أهمّ الفوائد من تعليقات الشيخ إيهاب فكري على مقدمة النشر 1442

إنضم
16 يوليو 2014
المشاركات
23
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
السعودية
الموقع الالكتروني
twitter.com
بسم الله الرحمن الرحيم

بحمد الله انعقد مجلسٌ في التعليق على كتاب (النشر في القراءات العشر)
للشيخ المقرئ الطبيب/ الدكتور إيهاب فكري حفظه الله تعالى
المقرئ في المسجد النبويِّ الشريف
وذلك في يوم الجمعة 20/ 4/ 1442 (عن بُعْدٍ عبر برنامج zoom) وقد أجاد وأفاد جزاه الله خيرًا ..


وهنا نتفٌ من بعض تلك الفوائد (مع التنبيه أني أكتب الفوائد من ذهني، وأنبِّه أنَّ ما كان بين [ ] فمني)


الفائدة الأولى: لم يجمع ابن الجزري في هذا الكتاب (النشر) جميع الطرق التي وقف عليها في المصادر، بل اختار منها.

الفائدة الثانية: عند ابن الجزري تصحيحات واستدراكات للكتب السابقة، مثلا: حرف (اركب معنا) لحفص: المشهور الإدغام من طريق المصباح، بينما ابن الجزري يقول: الصواب هو الإظهار من طريق المصباح.

الفائدة الثالثة: أسند في صدر النشر ثلاثة وثمانين طريقًا، وهي الطرق الأدائية، ولم يخبرنا بما فيها إلا أحيانا، وهذا مما يدل أنه يخبرنا باختياره، وهذا يدلنا على: كيف تطور هذا الأمر.

الفائدة الرابعة: أبو عبد الرحمن السلمي هو راوي حديث: « خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه» فَهِمَ من الحديث فضل الإقراء، وعند جماعةٍ من الأصوليين: أنَّ الراوي أعلم بمرويِّه.

الفائدة الخامسة: [ابن الجزري ينقل نصًّا طويلًا عن ابن تيمية بدون عزو، كما في ص 19-20 نبه عليه المحقق الجكني]

الفائدة السادسة: ومسألة كون القرآن في الصدور هو الأصل؛ ولذا فلا يضرُّ الاختلاف الذي يحصل في الرسم.

الفائدة السابعة: نقل ابن الجوزي عن أبي عبيد القاسم بن سلام: أنَّ الصحابة المعتنين يالقراءات: 20 من المهاجرين، و7 من الأنصار.

الفائدة الثامنة: المختار أنَّ الجمع الأول في عهد أبي بكر كان فيه الأحرف، بدليل أنَّ ابن مسعود كان يقرأ بلغة هذيل (عتى حين) بدل (حتى)، وهذا الاختلاف في الأحرف لم يكن في كلِّ الأحرف، ومذهب الداني وغيره: أنَّ الجمع العثماني أيضًا مشتمل على الأحرف السبعة، ولكن هو مخالف للواقع، بدليل أنَّه لا يقرأ ما ورد في الصحيح من بعض تلك الأحرف، مثل الوقف على (التابوت) بالهاء.

الفائدة التاسعة: [ذكر المحقق في ص 24 قول ابن الجزري أنَّ مجيء حذيفة لعثمان كان في حدود سنة ثلاثين، وأنَّه ناقشه فيه ابن حجر وقال: (غفل بعض من أدركنا)! ولم يسمِّه، بينما رجَّح ابن حجر أنه كان سنة (25) وذكر المحقق من سبق ابن الجزري].

الفائدة العاشرة: الاختلاف في القرآن من بعض الفضلاء ومنعهم من قراءة بعض الأوجه التي كان عليها الأئمة: مما يخشى أن يدخل تحت الاختلاف الذي منع منه الصَّحابة رضي الله عنهم، فيحصل ما هو قريبٌ من الاختلاف الذي حصل في زمن عثمان رضي الله عنه رضي الله عنهيقول البعض الآن: الغنة للأزرق لماذا يقرأ فلان؟ امنعوه منها! ولكن كانت مقروءة إلى زمن قريبٍ.

الفائدة الحادية عشرة: كلُّ مصحفٍ من المصاحف التي أرسلها عثمان رضي الله عنه كان موافقًا لقراءة تلك البلدة، ولم يفرض القراءة عليهم بأحرف معينة، ولكن رفع ما فيه اختلاف وردَّه إلى حرف قريشٍ.

الفائدة الثانية عشرة: قال ابن الجوزري: (بأصول أصَّلوها، وأركان فصَّلوها) وهذه عبارة مهمة جدًّا، فالأمر مضبوطٌ بضوابط وأصولٍ.

الفائدة الثالثة عشرة: من أصول الإقراء عند ابن الجزري: القراءة ليست على الأفشى في اللغة والأقيس
بالعربية بل على الأثبت في الأثر والأصحِّ في النقل، والعبارة أصلها لأبي عمرو الداني في جامع البيان.


الفائدة الرابعة عشرة: قال الإمام مالك: ((كل علم يؤخذ عنه أهله)) وعلى هذا فموضوع القراءة لا تؤخذ عن كتب التفسير ولا عن كتب اللغة.

الفائدة الخامسة عشرة:
ابن شنبوذ أجاز القراءة بما لا يوافق الرسم، وابن مقسم يأخذ بما لم ينقل طالما وافق خط المصحف، وكلاهما في أسانيدنا، ومع هذا رد على اختيارهما العلماء، وهذا مما يدل على أن الاختيار لا بدَّ له من ضوابط، و(خلف) خالف شيخه (حمزة) في 120 موضعًا تقريبًا.

الفائدة السادسة عشرة: فرق بين (القراءة الشاذة والقراءة الباطلة) ، ولذا قال ابن الجزري: (إما شاذ أو باطل) ولذا فكلُّ ما صح إسناده من القراءات -مما قد يكون في البخاريِّ أو مسلمٍ- ولكن لم ينقل: فهو (شاذ) ولكن ليس بباطل.

الفائدة السابعة عشرة: هناك من ردَّ على ابن الجزري في قضية وقف حمزة (التي ذكرها في المقدِّمة) من المغاربة، وهم أيضًا متبعون للجعبري، ولكن نحن في المشارقة نتقيد بمذهب ابن الجزري!.

الفائدة الثامنة عشرة: قسَّم مكِّي بن أبي طالب في آخر كتابه (التبصرة) القراءة إلى ثلاثة أقسام:
الأول: الأداء وهو الذي قرأه الشخص على شيوخه وهو منصوصٌ في الكتب، (وهذا الأكثر)
والثاني: قسم قرأه على شيوخه وهو غير موجودٍ في الكتب (وهو الأقل) ولذا لا تجد في النشر قوله: لم أجد من قال به!.
الثالث: قسم لم يقرأ بها وليست في الكتب ولكن قاسها على غيرها.

وهل في القراءة قياس؟ قال الشاطبي: (وما لقياسٍ في القراءة مدخلٌ)، ولكن قال أيضًا: (واقتسْ لتنضُلا) فالمثبت غير المنفي، فالمثبت هو القياس الذي هو تطبيق الجزئيات على الكليات، ومن الأمثلة على ذلك: أنَّنا لم نقرأ على شيوخنا في كل وقفٍ، فإ1ا سئلتَ قستَه على الأصل الكلي.



الفائدة التاسعة عشرة: من المسائل المهمة: الأداء المخالف للنص، هل يقدم الأداء أم ما في الكتب؟ ابن الجزري يقدِّم ما في الأداء على بعض النص بشرط أن يكون الأداء متفقًا عليه، لأني (الشيخ إيهاب فكري) وقفت عليه كثيرًا يقول:( نصَّ فلان) ولكن الصواب كذا... ولكن هناك مسألة أخرى: إن اختلف أداءان واحدٌ معهما نصٌّ والثاني ليس معه نص؟ فالمقدَّم هو الأداء الذي معه النصُّ، فلو بحثنا مثلًا مسألة (الفرجة) ووجدنا أداءً معه النصُّ يكون مقدّمًا على الأداء الثاني.

الفائدة العشرون: قاعدة مهمة من قواعد ابن الجزري في القراءات: (التفريق بين مقام الرواية وبين مقام التلاوة)، فالخلط بين الطرق في الرواية خطأ، وهذا مما يشبه القرآن فيه الحديثَ، فلا تنسب حديثًا للبخاري إلى مسلمٍ أو العكس، ولكن يخالف القرآنُ الحديثَ في (قضية الاختيار)، فيجوز الخلط في الاختيار إن سلم من الطعن في اللغة، فهما أصلان عند ابن الجزري.

الفائدة الحادية والعشرون: في ص 66 نقل ابن الجزري أثرًا عن إبراهيم النخعي عن ابن مسعودٍ.. وصححه، ولكن النخعيَّ لم يدرك ابن مسعود؟ نعم لكن الواسطة معروفة.

الفائدة الثانية والعشرون:
مسائل في الأحرف السبعة:

الأولى: كلام الطبري: الأمة لم تؤمر أن تحافِظ على الأحرف لأنها رخصة! وهذا يخالف فيه الإمام الدانيُّ ولكن كلام الإمام الطبري يوافق النصَّ؛ لأنَّه كان طلبًا من النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم [قلتُ: وفهمتُ من الشيخ إيهاب فكري أنَّ هذا هو الجواب عن السؤال المشهور: كيف جاز لعثمان بن عفان رضي الله عنه أن يترك بعض الأحرف السبعة التي مات النبي صلى الله عليه وسلم وهي تقرأ؟] صلى الله عليه وسلم.
الثانية: اختلفوا في الأحرف السبعة، ولكن من نظر للأحاديث يجد أنَّها في اللغات، ولكن اعترض بعض العلماء بــ كيف يخالف هشام بن حكيم: عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وكلاهما من قريش؟ ولكن يمكن أن يوجَّه بأن توجد لفظة لها طريقتان في لغة قريش؛ لأنَّ الواضح أن سبب الأحرف هو التخفيف على الأمة، ومما يدل على هذا قراءة من قراءة: (طعام الأثيم) فقرأ (طعام اليتيم) فأمره بأن يقرأ: (طعام الفاجر)! ولا يمكن أن يقال قراءة تفسيرية.


الفائدة الثالثة والعشرون: ذكر ابن الحاجب أن التواتر في القرآن لا يدخل فيه أوجه الأداء كالإمالة وياءات الإضافة ... مما في الأصول، وقد ردَّ عليه ابن الجزري في (النشر) وفي (المُنجِد)، وذكر أنَّه لم يُسبق ابن الحاجب، وأن القاضي أبا بكر بن الطيب ذكر تواتر ذلك كله، ويجاب ابن الحاجب بقول إمامه مالكٍ: كل علم يسأل عنه أهله!

الفائدة الرابعة والعشرون: اختيار ابن الجزري: أنَّ الأحرف السبعة ليست متضمنة للجمع العثماني.

الفائدة الخامسة والعشرون: (الأحرف) ليس فيها اختيار، مثل (بعد أمهٍ) -بالهاء- للحسن البصري، بخلاف (الأوجه) مثل القصر مع الغنة لحفص فهذه قد يرد فيها أن نختار في عصرنا.

الفائدة السادسة والعشرون: مدرسة الاستدراك بدأت من النويري ثم يوسف زاده مع أنّ الواضح أن الشيخ يوسف زاده فعل ذلك من باب الاختيار، ولذا كان يقول: (نحن نأخذ بالعزائم) ثم جاء الإزميري حيث منع من بعض الأوجه التي قرأ فيها على شيوخه مثل الغنة للأزرق، ثم جاءالمتولي وأضاف شيئا آخر: وهو زيادة أوجه لم يقرأ بها ابن الجزري! ويبرِّر ذلك في كتبه، ثم بدأت المدرسة في التوسع، ثم جاء كتاب (التنقيح)، وجاء بعده مثل الشيخ عامر عثمان الذي خالف التنقيح بزيادة أو بنقصٍ في سبعين مسألة أحصيتُها، ثم زاد الأمر أن دعا (بعض الفضلاء) الرجوع إلى مصادر النشر فقط! مع أنَّ بعض (مصادر النشر) ليست متوفرة عندهم! ولكن هل لهم ذلك؟ نعم هو من باب الاختيار! ولكن ليس لهم أن يمنعوا غيرهم، وقد وصلني الآن: أن بعضهم يمنع الإدغام الكبير ليعقوب (وهو مقتضى مذهبهم)!
ولكن هل لنا الاستدراك على ابن الجزري؟ نعم لكن لا ينتقل هذا إلى منع غيرك من تقليده، لأنَّ لازم ذلك –مع الأسف- أن الناس قرأت القرآن خطأً، لأن من كان قبل الأزميري كان يقرأ الغنة للأزرق.


الفائدة السابعة والعشرون: نُسِب إليَّ أني قلتُ: إننا نقرأ الطيبة بدون تحريرات! وهذا لم أقله ولن أقولَ به إن شاء الله! ولن أسامح من نسبه إليَّ!؛ لأنَّ التحريرات هي تقييدات على ظاهر الطيبة، وابن الجزري منع من قراءة بعض الأوجه وهذا ثابتٌ عنه، فالذي أختاره: أننا نتقيَّد بتقييدات ابن الجزري التي ذكرها في كتبه، ونضبط الرواية: رواية ابن الجزري كذا، ورواية الإزميري كذا، ورواية فلان كذا، فإذا ضبطنا الروايات نختار واحدةً ثم نجيز للطالب من غير منعٍ من بقية الاختيارات.

وإلى فوائد المجالس القادمة إن شاء الله تعالى


كتبه/ محمَّد بن عبد الكريم الإسحاقي
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
 
بسم الله

الفائدة الثامنة والعشرون: سألني أحد الفضلاء عن قول الإمام ابن الجزري رحمه الله: (وقد زلَّ بسبب ذلك قومٌ وأطلقوا قياس ما لا يروى على ما روي، وما له وجه ضعيف على الوجه القوي، كأخذ بعض الأغبياء بإظهار الميم المقلوبة من النون والتنوين)، فسألني عن هذا الكلام وهل ينطبق على من يقول بإطباق الشفتين؟! ولكن قبل الجواب: لا بدَّ أن يُعلم أنَّه كان من مذاهب (بعض) أهل العلم بدل الإخفاء الشفوي في الميم الساكنة أظهروه, مثلا : (أموالكم بينكم بالباطل) قرؤوه بالإظهار، وهو مذهب مكي بن أبي طالب، وقد تركه ابن الجزري فلا يقرأ به، فأشار ابن الجزري هنا في المقدِّمة أنَّ بعضهم أخذ مذهب مكي بن أبي طالب في الإخفاء الشفوي في الميم الساكنة فأجازوه في الإقلاب وأظهروه في نحو (عليم بما) بالإظهار، فسماهم (أغبياء).
ولكن هل يفهم من كلام ابن الجزري أنَّه في الرد على من يقول بإطباق الشفتين؟ بيَّنتُ للأخ أمرين:
الأمر الأول: أنَّ كلام ابن الجزري أصلًا في حقِّ من يجرون الإقلاب كالإخفاء الشفوي.
والأمر الثاني: لا بدَّ من أن تقفَ على كلام ابن الجزري في النشر ص(749) حيث بيَّن فيه أنَّ مذهبه بإطباق الشفتين، قال: (ثم إن الآخذين بالإشارة عن أبي عمرو أجمعوا على استثناء الميم عند مثلها وعند الباء، وعلى استثناء مثلها وعند الميم. قالوا: لأن الإشارة تتعذر في ذلك من أجل انطباق الشفتين), والكلام أصله في وجه الروم والإشمام في الإدغام الكبير وهذا لم أقرأ به حيثُ لم يطلبه مني أحد مشايخي وقد ذكر ابن الجزري أنَّه قليلٌ- ولا بد في فهم كلام العالم من جمع كلامه, فبالنسبة للفرجة يظهر أنَّ مذهبه إطباق الشفتين؛ لأنَّه نقل حجة قومٍ وسكتَ عنها، والذي نقله هو نصُّ كلام الداني، وقالها ابن غلبون الابن، وكذا ابن القاصح في شرح الشاطبية، وابن الجزري نقلها ولم يعقب عليها, فحتى أجمع بين قوليه: فكلامه الأول في حالة الإقلاب, وكلامه الثاني في حالة الإخفاء الشفوي, وهذا واضحٌ جدًّا, وقد ذكرتُ في كتاب (لطائف في التجويد) الرأي الذي رأيتُه وقد نقلته عن الأئمة الأربعة السابقين، وقال بعض الفضلاء لا يمكن الإطباق مع الإخفاء الشفوي ولكن هذا غير صحيح.
وأنصح نفسي وغيري: لا تناقشوا مسائلَ مع نقصٍ في الأدوات، والكلام في كتاب الله تعالى خطيرٌ، قد يكون أشد من الكلام في مسألة فقهية أو نحوها, قال البعض عن بعض النقول عن بعض الكبار: (هذه الأدلة واهية للغاية)! مع أنّه كلام الداني وابن القاصح وابن غلبون, وظاهر كلام ابن الجزري، والله المستعان.


الفائدة التاسعة والعشرون: القضية التي ذكرها ابن الجزري وهو أن بعض الناس ظنَّ أنَّ القراءات المتواترة هي القراءة السبعة فقط، هي كانت سبب تأليفه كتاب (النشر) , ونقل عبارات للعلماء تؤيد الزيادة على السبعة، وكانت كلمة العلماء أنَّ من وصلت إليه قراءة الأعمش مثلا بنفس الإسناد الذي وصل إلينا عن حمزة فله أن يقرأ بها، ولكن نحن الآن في هذه الأزمان المتأخرة: لا بدَّ أن نتقيَّد بالأصول العامة التي منها: (أن يقرأ الطالب على شيخه الذي قرأ بها), وهذا ما يفسِّر لك: أنَّ عبارة الشاذ في القراءات يقصد منها أنَّها لم تنقل لنا بالسند الذي نقل به تلك القراءات.


الفائدة الموفية للثلاثين: ذكر الإمام أبو الفضل الرازي: (أنَّ الاختيار في القراءة باقٍ إلى يوم القيامة), ولذا يكون للشيخ السمنودي وجهٌ في اختياره الغنة لشعبة، ما دام أنَّه قرأها لغير شعبة، وهكذا.

الفائدة الحادية والثلاثون: قد يحكم على بعض الألفاظ في السبعة نفسها أنَّها شاذة، فأذكر مثلا كنا نقرأ في تفسير الشوكاني فتح القدير- فينسب أحيانًا أحرفا للسبعة مثل: (فإما منّا بعدُ وإما فدًا) بالقصر، فكنتُ أسأل عنها الشيخ المعصراوي فيقول: هذا شاذ، أقول: وهذا موجود في الكتب القديمة، فمثلا: حفص له رواة آخرون غير الطريقين المشهورين، فقد كانت بعض هذه القراءات مقروءةً بها لاتصال سندها في حينها.

الفائدة الثانية والثلاثون: أفاض ابن الجزري رحمه الله في ذكر الخلافات الشاذة في سورة (الفاتحة) والذي يظهر أنَّ هذا كان في زمنه متصلًا بالأسانيد، بل يتضح هذا لأنَّه يقول: (جاز القراءة بها) وقوله: (تتفق مع الرسم) وتوجيهه للمشكل منها في اللغة العربية، ولكن اختلف الوضع الآن، فالآن ليس لنا الخروج عما نقله لنا ابن الجزري لأنَّه من طريقه الذي تلقينا منه الآن، وهذا اختيار من الله تبارك وتعالى لابن الجزري رحمه الله.

الفائدة الثالثة والثلاثون: تزيد مخالفات أبي حيان الأندلسي لما نحن عليه الآن مئة مخالفة تقريبًا. [ستأتي فائدة متصلة بأبي حيان في الفائدة الخامسة والأربعين]

الفائدة الرابعة والثلاون: الإمام ابن الجزري رحمه الله يقول: تدبرَّنا اختلاف القراءات كلها فوجدناها لا تخلو من ثلاثة أحوال: (اختلاف اللفظ والمعنى واحد)، وهذا هو الأكثر والأغلب، مثل الإمالات ونحوها، (والثاني: اختلافهما جميعًا مع جواز اجتماعها في شيءٍ واحدٍ)، والثالث: (اختلافهما جميعًا مع امتناع جواز اجتاعهما في شيءٍ واحدٍ، بل يتفقان من وجهٍ آخر لا يقتضي التضاد،) فالأمر الأول: هو المشهور في التوجيه بأن يقال: (هو لغةٌ)، وأما الثاني والثالث فهو يحتاج إلى علومٍ زائدةٍ من العرية ونحوها.

الفائدة الخامسة والثلاثون: أحد الإخوة يسأل: كيف تكون القراءة متواترةً والأمر على ابن الجزري فقط؟! أولا موضوع (التواتر) ليس مشهورًا عند العلماء الأقدمين، وأيضًا ضبط التواتر بحسابٍ واحدٍ فيه إشكال، ومن المعلومات العجيبة أنَّ ابن حزمٍ رحمه الله في كتابه (الإحكام) ذكر أنَّ المتواتر ما جاء من طريقين!, ولذا فالأفضل أن يقال عن القرآن (القطعي) بدل المتواتر.

الفائدة السادسة والثلاثون: من ترك حرفًا من القراءات (اختيارًا) لا يتركه رغبةً عنه, ولا يمنع من غيره, لكن من باب الاختيار فنعم.

الفائدة السابعة والثلاثون: تحريرات الطيبة مرت بمراحل [خمسةٍ]:
المرحلة الأولى: الالتزام بالأداء.
المرحلة الثانية: مرحلة الإمام المنصوري وهو الاستدلال لها من كتب أهل العلم، وترك ما لم يجد لها دليلًا، والمنصوري ومن مدرسته الخليجي- يحاول دائمًا الانتصار لابن الجزري، فمثلا لما ذكر وقف حمزة على (الأرض) ذكر الوجهين المشهورين: التسهيل والنقل، ثمَّ ناقش ابن الجزري في الوجه الثالث وهو (التحقيق) ثم قال: (ولكن ابن الجزري عالم! ويسلَّم له).
المرحلة الثالثة: مرحلة الاستدراك على ابن الجزري في منع الأوجه التي لم يوجد في الكتب الموجودة, وكانت على يد الإمام الإزميري رحمه الله، فأول الاستدراك على ابن الجزري على يد الإزميري بمنع بعض الأوجه التي ظاهر الطيبة يجيزها، (مع أنَّه يقرأ بأمور في ظاهر الطيبة ولا يجدها في الكتب مثل مدِّ التعظيم!).
ثمَّ المرحلة الرابعة: انتقل الأمر من المنع فقط، بل زيادة الأوجه, وهذا بيد الإمام المتولي، ومما زادها القراءة بالغنة على وجه الإدغام العام ليعقوب، مع أنَّه قد قرأ أولا بتحيرات الإمام المنصوري كما نصَّ عليه الشيخ عبد الفتاح القاضي، -وهو الظاهر من سيرته- ثم انتقل إلى تحريرات الإزميري، ثمَّ فعل تحريراتٍ اختارها لنفسه، ولم يقرأ بها على المشايخ.
المرحلة الخامسةوهي التي نعيشها الآن- عدم الاعتماد على الإمام ابن الجزري! والاستدراك على ابن الجزري بمنتهى السعة! بل جلُّ ما يستدلون به هو الإسناد الآحادي المسكين! مع أنَّهم لا يعتمدون على التلقي والأداء الذي هو أهمُّ من إسنادٍ في كتاب, وهذا يحتاج إلى مراجعةٍ من إخواننا الفضلاء، وحتى المحدِّثون ترى بعضهم يمنع من الاعتماد على الأسانيد المتأخرة كابن الصلاح رحمه الله الذي منع من التصحيح للحديث بناءًا على الأسانيد المتأخرة التي لا يوثق بها، فالأمر الآن أصبح يستدرك على التنقيح! الذي كان آخر التحريرات, ومع هذا فلا بدَّ من ذكر أنَّ عند من يقول بهذا نقصٌ في الأدوات التي كانت عند ابن الجزري من أربعة أوجهٍ:
أولا: توجد سبعة كتب مفقودة وكانت متوفرة عند الإمام ابن الجزري.
ثانيًا: الطرق الأدائية التي عند ابن الجزري أكثر من ثمانين, وساقها للاستدلال بها.
ثالثًا: مبحث الطرق التي يلتزمون بها مع أنَّ ابن الجزري والإزميري لم يلتزموا بهذه الطرق.
رابعًا: تركهم اختيارات ابن الجزري مع إقرائهم لاختيار خلفٍ.

الفائدة الثامنة والثلاثون: من المباحث المنيفة في مقدمة (النشر) أنَّه ذكر سبع فوائد لعلم القراءات, وقد نقلها شيخنا د. إيهاب فكري حفظه الله في صدر كتاب (أجوبة الفضلاء) وزاد عليها.

الفائدة التاسعة والثلاثون: الشروط أو الأركان- الثلاثة التي ذكرها ابن الجزري للقراءة الصحيحة، هي الشروط التي نقلت لنا من خلالها القراءات، ويشترط لهذه الشروط الإقرائية: أنَّه لا بد من التلقي لها، بل ردَّ ابن الجزري على الزمخشري لما قال: إنَّ قراءة ابن عامر: (وكذلك زيِّن...) يمكن أن تكون من القراءة من الكتب، قال ابن الجزري: وهل يحلُّ الاعتماد على ما في الكتب؟!

الفائدة الموفية للأربعين: قال الإمام المتولي: الزيادات التي زادها الشاطبي في القصيد مجهولة الإسناد، ولكن للشاطبي أسانيد ليست من طريق الداني، وتلقي الأمة بالقبول مهم جدا، فكلام المتولي ليس غريبًا، وهي الحقيقة التي لا بدَّ أن نقرَّها، مثلًا في مصحف المجمع الطبعة الباكستانية: (ضُعف) لحفصٍ، مع أنَّه لا يعرف على من قرأها حفصٌ، لكنَّ هذا متلقى بالقَبول, وهو أقوى من الإسناد المفرد.

الفائدة الحادية والأربعون: الأسانيد التي ذكرها ابن الجزري (980) طريقًا، وقد جمعتُ ما يمر بالإمام النقاش والإمام أبي أحمد السامري فاتضح أنها تصل إلى (214) طريقًا، ولو رجعنا لكلام الذهبي على النقاش والسامري تقف على الكلام الشديد، مع أنَّ ربع كتاب (النشر) دائر عليه كيف هذا؟ هذا شيء طبيعي، وهو موجود حتى عند أهل الحديث، فتجد الضعف النسبي فيقال: إسماعيل بن عياش روايته عن غير أهل الشام ضعيفة, أنا أذكر هذا الكلام للإخوة الذين عندهم الاستدراك الواسع على الإمام ابن الجزري، فلا أستبعد أنهم يفتحون (النشر) ويستدركون على تلك الطرق التي تمرُّ بالنقاش أو غيره, فابن الجزري انتقى من هذه الأسانيد كما انتقى مسلم أحاديث بعض الضعفاء.

[قلتُ: تتميمًا للفائدة يقول الذهبي في ميزان الاعتدال (3/ 520): (تعب واحتيج إليه، وصار شيخ المقرئين في عصره على ضعف فيه, أثنى عليه أبو عمرو الدانى ولم يخبره [أي: لم يعرفه!] ... وقال طلحة بن محمد الشاهد: كان النقاش يكذب في الحديث، والغالب عليه القصص, وقال البرقانى: كل حديثِ النقاش: منكر, وقال أبو القاسم اللالكائى: تفسير النقاش إشقاء الصدور، وليس بشفاء الصدور, مات سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة), وأما أبو أحمد السامري فقد ترجمه الذهبي في الميزان أيضًا (2/409) وذكر منه أمورًا توهنه وتضعفه].

الفائدة الثانية والأربعون: من الأشياء التي فيها موعظة لنا أنَّ الإمام الشاطبي ليس إسناده عاليًا، بل إسناده نازل، ومع هذا رزقه الله القبول، والأهمُّ مسألة الضبط، بل من عجيب ما قرأتُ ويتحقق منه: أنَّ الإمام الشاطبي قال للسخاوي: اذهب للشام واقرأ على الكنديِّ ولا تروِ عنه! وهذا الذي فعله السخاوي [قلتُ: بناءًا على ما طله الشيخ حفظه الله من التحقق: القصة ذكرها الذهبي في تاريخ الإسلام (14/460), وطبقات المفسرين للداودي (1/430)].

الفائدة الثالثة والأربعون: الكتب المذكورة التي صدَّرها الإمام ابن الجزري في مقدمة (النشر) كلها مغربية ومصرية، ولم أجد عالمًا واحدًا ممن ألفوا في هذه الكتب مصريَّ الأصل، فابن الفحَّام من صقلية وهي في إيطاليا الآن, وبعضهم من القيروان، والشاطبي من الأندلس، وكنتُ أظنُّ أنَّ الصفراويَّ مصري الأصل، ثمَّ تبين أنه من الحجاز!, ولعلَّ البعض يبحث عن هذا.

الفائدة الرابعة والأربعون: المسألة الهامة: أنَّ الكتب المغربية لم يكثر من طرقها ابن الجزري، لكن أكثر من الكتب العراقية ما عدا كتاب الكامل لسعة أسانيده التي تزيد على (خمسة آلاف) إسنادٍ, فالإمام ابن الجزري أكثر من الأخذ عن كتب العراقيين, وكثير منها في العشرة، ولا أعلم من كتب المغاربة ما جمع العشرة عدا كتاب الكامل.

الفائدة الخامسة والأربعون: ابن الجزري أسانيده الكثيرة تمرُّ على أبي حيَّان الأندلسي ومع هذا خالفه ابن الجزري كثيرًا؛ وكان أبو حيان غير راضٍ عن الشاطبية, ومع هذا فقد رزقه الله القَبول (وهناك أمور خفية في التعامل مع الله وليس بكثرة العلم، وليس معنى هذا أنَّ من لم يشتهر أنَّه ليس بمخلصٍ).

الفائدة السادسة والأربعون: هل توجد قراءات شاذة في القراءات السبعة؟ نعم مثَّلت أنَّ في بعض كتب التفسير بعض القراءات كما مثلت من تفسير فتح القدير للشوكاني في قوله تعالى: (وإما فدىً).

الفائدة السابعة والأربعون: قول بعضهم: كتاب (النشر) عند المقرئين، بمنزلة (صحيح البخاري) عند المحدثين هل هو صحيح؟ صحيح البخاري جمهور العلماء على أنَّه ظني الثبوت-ومهم من قال: بل هو قطعي الثيوت- بخلاف النشر فهو قطعي الثبوت في كل ما ورد فيه!.

الفائدة الثامنة والأربعون: النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بكل القراءات وكلها من الله، ولكن كانت لغاتٍ (لهجاتٍ) ولم يكن يفعل أن يأتي محرابه فيقرأ بلهجة ثقيفٍ مثلًا, فغالب الظن أنه لم يفعل بها، وإذا لاحظت أن سبب القراءات هو أن يقرأ كل أحدٍ بقراءة قومه اتضح لك هذا.

الفائدة التاسعة والأربعون: في (العشر النافعية) أعتقد قطعيتها، لأنهم ما زالوا يقرؤونها في الصلاة، وقد كتب أ.د. عبد الهادي حميتو كتابًا في تواترها، ولله الحمد.

الفائدة الموفية للخمسين: كتاب الروضة لأبي علي المالكي من الكتب المنظمة جدا، وقد أعجبتُ به، وقد أخذ منه أسانيد كثيرة.

الفائدة الحاية والخمسون: أول مصادر النشر: السبعة لابن مجاهد ت 324هـ وآخرها: كتاب الصفراوي ت 639هـ فبين هذين العامين هي مصادر كتاب (النشر).


إلى هنا انتهى
والله الموفق والحمد لله ربِّ العالمين
 
عودة
أعلى