نظرات مدنية على السلاسل الذهبية بالأسانيد النشرية

الجكني

مشارك نشيط
إنضم
2 أبريل 2006
المشاركات
1,286
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
المدينة المنورة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا ونبينا محمدٍ ، هو حبيبنا وقدوتنا ومعلّمنا ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :
فإنه لا يخفى على طالب العلم أهمية " الأسانيد " ودراستها ، والاستفادة من منهاج الأئمة السابقين في نقدها وسبرها وتصحيحها .
وإذا كانت أسانيد الحديث الشريف هي الأصل في هذا الباب ، فإن أسانيد القراءات وكتبها تأتي – حسب رأيي القاصر – بعدها ؛ حتى مع وجود الفارق الأصيل بينهما في النتيجة ، وأعني بالفارق هنا أنّ أي خلل في سند حديثٍ ما يؤثر سلباً على متن الحديث ، وهو ما لا ينطبق على أسانيد القراءات ، فمهما كانت العلل فيها فهي لا تؤثر بحال من الأحوال على قبول المتن ، وأعني هنا الكلمة القرآنية المقروء بها ، وإن كان قد يؤثر في " الوجه " أو " الطريق " لا غير .
هذا ؛ وقد اهتم علماء السلف رحمهم الله بأسانيد القراء والقراءات ، فدوّنوها في كتبهم كما تلقوها ونقلوها ونسخوها ؛ ويتجلى هذا الاهتمام ويظهر في ما نجده في كتب الأمهات من ذكر سندين ؛ أحدهما ل " الإجازة " و الآخر ل " للتلاوة " و " القراءة " ، وما هذا إلا لبيان الدقة والأمانة في التحمل وصِيَغِه .
إلا أن بعض هذه الأسانيد – أسانيد بعض القراء - وقع فيها مقال ٌ من حيث الانقطاعُ والجهالةُ وغيرُ ذلك من أصناف العلل ، وهو أمرٌ قديمٌ ، تفطّن له الأئمة المحققون ، فكان دورُ المتأخرِ تصحيحَ وتصويبَ غفلةِ أو سهوِ المتقدم ، كما عند الداني في بعض كتبه ، وأبي العلاء الهمداني في ما كتبه من الحواشي على " أسانيد " كتاب الكامل للهذلي ، وكما عند الذهبي في كتابه " معرفة القراء الكبار " ، وهكذا دواليك حتى خُتِم هذا العلم ؛ وأعني علم تحقيق أسانيد القراء والقراءات وتمحيصها ، بخاتمة حفاظ القراءات وإمامهم ، الشيخ ابن الجزري رحمه الله ، فألّف كتابيه العمدتين ، وهما " غاية النهاية " و " النشر في القراءات العشر " متكئاً ومعتمداً على " أصح الأسانيد القرآنية – في نظره - التي وصلت إليه .
وقد اهتم العلماء بكتب ابن الجزري كل الاهتمام ، ورعوها حق الرعاية ، ودرسوها حق الدراسة .
هذا ؛ وإنّ من أهم الكتب المؤلفة حول كتاب " النشر " والتي اطلعت عليها ، وقد طبعت مؤخراً ؛ الكتابَ الموسومَ بِ " السلاسل الذهبية بالأسانيد النشرية من شيوخي إلى الحضرة النبوية " مكتوب على غلافه :
إعداد : خادم القرآن الكريم ، الدكتور : أيمن رشدي سويد
وناشره : دار نور المكتبات
الطبعة الأولى سنة : 1428هـ - 2007م
وقد قسّم المؤلف كتابه أربعة أقسام ، بيّنها في قوله :
1- أسانيدي عن شيوخي الذين قرأت عليهم إلى الإمام ابن الجزري .
2- أسانيد الإمام ابن الجزري إلى المصنفين من القراء الذين تلقى كتبهم ، وقرأ القرآن العظيم بما تضمنته تلك الكتب من قراءات ، ثم انتقى منها الطرق الألف التي أودعها في كتابه النشر .
3- أسانيد هؤلاء المصنفين إلى القراء العشرة المشهورين .
4- أسانيد القراء العشرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
والحق يقال :
إن هذا الكتاب – كتاب السلاسل الذهبية - اكتسب أهميته من جزئيتين :
الأولى : نسبته إلى من أعدّه ، وهو الدكتور أيمن سويد حفظه الله ، وهو من أعلام القراءات المشهورين في هذا الزمن ، وله حضور قوي في المحافل القرآنية ، والشهرة الواسعة ، حفظه الله ورعاه ، وبارك فيه وفي عمره ، وعلمه ، ونفع به .
الثانية : موضوع الكتاب ، وهو متعلّق بأسانيد إمام القراء ، الذي كلّ أسانيد الدنيا في هذا الزمن تصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن طريقه ، وهو خاتمة حفاظ علم القراءات ، وكتابه هو عمدة كتبها ؛ وأعني الإمام محمد بن محمد بن الجزري ( 751-833هـ ) وكتابه " النشر في القراءات العشر " .
ولما كان كل كتاب يعرضه مؤلّفه على الناس لا يخلو من نقد وهنات ، وأماكن يسهو فيها المؤلف ، أو ينسى ، أو يخطئ ؛ كان من دأب العلماء فتح باب الاعتراض والنقد والتصحيح ، بل والتخطئة ، لا الفاضلُ والعالمُ يمنعه علمُه أن يقال له أخطأت ، ولا الصغيرُ يمنعه صِغرُه أن يقول أخطأت ، لأن العلم والمعرفة هبة من الله تعالى يعطيها من شاء من خلقه ، ويمنعها عمن شاء ، وبيان محل السهو والغفلة والخطأ في كلام العلماء لا ينتبه إليه إلا من علم العلم الذي يتكلم فيه ، وإلا من خالط العلماء وكتبهم واصطلاحاتهم ، فعرف مدلولات ألفاظهم ، وفهم عنهم إشاراتهم ، وألمح منهم رموزهم ، ولم يكتف من كتبهم بقشورها ، ولا بعباراتهم ميسورها .
ولما كان – أيضاً – حقاً على طالب العلم أن يبين ما يراه خطأً في الكتب ، داعماً رأيه بالدليل العلمي ، معترفاً بقصوره وتقصيره عن شأو العلماء المحققين رأيت أن من الواجب عليّ بيان ما وقفت عليه في كتاب " السلاسل الذهبية " من مسائل أرى أن الصواب جانب فيها مؤلفه ، وأن الحقَّ فيها هو مع ابن الجزري رحمه الله ، عمدتي في ذلك قول الإمام زرّوق المالكيّ رحمه الله :"العلماء مصدّقون فيما ينقلون ، لأنه موكول لأمانتهم ، مبحوث معهم فيما يقولون ، لأنه نتيجة عقولهم" .
وكان سبب هذا التعليق أمرين :
الأول : أني رأيت كتاب " السلاسل الذهبية " قد وقع في أمورٍ ليس بالشيء الهيّن المرور عليها دون نقاش ؛ حفظاً للعلم وأمانته ، ومن أهمها :
1- إلزامُ ابن الجزري بأشياء لا تلزمه .
2- اتهامُ ابن الجزري – بحسن قصدٍ – بالمُدَلّس – بفتح اللام - عليه !!
3- إدخالُ أسانيد في النشر ليست منه ، ولا ابن الجزري يريدها ، ثم الحكم عليها بأنها نشرية ، وهي في الحقيقة أسانيد " السلاسل " وليس " النشر " .
4- التدخل في منهجية ابن الجزري في طرقه ، وتقديمها في " السلاسل " منهجية لمؤلفها على أنها " نشرية " وليس كذلك .
الثاني : حفظاً لحقّ ابن الجزري علينا ، خاصة وأننا من أهل " الحجاز " الذين كان ابن الجزري رحمه الله يكرمهم ويصلهم بعطاياه ، فرأيت أن له حقاً علينا بأن " ندافع " عنه بالحق ، وبالدليل العلميّ ، وأن نبين أن الحق معه ، وأنه لم " يُلَبّس " عليه ، وأنه لا " يلزمه " ما ألزمه به غيره ، إذ كل مؤلف له منهجيته الخاصة به .
وقبل الشروع في ذكر هذه التعليقات أحب أن أذكّر بأمرين مهمين :
أولهما : ليُعلَم أني لا أقول إنني أحرر أو أصحّح كتاب " السلاسل الذهبية " ، ولا أنّ ما فيها خطأ ، فلا أزعم ذلك ولا أدّعيه ، ولكن أقول : إنما هي وجهات نظر وملحوظات تبين صواب صنيع ابن الجزري في أسانيده ، وأنه رحمه الله قد قنّن أسانيده وبناها على منهجية خاصة به ، وهذه الملحوظات واوجهات النظر التي أبيّنها هنا أزعم أنها مدعّمة بالدليل ، أطرحها للمهتمين بأسانيد ابن الجزري لمناقشتها وتصويبها وتصحيحها ، وللنظر في كتاب " السلاسل الذهبية " نظرة المتفحص ، لا نظرة المسلّم تسليماً أعمى .
ثانيهما : أطلب ممن يقرأ هذه التعليقات ولا تعجبه لمجرد أنها اعتراض على كتاب شيخ من شيوخ العصر أن يتقي الله ولا تأخذه العزة بالإثم فيدافع عن الكتاب بالباطل والحميّة ، بل عليه أن يدافع – إن أراد – بالحق والدليل العلميّ ، فهو الحكَمُ الفصل الذي يحتكم إليه ، وليس إلى مكانة المعترض والمعترض عليه .
هذا ؛ وسأبدأ بطرح هذه الملحوظات بين فترة وفترة ، بحيث لايزيد مابين الفترتين على ثلاثة أيام نظراً للوقت من جهة وأمور النت من جهة أخرى .
والله من وراء القصد .
السالم محمد محمود " المدنيّ " الجكني الشنقيطي
ليلة الخميس : 12/10/1433هـ
 
( 2 )

ذكرتُ في المقدمة السابقة أن معدّ كتاب السلاسل الذهبية حفظه الله قسّم كتابه أربعة أقسام .
وأبيّن هنا أن هذه النظرات والملحوظات هي على القسم الثاني منه ؛ أي " أسانيد ابن الجزري رحمه الله إلى المصنفين أصحابِ الكتب ، أما الأقسام الأخرى فلستُ معنياً بها ألبتة .
والآن إلى التعليق الأول من هذه التعليقات ، وسأجعلها حسب تسلسل كتاب "السلاسل الذهبية " :
1- جاء في " السلاسل الذهبية " ( ص : 11) : " ....ثم أكرمني الله تعالى بالوقوف على " إرشاد " عبد المنعم ابن غلبون ، فكانت الطرق النشرية منه ( 7) طرق ، منها طريقان نصّ الجزري عليهما ، وخمسٌ ألزمته بها وَفق منهجه ، ولم أغيّر الترقيم الكلّيّ لطرق النشر من أجل هذه الطرق الخمس ." اهـ
التعليق :
هذا الإلزام لا يلزم ابن الجزري رحمه الله ألبتة ، لسببين:
الأول : نظريٌّ ، وهو أن ابن الجزري رحمه الله اطّلع على كتاب " الإرشاد " وأجيز به وبقراءته ، بل وقرأ به القرآن كله ، ومع ذلك لم يدخل في كتابه " النشر " منه غير طريقين مصرحاً باسمه فيهما ، ولم يعدّ غيرَ تلك الطريقين من " الإرشاد " ، فليس من البحث العلمي إلزامه بشيء في هذا الباب ؛ لا في الطرق ، ولا في الحروف .
الثاني : عمليّ ؛ وهو أن هذا الإلزام في ذاته مبنيٌّ على منهجية غير سليمة ! إذ كيف يُلزَم شخصٌ - وهو ابن الجزري - بمنهجية مخالفةٍ لمنهجيته التي ارتضاها لكتابه !!، فابن الجزري رحمه الله " نوّع " في منهجية عرض أسانيده ، لدرجة أن له " طرقاً " ليست في الكتب التي اعتمدها أصولاً ، وهذا لا يدركه إلا من خالط النشرَ صبحه وممساه ؛ فكتابُ النشر قعرُه أعمقُ من أن يسبح فيه سبّاح الشواطئ ، وأبعدُ غوراً من أن تصل إليه شِباكُ الواقف على الساحل ، وهذا القول مني ليس من باب المبالغة في وصف " النشر " أو من التمدح للنفس ، حاشا وكلا ، بل كاتب هذه الحروف أقل سبّاحي الشواطئ عوماً ، وأقل أهل السواحل صيداً واصطياداً ، ولكنه قولٌ عن واقعٍ موقوفٍ عليه في النشر ، وله أدلته وأمثلته ، سيأتي بعضها أثناء هذه التعليقات إن شاء الله تعالى .
وخلاصة هذا : أن ابن الجزري رحمه الله لم يخالف منهجه في اختيار طرقه حتى يلزم بطرق لم يصرح بها ، لأن الإلزام هو أن تقول : ألزمتُ فلاناً كذا ؛ إذا كان قائلاً بخلاف ما ألزمته ، ويكون مع ذلك من أصول مذهبه ما يقتضي القول بما ألزمته به " اهـ ( الدر النثير : 1/130) .
فهل ابن الجزري قائلٌ بأن هذه الطرق الخمسة منه عن شيوخه إلى ابن غلبون الأب هي من طريق كتاب " الإرشاد " ؟
فالجواب : أنه رحمه الله لم يقل ذلك ، ولو قال ذلك لصح لمن يريد إلزامه أن يلزمه لأنه حينئذ قائلٌ بخلاف ما أُلزِم به ، ويكون مقتضى هذا الالزام القول بصدق الإلزام .
ولتوضيح هذا لأبنائي الطلبة المبتدئين أقول :
لو أن ابن الجزري رحمه الله قال عن هذه الطرق الخمسة إنها من كتاب الإرشاد وبنفس إسناده الذي ذكره أثناء حديثه عن أسانيد كتاب الإرشاد : لكان لهذا الإلزام وجهٌ ، لأنه يكون مخالفاً لمنهجه ومذهبه في اختيار الطرق ، لكنه هنا في هذه الطرق الخمسة إنما هو قائل بأنها من طرق كتبٍ أخرى ، وهو في هذه الحالة – حسب استقراء منهجه – غير معني بالإرشاد وغيره .
ولبيان أن هذا الإلزام لا يصح ، ولا يلزم ابن الجزريّ أصلاً ؛ يلزمنا أولاً بيان هذه الطرق التي أخذها كتاب " السلاسل الذهبية " على ابن الجزري وألزمه بها !؟ وهي كالتالي :
1- الطريق الأولى : طريق صالح بن إدريس عن القزاز عن قالون : ذكر ابن الجزري أنها من طرق الشاطبي ، وكتاب التذكرة ، وكتاب الهادي ، والتبصرة ، والإعلان ، والتجريد والروضة للطلمنكي ، والكامل ، وأن هذه الطرق الثمانية هي عن القراءة على ابن غلبون الأب ( السلاسل الذهبية : ص : 234 ، وسمّاها مؤلفه " طريق 28مكرر عن قالون ).
2- الطريق الثانية :طريق أبي القاسم المجاهدي عن الدوري ، ذكر ابن الجزري أنها من طرق الشاطبي ، وكتاب التذكرة ، وكتاب الهادي ، والتبصرة ، وكتاب الكامل ؛ بانتهاء أسانيدهم إلى ابن غلبون ، صاحب " الإرشاد " . ( السلاسل الذهبية : 296 ، وسمّاها : 274مكرر عن الدوري عن أبي عمرو ) .
3- الطريق الثالثة : طريق صالح بن إدريس عن ابن ذكوان ، ذكر ابن الجزري أنها من طرق " الهداية "و " التبصرة " و" الهادي " ، و" التذكرة " ، و" الداني "بانتهاء أسانيدهم إلى ابن غلبون ، صاحب " الإرشاد " . ( السلاسل الذهبية : 340 الطريق499مكرر عن ابن ذكوان ) .
4- الطريق الرابعة : طريق صالح بن إدريس عن خلاّد ، ذكر ابن الجزري أنها من طرق " الداني " و تلخيص ابن بليمة " و " طاهر ابن غلبون على أبيه " و " التبصرة " و "الهداية " و" الهادي " ، بانتهاء أسانيدهم إلى ابن غلبون ، صاحب " الإرشاد " . ( السلاسل الذهبية : 402 الطريق رقم 736مكرر عن خلاد ) ، ويلاحظ هنا أن ابن الجزري قال : " طرق الداني " و " طاهر ابن غلبون " ، ولم يصرح باسم كتابيهما .
5- الطريق الخامسة : طريق أبي الفرج أحمد بن موسى عن أبي الحارث ، ذكر ابن الجزري أنها من طرق " التبصرة " و "الهداية " و" الهادي " و " التذكرة " ، بانتهاء أسانيدهم إلى ابن غلبون ، صاحب " الإرشاد " . ( السلاسل الذهبية : 423 الطريق رقم 821 مكرر عن أبي الحارث) .
هذه هي الطرق الخمسة التي فيها ذكرٌ للإمام ابن غلبون الأب ، وليس فيها ذكر لكتابه " الإرشاد " ، وعدمُ ذكر اسم الكتاب هو الذي جعل كتاب " السلاسل الذهبية " يلزم ابن الجزري بأن هذه الطرق هي منه .
وهذا غير صحيح ، بل هو خطأ منهجي ، يؤدي إلى عدة أمور :
1- " خلطٍ " في أسانيد ابن الجزري رحمه الله وكتابه " النشر " .
2- استدراكٍ على ابن الجزري وأسانيده بما لا يصح الاستدراك به عليه ، وبما هو أعرف به من غيره ، وإلا فلماذا لم يصرح رأساً بأنها من " الإرشاد " وهو عنده وأمامه !!؟ ولماذا يسندها من عدة كتبٍ ؟
أما أنها " خلطٌ " في أسانيد ابن الجزري ونشره ، فسيظهر لنا بعد بيان إسناد ابن الجزري لكتاب " الإرشاد " ، وهو كالتالي :
قال رحمه الله أثناء ذكره لسنده في كتاب الإرشاد :
" قرأت به القرآن كلّه بالسند المتقدم في كتاب الإعلان للصفراوي ، وقرأ به على أبي القاسم عبد الرحمن بن خلف الله الاسكندري ، وقرأ به على ابن بلّيمة ، وقرأ به على الخزاز ، وقرأ به على أبي الحسن عليّ بن أبي غالب المهدوي ، وقرأ به على مؤلفه " اهـ ( النشر : 1/80) .
فهذا هو إسناد ابن الجزري في كتاب " النشر " لكتاب " الإرشاد لابن غلبون " ، وملاحظ فيه أن ليس في طريقه إليه من أصحاب الكتب المذكورة في الطرق الخمسة غير الإمام الصفراوي ؛ صاحب كتاب " الإعلان " والإمام ابن بليمة رحمه الله ، وهو ما يجعلنا نسأل : لماذا لا يوجد ذكر لكتاب " الإعلان للصفراوي " ضمن هذه الطرق الخمسة التي أُلزم بها ابن الجزري ؟
وبما أن ابن الجزري أحال جزءاً من " إسناده للإرشاد على كتاب " الإعلان " فيلزم بيان إسناده أيضاً حتى تتضح الفكرة والمسألة :
قال رحمه الله : " وقرأت بمضمّنه – الإعلان - على الشيخ المقرئ أبي محمد عبد الوهاب بن محمد بن عبد الرحمن القروي الإسكندري بثغر الإسكندرية، وقرأ بمضمنه على الشيخ أبي العباس أحمد بن محمد بن أحمد القوصي أربعين ختمة إفراداً وجمعاً بالإسكندرية في مدة آخرها سنة ست عشرة وسبعمائة، وعلى أبي عبد الله محمد ابن عبد النصير بن علي -عرف بابن الشواء- وذلك بثغر الإسكندرية. قال القوصي: قرأت به على يحيى ابن أحمد بن الصواف، وقال ابن الشواء: قرأت به على المكين الأسمر، قال: كل منهما قرأته، وقرأت بمضمنه على مؤلفه الصفراوي بثغر الإسكندرية .
وبذكر هذين الإسنادين نستطيع أن نستخرج إسناد ابن الجزري في كتاب " الإرشاد " لابن غلبون ، وهو كالتالي :
ابن الجزري قرأ على :
الشيخ المقرئ أبي محمد عبد الوهاب بن محمد بن عبد الرحمن القروي الإسكندري ، وهو قرأ على شيخين ، هما :
1- الشيخُ أبي العباس أحمد بن محمد بن أحمد القوصي .
2- والشيخُ أبو عبد الله محمد ابن عبد النصير بن علي ، ابن الشواء
أما الشيخُ الأول وهو القوصيُّ فقرأ على يحيى ابن أحمد بن الصواف
وأما الشيخُ الثاني وهو ابنُ الشواء فقرأ على المكين الأسمر
وقرأ الاثنان : ابنُ الصواف والمكينُ الأسمر على الإمام الصفراوي رحمه الله ، وهو قرأ على :
الشيخِ أبي القاسم عبد الرحمن بن خلف الله الاسكندري ، وهو قرأ على :
الشيخِ الإمام ابن بلّيمة رحمه الله ، وهو قرأ على :
الشيخِ عمر بن أبي الخير الخزاز ، وهو قرأ على :
الشيخِ أبي الحسن عليّ بن أبي غالب المهدوي ، وهو قرأ على الإمام أبي طاهر ابن غلبون مؤلّف " الإرشاد " .
فهذا هو " إسناد ابن الجزري في كتاب " الإرشاد " لابن غلبون .
وأيُّ إسناد مخالف له يعتبر تعدياً على النشر ومؤلفه ، ويعتبر تركيباً وتخليطاً وتلفيقاً لأسانيد ابن الجزري حسب الاجتهاد ، وهو ما لا يصح تمشياً مع القاعدة المشهورة " لا اجتهاد مع النص ".
والآن وقد بينّا " إسناد ابن الجزري " للإرشاد ، يجب بيان أسانيده أيضاً إلى الكتب الأخرى التي أخذت منها هذه الطرق الخمسة ، فببيانها يتضح أن ابن الجزري لا يلزمه ما ألزمه به غيره ، فنقول والله الموفق :
أولاً : إسناده في كتاب " الهادي " لابن سفيان : قال رحمه الله : " وقرأت بمضمّنه القرآن كلّه على الأستاذ أبي المعالي بن اللبان بدمشق ، وإلى أثناء سورة النحل على الأستاذ أبي بكر بن الجندي، وقرآ به على أبي حيان ، وقرأ به على عبد النصير بن علي المريوطي ، وقرأ به على أبي القاسم الصفراوي ، وأبي الفضل جعفر بن علي الهمذاني .
( ح ) وقرأت به على الشيخ الصالح الثقة المقرئ المسند أبي محمد عبد الوهاب بن محمد بن عبد الرحمن القروي بثغر الإسكندرية، وقرأ به على: أبي العباس أحمد بن محمد بن أحمد القوصي، وعلى أبي عبد الله محمد بن عبد النصير بن علي بالشوا ، وقرأ به الأول على يحيى بن الصواف، والثاني على عبد الله ابن منصور، وقرءا به على الصفراوي، وقرأ الصفراوي والهمداني على أبي القاسم عبد الرحمن بن خلف الله بن عطية المالكي ، وقرأ به على أبي علي الحسن بن خلف بن عبد الله الهواري ، وقرأ على أبي عمرو عثمان بن بلال الزاهد وغيره، وقرؤا على المؤلف ، وقرأ به الصفراوي أيضا على أبي الطيب عبد المنعم بن يحيى بن خلف بن الخلوف الغرناطي، وقرأ به على أبي محمد عبد الرحيم بن قاسم بن محمد الحجاري، وقرأ به على أبي العباس أحمد بن محمد بن المور الحجاري ، وقرأ به على المؤلف.
وقال أيضاً : وقرأت بمضمن كتاب الهادي على المشايخ المصريين عبد الرحمن بن أحمد ، ومحمد بن عبد الرحمن ، وابن الجندي كما تقدم ، وقرؤأوا كل القرآن على الصائغ ، وقرأ به على الكمال الضرير، وقرأ به على أبي الحسن شجاع بن محمد بن سيدهم المدلجي ، وقرأ به على أبي العباس أحمد بن عبد الله ابن الحطيئة وقرأ به على أبي القاسم عبد الرحمن بن الفحام ، وقرأ به على أبي الحسن علي بن العجمي ، وقرأ به على المؤلف . "اهـ ( النشر:1/66-67 )
ثانياً : إسناده في كتاب " تلخيص العبارات " لابن بلّيمة ، قال رحمه الله : " وقرأت بمضمنه جميع القرآن على الأستاذ ابن اللبان، وقرأ به على محمد بن يوسف الأندلسي، وقرأ به على عبد النصير الإسكندري ( ح )، وقرأت به على أبي محمد عبد الوهاب بن محمد القروي بثغر الإسكندرية، وقرأ به على أحمد بن محمد القوصي شيخ الإقراء بالإسكندرية وعلى محمد ابن عبد النصير بن الشواء المقرئ بالإسكندرية، وقرأ به القوصي على أبي الحسين يحيى بن أحمد ابن عبد العزيز بن الصواف الإسكندري، وقرأ به ابن الشواء على الشيخ الإمام المكين أبي محمد عبد الله ابن منصور الأسمر، وقرأ به المكين الأسمر وابن الصواف علي أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد المجيد المالكي شيخ القراء بالإسكندرية، وقرأ به على أبي القاسم عبد الرحمن بن خلف الله بن محمد بن عطية المقرئ بالإسكندرية، وقرأ به على مؤلفه بالإسكندرية. ( النشر : 1/ .
ثالثاً : إسناده في كتاب " التبصرة " لمكي ، قال رحمه الله : " وقرأت به القرآن كله على الأستاذ أبي المعالي بن اللبان بدمشق، وقرأ به على أبي حيان بمصر، وقرأ به على أبي محمد عبد النصير بن علي بن يحيى، وقرأ به على أبي القاسم الصفراوي. وقرأت به القرآن كله أيضاً على الشيخين: العلامة أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحنفي والإمام أبي محمد عبد الرحمن ابن أحمد الشافعي بالديار المصرية، وقرأ به على الإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد المصري، وقرأ به على الكمال بن شجاع الضرير، وقرأ على أبي الجود، وقرأ أبو الجود والصفراوي على اليسع ابن حزم، وقرأ بها على أبي العباس القصبي، وقرأ بها على موسى بن سليمان، وقرأ بها على المؤلف.
رابعاً : إسناده في كتاب " التذكرة " لابن غلبون ، قال رحمه الله : " وقرأت بمضمنه القرآن كله على أبي عبد الله محمد بن الصائغ المذكور وأبي محمد عبد الرحمن بن أحمد الشافعي، وإلى أثناء سورة النحل على الأستاذ أبي بكر بن أيدغدي بالديار المصرية متفرقين وقالوا لي: قرأنا به كل القرآن إفراداً وجمعاً على الإمام أبي عبد الله الصائغ بمصر، وقرأ هو القرآن بمضمنه على الشريف الكمال علي بن شجاع الضرير بمصر المحروسة، وقرأ به على الشيخين الإمامين أبي الحسن شجاع بن محمد بن سيدهم المدلجي، وأبي الجود غياث بن فارس بن مكي المنذري بمصر المحروسة. أما المدلجي فقال: قرأت به على الإمام أبي العباس أحمد بن عبد الله بن أحمد بن هشام اللخمي بمصر أخبرنا به أبو جعفر أحمد بن محمد بن حموشة القلعي بمصر، أنا به أبو عليّ الحسن بن خلف ابن بلّيمة، أنا أبو عبد الله محمد بن أحمد القزويني أنا المؤلف.
وأما المنذري فقرأ به القرآن كله على الشريف الخطيب ناصر بن الحسن الزيدي بمصر قال: قرأت به على أبي الحسين الخشاب بمصر، وقرأ به على أبي الفتح ابن بابشاذ بمصر، وقرأ به على المؤلف طاهر ابن غلبون .
خامساً : إسناده في كتاب " الروضة " للطلمنكي ، قال رحمه الله : " قرأت بهما – الروضة والمجتبى - ضمناً مع كتاب التيسير والهادي والتبصرة وغير ذلك على الشيخ الإمام أبي العباس أحمد بن الحسين بن سليمان الدمشقي، وقرأ بها كذلك على والده، وقرأ على القاسم بن الموفق الأندلسي وقرأ على أحمد بن عون الله الحصار البلنسي، وقرأ على أبي الحسن علي بن عبد الله بن خلف بن النعمة البلنسي وقرأ على أبي محمد عبد الله بن سهل بن يوسف الأنصاري المرسي، وقرأ على أبي عمر الطلمنكي بقرطبة على مصنفه .
سادساً : إسناده في كتاب " الكامل " للهذلي ، قال رحمه الله : " وقرأت جميع القرآن بما دخل في تلاوتي من مضمنه من القراءات العشر وغيرها على الشيوخ الأستاذ أبي المعالي محمد بن اللبان الدمشقي والعلامة أبي عبد الله بن الصائغ والإمام أبي محمد الواسطي، وإلى قوله تعالى " إن الله يأمر بالعدل والإحسان " ( النحل : 90)على الأستاذ أبي بكر بن الجندي.
وقرأ ابن اللبان بما تضمنه من القراءات العشر فقط على شيخه الأستاذ أبي محمد عبد الله بن عبد المؤمن بن الوجيه الواسطي، وقرأ هو بجميع ما تضمنه من جميع القراءات على أبي العباس أحمد بن غزال الواسطي، وقرأ به على الشريف أبي البدر محمد بن عمر الداعي، وقرأ به على أبي عبد الله محمد بن محمد بن الكال الحلي، وعلى أبي بكر عبد الله بن منصور بن الباقلاني الواسطي. وقرأ ابن الكال به على الإمام الحافظ أبي العلاء الهمذاني. وقرأ به أبو العلاء وابن الباقلاني على الإمام أبي العز القلانسي. وقرأ باقي شيوخي بما تضمنه من القراءت الإثني عشرة وغيرها على شيخهم أبي عبد الله الصائغ وقرأ كذلك على الكمال بن فارس، وقرأ كذلك على الإمام أبي اليمن الكندي. وقرأ بمضمنه على سبط الخياط. وقرأ بمضمنه على الإمام أبي العز القلانسي. وقرأ به أبو العز على مؤلفه الإمام أبي القاسم الهذلي .
سابعاً : إسناده في كتاب " الهداية " للمهدوي ، قال رحمه الله : " وقرأت بمضمنه القرآن كله على شيخ الإقراء ابن اللبان في ختمة كاملة وكان قد فاتنى منه اختلاس الحركات المتواليات لأبي عمرو فاستدركتها عليه، وأخبرني أنه قرأ به جميع القرآن على أبي حيان الأندلسي وأنّ أبا حيان قرأ به على أبي جعفر أحمد بن علي بن أحمد الغرناطي قال: قرأت به على أبي محمد عبد الله بن محمد العبدري، قال: قرأت به على أبي خالد يزيد بن محمد بن رفاعة اللخمي ، قال: قرأت به على أبي الحسن علي بن أحمد بن خلف بن الباذش ، قال: قرأت به على أبي الحسين يحيى بن إبراهيم بن أبي زيد اللواتي، قال: قرأت به على المهدوي المؤلف .
فإن قيل : إن بعض هذه الأسانيد هي عن طريق محمد بن عبد الوهاب الاسكندري مروراً بالصفراوي وابن بليمة ، وهما موجودان في أسانيد الإرشاد ، وهذا يدل على صحة ما في السلاسل الذهبية ؟
فنقول : العبرة ليست بوجود أسماء أشخاص في السلسة ، بل العبرة هي السلسلة المتصلة من ابن الجزري إلى منتهى السند كما هي في النشر ، وإلا فلا عبرة بوجود غيرها.
وهنا أقول كلمة مهمة وخطيرة جداً :
إن السبب الأكبر الذي أدى إلى هذا الخلط في كتاب " السلاسل الذهبية " هو المنهجية المعتمدة في تأليفه ، وهي النظر إلى أسانيد الكتاب من أول ذكر اسم مؤلفه ، وليس من أول سند ابن الجزري للكتاب ، وهذا يعني أن " السلاسل " التي بين ابن الجزري وصاحب الكتاب – وهي من الأهمية بمكان - غير معنية ، وهذا من أكبر الخطأ - عندي - في كتاب يُعنى بالأسانيد النشرية ، فهي ليست " نشرية " أو " جزرية " إلا باعتبارها سلسلة متكاملة من ابن الجزري إلى اسم صاحب الكتاب ، وذلك حسب ما بينه ابن الجزري نفسه أثناء عرضه لأسانيد كتبه .
والسؤال الآن هو :
أين وجه الإلزام الذي يُلزَم به ابن الجزري بعد بيان اختلاف الأسانيد!!؟
نقاط مهمة :
1- ابن الجزري عدّ طريق ابن سفيان طريقاً واحدة مع أنه ذكرها من ثلاث كتب ، فقال : "
[FONT=&quot]" الثالثة : طريق ابن سفيان من ثلاث طرق : من كتابه " الهادي " ، ومن كتاب " الهداية " ؛ قرأ بها على ابن سفيان ، ومن كتاب " تلخيص العبارات " قرأ بها ابن بليمة على شيوخه عثمان بن بلال وغيره عنه ، الرابعة : ...الخ " اهـ ( النشر : 1/101).[/FONT]
فلماذا لم يعتبر ابنُ الجزري كلاً من " الهداية " و " التلخيص " طريقاً أصلية فجعلهما طريقين فرعيين عن " الهادي " !! كما فعلت " السلاسل " حيث اعتبرت كل هذه " ال " 8 " طريقاً واحدة لكتاب " الإرشاد " غير المصرح باسمه أصلاً ؟!
السبب واضح لمن يتأمل إسناد ابن الجزري لهذه الكتب على انفراد ، :
ابن الجزري لاشك أنه قرأ القرآن الكريم بهذه الكتب كلها كما صرّح هو نفسه ، لكنه لما جاء إلى " اختيار الطرق " صرّح بإسناده لها ، ولهذا أقول: إن منهجيته في إسناده للطريق شيء يختلف عن منهجيته في إسناده للكتاب ، فهو رحمه الله عنده إسنادان :
الأول : إسناده العام للكتاب .
الثاني: إسناده الخاص لبعض الطرق المختارة ؛ وهذا يلاحظ فيه أنه يجعل بعض الطرق فرعية ، وهذه منهجية انتهجها لنفسه ، لأنه يراعي فيها الشروط التي اشترطها لنفسه . ولو كان لا يراعي منهجية معينة لاكتفى بذكر الطرق ، ولما أسند طرقاً فرعية ، وعليه فلا يمكننا إلزامه أو التعقيب عليه في منهجيته هذه .
2- وقع هنا ، أعني في الطريق رقم ( 28 ) في المشجرات في كتاب " السلاسل الذهبية " ( صفحة : 234) وهي الطريق الأولى من الخمس طرق المذكورة ، خلط عجيب في الأسانيد ، حيث جاءت على أنها من كتابي " الهداية " للمهدوي ، و " التلخيص " لابن بليمة ، عن " الهادي " عن " الإرشاد " ، وهذا فيه نظر :
أما من كتاب ابن بليمة ؛ فمن باب التنزل يمكن أن نعتبر هذه الطريق للإرشاد " هي من إحدى طريقين في " التلخيص " لابن بليمة " ، لأن سند ابن الجزري فيها يتفق مع سنده " في الإرشاد " ، وهو وجهٌ .
لكن لا يصح أن يقال إنها من طريق " التلخيص " مطلقاً ؛ لأن ابن الجزري له طريقان في التلخيص ، فإذا أطلقنا فمعناه أن الطريقين مرادان ، وهو ما لا يصح قوله في " الإرشاد " ، والله أعلم .
وأما من كتاب " الهداية " فلا يصح أن ننسب هذه الطريق لها مباشرة ، لأن سند ابن الجزري " للهداية " مختلف ألبتة عن هذا السند المذكور هنا ، فسنده في الهداية هو ما ذكرناه قبل قليل .
فظهر بهذا اختلاف الاسنادين ؛ وعليه فكتابة اسم المهدوي وابن بليمة خطأ محض ، والصواب هو ما صرح به ابن الجزري أنها من طريق ابن سفيان ولذا لم يعتبرهما طريقين منفصلين كما سبق .
فإن قيل : ماذا تقول في عبارة ابن الجزري :
" " الثالثة : طريق ابن سفيان من ثلاث طرق : من كتابه " الهادي " ، ومن كتاب " الهداية " ؛ قرأ بها على ابن سفيان ، ومن كتاب " تلخيص العبارات " قرأ بها ابن بليمة على شيوخه عثمان بن بلال وغيره عنه " اهـ
فابن الجزري نفسه نصّ على الكتابين ؟
فالجواب : أن الكتابين المذكورين طريقان فرعيان ، وليسا أصليين ، وهما في هذه الحالة مرتبطان بسند ابن الجزري لكتاب " الهادي " ، وليس بسنده الخاص بهما ، وهو ما أشرت إليه قبل قليل أن لابن الجزري منهجيةً في أسانيده للكتب ، تختلف عن أسانيده في الطرق ، وإلا اعتبرنا أن كل طريق فيه ذكرٌ لابن مجاهد هو من كتابه " السبعة " ويكون أصول النشر لا تتعدى بضعة كتب !! وهذا ما لم يقله أحد .
وأختم الكلام بعبارة الشيخ المنصوري رحمه الله ، لما فرغ من " تحرير مسألة ، حيث قال : " ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ، والعلّامة ابن الجزري أوعى للطرق وأيقظ ، والحقّ أحقّ أن يتبع " . اهـ ( إرشاد الطلبة إلى شواهد الطيبة : 22) .
والله تعالى أعلم .
 
الجهد المبذول في قراءة الموضوع كبير , فما بالنا بجهد الكاتب .
شكرا أستاذنا الجكني وجاري قراءة الموضوع بتأني وتعقل .
 
جزاك الله خيراً أخي الكريم حازم محمد سلام ، وأدعو الله تعالى القبول منا جميعاً ، وأن تكون خدمتنا لكتاب الله تعالى ، وما يتعلق به خالصة لوجهه الكريم .
أخي حازم :
الطريق لا يزال طويلاً وشاقّاً ، وكل " نظرة " من هذه النظرات ستكون أقوى من التي قبلها ، وأرجو الله تعالى السلامة من الخلل والخطأ، كما نسأله السداد والتوفيق .
 
( 3 )

جاء في السلاسل الذهبية " :
" كما انتقى بعض الطرق دون أن يشير إلى الكتاب الذي اختارها منه ، فبحثت عنها فوجدت بعضها في ( 4 كتب ) وهي : الاختيار للسبط ، و " سوق العروس " لأبي معشر ، و " المفردات " للداني ، و " الموجز " للأهوازي " اهـ ( ص : 26) .
التعليق :
1- ليس بالضرورة أن يكون ابن الجزري أخذ هذه الطرق بأسانيده التي أعلن عنها لهذه الكتب المذكورة ، حتى ولو وجدت فيها ، فكون الطرق التي لم يصرح ابن الجزري بمصدره فيها موجودة في هذه الكتب فهذا لا يعني أن ابن الجزري " اختارها " منها بأسانيده التي ذكرها في النشر ، وهو ما حدث فعلاً ، فابن الجزري لم يروِ كتاب " الاختيار – كما سيأتي - ، وأسانيده لهذه الطرق الموجودة فيه ليست هي إسناده لكتب سبط الخياط في النشر ، حتى وإن قالت " السلاسل الذهبية " أنه من " مصادر النشر " وهو ما لا يصح عندي بحال من الأحوال كما سيأتي قريباً إن شاء الله تعالى .
وعليه فالوجود ليس هو مهمة ابن الجزري ، ولا يعنيه ، ولا يعنينا ، وإنما المعني هو " سند " هذه الطرق من ابن الجزري إلى هذه الكتب ، وهذا هو عمل ابن الجزري رحمه الله ، أراد أن يوصلنا إلى هذه الكتب بأسانيده هو .
2- وأيضاً : عبارة " السلاسل الذهبية " : " انتقى .." : أرى أن التعبير بكلمة " روى " بدلاً عنها أكثر دقة وصواباً ، لما صرح به ابن الجزري نفسه ، عندما قال رحمه الله : " فهذا ما حضرني من الكتب التي رويت منها هذه القراءات والطرق بالنص والأداء ، وها أنا أذكر الأسانيد التي أدت القراءة لأصحاب هذه الكتب .. وأذكر ما وقع من الأسانيد بالطرق المذكورة بطريق الأداء فقط " . اهـ ( النشر: 1/98) .
فهذه الطرق التي لم يصرح ابن الجزري بكتبها هي " روايته " وليست " انتقاءه " ، والله أعلم .
 
جزاك الله خيراً أخي الكريم حازم محمد سلام ، وأدعو الله تعالى القبول منا جميعاً ، وأن تكون خدمتنا لكتاب الله تعالى ، وما يتعلق به خالصة لوجهه الكريم .
أخي حازم :
الطريق لا يزال طويلاً وشاقّاً ، وكل " نظرة " من هذه النظرات ستكون أقوى من التي قبلها ، وأرجو الله تعالى السلامة من الخلل والخطأ، كما نسأله السداد والتوفيق .

آمين , سأطبع ما تكتبه ؛لأقرأه بتركيز؛ لأني -لا أخفي عليك- حدث لي دوار( ابتسامة ).
الموضوع فعلا دقيق للغاية ويحتاج لقراءة من نوع خاص وعدم تسرع في بناء وإصدار أحكام .؟
أعانك الله على إتمامه.تابع نحن معك نقرأ ونرى .سدد الله خطاك أستاذنا الكريم .
 
( 4 )
جاء في السلاسل الذهبية :
" أمّا عن مدى التزام الجزري ( كذا ) بالمنهج الذي وضعه لنفسه فلم يختل معه إلا في مواضع معدودة أنبه على بعضها :
1- انتقى الجزري في رواية هشام الطرق ( 438، 439، 440 ) من الكامل ، وفيها يروي الهذلي عن الحسن بن خشيش ، وأحمد بن الصقر ، ومحمد بن يعقوب ، الثلاثة على زيد بن أبي بلال ، إلا أنه استبعد في تراجمهم قراءتهم على زيد ، وبهذا لم تتحقق المعاصرة واللقيا ، بخلاف الشرط الذي اشترطه على نفسه " اهـ ( السلاسل : 27)
التعليق :
هذه المسألة درسها كاتب هذه الحروف في أطروحته للدكتوراه " منهج ابن الجزري في كتابه النشر مع تحقيق قسم الأصول " وقد استوقفه ما استوقف السلاسل هنا ، لكن اتضح بعد البحث أن ما في النشر هو الصواب لعدة أسباب علمية ومنهجية من أهمها تصريح الهذلي نفسه بقوله " قرأتُ " وهي صريحة في القراءة ، ولم يصرح بعبارة أخرى ، وهناك أدلة أخرى مذكورة في البحث المذكور ، وقد سجلتها هنا في هذا الملتقى ، لكن لا أتذكر الآن تحت أي رابط ، فمن يساعدنا في استخراجه ندعو له دعوة طيبة إن شاالله تعالى ..
2- انتقى الجزري من الكامل عدة طرق يروي فيها الهذلي عن أبي نصر القهندزي ، وصرح فيها بقراءة الهذلي عليه ، إلا أن تلك الأسانيد جميعاً هي في الكامل بالإخبار لا بالقراءة بين الهذلي والقهندزي " اهـ ( السلاسل: 27 ) .
التعليق :
كثير من طرق النشر ، وخاصة من كتابي " الكامل " و " المصباح " هي " بالإخبار : قراءة الحروف " وليست " بالتلاوة والقراءة " ، وبعد البحث والاطلاع اتضح أن ابن الجزري رحمه الله لا يؤاخذ بهذا ، ولا يلزمه ، ولا ينتقد فيه ؛ حتى وإن كان يخالف ما اشترطه على نفسه ، لاحتمال أنه – ابن الجزري – يقول بقول الإمام أبي معشر الطبري رحمه الله فيما علق به على قول الإمام أبي طاهر بن أبي هاشم ؛ تلميذ ابن مجاهد ، قال أبو معشر رحمه الله :
" قال أبو طاهر : ليست الفائدة في نقل حروفٍ لا اختلاف فيها بين الناس ، بل إنما الفائدة في مذهب الإمام في الحرف المختلف في قراءته ، فإذا كان حمزة قد سأل الأعمش عن قراءته المختلف في تلاوتها حرفاً حرفاً ؛ فسواء قرأ عليه أو لم يقرأ لأنه قد قرأ عليه الحروف ذات الخلاف ، واجابه الأعمش بمذهبه الذي نقله عن أئمته فيها : وذلك وقراءة القرآن كله عليه سواء في معرفة مذهبه مما الخلاف بين الناس موجود ، لا يدفع صحة ذلك ومعرفته بوجوه القراءات ، وعلى هذا .. كان يبني مذهبه أبو طاهر ، وكذلك شيخ الشيوخ أبو بكر بن مجاهد ؛ لأنه روى السبعة وجميع ما تلا منها وقرأ القرآن بها خمس روايات " اهـ ( سوق العروس : ق : 61/أ ) .
والله أعلم .
 
( 5 )
جاء في السلاسل الذهبية :
" إن كان لمصنف من أئمة القراءة كتابان وكانت الطريق النشرية موجودة في كليهما فإن الجزري يعتبرهما طريقين ..... إلا أنه لم يفعل ذلك في طرق التيسير ، فإن جميعها في " جامع البيان " ومع ذلك لم يعدها الجزري طريقين للداني " .اهـ ( ص : 29) .
التعليق :
فهمتُ من فحوى هذا الكلام أن " السلاسل الذهبية " تعتبر " جامع البيان " من أصول النشر ، وإذا كان هذا الفهم صحيحاً فأقول :
من قال إن " جامع البيان من " أصول النشر " !!؟
"جامع البيان " هو من " مرويات " ابن الجزري ، و ليس من " أصول نشره " ، وشتان ماهما ، أعني " الجامع " و " التيسير " ، فابن الجزري قرأ التيسير وقرأ بطرقه كلها ، وأما " جامع البيان " فإنه قرأ بمضمّن ما دخل في تلاوته من كتاب " الإعلان " للصفراوي " ، ولهذا : لا يمكن أن نعرف ما هي طرق ابن الجزري في جامع البيان حتى نعرف ما هي طرق الصفراوي في الإعلان التي أخذها بمضمن جامع البيان .
حتى ولو عرفناها فإننا لن نعتبر " جامع البيان " من أصول النشر لأن ابن الجزري لم يصرح به ولا مرة واحدة في مبحث الطرق .

ولنا عودة إن شاء الله في الحديث عن ضابط " أصول النشر " الذي يستخدمه المعنيون بكتاب النشر .
والله أعلم .
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

لو تسائلنا ما هو الضابط في الحكم على كتاب جامع البيان أو غيره أنّه من مصادر النشر ؟

لعلّ الضوابط عندي هي :

أوّلا : ثيوت الرواية في النشر إلى صاحب المصدر
ثانياً : أن يكون مضمون الرواية أصولاً وفرشاً موافقا لما في المصدر
ثالثاً : أن تكون رواية صاحب المصدر عن شيوخه هي هي الرواية الثابتة في النشر

لو أخذنا رواية ورش من طريق الداني عن أبي الفتح مثالاً فإنّه سيتّضح أنّها ثابتة في النشر وجامع البيان بنفس الإسناد والرواية بل نجد أنّ ما تضمّنه الجامع في قراءة الداني على أبي الفتح يتوافق مع ما في النشر إلاّ ما قد يُخضعُهُ المحرّرون إلى التحرير والتحقيق. فإذن كتاب جامع البيان هو من مصادر النشر من جهة الرواية والإسناد والمضمون فيما يتعلّق بقراءة الداني على أبي الفتح بل من قراءته على المشايخ الثلاثة.
ولو قلنا بما يقوله شيخنا الجكني لصارت رواية الداني عن أبي الفتح طريقاً أدائيّاً وهذا غير ممكن لأنّ الطريق الأدائي ليس له مصدر يُرجع إليه ، وقد رأينا أنّ لهذه الرواية مصدرا يُرجع إليه من حيث المضمون.

وكما هو معلوم أنّ كتاب التيسير هو جزء من كتاب جامع البيان من حيث المضمون والإسناد فأمّا الإسناد فالرواية عن ابن خاقان ثابتة في المصدرين وفي النشر وأمّا المضمون فالذي نجده في التيسير هو هو الذي نجده في الجامع وفي النشر ، وعليه أقول : إن كان كتاب التيسير من طرق النشر وهو جزء من جامع البيان فيكون طريق الجامع من طرق النشر بالضرورة. وهذا يُقال في الشاطبية بالنسبة للطيّبة إذ كلّ ما ورد في الشاطبية هو من الطيّبة بالضرورة لأنّ إسناد الشاطبية هو من أسانيد الطيّبة وكلّ ما تضمنته الشاطبية تتضمنّه الطيّبة. وكلّ ما قيل في الشاطبية بالنسبة للطيبة يُقال في الجامع بالنسبة للنشر إلاّ أنّ الفرق يكمل في كون ابن الجزريّ لم يذكر كتاب جامع البيان في باب الأسانيد وهذا لا يضر ما دامت الشروط موجودة ، بدليل أنّ كتاب سوق العروس من مصادر النشر ومع ذلك لم يذكر ابن الجزري الكتاب في أسانيده ، وما حكم العلماء بأنّه من مصادر النشر إلاّ لكونه يتوافق مع أسانيد النشر من طريق أبي معشر الطبري واكتفى ابن الجزري في النشره بتسميته "طريق أبي معشر" مع عدم ذكر الكتاب ولا شكّ عندي أنّ كتاب جامع البيان هو من طرق الداني عن أبي الفتح وبالتالي فهو من طرق النشر كما كان كتاب سوق العروس كذلك.

خلاصة المسألة أنّ المصدر هو مجرّد بيان مضمون المنقول بالرواية ولا يُشكّل طريقاً مستقلاً في حدّ ذاته إلاّ إذا كان إسناده مستقلاً فإنّ المضمون يتبع الإسناد حينئذ، وقد رأينا أنّ مضمون طريق النشر لا يختلف عن طريق الجامع فيكون هذا الأخير طريقاً له.


أكتفي بهذا القدر والحمد لله ربّ العالمين.
 
أولاً أشكر فضيلة أخي الحبيب وصديقي العزيز الشيخ محمد يحي شريف حفظه الله وبارك فيه ، وأسجل سعادتي بمروره وتعليقه ، لكن ، وهو :
ثانياً : لن أعلّق على أي مداخلة من الإخوة الكرام في هذه الصفحة إلا بعد الانتهاء من جميع النظرات ، حتى لا يتشتت الذهن ويضيع الوقت والجهد قبل اكتمال الموضوع برمته ، فالموضوع طويل وحساس ويحتاج إلى شدة في الانتباه ، فربما صياغة عبارة تؤدي إلى غير المطلوب المراد .
ثالثاً : أطلب من تلاميذي ممن يطلع على الموضوع أن يقوم بجمع كل المداخلات من المشايخ الكرام وجعلها في ملف خاص أو صفحة خاصة لمناقشتها والجواب عنها .
وللجميع كامل التحية والتقدير .
 
( 6 )

جاء في السلاسل الذهبية :
" من عادة الجزري – رحمه الله – في عد الطرق أنه إذا اختار طريقاً من كتاب وتخلل تلك الطريق كتابٌ آخر أن يعتبرهما طريقين كما فعل في أسانيد الشاطبية مع التيسير للداني ، والكامل مع غاية ابن مهران والكافي مع روضة المالكي وغيرها . " اهـ ( ص : 29 )
التعليق :
هذا الكلام فيه نظر ، بل ابن الجزري لم يعتبرها إلا طريقاً واحدة ، بدليل أنه قال :" طريق ابن مهران وهي الرابعة من : الغاية والكامل ..الخ ، ثم قال : الطريق الخامسة ...وهكذا ، وليس في كلامه ما يدل على أنه اعتبرهما طريقين لمن تأمل .
والسبب في هذا – والله أعلم – هو أن ابن الجزري لم يعتبر الطريق الفرعية ، كما مرّ سابقاً في الكلام عن طرق الإرشاد .
وهنا مسألة دقيقة في الأسانيد النشرية :
وهي أن ابن الجزري رحمه الله عندما يجعل طريق " الغاية " و " الكامل " طريقاً واحدة لا طريقين فإنه يفعل ذلك – والله أعلم - باعتبار سنده عن شيخه " أبي محمد عبدالرحمن المصري الواسطي ، فسنده هو السند المشترك بين الكتابين .
أما إذا جعل الكتابين طريقين مختلفين ؛ فذلك باعتبار سنده عن شيخه أبي العباس أحمد بن الحسين الدمشقي ؛ في كتاب الغاية ، وباعتبار سنده عن شيوخه : أبي المعالي ابن اللبان وابن الجندي في كتاب " الكامل .
فظهر هنا أن القول بالإطلاق المذكور في كتاب " السلاسل الذهبية " فيه نظر ، خاصة وأن الكتاب كتاب " أسانيد " لاغير .
والله أعلم .
 
( 4 )
جاء في السلاسل الذهبية :
" أمّا عن مدى التزام الجزري ( كذا ) بالمنهج الذي وضعه لنفسه فلم يختل معه إلا في مواضع معدودة أنبه على بعضها :
1- انتقى الجزري في رواية هشام الطرق ( 438، 439، 440 ) من الكامل ، وفيها يروي الهذلي عن الحسن بن خشيش ، وأحمد بن الصقر ، ومحمد بن يعقوب ، الثلاثة على زيد بن أبي بلال ، إلا أنه استبعد في تراجمهم قراءتهم على زيد ، وبهذا لم تتحقق المعاصرة واللقيا ، بخلاف الشرط الذي اشترطه على نفسه " اهـ ( السلاسل : 27)
التعليق :
هذه المسألة درسها كاتب هذه الحروف في أطروحته للدكتوراه " منهج ابن الجزري في كتابه النشر مع تحقيق قسم الأصول " وقد استوقفه ما استوقف السلاسل هنا ، لكن اتضح بعد البحث أن ما في النشر هو الصواب لعدة أسباب علمية ومنهجية من أهمها تصريح الهذلي نفسه بقوله " قرأتُ " وهي صريحة في القراءة ، ولم يصرح بعبارة أخرى ، وهناك أدلة أخرى مذكورة في البحث المذكور ، وقد سجلتها هنا في هذا الملتقى ، لكن لا أتذكر الآن تحت أي رابط ، فمن يساعدنا في استخراجه ندعو له دعوة طيبة إن شاالله تعالى ..
لعلكم تشيرون إلى ما كنتم كتبتموه هنا يا دكتور:
نظرات في غاية النهاية (2)
وفقكم الله وزادكم من فضله.​
 
( 7 )

جاء في السلاسل الذهبية :
" إلا أنه قد فاته – ابن الجزري - من ذلك بعض الطرق فلم يشر إلى الطريق الثانية ، فتتبعته في ذلك وألزمته بعدّها وفق منهجه ، وذلك كما في التجريد مع جامع الفارسي ، والمستنير مع جامع ابن فارس الخياط ، وتلخيص العبارات والتذكرة كلاهما مع إرشاد ابن غلبون ، فعلتُ ذلك لأنه رحمه الله قد اختار من جامع الفارسي وجامع ابن فارس وإرشاد عبد المنعم طرقاً مثلها ، وصرح بذلك " اهـ ( ص : 29-30 )
التعليق :
وأيضاً : هذا لا يلزم ابن الجزري ألبتة ألبتة ، إذ منهجيته التي سار عليها هي الصواب والحق بعينه ، وما في السلاسل الذهبية هو غفلة عن دقيقةٍ من دقائق منهجية ابن الجزري ، ولو انتبه إليها لما " كرر إلزاماته له " !
أما الحديث عن " التجريد " و " جامع الفارسي " فسنتكلم عليه لاحقاً .
وأما " المستنير " مع " جامع " ابن فارس " : فإسناد ابن الجزري للكتابين واحد ، وهذا يسهل القضية .
وأيضاً :
قول السلاسل الذهبية " : " فتتبعته وألزمته بعدّها " لا يسلم هذا الإلزام لسببين رئيسيين :
الأول : اختلاف المنهجية في السلاسل مع منهجية ابن الجزري ، وهذا بحد ذاته يرد كل الالزامات المدّعاة على ابن الجزري .
الثاني : على فرض صحة هذا الالزام فإن بين المسألتين خلافاً ، أعني بين اعتبار كتاب غاية ابن مهران والكامل طريقين ، وبين اعتبار التجريد والجامع طريقين كما جاء في السلاسل " وهذا الخلاف هو أن ابن الجزري في المسألة الأولى يصرح باسم الكتاب – الطريق – الثاني ، بينما في كتاب التجريد لايصرح بالجامع وإنما يصرح بالفارسي ، وهذا مهم جداً في المسألة ، كما سيأتي . والله أعلم .
 
( 8 )

جاء في السلاسل الذهبية :
" أصول النشر وطرقه المنتقاة منها " اهـ ( ص : 33) .
التعليق :
ذكرت " السلاسل الذهبية " تحت هذا العنوان " أسماء الكتب التي استقى منها ابن الجزري طرقه ، وهذا لا خلاف فيه معها .
لكن الاختلاف مع السلاسل " هنا هو أن يذكر تحت هذا العنوان كتباً ، لم يستق منها ابن الجزري أي طريق ، ويعتبرها أصلاً من أصوله !! إذ كيف يخلو كلام ابن الجزري أثناء الأسانيد عن ذكر أي كتاب من الكتب ، ثم نجعل هذا المسكوت عنه أصلاً من أصوله ، مع تصريح ابن الجزري بأنه سيذكر الكتب التي هي أصوله والتي استقى منها طرقه ؟ !!!
وأرى أن سبب هذا الاختلاف مع " السلاسل " وغيره ؛ هو في تحديد معنى " أصول النشر " ما المقصود بهذا المصطلح ؟
حسب صنيع " السلاسل الذهبية " – والله أعلم – هو أن " أصول النشر " : كل الكتب التي ذكرها ابن الجزري في كتابه النشر في الجزء الأول من الصفحة ( 58- 98) بدءاً بكتاب " التيسير للداني ، وختماً بكتاب " مفردة يعقوب للصعيدي " ، فهذه هي " أصول النشر عنده ، فيدخل فيها جامع البيان ، ومفردة يعقوب للداني ، والمنتهى للخزاعي ، والكنز لابن الوجيه الواسطي ، وغيرها ، والله أعلم .
أما كاتب هذه الحروف فيرى أن هذا الاعتبار خطأ ، وغير سديد ، وإنما " أصول النشر " هي الكتب التي صرّح ابن الجزري بأخذ طرق منها مهما قلّت هذه الطرق أو كثرت ، وهي الكتب المذكورة في النشر في الجزء الأول من الصفحة ( 99- 198) وما عداها إنما هي " مرويات " ابن الجزري في كتب القراءات عموماً ، والله أعلم .
وقبل أن نبدأ بالتعليق على ما في " السلاسل الذهبية " تحت هذا العنوان ، أختم بهذه الكلمة :
إن كتاب النشر تأتي أهميته من خلال " أسانيده " وليس من خلال " قراءاته " ؛ لأن القراءات مذكورة في أي كتاب من كتب القراءات ، وليس في النشر ما يميزه عن غيره من كتب القراءات فيها ، أما " أسانيده " فهي التي فيها الكلام و البحث والأهمية عند العلماء .
وأيضاً : ليست الأهمية في " الأسانيد " التي هي "من أصحاب الكتب إلى القراء ، لا ، بل الأهمية في دراسة أسانيد النشر هي " أسانيده هو ؛ منه إلى أصحاب الكتب ، فهذه هي التي تقوم عليها أي دراسة لكتاب النشر ، وما عداها فهو تحصيل حاصل ، لا يقدم ولا يؤخر .
 
( 9 )

*رجوع إلى أصول النشر في السلاسل الذهبية * :
جاء في السلاسل الذهبية :
" المطلب الثاني : في التعريف بكتب القراءات التي ذكرها الإمام الجزري في أول النشر وانتقى منها طرق كتابه المذكور مع بيان عدد الطرق المنتقاة من كل منها عن كل راوٍ " اهـ ( ص 32 ) .
ثم في الصفحة التالية ( ص 33) جاء العنوان التالي :
" أصول النشر وطرقه المنتقاة " اهـ
التعليق :
ذكرت السلاسل الذهبية تحت هذا العنوان ( 56 ) أصلاً ، منها ( 45) كتاباً ، و( 11 ) طريقاً .
والناظر لهذه الكتب تحت هذا العنوان سيفهم أن هذه الكتب كلها هي " أصول النشر التي استقى منها ابن الجزري طرقه !!
وهذا الفهم ليس صحيحاً ، ولا صواباً ، بل هو " تدخلٌ " في منهجية ابن الجزري لكتابه من جهة ، وخطأ علمي عند البحث الدقيق .
فهذه ال ( 45 ) كتاباً ليست كلها " أصولاً للنشر ، بل إن فيها ما ليس له ذكر في النشر ألبتة ،
(وبل تحت العنوان سقط كتاب كان الاولى أن يذكر )
وهذه الكتب التي ازعم أنها ليست " أصولاً للنشر " هي :
1- الاختيار في اختلاف العشرة أئمة الأمصار لسبط الخياط .
2- الإشارة بلطيف العبارة لأبي نصر العراقي .
3- الإقناع في القراءات السبع لابن الباذش .
4- جامع البيان للداني .
5- جامع أبي معشر الطبري ( سوق العروس ) .
6- المبسوط في القراءات العشر لابن مهران .
7- المفردات السبع للداني .
8- مفردة يعقوب للداني .
9- المنتهى في القراءات العشر للخزاعي .
فهذه الكتب ليست من أصول النشر في شيء ، ولا يوجد لها ذكر في مبحث الطرق والأسانيد .
أما تفصيل هذا الكلام العام فهو ما سأتناوله في الفقرة القادمة إن شاء الله تعالى .
 
[FONT=&quot]( 10 ) :
[/FONT]
[FONT=&quot] قلت سابقاً إن جعل هذه الكتب التسعة من " أصول النشر " قولٌ غير صحيح ولا دقيق ، ولننظر الآن إلى كتاب :[/FONT]
[FONT=&quot]1- [/FONT][FONT=&quot]الاختيار في اختلاف العشرة أئمة الأمصار :[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]هذا الكتاب هو الرقم ( 1 ) من الكتب التي جاءت في السلاسل الذهبية تحت عنوان :[/FONT]
[FONT=&quot] : أصول النشر وطرقه المنتقاة منها " اهـ ( ص: 33)[/FONT]
[FONT=&quot]فهل هذا الكتاب صدقاً من أصول النشر ؟[/FONT]
[FONT=&quot]الجواب :[/FONT]
[FONT=&quot] لا ، وألف لا ، ليس هذا الكتاب من أصول النشر ألبتة ، بل ليس له ذكر في كتاب النشر مطلقاً ، فكيف يكون كتاب أصلاً لشيء وهو لا يذكر فيه ولو مرة واحدة !!؟ فضلاً عن الأسباب الأخرى ![/FONT]
[FONT=&quot]والسؤال : إذا كان كتاب " الاختيار للسبط " ليس من " أصول النشر فما دليل السلاسل الذهبية على جعله وعده كذلك ؟[/FONT]
[FONT=&quot]فالجواب موجود في السلاسل الذهبية نفسها ( ص : 33 ) وهو : [/FONT]
[FONT=&quot]" هذا الكتاب داخل في رواية ابن الجزري عن سبط الخياط ، يُفهم ذلك من قول الجزري في النشر : " وكتاب تبصرة المبتدي ، وغير ذلك من تأليف سبط الخياط المذكور .." اهـ[/FONT]
[FONT=&quot] فواضح أن عبارة ابن الجزري رحمه الله " وغير ذلك " هي التي " لبّست " على السلاسل الذهبية ، وجعلتها تعتبر " الاختيار " أصلاً من أصول النشر " ! وأيضاً :[/FONT]
[FONT=&quot]أولاً : العبارة ليست " نصاً " في إدخال " الاختيار " ضمن المسكوت عنه من كتب السبط ، بل دلالتها " احتمالية " لا قطعية ، ولو أخذنا بمفهومها مطلقاً لكانت جميع كتب السبط هي من أصول النشر ، وهو ما لم يذكره ابن الجزري نفسه .[/FONT]
[FONT=&quot]ثانياً : لا يوجد نص صريح من ابن الجزري أنه قرأ هذا الكتاب أو قرأ القرآن الكريم كله بمضمنه ، بل لا يوجد في النشر ذكر لاسم الكتاب أساساً ، ولا في غاية النهاية ، ولا في " جامع أسانيده " وهما الكتابان اللذان جمع فيهما ابن الجزري بين أسماء شيوخه والكتب التي رواها عنهم وأخذها عليهم ، أيُّ ذكر يفيد أن ابن الجزري قرأ " كتاب الاختيار " على أحدٍ من شيوخه ، وهو ما يجعلنا شبه متأكدين على عدم رواية ابن الجزري للكتاب مطلقاً ، ووجود ذكره فيهما إنما هو أثناء تعداد وتسمية كتب السبط ، ليس إلاّ ، والله أعلم . [/FONT]
[FONT=&quot] نعم ؛ هناك نص وقفت عليه يفيد أن ابن الجزري قرأ على بعض شيوخه ببعض روايات كتاب " الاختيار " ، لكن هذا لا يجعله أصلاً من أصوله في النشر ؛ لاختلاف إسناده فيه عن إسناده لكتب السبط الموجودة في النشر . [/FONT]
[FONT=&quot] هذا ، وقد جاء في " السلاسل الذهبية " :[/FONT]
[FONT=&quot] " انتقى ابن الجزري في النشر عن سبط الخياط طرقاً عديدة وعزاها إلى مأخذها من كتب السبط ، إلا ( 4 ) طرق لم يعيّن مأخذها منها ، ووجدتها في كتابه الاختيار ، فاعتبرته مرجعاً في معرفة المعلومات التفصيلية لهذه الطرق وهي : " شعبة ( 553) ، وابن وردان ( 854و 865 و 866) ، وليس في كتابَي السبط : المبهج والكفاية في القراءات الست قراءةُ أبي جعفر أصلاً . " اهـ ( ص : 33 ) .[/FONT]
[FONT=&quot]التعليق :[/FONT]
[FONT=&quot] أما طريق شعبة المذكورة فقال فيها ابن الجزري رحمه الله : [/FONT]
[FONT=&quot] " وبالإسناد المتقدم إلى سبط الخياط ، قرأ بها على أبي المعالي ثابت بن بندار ...الخ" اهـ 0 النشر : 1/147 ) .[/FONT]
[FONT=&quot]فما مراد ابن الجزري رحمه الله بقوله : " والإسناد المتقدم " ؟[/FONT]
[FONT=&quot] إن هذه العبارة – والله أعلم – هي التي أدت اللبس للسلاسل الذهبية ، وكان الأولى أن لا يكون لبس في الأمر ؛ لأن " الإسناد المتقدم هو إسناد كتاب المبهج ، فكان من حق العربية أن يكون هو المراد لكونه أقرب مذكور متعلق بالسبط ، ولكن لما كان الاسناد غير موجود في " المبهج " كتبت السلاسل الذهبية تحت اسم السبط ( الاختيار ) ![/FONT]
[FONT=&quot] والذي يظهر – والله أعلم - أن مراد ابن الجزري رحمه الله بقوله " الإسناد المتقدم " هو إسناده الخاص به الذي ذكره في النشر في مبحث الأسانيد ولم يذكره ضمن أسانيده في الكتب ، وهذه الأسانيد الخاصة له هي في حدود ( 4-6 ) ، وقد تنوعت عبارته فيها ، فأحياناً يقول كما هنا " الاسناد المتقدم " وأحياناً يقول : " وبه إلى فلان " كما في ( 1/139 ) وأخرى يقول : " وبإسنادي إلى فلان " كما في ( 1/131) ، وهو في كل هذه التعبيرات لا يقصد إسناده المذكور في الكتب ، بدليلين :[/FONT]
[FONT=&quot]1- [/FONT][FONT=&quot]عدم وجودها فيها .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]2- [/FONT][FONT=&quot]اختلافها عن الأسانيد فيها .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]للمسألة بقية إن شاء الله تعالى . [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
 
[FONT=&quot] ( 11 ) :
[/FONT]
[FONT=&quot]أذكر الآن إسنادين يدلان على تدخل " السلاسل الذهبية " في " أسانيد النشر " بالاجتهاد ، والإسراع إلى تخطئة ابن الجزري والاستدراك عليه بما هو بريء منه ، مع عدم صحة ما جاء في السلاسل الذهبية :[/FONT]
[FONT=&quot]الإسناد الأول :[/FONT]
[FONT=&quot] في قراءة أبي عمرو ، رواية السوسي ، قال ابن الجزري رحمه الله : [/FONT]
[FONT=&quot] " وبإسنادي إلى الكنديّ ، وقرأ بها على الخطيب أبي بكر محمد بن الخضر بن إبراهيم المحوليّ ، وقرأ بها على أبي القاسم يحي بن أحمد السيبي[/FONT][FONT=&quot] ...اهـ ( النشر : 1/131) .[/FONT]
[FONT=&quot] يلاحظ هنا أن ابن الجزري رحمه الله ، لم يبيّن أو يصرح بمصدر هذه الطريق منه إلى الكندي ، بل اكتفى بذكر الإسناد من الكندي إلى السوسي ، فماذا كان من " السلاسل الذهبية " ؟ [/FONT]
[FONT=&quot]الذي كان من " السلاسل الذهبية " هو أن ذكرت إسناداً بين ابن الجزري والكندي [/FONT][FONT=&quot]؛ وجعلته من قراءة ابن الجزري على ابن الصائغ ، على التقي الصائغ ، على الكمال ابن فارس ، على أبي اليُمن تاج الدين الكندي .( السلاسل الذهبية ص : 310) .[/FONT]
[FONT=&quot]فهل هذا مستقيم !؟[/FONT]
[FONT=&quot]قبل أن نجيب على السؤال نقول ، والله هو الموفق :[/FONT]
[FONT=&quot] معلوم أن ابن الجزري تتصل أسانيده – كما صرح في مبحث مروياته في النشر - إلى الكندي من جهتين : [/FONT]
[FONT=&quot]الأولى : من كتاب الكفاية في القراءات الست .[/FONT]
[FONT=&quot]الثانية : من كتب سبط الخياط .[/FONT]
[FONT=&quot]يعني : ابن الجزري يصل إلى تاج الدين الكندي من خلال كتاب الكفاية في القراءات الست ، ومن خلال بعض كتب سبط الخياط ، وهذا يجعلنا نبيّن أسانيده في الكتابين ، وهي كالتالي :[/FONT]
[FONT=&quot]أولاً : إسناد ابن الجزري إلى كتاب " الكفاية في القراءات الست : [/FONT]
[FONT=&quot] قرأ ابن الجزري القرآن كله على أبي محمد البغدادي ، وعلى أبي بكر بن الجندي ( إلى قوله تعالى : إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) ، وقرآ به على الصائغ ، وقرأ به على الكمال بن فارس ، وقرأ به على الكندي . اهـ ( النشر : 1/ 85) .[/FONT]
[FONT=&quot]ثانياً إسناد ابن الجزري إلى كتب سبط الخياط :[/FONT]
[FONT=&quot]كتاب المبهج : ابن الجزري على عبدالرحمن بن أحمد الواسطي ، وعلى ابن الجندي ( كما تقدم ) ، وهما على الصائغ ، بنفس السند السابق .[/FONT]
[FONT=&quot]كتاب الإيجاز : من قراءته على الثلاثة : الواسطي وابن الجندي وابن البغدادي ، بنفس السندين السابقين .[/FONT]
[FONT=&quot]فهؤلاء الشيوخ الثلاثة بالسند المذكور هم إسناد ابن الجزري إلى الكندي ، كما في النشر . [/FONT]
[FONT=&quot]إذا ثبت هذا فنقول :[/FONT]
[FONT=&quot] إنّ " السلاسل الذهبية " قد اجتهدت في أسانيد النشر اجتهاداً خاطئاً لا شك في خطئه ، ولو تمعنت السلاسل قليلاً ، لظهر لها أن الإسناد الموجود فيها فيه نظر قوي جداً فيما أرى ، وهو كالتالي :
[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot] إذا كان سند ابن الجزري في هذه الطريق عن الكندي هو نفس أسانيده في كتاب الكفاية في الست ، أو في كتب سبط الخياط ، فيعتبر ما في السلاسل الذهبية " قصور من جهة ، وخطأ من جهة أخرى :[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] أما القصور فهو أن هذا الاسناد الذي في السلاسل الذهبية هو إسناد كتاب " الإيجاز " لسبط الخياط ، وهو من قراءة ابن الجزري على شيوخه الثلاثة المذكورين سابقاً ، بينما اقتصرت السلاسل على واحد منهم وهوابن الصائغ فقط ، فأين دليل السلاسل الذهبية على قصر السند على واحد من الثلاثة بعينه ؟[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] لا يقول قائل : إن هذا القصور غير مهم ! ولو قاله لقيل له : بل هو مهم لأن عدم ذكره يعني إسقاط سند من أسانيد ابن الجزري التي كتبها هو نفسه في كتابه .[/FONT]
[FONT=&quot]أما الخطأ : فهو أن أسانيد ابن الجزري الموصلة للكندي ، هي كلها من قراءة الكندي على سبط الخياط ، بينما السند الذي معنا هنا هو من قراءة الكندي على شيخه محمد بن الخضر المحولي ، وليس على السبط :[/FONT]
[FONT=&quot]فكيف نجعل أسانيد المحولي هي نفسها أسانيد كتب سبط الخياط ؟![/FONT]
[FONT=&quot]والآن ؛ إن قيل: [/FONT]
[FONT=&quot]إذا كان المذكور في السلاسل الذهبية غير صواب ، فما هو الصواب عندك ؟ وما دليلك ؟[/FONT]
[FONT=&quot]فأقول والله الموفق :[/FONT]
[FONT=&quot] هنا وجهة نظر لم أجد من تعرض لها أو ذكرها ، وهي : [/FONT]
[FONT=&quot] أن هذا الإسناد الذي يقصده ابن الجزري رحمة الله عليه بقوله ( وبإسنادي إلى الكندي ) ليس الإسنادَ الموجود في كتاب الكفاية ، ولا في كتاب الإيجاز , بل إنه – عندي - ليس من قراءة ابن الجزري على شيوخه الثلاثة ابن الصائغ والبغدادي وابن الجندي ، ، وإنما هو إسناد آخر من الأسانيد الخفية التي لم يبيّن لنا الإمام ابن الجزري مصدره فيها ، وإنما جعل معرفة مصدرها من خلال البحث والتفتيش , كيف ذلك ؟ [/FONT]
[FONT=&quot] أولا : لاحظ معي منهجية الإمام ابن الجزري ؛ عندما يذكر إسناداً ، وهذا الإسناد موجود بالكتب الموجودة عنده يقول : " وبإسنادي في الكامل أو التلخيص ، مثلاً ، أو يقول : " وبإسنادي في كتاب أبي الحسن الخشاب من كتاب التذكرة " , فابن الجزري عادة يحيل الأسانيد للكتاب ، أما هنا في مسألتنا هذه فلم يصرح باسم الكتاب وإنما قال : " وبإسنادي إلى الكندي " ، والإمام ابن الجزري يعي ما يقول فعندما يحيل الأسانيد إلى الكتب يقصد ذلك وعندما يحيل للمؤلف يقصد ذلك.[/FONT]
[FONT=&quot]وعندما يقول في رواية ابن ذكوان : [/FONT]
[FONT=&quot](وبه إلى أبي الحسين الخشاب في سند التذكرة ) يقصد السند الموجود إلى أبي الحسن الخشاب في كتاب التذكرة , وبعدها بقليل يقول ( وبه إلى الكندي ) لاحظ معي لم يقل إلى الكندي في كتاب الكفاية ولم يقل أي شئ آخر وإنما قال وبه إلى الكندي , إذن معناها أن ابن الجزري عندما يحيل له منهجيتان : هنا يقول (و به إلى أبي الحسين الخشاب في سند التذكرة ) ذكر الكتاب وبعدها بسطرين يقول ( و به إلى الكندي ) لم يذكر هل هو من كتاب الكفاية أو ليس من كتاب الكفاية فهذا معناه أن ابن الجزري عنده أسانيد خفية ليست مذكورة في الكتب التي نقلها وهذا عرفناه من خلال الممارسة والمراجعةوالمطالعة .
[/FONT]
[FONT=&quot]عود إلى المسألة الأصل : " وبإسنادي إلى الكندي " :[/FONT]
[FONT=&quot]هو من قراءة الكندي على الخطيب أبي بكر المحولي , والإسناد المذكور في كتاب الكفاية هو من قرائته على سبط الخياط إذن معناه أن هناك إسناد آخر يقصده ابن الجزري ليس هو الموجود في كتاب الكفاية . [/FONT]
[FONT=&quot]إذن ما هو هذا الإسناد ؟ [/FONT]
[FONT=&quot] نقول الذي يظهر والله أعلم أن مراد ابن الجزري بقوله " وبإسنادي إلى الكندي " أن هذا الإسناد إسناد أدائي وليس إسناداً نصياً ؛ يعني ليس موجوداً في الكتب ، وإنما هو من روايته عن شيوخه من طريق الأداء ،وهذا مر معنا في رواية قالون من قراءته على ابن اللبان .[/FONT]
[FONT=&quot] وأقول أكثر تصريحاً : [/FONT]
[FONT=&quot] هذا الإسناد أدائي وليس من قراءة ابن الجزري على شيخه ابن الصائغ ، بل هو من قراءة ابن الجزري على شيخه عبد الوهاب ابن السلار , وله ترجمة في غاية النهاية في الجزء الأول ص483 قال عنه ابن الجزري : إمام مقرئ محقق كامل عارف صالح ولد سنة 698 ورحل للديار المصرية فقرأ على التقي الصائغ , وبقي حتى انفرد بالتلاوة ، و رحل الناس إليه ، وولي المشيخة الكبرى بعد وفاة ابن اللبان ،وانتهت إليه المشيخة بالشام وهو أول شيخ انتفعت منه وعرضت عليه الشاطبية وتلوت عليه ختمة بقراءة أبي عمرو فأجازني وأنا مراهق دون البلوغ بكثير توفي سنة 782.[/FONT]
[FONT=&quot]هذا الإسناد نقول والله أعلم أنه من تلاوته على ابن السلار , وهذا الإسناد بنصه موجود في طبقات القراء السبعة وقد ذكره ابن الجزري في مكان آخر عندما كان يتكلم في باب إفراد القراءات وجمعها .[/FONT]
[FONT=&quot]فنقول هذا السند حتى يكون متصلا لا يمكن أن نجعله إسناد ابن الجزري إلى الكندي بأسانيده لكتب السبط ؛كتاب الكفاية أو غيرها ،لأنه لو مشى إلى الكندي سيقف بنا ، لأن كتاب الكفاية من قراءة الكندي على سبط الخياط وهذا الإسناد الذي يقصده ابن الجزري هو من قراءة الكندي على الخطيب محمد بن الخضر , فهو يقصد إسناد آخر وهو موجود في كتاب طبقات القراء السبعة وهو موجود في قراءة أبي عمرو , وهذا التحرير لم أجد من ذكره وأنا أذكره فإن كان صوابا فليناقش وإن لم يكن صوابا فليرمى . [/FONT]
[FONT=&quot]خلاصة هذا الكلام الكثير الطويل :[/FONT]
[FONT=&quot]1- [/FONT][FONT=&quot]ابن الجزري لم يذكر الواسطة بينه وبين الكندي .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]2- [/FONT][FONT=&quot] السلاسل الذهبية ذكرت الواسطة وجعلتها إسناد ابن الجزري لكتب سبط الخياط .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]3- [/FONT][FONT=&quot] ماذكر في السلاسل الذهبية لا يصح ؛ لأن قراءة الكندي بكتب السبط هي على السبط نفسه ، أما السند الموجود عندنا فهو من قراءة الكندي على المحولي ، فكيف نجعل أسانيد السبط هي للمحولي ؟[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]4- [/FONT][FONT=&quot] أرجح أن هذا السند هو سند " أدائي " من قراءة ابن الجزري على شيخه ابن السلار ، وذلك لتطابق السند عنده ، وتصريح ابن الجزري بالقراءة عليه ، وخاصة قراءة أبي عمرو التي منها هذا الطريق .[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]والله تعالى أعلم .[/FONT]
[FONT=&quot]والنظرة الثانية ستكون قريباً إن شاالله تعالى .[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
 
استدراك وتصحيح :
كاتب هذه الحروف يكتب ما يكتب ابتغاء وجه الله تعالى أولاً وأخيراً ، ووالله لا يهمه إن أخطأ أو أصاب ، بل فرحه بخطئه إن بُيّن له أكثر فرحاً من أن يقال له أصبت .
ومن باب الأمانة العلمية ، والرجوع إلى الحق قبل كل شيء ، وإسناد كل فائدة إلى صاحبها ثانياً، فقد جاءتني هذه الرسالة على الخاص من أخي العزيز ، وصديقي الغالي ، المقرئ ، الباحث : عاصم الجنيدالله ، حفظه الله ورعاه ، ونفع به وبعلمه .
وأستسمحه أن أضعها هنا حتى تكون هي من يصحح الخطأ ، ويزيل الوهم والسهو ، وإن كنت على يقين بأنه حفظه الله لا يقبل ذلك ولا يرضا به ، ولكن المبدأ هو المبدأ ، وهذا نص رسالته حفظه الله :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم :
احمدالله تعالى اليك وأصلي على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وأدعوه أن تكون بخير ونعمة وعافية وأن يديمها عليك ما حمده حامد وشكره شاكر ورفع قدرك في الدارين رفعة لهمتك في العلم ورفعة لكرمك وسعة صدرك وحبك للمغفرة
أخي الحبيب :
ذكرت في كتابتك عن المحولي رحمه الله أن الاسناد الذي ذكره الشيخ أيمن سويد من ابن الجزري رحمه الله الى المحولي رحمه الله خطا
وهذا وهم منك اربأ عن ان يحمل عنك
ومع انقطاعي عن النت او الكتابة فيه او في غيره او حضور المجالس او استقبال الضيوف الا اني لم اتحمل ان تحمل عنك او تنسب اليك
اثابك الله بالعزة والمغفرة والرفعة والعلم
اخي الاسناد بتمامه في تحبير التيسير 146
وفي النشر عند ذكر أسانيد قالون طريق الحلواني طريق ابن ابي مهران ج1\104
وطريق الاصبهاني عن ورش طريق هبة الله عنه طريق الحمامي ج1\110
ذكر اسناده تاما الى الكندي بروايات المحولي
وفصلها ابن الجزري في ترجمة المحولي واشتهرت بعلوها وليس لها كتاب وانما هي ادايئة ومثلها طرق ابن المهتدي بالله وطرق الشريف الخطيب ناصر فهذه الثلاث طرق عالية ليس لها كتاب يجمعها
حفظكم الله

أخوك
عاصم
أقول :
جزاك الله خيراً أخي الشيخ عاصم ، وبارك فيك وفي علمك ، ولك الشكر على التنبيه والتصحيح.
وأعتذر للقراء عن هذا الخطأ .
والله من وراء القصد .
 
( 12 ) :

الإسناد الثاني الذي اجتهدت فيه السلاسل الذهبية وأخطأت فيه :
إسناد ابن الجزري لكتاب " غاية الاختصار " لأبي العلاء الهمداني ، حيث قال :
" أخبرني به الشيخ الرحلة المعمر أبو علي الحسن بن أحمد بن هلال الصالحي الدقاق بقراءتي عليه بالجامع الأموي في شهر رمضان سنة خمس وسبعين وسبعمائة، قال: أنا الإمام الزاهد أبو الفضل إبراهيم بن علي ابن فضل الواسطي مشافهة، قال: أخبرنا به الإمام شيخ الشيوخ أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن سكينة البغدادي كذلك، قال: أخبرنا به مؤلفه سماعاً وقراءة وتلاوة" اهـ ( النشر : 1/ 87) .
فواضح أن ابن الجزري يروي الكتاب عن شيخه الحسن الصالحي عن أبي الفضل الواسطي عن ابن سكينة بسنده .
لكن " السلاسل الذهبية " لم ترضَ بهذا السند ، فاجتهدت فيه ، وأدخلت رجلاً بين الواسطي وابن سكينة ، وهو ابن البخاري ، وعلقت في الحاشية بالتالي :
" سقط من نسخ النشر ذكر ابن البخاري بين الواسطي وابن سكينة ، والصواب إثباته لما صرّح به الجزري ( كذا ) في ترجمة شيخه ابن هلال في غاية النهاية ( 1/208 ) ولبعد ما بين وفاتي ابن هلال وابن سكينة ، والله أعلم . اهـ ( السلاسل الذهبية :178حاشية 3 ) .
التعليق :
أولاً : الرجال الأربعة في هذا السند ؛ أعني الصالحي والواسطي وابن البخاري وابن سكينة ؛ كلهم قد عُمّروا فوصلوا التسعين وزيادة :
1- الصالحي ( 683-779) .
2- [FONT=&quot] الواسطي ( توفي سنة 692هـ ) وله (90سنة) مع ملاحظة أن السلاسل الذهبية لم تذكر سنة وفاته ، قال ابن كثير رحمه الله : إبراهيم بن علي بن أحمد بن فضل الحنبلي ، توفي يوم الجمعة (14/5/692) وله تسعون سنة . اهـ البداية والنهاية ( 13/353) .[/FONT]
3- [FONT=&quot] ابن البخاري ( 596-690هـ ) مع ملاحظة أن السلاسل الذهبية لم تذكر سنة ولادته .[/FONT]
4- [FONT=&quot] ابن سكينة ( 519- 607هـ ) مع ملاحظة أن السلاسل الذهبية نقلت تاريخ الولادة عن الذهبي وابن الجزري ، مع أن التاريخ المذكور ذكره ابن سكينة نفسه ؛ نقله عنه تلميذه الدبيثي رحمه الله .[/FONT]
ثانياً : قول السلاسل الذهبية : " والصواب إثباته " اهـ : غير صواب ، بل خطأ محض ٌ ، واجتهاد في غير محله ، وتخطئة لابن الجزري لا تلزمه ، بل الحق معه ، لما يأتي :
أولاً : هذا الإسناد ذكره ابن الجزري في ثلاثة كتب من كتبه ، وهي :
1- النشر : وقد نقلت كلامه قبل قليل .
2- [FONT=&quot] غاية النهاية : ( 1/204 ) : في ترجمة أبي العلاء ، حيث قال : وقد وقع لي بحمد الله كتابه الغاية في غاية العلو ، فقرأته على الشيخ أبي محمد الحسن بن أحمد بن هلال بدمشق ، عم شيخه أبي إسحاق إبراهيم بن الفضل الواسطي : أنا عبدالوهاب بن سكينة به ، وما كان فيه عن أبي علي الحداد فعن شيخه أبي الحسن علي بن أحمد البخاري عن أبي المكارم اللبان عن الحداد " اهـ .[/FONT]
3- [FONT=&quot] جامع أسانيده : ( ق 60أ- ب ) في ترجمة شيخه الصالحي ، فقال : وقرأت عليه جميع كتاب غاية الاختصار في القراءات العشر أئمة الأمصار ، تأليف الحافظ الكبير ابي العلاء الهمداني بإجازته إن لم يكن سماعاً من الشيخ الإمام العلامة الولي تقي الدين أبي الفضل إبراهيم بن علي بن فضل الواسطي ، قال : أخبرنا به الإمام شيخ الشيوخ أبو محمد عبدالوهاب بن علي بن سكينة كذلك ، قال : أنا مؤلفه بأسانيده .اهـ [/FONT]
فابن الجزري يصعب أن يكون ذهل أو غفل في محل واحد في ثلاث كتب مؤلفة في فترات مختلفة ؛ هذا من جهة .
ومن جهة ثانية مما يدل على صحة وصواب كلام ابن الجزري رحمه الله هنا هو وصفه هذا السند بالعلو ، في قوله : " وقد وقع لي بحمد الله كتابه الغاية في غاية العلو " اهـ
أما ما ذهبت إليه السلاسل الذهبية من عدم صواب هذا السند بسبب :
1- تصريح ابن الجزري في غاية النهاية .
2- [FONT=&quot] بُعد ما بين وفاتي ابن هلال وابن سكينة .[/FONT]
فيجاب عنه بالتالي :
أما الأول : فعبارة ابن الجزري هي : " قرأت عليه – الصالحي – الغاية في القراءات العشر لأبي العلاء بإجازته من الواسطي ، وعليها بإجازته من ابن البخاري اهـ ( غاية النهاية : 1/208) :
أقول : هذا الكلام غير صريح في مراد السلاسل الذهبية ، لسببين :
1- احتمال أن يكون قوله : " وعليها إجازته " كلام مستأنف جديد ، وإلا فما معنى إدخال كلمة ( وعليها ) !؟ فلو كان الاسناد متصلاً لكانت العبارة : " بإجازته من الواسطي بإجازته من ابن البخاري ، والله أعلم .
2- [FONT=&quot] على فرض صحة كلام السلاسل الذهبية ، فيكون كلام غاية النهاية مجملاً ، بيّنه ابن الجزري نفسه في " الغاية " نفسها في ترجمة أبي العلاء ، عندما قال : " وما كان فيه عن أبي علي الحداد فعن شيخه أبي الحسن علي بن أحمد البخاري عن أبي المكارم اللبان عن الحداد " اهـ [/FONT]
وأكثر توضيحاً ما ذكره في " جامع أسانيده " حيث قال : " وبإجازة شيخنا – الصالحي – لما فيه – غاية الاختصار – عن الشيخ أبي علي الحسن بن أحمد الحداد إن لم يكن سماعاً عن ابن البخاري أنا أبو جعفر الصيدلاني ، وأبو المكارم اللبان في كتابيهما من أصفهان عنه ولما فيه " . اهـ . ( جامع أسانيده ق 60 ) .
والمعنى : أن الواسطي يروي غاية الاختصار عن شيخين :
الأول : ابن سكينة عن أبي العلاء مباشرة ، وهذا هو مقصود ابن الجزري بقوله " وقع لي في غاية العلو " .
الثاني : ابن البخاري عن أبي المكارم – كما في غاية النهاية ، وعن أبي جعفر الصيدلاني ، كما في " جامع أسانيده " .
وأفهم من هذين السندين ، أن سند ابن البخاري إنما هو في طرق أبي علي الحداد فقط ، كما هو واضح ، وليس كل الكتاب ، والعلم عند الله تعالى .
أما الثاني : وأعني قول السلاسل الذهبية : " لبعد ما بين وفاتي ابن هلال وابن سكينة " : فيجاب عنه :
ذكرت في بداية الحديث تواريخ الأئمة الأربعة ، واتضح من خلالها أن الواسطي أدرك ( 5-6 ) سنوات ، من حياة ابن سكينة ، وهي سنٌّ قابلت للإجازة ، ووقع مثلها في النشر كثير من قراءة أبي الكرم الشهرزوري على شيخه أبي بكر الخياط ، حتى وإن قالت السلاسل الذهبية أنه : " أمرٌ لا يعتدّ به " اهـ ( السلاسل : 233ح1) .
وأيضاً مما يستأنس به هنا :
ذكر الإمام ابن الجزري في " جامع أسانيده " ( ق 7/أ ) قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن هلال عن أبي الفضل إبراهيم بن علي الواسطي ، أنا عبد الوهاب بن علي بن سكينة مشافهة ، أنا ابو العلاء الحافظ ، أنا يحيى بن عبدالوهاب بن مندة الحافظ ...." ثم ذكر سنداً طويلاً ينتهي إلى حمزة وقوله للأعمش : إن أصحاب العربية قد خالفوك في حرفين ، ثم ذكر الأعمش غسناداً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : عندهم إسناد مثل هذا ؟" اهـ
فهذا الأثر يؤكد صحة رواية الواسطي عن ابن سكينة وأنها غير بعيدة ولا مستبعدة ، والله تعالى أعلم .
هذا والله تعالى أعلم .
 
تتميم :
أفادني أخي العزيز الشيخ عاصم الجنيدالله بالتالي :
حفظك الله نص الذهبي - رحمه الله وجميع علمائنا - على ان ابن سكينة اجاز للتقي الواسطي
وهذا قطعي لا مجال للتقدير فيه
راجع معجم الشيوخ للذهبي ج1\143
.
والحمدلله على موافقتي للذهبي رحمه الله .
 
[FONT=&quot] ( 13 ) : ابن الجزري لم يلبّس عليه
[/FONT]
[FONT=&quot]قال ابن الجزري : طريق ابن الحباب عن البزي من طريق أحمد بن صالح :(الثانية) عنه عبد الباقي بن الحسن من طريق الداني قرأ بها الداني على فارس بن أحمد وقرأ بها فارس على عبد الباقي بن الحسن وقرأ على أبي بكر أحمد بن صالح بن عمر بن إسحاق البغدادي نزيل الرملة وقرأ على أبي علي الحسن بن الحباب بن مخلد ، وقرأ على أبي الحسن أحمد بن محمد البزي اهـ .( النشر : 1/117) .[/FONT]
هكذا ذكر الإمام ابن الجزري رحمه الله هذا السند الأدائي من طريق الداني رحمه الله .
لكن السلاسل الذهبية لم يعجبها هذا السند فاجتهدت في مسألتين أرى أنها أخطأت فيهما :
الأولى : وصفُها ابن الجزري بأنه لُبّس عليه فيه ، فقالت : " ولعل اللبس جاء للجزري من كون كل من الشيخين يدعى : ابن صالح" اهـ !!!.
الثانية : قولها إن السند في جامع البيان لكن باسم شخص آخر ، فقالت : " لم يحدد ابن الجزري في النشر من أي كتب الداني هذا الإسناد ، وهو في جامع البيان إلا أن اسم شيخ عبد الباقي فيه هو : أبو علي أحمد بن عبيدالله بن حمدان بن صالح البغدادي."اهـ ( السلاسل الذهبية : 271حاشية 2) .
التعليق :
ابن الجزري رحمه الله بريء من هاتين النقطتين تماماً ، فهو لم يقع في اللبس البتة ، والسند ليس من جامع البيان أصلاً .
أما عدم اللبس عند ابن الجزري : فهو رحمه الله ذكر شيخ عبد الباقي بكنيته واسمه واسم أبيه واسم جده واسم جدّ أبيه ، أفيعقل أن يكون لبسٌ بين رجلين مختلفي الكنية واسم الأب والجد ، ولو عُقِل أفيعقل أن يكون من إمام هو نفسه عمدة في تراجم أهل القراءات وتمييزها من مشكلاتها ، وهو من أكبر العارفين بأن : " تقارب الألقاب لا يوجب اتفاق الأسماء والأنساب " ؟
وأما كون هذا الطريق ليس من جامع البيان فيكفي أن ابن الجزري لم يصرح بذلك ، وأن السند مختلف عنه ، فتغيير شيوخ السند وتركيبه على جامع البيان هو محض اجتهاد مع وجود النص .
فإن قيل : أين النص ؟
فيقال :
هذا الشيخ ؛ أعني أبا بكر أحمد بن صالح بن عمر بن إسحاق البغدادي نزيل الرملة ، ترجم له الذهبي ( معرفة القراء : 2/611 ط: التركية ) وابن الجزري ( غاية النهاية : 1/ 61 ) ، وصرحا – نقلاً عن الداني – بأنه شيخ لعبد الباقي بن فارس ، وأنه تلميذ لابن الحباب ، وهذا دليل على صحة سند ابن الجزري فيه وأنه لم يلبّس عليه فيه .
والخلاصة :
هذا السند صحيح متواصل ، لا لبس فيه ، وهو سند " أدائي " لابن الجزري من طريق الداني ، وأن الداني لم يسنده في كتابه جامع البيان له .
وهذه فائدة أخرى نستفيدها وهي :
أن أصحاب الكتب لم يلتزموا بذكر كل مروياتهم في كتبهم ، وهو ما نجده في كل أسانيد ابن الجزري " الأدائية " . والله تعالى أعلم .
 
قال الداني في جامع البيان: 4/1752: نا أحمد بن موسى ح ونا فارس ابن أحمد أيضا قال: نا عبد الباقي بن الحسن قال: نا أحمد بن سليمان وأحمد بن صالح قالوا: نا الحسن بن الحباب قال: سألت البزّي عن التكبير كيف هو؟ فقال: لا إله إلا الله والله أكبر، وابن الحباب من الأئمة المشهورين بالإتقان والضبط وحسن المعرفة وصدق اللهجة.
 
عودة
أعلى