قريبًا في رمضان..(لطائف قرآنية من دروس العثيمين)

إنضم
18 أبريل 2014
المشاركات
270
مستوى التفاعل
6
النقاط
18
الإقامة
القصيم
بسم1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
حياكم الله إخواني وأخواتي في ملتقى أهل التفسير..
يسعدني أن أهنئكم بقرب حلول شهر رمضان المبارك, سائلة الله جل وعلا أن يبلغنا وإياكم صيامه وقيامه على الوجه الذي يحبه ويرضاه..
وأن تفضي بنا أيامه الغُرّ ولياليه الزُّهر إلى مزيد عناية بالقرآن الكريم, نحاسب معها أنفسنا, ونصوب بها مسارنا؛ لنخرج من رمضان بأرواح قد تخلصت من أكدارها, وبقلوب نُفي عنها رانها, فهي تتلألأ إيمانًا ويقينًا يخالط بشاشتها..بإذن ربنا.

ولكي نتكاتف في تحقيق هذه البغية الجليلة, ونعيش معًا أجواء إيمانية أخوية في تدبر القرآن؛ جمعت عددًا اللطائف القرآنية مما كنت قد وقفت عليه في دروس العلامة:
محمد الصالح العثيمين رحمه الله, وسأجعلها على هيئة حلقات يومية طيلة شهر رمضان بمشيئة الله تعالى..
علمًا بأن الحلقات ستكون موجودة (بصيغة فيديو) على قناة التليجرام:

[هَمْعٌ| https://t.me/Ham3on ].

والله المسؤول أن يرزقنا وإياكم الإخلاص والمعونة, وأن يجعلنا من المتحابين في جلاله, ومن أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله تعالى خيرا وبارك بعملكم وتقبله منكم .
 
الحلقـــ(1)ـــة: قوله تعالى: ((الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ)) [الفاتحة:1].

قال الشيخ العثيمين رحمه الله:
(الرحمن) صفة للفظ الجلالة؛ و (الرحيم) صفة أخرى؛ و (الرحمن) هو ذو الرحمة الواسعة؛ و (الرحيم) هو ذو الرحمة الواصلة؛ فـ (الرحمن) وصفه؛ و (الرحيم) فعله؛ ولو أنه جيء بـ "الرحمن" وحده، أو بـ "الرحيم" وحده لشمل الوصف، والفعل؛ لكن إذا اقترنا فُسِّر (الرحمن) بالوصف؛ و (الرحيم) بالفعل..

ومن فوائد الآية الكريمة:
1-إثبات هذين الاسمين الكريمين:
(الرحمن الرحيم) لله عزّ وجلّ؛ وإثبات ما تضمناه من الرحمة التي هي الوصف، ومن الرحمة التي هي الفعل..

. 2 ومنها: أن ربوبية الله عزّ وجلّ مبنية على الرحمة الواسعة للخلق الواصلة؛ لأنه تعالى لما قال:
(رب العالمين) كأن سائلاً يسأل: "ما نوع هذه الربوبية؟ هل هي ربوبية أخذ، وانتقام؛ أو ربوبية رحمة، وإنعام؟ " فقال تعالى: (الرحمن الرحيم).


______
*تفسير العثيمين: (1/ 11).



ملاحظة: أعتذر عن التأخر في طرح الحلقات بسبب العطل العارض في الملتقى.
 
الحلقـــ(2)ـــة: قوله تعالى: ((ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ)) [البقرة:2].

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
*من فوائد الآية: بيان علو مرتبة القرآن لقوله:
(ذلك الكتاب) فأشار إليه إشارة البعيد مع قربه, فإنه بين أيدينا؛ إشارة إلى علو مرتبته, وهو والله أعلى مراتب القول, كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلن في كل جمعة على المنبر: "إن خير الحديث كتاب الله".

*ومن فوائدها: أنه لا يجوز لأحد أن يرتاب في هذا القرآن, وأن القرآن ليس محلًا للريبة, والمعنى الأول "لا يجوز لأحد أن يرتاب في القرآن" على تقدير أن النفي هنا بمعنى النهي, والثاني: "أن القرآن ليس محلًّا للريبة" على تقدير أن
(لا) نافية, والمعنى أن القرآن لا ريب فيه و لا إشكال فيه.


______
*التسجيل الصوتي لتفسير سورة البقرة: الدرس الأول.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين أما بعد جزاكم الله تعالى خيرا الاستاذة خادمة الفرقان على هذه المبادرة المتميزة وارجو من حضرتكم السماح لي بالملاحظات التالية :
1- لم تذكري حضرتك طبعة تفسير الشيخ رحمه الله تعالى في الحلقة 1 والاحالة كانت الى 11/1 والذي عندي وهي طبعة ابن الجوزي 5/1 .
2- وكذلك في الحلقة الثانية لم تذكري مصدر التسجيل الصوتي مثلا من موقع مؤسسة الشيخ رحمه الله تعالى ام من مصدر آخر .
3- في الحلقة الثانية نقلت حضرتك من كلام الشيخ الفائدة الثانية وهي : (
ومن فوائدها: أنه لا يجوز لأحد أن يرتاب في هذا القرآن, وأن القرآن ليس محلًا للريبة, والمعنى الأول "لا يجوز لأحد أن يرتاب في القرآن" على تقدير أن النفي هنا بمعنى النهي, والثاني: "أن القرآن ليس محلًّا للريبة" على تقدير أن (لا) نافية, والمعنى أن القرآن لا ريب فيه و لا إشكال فيه ) وهذه تحتاج الى توضيح وبيان والله تعالى اعلم .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين أما بعد جزاكم الله تعالى خيرا الاستاذة خادمة الفرقان على هذه المبادرة المتميزة وارجو من حضرتكم السماح لي بالملاحظات التالية :
1- لم تذكري حضرتك طبعة تفسير الشيخ رحمه الله تعالى في الحلقة 1 والاحالة كانت الى 11/1 والذي عندي وهي طبعة ابن الجوزي 5/1 .
2- وكذلك في الحلقة الثانية لم تذكري مصدر التسجيل الصوتي مثلا من موقع مؤسسة الشيخ رحمه الله تعالى ام من مصدر آخر .
3- في الحلقة الثانية نقلت حضرتك من كلام الشيخ الفائدة الثانية وهي : (
ومن فوائدها: أنه لا يجوز لأحد أن يرتاب في هذا القرآن, وأن القرآن ليس محلًا للريبة, والمعنى الأول "لا يجوز لأحد أن يرتاب في القرآن" على تقدير أن النفي هنا بمعنى النهي, والثاني: "أن القرآن ليس محلًّا للريبة" على تقدير أن (لا) نافية, والمعنى أن القرآن لا ريب فيه و لا إشكال فيه ) وهذه تحتاج الى توضيح وبيان والله تعالى اعلم .

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
حياكم الله أستاذ البهيجي..
أما تفسير الشيخ فهو الطبعة الأولى من دار ابن الجوزي, وبحسب المكتبة الشاملة فالترقيم موافق للمطبوع.
وأما التسجيل الصوتي فهو من قناة الشيخ بن عثيمين على اليوتيوب, وهي تابعة لمؤسسته رحمه الله.
وأما الفائدة, فلم تبين لي وجه الاستشكال فيها, بارك الله فيكم.
 
الحلقـــ(3)ـــة: قوله تعالى: (( لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ)) [البقرة:285].
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
قوله تعالى:
(لا نفرق بين أحد من رسله)؛ هنا التفات من الغيبة إلى التكلم؛ ومقتضى السياق لو كان على نهج واحد لقال: «لا يفرقون بين أحد من رسله» ؛ ولكنه تعالى قال: (لا نفرق)؛ وفائدة الالتفات هي التنبيه؛ لأن الكلام إذا كان على نسق واحد فإن الإنسان ينسجم معه، وربما يغيب فكره؛ وأما إذا جاء الالتفات فكأنه يقرع الذهن يقول: انتبه!
والالتفات هنا من الغيبة إلى التكلم له فائدة زائدة على التنبيه, وهي أن يقول هؤلاء المؤمنون:
(لا نفرق) بقلوبنا، وألسنتنا (بين أحد من رسله)؛ فالكل عندنا حق؛ فمحمد صلى الله عليه وسلم صادق فيما جاء به من الرسالة، وعيسى بن مريم -عليه السلام- صادق، وموسى -عليه السلام- صادق، وصالح -عليه السلام- صادق، ولوط عليه السالم صادق، وإبراهيم عليه السلام صادق ... وهكذا؛ لا نفرق بينهم في هذا الأمر, أي في صدق رسالتهم، والإيمان بهم؛ ولكن نفرق بينهم فيما كلفنا به: فنعمل بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم؛ وأما شريعة أولئك فعلى ما ذكرنا من الخلاف.

______

*تفسير العثيمين ط1 - دار ابن الجوزي: (3/ 446).
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين اما بعد قالت الست خادمة الفرقان : (
وأما الفائدة, فلم تبين لي وجه الاستشكال فيها, بارك الله فيكم. ) وهنا مسألة ارجو منك توضيحها هل تقبلين أن أقوم بالتعليق المباشر على كلامك لكي لا يكون كلامي بصيغة الخلاف مع ما تكتبين ؟ اذا كان الجواب : نعم ، فإني سألتزم بما وعدت إن شاء الله تعالى ، وإذا كان الجواب : لا ،
فأرجو منك أن توضحي معنى كلام الشيخ رحمه الله تعالى لإنه يستخدم مثلا مصطلحات بلاغية لا يعرفها المبتدؤون أو يذكر إشارات نحوية ينبغي الإشارة لها ، وهكذا .
والله تعالى أعلم .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين اما بعد قالت الست خادمة الفرقان : (
وأما الفائدة, فلم تبين لي وجه الاستشكال فيها, بارك الله فيكم. ) وهنا مسألة ارجو منك توضيحها هل تقبلين أن أقوم بالتعليق المباشر على كلامك لكي لا يكون كلامي بصيغة الخلاف مع ما تكتبين ؟ اذا كان الجواب : نعم ، فإني سألتزم بما وعدت إن شاء الله تعالى ، وإذا كان الجواب : لا ،
فأرجو منك أن توضحي معنى كلام الشيخ رحمه الله تعالى لإنه يستخدم مثلا مصطلحات بلاغية لا يعرفها المبتدؤون أو يذكر إشارات نحوية ينبغي الإشارة لها ، وهكذا .
والله تعالى أعلم .

حياكم الله أستاذ البهيجي.
نعم المجال مفتوح لكم, ولكل من أراد إثراء المادة المطروحة.

وجزيتم خيرًا..
 
الحلقـــ(4)ـــة: قوله تعالى: (( لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ)) [التوبة:108].

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
قال تعالى:
((لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ)), فإنّ المشهور أنه مسجد قبا, على أن القول الراجح أنه يعم مسجد قبا, والمسجد النبوي؛ لأن المسجد النبوي أسس من أول يوم على التقوى فهو داخل, لكن لما كان بعد قوله: ((وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا)) [التوبة:107], عُرِف أن المراد به في الآية مسجد قبا, ولكن يدخل به المسجد النبوي من باب الأولى.
لكن هل تضاعف الصلاة فيه؟
الجواب: لا, لا تضاعف من أجل نفس المكان, لكن من خرج من بيته متطهرًا, وصلّى فيه ركعتين كان كمن أدّى عمرة, من هذا يكون له مزية, أما نفس المكان فلا يتضاعف فيه الثواب*.

______

*شرح اقتضاء الصراط المستقيم للعثيمين: ص139.
 
الحلقـــ(5)ـــة: أنواع النفوس في القرآن.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
النفوس التي جاءت في القرآن وُصفت بثلاثة أوصاف:
النفس المطمئنة في قوله تعالى:
(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةَ*ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً)[الفجر:27].
والأمارة بالسوء في قوله تعالى: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) [يوسف:53].
وباللوامة في قوله تعالى: (وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) [القيامة:2].
وأما المطمئنة والأمارة بالسوء فهما متباينتان؛ لأن المطمئنة تأمر بالخير وتنهى عن الشرّ, والأمارة بالسوء تأمر بالشر وتنهى عن الخير.
واللوامة: الصحيح أنها وصف للنفسين جميعًا, فالأمارة بالسوء تلومك إذا فعلت الخير, وتركت السوء, والمطمئنة تلومك إذا فعلت السوء وتركت الخير.
فالصواب أن اللوامة وصف يكون للنفسين جميعًا للأمارة بالسوء وللمطمئنة*.


___
*شرح أصول في التفسير للعثيمين_ ط1 _ دار ابن الجوزي: ص120.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
بالنسبة للحلقة الاولى :


الحمد لله رب العالمين اما بعد في نسخة التفسير التي عندي لم أجد الفقرة التالية : ا(
لرحمن) صفة للفظ الجلالة؛ و (الرحيم) صفة أخرى؛ و (الرحمن) هو ذو الرحمة الواسعة؛ و (الرحيم) هو ذو الرحمة الواصلة؛ فـ (الرحمن) وصفه؛ و (الرحيم) فعله؛ ولو أنه جيء بـ "الرحمن" وحده، أو بـ "الرحيم" وحده لشمل الوصف، والفعل؛ لكن إذا اقترنا فُسِّر (الرحمن) بالوصف؛ و (الرحيم) بالفعل..

انما الموجود هو : الرحمن : أي ذو الرحمة الواسعة ولهذا جاء على وزن فعلان الذي يدل على السعة .
الرحيم : أي الموصل للرحمة من يشاء من عباده ، ولهذا جاءت على وزن فعيل الدال على وقوع الفعل .

ان الفوائد المذكورة وهي :


الفائدة الاولى : هو تكرار للكلام ، والثانية : تتعلق بقوله تعالى الحمد لله رب العالمين .

ورغم ذلك فأنا أبارك للست الكاتبة سعيها للاختصار وتقييد الفوائد وأرجو أن توضح الاختصار الذي تقوم به فإنها ذكرت ما نصه : قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى ولكن لم أجد ما قاله والله تعالى اعلم .
 
حياكم الله أستاذ البهيجي..
ما نقلتموه موجود عندي في تفسير الشيخ للبسملة, وما نقلته أنا هو تفسير آية الفاتحة.
وفي الحقيقة أني لم أختصر شيئًا من كلام الشيخ, وإنما نقلته بنصه, وإن اختصرت أو تصرفت في أي نصّ فسأنبه بقولي: (يُنظر).
 
الحلقـــ(6)ـــة: (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الأنفال:64].

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
(من) هنا معطوفة على الكاف في: (حسبك), وليست معطوفة على لفظ الجلالة: (الله), وهذا متعين, ولا يمكن أن يكون المتبعون للرسول صلى الله عليه وسلم حسبًا للرسول؛ لأن هذا يتضمن أن يكونوا أعلى درجة من الرسول عليه الصلاة والسلام.
أما قوله تعالى:
(هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) [الأنفال:62].
فواضح أن الله نصره بنصره الذي لا قدرة لأحد فيه, كما نصره في الأحزاب وبدر, ونصره أيضًا بالمؤمنين كما نصره في حنين حينما تولى أكثر الصحابة ثم دعاهم فعادوا؛ فصارت النتيجة ولله الحمد أن الله نصره.
الخلاصة: نصر الله تعالى إياه بالمؤمنين جائز, وكون المؤمنين حسبًا للرسول صلى الله عليه وسلم غير جائز*.

___

*شرح اقتضاء الصراط للعثيمين: ص718.
 
الحلقـــ(7)ـــة: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) [ص:29].

قال العثيمين رحمه الله:
(كتاب أنزلناه إليك مبارك) فالقرآن مبارك في أثره وتأثيره, وأجره وثوابه, أما أجره وثوابه فإن من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات, وأما تأثيره فإن الله بين أنه لو أنزله على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله.
وأما آثاره فما حصل للأمة الإسلامية من النصر المبين والفتح العزيز الذي يشهد به كل أحد, ثم ما يحصل به من صلاح القلوب وإقبال العبد على ربه وتليين القلب لذكر الله.
قال ابن عبد القوي:
وحافظ على درس القرآن فإنه ** يُليّن قلبًا قاسيًا مثل جلمد
وصدق رحمه الله, الذي يقرأ القرآن بحضور قلب وتدبر لا شك أنه يتأثر به تأثيرًا عظيمًا.
وقوله:
(ليدبروا آياته) هذا بيان للحكمة من إنزاله أن تتدبر آياته, لا أن تقرأه بدون تدبر ولا تفهم معناه؛ لأننا لو قرأناه هكذا ما استفدنا منه, أي فائدة لألفاظ ترددها وأنت لا تعرف معناها ولا تتدبرها؟
لا فائدة..
الحكمة الثانية: قال:
(وليتذكر أولوا الألباب) تدبر الآيات مطلق, والتذكر خاص بأُولي الألباب العقلاء؛ لأنه كم من إنسان يعرف معنى القرآن ويتدبره ويستنتج منه الفوائد العظيمة لكن لا يتذكر.
فلا يتذكر إلا أولو الألباب, والألباب هي العقول.
فذكر الله هذا الكتاب العظيم, ووصفه بأنه مبارك وبين الحكمة من إنزاله وهي تدبر الآيات, والثاني التذكر*.


___
*انظر: شرح أصول التفسير للعثيمن: ص132.
 
الحلقـــ(8)ـــة: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [آل عمران: 31].
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
هذه الآية تُسمّى آية المحنة؛ يعني: الاختبار؛ لأنه ادَّعى قوم أنهم يحبون الله؛ فقال الله للرسول صلى الله عليه وسلم :
(قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي) هذه علامة محبة الإنسان لربه أن يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم, وكل من كان للرسول صلى الله عليه وسلم أتبع كان لله أحب, لكن انظر الثمرة, قال: (يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ), وهذه الثمرة العظيمة التي ينشدها كل إنسان , فحقيقة أنك تحب الله ليس ككون الله يحبك؛ ولهذا قال: (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ), فإذا كنت تنشد محبة الله وتحبها فعليك باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم .
وهل يمكن أن نأخذ من هذه الآية أن دعوى أصحاب البدع محبة الرسول صلى الله عليه وسلم يكذبها فعلهم؟
الجواب: نعم؛ لأننا نقول: لو كنتم تحبون الرسول صلى الله عليه وسلم حقًّا لاتَّبعتموه, ولو كنتم تحبون الله حقًّا لاتَّبعتم رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولهذا ما أيسر كسر عود هؤلاء الذين يقولون أنتم لا تقيمون المولد للرسول صلى الله عليه وسلم, ولا تأتون بالسجع الطويل العريض في الصلاة عليه ومدحه؛ فأنتم لا تحبونه.
فنقول: سبحان الله! أينا أحقّ بالمحبة؛ الذي يتبع سنته ولا يتعداها, أو الذي يأتي بما حذّر منه من البدع؟
لا شكّ أنه الأول*.


___

*يُنظر: شرح اقتضاء الصراط المستقيم للعثيمين: ص722.
 
الحلقـــ(9)ـــة: (لَاخَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء:114].

قال العثيمين-رحمه الله-:
مشروعية الإصلاح بين الناس, وهو من أفضل الأعمال, فإن الإصلاح بين الناس فيه الأجر؛ لتعدي نفعه, قال الله تعالى:
(لاخَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا), فهو خير حتى وإن لم يَنْوِ الإنسان القُربة من الله تعالى؛ ولهذا قال:( وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا), ففرَّق الله تعالى بين من يفعل هذا الشيء؛ لأنه يحب الإصلاح بين الناس, وبين شخص يريد بذلك ابتغاء وجه الله*.


___

*التعليق على صحيح البخاري للعثيمين: 4/399.
 
الحلقـــ(10)ـــة: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران:8].

قال العثيمين رحمه الله :
إذا استقامت القلوب ولم تمِل استقامت الجوارح عقيدةً وقولًا وعملًا.
وقوله:
(بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا), هذه الجملة لا يُراد بها الافتخار؛ وإنما يُراد بها التوسل بالنعم السابقة إلى النعم اللاحقة, فكأنهم يقولون: "ربنا إنك مننت علينا بالهداية أولًا, فنسألك أن تمنّ علينا بثبوت الهداية, فلا تزغها", فيكون في هذا الدعاء :
ثناء على الله عزّ وجلّ بالهداية السابقة, وتوسل بنعمه السابقة إلى نعمه اللاحقة, وأنه عزّ وجلّ أهلٌ للفضل والإنعام*.






___

*تفسير سورة آل عمران_ الدرس الثالث من دروس التفسير الصوتية على قناة الشيخ في اليوتيوب.
 
الحلقـــ(11)ـــة: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) [البقرة:45], (أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة:157]

قال العثيمين رحمه الله :

قال عمر رضي الله عنه: "نعم العدلان ونعم العلاوة".
العدلان في قوله:
(أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ), والعلاوة في قوله: (وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
وفي هذه الآية: دليل على ضعف قول من فسَّر الصلاة من الله عز وجل بأنها الرحمة؛ ووجه ذلك أن العطف يقتضي المغايرة.
وقوله تعالى:
(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ), أي استعينوا على المصائب بالصبر عليها والصلاة, لكن المراد حقيقةً: الصلاة التي تكون صلة بيين العبد وبين الله, بحيث يخشع قلبه, ويشعر بأنه يناجي الله, فإنه بذلك ينسى المصيبة, أما الصلاى الحركية فقط فهذه قد لا تفيد الإنسان, ولذلك لو أن إنسانًا صلَّى عند المصيبة, ولم يستفد منها, فليست العلة بالدواء, ولكن العلة بالمحل, لم يقبل الدواء؛ لأننا نعلم أنه لو صلَّى الصلاة الحقيقية لاستفاد منها, لكنّه لم يُصَلِّ الصلاة التي يكون لها هذا الأثر العظيم, وهو نسيان المصيبة, ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
وعُلِم من هذا أن الإنسان يُصلِّي عند المصيبة, ولو كان في وقت النهي؛ لأنها تُعين الإنسان على الصبر*.




___
*التعليق على صحيح البخاري_للعثيمين: 4/ 595.
 
الحلقــ(12)ـــة: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ) [الإسراء:85].

قال العثيمين رحمه الله :
سأل اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح, وكذلك ورد أن قريشًا سألوه عن الروح.
والمراد بالروح هنا: النفس التي في الإنسان.
ماهي هذه الروح؟ التي إن كانت في البدن صار حيًّا, متكلمًا, سميعًا, بصيرًا, وإذا خرج من البدن صار جثةً هامدة, ماهي هذه الروح؟
وحقيقة أنها تبهر العقول, فقال الله عزّ وجلّ:
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) يعني من أمر الله التي لا يمكن أن يُطلع عليها إلا عن طريق الوحي, ثم قال: (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ), وهذا التبكيت لهم كأنه قال: ما بقي عليكم من العلم إلا أن تعرفوا الروح؟! (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ), يعني إن لم يكن بقي عليكم إلا الروح فممكن أن تسألوا عنها, لكن أكثر العلم فاتكم, ما أوتيتم من العلم إلا قليلا, وصدق الله عزّ وجلّ, علمنا قليل محدود لا بالشرع ولا بالواقع, ولا بما في السموات,ولا بما في الأرض, محدود,فكيف نذهب ونسأل عن الروح..؟!*.

___

* شرح أصول التفسير للعثيمين: ص161.
 
الحلقــ(13)ـــة: (لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [فاطر: 28].
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
لو أنزلنا هذا القرآن على جبل, والجبل كما تعلمون أصم صلب شديد
(لَّرَأَيْتَهُ) حين نزول القرآن عليه (خَاشِعًا) أي ذليلًا متصدعًا متفتتًا, من أي شيء؟ (مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) فــ"مِنْ" هنا للسببيّة؛ أي بسبب خشية الله عزّ وجلّ.
هذا وهو جبل أصمّ صلبٌ شديد, فكيف بالقلوب؟!
ولهذا إذا قرأت القرآن ولم تشعر بأن قلبك لَانَ, فاعلم أنه أشدّ قسوة من الحجارة. لماذا؟
لأن الحجارة تلين وتخشع, والقلب الذي لا يلين ولا يخشع أشد قسوة من الحجارة.
فنسأل الله أن يُليّن قلوبنا بذكره.
وقوله:
(مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) أي من خوفه, لكن الخشية خوف مقرون بعلم؛ لقوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) [فاطر: 28].
(وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ) أفادنا الله عزّ وجلّ بأن هذا ضرب مثل, وأن الأمثال يضربها الله تعالى للناس (لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) أي لأجل أن يتفكروا, وما أكثر الأمثال في القرآن الكريم.
وهنا فائدة أصولية: كل مثل في القرآن فهو إثبات للقياس؛ لأن المقصود به انتقال الذهن من هذا إلى هذا, وعليه فأدلة القياس في القرآن كثيرة جدًا؛ لأن الأمثال في القرآن كثيرة*.


___
*شرح أصول التفسير للعثيمين: ص135.
 
الحلقــ(14)ـــة: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا) [الأعراف:180].
قال العثيمين رحمه الله :
قوله تعالى:
(فَادْعُوهُ بِهَا) فالدعاء: دعاء مسألة, ودعاء عبادة؛ أما دعاء المسألة فأن يقول الإنسان مثلًا:
"يا ربّ اغفر لي" هذا سؤال.
أما دعاء العبادة؛ كأن يُصلي أو يصوم أو يتصدق, ووجه تسمية العبادة دعاءً: أن العابد إنما يُريد نوالًا, فهو داعٍ بلسان الحال؛ فلو سألت أيَّ إنسان يعبد الله: لماذا تعبُدُ الله؟ لقال: أرجو ثواب الله وأخاف عقاب الله؛ وعليه فتكون العبادة دعاءً بلسان الحال؛ إذن "ادعوه بها" دعاء مسألة ودعاء عبادةٍ.
ودعاء المسألة: أن تُقدِّم الاسم الكريم أمام مطلوبك, أو تختم مطلوبك به, فتعليم النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه أن يدعو في صلاته فيقول: "فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني, إنك أنت الغفور الرحيم", وهذا دعاء الله تعالى بأسمائه بعد المطلوب.
أما دعاء العبادة فأن تتعبد لله بمقتضى هذه الأسماء الكريمة, إذا علمت أنه "رحيم" تتعرض لرحمته, إذا علمت أنه "غفور" تتعرض لمغفرته..وإذا علمت أن من أسمائه "السميع" تتعبد إلى الله عزّ وجلّ بهذا الاسم بأن تُراقب الله تعالى, فلا تقول قولًا يغضب الله عزّ وجلّ..وهلم جرا.

___

*شرح اقتضاء الصراط المستقيم للعثيمين: ص761.
 
الحلقــ(15)ـــة:(إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) [الإسراء:9].
قال العثيمين رحمه الله :
(إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) يعني للخصلة التي هي أقوم, ولم يقل القيمة, بل قال: (لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ), إذن فكل خلق فالقرآن يهدي لأعلاه, وكل معاملة حسنة فالقرآن يهدي لأحسنها, وكل عبادة مستقيمة فالقرآن يهدي لأقومها, وهلم جرا.
وفيه إشارة إلى أن الدين الإسلامي يبدأ بالأهم فالأهم والأصلح فالأصلح, ويدفع الأسوء بالسيئ؛ لأن السيئ بالنسبة للأسوأ أقوم؛ لكونه أخف.
فهذه العبارة تُشير إلى أن القرآن يهتم بالأهم فالأهم, والأحسن فالأحسن والأصلح, وعليه فإذا تعارض عندك عملان لا تتوقف, فإذا كان أحدهما أنفع من الآخر, نأخذ بالأنفع؛ لأن القرآن يهدي للتي هي أقوم.

___

*انظر: شرح أصول التفسير للعثيمين: ص134.
 
هذا ما تيسر إعداده..
نفعنا الله وإياكم بالقرآن وجعلنا ممن يقيم حدوده وحروفه على الوجه الذي يرضيه عنا..
وتقبل منا ومنكم صالح القول والعمل, جعلنا من عتقائه من النار في هذا الشهر المبارك..

والحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
 
عودة
أعلى