بسم الله الرحمن الرحيم
إخواننا أهل التخصص في القراءات :
في قوله تعالى : } لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا { [ البقرة : 233 ] . ست قراءات فيما تبين لي من الكشاف وحجة القراءات لابن زنجلة وأكثر التفاسير ، وعند الرجوع إلى قوله تعالى : } وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ { [ البقرة : 282 ] . يحيلون على القراءات التي وردت في الآية الأولى .
فهل القراءات التي وردت في الآية 233 كلُّها تنطبق على الآية 282 ؟ .
أرجو التصحيح والتوجيه . ( يفضل ذكر المراجع وتوثيقها ) وجزاكم الله كل خير .
وهذه هي القراءات مع توجيه بعضها :
. الرفع ( لا تضارُّ ) وبها قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو (1) ، وحجتهما في ذلك قولـه قبلها : } لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاّ وُسْعَهَا { [ البقرة : 233 ] فأتبعا الرفع الرفع ، فعطف جملة خبرية على جملة خبرية ، وتكون ( لا ) نافية ، لكن الخبر هنا المراد به النهي ، فالأمر قد يجيء على لفظ الخبر كما في قولـه تعالى : } وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ { [ البقرة : 228 ] (2) أي ليتربصن .
وهو محتمل البناء للفاعل والمفعول (3).
. الكسر ، وبها قرأ الحسن على النهي ، وهو محتمل البنائين أيضاً .
. السكون مع التشديد على نية الوقف ، وبها قرأ أبو جعفر بن القعقاع .
قال في التبيان : وهي ضعيفة ، لأنه في التقدير جمع بين ثلاث سواكن ، إلا أن لـه وجهاً وهو أن الألف لمدها تجري مجرى المتحرك ، فيبقى ساكنان والوقف عليه ممكن ثم أجرى الوصل مجرى الوقف ، أو يكون وقف عليه وقفة يسيرة (4).
. السكون مع التخفيف ، من ضاره يضيره ، رويت عن الأعرج ، ونوى الوقف كما نواه أبو جعفر ، أو اختلس الضمة فظنه الراوي سكوناً (5).
. لا تضرر : رويت عن كاتب عمر بن الخطاب (6).
. النصب ، وبها قرأ باقي القراء ( نافع وابن عامر وحمزة والكسائي ، وعاصم في المشهور عنه ) (7) بفتح الراء مشددة ، على أن ( لا ) ناهية ، والفعل مجزوم بها ، والأصل ( يضارر ) براءين ، فأدغمت الراء الأولى في الثانية ، ثم تحركت الراء الثانية بالفتح تخلصاً من التقاء الساكنين على غير قياس ، لأن الأصل في التخلص من التقاء الساكنين أن يكون بالكسر ، (8) لكن اختير الفتح ، لأجل الألف .
وهذا هو الاختيار في التضعيف إذا كان قبله فتح أو ألف (9).
فـ ( تضارَّ ) يحتمل أن يكون تقديره ( تضارِر ) بكسر الراء الأولى ، فتكون والدة فاعلاً ، أو ( تضارَر ) بفتح الراء الأولى فتكون والدة نائب فاعل . وفك الفعل لغة الحجاز ، والإدغام لغة تميم (10).
. فإذا كان التقدير ( تضارِر ) بكسر الراء الأولى ، فيكون الفعل مبنياً للمعلوم ، وتكون والدة فاعلاً ، ويكون المعنى : لا تضارِر والدةٌ زوجَها بسبب ولدها ، بما لا يقدر عليه من رزق وكسوة ، أو بأن تمتنع عن إرضاعه إضراراً بالأب ، ولايُضار الأب زوجَته بسبب ولده بما وجب لها من رزق وكسوة .
وأجاز الزمخشري مجيء ( تضار ) بمعنى تضر ، والباء من صلته . أي لا تضر والدة بولدها ، فلا تسئ غذاءه وتعهده ، ولا تفرط فيما لا ينبغي لـه ، ولا تدفعه إلى الأب بعدما ألفها . ولا يضر الوالد به بأن ينتزعه من يدها ، أو يقصر في حقها ، فتقصر في حق الولد .
ومن هنا جاءت الإضافة إليهما ( بولدها ، بولده ) استعطافاً لهما عليه وإشفاقاً عليه(11) .
وإذا كان التقدير ( تضارَر ) بفتح الراء الأولى ، فيكون الفعل مبنياً للمجهول ، وتكون والدة نائب فاعل ، ويكون المعنى : لا يضار زوجٌ زوجَته المطلقة بولدها عن طريق الطعن بها ، أو التقتير في النفقة أو نحو ذلك (12) .
أرجو الإفادة - مأجورين -
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ورواها أبان عن عاصم . انظر : فتح القدير 1 / 245 .
(2) انظر : حجة القراءات لابن زنجلة 1 / 136 . والإنصاف في مسائل الخلاف لابن الأنباري 2 / 705 .
(3) انظر : الكشاف للزمخشري . والتبيان في إعراب القرآن 1 / 97 .
(4) التبيان في إعراب القرآن 1 / 120 – 121 .
(5) انظر : الكشاف للزمخشري .
(6) انظر : الكشاف للزمخشري .
(7) انظر : فتح القدير 1 / 245 .
(8) القراءات وأثرها في علوم العربية ، د . محمد سالم محيسن 2 / 200 .
(9) حجة القراءات لابن زنجلة 1 / 136 .
(10) انظر : المحتسب لابن جني 1 / 148 . وتفسير الثعالبي 1 / 233 .
(11) انظر : الكشاف للزمخشري .
(12) انظر : أثر اللغة في اختلاف المجتهدين ، عبد الوهاب عبد السلام طويلة 125 – 126 .
عبد الله إبراهيم
إخواننا أهل التخصص في القراءات :
في قوله تعالى : } لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا { [ البقرة : 233 ] . ست قراءات فيما تبين لي من الكشاف وحجة القراءات لابن زنجلة وأكثر التفاسير ، وعند الرجوع إلى قوله تعالى : } وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ { [ البقرة : 282 ] . يحيلون على القراءات التي وردت في الآية الأولى .
فهل القراءات التي وردت في الآية 233 كلُّها تنطبق على الآية 282 ؟ .
أرجو التصحيح والتوجيه . ( يفضل ذكر المراجع وتوثيقها ) وجزاكم الله كل خير .
وهذه هي القراءات مع توجيه بعضها :
. الرفع ( لا تضارُّ ) وبها قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو (1) ، وحجتهما في ذلك قولـه قبلها : } لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاّ وُسْعَهَا { [ البقرة : 233 ] فأتبعا الرفع الرفع ، فعطف جملة خبرية على جملة خبرية ، وتكون ( لا ) نافية ، لكن الخبر هنا المراد به النهي ، فالأمر قد يجيء على لفظ الخبر كما في قولـه تعالى : } وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ { [ البقرة : 228 ] (2) أي ليتربصن .
وهو محتمل البناء للفاعل والمفعول (3).
. الكسر ، وبها قرأ الحسن على النهي ، وهو محتمل البنائين أيضاً .
. السكون مع التشديد على نية الوقف ، وبها قرأ أبو جعفر بن القعقاع .
قال في التبيان : وهي ضعيفة ، لأنه في التقدير جمع بين ثلاث سواكن ، إلا أن لـه وجهاً وهو أن الألف لمدها تجري مجرى المتحرك ، فيبقى ساكنان والوقف عليه ممكن ثم أجرى الوصل مجرى الوقف ، أو يكون وقف عليه وقفة يسيرة (4).
. السكون مع التخفيف ، من ضاره يضيره ، رويت عن الأعرج ، ونوى الوقف كما نواه أبو جعفر ، أو اختلس الضمة فظنه الراوي سكوناً (5).
. لا تضرر : رويت عن كاتب عمر بن الخطاب (6).
. النصب ، وبها قرأ باقي القراء ( نافع وابن عامر وحمزة والكسائي ، وعاصم في المشهور عنه ) (7) بفتح الراء مشددة ، على أن ( لا ) ناهية ، والفعل مجزوم بها ، والأصل ( يضارر ) براءين ، فأدغمت الراء الأولى في الثانية ، ثم تحركت الراء الثانية بالفتح تخلصاً من التقاء الساكنين على غير قياس ، لأن الأصل في التخلص من التقاء الساكنين أن يكون بالكسر ، (8) لكن اختير الفتح ، لأجل الألف .
وهذا هو الاختيار في التضعيف إذا كان قبله فتح أو ألف (9).
فـ ( تضارَّ ) يحتمل أن يكون تقديره ( تضارِر ) بكسر الراء الأولى ، فتكون والدة فاعلاً ، أو ( تضارَر ) بفتح الراء الأولى فتكون والدة نائب فاعل . وفك الفعل لغة الحجاز ، والإدغام لغة تميم (10).
. فإذا كان التقدير ( تضارِر ) بكسر الراء الأولى ، فيكون الفعل مبنياً للمعلوم ، وتكون والدة فاعلاً ، ويكون المعنى : لا تضارِر والدةٌ زوجَها بسبب ولدها ، بما لا يقدر عليه من رزق وكسوة ، أو بأن تمتنع عن إرضاعه إضراراً بالأب ، ولايُضار الأب زوجَته بسبب ولده بما وجب لها من رزق وكسوة .
وأجاز الزمخشري مجيء ( تضار ) بمعنى تضر ، والباء من صلته . أي لا تضر والدة بولدها ، فلا تسئ غذاءه وتعهده ، ولا تفرط فيما لا ينبغي لـه ، ولا تدفعه إلى الأب بعدما ألفها . ولا يضر الوالد به بأن ينتزعه من يدها ، أو يقصر في حقها ، فتقصر في حق الولد .
ومن هنا جاءت الإضافة إليهما ( بولدها ، بولده ) استعطافاً لهما عليه وإشفاقاً عليه(11) .
وإذا كان التقدير ( تضارَر ) بفتح الراء الأولى ، فيكون الفعل مبنياً للمجهول ، وتكون والدة نائب فاعل ، ويكون المعنى : لا يضار زوجٌ زوجَته المطلقة بولدها عن طريق الطعن بها ، أو التقتير في النفقة أو نحو ذلك (12) .
أرجو الإفادة - مأجورين -
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ورواها أبان عن عاصم . انظر : فتح القدير 1 / 245 .
(2) انظر : حجة القراءات لابن زنجلة 1 / 136 . والإنصاف في مسائل الخلاف لابن الأنباري 2 / 705 .
(3) انظر : الكشاف للزمخشري . والتبيان في إعراب القرآن 1 / 97 .
(4) التبيان في إعراب القرآن 1 / 120 – 121 .
(5) انظر : الكشاف للزمخشري .
(6) انظر : الكشاف للزمخشري .
(7) انظر : فتح القدير 1 / 245 .
(8) القراءات وأثرها في علوم العربية ، د . محمد سالم محيسن 2 / 200 .
(9) حجة القراءات لابن زنجلة 1 / 136 .
(10) انظر : المحتسب لابن جني 1 / 148 . وتفسير الثعالبي 1 / 233 .
(11) انظر : الكشاف للزمخشري .
(12) انظر : أثر اللغة في اختلاف المجتهدين ، عبد الوهاب عبد السلام طويلة 125 – 126 .
عبد الله إبراهيم