كلامك مجانب للصواب، لأنه إذا لم يكن على ملة إبراهيم عليه السلام إذا فهو على ملة غير الإسلام.
فهل يجوز أن نحكم بالكفر على من يغلب عليه الرجاء؟؟
سبحان الله.
ما من عبد إلا ولا بد أن يذنب كما قال صلى الله عليه وسلم:"كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون "
إذا فالخطأ لا بد منه، لكن على أن الإنسان أن يجاهد نفسه لألا يقع في المعصية، فإذا ضعف ووقع فالواجب عليه أن ينازع القدر بالقدر، أي ينازع قدر المعصية بقدر التوبة، وليس له أن يحتج بالقدر في باب المعاصي والمعايب، وإنما الاحتجاج يكون في المصائب.
كان ذلك شيء من الاستطراد.
بالنسبة لما ذكرتيه من أن الإنسان يزور في نفسه أنه إذا عصى الله تعالى فإن من أسمائه سبحانه (التواب) ومن صفته (التوبة)، وأنه إذا عصى فسيتوب الله عليه.
أولا هذا الأمر لا يخرجه من ملة الإسلام البتة، بل يبقى مسلما موحدا-والوقت لا يسمح لسرد الأدلة-.
فالأمور التي يخرج بها العبد من دائرة الإسلام هي الوقوع في شيء من نواقضه، ونية المعصية باعتماد عفو الله ومغفرته ليست ناقضا.
العبادة كما هو معلوم تقوم على ثلاث أسس أشارت إليه فاتحة الكتاب: المحبة والحوف والرجاء.
فالمحبة بمثابة الرأس والخوف والرجاء كالجناحين: الخوف يزعج ويبعد عن المعاصي والرجاء كالحادي يحدو بالعبد إلى رضوان الله فيقبل على الطاعات والقربات...
فإذا أذنب العبد أو تعمد الوقوع في الذنب راجيا من الله المغفرة والتوبة فهذا أفضل بكثير ممن يسرف على نفسه بالمعاصي ولا يرجو توبة ولا مغفرة.
روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن عبدا أصاب ذنبا فقال يا رب إني أذنبت ذنبا فاغفره فقال له ربه علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا آخر وربما قال ثم أذنب ذنبا آخر فقال يا رب إني أذنبت ذنبا آخر فاغفره لي. قال ربه علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا آخر وربما قال ثم أذنب ذنبا آخر فقال يا رب إني أذنبت ذنبا فاغفره لي فقال ربه علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فقال ربه غفرت لعبدي فليعمل ما شاء.".
وأكتفي بهذا لضيق الوقت. ولعل الجواب واضح.
لا يجوز الحكم بالكفر إلا هل من كفره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فباب التكفير خطير وأمره عظيم.
قد تستغريبن من كلامي، لكن قولك ليس على ملة ابراهيم يلزم منه أنه على ملة أخرى وليس هناك (عموما) إلا ملتان: إسلام أو كفر.
وفي الحقيقة الكلام يطول جدا، لكن أكتفي بهذا القدر.