المصيبة العظمى

إنضم
11 يناير 2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
10
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
قال ابن الجوزي - رحمه الله : المصيبة العظمى رضا الإنسان عن نفسه ، واقتناعه بعلمه ! وهذه محنة قد عمت أكثر الخلق : فترى اليهودي أو النصراني يرى أنه على الصواب ، ولا يبحث ، ولا ينظر في دليل نبوة نبينا - صلى الله عليه وسلم ، وإذا سمع ما يُلِّين قلبه - مثل القرآن المعجز - هرب لئلا يسمع !
وكذلك كل ذي هوى يثبت عليه : إما لأنه مذهب أبيه وأهله ، أو لأنه نظر نظرًا أولَ فرآه صوابًا ، ولم ينظر فيما يناقضه ، ولم يباحث العلماء ليبينوا له خطأه !
ومن هذا حال الخوارج على أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه ؛ فإنهم استحسنوا ما وقع لهم ، ولم يرجعوا إلى من يعلم ، ولما لقيهم عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - فبين لهم خطأهم ، رجع عن مذهبه منهم ألفان ؛ وممن لم يرجع عن هواه ابن ملجم ، فرأى مذهبه هو الحق ، فاستحل قتل أمير المؤمنين - رضي الله عنه ، ورآه دينًا، حتى إنه لما قُطِّعت أعضاؤه ، لم يمانع ، فلما طلب لسانه ليقطع ، انزعج ، وقال : كيف أبقى ساعة في الدنيا لا أذكر الله ؟! ومثل هذا ما له دواء .
وكذلك كان الحجاج يقول : والله ، ما أرجو الخير إلا بعد الموت !
هذا قوله ! وكم قد قتل من لا يحل قتله ، منهم سعيد بن جبيرٍ .
ثم روى بإسناده عن عن قحذم ، قال : وجد في سجن الحجاج ثلاثة وثلاثون ألفًا ، ما يجب على واحد منهم قطع ، ولا قتل ، ولا صلب .
قلت : وعموم السلاطين يقتلون ويقطعون ، ظنًّا منهم جواز ذلك ! ولو سألوا العلماء ؛ بينوا لهم.
وعموم العوام يبارزون بالذنوب اعتمادًا على العفو ، وينسون العقاب ! ومنهم من يعتمد أني من أهل السنة ، أو أن لي حسنات قد تنفع ؛ وكل هذا لقوة الجهل .
فينبغي للإنسان أن يبالغ في معرفة الدليل ، ولا يساكن شبهته ، ولا يثق بعلم نفسه ... فنسأل الله السلامة من جميع الآفات .
( صيد الخاطر ، ص 470 ، 471 )​
اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما .. إنك سميع الدعاء ... آمين .
 
عودة
أعلى