تلخيص لمحاضرة (المغزى الرمضاني) بمجالسها الأربعة.

إنضم
2 أغسطس 2016
المشاركات
210
مستوى التفاعل
5
النقاط
18
العمر
34
الإقامة
السعودية
تلخيص لمحاضرة (المغزى الرمضاني) بمجالسها الأربعة لإبراهيم السكران.

مجموعة هنا
https://www.youtube.com/watch?v=3NkJ5Y6Z6Ng&t=3s
أو مقسمة هنا
https://www.youtube.com/watch?v=hla1vUurFhI&list=PLsVHo38HdsXLl5ByCEFihBwVOCNm61V09&index=4
وقد تم تلخيصها أسفل المقطع تحت تعليقات اليوتيوب

وهذا تلخيصها مكتوبا هنا:


المجلس الأول:

رمضان ضيف عزيز, تنشغل القلوب المؤمنة به قبيل قدومه, وتذوب شوقا لاستقباله, ولا يكون حالها البرود وقلة المبالاة تجاهه.

الإشارة الأولى: رمضان هو الكفارة السنوية.
قال النبي صلى الله عليه وسلم «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ» [مسلم233]
فرمضان مطهرة للنفوس يمحو الله به الزلات ويغفر الخطايا والآثام.
س/ إذا كانت الصلاة تكفر ذنوب اليوم والجمعة تكفر ذنوب الأسبوع, فماذا بقي لرمضان حتى يكفره؟
ج/ الجزاء بقدر العمل, فأثر العمل الصالح وتكفيره للخطايا يكون بحسب إحسان المسلم فيه, فكلما ازداد إحسانه في العمل الصالح قَوِيَ واتَّسَعَ أثره في تكفير الخطايا.
*الإحسان في العمل الصالح يكون بالقيام بشروطه واستيفاء متطلباته والإخلاص فيه وعدم الرياء.
مثال ذلك: التفاوت الكبير في أجر مَن شهد الجمعة في الساعة الأولى (كمن قرَّب بدنة) ومن شهدها في الساعة الأخيرة (كمن قرَّب بيضة) ومع أن العبادة واحدة فالأول يُرْجَى له من التكفير أكثر من الثاني.
ثم إن الصلاة قد تكفر شيئا والجمعة تكفر شيئا آخر ورمضان يكفر شيئا ثالثا, فإذا قصَّر الإنسان في صلاته وجمعته فها هو باب الكفارة السنوية انفتح على مصراعيه فليتدارك تقصيره.
ثم إن تكفير الخطايا ومحو السيئات يكون بالعمل المتقبل, والإنسان لا يعلم ما قُبِلَ من أعماله.
فبحسب ما يقع للعبد في رمضان من صالحات وإحسان وإخلاص يكون تكفير الذنوب.
وأشار الشيخ إلى كلام نفيس في هذه المعاني السابقة ذكره ابن تيمية عن عشرة أسباب تدفع عقوبة الذنب في كتابه منهاج السنة 6/205.

الإشارة الثانية: وصف الله لشهر رمضان.
قال الله تعالى: «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن» [البقرة185] فعرفه بأشرف أوصافه وخصائصه, وفي هذا دلالة على خاصية زائدة للقرآن في رمضان بتلاوته وتدبره وتدارسه وكثرة ختمه.
ووصف الله رمضان بأنه «أياما معدودات» [البقرة184] وهذا الوصف يثير في الإنسان شغف الإدراك وخوف الانقضاء؛ لأن معنى الآية أن رمضان أيام قلائل كما في الآية الأخرى «وشروه بثمن بخس دراهم معدودة» [يوسف20] أي: دراهم قليلة, لأن القليل هو الذي يُعَدُّ.

الإشارة الثالثة: شرف العمل وشرف الزمان.
الأزمان الفاضلة في ذاتها مثل الاثنين والخميس وعرفة وعاشوراء وعشر ذي الحجة ومحرم يشرع فيها الصيام, فتوجد علاقة بين شرف الزمان ومشروعية الصوم.
واختصاص رمضان بركن الصوم يدل على شرف ذاتي لرمضان استحق فيه أن يكون ظرفا زمنيا لفريضة الصوم.


المجلس الثاني:

الإشارة الأولى: الإضافة الإلهية.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ الله: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» [البخاري1904 مسلم1151] وهي منقبة انفرد بها الصوم لم تشاركه فيها العبادات الأخرى, وهي فضيلة من شرفها وعِظَمِها حار العلماء في معناها وتعددت أقوالهم, ومن أهمها:
القول الأول: أن كل الحسنات يُقتَصُّ منها لمظالم العباد إلا حسنات الصوم, فإنه تبقى حسناته للعبد, غير أن هذا القول يرد عليه حديث المقاصَّة «أتدرون ما المفلس؟» [مسلم2581] ففيه التصريح بوقوع الاقتصاص من حسنات الصوم.
القول الثاني: كل الأعمال كُشِفَ مقدار مضاعفتها إلا الصوم, وبيانه في الإشارة القادمة.
القول الثالث: أن الصوم أقرب عمل للإخلاص وأبعد عن الرياء؛ لأنه لا يظهر للآخرين, بعكس الأعمال الأخرى التي تظهر للناس فقد يداخل القلب ما يداخله من الرياء.

الإشارة الثانية: ما بعد السبع مئة.
يضاعف الله الحسنة من 10 إلى 700 وفي الصوم أخفى الله مقدار المضاعفة لكثرته وعظمه, والكثير لا يُعَدُّ, فقد جاء في رواية لمسلم للحديث السابق قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْع مِئَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» فكأن اليوم الواحد في الصيام يفوق 700 يوم.
ومن أسباب هذه الكثرة في الأجر أن الصوم صبر, والله يقول: «إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب» [الزمر10].


المجلس الثالث:

الإشارة الأولى: خصوصية المدخل في الجنة:
المؤمنون يعملون الصالحات ويجتنبون المحرمات رجاء دخول الجنة وخوف دخول النار, وكل شُعَبِ الإيمان دروب وطرق إلى الجنة.
وهذه الجنة لها أبواب ثمانية, وهذه الأبواب لها أسماء وصفات تزيد الإيمان وترغِّبُ في الدار الآخرة.
وعلى كثرة العبادات والطاعات وشعب الإيمان إلا أن الله اختار أمهات العبادات ورؤوس الطاعات فسمى بها أبواب الجنة.
فقد جاء في الصحيحين أسماء خمسة من الأبواب: باب الصلاة, وباب الجهاد, وباب الصدقة, وباب الريان, والباب الخامس جاء وصفه بأنه الباب الأيمن يدخله مَن لا حساب عليه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما بقية الأبواب فقد جاءت بعض أوصافها من آثار خارج الصحيحين.
فتخصيص باب للصيام تشريف للعبادة ويدل على عظمها.
ويدخل من هذا الباب مَن غلب عليه الصيام أو كان ممن اتقى الله في صيامه وأتى بتمامه.

الإشارة الثانية: فرادة التسمية.
في تسمية أبواب الجنة كل باب سمي باسم العبادة, باب الصلاة وباب الجهاد وباب الصدقة إلا الصوم فإن بابه سمي الريان.
وفرادة التسمية لها دلالات:
الريان نقيض العطشان, فَرُوعِيَ بين العمل وجزائه, فاختار الله اسما لباب عبادة الصوم لفظه يشير إلى الثواب والجزاء وكمال التنعيم الحسي والمعنوي, فهذا الاسم يبرِّد جوف الصائمين.
واقتصر الاسم على الرِّي دون الشبع؛ لأن الصائم يغلب عليه إحساسه بالعطش أكثر من الجوع.

الإشارة الثالثة: مشهد الإغلاق.
إغلاق باب الريان مشهد مؤثر للداخل والمحروم, ففي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ» [البخاري1896 مسلم1152]
فيغلق باب الريان على خطى آخر صائم يلج فيه, وهذا يدعو المؤمن إلى أن يتقي الله في صومه وأن يحسن فيه ويكثر منه حتى يلج من هذا الباب إلى الجنة ولا يغلق في وجهه.

الإشارة الرابعة: أمارة التأهب والاستعداد.
في الصحيحين في حديث غزوة تبوك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا «حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظلاَلُ» [البخاري4418 مسلم2769] ولم يعذر الله أحدًا في هذه الغزوة بل أمر الجميع بالخروج «انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» [التوبة41] ثم ذكر المنافقين الذين تخلفوا عن هذه الغزوة بأعذار كاذبة «لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ * إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ» [التوبة44-45] لكن الله رد عليهم وبين عدم صدقهم في الجهاد «وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً» [التوبة46] فكشف أغوار نفوسهم وأعماقها وفضح انعدام عزيمتهم على العمل.
وهذا المعنى لا يختص بالجهاد بل يدخل في كثير من العبادات والأعمال, فكل عبادة لها عُدَّتُها.
والصوم له عدته, فلينظر المسلم إلى قلبه وهو مقبل على رمضان, هل عزم على الصيام والقيام والتلاوة بجد واجتهاد, وهل أفرد لرمضان همة خاصة وإرادة جازمة.
أم يدخل رمضان كبقية الشهور بإرادة واهية هي أقرب للأماني من العمل.
ومن علامة العزيمة والهمة أنك تجد المؤمن مهمومًا قبل رمضان كيف يقلِّلُ من ساعات الصوارف والأشغال حتى يفرغ للعبادة فيه, بعكس ضعيف العزيمة أو من لا عزيمة له فإنه ربما يفكر في كثرة الانشغال في رمضان بجلسات وسهرات ومسلسلات ومجادلات.


المجلس الرابع:

الإشارة الأولى: السياحة المقيمة.
كان في الأمم السابقة أقوام بلغ بهم الخوف والرهبة من الله أنْ تركوا الملذات والمباحات وانعزلوا عن الناس في صوامع وأماكن نائية يتعبدون الله مثل الرهبان, وكان منهم مَن يسيح في الأرض فيمشي من غير غاية في الصحراء والبلدان متفكرا معتبرا متوكلا على الله بلا زاد إنما يشرب ويأكل مما يصادف, وكانوا يرون السياحة من أعلى صور العبودية والانقطاع لله, وهذه الأمور السابقة بهذه الصور بدعة ليست من الإسلام بل هي من الغلو.
غير أن الله شرع لنا سياحة شرعية فيها التقرب والتعبد لله بترك الملذات والشهوات والمباحات وفيها شدة إقبال وعمل لله من غير تنطع ولا غلو, وهذه السياحة هي الصوم, قال الله تعالى: «التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ» [التوبة112] والسائحون الصائمون.
وسمى الله الصائم سائحا لأن السائح يمسك عن الطعام والمباح طويلا لأنه بلا زاد توكلا على الله, وكذلك الصائم يمسك عن الطعام والمباحات تعبدا لله, فلهذه المشابهة سمي الصائم سائحا.
وفي هذا دلالة بينة على شرف الصيام وما فيه من عبودية خالصة لله, فالأمم السابقة كانت ترى في السياحة درجة عالية من التعبد, فصارت هذه الدرجة للصيام في الإسلام.
فليعتبر المسلم بهذه الأسماء الشريفة العظيمة المبجلة والتي انفرد بها الصوم مثل السياحة والريان, فإنها تحمل في طياتها معاني الخضوع والإخبات وتعظيم ما عظَّمه الله, وليست أسماء بلا معنى أو دلالة.

الإشارة الثانية: صنائع العبادة.
العبادة من أهميتها وجلالتها تشرِّف وتزيِّن آثارها, حتى لو كان بعض هذه الآثار مستكرها في النفوس يتجنبه الناس في غير العبادة, فالنفس لا تحب التلطخ بالدماء, ولكن الجهاد يزين منظر الشهيد بدمائه, بل يدفن ويبعث على هذه الهيئة, ومن الزينة المتعارفة تغطية الرأس بعمامة أو نحوها وكذلك الطيب والبخور, ولكن الحج والعمرة يجمِّلان كشف الرأس وترك الطيب ولو مات الإنسان محرما يدفن بلا تغطية رأس ولا طيب ويبعث على هذه الهيئة.
وقد يكون من آثار الصوم خلوف الفم وهو رائحة غير طيبة تنبعث لخلوِّ الجوف من الطعام, وهو أمر تأباه النفوس في غير الصوم, لكنه يزدان بالصوم حتى يكون أطيب عند الله من ريح المسك [البخاري1894 مسلم1151].

الإشارة الثالثة: التسلية باشتراك الفريضة.
قال الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» [البقرة183]
فقوله: «كتب» فرضٌ وإلزام, ثم أعقبه «كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ» وهذا فيه تسهيل للعبادة على النفوس, فإن الشاقَّ إذا عمَّ سَهُلَ وخفَّ.
والأمم السابقة فُرِضَ عليها الصيام في الأصل, لكنه يختلف عن صيامنا في كيفيته وأيامه وعدده.
وفي الآية دلالة على أن الصوم من أمهات العبادات الكبرى التي اشتركت فيها الشرائع والأمم, وأنه مناسب للإنسان في كل زمان ومكان.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
 
عودة
أعلى