مؤتمر"النقد في العلوم الشرعية والمساعدة:استكشاف وتأصيل"

clip_image001.gif

جامـعـة ابـن زهــر
كلية الآداب والعلوم الإنسانية
مختبر:مناهج البحث في الدراسات الإسلامية وعلوم الاجتهاد
فريق:مناهج النقد في الدراسات الإسلامية






ملخصات أبحاث ندوة
"النقد في العلوم الشرعية:استكشاف وتأصيل"

جناح الانسانيات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية الأربعاء والخميس 19 و20 يونيو 2019م

الأبحاث المقدمة ستنشر في الكتاب التذكاري
للأستاذ الدكتور عبدالهادي حميتو
بمناسبة بلوغه الخامسة والسبعين

توطئة عن فكرة الندوة

الحمد للــه الذي اقتضت حكمته أن يخلق الناس مختلفين، ثم شاءت ارادته ــــــ لما مهد لهم سبل تحصيل العلم ــــــ أن يقدر لنخبة منهم ما يخلد به ذكرهم، والأمر عند المتدبر البصير ليس سوى نعمة اختص الله بها من شاء من عباده.
ولما كان الحال كذلك دأب المشتغلون بالبحث في شتى التخصصات على إقرار أعراف أكاديمية تكون في مجتمعات الباحثين "تذكارا" لمن برز بين الأقران، ومن أمثل تلك الأعراف ما شاع في الأوساط الأكاديمية الغربية من اتخاذ "الكتاب التذكاري" لتخليد أسماء أعلام الباحثين بين الأجيال التي تليهم. والفكرة في بيئتها الغربية تقوم على أن الأستاذ الباحث حين يبلغ سن التقاعد يغادر الأقسام الجامعية، فإن كانت الأستاذية بالنسبة اليه مجرد وظيفة كان حظه منها أن يستمتع بفراغه، أما إذا كان البحث العلمي يسكنه فإنه يحول رحله الى الأكاديميات ومراكز البحث وهمه انهاء المشاريع التي كان يشتغل فيها، فإذا دخل السبعين من العمر وهو كذلك ناسب حاله أن يجتمع محبوه حول نشاط علمي رصين تكون أعماله مادة لـــ"كتاب تذكاري" باسمه. والمتصفح اليوم للسلسلة الاستشراقية السنوية العريقة الموسومة "documenta islamica inédita" يجد أعدادا خاصة منها أفردت "للكتاب التذكاري" الخاص بمشاهير أعلام هذه الدراسات الشرقية بمناسبة بلوغه السبعين.وهذا العرف الأكاديمي إذا استطاع استقطاب أبحاث يهفو اليها المختصون ويرجع اليها الدارسون وتسهم في تطور العلم فهو أجلى مظهر للتكريم بالنسبة لمن رزق الانصاف.
والأستاذ الدكتور عبدالهادي حميتو ابتدأ قبل عقود من الزمان مشروعا بحثيا يخدم "علوم المصاحف" وذلك في وقت عز فيه المشتغل بهذه العلوم بحثا وتأليفا، فطال عمره حفظه الله مصاحبا لها ومنقبا عن المفقود أو المخطوط منها، وسار على سنن أهل العلم السابقين الذين أمتعهم الله بإفناء أعمارهم في خدمة المصحف الشريف. وفي اطار أنشطة مختبر مناهج البحث في الدراسات الإسلامية وعلوم الاجتهاد تداول عدد من الأساتذة موضوع الاحتفاء بالدكتور عبدالهادي حميتو فخلصوا الى انجاز "كتاب تذكاري" له، وحتى يستطيعوا جمع أبحاث فيها جدة لم يحصروا موضوع الكتاب في الدراسات القرآنية مثلا، بل تركوا الاختيار للمشاركين حتى يقدم كل منهم أفضل ما يستطيع تبعا لتخصصه الذي يشتغل فيه، واللــه الموفق والمعين
الأربعاء 19 يونيو 2019م
9،30 صباحا



الجلسة الافتتاحية القرآن الكريم كلمة السيد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية كلمة اللجنة التنظيمية استراحة شاي



المحاضرةالافتتاحية أحكام من مبادئ علوم القرآن الكريم يعوزها التمحيص والنقد العلمي ذ.الدكتور عبدالهادي حميتو

الجلسةالأولى
النقد في الدراسات العقدية والفكرية

د.عبدالله البخاري
المنهج النقدي عند ابن تيمية من خلال كتابه منهاج السنة
ـ مسألة الإمامة أنموذجا

وقع الاختيار على ابن تيمية؛ لأنه من أشهر علماء النقد، واصطُفي كتابه؛ لأنه من أدق كتبه وأشملها في النقد، واقتُصر على مسألة الإمامة؛ لأنها الأساس الذي بُني عليه مذهب التشيع.
ويروم هذا البحث بيان منهج ابن تيمية في النقد من خلال محورين:
الأول، بمثابة تمهيد بأمور لا تكتمل صورة البحث بدونها، وهي تعاريف موجزة بما يلي:
أ-النقد البناء وأهميته في تقويم العلوم وإقامتها.
ب- نبذة عن ابن تيمية وإمامته في علم النقد.
ج -كتابه المنهاج وسبب تأليفه.
د-الكتاب الذي انتقده ابن تيمية.
هـ- مؤلِّفه.
و-الإمامة التي هي الأنموذج في بيان منهج ابن تيمية في النقد.
والثاني: تطرق البحث فيه إلى منهجين عند ابن تيمية في النقد:
الأول: المنهج النقدي العام الإجمالي: وفيه نقد للمؤلِّف والمؤلَّف والطائفة التي ينتمي إليها المؤلِّف، وذلك من حيث المستوى العلمي، والمصداقية، والأهداف، والأصول الشرعية للشيعة.
الثاني: المنهج النقدي التفصيلي لبعض مسائل الإمامة وجزئياتها من خلال نماذج مختارة من مقدمة الكتاب، وبعض فصوله، كالادعاء بأن الإمامة هي أهم مسائل الدين، وعدم الصدق فيما نسبه للشيعة والسنة في الإمامة، والزعم بأن مذهب الإمامية واجب الاتباع، والرد عليه فيما اعتبره أدلة وبراهين على إمامة علي رضي الله عنه بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بلا فصل.

د.ياسين السالمي
قواعد نقد التكفير عند الإمام ابن عبد البر (ت463هـ) من خلال كتابيه التمهيد والاستذكار


عني الإمام ابن عبد البر بمناقشة موضوع التكفير من خلال مناقشة مجموعة من الأحاديث في كتابيه التمهيد والاستذكار، ولأهمية الجهود التي قدمها متفرقة في هذا الموضوع، قمنا بجمعها ودراستها واستنباط أهم القواعد العلمية التي أسس الإمام ابن عبد البر عليها نقده للآراء التي اختارت المغالاة في التكفير، وحملت بعض النصوص على ظواهرها من غير مراعاة لقواعد الفهم.
وقد استنبطنا من خلال ذلك أربع قواعد مهمة أعملها الإمام ابن عبد البر، كانت هي محاور هذا البحث، وهي:
1. النظر الشمولي لنصوص الشريعة ونقد الاجتزاء، حيث أعمل الإمام ابن عبد البر النصوص الواردة في التكفير من خلال الجمع بين النصوص.
2. عرض المفاهيم على اللغة، وذلك بالرجوع بمفهوم الكفر إلى أصله اللغوي، الذي يعني الستر والتغطية، وأهمية هذه المعاني في تحديد المفهوم الشرعي.
3. مراجعة سياقات النصوص، كالنصوص الدالة على كفر من لم يحكم بما أنزل الله، فهي في سياق أهل الكتاب.
4. التمييز بين مراتب القطع واليقين، إذ من ثبت له الإسلام بيقين لم يخرج منه إلا بيقين، كما أنه لا كفر في الاجتهاديات.

ذ.الحسن أضحان
الخلاف الفقهي وأثره في النقد العقدي المعاصر

هذا الموضوع يسعى إلى إبراز ما للخلاف غير المعنوي أحيانا من تأثير في النقد والإنكار ، وقد جعلت موضوع علاقة العمل بالإيمان مثالا تطبيقيا
المبحث الأول خصصته لمبحث الحقيقة والمجاز وركزت في هذا المبحث على موقف المعتزلة وموقف أبي الحسن الأشعري ومن تأثر به فيما يتعلق بالحقيقة الشرعية ،كما ركزت فيما يتعلق بالمجاز على مذهب ابن تيمية ومن تأثربه، فكان من نتائج هذا المبحث الذي يعتبر من منطلقات الخلاف وأسسه، أن كثيرا من المواقف لم تأت من فراغ، بل كان لأصحابها مقاصد وغايات ،ومنها: سد الباب على أهل الزيغ والبدعة. وفي المبحث الثاني : بينت مشروعية الخلاف في القضية، وذكرت حقيقة الخلاف و بعض أسبابه ، ودللت على كون الخلاف لفظيا،و بعد ذلك انتقلت لبيان أثر الخلاف السابق في النقد العقدي في بعض الدراسات العقدية المعاصرة في المبحث الثالث، وفيه قسمت الدراسات العقدية المعاصرة التي تناولت علاقة العمل بالإيمان من خلال النظر في بعضها إلى قسمين أساسين :قسم ينطلق في نقده من كون الخلاف حقيقيا.ومنهم من اعتبر الخلاف لفظيا، وتوجه نقده إلى الألفاظ ، وفي الخاتمة ذكرت أبرز النتائج.

ذ.المصطفى أوعسو
قواعد نقد النصوص القديمة بالغرب
ومحاولات المستشرقين تطبيقها في نشر المصحف الشريف


أفضى تطور الطباعة في أوروبا إلى نشوء حركة علمية عُنيت بنشر التراث اللاتيني واليوناني المخطوط، حتى إذا توسط القرن التاسع عشر للميلاد تحولت هذه الحركة من البحث عن النسخ الخطية المتعددة للكتب والمقابلة بينها إلى إرساء أصول لـِ" نقد النصوص"،وخلال المؤتمر الدولي للمستشرقين الألمان المنعقد بفيينا عام 1930م ناقش المشاركون ورقة مشروع تقدم بها غوتهلف برغشتراسر القصد منها تطبيق تلك القواعد لأجل إخراج نسخة من المصحف تحل مكان المصحف الذي طبعه غوستاف فلوغل بأوروبا، كما تكون منافسة لطبعة القاهرة الشهيرة للنص القرآني (1924م)، لكن هذه المحاولة كان نصيبها الإخفاق لظروف متعددة.
غير أن الانعطافات القوية التي شهدتها سبعينيات القرن العشرين للميلاد مع اندلاع موجة التنقيحية، واكتشاف رقع مخطوطات مصاحف قديمة في جامع صنعاء الكبير ثم ظهور أرشيف اكاديمية العلوم في ميونيخ الذي واراه المستشرق شبيتالر سنين عددا، كل ذلك أسهم في تجدد الاهتمام بالمصاحف القديمة، وكان من نتائج ذلك ظهور مشاريع بحثية غربية جديدة تغيت إخضاع المصحف الشريف للأدوات والمناهج التي أعملت بأوربا في مجال دراسات اللاهوت؛ومن أبرزها مشروع باليوقرآن PaléoCoran الذي يشرف عليه مستشرقون معاصرون برَّزوا على صعيد الدولي في ميدان الدرسات الغربية المعنية بمخطوطات المصاحف العتيقة ونقدها،وتسعى الدراسة المقدمة للتعرف بهذا المشروع وأعلامه وغاياته ومناهجه وسياق تبلوره مع الوقوف على ما يجري على الصعيد الدولي في ميدان دراسات المصاحف بما يمكن أن يفيد في خدمة هذه الدراسات، ويسعف بالمشاركة في توجيهها ودرء المخاطر المحتملة.
مناقشة العروض





الجلسة الثانية:النقد في الدراسات القرآنية

د.حسن بن عبدالهادي حميتو
نقد اخْتِيارَاتِ الضَّبط
بين الإمامين الحسن بن علي الشباني وأبي عبد الله التنسي
دراسة نماذج مختارة

لما كان مبنى علم الضبط القرآني على اجتهاد التابعين ومن بعدهم من النقاط في وضع علاماته الدالة على ما يعرض للحرف في الكلمة القرآنية من هيآت صوتية وكيفيات أدائية وأحكام تجويدية، فقد تعددت فيه المذاهب وتنوعت الاختيارات والترجيحات، وكان عدد منها محلا لاعتراضات وسجالات بين العلماء، خاصة في المدرسة المغربية، وكان لهذه النقود والمراجعات أثرها في إشهار بعض المذاهب والاختيارات وإخمال أخرى، حتى جرى العمل في العصور اللاحقة في المدرسة المغربية ببعضها دون بعض.
وظهرت أهم تلك النقود والسجالات في شروح عمدة البيان (ذيل المورد) للخراز، وبخاصة شرح الإمام الحسن بن علي المنبهي الشهير بالشباني المسمى كشف الغمام عن ضبط مرسوم الإمام، وشرح الإمام أبي عبد الله محمد بن عبد الله التنسي المسمى بالطراز في شرح ضبط الخراز.
ويهدف هذا العرض إلى رصد نماذج مختارة من تلك النقود مع بيان وجه الانتقاد فيها، ومدى وجاهته، مع تأصيله من كتب أئمة هذا الشأن الكبار، وبيان الراجح في المسألة المنتقدة وما جرى به العمل فيها من خلال كتب التصدير والتشهير.
وأقمت هيكلة هذا العرض بعد هذه المقدمة على ثلاثة مباحث وخاتمة كالتالي:
المبحث الأول: ويشتمل على نبذة تعريفية بالإمامين الشباني والتنسي وشرحيهما، وبيان القيمة العلمية للكتابين. وتحته مطلبان:
المطلب الأول: الإمام الشباني وكتابه "كشف الغمام".
المطلب الثاني: الإمام التنسي وكتابه "الطراز".
والمبحث الثاني: وانتقيت فيه خمسة نماذج من انتقادات الإمام الشباني لاختيارات الإمام أبي عبد الله المجاصي، تناولتها بالدراسة تأصيلا وترجيحا وتشهيرا.
وتحته خمسة مطالب:
المطلب الأول: محل التنوين من الألف في كلمات {ليكونا} و{لنسفعا} و{إذا}.
المطلب الثاني: ما يضبط بالحمرة من الهمز المغير الذي له صورة.
المطلب الثالث: كيفية ضبط لفظ {لاهب} لمن قرأه بالياء.
المطلب الرابع: إلحاق الألف المحذوف قبل الساكن.
المطلب الخامس: وضع المطة على الممدود من الحروف المقطعة أوائل السور.
والمبحث الثالث: وأودعته خمسة نماذج من انتقادات الإمام التنسي لاختيارات الشباني مقرونة بدراستها تأصيلا وترجيحا وتشهيرا.
وجعلته أيضا في خمسة مطالب:
المطلب الأول: صفة وضع التنوين المدغم في الميم.
المطلب الثاني: محل نقط الإشمام من الحرف.
المطلب الثالث: ضبط الحروف المقطعة أوائل السور.
المطلب الرابع: حكم إلحاق الياء في باب {يحي الموتى}.
المطلب الخامس: وضع الحركة على الهمزة المبدلة حرفا متحركا.
وختمت البحث بخلاصة فيها نتائجه وبيان أبعاد جديدة لتوسيعه.
والله أسأل التوفيق في القول والعمل، والسلامة من وصمة الزيغ والزلل، إنه بكل جميل كفيل، وهو حسبي ونعم الوكيل.

د.محمد بن عبدالله البخاري
منهج النقد القرائي عند الحافظ أبي عمرو الداني (ت444ھ)
من خلال كتابه «جامع البيان في القراءات السبع»


ترتام هذه المشاركة الكشف عن معالم منهج النقد القرائي عند الحافظ أبي عمرو الداني، وإنما وقع الاختيار عليه لأنه الإمام الذي استمر أمر القراءة على وفاق مذهبه، وقد اخترنا أن نبني هذه المشاركة على كتاب: «جامع البيان في القراءات السبع» لكونه أوسع كتبه مادة، ولكونه اعتنى فيه بتحرير الأوجه القرائية ونقد الحروف المروية، ولذلك سعى هذا البحث إلى بيان منهجه النقدي من خلال كتابه جامع البيان، وهو كتاب توسع في رواياته وطرقه، ومنها المشهور المجمع عليه، ومنها غير ذلك.
وغالب انتقادات الحافظ الداني تتجه إلى جانبي الرواية واللغة، أما انتقاد ما خالف المصحف فهو يسير لكون الأمة قد أجمعت عليه، وتجاوزت منذ الجمع العثماني ما خالف سواد المصحف، وبعض القراء يضيف إلى أركان صحة القراءة شرطاً رابعاً، هو موافقة المعاني الشرعية، وهو شرط أساس اعتمده القراء في اختيار القراءات، وفي ردها إن هي خالفت المعاني الشرعية، وهو شرط معتمد عند أئمة القراءة الأُوَل، ولم يحتفل به الداني ولم يعرض القراءات عليه لأن الأوائل قد كفوه مؤنة ذلك، وقد روى عنهم في جامعه بعض ما يدل على عنايتهم بالاختيارات القرائية المناسبة للمعاني الشرعية.

د. يحيى بن أيوب بن محمد دولا
الـنَّـقـد الـقِـرَائِـيّ
عند الإمامِ أبي الطيّب ابن غَلْبُون الـمُقرئ رحمه الله (ت389هـ)
من خلال مؤلّفاته التي وصلتنا

الإمام أبو الطيب عبد الـمنعم بن عبيد الله بن غلبون الحلبي نزيل مصر الـمقرئ المتوفى سنة 389هـ من أئمّة القراءة المتقدّمين الذين صنّفوا في علم القراءات القرآنيّة، وقد قيّض الله تعالى مِن تلاميذه مَن تلقّى عنه القراءات ونشر الروايات في الأقطار الـمغربيّة مثل: الإمام مكي بن أبي طالب والإمام أبي عمر الطَّلَمنكي .
وهو قريب العهد من إمام القراءات ابن مجاهد الذي سبّع السبعة، وأثره ظاهر عليه في تصانيفه خصوصًا في كتاب «الإرشاد» الذي اعتمد فيه على الروايات الأربعة عشر المشهورة .
وقد أورد الإمام أبو الطيب في تصانيفه بعض الانتقادات القرائيّة، ونهج الأئمّة الـمتقدمين في نقد القراءات مبنيٌّ على قواعد وأركان قبول القراءات، ومن أهم الأسباب الباعثة على نقد القراءات هو كثرة الروايات .
وهذا البحث يستكشفُ معالمَ النقد القرائي عند الإمام أبي الطيب باستقراءِ مصنفاته التي وصلتنا، ورصدِ الـمواضع الـمُنتقَدة فيها، ومن ثمّ دراستها بتتبّع متعلّقاتها في الـمصنّفات القرائيّة الـمتقدّمة، للوقوف على حقيقة نَقدها، وبيان ما هو مقروء ممّا هو شاذ غير مقروء به، وتقسيم تلك المواضع المنتقَدة حسب مرجع النقد: ضعف الرواية، ما ذكر حكاية لا رواية، انفراد الراوي، القراءة الغير معروفة .
رصد الباحث ( 26 ) موضعًا منتقدًا في مصنفات الإمام أبي الطيب، وقدّم بين يدي البحث نبذة عن نقد القراءات القرآنيّة، وترجمة موجزة عن الإمام أبي الطيب .

د.عبدالرزاق بن اسماعيل هرماس
نقد متون الروايات عند محدثي المفسرين،ابن كثير أنموذجا

التصنيف في التفسير قديما أسهم فيه الفقهاء والمحدثون وعلماء أصول الدين وأهل اللغة الى جانب من تفرغوا له ممن ترجم لهم ضمن أعلامه،وبين أولئك المصنفين برز طائفة من حفاظ السنة النبوية المشرفة الذين جردوا تفاسير طبقوا فيها على الروايات منهج المحدثين في القبول والرد،ولما ظهرت التآليف المعاصرة في تاريخ التفسير ومناهجه خلطت بين هؤلاء الحفاظ وبين غيرهم من المفسرين الذين عنوا بجمع الروايات على سبيل الاستيعاب دون نقد أو تمحيص. وتسعى هذه الدراسة للوقوف على جانب من منهج أحد هؤلاء النقاد هو ابن كثير،منطلقة مما اشتهر عن الامام الذهبي حين قسم الحفاظ الى مرتبتين:حافظ على طريقة المحدثين وحافظ على طريقة الفقهاء، فجعل مثلا ابن أبي حاتم من الأولى وابن الجوزي من الثانية. وقد عمد ابن كثير الى مرويات التفسير فطبق عليها مناهج المحدثين من جهة نقد الرواة ومن جهة نقد المتون، واذا كان نقد الرواة يتأسس على قواعد الجرح والتعديل فإن نقد المتون هي الجانب الذي برز فيه ابن كثير وقد اتجهت هذه الدراسة لإبرازه حيث نجد الحافظ أبي الفداء يرد الرواية لأنها مخالفة للعقيدة،ويردها لمناقضتها ما دل عليه القرآن،ويطعن فيها لمخالفتها صحيح السنة النبوية أو لمجافاتها لما تبث في التاريخ وما اتفقت عليه العقول.


مناقشة العروض.
الجلسة الثالثة:النقد في دراسات الحديث والفقه

د.عزيز البطيوي
منهج ابن سيد الناس النقدي لمرويات السيرة النبوية
من خلال كتابه "عيون الأثر"

ينبئ تاريخ العلم الإسلامي وتطور مناهجه ومدارسه أنه تاريخ نقدي بامتياز؛ تشابكت فيه المعارف، ونمت في رحابه المراجعات العلمية العميقة والاستدراكات المنهجية الدقيقة التي أسهمت بشكل حاسم في ضبط وجهة العلوم الإسلامية ومساراتها المعرفية وتجلياتها العملية والتطبيقية.
وكان علم السيرة النبوية واحدا من تلك العلوم التي تحققت بقواعد الممارسة النقدية الإسلامية بحسب ما عرفه هذا العلم من تطور مناهج الكتابة فيه.
وجعلنا مدار هذه الورقة البحثية على تتبع مراجعات ابن سيد الناس النقدية، واستنباط منهجه في ذلك؛ سواء ما تعلق بنقد الأسانيد وتمحيصها بعد جمعها والنظر فيها، وما تعلق بنقد متون الروايات وما حصل في بعضها من الاضطراب أو الشذوذ أو النكارة، ومنها ما تعلق بذكر فوائد تتعلق بالأخبار، وبفوائد لغوية ماتعة، وترجيحات بين ما أجمع عليه أهل السير وما هو مخالف لما في الصحيحين والسنن بذوق نقدي رصين.
وضمت الورقة ما يأتي:
منهج ابن سيد الناس في كتابة السيرة النبوية.
نقد النقد: أو أجوبة ابن سيد الناس في رد المطاعن عن ابن إسحاق.
مقاييس نقد أسانيد مرويات السيرة عند ابن سيد الناس.
مقاييس نقد متون مرويات السيرة عند ابن سيد الناس.

ذ. إبراهيم والعيز
النقد الفقهي عند العلامة محمد بن الحسن الحجوي
من خلال كتابه الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي

النقد الفقهي "هو عبارة عن عملية تقويم وتجديد الإنتاج الفقهي لمذهب من المذاهب الفقهية"، وهو قسمان:
-أ- نقد خارجي؛ ويهتم بحجج المذهب المخالف ودراستها ومناقشتها والرد عليها، وهو ما يعرف في الفقه بعلم الخلاف.
-ب- نقد داخلي؛ ويكون داخل المذهب نفسه، حيث يهتم أحد فقهاء المذهب بتصحيح أبنيته الأصولية والمنهجية، ويقوم ببيان أسباب قوة المذهب وعوامل ضعفه وهرمه، فيقدم بناء على ذلك مقترحات لتجديد المذهب وإحيائه، وذلك هو صنيع الحجوي في "الفكر السامي"، حيث انتقد فيه الفقه المالكي على الخصوص، وقد حكمت نقده ثلاثة أسس:
-1- مركزية الفقه في إصلاح حال الأمة الإسلامية وتنظيم شؤون الحياة في مجتمعاتها.
-2- ضرورة التمييز بين النص الشرعي "القرآن والسنة" المطلق عن الزمان والمكان، والرأي الفقهي النسبي المرتبط بزمانه ومكانه.
-3- الاعتراض على التقليد في الفتوى.
ثم قدم مشروعا إصلاحيا لإحياء الفقه، اعتمادا على مدخلين:
-1- إصلاح التعليم؛ ولا يتحقق إلا بترك كتب المتأخرين التي تعتبر داء قاتلا للفقه أوصلته إلى الهرم، وتأليف كتب مدرسية للتعليم تكون على نسق المتقدمين فقها مستقلا مستنبطا من النصوص، فيكون بذلك تربية للناشئة على الاجتهاد والاستدلال الفكري.
-2- الدعوة إلى إحياء الاجتهاد في الفقه وفتح بابه؛ من خلال استحضار بعدي:
-أ- تحقيق المصالح وجلبها للأمة الإسلامية.
-ب- مراعاة الواقع ومتغيراته ومستجدات العصر.

ذ.خديجة أوبيهي
النقد الفقهي عند ابن بشير من خلال كتابه "التنبيه على مبادئ التوجيه"

عُرِف عن الإمام مالك - رحمه الله- تميزه بشخصية نقدية ظهرت من خلال أقواله و فتاواه،إذ بدأ بنقد نفسه أولا حتى قال عنه"قال سليمان بن بلال لقد وضع مالك الموطأ وفيه أربعة آلاف حديث أو قال أكثر،فمات وهي ألف حديث ونيف يلخصها عاماً عاماً بقدر ما يرى أنه أصلح للمسلمين وأمثل في الدين."(ترتيب المدارك 2/73)، و ما ذاك إلا لكثرة استدراكاته على نفسه، فقد يبلغه حديث ما بلغه من قبل أو يصل إلى فهم هو أصل من الأصول - في الاستنباط- لم يفهمه من قبل،فلا يمنعه مانع من الرجوع عن قوله القديم،هذه الخصيصة استفادها منه تلاميذته و تلاميذهم من بعدهم فأصبحت سمة يتميز بها المذهب المالكي.
هذا ويعد الإمام ابن بشير من أعلام المالكية الذين برزت عندهم هذه الخصيصة ظهرت بوضوح في كتابه "التنبيه على مبادئ التوجيه" من خلال استدركاته على شيخه اللخمي و غيره من الأعلام داخل المذهب و خارجه.

مناقشة العروض











الخميس 20 يونيو 2019م
الجلسة الرابعة:النقد في الدراسات الأصولية

د.عبدالله أكيك
النقد الأصولي في مقدمة ابن القصار
وأثره في القواعد الأصولية والفروع الفقهية

مقدمة ابن القصار على صغر حجمها وجزالة عبارتها، تحتجن زبدة النظر الأصولي ولب القواعد التأصيلية التي بنى عليها ملك رحمه الله مذهبه، وأسس على وزانها فروعه الاجتهادية.
وابن القصار بثقافته المطبوعة بالجدل والمناظرة، من حيث انتماؤه إلى المدرسة البغدادية، وإيمانه العميق برجاحة المذهب المالكي وسداد رأيه، جعل من الأصول التي بثها في مقدمته رائزا للمذهب، ورافدا لفروعه، ومن ثم كان التوسل لتقريرها بقواعد الجدل والحجاج، والمناظرة والمدافعة، إحدى السمات البارزة فيها؛ إذ راح يسندها بالنصوص الشرعية، والحجج العقلية، والدلائل اللغوية، والقواعد المنطقية.
وإذا كان النقد الأصولي مفهوما وقصدا وغاية: تحقيقَ النظر في قواعد الاستنباط وتقويمها؛ لبناء منهج أصولي قطعي، وتصحيح دلائل الفقه وتجويد أنظاره على وزانه؛ فإن ابن القصار من خلال عرضه لأصول الاستنباط، واستعراضه لقواعد النظر، كان هاجسه الأساس بناء المسائل الفقهية على أصل الاطراد، وتأسيسها على مدارك معتبرة قوية وقواعد متينة سنية.
فالنقد الأصولي إذن في سياق المقدمة ونسقها يمكن الحؤول به إلى معنى: تقويم الرأي الأصولي، والاحتجاج له بالأدلة الشرعية واللغوية، والقواعد المنطقية، والحجج العقلية، ودفع معترضات المخالف وتزييف حجته، وتدعيم النظر الراجح بمُدركه ومناطه.
والمعرفة النقدية من حيث قيامها في أصل الاعتبار على تقويم الأنظار وتمحيص الأفكار، بغية استصفاء الأجود والأمتن، وانتزاع الأقوم والأصوب، لها في مقدمة ابن القصار ثلاث تجليات باعتبارات ثلاثة؛ التنقيح والتمحيص والتصحيح، وعليها مجتمعة ومتفرقة يبنى النظر الصائب، ويؤخذ الرأي الراجح في الأصول والفروع على حد سواء، وعلى وزان هذه التجليات قامت الترجيحات الفقهية في الفروع المبنية والمخرجة، من حيث إن غاية القاعدة الأصولية تأصيلا وتنقيحا: بناء الفرع الاجتهادي على وطائها.
و يتأسس النقد الأصولي في مقدمة ابن القصار ــــ في نسقها التاريخي والمرحلي وبعدها التأصيلي والشخصي ـــ على ثلاث محددات منهجية، فيها ينتظم المنهج النقدي على مستوى الأصول النظرية والاستنباطية في المذهب المالكي، ويمكن الحؤول بهذه المحددات إلى أبعاد ثلاثة؛ البعد المنطلقي، والبعد الأساسي، والبعد الضابطي، وكل واحد منها يشكل بنية منهجية لإفراز الصورة المتكاملة للنقد الأصولي، باعتباره كلية منتظمة ومتناسقة ومتسقة.
وإذ النقد الأصولي في تضاعيف المقدمة وسيلة إلى بناء أصول للنظر سليمةً، وتخريج فروع اجتهادية متينة، وإذ المقدمة في أصل وضعها وبداءة ابتدارها رامت وضع أصول للفروع الفقهية المبثوثة في "عيون الأدلة"؛ فإن العملية النقدية أثمرت في ثنايا المقدمة أثرا تأصيليا وترجيحيا إن في قواعد الاستنباط وأصول النظر، أو في الفروع المخرجة والمبنية.
تبدى من خلال هذا العرض الموجز، والاستعراض المختصر للنقد الأصولي في مقدمة ابن القصار ـ والذي بثت أصوله في تضاعيفها، وتوزعت أنماطه في ثناياها، وتنوعت أشكاله في مساقاتها، وتعددت مسالكه في مفاتشتها ـ أنه السمة البارزة التي طبعت المثافنة النظرية في مقدمة ابن القصار، والطابع الذي أمازها فرادة بين كتب الأصول عامة، وأصولي المالكية خاصة؛ فقد خضعت قواعد الاستنباط فيها للنظر التمحيصي، وانقحت فيها مسائلها ومسالكها، وفحصت مآخذها وأدلتها ودلالاتها، واستصفي من ذلك زبدة أنظارها، وإنسان عيونها.


ذ.علي مروان
النقود على المالكية في عمل أهل المدينة

يعتبر نقد عمل أهل المدينة، من اللبنات الأولى لتشكل الخطاب النقدي الأصولي، إذ ظهرت النقود الأولى في عصر الإمام مالك رحمه الله، مع الليث بن سعد، ثم من تلميذيه الشيباني والشافعي،
وقد تعرض الأصوليون لنقد هذا الدليل من زوايا متعددة يمكن حصرها في:

  1. نقد الفروع: ويعد الشيباني نموذجا لهذا المنهج، إذ أورد فروعا انتقد فيها على المالكية عدم الأخذ بآثار أهل المدينة. نقد الأدلة: وهو منهج عامة الأصوليين، وسابقهم في ذلك الإمام الليث، وتوجه نقدهم عموما إلى أدلة الإجماع وفضائل الصحابة ومشاهدتهم للوحي وفضل المدينة.
  2. نقد المنهج: ويتزعم الإمام الشافعي هذا الاتجاه، فقد اتخذ الفروع سبيلا لنقد المنهج ولهذا نجده ينتقد على مالك فروعا يوافقه عليها من حيث الحكم الفقهي، لكن الشافعي يرى أن منهجه فيها مطرد، ومنهج مالك متناقض.
وقد اتضح من خلال تتبع النقود ودراستها، مايلي:

  1. أن بعضها موجه لنقد مالم يقل به المالكية.
  2. أنها قامت بتجزئة دليل مالك للعمل، ليتسنى لها نقد كل جزئية على حدة.
  3. بعض نقاد مالك في العمل يحاكم مالكا إلى منهجه ( منهج الناقد) لا إلى منهج مالك رحمه الله.


د.عبدالله أبهام
النقود التي ووجه بها دليل العمل في المذهب المالكي
وردود المالكية عليها

لئن ووجه المذهب المالكي من قبل المخالفين باعتراضات مختلفة، إلا أن الدليل الأصولي الذي كان له حظ الأسد من النقد الهادف إلى النقض هو دليل العمل، فمنذ الأيام الأولى لتأسيس المذهب وبسوقه، وقبل أن يستوي على سوقه كان المعترضون لهذا الدليل الأصيل يحاولون التشويش على أصالته وقوة مستند المالكية في اعتماده. وسأحاول في مداخلتي أن أتتبع الانتقادات الموجهة إلى هذا الأصل في جميع مراحله مبتدئا بالأصل الذي هو العمل أهل المدينة ومستعرضا بعد ذلك النقود المسددة نحو الأعمال الإقليمية الأخرى.
فقبل أن يطور مفهوم العمل في المذهب المالكي، كان في البدء يطلق على ما أطبق أَهْلِ المدينة على العَمَل به لأنها موضع الرِّسالة، ومجتمع الصحابة، فهو السلوك الساري الملاحظ الذي يصبح عليه الناس ويمسون ، وتكرر العمل به، ونقلوه بالتواتر خلفا عن سلف. ويعتبره المالكية من أقوى الأدلة عندهم، والزموا المجتهد بالرجوع والمصير إليه وترك ما خالفه. غير أن هذا الدليل جر على المالكية سيلا من النقود حاولت هدم أسس العمل ومن ثم بطلان ما بني عليه. وقد اعتبر المالكية أن ردود الناقدين غير سليمة ومجانبة للصواب ولم يسلموا لهم ما أدلوا به من اعتراضات.
وإذا كان العمل المدني القريب العهد من نقاء النبوة لم يسلم من نقد وردود من أصحاب المذاهب المختلفة فإن العمل الإقليمي لم يسلم من الردود بل ووجه بها حتى من أهل الدار، وهو الذي اعتمده فقهاء المالكية ووصل بهم الأمر إلى الحكم بنقض الحكم المستند إلى المشهور إذا كان مخالفا لما جرى به العمل. ويشترطون في القاضي الحكم بما جرى به العمل ، ومن أبرز انتقادات أولئك الأعلام لدليل العمل ما يلي:

  1. نقود اتهامية غير علمية تناصب العمل العداء من دون إبراز لمثارات التعارض مع الشريعة فهو: بدعة وجهل عظيم ولا يستدل به إلا العوام...إلى غير ذلك من الأساليب التهجمية.
  2. نقد يتوخى بيان رهافة مستند العمل وضعفه، فهو أقل مكانة من عمل أهل المدينة الذي لم يسلم من النقد والاعتراض فكيف بعمل الأقاليم، الذي هو عادات وأعراف العوام، ورجحه مفتون غير مؤهلين.
واعتبر المالكية أن هذه الانتقادات ينبغي قصرها على الأعراف والبدع المنافية لأصول الشريعة الإسلامية. أضف إلى ذلك أن ما جرى به العمل موجود في المذهب باعتباره قولا ضعيفا أو شاذا، فيأتي فقيه مؤهل فيحكم أو يفتي به لموجب اقتضى ذلك كالضرورة أو المصلحة أو العرف إلى غير ذلك من الموجبات، وعليه فلا معنى لانتقاد نظرية الأخذ بما جرى به العمل التي هي بهذا المفهوم.
فهذا اللون من التشريع الذي اهتدى إليه الفقهاء هو عمل جليل ومجهود في ميدان التشريع كبير، ولا يضير دليل العمل أن بعض مفرداته أو أمثلته بغير مستند ولا دليل إذ هي في نهاية الأمر مجهود بشري ولن يبرئ الجهد البشري من الزلل. ولتحصين هذا الدليل من التلاعب به وضع فقهاء الغرب الإسلامي شروطا لرعيه وصلاحيته.

د.عبدالحميد الراقي
نقد تأثير علم الكلام في علم الأصول: الشاطبي نموذجا

تسعى هذه المقالة إلى تبيان العلاقة بين علم الكلام وبين علم الأصول، وكيف أنها لم تقف في بعض مراحل تاريخ العلم عند حدود الاستمداد المطلوب، بل تعدّته إلى غيره حتى أصبحت بعض مصنفات الأصول ميدانا للخلاف الكلامي والبحث في بعض دقائقه مما لا يليق بأصول الفقه. وقد تعرّض أهل الفنّ إلى نقد العلم وضبط علاقته بغيره من العلوم من خلال معيار الحاجة، ورسم سبيل الاستثمار السليم الذي يبقي علاقة الاستمداد قائمة من غير قطيعة، ويحافظ لعلم الأصول على استقلاليته ووظيفته.
ولَمّا لم تُستوعب هذه الرؤية النقدية الفاحصة تمت المناداة لدى بعض المعاصرين بتخليص علم الأصول من علم الكلام استنادا إلى نصّ لأبي إسحاق الشاطبي (ت 790هـ) في المقدّمة الرابعة، وهو توظيف لم يكن موفّقا؛ لأنه إخراج للنص من سياقه أوّلا، وإطلاق ما هو مقيّد في رؤية الشاطبي ثانيا؛ إذ قد ثبت في غير ما مورد استدلاله بقضايا من علم الكلام في صلب الموافقات.
ولَمّا كان ذلك كذلك فقد اقتضى النظر المنهجي وضع النقد في سياقه العلمي والتاريخي؛ ليتضح التراكم في الموضوع، ويستبين كيف بنى اللاحق على السابق. ثم التطرق لضوابط الاقتراض عند أهل الأصول معضّدا هذا
بما أورده الشاطبي من قضايا كلامية في الموافقات

ذ.عبدالرحيم أمزيان
النقد الأصولي عند الامام المازري
من خلال كتابه "إيضاح المحصول من برهان الأصول"



يعد علم أصول الفقه من أشرف العلوم الإسلامية وأعظمها نفعا ، وذلك لكونه يهتم بالقواعد
التي يعتمد عليها الفقيه في استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة التفصيلية ، وهو علم يجمع
ين العقل والنقل ، وعلى هذا فهو يتسم بالمنهج العلمي الذي يستقي مادته العلمية والمنهجية
من جميع العلوم الإسلامية ، وإذا كان هذا العلم يستمد مادته من المنطق وعلم الكلام ، فإن
النقد الأصولي لا ينفصل عنه لكونه عملية تتسم بالتقييم والدراسة والتمحيص ، وفق المنهج العملي المعتمد عند علماء الأصول. وهو الأمر الذي سلكه المازري في كتابه إيضاح
المحصول من برهان الأصول ، حيث تتبع برهان الجويني بالتحليل والنقد والتهذيب ، وبين
الصحيح من الخطأ ، وصحح المنهج ، مما جعل كتابه مرجعا لعلماء الأصول الذين جاؤوا
بعده كالقرافي والشاطبي في مجال النقد الأصولي وبخاصة في المباحث المتعلقة بالمقدمات
الأصولية والتي تستمد مادتها العلمية والمنهجية من المنطق وعلم الكلام كمسألة التكليف
وعلاقة اللغة بالقياس وأنواع العلوم فضلا عن بعض المباحث الاعتقادية التي تكتسي أهمية
في العقيدة الأشعرية كمسألة الاسترسال في علم الله .وكلها مباحث عرضها المازري على
النقد الأصولي لبيان الحق وتوضيح الغامض وبناء نظرية قائمة في مجال النقد الأصولي



ذ.محمد الصالح
أثر النقد في توجيه الأحكام وتنقيح المسائل في علم أصول الفقه
ابن الشاط أنموذجا


لا شك أن أصل العلوم الشرعية هو الوحيان النيران؛ كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استنبط منهما الكثير من الأحكام، واستخرج من معينهما ما ساغ من النظائر والأشباه، ووضع لفهمهما ما حُكِّم من القواعد والضوابط والفروق، ثم سال كثير من مداد أقلام العلماء الراسخين من أجل فهم مغزاهما، وتسهيل استخراج مكنونهما حتى غزُر ما ألف في الشريعة من المؤلفات، سواء في جانب التفسير والتأويل، أو في جانب التنظير والتقعيد والتحكيم، ومن أفيد ما ألف في هذا الأخير؛ مؤلفات القواعد الفقهية والفروق والمستدركات والتهذيبات، وهي كلها آليات لتنزيل النص وفهمه، ووسائل لضبط الحكم واستيعابه وإدراكه.
ومن مشاهر فطاحل هذا الفن الدقيق، العلامة الإمام أبو العباس أحمد بن إدريس الصنهاجي القرافي المتوفى سنة: 684هـ، في كتابه: "الفروق" أو "أنوار البروق في أنواء الفروق".
ولذلك تواردت الشروح والمختصرات على هذا الكتاب، ومن أشهر هذه الشروح كتاب ابن الشاط أبو القاسم الأنصاري المولود عام: 643هـ بمدينة سبتة، وتوفي بها عام: 723هـ، المعروف ب: "إدرار الشروق على أنواء الفروق"، وهو مطبوع بحاشية كتاب الفروق.
ويعد ابن الشاط من أشهر علماء المالكية البارزين في مجال النقد والتنقيح والاستدراك، وخاصة بعد تعليقه على كتاب شهاب الدين القرافي الذي يعد نجما لامعا في سماء المذهب، وفحلا لا يقذع أنفه في ضبط المسائل وتحريرها وتهذيبها، وقد انتهت إليه رئاسة الفقه في مذهب مالك في زمانه رحمه الله.
ولا شك أن من تتبع عمل ابن الشاط سيجده محقا في رد أو تصحيح أو تهذيب جل ما أثبته القرافي في فروقه، ومما تميز به رحمه الله في استدراكاته على القرافي استحضاره لقواعد النقد وضوابطه التي منها:

  • الإنصاف بحيث لا يميل إلى جانب دون آخر.
  • التهذيب والتصحيح والتعديل.
  • إثبات الحقيقة وإقرارها.
ويشير ابن الشاطـ رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه "إدرار الشروق" إلى أن مواضع الخلل في فروق القرافي على مرتبتين:

  • الأولى؛ مرتبة الضروريات: حيث يراعى فيها التنبيه على الخلل وتصويبه.
  • الثانية؛ مرتبة الحاجيات: حيث يبذل فيها الوسع في التهذيب والترتيب.
ويتضح أن ابن الشاط ينطلق في تحليله لكلام القرافي من الوظائف العلمية لعلم أصول الفقه، وقد اعتنى باستحضارها وتوظيفها فيحتكم إليها تلقائيا للوصول إلى ما هو أصح في ثنايا المباحث والمسائل والاستدراكات والأحكام، ومن هذه الوظائف:

  • الوظيفة التفسيرية.
  • الوظيفة الاستنباطية.
  • الوظيفة التعليلية.
وغيرها من الوظائف المعروفة لعلم الأصول، وهي من مقاصد علم أصول الفقه التي تتجلى معالمها في تقديم منهج متكامل لفهم مغزى الكلام المنصوص عليه.
ويلاحظ أن ابن الشاط رحمه الله أخضع كل تعليقاته على الفروق للبرهنة، وأفرزها بتمحيص ما يصح منها وما لا يصح، وقد أجاد كثيرا حين قام بترتيب الأدلة عند الاستدلال بها ترتيبا أصوليا خالصا نقلية كانت هذه الأدلة أم عقلية، وإن كان الجانب العقلي يحضر عنده أكثر من الجانب النقلي.
ونحن نقرأ بتمعن النظر كلام ابن الشاط تنكشف لنا قوة التأثير المنطقي والأصولي على أسلوبه في التحليل والتعليل والتأصيل.
ومن أبرز تجليات هذا المعنى توظيفه الاصطلاحي لكثير من الحدود والقضايا والتصورات وغيرها من القواعد المنطقية التي يستحضرها في سياق البرهنة والحجاج في الجانب اللغوي والاشتقاقي، وفي الجانب الأصولي يوظف ابن الشاط عند التحليل قواعد الاستنباط، ويراعي ضوابط الفتوى والاجتهاد.
مناقشة العروض

قصيدة شعرية ختامية من نظم الدكتور عبدالهادي حميتو
 
عودة
أعلى