ما هي القراءة التي كتب البيضاوي تفسيره بناء عليها ؟

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29 مارس 2003
المشاركات
19,301
مستوى التفاعل
116
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
01.png


نفى أحد الباحثين الذين كتبوا عن تفسير البيضاوي أن يكون البيضاوي قد كتب تفسيره مستنداً على رواية حفص عن عاصم ، ولكنه لم يستطع تحديد الرواية التي اعتمد عليها البيضاوي ، وذكر قراءة نافع على سبيل الاحتمال ، وقد تتبعت تفسيره للمواضع التي انفرد بها نافع مثل هذه المواضع :
فرش الحروف

 كلمتي ( الأذن و أذن ) ) يسكن نافع حرف الذال فيهما ويضمه الباقون ووردتا في الآيات التالية:
 وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ(45) المائدة
 وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(61) التوبة
 لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ(12) الحاقة
 ( قرأ ورش بكماله بضم الراء من كلمة قربة) وأسكنها الباقون ووردت في:
 وَمِنْ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمْ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(99) (99) التوبة
 ( قرأ نافع برفع اللام في كلمة يقول الرسول) والباقون بالنصب ووردت في:
 أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ(214) البقرة
 ( قرأ نافع بكسر السين من كلمة عسيتم في الموضعين) والباقون بالفتح ووردتا في:
1. أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246) البقرة
2. فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ(22) محمد
• كلمة أنا المتبوعة بهمز قطع مكسورة : لقالون مد الألف من أنا وحذفها وصلا والباقون بالحذف ووردت في:
 قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(188) الأعراف
 إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ(115) الشعراء
 قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ(9) الأحقاف
 (قرأ نافع بضم حرف السين من كلمة ميسرة) ووردت في:
 وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(280) البقرة
 قرأ نافع بضم الياء وكسر حرف الزاي في (يحزن ويحزنك ويحزنني) حيث جاءت (عدا موضع الأنبياء)
الذي قرأ أبو جعفر بضم الياء وكسر الزاي وقرأ الباقون الكل بفتح الياء وضم الزاي ووردت في الآيات التالية:
 إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ(10) المجادلة.
 وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(176) آل عمران
 يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنْ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنْ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(41) المائدة
 قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ(33) الأنعام
 وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(65) يونس
 وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ(23) لقمان
 فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ(76) يس
 قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ(13) يوسف
 ( قرأ ورش بكماله بفتح العين وتشديد الدال في (لا تعدوا) أما قالون فاختلس فتحة العين بالخلف عنه وشدد حرف الدال) وقرأ أبو جعفر بفتح العين وتشديد الدال والباقون بالإسكان في العين وضم الدال ووردت في:
 وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمْ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمْ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا(154) النساء
 قرأ نافع (هذا يوم) بالنصب والباقون بالرفع وورد في: قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(119)المائدة
 ( قرأ نافع بالرفع في كلمة خالصة والباقون بالنصب) ووردت في:
لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(32) الأعراف
 ( قرأ نافع علي بالياء مع تشديدها والباقون على التي هي حرف جر ) ووردت في: حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِي بَنِي إِسْرَائِيلَ(105) الأعراف

 ( قرأ نافع بفتح الياء وبتخفيف حرف التاء مضموما من يقتلون والباقون بضم الياء وفتح القاف وكسر التاء مشددة) ووردت في:
وَإِذْ أَنجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ(141) الأعراف
الأعراف
 ( قرأ نافع بتخفيف التاء من يتبعوكم وإسكانها مع فتح الباء والباقون بتشديد التاء مفتوحة وكسر الباء): وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ(193)
 ( وكذلك قرأ نافع بتخفيف التاء ساكنة من يتبعهم وفتح الباء والباقون بتشديد التاء وكسر الباء): وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ(224) الشعراء
 ( كسر نافع النون من تشاقون وفتحها الباقون): ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ(27) النحل
 ( قرأ نافع بكسر الراء مشددة من كلمة مفرطون وخفف الباقون الراء مفتوحة عدا أبي جعفر الذي قرأ بتشديد الراء مكسورة : وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمْ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمْ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمْ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ(62) النحل
 ( قرأ نافع بضم التاء وكسر الجيم من كلمة تهجرون والباقون بفتح التاء وكسر الهاء): مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ(67) المؤمنون
 ( قرأ نافع بإسكان أن مخففة وكسر الضاد من غضب ورفع لفظ الجلالة والحضرمي بفتح الضاد وضم الباء وخفض الجلالة والباقون بالتشديد في أن ,غضب فعل بفتح الضاد والباء وخفض الجلالة).: وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ(9) النور
 قرأ قالون والأصبهاني بإسكان الواو من (أو آباؤنا) في كل من الصافات والواقعة وينقل الأصبهاني حركة الهمز إلى الواو ويسقط الهمز ولا يسكنها الأزرق ووردت في:
 (أَوَ آبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ(17) الصافات)
 ( أَوْ آبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ(48) الواقعة)
 وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ(56) المدثر (قرأ نافع تذكرون بالخطاب والباقون بالغيب).
 فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ(22) البروج ( قرأ نافع بالرفع في محفوظ والباقون بالجر).
وقد لاحظت أن البيضاوي يشير إلى قراءة نافع وتوجيه معناها في أغلب هذه المواضع التي انفرد بها نافع ، ولم يظهر لي أنه يعتمدها في تفسيره كله ، وإلا لما خصها بالذكر في مواضع الانفرادات .
وربما يكون فسر اعتماداً على قراءة أبي عمرو البصري ، حيث ذكر بعض المؤرخين أنها كانت غالبة في ذلك الزمن على تلك النواحي في العراق وبلاد فارس ربما ، وقد تكون هي عمدته في التفسير ، وهذا أمر يحتاج إلى تثبت وتتبع للتفسير كاملاً ، وهذا الذي أصنعه الآن لعلي أصل في هذا إلى نتيجة تقطع الشك باليقين ، غير أني أحببت نشر هذا الموضوع رغبة في الانتفاع بخبرة الزملاء في هذا الموضوع ، فقد يكون هناك دراسة خاصة وصلت إلى نتيجة في ذلك توفر علينا عناء التتبع .
أرجو أن يتفضل من لديه علم في هذا بتعقيب يكشف لنا هذا السؤال ، والله المسئول أن يوفقكم جميعاً للعلم النافع .

الإثنين 15/11/1433هـ
 
شكر الله لكم هذه اللفتة الطيبة والتتبع، وكثير من كتب التفسير بحاجة إلى معرفة القراءة التي عليها مؤلِّفها
بخصوص تفسير البيضاوي، لعلَّ هنا ما يفيد في هذا الموضوع:
منهج البيضاوي في القراءات هنا
القراءات الشاذة وتوجيهها في تفسير البيضاوي هنا
ولعلَّ هذه لا تخفى عليكم، وإنما ذكرتها محبة في المشاركة لعلَّ الله ينفع بها غيركم
 
موضوع مهم، شكر الله لكم ما تفضلتم به شيخنا الكريم،
وربما يكون فسر اعتماداً على قراءة أبي عمرو البصري ، حيث ذكر بعض المؤرخين أنها كانت غالبة في ذلك الزمن على تلك النواحي في العراق وبلاد فارس ربما ، وقد تكون هي عمدته في التفسير ، وهذا أمر يحتاج إلى تثبت وتتبع للتفسير كاملاً ،
حسب ملاحظتي المتواضعة لا يظهر لي ذلك؛ لأننا إذا استعرضنا ما انفرد به الإمام أبو عمرو من قراءات مؤثرة في المعنى نجد العلامة البيضاوي يفسر على قراءة الجمهور، ثم يذكر قراءة أبي عمرو، ومن أمثلة ذلك:
1. قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (القصص: 60)
قال البيضاوي: "{وما عند الله} وهو ثوابه {خير} في نفسه من ذلك؛ لأنه لذة خاصة وبهجة كاملة {وأبقى} لأنه أبدي {أفلا تعقلون} فتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟. وقرأ أبو عمرو بالياء، وهو أبلغ في الموعظة".
2. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (محمد: 25)
قال البيضاوي: "{وأملي لهم} ومد لهم في الامال والأماني. أو أمهلهم الله تعالى ولم يعاجلهم بالعقوبة لقراءة يعقوب: {وَأُملِي لهم} أي: وأنا أملي لهم، فتكون الواو للحال أو الاستئناف. وقرأ أبو عمرو: {وأُمليَ لهم} على البناء للمفعول وهو ضمير {الشيطان} أو {لهم}".

والله أعلم.
 
جزاكما الله خيراً .
كتب المحققان لتفسير البيضاوي محمد صبحي حسن حلاق ومحمد الأطرش في أول الجزء الأول :( تنبيه : تم ضبط الآيات القرآنية في صلب التفسير بما يتفق مع التفسير ، وقد اعتمد البيضاوي على غير قراءة حفص عن عاصم) .
مع أنني تتبعت مواضع انفراد حفص فوجدتهم يضبطون الآية بقراءة حفص ، والتفسير ينبه على انفراد حفص كعادته في توجيه انفرادات القراء من حيث المعنى .
 
أرى أن الإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى استقراء كامل للكتاب ، لكن أشير إلى نقطة قد تكون صواباً وقد لا تكون ، وهي :
حسب قراءاتي غير الدائمة في هذا التفسير وجدته معنياً بقراءة يعقوب الحضرمي ، وهذا شيء ليس من منهجية جل المفسرين الذين قرأت لهم ، والسؤال :
لماذا ذكرها ؟
فلو كان قصده استيعاب القراءات فلماذا لم يكمل بقراءة أبي جعفر وخلف ؟
والله أعلم .
 
مع شكر المشايخ الكرام والأساتذة الأفاضل، هذه مشاركة لعلها تفيد شيئاً.
فأقول:
قد يكون الضبط بالحركات مما يدخله تصرف النساخ اجتهاداً أو خطأ، لكن ما يختلف فيه رسم القراءات بالحروف ، وتعليق البيضاوي عليه أمر بيّن.
ولينظر على سبيل المثال هذه المواضع:
1: في تفسير آية الحديد: (فإنه الله هو الغني الحميد) ذكر خلاف نافع ابن عامر.
قال البيضاوي: ({ ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد } لأن معناه ومن يعرض عن الإنفاق فإن الله غني عنه وعن إنفاقه محمود في ذاته لا يضره الإعراض عن شكره ولا ينفعه التقرب إليه بشكر من نعمه وفيه تهديد وإشعار بأن الأمر بالإنقاق لمصلحة المنفق. وقرأ نافع وابن عامر { فإن الله غني } ).

2: وفي آية التوبة:
قال البيضاوي: ({ وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار } وقرأ ابن كثير ( من تحتها الأنهار ) كما في سائر المواضع ).

3: وفي آية البقرة: ({ وإذ وَعَدْنا موسى أربعين ليلة } لما عادوا إلى مصر بعد هلاك فرعون وعد الله موسى أن يعطيه التوراة وضرب له ميقاتا ذا القعدة وعشر ذي الحجة وعبر عنها بالليالي لأنها غرر الشهور وقرأ ابن كثير و نافع و عاصم و ابن عامر و وحمزة و الكسائي { واعدنا } لأنه تعالى وعده الوحي ووعده موسى عليه السلام المجيء للميقات إلى الطور ).
فاعتمد قراءة (وعدْنا) وفسر الاية بها، وتصرف النساخ في ضبط الآية بيّن.

فتتبّع هذه المواضع ونحوها يجلّي بإذن الله القراءة التي اعتمدها البيضاوي رحمه الله.
 
((منهج الإمام البيضاوي في إيراد القراءات في تفسيره))​

مبحث مفيد في هذه المسألة أمدني به فضيلة الشيخ د. عبد الله الكثيري ، وهو مُستلٌّ من قسم الدراسة لتحقيقه كتاب (حاشية المُلا علي القاري في تخريج قراءات تفسير البيضاوي) ، وهي رسالته العلمية (الدكتوراه) حفظه الله ورعاه .

وسأضع اختصارها هنا تعميما للفائدة بتصرف يسير مع حذف التمثيل :

قال وفقه الله :

لم يحدد الأمام البيضاوي منهجه في إيراد القراءات في تفسيره بشكل تفصيلي ؛ إلا ما ذكره بشكل إجمالي في مقدمة تفسيره ، فقال – رحمه الله - : "... ولطالما أجدث نفسي أن أصف في هذا الفن كتابا يحتوي على صفوة ما بلغني من عظماء الصحابة ، وعلماء التابعين ، ومن دونهم من السلف الصالحين ، وينطوي على نكات بارعة ، ولطائف رائعة ، أستنبطها أنا ومن قبلي من أفاضل المتأخرين ، وأماثل المحققين ، ويُعرب عن وجوه القراءات المشهورة المعزيّة إلى الأئمة الثمانية المشهورين ، والشواذ المروية عن القرّاء المعتبرين ، إلا أن قصور بضاعتي يثبطني عن الإقدام ، ويمنعني عن الانتصاب في هذا المقام ، حتى سنح لي بعد الاستخارة ما صمم به عزمي على الشروع فيما أوردته ، والإتيان بما قصدته ، ناوياً أن أسميه بـ : "أنوار التنزيل وأسرار التأويل".
فمن خلال هذه العبارة يتبين أن الإمام البيضاوي اعتمد في تفسيره في إيراد القراءات المتواترة على القراءات الثمانية ، وهم : نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي ، ويعقوب ، وكذلك اشتمل كتابه على كثير من القراءات الشاذة المنسوبة إلى بعض الصحابة – رضي الله عنهم - ، والتابعين ، وغيرهم من القراء المعتبرين .

ثم بيَّن فيه أبرز ملامح منهج الإمام البيضاوي في إيراده للقراءات في تفسيره في النقاط التسع التالية :

1- لم يعتمد البيضاوي قراءة أحد من القراء في تفسيره ، بل اتَّسم منهجه باختيار القراءة القرآنية التي أجمع عليها القراء الثمانية ويفسرها ، ثم يعطف عليها القراءات الأخرى بالواو ، فإذا اختلفوا قدَّم قراءة الجمهور دون عزو – غالبا – وفسرها وبيَّن ما فيها من معانٍ ، ثم يعطف عليها القراءات الأخرى بالواو كذلك ، وفي أحيان قليلة يعطف قراءة الجمهور على الأقل ، وأحيانا يعزو إلى جميع القراء الثمانية ، ويُقدِّم بعضها على بعض حسب ما يقتضيه سياق تفسيره .

2- لم يلتزم البيضاوي منهجا واضحا في ترتيب القراء ؛ فتارة يقدم قارئا ، وتارة يؤخره ، ومن خلال استقرائي لكثير من المواضع يظهر اهتمامه – غالبا – بتقديم ابن كثير على نافع ، ومن ثَمَّ يسير على الترتيب المعروف .
وقد سبقه في تقديمه جماعةٌ ، ولكلٍّ وجه .
ولم يلتزم البيضاوي بهذا الترتيب ، فتجده أحيانا يقدم نافعا على ابن كثير ، وابن عامر على أبي عمرو ، وهكذا .
وإذا انفرد الراوي عن القارئ فإنه يؤخره في الترتيب ، ولم يلتزم ذلك منهجا .
والحاصل : أنه لم يلتزم منهجا واحدا في ترتيبه للقراء في تفسيره .

3- حاول البيضاوي تمييز القراءات المتواترة عن الشاذة ، وذلك من خلال عزو المتواترة لأصحابها ، وتصديرها بصيغة الجزم (قرأ) ونحوه ، وتصدير القراءة الشاذة بصيغة التمريض (قُرئ) ونحوه ، وهو الغالب في منهجه ، واستخدم صيغا متعدده للتعبير عن القراءات المتواترة والشاذة .

4- يُصرح غالبا بأسماء القراء الثمانية المشهورين ، ورواتهم عند ذكره لقراءاتهم ، وأحيانا يستخدم بعض المصطلحات للدلالة على أعيانهم (الحجازيان / الكوفيون ...).

5- لم يعْزُ القراءة الشاذة ونسبتها ، ويصدرها – غالبا – بصيغة التمريض (قُرئ) ، ولكن ورد عنه التصريح بالنبي - صلى الله عليه وسلم – فيما نُسب إليه من روايات شذت ، وكذلك ورد التصريح ببعض الصحابة وغيرهم .

6- اهتم بذكر اختلاف القراء في فرش الحروف – كما هي عادة المفسرين - ؛ لما فيه من معان تفسيرية وبيانية ، ومع هذا فلم يُغفل ذكر الأصول ، ويعد مكثرا من ذكرها مقارنة بغيره .

7- اهتم بتوجيه القراءات المتواترة والشاذة ، لكنه لم يوجه جميعها ، بل اكتفى ببعضها ، وكان التوجيه النحوي والبياني ظاهر في منهجه .

8- يختار ويرجح – أحيانا - قراءة على أخرى ؛ باعتبار الفصيح والأفصح ، والبليغ والأبلغ .
وقد يكون ترجيحه بين القراءات والأوجه المتواترة ، أو بين المتواترة والشاذة ، وقد يرجح الشاذة على المتواترة .

9- سلك مسلك الزمخشري ، وغيره من النحويين في توهين بعض القراءات وتضعيفها ، ولم يقتصر على الشاذة منها ، بل تعداه إلى رد بعض الأوجه المتواترة وتلحينها ؛ بدعوى مخالفتها للوجوه الصحيحة في العربية .
 
قلتُ : ويراودني أن الأشبه لقراءة مصره في عصره أن تكون قراءة البصري في الجملة ؛ فقد تتبعت قطعة صالحة من تفسيره فوجدته يذكر في صدر كل السورة عدد آياتها الموافق – غالبا - للعدد البصري ، ويظهر ذلك جلياً إن كان مخالفا لعدد غيره من العادّين في تلك السورة ، كذكره لعدِّ آي سورة البقرة (٢٨٧) مثلا .

والله أعلم
 
عودة
أعلى