ضبط الحركات الأصلية والفرعية والتنوين (1)

إنضم
10 أغسطس 2010
المشاركات
295
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
ضبط الحركات الأصلية والفرعية والتنوين (1)
الأستاذ فتحي بودفلة
جامعة الجزائر (1)
[email protected]
فهرس لمسائل الموضوع:
أولا: الحركات الأصلية

  1. تعريفها

  • دلالتها اللغوية:
  • تعريف الحركة في الاصطلاح:

  • أقسامها:
  • الحركات الأصلية
  • الحركات الفرعية

  • فصيحة
  • غير فصيحة

  1. علاماتها

  • الحروف علامات للحركات
  • علامات أبي الأسود الدؤلي: والمسمى بالنّقط المدوّر

  • الفتحة
  • الضمة.
  • الكسرة

  • علامات الخليل: والمسمى بالشّكل، أو بنقط الشعر، أو بالنقط المطوّل.

  • الفتحة
  • الضمة
  • الكسرة
توجيهُ وتعليلُ ترجيحِ أئمة الضبط:

  • لماذا رجح الداني نقط الدؤلي؟
  • لماذا رجح أبو داود شكل الخليل؟
  • ترجيح المشارقة شكل الخليل بن أحمد.

  1. موضعها

  • موضع الفتحة
  • موضع الضمة
  • موضع الكسرة

  • تعليل اختلافهم في موضع الفتحة والضم
المحاضرة:
أولا: الحركات الأصلية

  1. تعريفها

  • دلالتها اللغوية:

  • الحركة، مادتها الحاء والراء والكاف (ح ر ك) حَرَكَ الشيء يحرُكُ حَرْكاً وحركةً وكذلك حَرَّك يُحَرِّكُ ويَتَحَرُّك تَحْريكا... [1]
  • جعله ابن فارس أصلا واحدا معرِّفا إيّاه بضده فقال: "فالحركة ضد السكون." [2]
  • الاستعمالات اللغوية[3]:
المحراك الْخَشَبَة الَّتِي تحرّك بهَا النَّار.
وَرجل حريك وَامْرَأَة حريكة وَهُوَ الَّذِي يضعف خصره فَإِذا مَشى رَأَيْته كَأَنَّهُ يتقلع من الأَرْض، وهي تسمية سببها وصف حركة مشيه
الحاركان، واحدُهُ مَحْرَكُ، وهما ملتقى الكتفين، لأنهما لا يزالان يتحركان.
غلامٌ حَرِكٌ، أي خفيفٌ ذكيٌّ.
ورُوِي عَن أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ قَالَ: (آمَنْتُ بِمُحرِّف القُلُوبِ) ورَوَاهُ بَعْضُهم آمَنْتُ بمُحَرِّك القُلُوبِ، قَالَ الفرّاء: المُحَرِّفُ: المُزِيل، والمُحَرِّكُ: المُقَلِّب، وَقَالَ العَبَّاس: والمُحَرِّكُ أجْوَدُ لأَنَّ السُّنَّة تُؤيِّدُه: (يَا مُقَلِّب القُلُوب) . فالحركة ها هنا بمعنى التَّقَلُبِ والتغيّر.

  • تعريف الحركة في الاصطلاح:
للحركات العربية تجليات علمية عدّة، ومفاهيم معرفية شتّى، تختلف باختلاف العلوم والفنون، كما تختلف باختلاف مقاصد تناولها ومآخذه وغاياته ومناهجه... ولعلّ أقرب حقل معرفي يقرِّبُ لنا حقيقة الحركات العربية في ضبط المصحف تعريف علماء القراءة والتجويد، فقد عرّفَها محمد مكي نصر الجريسي في نهاية القول المفيد بقوله: "عَرَضٌ تَحُلُّهُ [أي تحلُّ بالحرف] لإمكان اللفظ والتركيب" [4] ولا فرق في علم الضبط بين الحركات العربية من جهة كونها حركات إعراب أو بناء أو من جهة كونها أصلية أو فرعية[5]؛ فإنّ علم الضبط لا ينظر إلاّ لطبيعة نطقها فجميعها يتباعد فيها أعضاء التصويت بالحرف بانفتاح الشفتين حالة الفتح وانخفاضها حالة الكسر وضمهما حالة الضم... فيجعل لكل حالة من هذه الحالات الثلاث رمزا وعلامة خاصة به في المصحف الشريف.

  1. أقسامها: تنقسم الحركات العربية إلى قسمين؛ أصلية، وفرعية

  • الحركات الأصلية: هي الحركات العربية الثلاث، الفتحة والضمة والكسرة، تتميّز بضبط مخرجها وتحديده.
  • الحركات الفرعية: هي كل ما دون هذه الحركات الأصلية الثلاث، وميزتها أنّها مترددة بين حركتين، أو بين حركة وساكن، ومخرجها متردد بين مخرجين، وتنقسم الحركات الفرعية بدورها إلى قسمين:

  • فصيحة: هي الحركات التي تكلمت بها العرب، ومن أمثلتها في القرآن الكريم، حركة الروم، الإشمام، الاختلاس، الإمالة بنوعيها، القلقلة، الفتح الشديد في اللام المغلظة....
  • غير فصيحة: وهي الحركات التي لم تتكلم بها العرب، بل هي لحون في الكلام، ومن أمثلتها الفتح الشديد في غير اللام، تضييق المخرج بالضم، إنحاء القارء بالفتح نحو الضم، قلقلة غير المقلقل، إشباع الحركات....

  1. علاماتها
مرت الكتابة العربية باعتبار رموز الحركات بثلاث مراحل؛ مرحلة الترميز للحركات بالحروف، مرحلة الترميز لها بالنقاط، مرحلة الترميز لها بعلامات مخصوصة.

  • الحروف علامات للحركات: ذكر غير واحد من علماء الرسم أنّ علامات الحركات كانت في بدايات الكتابة العربية، وفي الكتابات التي اشتقت منها العربية عبارة عن حروف يرمز بها للحركات، فالعرب قبل الإسلام والصحابة في بعض أحرف القرآن وضعوا حروف المد الثلاث علامات للحركات العربية الأصلية منها والفرعية[6]، وقد مثلوا لذلك بنحو زيادة الواو في {أوْلئك} قالوا إنما زادوا الواو للدلالة على ضم الهمزة، وقالوا في {الصلوة} الواو للدلالة على حركة الفتح الشديد في اللام، وفي {ضحيها} الياء للدلالة على حركة الإمالة في الحاء....
  • علامات أبي الأسود الدؤلي: والمسمى بالنقط، أو بالنقط المدوّر
العلامات عند أبي الأسود الدؤلي عبارة عن نقاط حمراء يختلف موضعها باختلاف طبيعة الحركة:

  • الفتحة نقطة حمراء فوق الحرف
  • الضمة نقطة حمراء أمام الحرف ، وقيل فوقه، وقيل فيه. وسيأتي بيان وتفصيل القول في موضعها وتحرير اختلافهم فيه.
  • الكسرة نقطة حمراء أسفل الحرف

  • علامات الخليل: والمسمى بالشّكل، أو بنقط الشعر، أو بالنقط المطوّل.
قال الخراز عليه رحمة الله:
ففتحة أعلاه وهي ألف ... مبطوحة صغرى وضم يعرف
واوًا كذا أمامه أو فوقا ... وتحته الكسرة ياء تلقى

  • الفتحة: ألفا صغيرة مبطوحة، حمراء اللون؛ وإنما جعلها ألفا لمجانستها أو كونها أصلها، وقيل لأنّه تنتهي إليها حالة إشباعها، وجعلت مبطوحة للتفريق بينها وبين أصلها (الألف)، وجعلت صغيرة لتظهر مزية الأصل على الفرع، وحمراء للتمييز بين رسم الصحابة المجمع عليه وبين ما زيد عليه.[7] وقد حدّد أهل الخط طولها بثلاث نقاط موصولة. [8]
  • الضمة: واو حمراء صغيرة تامة العين على اختيار المشارقة أو محذوفتها على اختيار المغاربة فتصبح كالدال[9]، واختار الخليل الواو لمجانستها أو كونها أصلها، وتنتهي إليها حالة الزيادة فيه، وصغرها من أجل التمييز بين الحركة والحرف، والحمرة للتفريق بين رسم الإمام وما زيد عليه من علامات الضبط. [10]
  • الكسرة: ياء صغيرة مردودة إلى الوراء حمراء، أو ياء مردودة إلى الوراء مع حذف رأسها وجزئها العلوي، فتصبح عبارة عن جرة مستطيرة تشبه علامة الفتحة، وعلى هذا الوجه الأخير استقر العمل عند المشارقة والمغاربة. وإنّما جعلها ياء تامة أو محذوفة بعض أجزئها لمجانستها، أو لكونها أصلها، أو تؤول إليها حال إشباع الكسرة ومدّها، وجعلت صغيرة للتفريق بينها وبين أصلها، ولوِّنت بالأحمر تمييزا بين رسم الصحابة الذي أجمعوا عليه وما أضيف إليه... [11]

  • لماذا رجح الداني نقط الدؤلي: قال عليه رحمة الله: " ... اقتداء منا بفعل من ابتدأ النقط من علماء السلف بحضرة الصحابة رضي الله عنهم واتباعا له واستمساكا بسنته إذ مخالفته مع سابقته وتقدمه لا تسوغ وترك اقتفاء أثره في ذلك مع محله من الدين وموضعه من العلم لا يسع أحدا أتى بعده" ثم قال: " فاتباع هذا اولى والعمل به في نقط المصاحف احق لان الذي رآه أبو الاسود ومن بحضرته من الفصحاء والعلماء حين اتفقوا على نقطها أوجه لا شك من الذي رآه من جاء بعدهم لتقدمهم ونفاذ بصريرتهم فوجب المصير الى قولهم ولزم العمل بفعلهم دون ما خالفه وخرج عنه" [12] كما وجّه اختياره وعلّله بكون اصطلاحهم على وضع نقط الإعراب كنقط الإعجام من حيث اشتراكهما في معنى التفريق والتمييز بين عوارض الحروف وبين المهملة منها والمعجمة، وفي معنى البيان...فلما اشتركا في المعنى والغاية اشتركا في الصورة كذلك[13]


  • توجيهُ وتعليلُ ترجيحِ أئمة الضبط:

  • لماذا رجح أبو داود شكل الخليل: لأنه أسرع إلى الفهم، أكثر بيانا وتصريحا بالظاهرة الصوتية، لأنّ الصبيان تعلموا به في الألواح، لانتشاره وعدم إنكاره، وقيل للمناسبة القائمة بين الدَّالِ والمــَدْلول؛ فعلامات الخليل مستنبطة من أسماء الظواهر الصوتية التي تدل عليها بخلاف علامات أبي الأسود فإنّه لا علاقة بين رموزه وبين مفاهيمها، سوى قوة التواضع والاتفاق ودلالة الاصطلاح والعرف.[14]
ترجيح المشارقة شكل الخليل بن أحمد، يقول أبو بكر بن مجاهد: " والشكل والنقط شيء واحد غير ان فهم القارئ يسرع الى الشكل أقرب مما يسرع الى النقط لاختلاف صورة الشكل واتفاق صورة النقط إذ كان النقط كله مدورا فيه الضم والكسر والفتح والهمز والتشديد بعلامات مختلفة وذلك عامته مجتمع في النقط غير انه يحتاج أن يكون الناظر فيه قد عرف أصوله ففي النقط الاعراب وهو الرفع والنصب والخفض وفيه علامات الممدود والمهموز والتشديد في الموضع الذي يجوز ان يكون مخففا والتخفيف في الموضع الذي يجوز ان يكون مشددا"[15]
يقول المقرئ ميمون الفخار:
وذا الذي يعزى إلى الخليل أسرع للإفهام في التأويل
لأنه مختلف في الصورة ليس كذلك النقط خذ تفسيره [16]

  • والذي استقر عليه في المشرق والمغرب هو شكل الخليل، وإذا كان المغاربة قد تأخروا في اعتمادهم، فنحن نراهم في زمن الداني (444ه) يصرون على ضبط مصاحفهم بنقط الدؤلي ويرفضون شكل الخليل، ونجدهم في زمن أبي داود (496هـ) يرخصون فيها، نجدهم في زمن الخراز (718هـ) يعتمدونه لأجل شهرته وانتشاره، يقول الخراز رحمه الله في مورد الظمآن:
هذا تمام نظم رسم الخط ... وها أنا أتبعه بالضبط
كيما يكون جامعا مفيدا ... على الذي ألفيته معهودا
مستنبطا من زمن الخليل... مشتهرا في أهل هذا الجيل[17]


  1. موضعها

  • موضع الفتحة: الفتحة توضع فوق الحرف على الصحيح، وقيل أمامه ذكره التجيبي، وهو مذهب بعض أهل مكة . لم يذكره الخراز، قال التنسي لضعفه. وقال المارغني : "لم يذكره الداني لضعفه" والصواب أنّه لم يذكره في موضعه أي "باب ذكر مواضع الحركات من الحروف وتراكب التنوين وتتابعه" في كتاب النقط[18]، ولا في المحكم في "باب ذكر نقط الحركات المشبعات ومواضعهن من الحروف"[19].... وإلاّ فقد ذكره في المحكم ونسبه إلى مصحف إسماعيل القسط إمام أهل مكة[20] ووجه وضعها فوق صورة الحرف كون الفتح مستعل فناسب صوته موضعه[21]
  • موضع الضمة : لنقاط المصاحف في موضع علامة الضمة ثلاثة مذاهب:

  • توضع فوق الحرف. وهو مذهب بعض أهل مكة، وعليه مصحف إسماعيل القسط، وقد رآه الداني[22]. وهو اختار المبرد وجماعة؛ لئلا تلتبس على القارئ بالواو المتلوة.[23]
  • توضع أمام الحرف، وهو مذهب جمهور المتقدمين[24]
  • توضع في الحرف، أي في وسطه كما اصطلح عليه الداني في المحكم، أي في ذاته[25].
اقتصر الداني في النقط على الوجهين الأخيرين، و قال موجها موضعهما: " وموضع الضمة منه وسطه أو امامه لان الفتحة لما حصلت في اعلاه والكسرة في أسفله لأجل استعلاء الفتح وتسفل الكسر بقى وسطه فصار موضعا للضمة[26]" وترك الخراز ذكر الوجه الثالث؛ لضعفه وترك العمل به .

  • الكسرة توضع أسفل الحرف بلا خلاف، وإذا كان الحرف معرّقا توضع الكسرة في أوّل تعريقه، وجّه الداني موضع الكسرة بكونها مستفالة فناسبها موضعها السفلي[27]

  • تعليل اختلافهم في موضع الفتحة والضم: قال الأستاذ أحمد شرشال: "ولعلّ سبب الخلاف في محلّ الفتح والضم هو اختلاف تعبيرات الرواة عن أبي الأسود، فمثلا في حالة الضم: فرواية أبي بكر بن الأنباري: "إلى جانب الحرف"، ورواية الداني عند المبرد: "أمام الحرف"، ورواية السيرافي عن أبي عبيدة: "بين يدي الحرف" ونحوها لأبي الطيب اللغوي، وقيل مثل ذلك في التعبير عن حالة الفتح، أما الكسر فلا خلاف فيه. " [28]
يتبع إن شاء الله....
الأستاذ فتحي بودفلة
جامعة الجازئر (1)

[1] العين 3/61

[2] مقاييس اللغة 2/45

[3] العين 3/61 مقاييس اللغة 2/45، مجمل اللغة 227-228، جمهرة اللغة 1/520، تهذيب اللغة 4/60-61، الصحاح 4/1579-1580
[4] نهاية القول المفيد في علم تجويد القرآن المجيد، الشيخ محمد مكي نصر الجريسي . مكتبة الآداب القاهرة الطبعة الرابعة 1432هـ 2011م. ص44
[5] الطراز 23.
[6] أصول الضبط ص5
[7] ينظر الطراز في ضبط الخراز ص19.
[8] ينظر هامش الطراز ص19، دليل الحيران 347
[9] ذكر محقق الطراز أنّ أبا عبد الله المجاصي نصّ على أنّ الضمة مغلقة الدائرة، قال الرجراجي متعقبا : "قالوا ليس للمجاصي متقدم في ذلك" وإنما لم يكن له متقدم عند المغاربة، ينظر: تحقيق الطراز ص22 وأحال على شرح الرجراجي صص وحلّة الأعيان 19. وعبد الله التنسي من المؤيدين للمذهبين حذف رأس الواو وتركها وأنكر على من زعم أنه لا أصل لترك الدارة مغلقة؛ مستدلا بأصل وضعها زمن الخليل، فقد نصوا على أنّ الخليل جعلها واوا صغيرة والو لا تكون إلا مغلقة الدارة...
[10] الطراز 20-22، محقق الطراز 22 دليل الحيران 347
[11] الطراز 21-22
[12] المحكم 42-43
[13] ينظر المحكم 43
[14] أصول الضبط 6-7
[15] المحكم 23
[16] الميمونة الفريدة ورقة 8، نقلا عن هامش الطراز ص6.
[17] دليل الحيران ص343
[18] النقط ص131
[19] المحكم ص42
[20] المحكم ص9
[21] المحكم 42، دليل الحيران 347، الطراز 19- 22. النقط 313، أصول الضبط 8.
[22] المحكم9
[23] الطراز 22، دليل الحيران 347
[24] المحكم9-42، دليل الحيران 347، الطراز22، النقط 313، أصول الضبط9
[25] المحكم42، الطراز 22، دليل الحيران 347، النقط 313، أصول الضبط9
[26] المحكم 42
[27] المحكم 42، النقط 313، دليل الحيران 347، أصول الضبط9-10
[28] هامش الطراز 23. وأحال على: مراتب النحويين 29، الإيضاح للأنباري 1/39، أخبار النحويين 35.
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى