الشافعي في كتابه "جماع العلم" <أحسن طبعاته بتحقيق أحمد محمد شاكر وموجودة بنسخة مصورة على الشبكة> أن الحديث الصحيح المتصل السند يجب العمل به وهذه القاعدة أخذها منه أو وافقه عليها أهل الحديث الذين كان على رأسهم الحنابلة وفقهاء المحدثين فقد انحرف الفقه عن مدارس أهل السنة في المئة الثانية إلى تتبع الحديث ظنا من الناس أن الحديث الصحيح مطابق للواقع وظنا منهم أن الحديث الصحيح مطابق للسنّة.

فالتصوّر الذي تبلور لديّ أنا العبد الضعيف والذي جعلني مالكيّاً قحّا هو أن العلم الشرعي الأقرب إلى السنة هو ما تركه فقهاء الصحابة في المدينة وقد كان منهم بالمدينة كما قال ابن حبان في "مشاهير علماء الأمصار" 132 رجلا وبالكوفة بحسب المصدر نفسه 52 رجلا.
ولنضرب على ذلك مثلا:
فالسنّة التي كان عليها النبي وأصحابه في الصلاة هي الصلاة مرسلي أيديهم غير واضعي أيمانهم على شمائلهم ألبتة وهكذا كان أحفاد الصحابة في المدينة يصلون مرسلي أيديهم قبل الركوع وبعده. والسبب أنّ السنّة لديهم ليس مجرد الحديث الصحيح كما أصبح الأمر عند الشافعي وأحمد وأهل الحديث ومن تأثر بهم، بل السنّة ما تكرر عليه العمل وما عليه فقهاء الصحابة وتلاميذهم.
وقد أشرت في تعليقك إلى الشيخ الألباني الذي يُعدّ من كبار أنصار تيار أهل الحديث في العصر الحديث وفي كتابه صفة صلاة النبي قال إن السنة هي وضع اليدين على الصدر في الصلاة واحتج بخبر أن إسحق بن راهوية صلّى بجماعة ووضع يديه على صدره. وهذا الذي قاله برغم أنه يخالف المعروف عند الفقهاء من مذهب إسحق أنه كان يضع يديه تحت السرّة، فإنه هو وإسحق نفسه يصلون خلاف السنة التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم وفقهاء الصحابة وأبناؤهم وأحفادهم في المدينة. فالذي نقله لنا ابن المنذر في كتابه العظيم <الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف> هو أن الصلاة بوضع الأيمان على الشمائل هي خلاف السنّة عند
عبدالله بن الزبير 75هـ.
وسعيد بن جبير ت 94هـ.
والحسن البصري ت 110.
والأوزاعي ت 157
والليث بن سعد ت 175
والإمام مالك ت 179.
وذكر ابن عبدالبرّ في <التمهيد لما في الموطّأ من المعاني والأسانيد> عشرة فقهاء من بينهم هؤلاء.
ورأى سعيد بن جبير رجلا يصلي واضعا يديه ففرق بينهما في الصلاة وجعله يصلي مرسِلا.
ويعلم كل عاقل أن الناس كانوا يصلون خلف عبدالله بن الزبير مرسلين وخلف الحسن البصري مرسلين وخلف الليث بن سعد كما كان الليث يصلي وخلف الأوزاعي كما كان هو يصلّي.
والسبب في كون هؤلاء الفقهاء وغيرهم يصلون مرسلين مع أن الحديث الصحيح قد ورد بالوضع هو أنهم كانوا متحررين من وهمين هما أن الحديث الصحيح يعني مطابقة الواقع أو أنه مطابق للسنّة.
فالنبيّ صلى الله عليه وسلم حين دخل المدينة وكان اليهود يضعون أيمانهم على شمائلهم وضع يمينه على شماله مثلما اتخذ بيت المقدس قبلة له تألفا لقلوبهم وقال "لو تابعني عشرة من يهود ما بقي يهودي إلا وأسلم". لكن كان آخر العهد من سنته صلى الله عليه وسلم مخالفة اليهود ومنها وضع الأيمان على الشمائل في الصلاة ولذلك نهى فيما رواه البخاري "عن الخصر في الصلاة وقال هو فعل يهود"
فالإمام مالك بن أنس لم يكن كالذين ذكرتهم يتبع مجرد الحديث الصحيح بل كان يتبع السنّة والسنة ما عليه عظم فقهاء الصحابة وأبناؤهم من أهل المدينة وفقهه ملخص من لفقهاء الثلاثة عشر والعشرة والسبعة الذين تجمع لديهم علم أهل المدينة وهو السنّة ومنها الصلاة مرسلي أيديهم كما كان آخر شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما أهل الحديث منذ الشافعي فقاموا بحسن نية منهم بتتبع الأخبار الصحاح والعمل بها ولو لم يتوهموا أن الحديث الصحيح مطابق للسنة لما ذهبوا هذا المذهب.
فالسنّة الوجبة الاتباع هي:
1. ما أجمع عليه فقهاء المسلمين وعلماء الأمصار من فهوم لمداليل الأخبار ونصوص القرآن العظيم.
2. ثم ما أجمع عليه أهل المدينة لأن من كان من فقهاء الصحابة بالمدينة يفوق من كان فيما سواها.
3. ثم قول جمهور الفقهاء.
وأما متبعو الأخبار الصحاح فليس قولهم بشيء ولا مذهبهم من العلم في شيء إذا خالف السنّة.
والسنة ليست كما عرّفها المحدثون بل كما عرَفها الفقهاء.
ففقهاء المئة الثانية كانوا أقرب إلى السنّة من المحدّثين في المئة الثالثة. والسبب أنهم كانوا أولا أقرب زمانا مما كان عليه عمل الصحابة وثانيا أنهم لم يشع فيهم أن الخبر الصحيح يجب العمل به وإن خالف ما عليه الناس في المدينة. فقول سفيان لثوري "الحديثُ مضلّة إلا للفقهاء" ينبغي أن يولى الأهمية التي تليق به. <ونسبه عياض إلى ابن وهب>
وبرغم أن الإمام بن المنذر ت 318 كان متأثرا بالشافعي وسائر أهل الحديث إلا أنه قد جمع لنا كتبا عظيمة القيمة في أقوال الفقهاء في المئة الثانية ولا سيما أهل المدينة والكوفة فهما مدرستا أهل السنّة الرئيستان المتخلصتين من الوهمين الذين بسببهما انحرف الناس عما كان عليه السلف الصالح في المدينة والكوفة إلى سلف جديد لاحق هو أهل الحديث في المئة الثالثة.
لقد كنت أصلي حتى بلغت الأربعين واضعا يميني على شمالي كما ذكر النووي فوق السرّة قليلا ثم اتبعت "صفة صلاة النبي" حين كنت شابا فوضعت يديّ فوق الصدر تحت النهدين قليلا ثم تبين لي أن السنّة هي ما كان عليه أحفاد الصحابة في المدينة وما تجلى في قول الحسن البصري والإمام مالك والليث والأوزاعي وسائر فقهاء الأمصار قبل الشافعي وأن الوضع خلاف السنّة قطعا وإن صحّ به الحديث لأن الحديث الذي صح به يجب حمله على ما كان عليه العهد إبان تألُّف قلوب اليهود في أول الهجرة وأن قول ابن شهاب (أعيا فقهاء الإسلام معرفة ناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه) هو السبب في ترك الناس لكثير من السنن ظنّا منهم أنهم يتبعون الحديث الصحيح. وأنّ نهي النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الخصر في الصلاة هو النهي عن وضع الأيمان على الشمائل وهو نفسه الصلب الذي نهى عنه ابن عمر.
وإذا أردت دليلا مرئيا في تفسير حديث عائشة رضي الله عنها في البخاري عن نهي النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الخصر في الصلاة وقال هو فعل يهود فتابع هذا الفيديو ليهوديّ يصلّي:
https://www.youtube.com/watch?v=0aHWASyMjwg

ملاحظة 1: لا يجوز تفسير الخصر/الاختصار/الخصْر على أنه حمل المخصرة (وهي العصا) ولا اختصار السور القصار ولا تخيّل صورة معينة من الخاصرة بل يفسّر مقصد النبيّ عليه السلام بقرينيتين لا يوجد لنا سواهما هو أولا صلاة أحفاد الصحابة مرسلين في المدينة واستمرار فقهاء الأمصار في المئة الثانية على هذه السنّة، وبما عليه اليهود في صلاتهم لأنّ الخبر ورد معللاً وهو أنه فعل يهود ويهود تضع الأيمان على الشمائل على الصدر.
ملاحظة2 : لا أفرض رأي الذي تبلور لديّ على الأخ الطيب محمد يحيى شريف ولا على سواه من القراء الفضلاء بل إني لا أتعصّب له أصلا وإني رغم اقتناعي بكل حرف سطرته لمستعدٌّ للتحول عنه إذا وُجِد مَن يُقنعني بخلاف ما ثبت لديّ من رجحان مذهب أهل المدينة وما أجمع عليه فقهاء الأمصار في المئة الثانية ثم ما كان عليه جمهورهم على من خالفهم من أهل الحديث في المئة الثالثة ثم أتباعهم إلى اليوم.

والله أعلم
 
من أهم المباحث في مسألة التكبير ما نسبه البعض من التكبير بين كل سورتين في جميع القرآن إلى جميع القرآء. وقد ذكره الإمام ابن الجزري رحمه الله في نشره ثم في الطيبة، فتبعه الكثيرون.

وهذا علط ظاهر. وسبب ذلك اعتماده رحمه الله على ما ذكره الهذلي في كامله وعزو ذلك إلى ابن حبش الدينوري، مع أن الهذلي - غفر الله لنا وله - معروف عند المحققين بكثرة الأوهام في الأسانيد ورواية بعض الوجوه التي لا ثتبت، ومع اعتراف ابن الجزري نفسه بذلك الأمر. وقد نبه على ذلك الشيخ المحقق أبو إبراهيم بن عبد الله - جزاه الله عنا خيرا - في تعليقه على كل من الكامل وغاية النهاية، فلينظر.

بارك الله فيكم
 
عودة
أعلى