سؤال عن معنى (كان) في كتاب الله.

إنضم
14 مايو 2003
المشاركات
4
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
سؤال عن معنى (كان) في كتاب الله.

اختلف العلماء النحويون وغيرهم في معنى ( كان ) لا سيما في وجودها في كتاب الله وذكرها أحيانا مع صفات الله فهل يكون للكلمة أكثر من معنى كما ذكر في بعض الأقوال أنها بعنى كان ومازال اذا كانت متعلقة بصفات الله ؟
ثم هل تفيد (كان) الاستمرار بحد ذاتها؟
ثم ما رأيكم بقول القائل:( أن (كان ) تفيد اقتران معنى الجملة التي تليها بالزمن الماضي لا غير .ولا دلالة لها نفسها على انقطاع ذلك المعنى ولا بقائه بل إن أفاد الكلام شيئا من ذلك كان لدليل آخر)؟
وهل في هذا المعنى اشكال عقدي ؟
أرجو الاجابة عن هذه الاشكالات كلها.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:


ذكر صاحب (البرهان في علوم القرآن ج: 4 ص: 121) الخلاف في معنى كان
فقال رحمه الله تعالى:
وقد اختلف النحاة وغيرهم في انها تدل على الانقطاع على مذاهب
1-احدها انها تفيد الانقطاع لانها فعل يشعر بالتجدد
2-والثاني لاتفيده بل تقتضي الدوام والاستمرار وبه جزم ابن معطي في ألفيته حيث قال:
وكان للماضي الذي ما انقطعا
وقال الراغب في قوله تعالى وكان الشيطان لربه كفورا نبه بقوله كان على انه لم يزل منذ أوجد منطويا على الكفر
3- والثالث انه عبارة عن وجود الشيء في زمان ماض على سبيل الإبهام وليس فيه دليل على عدم سابق ولا على انقطاع طارئ ومنه قوله تعالى وكان الله غفورا رحيما 3 قاله الزمخشري 4 في قوله تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس 5 وذكر ابن عطية في سورة الفتح أنها حيث وقعت في صفات الله فهي مسلوبة الدلالة على الزمان والصواب من هذه المقالات مقالة الزمخشري وأنها تفيد اقتران معنى الجملة التي تليها بالزمن الماضي لاغير ولا دلالة لها نفسها على انقطاع ذلك المعنى ولا بقائه بل إن إفادة الكلام شيئا من ذلك كان لدليل آخر اذا علمت هذا فقد وقع في القرآن اخبار الله تعالى عن صفاته الذاتية وغيرها بلفظ كان كثيرا نحو وكان الله سميعا عليما 6 واسعا حكيما
غفورا رحيما 1 توابا رحيما 2 وكنا بكل شئ عالمين 3 وكنا لحكمهم شاهدين 4 فحيث وقع الاخبار بكان عن صفة ذاتية فالمراد الاخبار عن وجودها وانها لم تفارق ذاته ولهذا يقررها بعضهم بما زال فرارا مما يسبق إلى الوهم إن كان يفيد انقطاع المخبرية عن الوجود لقولهم دخل في خبر كان قالوا فكان وما زال مجازان يستعمل أحدهما في معنى الآخر مجازا بالقرينة وهو تكلف لا حاجة إليه وانما معناها ما ذكرناه من ازلية الصفة ثم تستفيد بقاءها في الحال وفيما لايزال بالادلة العقلية وباستصحاب الحال اهـ
قلت : في هذا الترجيح نظر
والأظهر والله أعلم قول رابع لم يرد
وهو أن كان تأتي بالمعنيين معا من كلام العرب ،
قال ابن منظور (لسان العرب ج: 13 ص: 367)

ومن شواهدها بمعنى اتصالِ الزمانِ من غير انقطاع قولُه سحبانه وتعالـى: و كان الله غفوراً رحيماً ؛ أي: لـم يَزَلْ علـى ذلك؛ وقال الـمتلـمس: وكُنَّا إِذا الـجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ، أَقَمْنا له من مَيْلِهِ فَتَقَوَّما وقول الفرزدق: وكنا إِذا الـجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّه، ضَرَبْناه تـحتَ الأُنْثَـيَـيْنِ علـى الكَرْدِ وقول قَـيْسِ بن الـخَطيم: وكنتُ امْرَأً لا أَسْمَعُ الدَّهْرَ سُبَّةً أُسَبُّ بها، إِلاَّ كَشَفْتُ غِطاءَها وفـي القرآن العظيم أَيضاً: إِن هذا كان لكم جَزاءً و كان سَعْيُكُم مَشْكُوراً؛ وفـيه: إِنه كان لآياتِنا عَنِـيداً؛ وفـيه: كان مِزاجُها زَنْـجبـيلاً.اهـ
فما المانع من ورودها على هذا المعنى في القرآن مادامت معروفة في كلام العرب،
أليس هذا أولى من معرفة الديمومة من الأدلةالعقلية واستصحاب الحال!!!

وعلى كل حال، فإن قيل بصحة ما رجحه الزركشي رحمه الله تعالى: أو بأحد القولين المتقدمين فلا إشكال بحمد الله تعالى من جهة عقدية ، وبيان ذلك،

من وجوه:
الوجه الأول:
إن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فالكينونة في المخلوقين ليست كالكينونة في حق الرب تبارك وتعالى، وهذا جواب يذهب الشبهة من أصلها، فكما إن علمه، ليس كعلم المخلوقين المسبوق بالجهل والملحوق بالنسيان، والمصحوب بالنقص في الشمول ، فكذا القول في كينونته في صفاته، فإن قلنا إن كان تفيد وجود الشيء في الزمن الماضي ولا تقتضي زواله ولا دوامه هذا في حق المخلوق، أما صفة الخالق فليست كذلك،
فلو قلت علم فلان بخبر القوم، ففي لغة العرب معناها ارتفع جهله بخبرهم،
لكن قول الله تبارك وتعالى : علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم
من المعلوم أنه العلم المذكور في الآية لا يلحق به عوارض النقص التي في علم المخلوقين،
ولا نقول فهمنا ذلك من القرائن، بل فهمناه من النص نفسه، ومن النصوص الأخرى العامة الدالة على انتفاء مماثلته للمخلوقين،كما فهمنا أن نزوله واستواءه وعلوه ليس كعلو المخلوقين، فكذا علمه، وكينونة الذات أو الصفات،
أن يقال إن التشابه الذي قد يرد من معنى كان في لغة العرب يرد إلى المحكم من بيان الديمومة
الوجه الثالث:
أن ورود كان بما يفيد الدوام في لغة العرب، والقرآن نزل بلغة العرب فحمله على ما يليق بصفات الله عز وجل، مما تعرفه العرب هو المتعين، وقد أشار بعض العلماء إلى شيء من ذلك في قواعد التفسير،
 
عودة
أعلى