تحفة الزمن في تراجم قراء اليمن (6) علامة اليمن المقرئ بحرق الحضرمي (ت930هـ)

جمال ياسين

New member
إنضم
31 يوليو 2010
المشاركات
174
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
42
الإقامة
اليمن
الموقع الالكتروني
scholar.google.com



تحفة الزمن في تراجم قراء اليمن (6)
د. جمال نعمان ياسين



علامة اليمن المقرئ بحرق الحضرمي (ت930هـ)
- من قراء مدينة حضرموت -


اسمه ونسبه ولقبه


المقرئ العلامة محمد بن عمر بن مبارك بن عبد الله بن علي، جمال الدين الحميري، الحضرمي، الشافعي، الشهير بـ (بـَحْرَق).



ولادته ونشأته


ولد علامة اليمن المقرئ محمد بن عمر بحرق ليلة النصف من شعبان سنة 869هـ في بلدة (الشِّحْر)، من مدينة حضرموت. ونشأ بها، ومنذ صغره تلقن الدروس الأولية، فحفظ القرآن الكريم، وعددًا من المنظومات، كالجزرية، والشاطبية، ومنظومة البرماوي، وألفية ابن مالك.

انتقل بعدها إلى مدينة (غيل باوزير)، فتعلم فيها الفقه، والأصول، وقواعد اللغة العربية، على يد مجموعة من كبار علماء وفقهاء عصره.

ثم ارتحل إلى مدينة عدن، ولازم العلامة الفقيه عبد الله بن أحمد بامخرمة، فأخذ عنه الفقه، والأصول، وعلوم العربية، والتاريخ، وعلومًا أخرى، وكان جُل انتفاعه به، كما أخذ عن غيره من العلماء.

ثم ارتحل بعد ذلك إلى مدينة العلم والعلماء زبيد بتهامة، وأخذ عن علمائها وفقهائها، في علم الحديث، وعلم الأصول، التفسير، والحديث، والنحو، وغيرها.

وحُكِيَ عنه أَنَّه قال:
"دخلت الأربعينية بزبيد فما أتممتها إلا وأنا أسمع أعضائي تذكر الله تعالى كلها".


كما رحل إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة سنة 894هـ، وأدّى فريضة الحج، وظلَّ بهما فترة مجالسًا لعلمائها، وكان من أبرزهم الإمام الحافظ السخاوي.

ثُمَّ رجع إلى مدينة زبيد فمكث فيها زمنًا، أخذ فيه عن الشيخ العلامة حمزة بن عبد الله الناشري.

وتزوج آنذاك بابنة شيخه العلامة حمزة الناشري. قال السخاوي: "وصاهر صاحبنا - يقصد المقرئ بحرق الحضرمي- حمزة الناشري على ابنته وأولدها".

وقد لزم الجد والاجتهاد في العلم والعمل، وبرع في علوم كثيرة، كالقراءات، والتفسير، والحديث، والفقه، والعربية، وغيرها، ولُقِّبَ بعلامة اليمن، وأقبل على نفع الناس إقراءً وإفتاءً وتصنيفًا.

قال الشَّلِيّ في السَّنا الباهر:

"وكتب بخطه – يقصد المقرئ بحرق-: قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم خطبة الحاوي الصغير المشتملة على الاسم الأعظم، وقَبَّلْتُ قدمه الشريفة، وأجازني".
.

أعماله ومناصبه ورحلاته


بعد أنْ أدَّى علامة اليمن المقرئ بحرق الحضرمي فريضة الحجِّ عاد بعدها إلى مدينة زبيد مكث فيها زمنًا، ثم رجع إلى بلدته (الشِّحْر)، وتوَلَّى فيها القضاء، فصدع بالحق، وكان قاضيًا عادلًا، تُحمَدُ أحكامه.

عَمِلَ في القضاء زمنًا ثم عزل نفسه، وقصد (عدن) فحصل له قبول وجاه عند أميرها مرجان العامري، وظلَّ في مدينة عدن إلى أن توفي الأمير مرجان سنة 927هـ.

قصد بعد ذلك بلاد (الهند)، فوفد على سلطانها مظفر شاه أحمد بن محمود بايقرا (الكجراتي)، في مدينة (أحمد أباد). فقربه السلطان منه وأكرمه وعظمه، وقام به وقدَّمه، ووسَّع عليه والتفت إليه، وأدناه منه وأخذ عنه، ولما خبر علمه وفضله زاد في تعظيمه وتبجيله وأنزله المنزلة التي تليق به.

ساهم المقرئ العلامة بحرق الحضرمي بدور كبير في تعليم طلاب العلم من مُسْلِمِيّ الهند، وتميَّزَ بتأثيره وكرمه لطلابه الذين أخذوا يتسابقون للتحَلِّي بصفاته بما فيها رفضه للسِّحرِ والشعوذة، في حين عَدَّه كثير من الهنود متمردًا ومحرضًا على عاداتهم، لا سيما أنَّ الهند موطن يكثر فيه السِّحر والشعوذة.

ورَغْمَ القُرْبِ والمنزلة التي حاز عليها المقرئ العلامة بحرق الحضرمي في قلوب سلاطين (أحمد أباد)؛ إلَّا أنَّ ذلك أَدَّى إلى خَلْقِ كثيرٍ من الحُسَّادِ والحَاقِدين له داخل بَلاطِ السلاطين.

ثُمَّ إِنَّ الفتن والمؤامرات التي كانت تُحَاكُ ضِدَّه دفعته إلى الرَّحيل عن مدينة (أحمد أباد) إلى مدينة (كامباي) التي تُعدُّ جُزءًا من ولاية (كجرات)، وعلى الرغم من ذلك لم يَسْلَمْ من الأذى، وأودى ذلك بحياته.



مكانته العلمية وثناء العلماء عليه


وصفه العيدروس في النور السافر بقوله:

"الشيخ، الإمام، البارع، النحوي، اللغوي، الأديب، المفنن، القاضي... وكان من العلماء الراسخين، والأئمة المتبحرين، اشتغل بالعلوم، وتفنن بالمنطوق منها والمفهوم، وتمهر في المنثور والمنظوم، وكانت له اليد الطولى في جميع العلوم، وصَنَّف في كثير من الفنون، كالحديث، والتصوف، والنحو، الصرف، والحساب، والطب، والأدب، والفلك، وغير ذلك، وما رأيت أحدًا من علماء حضرموت أحسن ولا أوجز عبارة منه".


وقال فيه أيضًا:
"وبالجملة فإنَّه كان آية من آيات الله تعالى، وكتبه تدل على غزارة علمه، وكثرة اطلاعه، وكان غاية في التحقيق، وجودة الفكر والتدقيق".​


وقال في موضع آخر:

"وكان رحمه الله من محاسن الدهر، له اليد الطولي في النظم، والنثر، والخطب، وغيرها، وكان غاية في الكرم، محسنًا إلى الطلبة وغيرهم، كثير الإيثار، محبًا لأهل الخير، متصفًا بالإنصاف، رَجَّاعًا إلى الحق، مفضالًا، جَوادًا، سيدًا، قوي النفس، مواظبًا على أفعال الخير".

وذكره المرتضى الزبيدي في تاج العروس فقال:

"بحْرَقٌ، كجَعْفر: لَقَب محمَدِ بن عمر بن المُبارك بن عبد الله بن عَليّ الحِميَرِي الحَضرمي الشافعيَ، عَلامَة اليمَنِ، ولد سنة 869هـ بحضرَمَوْت، مِمَّن لَقِيَه السخاوِي، وأثنى عَلَيْهِ".

ووصفه الشلي في السناء الباهر بقوله:

"العَالِم الذي يمشي تحت فتياه العلماء الأعلام، وحَمَلَة الأقلام، وتخضع لفصاحته وبلاغته صيارفة النثر والنِّظام، شيخ اللغة والنحو والإعراب، وعمدة الفقهاء في نصوص الشافعي والأصحاب، من جمع من سابق الاشتغال طَارفًا وتليدًا، ومن قالت له العلوم - وقد مارسها من صغره – ألم نُرَبِّك فينا وليدًا".


وقال في موضع آخر:

"وكان غاية في الكرم، محسنًا إلى الطلبة، وغيره، كثير الإيثار، محسنًا لأهل الخير، متصفًا بالإنصاف، رجَّاعًا إلى الحق، مواظبًا على أفعال الخير، مهيبًا، محبوبًا عند الملوك والعلماء وخاصة الناس، قليل الخوض إلا في علم، وله قدرة على إبداء ما في نفسه بعبارة حسنة، غالبها سجع".


ومن أحسن ما قيل فيه هذا البيت لبعضهم يمدحه:

لِأَيِّ المعَانِي زِيدَتِ (القَافُ) فِي اسمِكُمْ .. وَمَا غَيَّرَتْ شَيْئًا إِذَا هِيَ تُذْكَرُ

لِأَنَّكَ بَحرُ العِلمِ والبَحرُ شَأْنُهُ .. إَذا زِيدَ فِيهِ الشَيءُ لَا يتَغَيَّرُ


وقِيلَ فيه أيضًا:

فَأَنتَ بَحرٌ وقافٌ مَا لَهُ طَرَفٌ .. مُحَمَّدٌ اسمُكَ الـمَعْرُوفُ مَوْصُوفَا

سَمِيُّ خَيرِ الأَنَامِ الطَّاهِرِ مَنْ مَضى .. يَهنَاك يَهنَاكَ هَذَا الفَخرُ تَشْرِيفًا


شيوخه وتلاميذه


أخذ العلامة المقرئ بحرق الحضرمي العلوم عن جملة من كبار العلماء في عصره، كان منهم:

1. الفقيه العلامة محمد بن أحمد باجرفيل الدوعني. أخذ عنه الفقه والأصول.

2. العلامة الفقيه عبد الله بن أحمد بامخرمة. أخذ عنه الفقه، والأصول، وعلوم العربية، حتى كان جُلَّ انتفاعه به، وقرأ عليه ألفية ابن مالك في النحو، وسيرة ابن هشام، والحاوي الصغير في الفقه، وسمع عليه جملة من علوم شتى.

3. الفقيه محمد بن أحمد بافضل. أخذ عنه الفقه، والأصول والحديث وعلوم العربية.

4. العلامة زين الدين محمد بن عبد اللطيف الشرجي. أخذ عنه علم الحديث.

5. الفقيه جمال الدين محمد بن أبي بكر الصائغ. أخذ عنه علم الأصول، والتفسير، والحديث، والنحو، وقرأ عليه شرح البهجة الوردية لأبي زرعة.

6. السيد الشريف الحسين بن عبد الرحمن الأهدل.

7. الشيخ أبو بكر بن عبد الله العيدروس. أخذ عنه أنواعًا من العلوم وانتفع به.

8. العلامة الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي. أخذ عنه علم الحديث والمصطلح.

9. العلامة حمزة بن عبد الله الناشري. أخذ عنه الفقه، والحديث، وعلوم العربية.

وأخذ عنه جمع من علماء الزمان، وقصده الطلبة من الأقطار، وانتفع به جمع عظيم من علماء الأمصار، ورحل إليه طلبة العلم من أماكن وبلدان متعددة للقراءة والدراسة عليه.



مؤلفاته وآثاره العلمية


ألف علامة اليمن المقرئ بحرق الحضرمي مؤلفات عديدة، رائقة حسنة، محررة منقبة مستحسنة. ولذلك تداولها أبناء الزمان، وتناقلها المشاة والركبان، وعقدت عليها الخناصر، وانعطفت عليها الأواصر. وفيما يلي سرد لمؤلفاته مصنفة:

أولًا: مؤلفاته في التفسير وعلوم القرآن:

1. تفسير آية الكرسي.
2. مختصر كتاب التعريف والأعلام بما أُبهم في القرآن من الأسماء والأعلام.
3. مختصر كتاب التبيان في آداب حملة القرآن.
4. ذخيرة الإخوان المختصر من كتاب الاستغناء بالقرآن.
5. تحفة القاري والمقري شرح مقدمة ابن الجزري.
6. إيضاح المستفيد لمعاني مقدمة التجويد. شرح آخر على الجزرية.
7. مختصر الهداية للناشري في روايتي قالون والدوري.


ثانيًا: مؤلفاته في علوم العربية:

8. البهجة في تقويم اللهجة.
9. تحفة الأحباب وطرفة الأصحاب في شرح ملحة الإعراب.
10. فتح الرؤوف في معاني الحروف وما في معناها من الأسماء والظروف.
11. فتح الأقفال وحلَّ الإشكال بشرح لامية الأفعال لابن مالك. وهو الشرح الكبير.
12. شرح أبنية الأفعال على لامية الأفعال لابن مالك. وهو الشرح المختصر.
13. نشر العلم في شرح لامية العجم.
14. شرح الهمزية.
15. شرح على منظومة الشيخ أبي الجيش الأندلسي في العروض.
16. اللزوميات.


ثالثًا: مؤلفاته في الفقه والحديث والفرائض:

17. الأسرار النبوية في اختصار الأذكار النووية.
18. مختصر الترغيب والترهيب للمنذري.
19. حلية البنات والبنين فيما يحتاج إليه من أمر الدين.
20. النبذة المختصرة في معرفة الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة.
21. تجريد المقاصد عن الأسانيد والشواهد. مختصر المقاصد الحسنة للسخاوي.
22. شرح رياض الصالحين للإمام النووي.
23. كتاب المقدمة.
24. المطالب السنية في أهلم العلوم الدينية.
25. النبذة المقررة للدعوى المحررة.


رابعًا: مؤلفاته في العقائد:

26. الحسام المسلول على منتقصي أصحاب الرسول ﷺ.
27. العقد الثمين في إبطال القول بالتقبيح والتحسين.
28. الشرح الوجيز على أبيات اليافعي في العقيدة. المسمى العقيدة الشافعية في شرح القصيدة اليافعية.
29. الشرح الوسيط على أبيات اليافعي في العقيدة، المسمى بالحواشي المفيدة.
30. الشرح البسيط على أبيات اليافعي في العقيدة.
31. عقد الدرر في الإيمان بالقضاء والقدر.
32. رسالة في إثبات رسالة هارون أخي موسى عليهما السلام وكفر فرعون.


خامسًا: مؤلفاته في السير والتاريخ والتراجم:

33. حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار، المسمى بـ "تبصرة الحضرة الشاهية الأحمدية بسيرة الحضرة النبوية الأحمدية".
34. مختصر الخلاصة لابن مالك، في عدة أهل بدر وشرحه.
35. مواهب القدوس في مناقب العيدروس.
36. النبذة المنتخبة من كتاب الأوائل للعسكري.
37. تراجم البخاري.


سادسًا: مؤلفاته في التصوف:

38. ترتيب السلوك إلى ملك الملوك.
39. الحديقة الأنيقة في شرح العروة الوثيقة.
40. العروة الوثيقة في الشريعة والطريقة والحقيقة.
41. متعة الأسماع بأحكام السماع، المختصر من كتاب الإمتاع.


سابعًا: مؤلفاته في الحساب والفلك والمنطق:

42. اللباب في علم الحساب. (منظومة).
43. شرح اللباب في علم الحساب.
44. رسالة في الفلك.
45. رسالة في علم الميقات.
46. منظومة في المنطق.


ثامنًا: مؤلفاته في الطب:

47. الكافية في أصول الطب. (منظومة).
48. شرح الكافية في أصول الطب.



شعره وأدبه


كان علامة اليمن المقرئ بحرق الحضرمي أديبًا وشاعرًا، تولَّع بالنَّظم.

فمن شعره قصيدة في عشرين بيتًا مدح بها السلطان الظافر صلاح الدين عامر بن عبد الوهاب الطاهري (ت923هـ) – وهو أقوى سلاطين الدولة الطاهرية وأطولهم مدة، وكان يحكم جِهات تهامَة واليمن الأسفل - حين شرع في بناء مدارس زبيد ونظر فيها، قال في أولها:

أَبَى اللهُ إِلَّا أَنْ تَحُوزَ الـمَفَاخِرَا .. فَسَمَّاكَ مِنْ بَينِ البَرِيَّةِ عَامِرا

عَمَّرْتَ رُسُومَ الدَّرْسِ بَعدَ دُرُوسِهَا .. وَأَحيَيتَ آثَارَ الإِلَهِ الدَّوَائِرَا

فَأَنْتَ صَلَاحُ الدِّينِ لَا شَكَّ هَذِهِ .. شَوَاهِدُهُ تَبدُو عَلَيكَ ظَوَاهِرا


وامتدح أيضًا الملك الظافر صلاح الدين ببيت هو عشر كلمات، وهو:

يَا رَبُّ كُنْ أَبدًا مُعينًا نَاصِرا .. شَمسَ الملوكِ صَلاح دِينِكَ عَامِرا


وضَمَّنَّ البيت السابق في أربعة أبياتٍ يُستَخرُج منها الضَّميرُ من العَشرِ فقال:

أَيَّدتَّ دِينَكَ يَا رَبّ العُلا أَبَدا .. بِنَاصِرٍ لملوكِ الأَرضِ قَد ضَهَدا

أَعنِي بِهِ عَامِرًا شَمس الملوكِ فَكُنْ .. ظَهِيرَهُ أَبَدًا فِي كُلِّ مَا قَصَدا

وَنَاصِرًا ومُعِينًا فهو شَمْسُ ضُحًى .. أَخْفَى نُجُومَ مُلُوكِ الأَرضِ مُنْذُ بَدا

سَمَّيتَهُ عَامِرًا لـمَّا أَرَدتَّ بِهِ .. صَلَاحَ دِينِكَ إِرَغَامًا لِمَن جَحَدا


ومن شعره قوله:

أَنَا فِي سَلْوَةٍ عَلَى كُلِّ حَالِ .. إِذَا أَتَانِي الحَبِيبُ أَو إِنْ أَبَانِي

أَغْنَمُ الوَصْلَ إِنْ دَنَا فِي أَمَانِ .. وإِذَا مَا نَأَى أَعِشْ بِالأَمَانِي


وله أيضًا:
لَئِنْ بَلَغَ الزُّوارُ خَيفَ مِنًى مِنَّا .. وَأَمِنَا بِرَمْي الجَمْرِ مِنْ لَهَبِ الجَمْرِ

فَبِالـمُنْحَنَى مِنْ أَضْلُعِي وَالعَقِيقِ مِنْ .. دُمُوعِي عَلَى التَّشرِيقِ شَارَكتُ فِي الأَجْرِ


وله لغزٌ قال فيه:

يَا مُتْقِنًا كَلِمَاتِ النحوِ أَجْمعِهَا .. حَدًّا وَنَوعًا وأَفْرَادًا وَمُنتَظِمَهْ

مَا أَرْبَعُ كَلِمَاتٍ وَهِيَ أَحْرُفُهَا .. أَيضًا وَقَدْ جَمَعَتْهَا كُلُّهَا كَلِمَهْ


وَقَدْ حَلَّ اللغز، إذ قال بعد أن ذكره:
"هذا في تمثيل الوقف على هاءِ السَّكت، أي: قولك: "لمه" فالكاف في قولك "كلمه" للتمثيل، واللام للجر، والميم أصلها "ما" الاستفهامية حذفت ألِفُها، و"الهاء" للسَّكت".


وله في الألفاظ التي يطلق عليها لفظ العين:

احفظْ أَخِي للذِي قدْ جَاءَ مُشْتَرَكَا .. فِي العَينِ لفظًا تَكُنْ ذَا فِطْنَةٍ وَحِجَا

عينُ الطريقِ وميزانٌ وباصرةٌ .. شمسٌ وماءٌ ونقدٌ ثُمَّ حرفُ هِجَا


ومن نظمه الحسن قصيدة مُسَمَّطة - وهي أبيات مشطورة تجمعها قافية واحدة، وتكون الشطور فيها أربعة أو خمسة وأكثر، فيقال له الشعر المربع أو المخمس وهكذا، والقصيدة مُسَمَّطة وسمطية وسميطة – امتدح بهذه القصيدة المسمطة شيخه أبو بكر بن عبد الله العيدروس، قال فيها:

سَأبيحُ بالغرامِ كَمْ ذَا تَسَتَّرَ بِعِشْقِي .. وَأَرْفَعُ ذِي اللِّثامِ أَوَ آخُذ نَصِيبِي ورِزْقِي
زِدنِي فِي الـمَلَامَ يَا عَاذِلِي لا تُبَقِّي .. وَأَشْهِرْ ذَا الكَلَامِ فِي كُلِّ غَربٍ وَشَرْقِ

مَا للنَّاس مَعْنَى إِذَا هَوَيتُ كُلَّ رَعْنَا .. وأَحنَيتُ إِصبَعِي في عِشقِ سَلمَّى ولُبنا
وأَصْغَيتُ مَسْمَعِي لِكُلِّ مَعنَى ومَغنَا .. سَأشرَبُ مِنْ مَدَامِ الحُبِّ يا صَاحِ وَأَسْقِي

ما في الحُبِّ عارٌ كلَّا وَلَا فِيهِ مِنْ بَاسْ .. سَأخلعُ ذَا العِذَارِ وأَحمِلُهُ شَهرًا عَلى الراسْ
وَأَعصِي مَن أشَارَ وأَتْرُكُ رِضَا النَّاسِ للنَّاسْ .. مَنْ كَانَ مُسْتَهَامًا مِثلِي فَيَأَتِي بِشِقِّي

واللهِ العَظِيمِ لَا أَرْعَوِي للعَوَاذِلْ .. لِي رَبٌّ كَريمٌ بِجُودِهِ الكُلُّ شَامِلْ
كَرِّرْ يَا نَدِيمِ مِنْ مُطْرِبَاتِ البَلابِلْ .. حَدُّكَ يَا غُلَام الدُّفِّ مِنْ كُلِّ طَرْقِي

سَأُصَرِّحُ وَأَقُولُ عَشِقْتُ زَيدَ الـمُسَمَّا .. وَأَغْنَمُ ذَا القَبُولِ مِنْ قَبلِ أَمَّا وَأَمَّا
مَا للنَّاسِ فُضُولٌ مَنْ هَابَهُمْ مَاتَ غَمَّا .. دَعْهُمْ فِي سَلَامٍ يَسْعَدُ بـِحَدِّ الله ويَشْقِي

سَأَنْثُرُ فِي الجُلوسِ عُقُودِ دُرٍّ وَعِقْيَانْ .. فِي ابنِ العَيدَرُوسِ عَالِي الـمَقَامَاتِ وَالشَّانْ
مَنْفُوسَ النُّفُوسِ وَمُنْتَهَى كُلِّ إَنْسَانْ .. طَالَ عُمْرُهُ وَدَامَ لِكُلِّ فَتْقٍ ورَتْقِ


وله قصيدة عظيمة سماها العروة الوثيقة في الجمع بين الشريعة والحقيقة أجاد فيها إلى غاية الإجادة.


وفاته - رحمـه الله رحمه الله -


قال العيدروس:

"حُكِيَ أَنَّه مات بالسُّمِّ، وسبب ذلك أنه حَظِيَ عند السلطان إلى الغاية، فحسده الوزراء على ذلك، فوقع منهم ما أوجب له الشهادة، وناهيك بها من سعادة".



عاش المقرئ العلامة بحرق الحضرمي 61 سنة، وانتقل إلى جوار ربه ليلة العشرين من شهر شعبان سنة 930هـ بـولاية (كجرات) غرب الهند، وشيعه خلق كثير، ودفن في مدينة (أحمد أباد). رحمه الله تعالى وإيانا والمؤمنين.. اللهم آمين.


من مصادر الترجمة


1. الضوء اللامع، السخاوي ( 253/8- 254).
2. تاج العروس، مرتضى الزبيدي (33/5).
3. النور السافر، العيدروس (ص 137-140).
4. السنا الباهر، الشلي (ص 209-213).


معجم قراء اليمن
من عصر صدر الإسلام إلى القرن الرابع عشر
د. جمال نعمان ياسين
 
عودة
أعلى