آية مشكلة !!

أبو جواد

New member
إنضم
17 ديسمبر 2006
المشاركات
11
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
اللهم صل وسلم على سيدنا أبي القاسم محمد وعلى آله وصحابته .. آمينمن مواضع الإشكال عند المفسرين قول الله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ... } الآية
فهلا أكرمتمونا سادتي بما عندكم فيها .؟
وفق الله الجميع
 
الشيطان يوحى إلى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ

أ.د محمود حمدي زقزوق

الرد على الشبهة:

الظالمون لمحمد صلى الله عليه وسلم يستندون في هذه المقولة إلى أكذوبة كانت قد تناقلتها بعض كتب التفسير من أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصلاة بالناس سورة "النجم", فلما وصل صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى: (أفرأيتم اللات والعزى* ومناة الثالثة الأخرى)(1)؛ تقول الأكذوبة:

إنه صلى الله عليه وسلم قال: ـ حسب زعمهم ـ تلك الغرانيق(2) العلى وإن شفاعتهن لترتجى.

ثم استمر صلى الله عليه وسلم في القراءة ثم سجد وسجد كل من كانوا خلفه من المسلمين, وأضافت الروايات أنه سجد معهم من كان وراءهم من المشركين!!

وذاعت الأكذوبة التي عرفت بقصة "الغرانيق" وقال - من تكون إذاعتها في صالحهم-: إن محمداً أثنى على آلهتنا وتراجع عما كان يوجهه إليها من السباب. وإن مشركي مكة سيصالحونه وسيدفعون عن المؤمنين به ما كانوا يوقعونه بهم من العذاب.

وانتشرت هذه المقولة حتى ذكرها عدد من المفسرين؛ حيث ذكروا أن المشركين سجدوا كما سجد محمد صلى الله عليه وسلم, وقالوا له: ما ذكرت آلهتنا بخير قبل اليوم. ولكن هذا الكلام باطل لا أصل له.

وننقل هنا عن الإمام ابن كثير في تفسيره الآيات التي اعتبرها المرتكز الذي استند إليه الظالمون للإسلام ورسوله وهي في سورة الحج حيث تقول: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم)(3), وبعد ذكره للآيتين السابقتين يقول: "ذكر كثير من المفسرين هنا قصة الغرانيق وما كان من رجوع كثير ممن هاجروا إلى الحبشة, ظنًّا منهم أن مشركي مكة قد أسلموا".

ثم أضاف ابن كثير يقول: "ولكنها - أي قصة "الغرانيق" - من طرق كثيرة مرسلة ولم أرها مسندة من وجه صحيح، ثم قال ابن كثير(4): عن ابن أبى حاتم بسنده إلى سعيد بن جبير قال: "قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة "سورة النجم", فلما بلغ هذا الموضع: (أفرأيتم اللات والعزّى * ومناة الثالثة الأخرى). قال ابن جبير: فألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى. فقال المشركون: ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم.. فأنزل الله هذه الآية: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عزيز حكيم) ليقرر العصمة والصون لكلامه سبحانه من وسوسة الشيطان".

وربما قيل هنا:
إذا كان الله تعالى ينسخ ما يلقي الشيطان ويحكم آياته فلماذا لم يمنع الشيطان أصلاً من إلقاء ما يلقيه من الوساوس في أمنيات الأنبياء؟! والجواب عنه قد جاء في الآيتين اللتين بعد هذه الآية مباشرة:


أولاً: ليجعل ما يلقيه الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض من المنافقين والقاسية قلوبهم من الكفار, وهو ما جاء في الآية الأولى منهما: (ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض)(5).

ثانياً: ليميز المؤمنين من الكفار والمنافقين, فيزداد المؤمنون إيمانًا على إيمانهم؛ وهو ما جاء في الآية الثانية: (وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم)(6).

هذا: وقد أبطل العلماء قديمًا وحديثًا قصة الغرانيق. ومن القدماء الإمام الفخر الرازي الذي قال ما ملخصه(7): "قصة الغرانيق باطلة عند أهل التحقيق, وقد استدلوا على بطلانها بالقرآن والسنة والمعقول؛ أما القرآن فمن وجوه: منها قوله تعالى: (ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين)(8), وقوله سبحانه: (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحى يوحى)(9), وقوله سبحانه حكاية عن رسوله صلى الله عليه وسلم: (قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إليّ)(10).

وأما بطلانها بالسنة فيقول الإمام البيهقى: روى الإمام البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة "النجم" فسجد وسجد فيها المسلمون والمشركون والإنس والجن وليس فيها حديث "الغرانيق", وقد روى هذا الحديث من طرق كثيرة ليس فيها البتة حديث الغرانيق.

فأما بطلان قصة "الغرانيق" بالمعقول فمن وجوه منها:

أ ـ أن من جوّز تعظيم الرسول للأصنام فقد كفر؛ لأن من المعلوم بالضرورة أن أعظم سعيه صلى الله عليه وسلم كان لنفي الأصنام وتحريم عبادتها؛ فكيف يجوز عقلاً أن يثني عليها؟!

ب ـ ومنها: أننا لو جوّزنا ذلك لارتفع الأمان عن شرعـه صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لا فرق - في منطق العقل - بين النقصان في نقل وحى الله وبين الزيادة فيه.

==================================================

(1) النجم: 19 -20.

(2) المراد بالغرانيق: الأصنام؛ وكان المشركون يسمونها بذلك تشبيهًا لها بالطيور البيض التي ترتفع في السماء.

(3) الحج: 52.

(4) عن: التفسير الوسيط للقرآن لشيخ الأزهر د. طنطاوى ج9 ص 325 وما بعدها.

(5) الحج: 53.

(6) الحج: 54.

(7) التفسير السابق: ص 321.

(8) الحاقة: 44 ـ 47.

(9) النجم: 3- 4.

(10) يونس: 15.

(عن موقع : رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ)
 
شكرا

شكرا

أشكر الأخوين الأستاذ أحمد والأستاذ مروان على هذا التجاوب والتفاعل المثمر مع الموضوع ، وأريد أن أطرح سؤالا : ألا ترون ـ سادتي ـ أن بعض المهتمين بالتفسير يعيبون على الإسرائيليات والموضوعات ، ويدافعون عن آيات الكتاب العزيز من أن تتناولها القصص المختلقة ، في حين أنهم يجعلونها منطلقا في تفسير الآيات المناقضة لها ؟؟ وكان الأولى بهم ـ في ظني القاصر ـ أن لا يعيروها اهتماما ، وأن يسيروا بعيدا عنها في تفسير الآيات ، وأن لا يكون ورود تلك الإسرائيليات مشوشا ـ ولو بدرجة ما ـ على تناول المفسر لمعنى الآيات ..
وعليه ؛ فإذا ضربنا صفحا عن المختلقات في تفسير هذه الآية ، فكيف يكون تفسيرها ؟
 
ومن اراد زيادة الانتفاع بأدلة بطلان القصه فعليه بكتاب العلامه الالبانى


نصب المجانيق فى نسف قصة الغرانيق


وفقنا الله تعالى لما يحب ويرضى
 
كتب الدكتور أحمد نوفل بحثاً ـ من سلسلة (مشكلات تفسيرية) ـ حول قوله تعالى: {... إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} الحج 52، وفي نهاية البحث لخص نتائج البحث بما يلي:
1. المعنى اللغوي ـ كما تورده المعاجم والقواميس ـ هو المدخل لتفسير آيات كتاب الله، ومعنى كلمات القرآن ومفردات تركيبه، ولكن المشكل في المعنى اللغوي أن كل ما صح لغة ليس يصح بالضرورة في تفسير الكلمة أو المفردة أو التركيب في السياق القرآني، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن المعاجم عكست اتجاه السير أحياناً، فأخذت من التفاسير وضمّنت المعاني في المعاجم حتى ليظن الظانّ أن المعنى هو هكذا بأصل الوضع اللغوي، وربما لا يكون كذلك، وهي مسألة تحتاج إلى جهد كبير، ولكنا نكتفي بالإشارة إلى المشكل وطرحه على بساط البحث، ونقول تفريعاً: إن (تمنى) تجلٍّ كامل لهذا المشكل، فإننا في شكّ كبير من أن من معاني (تمنى) لغة (تلا)، وإنما التمني هو المعروف . . .

2. ليس لقوله تعالى: {إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} سبب نزول، حتى نضطر إلى ربط الآية بسبب نزول حسب من توسعوا في البحث عن أسباب النزول، كما توسعوا في الناسخ والمنسوخ، ذلك أن الآية تبين سنة عامة وناموساً جرى على كل الرسل ليس يرتبط بسبب نزول، ثم إن الذي ذكروه سبب نزول ترتب على نزول الآية ولم تترتب الآية عليه، والأصل أن سبب النزول هو الذي يترتب على وروده أو وجوده وحدوثه نزول آيات، لا الذي يترتب هو على نزول الآيات، فسجود المشركين حدث ترتب على آيات النجم ـ إن سلم سنداً ومتناً ـ والإلقاء المزعوم من الشيطان في الآيات ليس يتصور سبب نزول.

3. الربط بين آيات النجم وآية الحج ليس عليه دليل ولا ثمة إشارة إلى تزامن السورتين سوى هذه الرواية المتهافتة سنداً ومتناً، وكما قال بعض سادتنا، فإن أعداء الله لم يكتفوا بالإساءة إلى سورة النجم، فتعدوه بالإساءة إلى أختها سورة الحج، وحاشا لسور كتاب الله، وحاشا لأنوار كتاب الله أن تطفئها أفواه الكفرة: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ} التوبة 32.

4. جاء على الأمة وقت لعبت فيه الرواية والإسناد والتفسير بالمأثور دوراً رئيساً في حياة التفسير وسائر العلوم، واستغل أعداء الله هذه المسألة فركّبوا الأسانيد لروايات موضوعة، وركبوا السهل والوعر والذلول والصعب، حتى الذين نقدوا روايات الغرانيق، أقصى ما وصلوا إليه أنها روايات مرسلة، واختلفوا بعد ذلك بين معتمد للمرسل، ومضعّف له، مع أنها مسالة أصل الأصول، وكلية كبرى من الكليات كان ينبغي أن ينصبّ النقد على رفض مثل هذه الترهات؛ لأنها تمسّ أصل الوحي وتمسّ بالتالي مجمل العقيدة ... لا التركيز على علة الإرسال، وهو عند قوم يحظى بالقبول، وعند قوم لا يلقى الإقبال.

5. القرآن علمنا قاعدة ذهبية، وسلّمنا مفتاحاً مهماً من مفاتح فهم آياته، ذلكم هو ردّ المتشابه إلى المحكم، وإنّا إن طبقنا هذه القاعدة على الآية المشكلة التي معنا استبان لنا أن معنى الآية لن يكون على ما قالت معظم التفاسير، وإنما سيستبين لنا في ضوء ذلك المحكم أن كتاب الله لا تتسلط عليه الشياطين، ولا تتنزل على القلب الطهور الأطهر، ولا تقترب من الحمى الأقدس، وإنما أوقعنا في هذه الغثاثات والأضغاث من الفهم عدم ردّ المتشابه إلى المحكم.

6. على ضوء سياق سورة الحج واستقراء اللفظة في القرآن والتفاسير الأصولية الأصلية المعتمِدة صحيح النقل وصريح العقل، نجد أن التمني لا يخرج عن معناه المشهور المتبادر، في اللسان وفي السياق سيان، وهو ترجّي إسلام القوم وهدايتهم، ولكن الشيطان الذي نذر نفسه وجندها لحرب كلمة الله ودعوة الله قعد للمدعوين بالمرصاد يثير في عقولهم الشبهات، وفي نفوسهم الشهوات؛ ليصدهم عن سبيل الله ودعوة الله وأنبياء الله، لكن الله الذي كتب لرسله الغلبة، ولكلماته التمام والفلج، وللحق الظهور والبقاء في الأرض، أزهق وساوس الشياطين وإلقاءاتها، وأظهر دعوة رسله وخاتمهم، وذهب الزبد جفاءً، وانتشرت شمس الحق وظهرت، واندحرت جيوش الظلام، ثم داول الله الأيام، ولكن تمام الكلام، وسير الأمور قدماً إلى الأمام، كل ذلك من سنن الله؛ لنرى كيف يظهر دين الحق على الدين كله، ويذهب الزبد جفاء من جديد، ويقذف الله الحق على الباطل فيدمغه ويزهقه، وتتم كلمة الله صدقاً وعدلاً ... أما أن يتمكن الشيطان من الوحي ومن رسول الله، فهذا وهم المبطلين وصدّقهم مغفلة المؤمنين ...
 
الحمد لله

الحمد لله

أشكر الأخت الفاضلة روضة جزيل الشكر على هذه المداخلة الرائعة والتي حققت بها ـ بفضل الله عز وجل ـ هدفي من طرح مثل هذا الموضوع في هذا المنتدى المبارك ..
بالفعل فإن من يطالع أقوال سادتنا العلماء رحمهم الله تعالى ممن تناولوا كتاب الله عز وجل بالتفسير يقف في بعض المواضع حائرا من عدم إشباع المعنى القرآني حقه رغم الإطالة في تناول الآيات وألفاظها كما هو معنا في هذه الآية .. هذا من جانب ، ولقد عزمت على أن أستعرض مواضع من أقوال بعض كبار المفسرين كالطبري والرازي والقرطبي وابن كثير وغيرهم في هذه الآية كدليل على الوقوف حيرة من عدم إشباع المعنى القرآني أو الاضطراب الذي قد يصيب ذهن القارئ أثناء مطالعة كلامهم رحمهم الله تعالى ؛ ولكن مداخلة الأخت الكريمة روضة جعلتني أستبق المراحل التي كنت أنوي اتباعها لأصل إلى المرحلة الأخيرة ..
ومن جانب آخر : عدم الاستفادة من بعض الأقوال المأثورة والتي ينقلها مثل الطبري والتي تكون أوجه في بيان المعنى القرآني ، وأقرب لطبيعة اللغة من الأقوال التي اعتمدها أو على الأقل دار حولها جل المفسرين تباعا ، وتتضح هذه النقطة من النقل الذي سأنقله تاليا إن شاء الله تعالى ..
والجانب الأخير : وينبغي ـ في ظني ـ أن يكون محور اهتمام المفسرين أو المهتمين بالتفسير في هذا العصر ، وهو الاهتمام الكلي بتفسير القرآن بالقرآن ، وهو الذي أجمع العلماء والمفسرون على أنه أولى وأعلى مراتب التفسير ، لست أعني به النهج المتبع في مثل تأليف الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى في ( أضواء البيان ) أو نهج ابن كثير في تفسيره لبعض الآيات ، لست أعني هذا النهج فقط ، فهو وإن كان نهجا مفيدا ومهما في التفسير إلا أنه ليس الوحيد ، وما أعنيه هو الاهتمام بترابط الآيات في الموضع الواحد من السورة ، وعدم اجتزاء الآية وتفسيرها على أنها وحدة مستقلة مجتزأة من سياقها الذي قد لا يكون هو بالضرورة الآيتين أو الثلاث قبلها أو بعدها ، وإنما هو سياق عام قد يطول ليشمل السورة كلها في وحدة موضوعية ، لها أهميتها البالغة في توجيه معنى الجزء من الآية أوترجيح معنى على معنى آخر ، وقد يقصر ليشمل الآيتين قبلها أوبعدها ، وطبعا أعني الارتباط الوثيق بالمعنى القرآني وليس مجرد الاشتراك في نفس القصة أو سبب النزول ، وإنما هو ارتباط قد يكون من باب القصة والدروس المستفادة منها مثلا ، أو الأحكام المترتبة عليها ونحو ذلك مما له تأثير في المراد من سياق الآيات على حسب الطاقة البشرية .. ولعل هذا الكلام النظري كله يتضح مما سأنقله الآن من كلام سيد قطب في تفسيره الرائع الماتع ( في ظلال القرآن ) ، وهو أول من رأيته يتبع هذا النهج القرآني البديع في التفسير ، ولعل ذلك كونه من المعاصرين ، واستفاد من رواد التجديد الذين لم أطلع على تفاسيرهم ـ للأسف ـ أو نظراتهم في بعض الآيات بقدر ما اطلعت على تفسير الظلال ، من أمثال طنطاوي جوهري ، ومحمد عبده ، ومحمد رشيد رضا في ( المنار ) ، ولعل كونهم من الرواد وكون سيد متأخرا عنهم مما ساعده على تلافي ما وقعوا فيه وشُنّع عليهم به ، فرحمهم الله تعالى جميعا وأثابهم على ما قدموا لكتاب الله عز وجل .. ثم سمعت فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله يختار هذا الرأي في تفسير هذه الآية بالذات على ما سأنقله بإذن الله تعالى .. وعذرا على الإطالة
 
تتميم

تتميم

أود أن أضيف قبل أن أبدأ في النقل عن سيد قطب رحمه الله ؛ أن الأكثرين على أن معنى ( تمنى ) في قوله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم . ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم ... } تتابع الأكثرون على أن معناها : ( قرأ وتلا ) ، وفسروا الآية بناءا على ذلك ، ولاحظ هنا أنهم جعلوا قصة الغرانيق التي طعنوا فيها وأنكروا سندها تكئة ومنطلقا لهذا المعنى الذي اختاروه .!!

وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ـ ومروياته هي أصح الروايات عن ابن عباس كما هو معلوم ـ أن معنى ( تمنى ) : حدث نفسه ، قال النحاس اللغوي الشهير : وهذا من أحسن ما قيل في الآية وأعلاه وأجلّه . قال القرطبي : وكذلك حكى الكسائي والفراء جميعا ( تمنى ) إذا حدث نفسه ، وهذا هو المعروف في اللغة .اهـ
ورغم أن هذا المعنى ينحو بالآية منحى بعيدا عن قصة الغرانيق إلا ان الأكثرين ذهبوا مع المعنى الأول ، بل إن القرطبي رحمه الله تعالى رد الثاني بقوله : قوله تعالى : { ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة } الآية. يرد حديث النفس ، وقد قال ابن عطية : لا خلاف إن إلقاء الشيطان إنما هو لألفاظ مسموعة بها وقعت الفتنة ، فالله أعلم . أهـ !!!
مع ان مفسرا قديرا متقدما علما وزمنا كابن جرير رحمه الله تعالى تنبه إلى ذلك فقال عن تفسير ( تمنى ) بمعنى ( تلا ) : هذا القول أشبه بتأويل الكلام ! واختار رحمه الله المعنى الثاني إلا أن معنى الآية لم يتضح تمام الإيضاح عند كل من قال بهذا المعنى الثاني ..

والعجب من ابن العربي رحمه الله تعالى في معرض تشنيعه ونفيه لما ورد في قصة الغرانيق من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ وحاشاه ـ تكلم بما ينافي الحق ويرضي الخلق ، قال بعد ذلك : وما هُدي لهذا ( أي نفي النسبة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونسبة الكلام إلى الشيطان ) إلا الطبري لجلالة قدره وصفاء فكره وسعة باعه في العلم وشدة ساعده في النظر. اهـ يقول رحمه الله هذا وهو يذهب إلى المعنى الأول في ( تمنى ) المتكئ على قصة الغرانيق !!!

وللإمام الرازي في تفسيره الكبير ( مفاتيح الغيب ) منهج دقيق منظم ـ على عادته ـ رحمه الله تعالى في تحليل الآية ، يفيد الرجوع إليه جدا ..

وها قد وصلت ـ بعد إطالة أعتذر عليها ـ إلى نقل أجزاء من كلام سيد قطب رحمه الله ( أُعدم في 1966 م )في ظلال القرآن عند قوله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ... } ( ج 4 ص 2433 ) : " هناك من النص ذاته ما يستبعد معه أن يكون نزول الآية شيئا كهذا ( قصة الغرانيق بتفاصيلها المختلفة ) ، وأن يكون مدلوله حادثا مفردا وقع للرسول صلى الله عليه وسلم ، فالنص يقرر أن هذه القاعدة عامة في الرسالات كلها مع الرسل كلهم { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ... } .. فلا بد أن يكون المقصود أمرا عاما يستند إلى صفة في الفطرة مشتركة بين الرسل جميعا ، بوصفهم من البشر ، مما لا يخالف العصمة المقررة للرسل .. وهذا ما نحاول بيانه بعون الله ، والله أعلم بمراده ، وإنما نفسر كلامه بقدر إدراكنا البشري .. إن الرسل عندما يُكلّفون حمل الرسالة إلى الناس يكون أحب شيء إلى نفوسهم أن يجتمع الناس على الدعوة ، وأن يدركوا الخير الذي جاؤوهم به من عند الله فيتبعوه .. ولكن العقبات في طريق الدعوات كثيرة ، والرسل بشر محدودو الأجل ، وهم يحسون هذا ويعلمونه ، فيتمنون لو يجذبون الناس إلى دعوتهم بأسرع طريق ( ... ) على حين يريد الله أن تمضي الدعوة على أصولها الكاملة ، وفق موازينها الدقيقة ، ثم من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، فالكسب الحقيقي للدعوة في التقدير الإلهي غير المشوب بضعف البشر وتقديرهم : هو أن تمضي على تلك الأصول وفق الموازين ، ولو خسرت الأشخاص في أول الطريق ( ... ) ويجد الشيطان في مثل تلك الرغبات البشرية ، وفي بعض ما يترجم عنها من تصرفات أوكلمات ، فرصة للكيد للدعوة ، وتحويلها عن قواعدها ، وإلقاء الشبهات حولها في النفوس . ولكن الله يحول دون كيد الشيطان ، وبين الحكم الفاصل فيما وقع من تصرفات أو كلمات ، ويكلف الرسل أن يكشفوا للناس عن الحكم الفاصل ، وعما يكون قد وقع منهم من خطأ في اجتهادهم للدعوة ، كما حدث في بعض تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم وفي بعض اتجاهاته ، مما يبين الله فيه بيانا في القرآن .. بذلك يبطل الله كيد الشيطان ويحكم الله آياته ، فلا تبقى هنالك شبهة في الوجه الصواب ، والله عليم حكيم .. فأما الذين في قلوبهم مرض من نفاق او انحراف ، والقاسية قلوبهم من الكفار المعاندين ، فيجدون في مثل هذه الأحوال مادة للجدل واللجاج والشقاق : وإن الظالمين لفي شقاق بعيد .. وأما الذين أوتوا العلم والمعرفة فتطمئن قلوبهم إلى بيان الله وحكمه الفاصل : وإن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم .. وفي حياة النبي صلى الله عليه وسلم وفي تاريخ الدعوة الإسلامية نجد أمثلة من هذا ، تغنينا عن تأويل الكلام ، الذي أشار له الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله .
نجد من ذلك مثالا في قصة ابن أم مكتوم رضي الله عنه الأعمى الفقير ( ... ) كذلك وقع ما رواه مسلم في صحيحه ( ... ) عن سعد ابن أبي وقاص قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر ، فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم : اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا ( ... ) فوقع في نفس رسول الله ما شاء الله أن يقع ، فحدث نفسه ، فأنزل الله عز وجل : { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه } .. وهكذا رد الله لدعوة قيمها المجردة وموازينها الدقيقة ، ورد كيد الشيطان فيما أراد أن يدخل من تلك الثغرة ( ... ) ولعله مما يلحق بالمثلين المتقدمين ما حدث في أمر زينب بنت جحش ( ... ) أخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أنه سيزوجه من زينب بعد أن يطلقها زيد ، لتكون هذه السنة مبطلة لتلك العادة ( كراهة أن يتزوج المتبني مطلقة متبناه ) ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أخفى في نفسه ما أخبره به الله ( ... ) وظل يخفي ما قدر الله إظهاره حتى طلقها زيد ، فأنزل الله في هذا قرآنا ( ... ) يقرر القواعد القواعد التي أراد الله أن يقوم تشريعه في هذه المسألة عليها ( ... ) هذا هو ما نطمئن إليه في تفسير تلك الآيات ، والله الهادي إلى الصواب
" اهـ

ما أحوجنا إلى مثل هذا النهج في التفسير ، يراعي المرويات كما يراعي قبلها السياق القرآني للآيات ، ويستفيد مما صح عن الصحابة وأيده المعروف من اللغة في توجيه المعنى بما يغني القارئ ، فرحم الله سيد قطب .. آمين
 
بارك الله فيكم جميعا
يمكن تلخيص القول فى النقاط الآتية :
*ليس من معانى "أمنيته " تلاوته"
قصة الغرانيق باطلة
شغلناعن الدلالة الحقيقية للآية بقصة الغرانيق .فمن الأفضل ألا نذكرها ونتركها ليطويها النسيان
وبعد ذلك تثار أسئله :
*ماهو تفسيرالآية فى اطار السياق والجو العام للسورة,وهل ما نقله الأخ عن سيد قطب هو أفضل ماقيل فيها
هل الآية فيها دليل على أن النسخ يعنى الازالة . وان كان ما ألقى الشيطان قد أزيل فكيف جاء فى الآية بعدها "ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة" "
هل يصح المعنى التالى"فينسخ الله ما يلقى الشيطان"ليحاسبه عليه هو وجنوده أجمعين الذين يتبعونه ويروجون لما ألقاه ؟,تفسيرا لها بقوله سبحانه "انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون " وهذا الخطاب يعم جميع المكلفين من انس وجن
مسأله ارسال النبى ومسألة الفرق بين النبى والرسول أيضا من مباحث الآية
****ان الآية فيها من العلم ومواضيع البحث الكثير صرفنا عن مواضيعها رابط مفترى مغلوط بقصة ملفقة .نسال الله أن تمحى هذه القصة من الوجود.
 
[align=center]
[align=center]بارك الله في الجميع من الجميل جداً الوقوف على مثل هذه الآيات المشكلات [/align][/align]

لدي مداخلة خارج الموضوع لكنها حول عبارة الأخ أبو جواد
[من رواد التجديد الذين لم أطلع على تفاسيرهم ـ للأسف ـ أو نظراتهم في بعض الآيات بقدر ما اطلعت على تفسير الظلال ، من أمثال طنطاوي جوهري ، ومحمد عبده ، ومحمد رشيد رضا في (المنار)]
من الأفضل أن لا يُقرن تفسير محمد عبده ومحمد رشيد رضا بتفسير طنطاوي جوهري حتى لا يُظن أنها على نهج واحد.
فمحمد عبده ومحمد رشيد رضا منهجهما في التفسير لايخرج عن التفسير بالمأثور و الرأي المحمود وإن كان لهما أسلوب وترتيب ونفس وذوق يميزهما عن غيرهما وتعد تفاسيرهما من أفضل التفاسير المعاصرة.
بينما طنطاوي جوهري يعتبر من الذين سلكوا منهجاً جديداً في التفسير وإن كان من الأفضل تسمية هذا المنهج الإعجاز العلمي أو التجريبي.
وإليكم مختصراً من كلام الشيخ مناع القطان في كتابه مباحث في علوم القرآن حول تفسير طنطاوي جوهري "الجواهر في تفسير القرآن"
[كان الشيخ طنطاوي جوهري مغرماً بالعجائب الكونية وكان مدرساً بمدرسة دار العلوم في مصر يفسر بعض آيات القرآن على طلباتها... ثم خرج بمؤلفه "الجواهر في تفسير القرآن" وقد عني في هذا التفسير عناية فائقة بالعلوم الكونية وعجائب الخلق ... والمؤلف يخلط قي كتابه خلطاً فيضع في تفسيره صور النبات والحيوانات ومناظر الطبيعة وتجارب العلوم كأنه كتاب مدرسي في العلوم... ويستخدم الرياضيات ويفسر الآيات تفسيراً يقوم على نظريات علمية حديثة... ولم يجد تفسيره قبولاً لدى كثير من المثقفين ولذا وصف هذا التفسير بما وصف به تفسير الفخر الرازي فقيل عنه "فيه كل شيء إلا التفسير"]
 
[align=center]
[align=center]بارك الله في الجميع من الجميل جداً الوقوف على مثل هذه الآيات المشكلات [/align][/align]


فمحمد عبده ومحمد رشيد رضا منهجهما في التفسير لايخرج عن التفسير بالمأثور و الرأي المحمود وإن كان لهما أسلوب وترتيب ونفس وذوق يميزهما عن غيرهما وتعد تفاسيرهما من أفضل التفاسير المعاصرة.
"]

عجبت من هذا الكلام كثيراً ، كيف يعتبر تفسير محمد عبده من التفسير بالرأي المحمود ؟!!

وهو الذي أوًَّل حقائق العقائد الإسلامية بما يتمشى مع الأحكام العقلية ومكتشفات الغرب ونظرياتهم ، فأول بعض المعجزات وأنكر بعضها ، كما أنكر كثيراً من الأحاديث الصحيحة التي تخالف عقله ، وهو بهذا يحاول أن يقرب بين المسلمين والكافرين ، ويبرر الأخذ بحضارة الغرب.

فيقول في تفسيره لسورة الفيل مثلاً :
وفي اليوم الثاني فشا في جند الحبشة داء الجدري والحصبة.... ثم ذكر رواية عكرمة : أن أول ما رؤيت الحصبة والجدري ببلاد العرب في ذلك العام .
ثم عقب على ذلك بقوله :
هذا ما اتفقت عليه الروايات ويصح الاعتقاد به ... إلى أن قال :
فيجوز لك أن تعتقد أن هذا الطير من جنس البعوض أو الذباب الذي يحمل جراثيم بعض الأمراض .... الخ .

وكلنا يعلم أن مرض الجدري والحصبة قبل عام الفيل منذ خلق الله العالم .
وقوله : اتفقت عليه الروايات ، عجيب في باب التفسير ، لأن الروايات لم تتفق على هذا ، ففي روايات أنها أشبه بالوطاويط ، أو أشبه باليعاسيب وهي ذكور النحل أو أشبه بالخطاف ...
وقوله يجوز لك أن تعتقد أن هذا الطير من جنس البعوض ... الخ ، تحميل للآيات فوق طاقة أساليب اللغة العربية .


وفقنا الله تعالى لما يحب ويرضى ... آمين
 
من أجمل ما سمعت في تفسير هذه الايات: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (52) {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} (53) سورة الحـج

"كان صلى الله عليه وسلم يتمنى لأهل الارض كافة ولكل واحد منهم أن يؤمنوا اذ جاءهم الهدى .... والشيطان كان يلقي في هذه الامنية بغروره وحيله ما يشوهها في نظر من كان كأبي لهب وأبي جهل ممن استحوذ عليهم بفتنته فصدهم عما تمناه الرسول لهم من خير الدنيا والاخرة حتى أغراهم بقتاله واستئصاله.

"وهذا ما أقض مضجع رسول الله صلى الله عليه وسلم اشفاقا على الناس من هذا الوسواس الخناس, فكان صلى الله عليه وسلم بسبب ذلك مستوجبا للتعزية من الله عز وجل فعزّاه وخفض عليه بهذه الاية {وما أرسلنا من رسول ولا نبي الا اذا تمنى} مثل ما تمنيت من الخير خاصا وعاما {ألقى الشيطان في أمنيته} ما ألقاه في أمنيتك من التشويه بالتمويه على كثير من الناس فصدهم عنها بغروره وفتنته فان الرسل والانبياء كانوا بأجمعهم يتمنون لأهل الارض عامة ان يكونوا على هدى من ربهم وكانت قصارى أمانيهم أن تتفق أممهم على هديهم, لكن الشيطان كان يلقي في هذه الاماني االشريفة من وسوسته ما يخدعهم عنها فلم تتحقق أمانيهم الا قليلا حتى افترقت أمة موسى احدى وسبعين فرقة, وافترقت أمة عيسى اثنين وسبعين فرقة, وهكذا امم الانبياء كافة لم تتحقق فيهم أماني رسلهم بسبب ما يلقيه الشيطان فيها من التشويه بالتمويه, فلا يكبرن عليك يا محمد ما منيت به في أمانيك المقدسة حيث لم تتحقق في كثير من الاوقات بسبب ما يلقيه الشيطان فيها من التشويه الموجب لصرف كثير من الناس عنها ولك أسوة حسنة في هذا بجميع من قبلك من الرسل والانبياء فانك واياهم في هذا الامر شرع سواء.

"وحيث كان صلى الله عليه وسلم مشفقا من أباطيل الشيطان ان تظهر على الحق أمنه عز وجل من هذه الناحية اذ قال: {فينسخ الله} اي فيزيل الله {ما يلقي الشيطان} في أمانيك وأماني الرسل والانبياء من تشويهها بتمويهه, ثم بشره بظهور الحق الذي جاء به عن ربه, وجاءت به الرسل والانبياء من قبله وبقائه محكما فقال {ثم يحكم الله آياته} اي يتقنها كما قال في مقام آخر {ويحق الحق بكلماته ولو كره المجرمون}.

"وأولو الالباب يعلمون ان ليس المراد من النسخ والاحكام هنا معناهما المصطلح عليه في عرف المفسرين, وانما المراد في هذه الاية معناها اللغوي, فالنسخ بمعنى الازالة والاحكام بمعنى الاتقان. وهذه الاية في نسخها واحكامها ليست الا كقوله تعالى: {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض كذلك يضرب الله الامثال}.

".... وقد شاءت حكمته تعالى ان يميز الخبيث من الطيب من عباده فابتلاهم بالغرور الرجيم يلقي التشويه في أماني الرسل والانبياء {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة} أي اختبار وتمحيصا {للذين في قلوبهم مرضْ من النفاق {والقاسية قلوبهم} لا تلين لذكر الله وما نزل من الحق اذ ران عليها ما وسل الشيطان لهم من الكفر فحجبها عن نور الايمان والهدى {وان الظالمين } من المنافقين والكفار {لفي شقاق بعيد} اي في عداوة لله ولرسوله....

".... ولنرجع الى اصل الاية: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته, فانه لا يراد بها ان الشيطان يلقي في نفس الرسول او النبي شيئا (والعياذ بالله} ليشكل الامر فنحتاج الى تخريج الاية على خلاف ظاهرها وانما المراد ما نصت الاية عليه من ان الشيطان يلقي في الامنية نفسها اي يلقي فيما يتمناه الرسول او النبي من الخير والسعادة شيئا من التشويه في نظر رعاع الشيطان والناعقين معه ليصدهم بسبب ذلك عما تمناه الرسول لهم ويحول بين الامنية وتحققها في الخارج فتكون الاية الحكيمة على حد قول القائل: ما كل ما يتمنى المرء يدركه." انتهى

منقول
 
أخى سيف الدين , قد يفهم كلامك على أن الآية تقرر أن التمنى حدث من الرسول فعلا وهو ليس بدعا من الرسل فى هذا وهذا يناقض الجو العام أنه تنبيه له صلى الله عليه وسلم ألا يحدث هذا منه كما حدث من بعض الرسل . والآية لم تقرر صراحة أن هذا حدث منهم كلهم وتبين أنه الاستثناء بمعنى أنه قد يحدث مرة فينبه لذلك كى لا يعود اليه ثانية . وتنبيه الرسول ألا يفعل فعلا قد أخذ على نبى قبله قد ورد فى قول الله " ولا تكن كصاحب الحوت .."
وقولك
[mark=33CCFF]فلا يكبرن عليك يا محمد ما منيت به في أمانيك المقدسة حيث لم تتحقق في كثير من الاوقات بسبب ما يلقيه الشيطان فيها من التشويه الموجب لصرف كثير من الناس عنها ولك أسوة حسنة في هذا بجميع من قبلك من الرسل والانبياء فانك واياهم في هذا الامر شرع سواء.[/mark]
هل تمنى صلى الله عليه وسلم وظاهر النص أنه ينبه ألا يتمنى ؟
والسؤال بماذا منى الرسول وما هى تلك الأمانى المقدسة وكيف شوهها الشيطان وهل هذا نصر للأخير ؟
ان الناس لم يصرفوا عنه بل دخلوا فى دين الله أفواجا واستجابوا لربهم.
ان كثير مما قيل فى تفسير الآية لا يثبت للنقد وذلك فى رأيى بسبب تأويل أمنيته = تلاوته وثانيا تأويل ينسخ = يزيل ويمحو ولا دليل على كليهما بل فى الآية بعدها دليل على أن ما يلقى الشيطان باق لم يزال "ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة .." اذن هو موجود لم يمحى ليفتتن به الذين فى قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم واذا ما فتنوا كانوا فى الظالمين الذين هم فى شقاق بعيد .
 
الاخ الكريم مصطفى سعيد

1- لا يوجد في النص القرآني اعلاه ما يشير الى نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن التمني, بل ان التمني كان واقعا من الرسول كما وقع من الرسل من قبله وهو الرغبة في اخراج الناس من النار الى الجنة.
2- القول بأن الناس لم يصرفوا عنه بل دخلوا في دين الله افواجا قول مردود بحروب الردة وعدم انتفاء وجود المنافقين.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
ورد في صحيح البخاري (4862) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: ((سجد النبي صلى الله عليه وسلم بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس)).
واختلف المفسرون في ثبوت قصة الغرانيق فمنهم من أبطلها, ومنهم من علم أنها ثابتة.
وقد تلكم الشيخ الشنقيطي رحمه الله عنها بتوسع في رحلة الحج (120-132), وفي أضواء البيان (5/793-800) ضمن مجموع آثار الشيخ دار عالم الفوائد, ورجح بطلانها واستحالتها شرعاً.
** وممن أبطل قصة الغرانيق وحكم بعدم ثبوتها:
القاضي ابن العربي في أحكام القرآن, والقاضي عياض في الشفا, والشوكاني في تفسيره, والألباني في كتابه نصب المجانيق. وغيرهم.
قال ابن كثير في تفسيره (3/305-307): "قد ذكر كثير من المفسرين ههنا قصة الغرانيق ... ولكنها من طرق كلها مرسلة ولم أَرَها مسندة من وجه صحيح والله أعلم" وقال: "وقد ذكرها محمد بن إسحاق في السيرة بنحو مِن هذا وكلها مرسلات ومنقطعات والله أعلم".
وقالوا: إنَّ هذه القصة تتنافى مع عصمة الله تعالى لنبيه الثابتة بظاهر الكتاب والسنة.

*** وقد انتصر لثبوت هذه القصة الحافظ ابن حجر.
وذلك لأنَّ الروايات المرسلة فيها تعتضد بكثرة المتابعات ويقوي بعضها بعضاً, ولأن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس صحيح. "تخريج أحاديث الكشاف للحافظ ابن حجر" الكشاف (4/205) طبعة العبيكان
وأما المتن فيُجاب عنه بأنَّ القائل: "تلك الغرانيق العلى.." هو الشيطان في بعض سكتات النبي صلى الله عليه وسلم, فظنَّ المشركون أنَّ ذلك من تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم.

****وأما شيخ الإسلام ابن تيمية فقد قرَّرَ أنَّ ثبوت هذه القصة من دلائل النبوة, ولا ينافي آيات العصمة للرسول صلى الله عليه وسلم الواردة في القرآن بل يوافقها. انظر مجموع الفتاوى (10/291-292). ولولا الإطالة لنقلت كلام شيخ الإسلام بتمامه لنفاسته وبهجته.



وأكثر المفسرين على أنَّ (تمنى) بمعنى: قرأ وتلا. أخرج الطبري بسنده الحسن عن ابن عباس, قوله ﮋإِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِﮊ يقول: إذا حَدَّثَ ألقى الشيطان في حديثه. أي: يسمع الكفارُ ما ألقى الشيطان ولا يسمعه المؤمنون؛ لأنه ليس للشيطان على المؤمنين من سلطان. انظر التفسير الصحيح للشيخ حكمت بشير (3/421). وتفسير ابن جرير (16/609) طبعة التركي.[/size][/B]


وأرجوا من الإخوة الكرام تقبل مشاركتي بسعة صدر والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
والسلام عليكم
 
الأخ وائل ,لعلك قرأت المشاركات السابقة وفيها رد على الشيهة وأدعوك أن تدعو الله معى أن تمحى قصة الغرانيق المزعومة من ذاكرتنا . وقلت أن الأكثرين على أن تمنى =تلا .نعلم أنهم قالوا ذلك ولكن قالوه بدون دليل من اللسان العربى ولا من آى القرآن .وربما التبس عليهم الأمر من هذه القصة المزعومة غفر الله لنا ولهم
الأخ سيف الدين لم ترد على باقى الأسئلة ,
هل التنبيه على فعل فيه خطأ أتاه من أتاه ممن قبله لا يحمل معنى ألا يفعله صلى الله عليه وسلم ,
ووجود المنافقين والمرتدين لا يقدح فى كون الناس دخلوا فى دين الله أفواجا ورآهم الرسول كنص الآية ولا يمنع هذا أن أفواجا لم تدخل وأخري فى طريقها للدخول
 
.... قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49) فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55) ......
 
الأخ وائل ,لعلك قرأت المشاركات السابقة وفيها رد على الشبهة
أين الشبهة مادام النبي صلى الله عليه وسلم لم يقر على ما ألقى الشيطان في تلاوته ؟ بل نزل جبريل بكلام الله جل وعلا لينسخ ما القى الشيطان
أليس هذا دليلا على أن القرآن الذي يتلوه النبي كان الله سبحانه وتعالى يقر نبيه عليه و أن الله سبحانه كان يكلؤه بحفظه ورعايته
فمهمة جبريل لا تنتهي بإنزال القرآن إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل أن ما يتلوه النبي تحت المراقبة والحفظ
نعم الشبهة تكون لو أن النبي تلى ما ألقى الشيطان و لبث على هذا شيئا من الوقت
ولكن أن ينزل الله جبريل لنسخ ما ألقى الشيطان و إثبات أيات الله وإحكامها فهذا يزيد في إيمان المسلم أن الله فوقنا يسمع ويرى ويحفظ كتابه الكريم من الشيطان الرجيم
 
هذه الآية عظيمة و واضحة ولا تحتاج الى كل هذا ؛ ولكن بعض الاخوة يقرأها مع خلفية في ذهنه تشوش عليه المعنى

والمنهج الصحيح أنك تقرأ الآيه بغض النظر عن كل ما سواها ؛ ثم تتبع المعاني المشابهه في كتاب الله ؛

وفي هذه الآيه تبيين لشأن الله في عباده وكيف يفرّق بين المؤمنين والكافرين بأعمالهم ليستحقوا الجزاء ويقع منهم ما يحق به الحق ويبطل به الباطل

والله عز وجل يجعل من الفتن ما يتمايز به الناس ويفترقون به الى مؤمن وكافر ؛

فتميل قلوب الكفرة الى الباطل واقوال الشياطين كما قال ( ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون )

واما اهل الايمان فينفرون من الباطل ويؤمنون بالحق من ربهم كما قال تعالى (فأما الذين آمنوا فيعلمون انه الحق من ربهم )

ومعنى الآيه

ان النبي اذا قرأ وتلا ؛ القى الشيطان وتكلم في اثناء تلاوة النبي ؛ حتى كأن النبي تلاه وقرأه وهو لم يتله ولم يقرأه ؛ ولكن كان ذلك من ثول الشيطان وفعل الشيطان

فتميل قلوب الذين كفروا الى قول الشيطان ويحتجون به ويدعون قول النبي لما في قلوبهم من المرض ومحبة الباطل ؛

ويعلم الذين آمنوا انه من قول الشيطان فيدعونه ويتبعون ما قال النبي ؛ لما في قلوبهم من الهدى ومعرفة الحق ؛

ثم ينزل الله ما يبين ان الباطل الذي وقع هو من كلام الشيطان وليس من كلام نبيه ويبطل كلام الشيطان ويحكم آياته ؛ فيزداد الذين آمنوا إيمانا بأنه الحق من ربهم وتخبت له قلوبهم

{وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم }
 
تقدم الحديث عن هذه الآية مراراً في الملتقى.
والراجح في معناها: أن الشيطان يلقي الشُّبه والوساوس المانعة من تصديق قراءته صلى الله عليه وسلم.
وأما قصة الغرانيق فهي باطلة نصَّ على ذلك جمعٌ من المحققيقن من أهل العلم، وقد أُلفتْ في في ذلك مؤلفات.
 
تقدم الحديث عن هذه الآية مراراً في الملتقى.
السبب في ظني ، يرجع إلي الاستعجال وعدم قراءة المشاركات بشكل جيد .

والراجح في معناها: أن الشيطان يلقي الشُّبه والوساوس المانعة من تصديق قراءته صلى الله عليه وسلم.
لك الاختيار يادكتور إبراهيم ، ولكن الترجيح يطلب الدليل، ولم تقع مفردة (تمنى) .. لا في القران ولا في السنة الثابتة بمعنى التلاوة .

التمنى : عمل وسواسي ومدخل على بني آدم تحدى به ابليس (لعنه الله) ربه

أخبر عنه سبحانه وتعالى بقوله ( لَعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ ) (سورة النساء )


ولكي يبدا الشيطان عمله وتزيين الامور، لابد له أن يشتم شي من قلب الادمي ، وهذا الشيء يتكون من حرفين فقط وهو (لو ) ، لقوله صلى الله عليه والحديث في صحيح مسلم ( فإنَّ لو تَفتحُ عملَ الشَّيطانِ). (لو) :شرطية وتمنى لتغيير ما حدث وإستعجال ما لم يحدث.


والله أعلم
 
من فسر التمني بالوسواس فقد ابعد النجعه ؛ ومخالفة هذا المعنى للآيه ظاهر ؛ فكيف يلقي الشيطان في (تحديث النبي لنفسه) ويكون فتنة للكفرة !!!!! وانما كان في سر النبي

هذا ليّ للآيه وتقطيع ؛ وليس هذا شأن معاني القرآن ؛ بل المعنى هو التلاوة كما سلف ؛

ومن احتج بقوله ( فينسخ الله ما يلقي الشيطان ) بأن النبي تكلم بكلام الشيطان فقد اخطأ وزل ؛ فإن الله بين ان الملقي هو الشيطان والمتكلم هو الشيطان ليلبس على الناس دينهم ؛ ولفظ النسخ هنا مناسب لموضوع الفتنة ؛ لكون الناس ظنوا انه من كلام النبي ؛ فيبين الله انه ليس من كلام النبي ؛ فيكون من هذا الوجه نسخا وابطالا لظن الذين في قلوبهم مرض
 
ومن فسره بأن الإلقاء يكون في نفوس المستمعين ؛ فغير متوجه ؛ لأن الله اخبر انه يحكم آياته بعد ذلك ؛ ولا يستقيم ذلك إلا أن يكون الشيطان قد تكلم حال قراءة النبي فلبّس على الناس ؛ فينزل الله ما يحكم به الآيات ويبين به انه ليس من قول نبيه
 
ومن فسره بأن الإلقاء يكون في نفوس المستمعين ؛ فغير متوجه ؛ لأن الله اخبر انه يحكم آياته بعد ذلك ؛ ولا يستقيم ذلك إلا أن يكون الشيطان قد تكلم حال قراءة النبي فلبّس على الناس ؛ فينزل الله ما يحكم به الآيات ويبين به انه ليس من قول نبيه
أخي عبد الإله ما قولك فيمن قال بل الجواب إن الشيطان لما ألقى في نفوسهم من الشبه والمعاني غير المرادة من الآيات المتشابهة
فنسخ الله ذلك كله بالأيات المحكمة التي وضحت المشتبه وأبطلت ماكان يلقيه الشيطان
فهذا يقوي قول من جعل إلقاء الشيطان إنما هو في المعاني التي تخطر في النفوس فتنسخها الآيات المحكمة
 
عودة
أعلى