التفسير الصوتي للدرس الصرفي العربي: القراءات القرآنية نموذجا

محمد بنعمر

New member
إنضم
7 يونيو 2011
المشاركات
440
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الرسالة الجامعية نوقشت بكلية الاداب وجدة المغرب:
تقرير حول موضوع الأطروحة الجامعية بعنوان: التفسير الصوتي للدرس الصرفي العربي: القراءات القرآنية نموذجا إنجاز الطالب الباحث: يوسف بوطاقية إشراف الدكتور :عبد القادر لقاح تمت المناقشة بحول الله تعالى بتاريخ يوم السبت 14 نونبر 2020 بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الكريم (رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي) في البداية أتقدم بالشكر الجزيل، وعظيم الامتنان إلى جميع أعضاء لجنة المناقشة السادة الأساتذة لإعطائي جزءا من وقتهم الثمين، وتقديم ملاحظاتهم القيمة التي سيتم العمل بها مستقبلا بحول الله تعالى. والشكر موصول لأستاذي المشرف الذي وجّه خطوات هذا البحث الذي عالج قضيةً لسانيةً مهمة عنوانُها "التفسير الصوتي للدرس الصرفي العربي: القراءات القرآنية نموذجا" وفق مجموعة من المناهج العلمية الدقيقة كالمنهج التاريخي والمنهج الوصفي والمنهج المقارن، فلم يكن ممكنا أن نقوم بسبر أغوار موضوعنا هذا دون رصد لمسارات العلماء عبر العصور المختلفة مبتدئين بعصر نشأة اللغة وعلومها، ثم التوجهات اللغوية التي نحاها علماء العربية المحدثون، منضويين في ذلك تحت لواء اتجاهات لغوية مختلفة، وكان لزاما أن نقرن المنهج الوصفي بالمنهج المقارن، كي تتجلى لنا التوجهات المذهبية المختلفة، وأسباب اختلافها التي أوصلتها إلى تلك الاستقلالية في بعض القواعد. هذا من جهة، ومن جهة أخرى انطلقت في منهج الدراسة من العام إلى الخاص؛ بحيث تحدث في البداية عن اللغة باعتبارها ظاهرة عامة تتحقق في درس كلام أفراد الجماعة اللغوية، مسموعا كان أم مسجلا، وصولا إلى الحديث عن أصغر وحدة مكونة للكلام وهي الصوت حتى يتم إعدادها في تشكيل البنية أو الكلمة. ولابد من الإشارة إلى أن الدرس اللغوي كان له موقع في نفسي طوال السنوات الإعدادية والتأهيلية، حينما كنت أتابع دراستي بشعبة التعليم الأصيل التي كانت تحرص على تدريسي مواد علوم اللغة وعلوم القرآن الكريم إلى آخر قسم نهائي بالتأهيلي، وشغفت بهذا التخصص أكثر حينما التحقت بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة محمد الأول بوجدة بفضل مجموعة من أساتذتي الأجلاء الذين لن يسعني إلا أن أوفيهم حقهم بحال من الأحوال، وأسأل الله تعالى أن يكرمهم من فضله. ولعل الباعث الأهم في هذا البحث هو الدور الهام الذي قدمه علماء القراءة في سبيل المحافظة على كلام المولى عز وجل من التحريف واللحن، إذ إن أول من اهتم بالصوت في اللغة العربية كانوا قراء القرآن الكريم. وبالتواتر الصوتي تم الحفاظ على جل إن لم يكن كل الأصوات اللغوية للغة العربية الفصحى من خلال آيات القرآن الكريم، وهذا ما حثني على اختيار القراءات القرآنية كمادة للدراسة في محاولة مني للوصول إلى تفسير صوتي للدرس الصرفي في اللغة العربية. وقبل الخوض في الكشف عن خطة العمل أشير إلى بعض من الصعوبات التي اعترضتني أذكر منها: • أولا: يستحيل لبحث كهذا أن يُلِمَّ بجميع الظواهر الصوتية/ الصرفية ومواضعها في القراءات القرآنية، لذلك فقد حاولتُ أن أختار بعض القضايا التي أستطيع من خلالها المقارنة فيما بينها في القراءات وأقف في حدود المواقف التفسيرية لها. • ثانيا: لاحظت عند دراسة بعض القضايا الصوتية/ الصرفية في القراءات القرآنية تداخلا بين التفسير الصوتي والتفسير الصرفي والتفسير النحوي والتفسير المعجمي. عَمَدْتُ إلى تقسيم هذا العمل المتواضع إلى بابين كبيرين: باب نظري وباب تطبيقي. فأما الباب النظري فَعَنْوَنْتُه بالدرس الصوتي والدرس الصرفي والقراءات القرآنية، وقسمته إلى فصلين، تناول الأول الدرس الصوتي والدرس الصرفي بين القدماء والمحدثين. وقد وقفت في تعريف كل من علم الصوت وعلم الصرف لدى القدماء والمحدثين. كما تطرقت إلى القراءات القرآنية، ونشأتها وأنواعها، وأوضحت في الفصل الثاني من الباب الأول أنواع القراءات من خلال التركيز على القراءات العشر فقط دون الخوض فيما اختلف فيه علماء الأمة، من اعتماد ما عداها من قراءات وصحة نَسبِهَا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. هذا فيما يتعلق بالباب الأول، أما الباب الثاني فهو الشق التطبيقي الموسوم "بدراسة تطبيقية صوتية صرفية للقراءات القرآنية". وقد قُسِّم إلى فصلين، استقرأت فيهما مسائل صوتية/ صرفية للقراءات العشر المتواترة حتى يتسنى لنا عقد مقارنة فيما بينها، وقد توقفت في ذلك على قضايا الإفراد والجمع، والتذكير والتأنيث، والإبدال والتجرد والحذف كمظاهر تخفيف بشكل خاص، كما حاولت أن أجتهد في كيفية تقسيم القراءات تبعا لغايات أعتقد أنها مهمة للوصول إلى بعض النتائج القيمة، حيث اخترت القراءات السبع في الفصل الأول، ثم أردفتها بالقراءات الثلاث المتممة للعشر في الفصل الثاني، حيث بدأت الفصل الأول بقراءة ابن عامر الشامي نظرا لكون صاحبها أول من وافته المنية، وحتى أضعها في مقارنة بين قراءة أهل مكة حيث الموطن الأول للبعثة المحمدية، واللهجة القرشية، لهجة قبيلة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، والمتمثلة في قراءة ابن كثير. وقد اخترت في المبحث الثاني قراءة أهل البصرة المتمثلة في قراءة أبي عمرو بن العلاء. وقراءة أهل المدينة المنورة، الموطن الثاني للرسول صلى الله عليه وسلم، والمتمثلة في قراءة نافع. وقد جمعت في المبحث الثالث قراءات أهل الكوفة المتمثلة في قراءة عاصم، وقراءة حمزة الزيات، وقراءة الكسائي، للتدقيق في درجات الاتفاق والمغايرة فيما بينها، على الرغم من انحدار أصحابها من البقعة الجغرافية نفسها، وكذلك تَتَلمُذ اللاحق منهم على من سبقه. كما قمت بدراسة كل قراءة من القراءات الثلاث المتممة للقراءات العشر على حدة، حيث خصصت المبحث الأول لأقدمها، وهي قراءة أبي جعفر المدني، والمبحث الثاني لقراءة يعقوب البصري، خاتما بقراءة خلف الكوفيِّ. وقد خلص هذا البحث إلى زمرة من النتائج أهمها: أولا: لقد ربط العلماء في التراث العربي بشكل وثيق بين اللغة والعقل، واللغة والوجود، لأنهم آمنوا بان اللغة خَصيصة إنسانية ينفرد بها الإنسان عن غيره، بحكم أن

أولا: لقد ربط العلماء في التراث العربي بشكل وثيق بين اللغة والعقل، واللغة والوجود، لأنهم آمنوا بان اللغة خَصيصة إنسانية ينفرد بها الإنسان عن غيره، بحكم أنه الكائن الناطق الوحيد الذي كرمه الله تعالى بالعقل. ثانيا: إن النظرية اللغوية في التراث العربي متكاملة المعالم من مختلف فروع المعرفة: (صوت، صرف، نحو، أسلوب، علوم القرآن والتجويد، فلسفة، منطق، علم الكلام، علم الوضع)، تنبني كلها على أسس معرفية وفلسفية. ثالثا: إن الصوت والصرف وجهان مميزان للغة الإنسانية، حيث لا يمكن فهم الدرس الصرفي الفهم الجيد بمعزلٍ عن علم الأصوات: فبالأصوات تواصل الناس منذ القدم، قبل ظهور الكتابة.. ثم تَمَّ تقنين قواعد النطق والرسم عبر السنين. رابعا: إن علم القراءات له اتصال وثيق بالعديد من العلوم الأخرى، فهو مرتبط بعلم التفسير من حيث المعاني في القراءات التي توضح المعنى المراد في الآيات، وهو مرتبط كذلك بعلوم اللغة العربية من حيث إن القرآن الكريم وأوجُه قراءاته كلُّ ذلك عربي، ولابد لقبول القراءة من موافقتها لوجه صحيح من أوجه اللغة العربية، وهو الركن الثاني من أركان القراءة المقبولة، كما يرتبط علم القراءات بعلم الرسم العثماني ومعرفة القواعد التي بُني عليها كتابةُ المصحف، بما يوافق دستور سيدنا عثمان رضي الله عنه في كتابه المصحف، وضبطه وشكله. ولذلك يعتبر موافقة أحد المصاحف العثمانية للقراءة الركن الثالث لقبولها. خامسا: عدم اختصاص كل قراءة من القراءات القرآنية المتواترة بحرف بعينه من الأحرف السبعة، وإنما هي قراءات متواترة مسندة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ثم من المولى عز وجل بواسطة جبريل عليه السلام، فلا مجال للتفضيل بين القراءات، أو تخطئة قراءة ما من قِبَل علماء اللغة أو المفسرين. سادسا: لا يلزم أن يكون هناك اختلاف دلالي متصل بالاختلاف الصوت/ صرفي في بعض الأحيان، كما ذهب إليه المفسرون. سابعا: ليس هناك ضرورة على التأكيد أن السبب الرئيس لنزول القرآن على سبعة أحرف هو للتخفيف فقط على الناس، ولكنَّا نقول بأن هذه القراءات التوقيفية أنزلها المولى عز وجل على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم لحكمة لا يعلمها إلا هو. ثامنا: هناك حكمة إلهية لتعدد القراءات من الجانب الصوت/ صرفي مصداقا لقوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، فسنة الاختلاف سنة كونية وضعها الله في خلقه، وهي ميزة للدفع إلى التعارف وليس التنافر. وهذا التنوع الصوت/ صرفي في القراءات يؤكد ما نراه من صعوبات لدى بعض الناس في بيئات مختلفة عبر العالم وليس فقط في البيئات العربية في المستوى الصوتي وإنتاج بعض الأصوات دون غيرها. أتوقف عند هذا الحد لأستقبل توجيهات وملاحظات أساتذتي الكرام.. وهنا أستغل الفرصة لشكر أستاذنا الفاضل: د. إدريس مقبول الذي تكبد عناء السفر في هذه الظروف الحرجة، فله مني جزيل الشكر والتقدير، والحمد لله رب العالمين.
125333659_993097357839181_687436188550339765_n.jpg
 
عودة
أعلى