ظاهرة في" الفاتحة" لا مثيل لها في كل كتب الدنيا!

إنضم
20 أبريل 2003
المشاركات
507
مستوى التفاعل
9
النقاط
18
ظاهرة في" الفاتحة" لا مثيل لها في كل كتب الدنيا!

سميت الفاتحة كذلك لأنها بها يفتتح الكتاب ، فهي مقدمة له ...ومن شأن المقدمات – عموما – أن تشير إلى الغرض من الكتاب، وتلفت النظر إلى محتواه بصورة اجمالية لتشوق القارئ ليقبل على الكتاب بعد أن ذاق من المقدمة ما يجعله يطلب المزيد...وقد انتبه العلماء إلى هذا الأمر فرأوا في الفاتحة الخطوط العريضة لكل مقاصد القرآن ومواضيعه...

لكن الأمر الغريب الذي انتبهنا إليه في الفاتحة، ليس مضمونها ، ولكن أسلوب الخطاب فيها...فلو تأملت كل المقدمات التي يضعها الناس لما يقولون ولما يكتبون تجد أن الخطاب يتجه - دائما وبالضرورة- من "أنا" (الكاتب - المتكلم) إلى "أنت" (القارئ - المستمع)، سواء سميت المقدمة "بطاقة غلاف" أو "افتتاحية" أو "إهداء" أو "تصديرا"..وتجد فيها العبارات النمطية من جنس "عزيزي القارئ" "أيها الحضور الكريم" " أعزائي المشاهدين والمتتبعين".... الخطاب دائما من( أنا) صاحب القول إلى (أنت) المتلقي.

والآن أدعوك إلى فاتحة القرآن العظيم لتجد ما لن تتوقع أبدا: الخطاب فيها صاعد وليس نازلا،خطاب معكوس من المتلقي إلى المتكلم!!!

القياس أن تجد في الافتتاح صيغة خطاب من رب العالمين إلى العالمين مثل: "ياأيها الناس" أو "ياأيها النبي" .... لكن المفاجأة :

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم ،ملك يوم الدين....

المتلقي هو المخاطِب (الحامد) والمتكلم -عز شأنه - هو المخاطُب (المحمود)!

بل لقد تمحضت سورة الفاتحة كلها لمخاطبة الرحمن الرحيم ، وظهر المخاطَب فيها بكل الوجوه التي تستطيعها العربية:

أ - اسما صريحا : لله رب العالمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين.

ب- ضميرا منفصلا منصوبا: إياك نعبد ...وإياك نستعين.

ج- ضميرا مستترا مرفوعا :اهدنا......

د- ضميرا متصلا مرفوعا: أنعمت...

وما ذكره بعضهم من أن الله حمد نفسه بنفسه في بداية الفاتحة ثم وقع (التفات) في "إياك نعبد" فهذا الزعم حري ألا( يلتفت! )إليه بعد هذا الحديث الشريف:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : قال الله تعالى : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين ، قال الله تعالى : حمدني عبدي ، وإذا قال : الرحمن الرحيم ، قال الله تعالى : أثنى علي عبدي ، وإذا قال : مالك يوم الدين ، قال : مجدني عبدي ، وقال مرة : فوض إلي عبدي ، فإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين ، قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة .

الفاتحة لها طابع حواري : المبادرة من العبد (وقد وضع الخالق الفاتحة كلها – أي كلامه- على لسان العبد) أما جواب الخالق فهو هناك في الملإ الأعلى!!

والله أعلم.
 
عودة
أعلى