السلام عليكم
عند قراءة الاختلاف في قوله تعالى:{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء : 78]
وجدت في موقع اسلام سؤال وجواب أن القائمين على الموقع-وفقهم الله- قد أخطأوا في تفسير هذه الآية حيث نسبو الى ابن عباس ومجاهد وقتادة أنهم فسروا قران الفجر بالقراءة في صلاة الفجر..وهذا خطأ لأني وجدت في كتاب(الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية) أن ابن عباس ومجاهد وقتادة فسروا قرآن الفجر بصلاة الفجر. وإنما فسر ابن جرير الطبري قران الفجر بالقراءة في صلاة الفجر...
فأرجو ممن له علاقة بالموقع الالكرتوني أن يصححوا هذا الخطأ في الموقع...بارك الله فيكم.
اليكم رابط تفسير الآية في موقع اسلام سؤال وجواب:
واليكم نص السؤال والجواب:
تاريخ النشر : 15-01-2011
المشاهدات : 418191
المقصود بـ " قرآن الفجر " في قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) الإسراء/78 ، هو القراءة في صلاة الفجر ، كما قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم من السلف .
وتسمية الصلاة بأنها " قرآن " لأن القرآن ركن من أركانها ، وهو قراءة الفاتحة فيها ، كما تسمى الصلاة ركوعاً وسجوداً ، لأن الركوع والسجود ركن فيها .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (فَضْلُ صَلَاةِ الْجَمِيعِ عَلَى صَلَاةِ الْوَاحِدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً ، وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ ، يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ : اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) رواه البخاري (4717) ومسلم (649) .
قال ابن جرير الطبري رحمه الله :
" وأما قوله : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) فإن معناه : وأقم قرآن الفجر : أي ما تقرأ به صلاة الفجر من القرآن ، والقرآن معطوف على الصلاة في قوله : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) ، وكان بعض نحويي البصرة يقول : نصب قوله : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) على الإغراء ، كأنه قال : وعليك قرآن الفجر ، (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) يقول : إن ما تقرأ به في صلاة الفجر من القرآن كان مشهودا ، يشهده فيما ذكر ملائكة الليل وملائكة النهار ، وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، وجاءت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" انتهى من " جامع البيان " (17/520) .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
"وقوله تعالى : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) يعني : صلاة الفجر" انتهى من "تفسير القرآن العظيم" (5/102) .
وقال القرطبي رحمه الله :
"وعبر عنها بالقرآن خاصة دون غيرها من الصلوات ؛ لأن القرآن هو أعظمها ، إذ قراءتها طويلة مجهور بها حسبما هو مشهور مسطور" انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (10/304) .
والله أعلم .
المصدر: الإسلام سؤال وجواب
واليكم نص الاختلاف في الآية في كتاب (الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية/ الجزء 22 تفسير قوله تعالى:﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾[الإسراء : 78]
قال المؤلف: في تفسيره وجهان:
أحدهما : أقم القرآن لصلاة الفجر، أي: ما تقرأ به صلاة الفجر من القرآن، وهذا قول أبي عبيدة([1])، وابن جرير الطبري([2])، والجصاص([3]). وذكره الكرماني في تفسيره من باب «عجائب التأويل»([4]).
وبه قال ابن قتيبة، حيث قال:"﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾، أي: قراءة الفجر"([5])، ثم استشهد على ذلك بقول الشاعر في الإمام عثمان بن عفان -رضي الله عنه-([6]):
ضَحَّوْا بِأَشْمَطَ عُنْوَانُ السّجُّودِ بِهِ ... يُقَطِّعُ الليلَ تَسْبِيحًا وقُرْآنا
أي: تسبيحًا وقراءة"([7]).
الثاني : معناه: صلاة الصبح، فسماها قرآناً لتأكيد القراءة في الصلاة، وهذا قول ابن مسعود([8])، وابن عباس-من طريق العوفي-([9])، ومجاهد([10])، وقتادة([11])، ومسروق([12])، والضحاك([13])، وابن زيد([14])، وكعب([15])، والفراء([16])، والزجاج([17]).
عن ابن عباس-من طريق العوفي- :﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾، يعني: صلاة الصبح"([18]).
عن مجاهد-ابن أبي نجيح:"﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾، قال: صلاة الصبح"([19]).
قال قتادة:" ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾: صلاة الصبح، كنا نحدث أن عندها يجتمع الحرسان من ملائكة الله حرس الليل وحرس النهار"([20]).
عن عبيد بن سليمان، قال:" سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾، يعني: صلاة الغداة"([21]).
عن أبي محمد الحضرمي، قال: "حدَّثنا كعب الأحبار في هذا المسجد، قال: والذي نفس كعب بيده، إنّ هذه الآية: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾[الإسراء : 78] إنها لصلاة الفجر، إنها لمشهودة"([22]).
وانتقد الجصاص هذا التفسير، حيث قال:" فإن قيل: معناه «صلاة الفجر». قيل له: هذا غلط من وجهين:
أحدهما: أنه غير جائز أن تجعل القراءة عبارة عن الصلاة لأنه صرف للكلام عن حقيقته إلى المجاز بغير دليل.
والثاني: قوله في نسق التلاوة: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ﴾ ويستحيل التهجد بصلاة الفجر ليلا، و«لهاء» في قوله: ﴿به﴾ كناية عن قرآن الفجر المذكور قبله، فثبت أن المراد حقيقة القراءة لا مكان التهجد بالقرآن المقروء في صلاة الفجر واستحالة التهجد بصلاة الفجر. وعلى أنه لو صح أن المراد ما ذكرت لكانت دلالته قائمة على وجوب القراءة في الصلاة، وذلك لأنه لم يجعل القراءة عبارة عن الصلاة إلا وهي من أركانها وفروضها"([23]).
قلت: الجمهور على أن المقصود بـ «قرآن الفجر»-في الآية-: هو «صلاة الفجر»، أي: وأقم صلاة الفجر. وقد نقل فخر الدين الرازي الإجماع على ذلك([24]).
وسميت «الصّلاة» قرآناً، لوجهين:
أحدهما: لأن القرآن ركن من أركانها، وهو قراءة الفاتحة فيها، كما تسمى الصلاة ركوعاً وسجوداً، لأن الركوع والسجود ركن فيها.
والثاني: أن تسمية «صلاة الفجر»: قرآناً؛ لمشروعية إطالة القراءة فيها.
قال السمرقندي: "﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾، أي: صلاة الغداة، وإنما سميت «صلاة الغداة» قرآناً؛ لأن القراءة فيها أكثر وأطول"([25]).
وقال ابن جزي: "وإنما عبر عن صلاة الصبح بقرآن الفجر؛ لأن القرآن يقرأ فيها أكثر من غيرها"([26]).
قال الفخر الرازي:" إن الفقهاء بينوا أن السنة أن تكون القراءة في هذه الصلاة أطول من القراءة في سائر الصلوات فالمقصود من قوله وقرآن الفجر الحث على أن تطويل القراءة في هذه الصلاة مطلوب لأن التخصيص بالذكر يدل على كونه أكمل من غيره"([27]).
قلت: ولا تعارض بين القولين، لأنه لا تكون الإطالة في الصلاة إلا بقراءة القرآن فيها.
قال القرطبي: "وعبر عنها بـ«القرآن» خاصة دون غيرها من الصلوات؛ لأن القرآن هو أعظمها، إذ قراءتها طويلة مجهور بها حسبما هو مشهور مسطور"([28]).
وقال الزمخشري: "ويجوز أن يكون ﴿وقرآن الفجر﴾ حثا على طول القراءة في صلاة الفجر لكونها مكثورا عليها ليسمع الناس القرآن فيكثر الثواب، ولذلك كانت الفجر أطول الصلوات قراءة"([29]).
وانتصاب «القرآن»-في الآية- من وجهين([30]):
أحدهما: أنه عطف على «الصلاة»، أي: وأقم صلاة الفجر، قاله الفراء([31])، والزجاج([32])، والمبرد([33]).
والثاني: أنه منصوب على الإغراء، أي: وعليك قرآن الفجر. قاله الأخفش([34]).
قال الأخفش: "نصب ﴿وقرآن الفجر﴾، بمعنى: وآثر قرآن الفجر، وعليك قرآن الفجر"([35]).
وحكى الثعلبي عن بعضهم([36]): "﴿قرآن الفجر﴾: اجتماعه وتبيانه، وحينئذ يكون المعنى: أقم الصلاة لدلوك الشمس ولقرآن الفجر"([37]).
([1]) انظر: مجاز القرآن: /388.
([2]) انظر: تفسير الطبري:17/520.
([3]) انظر: أحكام القرآن: 1/27.
([4]) انظر: غرائب التفسير وعجائب التأويل: 1/638، حيث قال:" قوله: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ عطف على الصلاة، أي أقم الصلاة، وقرآن الفجر، والمراد بـ«قرآن الفجر»: صلاة الفجر.
الغريب: الأخفش: وقرآن الفجر، نصب على الإغراء.
العجيب: المبرد: أقم القرآن لصلاة الفجر".
([5])انظر: غريب القرآن: 260.
([6])يروى لحسان بن ثابت كما في ديوانه 410 واللسان 17/ 168، 19/ 211 والاقتضاب 98 والبيان والتبيين 1/ 220، 3/ 262 وهو غير منسوب في تفسير الطبري 1/ 97 طبع المعارف ونسب إلى أوس بن مغراء، ونقل العيني في المقاصد النحوية بهامش الخزانة 4/ 17 عن ابن السيرافي أنه لكثير بن عبد الله النهشلي، المعروف بابن الغريرة. ونقل البغدادي في الخزانة 4/ 118 عن ابن يعيش أنه لكثير هذا، وقيل لحسان. ومعنى ضحوا: أي ذبحوه كالأضحية. قال ابن بري: أي جعلوه بدل الأضحية، كأنهم قتلوه في أيام لحوم الأضاحي، وذلك يوم الجمعة لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة، سنة خمس وثلاثين من الهجرة. والشمط بالتحريك بياض الشعر من الرأس يخالط سواده.
([7]) غريب القرآن:33-34.
([8]) انظر: تفسير يحيى بن سلام 1/ 155، و"المعجم الكبير" للطبراني: (9139). -وسوف يأتي الخبر-.
([9]) انظر: تفسير الطبري:17/521.
([10]) انظر: تفسير الطبري:17/522.
([11]) انظر: تفسير الطبري:17/521.
([12])انظر: التفسير البسيط للواحدي: 13/435.
عند قراءة الاختلاف في قوله تعالى:{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء : 78]
وجدت في موقع اسلام سؤال وجواب أن القائمين على الموقع-وفقهم الله- قد أخطأوا في تفسير هذه الآية حيث نسبو الى ابن عباس ومجاهد وقتادة أنهم فسروا قران الفجر بالقراءة في صلاة الفجر..وهذا خطأ لأني وجدت في كتاب(الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية) أن ابن عباس ومجاهد وقتادة فسروا قرآن الفجر بصلاة الفجر. وإنما فسر ابن جرير الطبري قران الفجر بالقراءة في صلاة الفجر...
فأرجو ممن له علاقة بالموقع الالكرتوني أن يصححوا هذا الخطأ في الموقع...بارك الله فيكم.
اليكم رابط تفسير الآية في موقع اسلام سؤال وجواب:
واليكم نص السؤال والجواب:
ما هو قرآن الفجر المقصود في قوله تعالى : (إن قرآن الفجر كان مشهوداً)؟
131435تاريخ النشر : 15-01-2011
المشاهدات : 418191
السؤال
هل معنى قوله تعالى: ( إن قرآن الفجر كان مشهوداً ) يخص القراءة في صلاة الفجر ، أم قراءة القرآن بعد صلاة الفجر ؟الجواب
الحمد لله.المقصود بـ " قرآن الفجر " في قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) الإسراء/78 ، هو القراءة في صلاة الفجر ، كما قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم من السلف .
وتسمية الصلاة بأنها " قرآن " لأن القرآن ركن من أركانها ، وهو قراءة الفاتحة فيها ، كما تسمى الصلاة ركوعاً وسجوداً ، لأن الركوع والسجود ركن فيها .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (فَضْلُ صَلَاةِ الْجَمِيعِ عَلَى صَلَاةِ الْوَاحِدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً ، وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ ، يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ : اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) رواه البخاري (4717) ومسلم (649) .
قال ابن جرير الطبري رحمه الله :
" وأما قوله : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) فإن معناه : وأقم قرآن الفجر : أي ما تقرأ به صلاة الفجر من القرآن ، والقرآن معطوف على الصلاة في قوله : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) ، وكان بعض نحويي البصرة يقول : نصب قوله : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) على الإغراء ، كأنه قال : وعليك قرآن الفجر ، (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) يقول : إن ما تقرأ به في صلاة الفجر من القرآن كان مشهودا ، يشهده فيما ذكر ملائكة الليل وملائكة النهار ، وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، وجاءت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" انتهى من " جامع البيان " (17/520) .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
"وقوله تعالى : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) يعني : صلاة الفجر" انتهى من "تفسير القرآن العظيم" (5/102) .
وقال القرطبي رحمه الله :
"وعبر عنها بالقرآن خاصة دون غيرها من الصلوات ؛ لأن القرآن هو أعظمها ، إذ قراءتها طويلة مجهور بها حسبما هو مشهور مسطور" انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (10/304) .
والله أعلم .
المصدر: الإسلام سؤال وجواب
واليكم نص الاختلاف في الآية في كتاب (الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية/ الجزء 22 تفسير قوله تعالى:﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾[الإسراء : 78]
قال المؤلف: في تفسيره وجهان:
أحدهما : أقم القرآن لصلاة الفجر، أي: ما تقرأ به صلاة الفجر من القرآن، وهذا قول أبي عبيدة([1])، وابن جرير الطبري([2])، والجصاص([3]). وذكره الكرماني في تفسيره من باب «عجائب التأويل»([4]).
وبه قال ابن قتيبة، حيث قال:"﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾، أي: قراءة الفجر"([5])، ثم استشهد على ذلك بقول الشاعر في الإمام عثمان بن عفان -رضي الله عنه-([6]):
ضَحَّوْا بِأَشْمَطَ عُنْوَانُ السّجُّودِ بِهِ ... يُقَطِّعُ الليلَ تَسْبِيحًا وقُرْآنا
أي: تسبيحًا وقراءة"([7]).
الثاني : معناه: صلاة الصبح، فسماها قرآناً لتأكيد القراءة في الصلاة، وهذا قول ابن مسعود([8])، وابن عباس-من طريق العوفي-([9])، ومجاهد([10])، وقتادة([11])، ومسروق([12])، والضحاك([13])، وابن زيد([14])، وكعب([15])، والفراء([16])، والزجاج([17]).
عن ابن عباس-من طريق العوفي- :﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾، يعني: صلاة الصبح"([18]).
عن مجاهد-ابن أبي نجيح:"﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾، قال: صلاة الصبح"([19]).
قال قتادة:" ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾: صلاة الصبح، كنا نحدث أن عندها يجتمع الحرسان من ملائكة الله حرس الليل وحرس النهار"([20]).
عن عبيد بن سليمان، قال:" سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾، يعني: صلاة الغداة"([21]).
عن أبي محمد الحضرمي، قال: "حدَّثنا كعب الأحبار في هذا المسجد، قال: والذي نفس كعب بيده، إنّ هذه الآية: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾[الإسراء : 78] إنها لصلاة الفجر، إنها لمشهودة"([22]).
وانتقد الجصاص هذا التفسير، حيث قال:" فإن قيل: معناه «صلاة الفجر». قيل له: هذا غلط من وجهين:
أحدهما: أنه غير جائز أن تجعل القراءة عبارة عن الصلاة لأنه صرف للكلام عن حقيقته إلى المجاز بغير دليل.
والثاني: قوله في نسق التلاوة: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ﴾ ويستحيل التهجد بصلاة الفجر ليلا، و«لهاء» في قوله: ﴿به﴾ كناية عن قرآن الفجر المذكور قبله، فثبت أن المراد حقيقة القراءة لا مكان التهجد بالقرآن المقروء في صلاة الفجر واستحالة التهجد بصلاة الفجر. وعلى أنه لو صح أن المراد ما ذكرت لكانت دلالته قائمة على وجوب القراءة في الصلاة، وذلك لأنه لم يجعل القراءة عبارة عن الصلاة إلا وهي من أركانها وفروضها"([23]).
قلت: الجمهور على أن المقصود بـ «قرآن الفجر»-في الآية-: هو «صلاة الفجر»، أي: وأقم صلاة الفجر. وقد نقل فخر الدين الرازي الإجماع على ذلك([24]).
وسميت «الصّلاة» قرآناً، لوجهين:
أحدهما: لأن القرآن ركن من أركانها، وهو قراءة الفاتحة فيها، كما تسمى الصلاة ركوعاً وسجوداً، لأن الركوع والسجود ركن فيها.
والثاني: أن تسمية «صلاة الفجر»: قرآناً؛ لمشروعية إطالة القراءة فيها.
قال السمرقندي: "﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾، أي: صلاة الغداة، وإنما سميت «صلاة الغداة» قرآناً؛ لأن القراءة فيها أكثر وأطول"([25]).
وقال ابن جزي: "وإنما عبر عن صلاة الصبح بقرآن الفجر؛ لأن القرآن يقرأ فيها أكثر من غيرها"([26]).
قال الفخر الرازي:" إن الفقهاء بينوا أن السنة أن تكون القراءة في هذه الصلاة أطول من القراءة في سائر الصلوات فالمقصود من قوله وقرآن الفجر الحث على أن تطويل القراءة في هذه الصلاة مطلوب لأن التخصيص بالذكر يدل على كونه أكمل من غيره"([27]).
قلت: ولا تعارض بين القولين، لأنه لا تكون الإطالة في الصلاة إلا بقراءة القرآن فيها.
قال القرطبي: "وعبر عنها بـ«القرآن» خاصة دون غيرها من الصلوات؛ لأن القرآن هو أعظمها، إذ قراءتها طويلة مجهور بها حسبما هو مشهور مسطور"([28]).
وقال الزمخشري: "ويجوز أن يكون ﴿وقرآن الفجر﴾ حثا على طول القراءة في صلاة الفجر لكونها مكثورا عليها ليسمع الناس القرآن فيكثر الثواب، ولذلك كانت الفجر أطول الصلوات قراءة"([29]).
وانتصاب «القرآن»-في الآية- من وجهين([30]):
أحدهما: أنه عطف على «الصلاة»، أي: وأقم صلاة الفجر، قاله الفراء([31])، والزجاج([32])، والمبرد([33]).
والثاني: أنه منصوب على الإغراء، أي: وعليك قرآن الفجر. قاله الأخفش([34]).
قال الأخفش: "نصب ﴿وقرآن الفجر﴾، بمعنى: وآثر قرآن الفجر، وعليك قرآن الفجر"([35]).
وحكى الثعلبي عن بعضهم([36]): "﴿قرآن الفجر﴾: اجتماعه وتبيانه، وحينئذ يكون المعنى: أقم الصلاة لدلوك الشمس ولقرآن الفجر"([37]).
([1]) انظر: مجاز القرآن: /388.
([2]) انظر: تفسير الطبري:17/520.
([3]) انظر: أحكام القرآن: 1/27.
([4]) انظر: غرائب التفسير وعجائب التأويل: 1/638، حيث قال:" قوله: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ عطف على الصلاة، أي أقم الصلاة، وقرآن الفجر، والمراد بـ«قرآن الفجر»: صلاة الفجر.
الغريب: الأخفش: وقرآن الفجر، نصب على الإغراء.
العجيب: المبرد: أقم القرآن لصلاة الفجر".
([5])انظر: غريب القرآن: 260.
([6])يروى لحسان بن ثابت كما في ديوانه 410 واللسان 17/ 168، 19/ 211 والاقتضاب 98 والبيان والتبيين 1/ 220، 3/ 262 وهو غير منسوب في تفسير الطبري 1/ 97 طبع المعارف ونسب إلى أوس بن مغراء، ونقل العيني في المقاصد النحوية بهامش الخزانة 4/ 17 عن ابن السيرافي أنه لكثير بن عبد الله النهشلي، المعروف بابن الغريرة. ونقل البغدادي في الخزانة 4/ 118 عن ابن يعيش أنه لكثير هذا، وقيل لحسان. ومعنى ضحوا: أي ذبحوه كالأضحية. قال ابن بري: أي جعلوه بدل الأضحية، كأنهم قتلوه في أيام لحوم الأضاحي، وذلك يوم الجمعة لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة، سنة خمس وثلاثين من الهجرة. والشمط بالتحريك بياض الشعر من الرأس يخالط سواده.
([7]) غريب القرآن:33-34.
([8]) انظر: تفسير يحيى بن سلام 1/ 155، و"المعجم الكبير" للطبراني: (9139). -وسوف يأتي الخبر-.
([9]) انظر: تفسير الطبري:17/521.
([10]) انظر: تفسير الطبري:17/522.
([11]) انظر: تفسير الطبري:17/521.
([12])انظر: التفسير البسيط للواحدي: 13/435.