العزو وأهميته

إنضم
28 مارس 2011
المشاركات
20
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
العزو لغة: من عزا يعزو عزوا أي نسبه يقال: عزاه إلى أبيه أي نسبه إليه, ويقال: عزوته وعزيته, والاعتزاء: الانتماء, يقال: إلى من تعزي هذا الحديث إي إلى من تنميه, ويقال أيضا: عزيت الشيء وعزوته أعزيه وأعزوه إذا أسندته إلى أحد([1]).
واصطلاحا: هو نسبة الأحرف إلى من قرأ بها.
هذا تعريف العزو بمعناه العام عند القراء, فهو شامل لعزو المختلف فيه من الأوجه أو المتفق عليه, فتقول هذه قراءة ابن عامر وهذه قراءة عاصم, وتقول هذه اختلف فيها عن ابن عامر فروى ابن ذكوان كذا وروى هشام كذا.
أما عند المحررين فالمعنى أخص, فهم يريدون نسبة الأحرف المختلف فيها عن الراوي الواحد إلى الطرق التي وردت منها, سواء كانت هذه الطرق مسندة من كتاب أو كانت طرقا أدائية([2]), فيقولون هذا الوجه عن ابن ذكوان من طريق الأخفش وهذا الوجه من غاية مهران وهذا من المبهج وهذا من قراءة ابن الصائغ على ابن فارس, وهكذا, أما الأوجه التي رويت بوجه واحد عن القارئ أو الراوي فليست داخلة في مصطلح العزو عن المحررين, بدليل أنك لا تجد في كتب التحريرات والعزو التنبيه على عزو قراءة النبيئين بالهمز لنافع, أو عزو قراءة عليه الله بالضم لحفص, وإنما تذكر هذه الأوجه عرضا في مقام ذكر أوجه القارئ أو الراوي في الآية.
أهمية العزو بالنسبة لعلم التحريرات:
إن عزو القراءات ونسبتها إلى طرقها والكتب التي وردت منها هو الأساس الذي تبنى عليه التحريرات, فإن كان العزو صحيحا ودقيقا كان البناء –أي التحرير- صحيحا ودقيقا, وإن كان العزو خطئا فما بني على باطل فهو باطل, فعملية العزو هي مثل المقدمات المنطقية التي ينتج عنها نتائج منطقية, وأدنى خطأ في المقدمات لابد وأن ينتج عنه خطأ في النتائج.
ولنضرب مثلا على العزو الصحيح الذي يترتب عليه تحرير صحيح: عزو وجه الياء في إبراهيم لابن الأخرم من الوجيز, وعزو وجوب الإمالة في حمارك من الوجيز أيضا, فيترتب عليه وجوب الإمالة في حمارك على وجه الياء في إبراهيم لابن الأخرم من الوجيز.
أما مثال العزو الخطأ الذي ينتج التحرير الخطأ: فلو عزا أحدهم لحفص من روضة المالكي القصر في المنفصل وعزا إليه السكت قبل الهمز أيضا فسوف ينتج عن ذلك جواز السكت مع القصر وهو وجه ممنوع لم يقرأ به أحد, ومنشأ هذا الخطأ هو عزوه السكت قبل الهمز إلى روضة المالكي وهو خطأ لأن الروضة ليس فيها سكت لحفص من طريق عمرو بن الصباح, فتكون النتيجة الصحيحة هي قصر المنفصل مع ترك السكت.
مما سبق يتبين لنا أهمية العزو الدقيق للتحرير الدقيق, وأن العزو سابق للتحرير, وأن التحرير يؤخذ من العزو وليس العكس, وأن النتائج المنطقية تأتي بعد المقدمات المنطقية, وأن الخطأ في المقدمات حتما سيأتي بالخطأ في النتائج والنهايات([3]).
إذا تبين ذلك للمحرر الحاذق فإن ذلك كافيا لأن يجعله مهتما أشد الاهتمام مدققا أشد التدقيق في عزوه للأوجه, لا يرضى بأقل من اليقين في معرفة عزو كل وجه ونسبته, فإن شك أو لم يعلم توقف عن العزو والتحرير وقال لا أدري, فليس بعيب, وإنما العيب أن يعزو جزافا واحتمالا واجتهادا ثم يتبين خطؤه لمن بعده.

([1]) لسان العرب (2934).

([2]) وبهذا عرفه الشيخ إيهاب فكري حيث قال: ((هو نسبة الأحرف التي اختلف فيها القراء إلى الطرق التي وردت منها سواء كانت هذه الطرق مسندة من كتب أو كانت طرقا أدائية)). تقريب الطيبة (590).

([3]) وللاستزادة من التدليل على هذا المعنى راجع انتقاد الشيخ إيهاب فكري لبيتين من تنقيح فتح الكريم بسبب عدم دقة في العزو ترتب عليها خطأ في النتائج النهائية للتحريرات في ذيل تقريب الطيبة (598), ولم أنقله هنا لطوله رغم أهميته.

أحمد فتحي محمد
مرحلة الدكتوراة بقسم القراءات بالجامعة الإسلامية
 
جزاكم الله خيرا
وهذ محاولة لجمع كل مؤلفات هذا العلم وبيان منهج كل كتاب بعبارة مختصرة وهذه التسمية (عزو الطرق) لم أجد أفضل منها أو حتى غيرها

1- كتاب النشر لابن الجزري : يذكر العزو على سبيل التمثيل - أو غيره - وليس على سبيل الحصر وليته فعل لأنه أعلم بما قرأ
2- شرح الطيبة للنويري : وعزوه منقول من النشر بالنص (لم يأتي بجديد)
3- متن حل مجملات الطيبة للمنصوري : (لا أعلم ما فيه بالضبط ولا أعلم شرح له , لكن كأنه عزو للطرق الرئيسية الاربع لكل راوي بلا تفصيل ما دون ذلك )
4- تحرير النشر لمصطفى الأزميري : أفضل كتاب في العزو على الاطلاق (غير النشر) وهو عمدة من بعده ومعظم المحرريين هم ناقلون منه , وقد استدرك على النشر وزاد عليه , ولم يذكر ما في النشر من عزو .
5- متن عزو الطرق للمتولي : جمع العزو الذي في النشر والذي في تحرير النشر ثم نظمه على بحر الرجز ويعيبه أمران
أ- طول النظم فهو أكثر من ألف بيت مع أنه يمكن اختصاره إلى النصف تقريبا مثل :
هذه عبارة المتولي (من الرجز) : (4. مبحث طرق الغنة)
قد غن قالون من التلخيص ... للطبرى فاقبله عن تنصيص
والمستنير أى على العطار ... عن نهروانى بلا إنكار
وغاية أى لابن مهران كذا ... من كامل مع خلف مبهج خذا
ومثله للأصبهانى وردت ... لكنها مع الأخير ما أتت
ويمكن أن تختصر هكذا (من الطويل)
وغنة قالون بتلخيص كامل ... ومن غاية المهران خلف لمبهج
سوار على العطار عن نهروانهم ... كذا أصبهاني غير مبهج نقولهم
ب- سقوط بعض العزو منه مثل 1- (يمل هو) : فيها خلف لقالون وأبي جعفر 2- (إنه خبير بما تفعلون) في النمل: فيها خلف لابن عامر وشعبة
6- فريد الدهر لمحمد إبراهيم سالم : وهو جمع ما قبله , وما لم يذكروه لعدم وجود المصادر ذكره هو بالظن , فصار بعد جهد كبير : بلا فائدة جديدة
 
العزو عند ابن الجزري:

العزو عند ابن الجزري:

العزو عند ابن الجزري:
لعل الإمام ابن الجزري هو الوحيد الذي اطلع على أصول النشر كلها من حين تأليف النشر إلى يومنا هذا, وعليه فعزو ابن الجزري يستمد أهميته من أربعة أمور:
1- أنه عالم محقق صاحب اختيارات وليس بمقلد, فقد يكون على علم بوجود الوجه في أحد الكتب ومع ذلك يتركه لعلة, وقد يعزو الوجه بلا خلاف إلى طريق من الطرق مع وجود الخلاف في الكتب المسندة من هذا الطريق لينبه على أن هذا هو الصحيح فقط من هذا الطريق.
2- أنه اطلع على كتب ليست بين أيدينا الآن وعزا إليها بعض الأوجه, فننقل عنه هذا العزو.
3- أنه أسند في النشر طرقا أدائية قرأ بها على شيوخه وليست مسندة إلى كتاب من الكتب, ولا أحد يدري ما فيها إلا ابن الجزري وحده, ولا سبيل إلى معرفة ما قرأ به ابن الجزري من هذه الطرق إلا من خلال عزوه فقط.
4- دقته الشديدة في عزو الأوجه فقل أن تجد خطئا أو وهما في عزو الأوجه ونسبتها, إلا ما لا يسلم منه أي عمل بشري, وقد نبه على أكثر العلامة الإزميري في البدائع كما سيأتي إن شاء الله.
إلا أن ابن الجزري لم يكن من المبالغين في عزو الأوجه كحال المتأخرين من المحررين, وإنما كان متوسطا في ذلك –أو دون المتوسط- فكان يعزو أوجها ويترك أخرى, وحتى الأوجه التي كان يعزوها فلم يكن يعزوها إلى كل الكتب والطرق التي وردت منها, وإنما كان يعزوها إلى بعض هذه الكتب والطرق ويكتفي بذلك وكأنه إنما يريد التمثيل فقط لا الاستيعاب([1]).


ولعل السبب في ذلك هو أن ابن الجزري كان لا يرى لهذا العزو أهمية كبرى, فقد جمع الكتب الأصول, واستخرج منها بنفسه أصح الصحيح([2]), ونبه على ما لا يصح من تركيب الأوجه والراويات والتزم التحرير([3]), ثم جمعه ورتبه وهذبه حتى أخرج لنا هذا السفر الجليل كتاب النشر, فماذا يفيد أن يعزو كل وجه إلى طرقه التفصيلية ويثقل بها كتابه ويطيل بها على قراءه ويعقد بها على طلابه.
والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي وسائل العزو وطرقه وأساليبه؟
والجواب: أن يقال إن العزو علم وليس اجتهاد, أي أنه لا مدخل لعمل العقل فيه وإنما النقل فقط, وعليه فإذا أردت أن تعزو وجها إلى كتاب أو طريق فليس لك إلا إحدى طريقين لا ثالث لهما:
1- أن تبحث بنفسك في الكتب حتى تجد فيها ما تريد وتنسبه إليه.
2- أن تنقل عن عالم ثقة بحث بنفسه في الكتب أو قرأ بتلك الأوجه أو نقل عن ثقة آخر, ونقل بعبارة واضحة –لا موهمة([4])- ما وجد.
وعليه فالمفقود من الكتب الأصول ليس لنا سبيل أن نبحث عنه بالطريقة الأولى ولم يبق لنا إلا الطريق الثانية, وبالطبع فإن أرجى ثقة نأخذ عنه هو ابن الجزري لأنه قد يكون الوحيد الذي رأى هذه الكتب والأصول جميعا.
والقول في الطرق الأدائية التي لم يبين ما فيها ابن الجزري كالحكم في الكتب المفقودة, فلا يمكننا أن نعزو إليها أو نمنع منها وجها لأننا لا ندري ما فيها, ولا يمكننا أن ندري إلا عن طريق ابن الجزري, فما منعه من الأوجه منها منعناه وما تركه تركناه وما سكت عنه سكتنا عنه وما أطلقه من الأوجه منها أطلقناه, وهكذا, وهذا ليس تقليدا, ولكن كما قلت لأن العزو ليس اجتهادا, وإنما نقل ينقل كما هو بلا شك أو احتمال.
ويبقى نوع آخر من العزو قد يستعمله بعض المحررين ألا وهو العزو بالاحتمال والاجتهاد, ولا يخفى ما في هذا ال

http://vb.tafsir.net/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=184616#_ftnref1([1]) من ذلك قوله: ((ونص عليه بالإدغام وجها واحدا الحافظ أبو العلاء وأبو العز وابن الفحام ومن وافقهم, وروى إظهاره سائر أصحاب ابن مجاهد ونص عليه بالإظهار ابن شيطا وأبو الفضل الخزاعي وغير واحد, وروى الوجهين جميعا أبو بكر الشذائي ونص عليهما أبو عمرو الداني وابن سوار وأبو القاسم الشاطبي وسبط الخياط وغيرهم)) النشر (1/224).

http://vb.tafsir.net/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=184616#_ftnref2([2]) فقد اشترط شروطا لم تقع لغيره من العدالة واللقي والمعاصرة, فقد قال رحمه الله بعد أن ذكر الطرق والأسانيد: ((وهي أصح ما يوجد اليوم في الدنيا وأعلاه لم نذكر فيها إلا من ثبت عندنا أو عند من تقدمنا من أئمتنا عدالته, وتحقق لقيه لمن أخذ عنه, وصحت معاصرته, قال: وهذا التزام لم يقع لغيرنا ممن ألف في هذا العلم)) النشر (1/158), وللاستزادة انظر مقدمة النشر بتحقيق السالم الجكني (95) فقد أفرد مبحثا عن منهج ابن الجزري في التعامل مع الأسانيد.

http://vb.tafsir.net/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=184616#_ftnref3([3]) حيث قال في مقدمة الكتاب: ((ملتزما التحرير والتصحيح والتضعيف والترجيح, معتبرا للمتابعات والشواهد, رافعا إبهام التركيب بالعزو المحقق إلى كل واحد)) النشر (1/54).

http://vb.tafsir.net/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=184616#_ftnref4([4]) فلا تكون عبارة أغلبية كقول: "وعليه أكثر المشارقة" أو "أكثر المغاربة" فهي عبارات محتملة لا يثبت بها عزو لكل فرد من المشارقة أو المغاربة أو غيرهم حتى يتثبت منه بنقل صريح أو بحث صحيح, فإن قال: "وعليه المشارقة قاطبة" ثبت بها العزو لكل فرد منهم لأنها نص لا تحتمل معنى آخر.
أحمد فتحي محمد
مرحلة الدكتوراة بقسم القراءات بالجامعة الإسلامية
 
عودة
أعلى