تحفة الزمن في تراجم قراء اليمن (8) العلامة المقرئ محمد بن عبد القادر الأهدل (ت1326هـ)

جمال ياسين

New member
إنضم
31 يوليو 2010
المشاركات
174
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
42
الإقامة
اليمن
الموقع الالكتروني
scholar.google.com


تحفة الزمن في تراجم قراء اليمن (8)
د. جمال نعمان ياسين


العلامة المقرئ محمد بن عبد القادر الأهدل (ت1326ه)

- من قراء مدينة الحديدة -
اسمه ونسبه


محمد بن عبد القادر بن عبد الباري بن محمد بن عبد الباري بن محمد بن الطاهر بن محمد بن عمر الأهدل الحسيني.

وجَدُّ السَّادة الأهادلة هو السيد محمد بن سليمان العراقي الملقب جمال الدين، ويتصل نسبه بالإمام الحسين من قبيلة بني هاشم. وقد هاجر من العراق إلى اليمن هو وابن عمه أحمد بن عيسى الملقب بالمهاجر وكان ذلك سنة (540هـ)، فنزل محمد بن سليمان في مدينة الكدرى على وادي سهام بالحديدة وكانت عامرة، وتزوج هناك، ودفن جنوب غرب الكدرى، وأما أحمد بن عيسى المهاجر فنزل في حضرموت وبها ذريته.

مولده ونشأته


انتقل والد العلامة محمد بن عبد القادر الأهدل من المراوعة إلى بندر الحديدة، وتوطَّن به، ثم تزوج فوُلِدَ له أولاد صالحون، أصغرهم سنًا وأكبرهم فضلًا وعلمًا وقدرًا هو العلامة محمد بن عبد القادر الأهدل، والذي ولد في مدينة الحديدة، وتربَّى بين حضن والده، ونشأ على أحسن الأخلاق وأكمل الصفات، فقرأ القرآن حتى أتمَّه، ثم شرع في التَّخَرُّجِ على مشايخ عصره، في كل فنٍّ من القراءات، والتفسير، والحديث، والفقه، والأصول، والنحو، والصرف، والمعاني، والبيان، والفلك، والفرائض، والحساب، فجدَّ واجتهد في طلب العلم، حتى انتهت إليه رئاسة العلم في مدينة الحديدة. وتقلد وظيفة الفتوى حتى لُقِّبَ بمفتي تهامة، وكانت ترد عليه الأسئلة من ربوع المعمورة. ولم يزل يشتغل بالعلوم، يقرئ الطلبة، ويلقي الدروس، وينظم، ويؤلف، وكان من أحسن أهل زمانه خُلُقًا وأكثرهم رفقًا.


وينقل عن بعض الثقات: أنَّه كان إذا أُغْلِقَ عليه بحث وهو مُكِبٌ على المطالعة بالليل ينام فيرى جده عبد الله بن عبد الباري الأهدل يحل له ذلك المشكل، فما ينتبه إلا وقد عرف موضع الفائدة.

شيوخه


تَلَقَّى السَّيِّد العلامة المقرئ محمد بن عبد القادر الأهدل فنون العلوم على كبار العلماء في عصره، منهم:
1. والده السيد العلامة عبد القادر بن عبد الباري الأهدل.
2. العلامة المقرئ محمد بن حسن فرج. مفتي بيت الفقيه.
3. الشيخ القاضي علي بن ياسين الهتاري.
4. السيد العلامة محمد بن أحمد بن عبد الباري الأهدل. مفتي المراوعة وخطيبها.
5. السيد العلامة سليمان بن محمد بن عبد الرحمن الأهدل. مفتي مدينة زبيد.
6. الشيخ العلامة محمد بن عبد الرحمن بن حسن بن عبد الباري الأهدل.
7. العلامة يحي بن أمحمد مكرم.
8. الفقيه العلامة علي بن عبد الله الشامي.
9. العلامة علي بن يحي مقبول. مفتي الدريهمي.
10. العلامة محمد بن عبد الله الزواك. مفتي الزيدية.
11. العلامة عبد الرحمن بن أبكر هجَّام. مفتي القطيع.
12. العلامة داود بن عبد الرحمن حجر.
13. العلامة محمد بن حسن الخطيب.

مكانته العلمية وثناء العلماء عليه


وصفه الوشلي أثناء ترجمته فقال:

"السيد العلامة، طَودُ العلم الشامخ، ومن له في كل فن القدم الراسخ".



وقال عنه أيضًا:

"ولم يزل دائبًا مجتهدًا في تحصيل العلوم حتى صار بحرًا واسعًا لا يُجارى، وبدرًا في سماء العلم ساطعًا لا يُبَارى، ورزقه الله الحفظ الكثير المعدود في مثله كرامة له، فكان يُملي العبارات المطولة بالحرف عن ظهر قلب، وقد سمعته مرَّات متعددة لمَّا دخلت إلى البندر، وقرأت عليه منهاج النووي لقصد الاستفادة والتبرّك، يملي عبارات الشروح المبسوطة كالتحفة وغيرها من سائر الشروح والحواشي، كأنَّما يُمليها من كتاب، بحيث أنَّه إذا ذكر المسألة أَمْلى ما تكلَّمَ به الشرَّاح عليها كأنَّ ذلك نَصْبَ عينه، وعكف على التدريس في بندر الحديدة في كل فن؛ لأنَّه برع في جميع الفنون، وانتفع به كثير من الطلبة، وجمع عدة كتب العلم النافع لا تكاد تُحصى، بَعُدَ صيته وانتشر ذكره إلى البلاد البعيدة الشاسعة كالهند وغيره، ووضع الله له القبول والمحبة في قلوب الخلق من أهل بندر الحديدة وغيرهم بحيث أنَّه إذا احتاج إلى شراء كتاب بادروا إلى شرائه بدون طلب منه، وسلَّموا قيمته بالِغةً ما بلغت".


وقال عنه أيضًا:

"ولم يزل عاكفًا على خدمة العلم قراءة وتأليفًا وإفتاءً ومطالعةً في جميع أوقاته، وما التفت إلى الدنيا ولا اكترث بها، وإذا وقع شيء منها صرفه في تحصيل كتاب من كتب العلم أو فيما لا بدل له من المطالب الدنيوية".



وقال عنه الغزي:

"هو السَّيِّد العلَّامة، حلَّال المشكلات، وكاشف المدلهمات المدلهمة، شمس الدين ومفتي الأنام".



وقال عنه أيضًا:

"وكان يضرب به المثل في ورعه وزهده ونبله. وانتهت إليه رياسة العلم في مدينة الحديدة. وتفوق في السُّنَّة وترصيف الدراري. وتقلد وظيفة الفتوى، وكان ورود الأسئلة عليه من ربوع المعمورة".

مؤلفاته وآثاره العلمية


ألف السَّيِّد العلامة محمد بن عبد القادر الأهدل مؤلفات ورسائل كثيرة منثورة ومنظومة في كل فن، منها:


أولًا: مؤلفاته في التفسير وعلوم القرآن:

1. تحقيق الحق في قوله تعالى: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ).
2. النبذة الغراء الموضحة لقوله تعالى: (وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا).
3. رفع الملامة عن أبي شامة.
4. بغية الأمل بما تهدد به فرعون السحرة.
5. نظم في القراءات.


ثانيًا: مؤلفاته في العقائد:

6. الدرر السنية نظم العقيدة النسفية.
7. رسالة في الكلام على قول ابن الجوزي في تحفة الإخوان: "ويأمر المولى بأخذ العصاة ويتقدم (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ).
8. إرشاد الأخيار إلى ترك مواصلة الكفار.
9. الموعظة الحسنة الموقظة مع التوفيق من السنة النافعة للذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
10. الشهب الثاقبة لأفئدة الفئة الكاذبة.
11. المقامة المسجلة بالتغفل الفاضح على من عدل عن المنهج الواضح ولم يصغ لنهي ناه ولا نصح ناصح.
12. إتحاف الأذكياء برفع إشكال الإرادة والرياء.
13. احتجاب أسرار الأحكام الإسلامية عن إفهام الطائفة الكفرية.
14. تحذير المؤمنين عن سماع مقال الآخرين النابزين أنفسهم بالمبشرين الساعين في ضلال مبين.
15. تهذيب النفوس والإرشاد إلى التوجه إلى الملك القدوس.
16. إقامة الحجة النيرة على وهم الشيخ محمد الذي أنكره.
17. غاية التحذير والإنذار للمتعاطين أمورًا توجب غضب الجبار.


ثالثًا: مؤلفاته في علوم العربية:

18. الدرر البهية لنظم السمرقندية.
19. منظومة في نزع الخافض.
20. غاية الإيجاز في أقسام المجاز نظمًا.
21. رسالة في قول النحاة المصدر الذي يقع ثالثًا في تصريف الفعل.
22. رسالة منظومة على من نفى التنازع بفن النحو.
23. إرشاد اللبيب إلى معنى قولهم: "لا تنازع بعد التركيب".
24. شذور العسجد في بيان وزن حدرد.
25. إرشاد اللبيب إلى معنى قولهم: "لا تنازع بعد التركيب".
26. شذور العسجد في بيان وزن حدرد.


رابعًا: مؤلفاته في الفقه والحديث والفرائض:

27. رسالة في عدم جواز المعاملة المسمى بالحوائل.
28. سلم الوصول إلى الفقه والأصول.
29. رسائل وأجوبة في بيع الغرائر على الكفار.
30. سُلَّمَ الوصل إلى الفقه.
31. الأصول نظمًا.
32. رسالة في الرد على من قال بصحة الحوائل الجارية بين تجار الحديدة.
33. إظهار الأمر الرشد في العذر المجوز لجمعتين فأكثر في بلد.
34. إعانة المحصل نظم المدخل.
35. تبيين الاختلال الواقع في رسالة بسط المقال.
36. منظومة في الرد على الفقيه عبد الله السعدي.
37. معونة الطالبين في استخراج المجهول بالخطأين.
38. الفتاوى الفقيهة. في مجلدين ضخمين.
39. إرشاد الحائر في حكم إقامة الجمعة بمسجد الأشاعر.
40. السهم الصائب المؤيد للشهب الثواقب.
41. إقامه البرهان على أنَّ السهم المرسل عدوان.
42. القول الواضح في رد الخطأ الفاضح.
43. تنبيه ذوي الإنصاف على ما في النص المطابق من الاعتساف.
44. تقرير الممكن على أسئلة القاضي العلامة عمر بن محمد بن محسن.
45. غاية الانتصار لكون الصندوق الناطق ليس من الأسحار.
46. تنبيه السادة الهداة على أن الصندوق الناطق شقيق المرآة.
47. توقيف ذوي العرفان المهرة على ما في تنبيه الإخوان البررة من التمحل والمغالطة والمصادرة.
48. الحجة الواضحة المقررة لما حواه الإرشاد والتبصرة.
49. رسالة في حكم صندوق عجيب الحال يحكي ما أودع فيه من مقال.
50. إتحاف المبتدئين بنظم المسائل الستين.
51. أنوار الهدى في حكم صندوق الصدا.
52. الرسالة الجلية المرشدة إلى لزوم الطريقة النبوية.
53. إرشاد الناقد في رد الاعتراض الفاسد.


خامسًا: مؤلفاته في الحساب والفلك والمنطق:

54. الوجوه الواضحة النيرة القاضية بوهم صاحب العجالة المحررة.
55. فتح الرؤوف بجواب مسألة الكسوف.
56. المطالع البدرية في نظم الرسالة الأبهرية.
57. الإرشاد والتبصرة لما حوته العجالة المحررة من الوهم فيما قرره.

نظمه وشعره وألغازه


كان العلامة محمد بن عبد القادر الأهدل كثير النظم، وكم له من مطارحات ومناظرات ومراسلات مع أدباء عصره، من ذلك ما حرَّرَه العلامة محمد بن إسماعيل الهتاري إلى العلامة محمد بن عبد القادر الأهدل يسأله عن الهاء إذا تلاها عاطف هل يجوز تسكينها أو تضم على الأصل، فقال في سؤاله:

ماذا يقول السيِّدُ المحققْ
المتَّقِي المحرِّرُ المدَقِّقْ

حَاوِي العُلا والمجدِ والمفاخرِ
محمدٌ سَلِيلُ عبد القادرِ

في الهاءِ من لفظةِ هوَ إِذا تَلَتْ
لِعَاطِفٍ هَلْ جَائِزٌ إِنْ سَكَنَتْ

أَو هِي بِالضَّمِّ عَلَى الأَصْلِ فقطْ
أَفِدْ جَوابًا مُنقِذًا مِنَ الغَلَطْ

أُيِّدَ فِي القرآنِ دونَ الغيرِ
مَا حَرَّرَ القراءُ أهلُ الخيرِ

لازِلْتَ كَشَّافًا لِكُلِّ مُشْكِلِ
وشَارِحًا لِكلِّ صَعبٍ مُعْضِلِ


فأجاب عليه العلامة المقرئ محمد عبد القادر الأهدل بقوله:

قَدْ نَشَرَ ابنُ الجَزَرِيْ فِي نَشْرِهِ
في هِي وهُو اختِلافهمْ بِأَسرِهِ

وحَاصِلُ الكَلامِ أَنَّهُ مَتَى
.... مِنْ هَاءِ اللفظتينِ ثَبَتَا

واوٌ أوِ الفاءُ أوِ اللامُ يُرى
فَبِسُكُونِ الهاءِ جَمْعٌ قَدْ قَرَا

نَعَمْ أَبُو عَمْروٍ وجَعْفَرٌ معًا
قالونُ عِيسى والكِسَائِيْ تَبِعَا

وَقَرَأَ البَاقُونَ بِالضَّمِّ فَمَنْ
سَكَّنَ أو ضَمَّ فَمَا أَخْطَأَ السّننْ

وَمَنْ يَرُمْ تَتِمَّةَ الإِفَادَه
يَنْهَضْ إِلى النَّشْرِ يجدْ مُرَادَهْ

لا زِلْتِ يِا مُحرِّرًا نَظْمَ السُّؤَالْ
وَاسِطَةً في عِقْدِ أَربابِ الكَمَالْ

مُقْتَنِصًا شَوَارِدَ العُلُومِ
مُسْتَخْلِصًا لِزُبَدِ الفُهُومِ

كَتَبَهُ سَلِيلُ عبدِ القَادرِ
محمدٌ فَازَ بِعفوِ غَافِرِ



ومما حرره أيضًا العلامة الهتاري إلى العلامة محمد بن عبد القادر الأهدل سؤالٌ في همزة الوصل إذا جاورت لفظة (الــ) هل توصل أو تقطع، قال فيه:

مَاذا يقولُ تاجِ أهلِ اليمنِ
مَنْ هُوَ لِلْعُلومِ أَعْلا مُتْقِنِ

في همزةِ الوصلِ إِذا ما جاورتْ
لفظة (الــ) هل وُصِلَتْ أَمْ قُطِعَتْ

وَذَا كالاسمِ ثُمَّ الاسْتخْراجِ
لا نحوَ إكرامٍ مع الإخراجِ

فبيِّنُوا لنا بيانًا شَافِيا
على جميعِ الـمشكِلاتِ آتِيا

جَزاكَ رَبِّ الـمًلٍكُ عَنِّي خَيرا
وَأَجْزَلَ الأَجرَ لكمْ في الأُخرى



فأجاب عليه السيِّدُ محمد بن عبد القادر الأهدل بقوله:

إِنَّ الحرِيرِيَّ الإِمامَ صَرَّحَا
بالوصلِ والقطعِ أَبَا وقَبَّحَا

وعدَّهُ مِنْ جُملةِ الأَوهَامِ
بَلْ أَلزمَ الوَصْلَ وكَسْرَ اللامِ

وَقدْ أَبَانَ وَجْهَهُ في الدُّرَّهْ
والشَّارِحُ النِّحريرُ قَدْ أَقَرَّهْ

أَعْنِي الخَفَاجِي فُخذْ مَا قَالَا
فِإنَّهُ قَدْ أَوضحَ الإِشكَالَا

لا زِلْتَ في بَحرِ العُلومِ سَابِحا
وفي مَتَاجِرِ الفُهُومِ رَابِحا

كَتَبَهُ حَليفُ فَهْمٍ قَاصِرِ
محمدٌ سَليلُ عبدِ القادرِ



ومما حرره العلامة الهتاري كذلك إلى العلامة محمد بن عبد القادر سؤالٌ في ألفات الأمر عند الابتداء هل تقرأ بالفتح أو الكسر أو الضم، فقال:

اسمعْ كلامًا قالهُ مَنْ ينصَحُ
واحفَظْهُ إِنْ كنتَ تريدُ تُفلِحُ


نظمتهُ في ألفاتِ الأمرِ
هلْ تبدآن بالفتحِ أو بالكسرِ

والضمّ أو فهلْ لها مِنْ أصلِ
في حالةِ القطعِ وحالِ الوصلِ

وبعدَ بسمِ الله والصلاةِ
على الرسولِ فاستمعِ وصاتِ

كلُّ رُبَاعيٍّ فمقطوعُ الألفْ
في الأمرِ مفتوحًا كأقبلْ لا تخفْ

كذاكَ في الماضي فَقِسْ وبادرِ
لكنَّها تُكسرُ في المصادرِ

والبا فَضمّها لما يُستقبلُ
فقل كذا أقبلَ زيدٌ يُقبِلُ

وانظر إلى الثالثِ في المضارعِ
من الثلاثيِّ فَعِهْ وسَارعِ

إنْ كان مضمومًا ... الأَمْرا
فالأمرُ مِنْ يَنظرْ انظُرْ شَزَرا

أو كانَ مكسورًا فقلْ في الأمرِ
اضربْ فلانًا وابتدِي بالكسرِ

وإنْ يكنْ ثالثهُ مفتوحًا
فابدأهُ بالكسرِ تكنْ فصِيحًا

تقولُ من يعلمُ عِلمًا اعْلمِ
لا تفتحنَّ خيفةَ التَّكَلُمِ

شَبِّههُ واترك كذاكَ الصَّنَمَا
خَشيت ما الفاعلُ لمْ يُسَمَّى

وكلَّ ما زادَ على الرُّباعِي
أو كانَ عِدَةً أَتَى في الدَّاعِي

ياؤهما تفتحُ في المستقبلِ
كقولهمْ يَصْلَى وزيدًا يَصْطَلِي

ألِفُ هذين معًا قد تُوصَلُ
إِنْ كان حرفًا منهما يَتَّصِلُ

فإِنْ عَدِمْتَ فابتَدِي بالكسرِ
في مصدرٍ أو مَاضِيَ أو في الأَمرِ

تقولُ منهُ اصطلِ هذا واصِلا
هذا المثالُ فاتخذهُ أَصْلا

وقِسْ عليه واحذرِ الفضيحة
فقد نصحتَ فاقبلِ النصيحة

وقُلْ مَتى تَقْرأهُ يَا ربِ
اغفِرْ لمنْ نَظَمَ كُلَّ ذَنبِ

وصَلِّ مِن بعدٍ على الرسُولِ
محمدٍ تحظى بكلِ سُولِ



وللعلامة محمد بن عبد القادر الأهدل ألغاز عديدة منظومة، فمن ذلك قوله:

ما اسمٌ لِشَيءٍ ثَمَرٌ
في السُّوقِ منهُ يُشْرَى

حُرُوفُهُ أربعةٌ
ثالثها إِنْ أُخرى

فَمَا عَداهُ ناطقٌ
بِاسمٍ شهيرٍ في الورى

اسمُ صَحابيٍّ جَلِيـ
ـلٍ في البخاري كُرِّرَا

مِثلُ الثَّنا مَقلوبةٌ
وبالضياءِ فُسِّرا

والسِّينُ في أولهِ
مَنْ حلَّهُ لَهُ القِرا

همزٌ وفا ثمَّ أَلِفْ
يتلوهُ ميمٌ بعدَ رَا



وأجاب عن اللغز بأبيات على هيئة لغز أيضًا، فقال:

جَوابُ ما ألْغَزتَهُ
بحمدِ ربي ظَهَرا

هو الذي أولُهُ
معَ الذي تَأَخَّرا

إِنْ زِدتَ ما بينهما
لِأَلِفٍ تَصَوَّرا

اسمًا لنَبْتٍ شَائعٍ
كذا اسمُ فاعلٍ يُرى

وهو الصَّيِّبُ قلبُهُ
ما في فَقُلْ شَاءَ الـمِرا

ونصفُهُ الآخرُ إِنْ
قَلَبتَهُ صِرتَ تَرى

في الفَمِ مِنهُ عِدَّةٌ
بَلْ رَمْزُها فَفِكِّرا

ونِصْفُهُ الأولُ إنْ
قَلَبتَهُ نَا فَاسْبِرا

فَخُذْ جَوابًا مُحْكَمًا
تَبَرُّعًا لا لَلقِرا


وفاته ورثاؤه - رحمــه الله –


كان من عادة العلامة محمد بن عبد القادر الأهدل كل ليلة أن يؤخر الوتر فيصليه في بيته، وفي ليلة وفاته صلاه في المسجد، ثم رجع إلى بيته، فوقع به مرض خفيف كان به وفاته. وكان قد حصلت منه إشارات قُرب وفاته تُشْعِرُ بقرب أجله.

لحق بالله عز وجل في ليلة الخميس الثاني من شهر صفر بعد صلاة العشاء الآخرة سنة 1326ه. ودفن بالصديقية في مدينة الحديدة. رحمه الله رحمة واسعة، ونفعنا به آمين.

وقد رثاه الأديب الفاضل محمد بن محمد مجاهد الملقب (عزي فقيه) بقصيدة طويلة، قال في طالعها:

وجودٌنا بعدَ هذا في الدُنا عدمُ
وفيضُ أدمعنا كالغيثِ منسجمُ

وحشوُ أحشائنا نارٌ تأججُ من
عظيمِ خطبٍ بهِ لا ينقضي القدمُ

خطبٌ جليلٌ بهِ الأرواحُ زاهقةٌ
وكلُ جسمٍ صحيحٍ مسَّهُ السقمُ

وكوكبُ السعدِ من برجِ الكمالِ هو
تحت الثرى وبناءُ المجدِ منهدمُ

وكلُ رفعِ المعالي في الوجودِ غدا
خفضًا ومنصوبُ بيتِ العلمِ منخرمُ

فلا ترى العيونُ إلا ما تُساءُ بهِ
وتَسمعُ الأذنُ ما فيهِ لها صممُ

ومن عظيمِ البلايا موتُ من شَهِدَتْ
بفضلهِ وعُلاهُ العُربُ والعجمُ

محمدُ الأهدليْ مَنْ لا مثيلَ لهُ
بين الخلائقِ نعمَ العالمُ الفهمُ

بكتْ لفرقتِهِ الدنيا وساكنُها
والعرشُ والفرشُ والأملاكُ والنُجُمُ

مدارسُ العلمِ بالتحقيقِ قد درسَتْ
بموتهِ ونظامُ الذكرِ منصرمُ

فيا بحوثَ المعاني والبيانِ لقد
جرا بفقدِكِ في ذا العالـِمِ القلمُ

ويا شتاتَ القوافي والعَروضِ ويا
علمَ البديعِ عليكَ البينُ منسجمُ

ويا تصانيفَ علمِ النحوِ قد نطقتْ
بمنعِ حرفِكِ في أوطانِنا الكلِمُ

ويا صحيحَ البخاري بعدَ سيدنا
عن فَهمِ معناكَ مَنْ في حُبِّنَا عدموا

يا قلبُ مُتْ كمدًا ما عشتَ في حَزَنٍ
فإنَّ جيشَ عُلومِ الشَّرعِ منهزمُ



إلى أن قال:

تالله منهاجُ محي الدينِ مرتبكًا
من بعدِ موتِكَ والتصريحُ مُنكَتِمُ

يا طالبينَ فنونَ العلمِ إنَّ لكمْ
منَ الحديدةِ تَرحالًا فلا تَقِمُوا

وكيف لا وعِزُّ الدينِ قد رَحَلَتْ
بهِ المنايا لهذا ضاقتِ الأُممُ



إلى أن قال:

يا عصبةَ الأهدليِّ اللهُ يعصِمُكم
بالصبرِ فقط وتنموا فيكمُ الحِكمُ

واللهُ يُسكنُهُ في الجناتِ سيِّدُنا
محمدُ الشَّهمُ ذاكَ المفردُ العَلَمُ


من مصادر الترجمة


1. نشر الثناء الحسن، الوشلي (363-360/1).
2. مصادر الفكر، الحبشي (279).
3. نزهة النظر، زبارة (ص581-580).
4. مخطوطات للمؤلف.
معجم قراء اليمن
من عصر صدر الإسلام إلى القرن الرابع عشر

د. جمال نعمان ياسين
 
عودة
أعلى