لطيفة تفسيرية لغوية .

إنضم
24 مارس 2020
المشاركات
109
مستوى التفاعل
11
النقاط
18
الإقامة
الجزائر
قال الضّحاك: الدرج: إذا كان بعضها فوق بعض، والدرك: إذا كان بعضها أسفل بعض. وقال ابن فارس: الجنة درجات والنار دركات. يراجع: زاد المسير لابن الجوزي: 490/1. ومقاييس اللغة لابن فارس: 269/2.
 
جميلة جداً

إذا كان النزول للأسفل كالنزول للقبو أو السرداب فنسميه (درك)

وإذا صعدنا للأعلى مثل الدور الثاني نسميه (درج)

:)
 
قوْلٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَ لَا يُأْخَذُ

هُنالِكَ آيَةٌ تُبْطِلُ قَوْلَكَ هَذَا



يَقولُ تعالى في الأَنْعامِ



" أُولَٰئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا... "



أُنْظُرْ كَلِمَةَ دَرَجَاتٍ



فَلَوٍ إِتَّبَعْنَا قَوْلَكَ لظَنَنَّا أَنَّهُ تَعالَى يَتَكَلَّمُ هُنَا عنِ الجَّنَّةِ بَيْدَ أَنَّهُ في الحَقٍيقَةِ يَتَكَلَمُ عَنِ النَّارِ



إِنْ شَكَكْتَ فِي كَلَامِي أُنْظُرْ الآيَاتِ قَبْلَهَا وَ بَعْدَهَا و السِّيَاقَ



فَكَلِمَةُ "لِكُلٍّ" أَتَتْ لِلجَمْعِ إِمَّا دَرَجاتُ الجّنَّةِ و دَرَجاتُ النَّارِ

و إمَّا "لكُلٍّ" أَتَتْ لِْلْكَلَامِ عَنْ الخَاسِرينَ الذِّينَ ذَكَرَهُمْ في آخِر الآيَةِ السَّابٍقَةِ

و في كِلْتَا الحَالَتَيْنِ الآيَةُ تُبْطِلُ قَوْلَكَ هَذَا



أَمّأ نَحْوِيًّا فَمَنْ أَقْنَعَكَ بِهَذا الرَّأْيِ فَقَدْ إِسْتَغَلَّ فيكَ شَيْئَيْنِ هُمَا لينًا فِي دِينِكَ لَأَنَّكَ تَقْبلُ الآرَاءَ دُونَ أَسَانيدَ وَ حُجَجٍ وَ إِسْتَغَلَّ نَقْصًا أَوْ ضَعْفًا في عِلْمِكَ بالنَّحْوِ



فَمَنْ يَقُولُ لَكَ سَمِعْنَا و قَالُوا و أُخْبِرْنَا دُونَ سَنَدٍ يُسَمَّى هَرْيًا و بُهْتَانًا رَحِمَ اللهُ البُخَاريَّ و مُسْلِمًا



إِبْنُ الجُوزِيِّ فِي زَادِ المَسِيرِ نَسَبِ القَوْلَ لِإِبْنِ فَارسَ لَيَتَوَكَّأَ عَلَيْهِ نَحْوِيًّا و القَوْلُ نَقَلَهُ أيضًا إِبْنُ تَيْميَّةَ فِي مَجْمُوعِ الفَتَاوِي و كتَابِ الإِيمَانِ وَ إِتَّبَعَهُ البَعْضُ

و أَصْلُ القَوْلِ لَيْسَ إِجْتِهَادًا مِنْ إِبْنِ فَارسَ بَلْ مأْخُوذٌ و مُبَدَّلٌ منْ قوْلٍ لَأَبِي مَنْصُورٍ الأَزْهَرِيِّ مْنْ كِتَابِهِ تَهْذِيبِ اللُّغَةِ يَذْكُرُ فيهِ " الدَّرَجَاتُ ضِدُّ الدَّرَكَاتِ, الدَّرَجَاتُ مَنَازِلُ وَ مراقٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ و الدَّرَكَاتُ بَعْضُها تَحْتَ بَعْضٍ"



وهذَا قَوْلٌ أَظَنُّ أَنَّ الأَزْهَريَّ أَرَادَ أَنْ يَسْتَهْزِأَ بِهِ منَ النَّاسِ فقَوْلُهُ الدَّرَجَاتُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ غَريبٌ



فَكَذَلِكَ الدَّرَكَاتُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ



أَمَّا القَوْلُ أَنَّ العَرَبَ تُطْلِقُ: " الدَّرَكَ " عَلَى كُلِّ مَا تَسَافَلَ، كَمَا تُطْلِقُ: " الدَّرَجَ " عَلَى كُلِّ مَا تَعَالى

لَا أَعْرِفُ بالضَّبْطِ مَنْ جَاءَ بهَذَا القَوْلِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ و لَمْ نَجِدْ عَلَيْهِ دَليلًا و لَا إِجْماعًا و لَمْ نَجِدْهُ في كُتُبِ الأَوَّلِينَ



و هُوَ مُضْحِكٌ

فَكُلُّ مَا تَعَالى تَسَافَلَ و كُلُّ شَيْءٍ عَالٍ لَهُ أَسْفَلٌ

كَمَا لأَنَّ لُكلِّ وَجْهٍ قِفًا و لِكُلِّ قُبُلٍ دُبُرٌ

و الأَعْلَى و الأَسْفَلُ كُلُّها مِنَ الأَضْدَادِ



أَمَّا الحَقِيقَةُ فَهِيَ أَنَّ الدَّرَجَةَ تَعْنِي المَنْزِلَةَ و المَرْتَبَةَ

و الدَّرَكَاتُ تَعْنِي المَنَازِلَ و َالمَرَاتِبَ

يَعْني لَهُمَا نَفْسُ المَعْنَى



يَكْفِيكَ أَنْ تَنْظُرَ يَوْمًا في كِتَابِ القَلْبِ و الإِبْدَالِ لإِبْنِ السِّكّيتِ لَتَعْلَمَ أَنَّ هُنَالِكَ كَلِمَاتٌ تَتَشارَكُ في المَعْنَى إذَا بَدَّلْنَا حَرْفًا بِحَرِْفٍ و يُسَمَّى الإِبْدَالُ و أٌخْرَى تَتَشَارَكَ في المَعْنَى إِذا بَدَّلْنَا مَواَقِعَ وَ مَنَازِلَ الحُرُوُفِ و يُسَمَّى القَلْبُ

و كتابُ غَرَائبِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ لِرَفَائِيل نَخْلَة اليَسُّوعِيِّ

و كتابُ النَّوادِرِ لِأَبُو مسحل الأَعْرابيِّ



و التَّفْضيلُ في الجَنَّةِ وَ النَّارِ لَيْسَ مَشْرُوطًا بِالإِرْتِفَاعِ وَ النُّزُولِ فَلَا دَليلَ لَنَا أَنَّ قَعْرَ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرَارَةً وَ عَذَابًا مِنْ أَعْلَاهَا



نَعَمْ هُنَالِكَ دَرَجَاتٌ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ العِبادُ عَلَى نَفْسِ الإِرْتِفَاعِ و المُسْتَوَى لَكِنْ يَكُونُ الجَزاءُ أَوِ العِقَابُ مُخْتَلِفَيْنِ

 
ما كتبه الأخ عبدالله بن بشر عجيب غريب ليس له صلة بالعلم وإنما له صلة بالتعالم المذموم.


نقل ابن منظور في لسان العرب :
والدَّرْكُ والدَّرَكُ: أَقصى قَعْر الشيء، زاد التهذيب: كالبحر ونحوه.
شمر: الدَّرَكُ أَسفل كل شيء ذي عُمْق كالرَّكِيَّة ونحوها.
وقال أَبو عدنان: يقال أَدْرَكوا ماء الرَّكيّة إِدراكاً، ودَرَك الرَّكِيَّة قعرها الذي أُدرِكَ فيه الماء، والدَّرَكُ الأَسفل في جهنم، نعوذ بالله منها: أَقصى قعرها، والجمع أَدْرَاك.

ودَرَكاتُ النارِ: منازل أَهلها،
والنار دَرَكات والجنة درجات،
والقعر الآخر دَرْك ودَرَك،
والدَّرَك إلى أَسفل والدَّرَجُ إلى فوق، وفي الحديث ذكر الدَّرَك الأسفل من النار، بالتحريك والتسكين، وهو واحد الأَدْراك وهي منازل في النار، نعوذ بالله منها.
التهذيب: والدَّرَكُ واحد من أَدْرَاك جهنم من السبع، والدَّرْكُ لغة في الدَّرَك.
الفراء في قوله تعالى: إن المنافقين في الدَّرْك الأَسفل من النار،‏

يقال: ‏أَسفل دَرَجِ النار.
ابن الأَعرابي: الدَّرْك الطَّبَقُ من أَطباق جهنم، وروي عن ابن مسعود أَنه، قال: الدَّرْكُ الأَسفل توابِيتُ من حديد تصَفَّدُ علهيم في أَسفل النار؛

قال أَبو عبيدة: جهنم دَرَكاتٌ أَي منازل وأَطباق، وقال غيره: الدَّرَجات منازل ومَرَاقٍ بعضها فوق بعض، فالدَّرَكات ضد الدَّرَجات.


انتهى النقل .

فكل هذا واضح جداً عند أهل اللغة والتفسير أن الدرجات تقال لكل ذي طبقات سواء كان للأعلى أو لغيره، ولكنها تطلق بشكل خاص في بعض السياقات على الدرجات للأعلى وفيها معنى التكريم والتشريف.

والدركات بخلاف ذلك .
 
بارك الله فيك أخي عبد الرحمان على الرّدّ
و لكن و لو تفضّلتم أن تبيّنوا لنا ماذا أراد الله بقوله في الآية المذكورة أعلاه خاصّة قوله لكل منهم درجات ؟
هل يتكلم عن الجنّة لأنّه كما قيل في المنشور بأن الدرجات في الجنّة
او أنّه تعالى يتكلّم عن الجميع الجنة و النّار
او أنّه يتكلم عن درجات الخاسرين من أهل النّار
بارك الله فيكم
 
الاخ عبدالله ، لا يوجد اي اختلاف
قوله تعالى في الاية " وَلِكُلࣲّ دَرَجَـٰتࣱ مِّمَّا عَمِلُوا۟ۖ وَلِیُوَفِّیَهُمۡ أَعۡمَـٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ﴾ [الأحقاف ١٩]. درجات هنا بمعنى منازل باعتبار أن منازل النار و منازل الجنة درجات (إلا منزلة واحدة و الله أعلم)
فبهذا فإن كل منزلة درجة لان كل منزلة هناك من أسفل منها منزلة.


و لكن حين يقارن منازل النار بمنازل الجنة فإن منازل النار دركات و منازل الجنة درجات
 
تعقيب على كلام الأخ عبدالله:
أولاً: تقول: (يَقولُ تعالى في الأَنْعامِ) الآية في الأحقاف وليست الأنعام.
ثانياً: قولك: (أُنْظُرْ كَلِمَةَ دَرَجَاتٍ
فَلَوٍ إِتَّبَعْنَا قَوْلَكَ لظَنَنَّا أَنَّهُ تَعالَى يَتَكَلَّمُ هُنَا عنِ الجَّنَّةِ بَيْدَ أَنَّهُ في الحَقٍيقَةِ يَتَكَلَمُ عَنِ النَّارِ
إِنْ شَكَكْتَ فِي كَلَامِي أُنْظُرْ الآيَاتِ قَبْلَهَا وَ بَعْدَهَا و السِّيَاقَ
فَكَلِمَةُ "لِكُلٍّ" أَتَتْ لِلجَمْعِ إِمَّا دَرَجاتُ الجّنَّةِ و دَرَجاتُ النَّارِ
و إمَّا "لكُلٍّ" أَتَتْ لِْلْكَلَامِ عَنْ الخَاسِرينَ الذِّينَ ذَكَرَهُمْ في آخِر الآيَةِ السَّابٍقَةِ
و في كِلْتَا الحَالَتَيْنِ الآيَةُ تُبْطِلُ قَوْلَكَ هَذَا).

وأنت هنا ذكرت احتمالين لا ثالث لهما وذلك غير صحيح، فلو رجعت لتفاسير العلماء لعرفت أن هناك احتمال ثالث وهو ما ذكره الواحدي في البسيط: "قوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾ ذكر ابن عباس ومقاتل: أن هذه الآية خاصة في المؤمنين".
وقال الرازي في مفاتيح الغيب: "ثم قال: ﴿ولكل درجات مما عملوا﴾ وفيه قولان:
الأول: أن الله تعالى ذكر الولد البار، ثم أردفه بذكر الولد العاق، فقوله: ﴿ولكل درجات مما عملوا﴾ خاص بالمؤمنين، وذلك لأن المؤمن البار بوالديه له درجات متفاوتة، ومراتب مختلفة في هذا الباب".
بل الاحتمال الذي ذكرته أنت (بَيْدَ أَنَّهُ في الحَقٍيقَةِ يَتَكَلَمُ عَنِ النَّارِ
إِنْ شَكَكْتَ فِي كَلَامِي أُنْظُرْ الآيَاتِ قَبْلَهَا وَ بَعْدَهَا و السِّيَاقَ)
لم أجده إلا عند ابن كثير وأنا في شك من فهمي لكلامه لأن الأثر الذي ذكره ينفي كونها خاصة في النار. قال ابن كثير رحمه الله: "وقوله: ﴿ولكل درجات مما عملوا﴾ أي: لكل عذاب بحسب عمله، ﴿وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون﴾ أي: لا يظلمهم مثقال ذرة فما دونها.
قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: درجات النار تذهب سفالا ودرجات الجنة تذهب علوا."

وغالب أهل العلم قالوا بأن (لكل) لكلا الفريقين، وذكروا سبب ذكر درجات وفي الفريقين من هم من أصحاب النار، أن ذلك على سبيل التغليب.
وفي تعليلهم دليل على أن هناك فرق بين درجات ودركات كما ذكر الأخ: امحمد ربة.

ثالثاً: قولك: (فَمَنْ يَقُولُ لَكَ سَمِعْنَا و قَالُوا و أُخْبِرْنَا دُونَ سَنَدٍ يُسَمَّى هَرْيًا و بُهْتَانًا رَحِمَ اللهُ البُخَاريَّ و مُسْلِمًا).

وهذا عجيب!! وهل اللغة تُأخذ بالأسانيد؟؟ وهذا القول له لوازم خطيرة ليس هذا محل ذكرها
رابعاً: قولك: (أَمَّا القَوْلُ أَنَّ العَرَبَ تُطْلِقُ: " الدَّرَكَ " عَلَى كُلِّ مَا تَسَافَلَ، كَمَا تُطْلِقُ: " الدَّرَجَ " عَلَى كُلِّ مَا تَعَالى
لَا أَعْرِفُ بالضَّبْطِ مَنْ جَاءَ بهَذَا القَوْلِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ و لَمْ نَجِدْ عَلَيْهِ دَليلًا و لَا إِجْماعًا و لَمْ نَجِدْهُ في كُتُبِ الأَوَّلِينَ).

وهذا غريب جداً فشيخنا د. عبدالرحمن ذكر كلام أهل اللغة، وسوف أذكر كلام المفسرين في الآية التي استدليت بها، وكل ذلك ولم تجد في كتب الأولين شيء!!!!

وفي كلامك العديد من المغالطات ولو رددنا لطال الكلام ولكن نكتفي بما ذكر.

قلت: (بارك الله فيك أخي عبد الرحمان على الرّدّ
و لكن و لو تفضّلتم أن تبيّنوا لنا ماذا أراد الله بقوله في الآية المذكورة أعلاه خاصّة قوله لكل منهم درجات ؟
هل يتكلم عن الجنّة لأنّه كما قيل في المنشور بأن الدرجات في الجنّة
او أنّه تعالى يتكلّم عن الجميع الجنة و النّار
او أنّه يتكلم عن درجات الخاسرين من أهل النّار
بارك الله فيكم)

تفضل كلام أهل التفسير في معنى الآية:
قال الزمخشري في الكشاف: "وَلِكُلٍّ من الجنسين المذكورين دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا أى منازل ومراتب من جزاء ما عملوا من الخير والشر، ومن أجل ما عملوا منهما. فإن قلت: كيف قيل: درجات، وقد جاء:
الجنة درجات والنار دركات؟ قلت: يجوز أن يقال ذلك على وجه التغليب، لاشتمال كل على الفريقين وَلِيُوَفِّيَهُمْ وقرئ: بالنون تعليل معلله محذوف لدلالة الكلام عليه، كأنه قيل: وليوفيهم أعمالهم ولا يظلمهم حقوقهم: قدر جزاءهم على مقادير أعمالهم، فجعل الثواب درجات والعقاب دركات".
وقال الرازي في مفاتيح الغيب: "والقَوْلُ الثّانِي: أنَّ قَوْلَهُ: ﴿ولِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا﴾ عائِدٌ إلى الفَرِيقَيْنِ، والمَعْنى ولِكُلِّ واحِدٍ مِنَ الفَرِيقَيْنِ دَرَجاتٌ في الإيمانِ والكُفْرِ والطّاعَةِ والمَعْصِيَةِ، فَإنْ قالُوا: كَيْفَ يَجُوزُ ذِكْرُ لَفْظِ الدَّرَجاتِ في أهْلِ النّارِ، وقَدْ جاءَ في الأثَرِ: الجَنَّةُ دَرَجاتٌ، والنّارُ دَرَكاتٌ، قُلْنا: فِيهِ وُجُوهٌ: الأوَّلُ: يَجُوزُ أنْ يُقالَ ذَلِكَ عَلى جِهَةِ التَّغْلِيبِ."
وقال البيضاوي في أنوار التنزيل: "﴿وَلِكُلٍّ﴾ مِنَ الفَرِيقَيْنِ. ﴿دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا﴾ مَراتِبُ مِن جَزاءِ ما عَمِلُوا مِنَ الخَيْرِ والشَّرِّ، أوْ مِن أجْلِ ما عَمِلُوا وال دَرَجاتٌ غالِبَةٌ في المَثُوبَةِ وها هُنا جاءَتْ عَلى التَّغْلِيبِ."
وقال النسفي في مدارك التنزيل: "﴿وَلِكُلٍّ﴾، مِنَ الجِنْسَيْنِ المَذْكُورَيْنِ، الأبْرارِ، والفُجّارِ،﴿دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا﴾ أيْ: مَنازِلُ ومَراتِبُ، مِن جَزاءِ ما عَمِلُوا مِنَ الخَيْرِ، والشَرِّ، أوْ مِن أجْلِ ما عَمِلُوا مِنها، وإنَّما قالَ: "دَرَجاتٍ" - وقَدْ جاءَ: "اَلْجَنَّةُ دَرَجاتٌ، والنارُ دَرَكاتٌ" -، عَلى وجْهِ التَغْلِيب".
وقال أبو حيان في البحر المحيط: "(ولكل): أي من المحسن والمسيء، (درجات) غلب درجات، إذ الجنة درجات والنار دركات، والمعنى: منازل ومراتب من جزاء ما عملوا من الخير والشر، ومن أجل ما عملوا منها. قال ابن زيد: درجات المحسنين تذهب علوا، ودرجات المسيئين تذهب سفلا. انتهى. والمعلل محذوف تقديره: وليوفيهم أعمالهم قدر جزائهم، فجعل الثواب درجات والعقاب دركات."
وقال الإيجي في جامع البيان: "﴿ولكل﴾، من الفريقين، ﴿درجات مما عملوا﴾: مراتب من جزاء ما عملوا من الخير والشر، وتسمية الدركات درجات للتغليب".
وقال أبو السعود في إرشاد العقل السليم: "﴿ولكل﴾ من الفريقين المذكورين.
﴿درجات مما عملوا﴾ مراتب من أجزية ما عملوا من الخير والشر، والدرجات غالبة في مراتب المثوبة وإيرادها بطريق التغليب.".
وقال الآلوسي في روح المعاني (وكلامه مهم وفيه توضيح): "والتعبير بالدرجات كما قال غير واحد على وجه التغليب لاشتمال (كل) على الفريقين أي لكل منازل ومراتب سواء كانت درجات أو دركات، وإنما غلب أصحاب الدرجات لأنهم الأحقاء به لا سيما، وقد ذكر جزاؤهم مرارا وجزاء المقابل مرة".
وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير (وكلامه مهم وفيه توضيح): "وتنوين ”كل“ تنوين عوض عما تضاف إليه كل وهو مقدر يعلم من السياق، أي ولكل الفريقين المؤمن البار بوالديه والكافر الجامع بين الكفر والعقوق درجات، أي مراتب من التفاوت في الخبر بالنسبة لأهل جزاء الخير وهم المؤمنون، ودركات في الشر لأهل الكفر.
والتعبير عن تلك المراتب بالدرجات تغليب لأن الدرجة مرتبة في العلو وهو علو اعتباري إنما يناسب مراتب الخير وأما المرتبة السفلى فهي الدركة قال - تعالى - ﴿إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار﴾ [النساء: ١٤٥] .ووجه التغليظ التنويه بشأن أهل الخير.".
وتعمدت كثرت النقل لإثبات أن الأخ عبدالله لم يبحث، لأن فوات مرجع أو مرجعين أمر وارد ولكن هذه الكثرة من الكتب المعتبرة التي تثبت الفرق بين الدرجات والدركات في الآية التي استدل بها هو على إبطال هذا الفرق، ومع ذلك لم يرجع إليها أو لم يعتبرها، أمر غريب.
 
بِسْمِ الحَيِّ الذِّي لَا يَمُوتُ
و الذِّي يَرَى وَ يَسْمَعُ تَحَاوُرَنَا
وَ الحَمْدُ لِلَّهِ الحَقِّ مُنْزِلِ الكِتَابِ

أَمَّا بَعْدُ, فَيَقُولُ القَائِلُ:

إنَّ الفَقِيهَ إذَا غَوى و أَطاعَهُ
***
wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==
​***
wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==
​قَومٌ غَوَوا مَعهُ فَضَاعَ وَ ضَيّعَا
مِثْلُ السّفِينَةِ إِنْ هَوَتْ في لُجّةٍ
***
wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==
​***
wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==
​تَغْرَقُ و يَغْرَقُ كُلُّ ما فيهَا مَعَا

أريدُ أنْ أَشْكُرَ الأخَ صالح العصيميّ على لَفْتِ إنْتِبَاهِي أَنَّ الآيَة في الأَحْقَافِ و ها أَنَا تَدَارَكْتُ
لَكِنَّهَا مُوْجُودَةٌ في السُّورَتَيْنِ ( لِكُلٍّ دَرَجَاتٌ )
و أَمْدَحُ فيِهِ خِصْلَةً أَعْجَبَتْنِي وَ هَيِ تَفْكِيكُهُ قَوْلِي و الرَّدُّ عَلَيْهَ وَاحِدًا تِلْوَ الآخَرَ شَكْرًا لَكَ

لَكِنْ أَُعَاتبُكَ عَلى إِيرَاَدِكَ قَوْلَ: تفسير مُقاتِل و إِبْنُ عَبَّاسَ دُونَ سَنَدٍ ( عِتَابَ الأَخِ لِأَخِيهِ )
و أَتَسَاءَلُ لِمَاذَا إِقْتَصَرْتَ فِي كَلَامِكَ عَلى ذِكْرِ القَوْلِ الوَحِيدِ الذِّي يَخُصُّ المُؤْمِنينَ بِالدَّرَجَات فِي الآيَةِ ؟
و لمْ تُورِدْ كُلَّ الأََقْوَال التِّي تَذْكُر أَنَّهَا لِلْمُؤمِنينَ و للْكَفُّارِ ؟
هل هَذَا بَيَانُ صِحَّةِ قَوْلٍ و إِخْفَاءُ عِلَّتِهِ ؟

ثُمَّ إنَّكَ يا أَخِي صَالِحُ ,أَصْلَحَنَا اللَّهُ و إِيَّاكَ, أَوْرَدْتَ بَعْضَ الأَقْوَالِ التِّي تُبَيِّنُ عَكْسَ قَوْلِكَ و يَقُوُلُ فِيهَا مُفَسِّرُوهَا أّنَّ الكُّلَّ هنَا لأَصْحَابِ الجّنَّةِ و النَّارٍ
(أُنْظُرْ حُجَّتَكَ في قَوْلِ النَّسْفِي و البَيْضَاوِي و أَبُو حَيَّانَ...إلخ)

و الغَرِيبُ أَنَّ اانَّاسَ عَامَّةً كَانُوا أَوْ فُقَهَاءَ عِنْدَمَا يُريدُونَ أَنْ يُورِدُوا أَقْوَالَ المُفَسٍِّرينَ يَبْدَأُوا بالطَّبَريِّ ثُمَّ القُرْطُبِيِّ
و تَسَاءَلْتُ عنْ غِيَابِهِ عَنْ حُجَجِكَ قُلْتُ عَلَّى سَهْوًا
فَأَرَدْتُ أَنْ أُورِدَ قَوْلَهُ و هُوَ يَقُولُ أَنَّ الدَّرَجَاتِ لِلْفَريقَيْنِ.

قولك"وغالب أهل العلم قالوا بأن (لكل) لكلا الفريقين، وذكروا سبب ذكر درجات وفي الفريقين من هم من أصحاب النار، أن ذلك على سبيل التغليب.
وفي تعليلهم دليل على أن هناك فرق بين درجات ودركات كما ذكر الأخ: امحمد ربة"

تَعْلِيلِهُمْ ؟ أَيُّ تَعْلِيلٍ ؟
كلّ مَنْ قَالَ بِهَذَا القَوْلِ حُجَّتُهُ القَوْلُ الذِّي نَتَحَاوَرُ عَلَيْهِ و التِّي تَدْحَضُهُ الآيَاتُ التِّي سَنَذْكُرُهَا

أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ فَسَّرِهَا وَ جَعَلَهَا حِكْرًاا عَلَى المُؤْمِنِينَ
هَا نَحْنُ سَنُورِدُ آيَاتٍ أُخْرَى مُرَادِفَاتٍ تُبَيِّنُ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَر لَفْظَ "دَرجَاتٍ" لِلْكَلَامِ عَنِ الفِئَتَيْنِ

بالنِّسْبَةِ للنَّحْوِ و اللُّغَةِ طَبْعًا اللُّغَةُ تَسْتَوْجُبُ حُجَجًا و أَسَانِيدَ و بَرَاهِينَ لَتَقْوِيَةِ الأَقْوَالِ و لِتَرْجِيحِ قَوْلٍ عَلى آخَرَ أَلَا تَرَى المَعَاجِمَ و كُتٌبَ النَّحْويّيِنَ مَلِيئَةٌ بالشّعْرِ و الآياتِ و الأَحَادِيثِ؟

يَقُولُ تَعَالَى فِي الأَنْعَامِ:
"ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ"
هَذِهِ الآيَةُ مِنْ أَقْوَى الحُجَجِ فَهِيَ الوَحِيدَةُ التِّي ذَكَرَ فيهَا تَعَالى الدَّرَجَاتِ للْكُفَّارِ
إِنْ شَكَكْتَ فِي ذَلِكَ وَحَدَّثَتْكَ نَفْسُكَ بَأنَّهَا للْمُؤْمِنِينَ وَ الكُّفَّارِ و قَرَأْتَ بَعْضَ الأَقْوَالِ التِّي تُؤَمِّنُ عَلَى قَوْلِكَ
فَأَنْظُرْ لِ"مَا عَمِلُوا "
و " وَ مَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْلَمُونَ "
أَبْحَثْ عنِ الآيَاتِ المُطَابِقَةِ لَهَا و أَخْبِرْنَا إِنْ وَجَدْتَ إِحْدَاهَا أَتَتْ في مَوْضِعِ مْؤْمِنِينَ
وَ أَعْلَمْ أَنَّها لَمْ تَأْتِ إَلَّا لِلْظَّالِمِينَ الكَافِرِينَ

هَلْ تُجْهِزُ هَاتِهِ الآيَةُ عَلَى "اللَّطِيفَةِ اللُّغَوِيَّةِ" ؟

نَعَمْ إِنِّي أَرَى جَرْحَهَا غَائِـــرَ
و تَصَبَّبَ عَلَى جَبِينِهَا العَرَقَ

وَيَقُولُ تَعالَى فِي الأَحْقَافِ:
"أُولَٰئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (19)
هَاهُو تَعَالَى يَتَكَلَّمُ عنْ دَرَجَاتِ مَنْ حَقَّ عَلَيْهِمُ القَوْلُ

و يقُولُ سُبْحَانَهُ فِي آلِ عمْرَانَ:
"أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَن بَاءَ بِسَخَطٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ "

مَنْ تَعَلَّقَ بَكَلِمَةِ "كُلٍّ" و تَرَكَ كَلِمَةَ "دَرَجَاتٍ" ها قَدْ أَتَتْ الآيَةُ في آلِ عِمْرَانَ دُونَ "كُلٍّ" و جَاءَتْ "هُمْ"
و جَمَع فيهَا تَعَالَى مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ و مَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِّنَ اللَّهِ,أَمْ هِيَ أَيْضًا للْمُؤْمِنينَ فقَطْ ؟

الآنَ عَلَى كُلِّ منْ رجَّحَ القَوْلَ الآخَرَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ كُلُّ الآيَاتِ المَذْكُورَاتِ أَعْلَاهُ التِّي أَوْرَدَ فِيهَا الحَقُّ سُبْحَانَهُ كَلِمَةَ دَرَجَاتٍ تَتَكَلَّمُ فَقَطْ عَنِ المُؤْمِنِينَ و مَنَازِلِهِمْ في الجَّنَّةِ

طبْعًا كلُّ هذِهِ البَيِّنَاتِ التِّي جَعلَ اللَّهُ فيهَا النَّارَ و العِقَابَ دَرجاتٍ كَدَرَجَاتِ الجَنَّةِ و سَاوَى بَيْنَهُمَا لَا تهمُّ
المُهمُّ أنَّ اللّطيفةَ اللّغويةَ كانَ وَقْعُهَا رَقِيقًا عَلى الآذَانِ
و تَقَبَّلَتْهَا القُلُوبُ بالمَودَّةِ و أَعْجَبَتْ النُّفُوسَ
و صَدّقَهَا البَعْضُ و صادَقََ عَلَيْهَا البَعْضُ وَ جَادَل عنْهَا البَعْضُ

صُنِ النَّفْسَ عَمَّا عَابَهَا وَآرْفُضْ الهَوَى***
wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==

فإَنَّ الهَوَى مِفْتَاحُ بَابِ المَهَالِكِ
رَأَيْتُ الهَوَى سَهْلَ المَبَادِي لَذِيذُهَا***
wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==

و عُقْبَاهُ مُرُّ الطَّعْمِ ضَنَكُ المَسَالِكِ


أنَا لَا أنْتَصِرُ لِنَفْسي إِنِّي عَبْدٌ أُقيمُ الشَّهادةَ لِلَّهِ لأنَّهُ سائِلُنِي يوْمَ الحَشْرِ عنْ بَيِّنَتِي و لا حَاَجةُ لَهُ بِرَأْيِي

أَوَدُّ أَْنْ أَقُولَ أَنَّهُ لَمَّا تُذْكَرُ آيَاتُ اللَّهِ و تَأْتِي كحُجَجٍ و بَرَاهِينَ لَا يَسَعُ المُؤْمِنَ إِلَّا التَّسْليمُ فَحُجَّةُ القُرْآنِ تَعْلُو علَى كلِّ الحُجَجِ يَقُول الحَقُّ:"نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ" لَهُ فَضْلٌ عَلَى بَقِيَّةِ الكَلِمِ
وَ يَقُولُ سُبْحَانُهُ:"وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا" و كَمَا يَرَى كُلُّ الإِخْوَةِ لَسْتُ أُورِدُ الآيَاتَ في غَيْرِ مَواضِعِهَا و لَا أُذْكُرُ آيَاتٍ مُتَشَابِهَاتٍ و أُفَسِّرُهَا كَما تَهْوَى نَفْسِي و كَمَا يَحْلُو لِي
ويَقُولُ "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ"

وَ أَعْتَذِرُ و أَطْلُبُ الصُّفْحَ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ بَصُرَ أَوْ تَخَيَّلَ الكِبْرَ
و الخَيْلَاَءَ فِي كَلَامِي وَ أَتَمَنَّى أَنْ لَا يُرى التَّعَالِي فِي أَلْفَاظِي وَ أَرَىَ أَنَّهُ عَلىَ دَاعِي لِلْغَضِبِ فَهَذَا حِوَارٌ و مُنَاظَرَةٌ بَيْنَ مُسْلِمينَ إِخْتَلَفُوا و كُلُّ يَأْتِي بِبَيِّنَتِهِ
كَانَتْ بَيِّنَتُكُ أَقْوَى أَوِ العَكْسَ يُنْهِي المُنَاظَرَةَ و لَا دَاعِي لِلْبَغْضَاِء
عَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا

تَوَاضَعْ لِرَبِّ العَــرْشِ عَلَّكَ تُـرْفَعُ
فَما خَابَ عَبْدٌ لِلْمُهَيْمِنِ يَخْضَعُ
وَدَاوِ بِذِكْــــرِ اللَّهِ قَلْبَـــكَ إِنَّــــهُ
لَأَشْـــفَى دَوَاءٍ لِلْقَــلْــبِ وَأَنْفَعُ

مُلاَحَظَةٌ: قَدْ تَرَكْتُ بَعْضَ الأَقْوَالِ المَنْسُوبَةِ لإِبْنِ عَبَّاسَ و َغَيْرهِ حَيْثُ يَجْمَعُونَ فِيهَا الدَّرَجَاتِ لِلْفِئَتَيْنِ لَعَدَمِ وُجُودِ أَسَانِيدَ في أَقْوَالِ مَنْ ذَكَرُوهَا ( أُنْظُرْ مَثَلًا تَفْسِيرَ البَغَويّ للآيَةِ 163 من سُورَةِ آلِ عمْرَانَ )

السَّلَامُ عَلَيْكُمْ
 
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ مَرَّةً أُخْرَى لَقَدْ شَغَلَنِي المَوْضُوعُ و وَلَجَ الشَّكُّ عَقْلِي وَ قَلْبِي عَلِّي سَهَوْتُ عَنْ شَيْءٍ أَوْ أَخْطَأْتُ
و قَدْ إِرْتَبْتُ خِشْيَةَ لِقَاءِ اللَّهِ بَالقَوْلِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ
وَ عُدْتُ و تَثَبَّتُّ

أَتَى بَعْضُ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ المُوَقَّرُونَ بِقَوْلٍ ذَكَرُوا فِيهِ أَنَّ هُنَالِكَ إِخْتِلَافًا بَيْنَ لَفْظَيْ دَرَجَاتٍ وَ دَرَكَاتٍ فَاللَّفْظُ الأَوَّلُ خَاصٌّ بِالجَنَّةِ و الثَّانِي بِالنَّارِ

أَوْرَدَ هَذَا المَوْضُوعَ الأَخُ مُحَمَّدٌ وَ وَافَقَهُ عَلَيْهِ الكَثِيرُ مِنَ الإِخْوَةِ صَالِح و عَبْدُ الرَّحْمِانِ وَ إِحْسَان.. عُلَمَاءٌ و فُقَهَاءٌ مَا شَاءَ الَلَّهُ. لَكِنْ عَارَضَهُ العَبْدُ الضَّعِيفُ الفَقِيرُ لِلِّهِ و الجَاهِلُ وَ إِخْتَلَفْنَا

وَ لِلْفَصْلِ بَيْنَنَا وجَبَ إِسْتِفْتَاءِ كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ تَعالى يَقُولُ " فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ"

يَعْنِي إِذَا كَانَ كَلَامُ النُّحَاةِ وَ مَنْ قَالُوا قَوْلَهُمْ صَحِيحًا فَإِنَّنَا سَنَجِدُ اللَّهَ يَذْكُرُ فِي كِتَابِهِ المُبِينِ مَنَازِلَ أَهْلِ النَّارِ بِكَلِمَةِ "دَرَكَاتٍ" وَ مَنَازِلَ أَهْلِ الجَّنَّةِ بِلَفْظِ "دَرَجَاتٍ" وَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ
يعْنِي إِذَا قَرَأْنَا في القُرْآنِ كَلِمَةَ "دَرَجَاتٍ" فهيَ لَأَصْحَابِ الجَنَّةِ و إِذَا قَرَأْنَا "دَرَكَاتٍ" فاللَّهُ تَعَالى يَعْنِي أَهْلَ النَّارِ

فَمَاذَا إِذَا وَجَدْنَا كَلِمَةَ دَرَجَاتٍ لِلْكَلَامِ عَنْ أَهْلِ النَّارِ أَوْ كَلِمَةَ دَرجَاتٍ لِلْكَلَامِ عَنْ أَهْلِ الجَنّةِ وَ النَّارِ جَمِيعًا ؟
حَينَئِذٍ يَكُونُ كُلُّ هَذَا القَوْل بَاطِلًا !

إِذَا وَرَدَتْ فِي ذِكْرِ المُؤْمِنِينَ وَ الكُفَّارِ جَمِيعًا فَقَدْ أَخْطَأْتُمْ
لَأَنَّ القَوْلَ النَّحْوِيَّ يَقُولُ بِالتَّخْصِيصِ و لَا يَقُولُ بأَنَّهُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ و مَنْ قَالَ بِالتَّغْلِيبِ فَقَدْ أَخْطَأَ و خَالَفَ النُّحَاةَ

الخُلَاصُةُ:لَثُبُوتِ صِحَّةِ هَذَا القَوْلِ يَجِبُ أَنْ تَكُوُنَ كَلِمَةُ "دَرَجَاتٍ" وَرَدَت في مَوَاضِعِ الحَدِيثِ عَنِ الجَّنَّةِ خَالِصَةً.

وَرَدَ لَفْظُ دَرَجَاتٍ فِي الجَمْعِ أَرْبَعَ عَشْرةَ مَرّةٍ وَ فِي المُفْرَدِ أَرْبَعَ مَرّاتٍ (أَتَمَنَّى أَنْ لَا أَكُونَ أَخْطَأْتُ)
خَصَّ الّلَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ نَفْسَهُ بِآيَةٍ "رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ"
وَرَدَتْ أَكْثَرُهَا فِي سِيَاقِ الكَلَامِ عَنْ تَفْضِيلِ اللَّهِ المُؤْمِنينَ و الأَنْبِيَاءِ و المُجَاهِدِينَ و العُلَمَاءِ و لَكِنْ وَرَدَتِ اللَّفْظَةُ فِي ثَلاَثَةِ مَوَاضِعَ للْكَلَامِ عَنْ أَهْلِ النَّارِ و مَنَازِلِهِمْ

الآيةُ التِّي أَوْرَدْتُهَا فِي تَعْلِيقِي الأَوَّلِ:
" أُولَٰئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18)
وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (19) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ (20)"

قِيلَ أَنَّهَا لِلْفِئَتَيْنِ لَكِنَّنِي أَتَجَرَّأُ وَ أَقُولُ نَفْسَ قَوْلِي الأَوَلَّ أََنَّ الآيَةَ أَتَتْ فِي سِيَاقِ حَدِيثٍ عَنِ الكُفَّارِ وَ الدَّلَيلُ كَلَامُهُ سُبْحانُهُ بِضَمِيرِ الغَائِبِ "هُمْ" الذِّي يَعُودُ إِلَى إِسْمِ الإِشَارَةِ "أُولَئِكَ"
و أَلْفَاظُ "قَبْلَهُمْ, وَ كَانُوا,خَاسِرِينَ, ثُمَّ يُوَفِّيهِمْ, أَعْمَالَهُمْ, وَ لَا يُظْلَمُونَ"
منْ هُمْ ؟ هُمْ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ,
أَيُّ قَوْلٍ ؟؟ أَنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرينَ

أُنْظُرُوا مَعِي بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمْ إِلى هَذِهِ الآيَةِ التِّي فِيهَا نَفْسُ النَّسَقِ القَوْلِيِّ يَقُولُ تَعَالَى "
أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ
نَفْسُ السِّياقِ: أُولَٰئِكَ,تِّجَارَتُهُمْ,مَثَلُهُمْ,بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ...
مَنْ أَرَادَ أَمْثِلَةً أُخْرَى لِنَفْسِ السِّيَاقِ فَهِيَ عَدِيدَةٌ فِي القُرْآنِ

إِذَا لَا وُجُودَ لِإْشِتِراكٍ فِي كَلِمَةِ "دَرَجَاتٍ" بَيْنَ المُؤْمِنيِنَ
و الكُفَّارِ فِي الآيَةِ وَ هِيَ خَاصَّةٌ بِأَهْلِ النَّار وَ مَنْ قَالَ بِإْشْتِرَاكِهَا عَلَيْهِ بِالبُرْهَانِ لَا بِالرَّأْيِ

يقُولُ تَعالَى
"
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130)ذَٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ"

لِكُلٍّ دَرَجَاتٍ مِمَّا عَمِلِوُا, مَنْ هُمْ هَؤُلَاءِ الذِّينَ عَمِلُوا وَ يَتَكَلَّمُ اللَّهُ عَنْ دَرَجَاتِهِمْ ؟

هُمِ الذَّينَ قَالَ عَنْهُمُ الحَقُّ سُبْحَانهُ فِي الآيَةِ التِّي سَبِقَتْهَا
"غَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ" و همْ أَهْلُ القُرَى الذِّينَ أَتَتْهُمُ الرُّسُلُ فعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكَهُمْ و جَاءَ الخِطَابُ أَوَّلًا بَضمِيِرِ المُخَاطَبِ للْجَمْعِ "أَنْتُمْ" و هَذِهِ عَادَةٌ خَاصَّةٌ عِنْدَ إقْرَارِ أَهْلِ النَّارِ بِذِنُوبِهِمْ ثُمَّ ضَمِيرِ الغَائِبِ "هُمْ"
و يَأْتِكُمْ,عَلَيْكُمْ, يُنذِرُونَكُمْ,أَنفُسِهِمْ, أَنَّهُمْ, كَانُوا, عَمِلُوا
فالدرجات هنا لأهل النّار و لا ذكر للجنة و أهلها و من أراد إقحامهم و القول بالإشتراك في الآية فعليه بالدّليل

يَقُوُلُ تَعَالَى "
وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161) أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَن بَاءَ بِسَخَطٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ"
رَغْمَ وُرُودِ الكَلاَمِ عَنْ مَنْ يَغْلُلْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَإنَّ كَلِمَةَ دَرَجَاتٍ لا تُرَجَّحُ لٍفٍئَةٍ علَى أُخْرَى و قِيلَ ذُكِرَتْ لِلْفِئَتَيْنِ

اللَّهُ تَعَالى بَعْدَ كُلِّ هَاتِهِ الآيَاتِ التِّي لَمْ تَزِدْنِي إِلَّا يَقِينًا أَّنَّهُ لمْ يَجْعَلْ الدَّرَجَاتِ لأَهْلِ الجَّنَّةِ و الدَّركَاتِ لأَهْلِ النَّارِ
 
يا ابن بشر، كلام الدكتور عبد الرحمن عربي، فهل عقلته؟
فكل هذا واضح جداً عند أهل اللغة والتفسير أن الدرجات تقال لكل ذي طبقات سواء كان للأعلى أو لغيره، ولكنها تطلق بشكل خاص في بعض السياقات على الدرجات للأعلى وفيها معنى التكريم والتشريف.

والدركات بخلاف ذلك .
 
حياك الله أخي عبدالله
سوف أقوم بالرد على ما أراه يستلزم الرد حسب المتاح من الوقت، وأرى أن الموضوع طال، وأخشى أن يكون ذلك من الجدال المذموم


أولاً: قولك: (لَكِنْ أَُعَاتبُكَ عَلى إِيرَاَدِكَ قَوْلَ: تفسير مُقاتِل و إِبْنُ عَبَّاسَ دُونَ سَنَدٍ ( عِتَابَ الأَخِ لِأَخِيهِ ) )
أنا نقلت ما ذكره الواحدي وجعلته بين قوسي تنصيص فلم أحذف سند ولن أضيف سند من عندي.
وأشار الشيخ د. عبدالرحمن الشهري في رده عليك حول الأسانيد في التفسير وأن العلماء يتعاملون معها على خلاف تعاملهم مع الأسانيد في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وان المسألة مبحوثة في الملتقى فلترجع إلى تلك المواضيع.

ثانياً: قولك: (و أَتَسَاءَلُ لِمَاذَا إِقْتَصَرْتَ فِي كَلَامِكَ عَلى ذِكْرِ القَوْلِ الوَحِيدِ الذِّي يَخُصُّ المُؤْمِنينَ بِالدَّرَجَات فِي الآيَةِ ؟
و لمْ تُورِدْ كُلَّ الأََقْوَال التِّي تَذْكُر أَنَّهَا لِلْمُؤمِنينَ و للْكَفُّارِ ؟
هل هَذَا بَيَانُ صِحَّةِ قَوْلٍ و إِخْفَاءُ عِلَّتِهِ ؟)


قولك هذا دليل على عدم وضوح كلامي أو عدم فهمك له، وسوف أوضح لك:
في ردك الأول وضعت احتمالين للآية فقط، وقلت إما أنها في أصحاب النار فقط أو لكلا الفريقين
وأنا هنا أوضحت لك أن هناك قول واحتمال ثالث وذكرته وأحلت على من قاله من العلماء، وليس هذا دليل بأني أقول بهذا القول.
وغريب قولك أني لم أورد كل الأقوال التي تذكر أنها لكلا الفرقين؟؟؟ والنقول التي أوردتها عن الزمخشري ومن بعده كلها تنصر أنها لكلا الفريقين وهو ما أراه راجحاً والله أعلم.


ثالثاً: قولك: (ثُمَّ إنَّكَ يا أَخِي صَالِحُ ,أَصْلَحَنَا اللَّهُ و إِيَّاكَ, أَوْرَدْتَ بَعْضَ الأَقْوَالِ التِّي تُبَيِّنُ عَكْسَ قَوْلِكَ و يَقُوُلُ فِيهَا مُفَسِّرُوهَا أّنَّ الكُّلَّ هنَا لأَصْحَابِ الجّنَّةِ و النَّارٍ
(أُنْظُرْ حُجَّتَكَ في قَوْلِ النَّسْفِي و البَيْضَاوِي و أَبُو حَيَّانَ...إلخ))

وقولك هذا دليل على الاستعجال وعدم فهم كلامي، وهذا أوقعك في التناقض، قلت فيما سبق (و لمْ تُورِدْ كُلَّ الأََقْوَال التِّي تَذْكُر أَنَّهَا لِلْمُؤمِنينَ و للْكَفُّارِ ؟) ثم تقول (أَوْرَدْتَ بَعْضَ الأَقْوَالِ التِّي تُبَيِّنُ عَكْسَ قَوْلِكَ و يَقُوُلُ فِيهَا مُفَسِّرُوهَا أّنَّ الكُّلَّ هنَا لأَصْحَابِ الجّنَّةِ و النَّارٍ). فهل أنا أوردت أو لم أورد؟؟
وأيضاً قولك: (أَوْرَدْتَ بَعْضَ الأَقْوَالِ التِّي تُبَيِّنُ عَكْسَ قَوْلِكَ) بل الأقوال التي أوردتها هي القول الراجح عندي. والقول أنها خاصة بالمؤمنين سبق توجيه سبب إيراده، و لا يعني ذلك أني أتبناه، بل إثبات أن هناك من قال به من العلماء.

رابعاً: قولك: (و الغَرِيبُ أَنَّ اانَّاسَ عَامَّةً كَانُوا أَوْ فُقَهَاءَ عِنْدَمَا يُريدُونَ أَنْ يُورِدُوا أَقْوَالَ المُفَسٍِّرينَ يَبْدَأُوا بالطَّبَريِّ ثُمَّ القُرْطُبِيِّ
و تَسَاءَلْتُ عنْ غِيَابِهِ عَنْ حُجَجِكَ قُلْتُ عَلَّى سَهْوًا
فَأَرَدْتُ أَنْ أُورِدَ قَوْلَهُ و هُوَ يَقُولُ أَنَّ الدَّرَجَاتِ لِلْفَريقَيْنِ.)

ملحظ غريب جداً، ومن أين أتيت بأنه يلزم البدأ بقول الطبري ثم القرطبي!!!
ولو لاحظت لعلمت أني في ترتيب الأقوال التزمت بتاريخ الوفاة.
فلو كنت أريد الاستشهاد بقول الطبري والقرطبي؛ لذكرت الطبري فالزمخشري فالرازي فالقرطبي
ولكن من باب الإيضاح سوف أذكر لك سبب عدم ذكري لقول الطبري والقرطبي مع أنهم قالوا بما أراه راجحاً، وهو سبب بسيط جداً: لأنهم لم يذكروا الفرق بين الدرجات والدركات، ولم يذكروا سبب ذكر الدرجات مع أن الراجح أنها لكلا الفريقين، كما ذكرها من ذكرت أقوالهم من المفسرين.

خامساً: وأخيراً.
سوف أذكر كلام ابن عاشور في توجيه الآيات التي أوردتها أنت كدليل لعدم التفريق

1- قال تعالى: ﴿وَلِكُلࣲّ دَرَجَـٰتࣱ مِّمَّا عَمِلُوا۟ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا یَعۡمَلُونَ﴾ [الأنعام ١٣٢]
قال ابن عاشور: " ﴿ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون﴾ احتراس على قوله: ﴿ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم﴾ [الأنعام: ١٣١] للتنبيه على أن الصالحين من أهل القرى الغالب على أهلها الشرك والظلم لا يحرمون جزاء صلاحهم....... والدرجات هي ما يرتقى عليه من أسفل إلى أعلى، في سلم أو بناء، وإن قصد بها النزول إلى محل منخفض من جب أو نحوه فهي دركات، ولذلك قال تعالى: ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾ [المجادلة: ١١]، وقال: ﴿إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار﴾ [النساء: ١٤٥] ولما كان لفظ (كل) مرادا به جميع أهل القرية، وأتى بلفظ (الدرجات) كان إيماء إلى تغليب حال المؤمنين لتطمئن نفوس المسلمين من أهل مكة بأنهم لا بأس عليهم من عذاب مشركيها، ففيه إيماء إلى أن الله منجيهم من العذاب في الدنيا بالهجرة، وفي الآخرة بحشرهم على أعمالهم ونياتهم؛ لأنهم لم يقصروا في الإنكار على المشركين، ففي هذه الآية إيذان بأنهم سيخرجون من القرية التي حق على أهلها العذاب، فإن الله أصاب أهل مكة بالجوع والخوف ثم بالغزو بعد أن أنجى رسوله ﷺ والمؤمنين، وقد علم من الدرجات أن أسافلها دركات فغلب (درجات) لنكتة الإشعار ببشارة المؤمنين بعد نذارة المشركين".
فهذا توجيه الإمام ابن عاشور وإثباته الفرق.

2- ﴿أَفَمَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَ ٰ⁠نَ ٱللَّهِ كَمَنۢ بَاۤءَ بِسَخَطࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ ۝١٦٢ هُمۡ دَرَجَـٰتٌ عِندَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِیرُۢ بِمَا یَعۡمَلُونَ ۝١٦٣﴾ [آل عمران ١٦٢-١٦٣]

قال ابن عاشور:
"وقوله هم درجات عند الله عاد الضمير لـ (من اتبع رضوان الله) لأنهم المقصود من الكلام، ولقرينة قوله درجات لأن الدرجات منازل رفعة.
وقوله عند الله تشريف لمنازلهم".
وانظر كيف وجه ابن عاشور الآية وأن الضمير في (هم درجات) عائد لخلاف ما ذهبت أنت إليه، بل هو خاص ل(من اتبع رضوان الله)، بل ذهب إلى أبعد من ذلك بأن استدل بكون الضمير في (هم درجات) للمؤمنين خاصة بقرينة لفظة (درجات) للفرق بينها وبين دركات، ومن وضوح ذلك المعنى والفرق عند ابن عاشور أصبح قرينة لديه.

وفقني الله وإياك أخي عبدالله للحق والهدى
وأخشى أن الزيادة على ذلك من الجدال المذموم
بوركت
 
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
الاخ عبد الله،


الحساب: درجات اهل النار

ان الدرجات في الآيتين تطلق على المراتب سواء كانت مراتب عظيمة لمن عمل خيرا، أو مراتب دنيئة لمن عمل شرا أي للتقييم و لكن تلك الدرجات هي درجات الحساب فالله تعالى يتكلم عن الأعمال، فبهذا لا بأس أن نقول درجات اهل النار لان يقصد بها الحساب .


الجزاء : دركات النار
الان اذا تكلمنا عن الجزاء و بالتحديد جزاء اهل النار فهنا نقول الدركات لان الدركات يقصد بها المكان و ليس التقييم ..
قوله تعالى : { الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} [النساء:145]


في الدرك الاسفل هنا كجزاء و ليس كحساب.

اظن أن الالتباس وقع حين تم الخلط بين الحساب و الجزاء .. فدرجات اهل النار تكون بالتقييم و التعظيم و التحقير، أي بالحساب
و دركات النار هي مكان اهل النار كجزاء لدرجاتهم.
 
عودة
أعلى